المشرده ٣

اي دا هو انتي مبتتكلميش ليه ..
انا هجبلك حاجه تفرحك استني .
وبتخرج السيده منال خارج الغرفه وتحضر معها ملابس
للبيت جديده وملابس للخروج ..


عارفه مين جابلك الحاجات الحلوه دي كلها !!
الدكتور ايهاب ..

مين الدكتور ايهاب دا !!

لتنطق الفتاه ... بهذه الكلمات .. فتسمع السيده منال صوتٍ عذبٍ رقيق مهذب يخرج من الفتاه ..
لتلتفت اليها باهتمام ... ونظره سعاده علي وجهها ..

انتي اتكلمتي اخيرا ..
الدكتور ايهاب الي كشف عليكي امبارح ..

اختاريلك حاجه منهم عشان تلبسيها يلا ...

تنظر الفتاه الي الملابس بحسره شديده وكانها تشعر انها ان ارتدت تلك الملابس ستتحول لوحش اخر من ضمن تلك الوحوش البشريه
السطحين .. الذين ينظرون للانسان من خلال ما يلبس وما ياكل وما في جيبه من نقود ..
تظن انها لو ارتدت هذه الملابس ستتحول لفتاه شريره ..
وان تلك الملابس لم تصنع من اجلها هي ولكنها صنعت من اجل تلك الطبقه التي لا تهتم ولا تكترث لمشاعر وحياه غيرها

...
ولكن تقاطعها السيده منال وتقطع نظرتها الطويله ..
اي يابنتي ساكته كدا ليه ، خايفه من حاجه ..


_ لا ابدا ... لتسمع منال هذا الصوت من جديد ليخترق قلبها وكانه جزء منها ...


طب يلا يا حبيبتي اختارى حاجن وادخلي الحمام ..
غيري هدومك ..

بتلاحظ منال ان البنت اختارت اجمل واشيك حاجن ف اللبس ...
ودا بتحس منال منه ان البنت مميزه وزوقها راقي وانها مش بنت جهله ولا حاجه ...

ولحد الان منال مسالتش البنت اي اساله ..لا عن عمرها ولا عن اهلها ولا عن اسمها ..


وبتدخل البنت الحمام واول حاجه بتعملها انها بتخرج الصوره المتقطعه من جيبها
وبترميها بحقد في الحمام وتتخلص منها ..


تنظر الفتاه للحمام بانبهار شديد.... ففي الملجأ الحمام
غير ادمي في هذا الزمن بالمره .
لتقول في نفسها ...انها لم تعيش ابدا وان هذا كله الذي مضي من عمرها لم يكن عمرا ..
وكانت السيده منال قد اعطتها متعلقاتها الشخصيه الجديده التي احضرها لها الطبيب .
تستحم الفتاه وتستخدم تلك الادوات وتغسل اسنانها وتغسل شعرها بهذا الشامبو والبلسم ..
هي لا تعرف معني الشامبو او البلسم ولكنها تعلمت في الملجأ وكانت ذكيه ومتفوقه جدا واكملت دراستها حتي الثانويه
لكنها اكملتها بالاسي والمرار والكثير من الصعوبات ..

وقفت هذه الفتاه الفاتنه صاحبه القوام الرشيق والجسد الجميل المتناسق ... وهذه الملامح البريئه الملائكيه
والشعر الطويل الناعم ...
الذي عاد جميلا بعدما غسلته بالشامبو والبسلم وهذا الجسد التي نظفته جيدا وهذبته ...
وعطرته بما احضره لها هذا الطبيب ..
وارتدت ملابسها ....

اثناء تواجدها في الحمام ..
كان الطبيب قد حضر الي المنزل للاطمئنان علي صحه الفتاه
وجلس في الخارج مع والد صديقه ينتظرها حتي تخرج
ليفحصها ...

ثم خرجت الفتاه وكانها فتاه اخرى تماما ... لا تمت لتلك الفتاه التي احضروها للمنزل امس بصله ابدا ..

خرجت فتاه طبيعيه فاتنه صاحبه شعر طويل بعد ان صفته بهذا السيشوار بالحمام
ليصل شعرها لاخر ظهرها .. هذا الشعر البني الناعم المتناغم من وجهها الملائكي البريئ ...
وتلك الملامح الوسيمه والجذابه .
وهذا الجسد الرائع الذي كاد ان يخلو تماما من العيوب ...
يليق بها هذا اللبس غالي السعر ... تليق بها تلك الالوان وتليق بها تلك الكركات وكانها صنعت لها ومن اجلها ..
...
___
ليتفاجأ بشده الحاج علاء ..
مشاااء الله مشاء الله اي الجمال دا بس .. حمدلله علي السلامه ...
تعالي يا منال شوفي ..
لتاتي السيده منال فتجد اجمل فتاه راتها منذ سنوات فاتت لم ترى فتاه طبيعه وجميله هكذا .. وكانها كانت مدفونه تحت هذا التراب تراب تلك الطرقات ..
كان الفتاه كانت مكفنه في تلك الثياب الباليه وكان جسدها كان مغطي بطبقات التراب وشعرها .. ماذا فعلت لنفسها ..
الهذا الحد كانت الفتاه مشرده وبلا مأوي ...
وما الظروف التي عرضت فتاه جميله مثل هذه لهذا كله ..

تصدم السيده منال لكنها الان اكتملت لها الصوره واصبحت واضحه .. فهذه الصوره التي امامها او التي فيها الفتاه الان هي ما تليق بهذا الصوت العذب الناعم والرقيق


مشاء الله تبارك الله .... مشاء الله .. ياحبيبتي با بنتي دا انتي حته من القمررر ...


اما الطبيب الذي لا يكترث لاي فتاه مهما كانت ...
منذ خروج الفتاه من الحمام اليهم وكان احدا رماه بتراباً مسحوراً لا يستطيع ان ينزل عينه من عليها وكان ترابا اسطوريا عمي عينيه بها ...

ولسان حاله متعجب يسال بينه وبين نفسه ... اتلك التي رايتها بالامس ... اهي الفتاه المشرده صاحبه يوم امس ..

اجل انها هي تلك الملابس التي ترتديها ان من اشتراها وانا من احضرها ..
وتلك العلامه بيدها مكان الكانه انا من وضعها لها .. حقاً انها هي ..
ولكن ما فعلته الايام معها لترهقها كل وتبدلها الي هذا الحد
اي تشرد هذا ما تعرضت له الفتاه ..

ليقطع سرحانه صوت عذوب ...
متشكره جدا علي مساعده حضرتك ليا يا دكتور وعلي اللبس دا وكل حاجه ..

ليتلعثم ذلك الثابت الواثق من نفسه ... ما هذا الصوت الناعم
الرقيق الممتزج بالحزن والاسي والهدوء المطمئن ...

قائلاً ...
لا .. لا ابدا متشكرنيش .. دا دورى وواجبي كطبيب اني اساعد اي شخص محتاجني .

انا معملتش غير وجبي .

متشكره لحضرتك جدا ...

العفو يا انسه ...... وبيسكت ..


لتسالها السيده منال عن اسمها !!
انتي اسمك اي صحيح ..
انا اسمي ليلي ...


منال .. الله اسم جميل يا ليلي ... اسمك جميل وصوتك جميل وشكلك جميل كمان ...


هه لكن حياتي عمرها ابدا مكانت جميله ...

ليلحظ هو ان عينيها تمتلأ بالدموع وان ملامحها مصابه بالاكتئاب .
ولكنه لا يريد ان يسالها عن حياتها الخاصه ...


طيب يا ليلي بعد ازنك تسمحيلي افحصك ..
هشان اتاكد انك كويسه !!

ايوا طبعا حضرتك ..

وبيفحصها الطبيب وبيقرب منها وبيقيس ليها الضغط والنبض
وبيلاقيهم منتظمين ..
..
تمام يا ليلي انتي نبضك والضغط الحمدلله منتظمين .. هتاكلي كويس بس .. وتاخدي المقويات دي انا جيبهالك مع الدوا خديها كل يوم مع الاكل والحبوب دي هتاخديها
لو حسيتي بارهاق او دوخه ..



عندما اقترب منها اشتم رائحه عطرها .. تخلل جسده وقلبه شعور لم يشعر به من قلب ..
ما هذا الذي يحدث بقلبي ... ما تلك الدقات السريعه .. انا لا اسمع نبضها من كثره وعلو صوت دقات قلبي ...

تلك العينان الهادئتان الساكنتان التي لا تنطق بولا كلمه واحده ... غير انهم يملاهم الحزن والارق والدموع فقط ..
هي لا تريد شيئا ابدا من الدنيا .. هكذا تقول عيناها ..

لكن ذلك الشعور تجاهها منذ الوهله الاولي ما هووو ...
لقد رايت الاجمل منها !!
لكني لم ارى الاجمل منها وهي علي طبيعتها الان ...
لم ارى اقبح من من رايتها امس لكنني لمست فيها جمالا في الجسد والملامح والشعر ... ما هذا هل منذ امس وانا منجذب لها !! ولم تكن عاطفه الشفقه واداء الواجب .. بل انقاذ فتاه
مشرده جميله ..

ماهذه الضوضاء التي بدات بقلبي ...


ليلي دا الكارت بتاعي عشان لو حصل حاجه او احتجتي حاجه كلميني عليه .. علي الرقم دا في اي وقت ..

حمدلله علي سلامتك يا ليلي ..
وبيسلم عليها الطبيب وبيمشي

اما منال التي كانت بالامس لا تريدها ان تجلس في منزلها ..
الان تريد ان تظل ليلي معها دائما وابدا ..
وكانها حقا ابنتها ..
ولم تعد تكترث لاي شيئ سوي ان تظل تلك الفتاه الجميله معها وفي بيتها ستعتبرها كابنتها بل واكثر .


حمدلله علي سلامتك يا ليلي ..
الله يسلم حضرتك يا طنط ..
انا عارفه اني تعبتك معيا انا اسفه ..
انا همشي تاني مكان مجيت ...

بصي يا بنتي انا لو عليا عمك الحاج ابو علاء عاوزينك تقعدي
هنا معنا عندنا والقرار ليكي ..

هو انتي اهلك فين ..
تنظر لها ليلي باسي شديد ..

لا انا ماليش اهل ... انا كنت عايشه طول عمرى في ملجأ لاني معنديش اهل ..
معرفش مين هما وعايشين ولا ميتين انا معرفش عنهم اي حاجه خالص ....
























































.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي