الفصل الخامس

.لم يكن حبًا لكنه أحبني.



أرى الحياة بعيناك ممتعة.


بعدها نظرت حولي ووجدت أنني لست بمنزلي، لاحظت صوته يُشبه بائع الحليب الذي يسكن بمنطقتي لكني لم أهتم بهذا الموضوع في هذا الوقت.


فأمسكت هاتفي ونظرت إلى الساعة وجدتها الثانية عصرًا، فرأيت جروحي وتذكرت الذي حدث بالأمس فأدركت أنني قضيت كل هذا الوقت نائمة في منزل معاذ، فوجدت رسائل كثيرة منه على الهاتف فابتسمت.


وحدة وحدة أستوعبت الموقف وأنه حاول أن يمزح معي قليلًا، فقمت و فتحت له الباب ، فوجدته يقف أمامي وبيده طاولة صغيرة وبها طعام فقلت له:هل أنت من أعد هذا الطعام؟


فقال معاذ بمزاح: لا.


فنظرتُ عليه بأستغراب، فقال لي وهو يضحك: لا بالتأكيد أنا، هذه أجابتي يا حلوتي… صحيح أنا من أعد لك هذه الطاولة الجميلة، وأسف على أيقاظك، لكن انتظرتك طويلًا ولم تستيقظي، قبل قليل أرسلت أليكِ بعض الرسائل ولم تستيقظي أيضًا، فنويت أن أذهب وادق بابك لتفيقي.


فقلت وعيني تلمع: هل أنت فعلت كل هذا من أجلي؟


فقال معاذ وهو يدخل الغرفة: أجل ولمَ لا، هيَ أدخلي ولتأكلي سريعًا لأننا سنذهب بعد قليلًا للخارج لكي تري المدينة بعيني.

فدخلت وجلست على فراشي وبدأنا نأكل باستمتاع وقلت له: طعمه رائع حقًا، تسلم يدك.



بعدما أكملنا فطورنا خرجنا بالفعل للخارج، وقبل أن نذهب لأي مكان أصريت عليه بأول شيء يفعله لي هو حجز تذكرة القطار، فعندما عرض عليا بالأمس أم يستأجرا سيارة لكي يوصلني رفضت بحزم، بصراحة لسببين مرتبطين بي، أول شيء ما أحببت شعور خفقات قلبي بجانبه هكذا، وأنا لا أستطيع السيطرة عليها أخاف بأن تفضحني بيوم، والسبب الآخر هو حزين كيف أستغله ليوصلني؟ ولا أنسى أنه حبيبي منه صديقتي، كلما أتذكر اتضايق لهذا رفضت دون أن أخبره أسبابي.


بالفعل جاءني من الداخل وبيده تذكرة، فقد حجز لي في القطار المتجه لمحافظتي على الساعة الثامنة في المساء، وتفاجئت عندما أخرج تذكرة أخرى وقال:


فقال معاذ وهو تلمع عيناه بالسعادة: أنا أسف لكني لن أتركك تذهبين بمفردك.


بالتأكيد هو مجنون فقد حجز تذكرتين لنا وماذا بشأن عمله كيف يتركه هكذا لثلاث أيام؟ رفضتُ بحزم أن يأتي معي، وهو أصر قائلًا:


فأجاب وهو يشعرني بالأمان: لو ما ذهبتُ معكي لن تذهبي أنتِ أتفقنًا.


فقلت بجدية: لن نتفق، سأذهب بمفردي لقد أخذت من وقتك الكثير وعملك تعطل بسببي اليوم أيضًا، سأشعر بالسوء حيالك.


فصرخت عليه قائلة: رجاءًا أترُكني أذهب وحسب.


أقتنع بالفعل بكلامي عندما صرخت عليه، وقرر أن نستمتع باليوم وهو برفقتي.


أخذني إلى أماكن عديدة وألتقطنا الكثير من الصور معًا بكل مكان و زاوية، وأخذني لمطعم جميل للغاية، تتخيلي كان في وسط البحر والأسماك تعوم من حولنا، وأكلنا هناك بالتأكيد المكان كان وهم و أتذكر مذاق الطعام لليوم.



تُدركي شعرت للحظة بأنني بحلم جميل، هل من الممكن فعلًا تعشقي مدينة صغيرة من أجل شخص؟ أنا أحببتها لأني رأيتها فقط بعينيه، وكم كنتُ مسرورة لأنه تحسن عن البارحة كثيرًا، الذي قال من المحتمل أن تعشق مدينة بأكملها لمجرد بأنك تعشق شخص بها، ما كان يُخطى، فقد أدركت حقيقة تلك الكلمات في هذه اللحظة، هل أنا أعشقه حقًا؟


فقال باندهاش يظهر على ملامحة: تعشقي من؟


تغيرت ملامحي لخوف شديد وتلثم بلساني فقلت: هل سمعت جميع كلماتي؟


فقال وهو يمسك يدي: فقط سمعت هذه الجملة.


فقلت وأنا أبتسم: فأنا قد عشقت مدينتك.


فضحك معاذ وقال: وأنا عشقتها بسببك.


فأبتسم لي وكأن الزمن توقف بقلبي فقط، فقلبي يخفق له وبشدة، أفتقده لغيابه عني لثواني، كيف سأعيش بهذه الذكريات لوحدي؟ ياقلبي ستذهب معي الآن، أتوسل إليك لا تبقى معه.



وبعد خوض الرحلة الجميلة معه، ذهبنا لمكان هادئ إلى أن تحين الساعة الثامنة، فأخذني في مكان جميل للغاية على مقربة من البحر وليس به الكثير من الأشخاص.


فتركني قليلًا وذهب لكي يجلب لنا القهوة ..!


وصادف بهذه الأثناء بأنه رن هاتفه فأنزعجت قليلًا فقط، ومن ثم رن هاتفي فأنشغلت به، فأمسكت هاتفي ونظرت على المتصل، فوجدته رقم غير معروف ومن مظهره بأنه دولي، فأجبت لأجد صوت أمي، فهي تتصل بي حقًا، فقلت بلهفة: أمي اشتقت أليكِ.


فقالت أمي وصوتها يرقص: وأنا كذلك يافتاتي، أخبريني ماذا تفعلي؟ وطمئنيني على أحوالك.



فقلت بفرح: بخير يا أمي، كل شيء بخير.


فأجابت أمي: أسفة ما أستطعت أن أتواصل معك أبكر من هذا، بسبب القيود التي واجهتنا أنا ووالدك أثناء السفر.



فرحت لتغيرها شعرت أنها تحبني جدًا، فتكلمت معها إلى أن جاء معاذ، وجلس وركز علي وظل يستمع لحديثي مع والدتي الذي دام أكثر من نص ساعة، حاولت أن أغلق عندما جاء لكنه أشار بيده بأن أكمل معها، ويستمر بالأشارة عندما أحاول أنهاء المكالمة معها، وإلى إن قالت لي هي: خلود يجب أن أغلق الآن، سأتحدث إليكِ قريبًا.


فقلت بخوف: أمي عاودِ الأتصال بي مرة أخرى، أمي اتسمعيني!


أقفلت الخط ولم تسمعني، فهي أخبرتني بأنها ستتصل بي، بالتأكيد ستعاود الأتصال.


تدخل معاذ وقال: لاتقلقي، ستتصل بكِ.


ومن هنا بدأت أخباره عن حياتي، فقصصت له قصتي بأكملها من تأريخ ميلادي للوقت الذي أنا به معه بأختصار قليلًا، فقط كان ينظر نحوي وهو مستمتع وأنا أتكلم براحة وحب..؟


إلى أن حان وقت القطار فتركنا المطعم وخرجنا للخارج فقررنا السير لهناك على الأقدام، وبينما كنا نسير في الطرقات التي ستأخذنا للمحطة قال بصوت منخفض للغاية: حان الوقت" يا خلود لتذهبي يا ليتك بقيتي معي.


فقلت بأستغراب وتقمص بأنني لم أسمعه: أقلت شيء ما!


فقال وهو حزين: هل سأراكِ قريبا أليس كذلك؟


قلت بحماس: بالتأكيد يمكنك أن تأتي لعندي في إي وقت.

فأمسك يد وأقترب نحوي وقال: في إي وقت!


فنظرت لعينيه وسرحت قليلًا إلى أن جاء القطار وأقترب نحوي، وأخرجتني صوت سافرته فأبعت نظري عنه وتحركت على القطار، وكانت خطوات قليلة فقط أمامي لكي أذهب من هنا، فتحركت للقطار لكي أركب مع الراكبين وهو مازال خلفي، فأنا أشعر بدقات متتالية داخل قلبي، تقول لي: لا تذهبي، أبقي هنا لا ترحلي عنه.


أفيقي يا خلود أنتِ لستِ بمسلسل درامي، هيَ فركبت القطار وأشارت له بيدي وأنا بداخله وتحرك القطار ونظرت عليه إلى أن غاب عن نظري تمامًا.




ذهبتُ للبيت بعد ساعات قليلة لكني ما كنتُ متعبة، ومعاذ ما تركني للحظة بقي معي على الهاتف إلا أن وصلت للبلدة وأغلقنا فقط عندما أستقليت تأكسي للمنزل، لأن شحن الهاتف فصل مني.


فتحت باب منزلي وشعرت بأنه ليس منزلي الذي أعتدتُ عليه، أو مكث به طوال حياتي.


كان يوم واحد لكنه كفيل بأنه يقلب حياتي بهذا الشكل، شعرت بأني أفتقد شيء على الأرجح أعرفه، أفتقد "معاذ" وضعت الهاتف على الشحن وذهبت لأخذ حمام دافئ، و في حين كنت أنوي النوم لقلة نومي في الساعات الماضية رن هاتفي، خمنت بأنه معاذ بالبداية فأمسكته بلهفة، لكني وجدت أصالة تتصل بي ففتحت عليها وقالت لي: كيف الحال ياخلود.


فقلت لها وأنا متضايقة: الحمد لله يا أصالة، ما الخطب بهذه الساعة؟


فأجابت وهي تشرح: منذ وقت و كنت أتصلت بك لكن هاتفك كان مغلق لماذا؟ قلقت عليكي.


فقلت وأنا أشعر بتعب: لقد فصل شحن هاتفي.

فقالت وهي تضحك: اووه حسنا، لا تنسي الدراسة غدًا سنذهب معًا إليس كذلك.


فقلت باستغراب: ماذا؟

نظرت إلى التاريخ لأجد إن غدا بالفعل أول يوم في الدراسة، فعبث وجهي وقلت بنبرة حزينة: أجل سنذهب بكل تأكيد، أشكرك على تذكيري لقد نسيت بالفعل التاريخ الأيام.

فأجابت أصالة وهي ما زالت تضحك: خلود لقد سمعت منكِ هذا الكلام كثيرًا، لا تقلقي أنا هنا بجانبك لكي أذكرك، لتعرفي قيمتي بحياتك.

فقلت وأنا أتحرك بغرفتي: أجل أعرف قيمتك، سأراكي غدا يا صديقتي إلي اللقاء لأني متعبة وأريد النوم الآن.


أغلقت الهاتف لكي أنام لأني متعبة، وأخبار الدراسة قبض قلبي، فقلت لنفسي: خلود دراستك أهم شيء بالنسبة لكي لا تنسي ذلك.

فقد كنت أعتقد ذلك في البداية، لكن تفكيري به الآن وبكل ثانية، فقد أمتلكني كيف سأركز على دراستي وهو أول حب بحياتي، رغم شدة تعبي لن أستطيع النوم وفكرت به...؟ وعاودت فتح الهاتف و فتحت الفيس بوك لأتكلم مع معاذ، لكني وجدت رسائل كانت صدمة بآخر الليل.


جدتُ "منه" مرسلة لي رسائل عديدة فقرأت واحدة وأحدة:


منه: أنتِ من أفسد عليّ فرحتي وزفافي، أنا أكرهك وأتمنى بأن تموتين قريبًا، وأتهمك بشكل كامل بأنك أنتي من فعل ذلك عن عمد، هل تُحبين وائل؟


فقلت بهمس: وائل من! هل تقصد معاذ؟


فأكملت قراءة الرسائل.


منه: خطيبي وائل أو الملقب بمعاذ.


ووجدتها مرسلة لي بعض الصور فضغطت عليها لكي أراها، فكانت صور تجمع بينها وبين معاذ، هل معاذ هو وائل أيعقل! كنت أعتقد بأن هناك شيء خاطئ، لماذا أخبرني بأنه معاذ اذن؟


عندما قرأت الرسائل مرة ثانية ملامح وجهي تغيرت 180درجة.

_فبكيت كشخص خسر والديه بغمضة عين، أنا صحيح ذهبت لزفافها لأني كنت أعتبرها صديقتي قبل أن تعاملني بشكل سيء في الزفاف، لكن صدقًا ما كنت أعرف بأنه خطيبها وأيضًا هو الذي أمسك بيدي في الزفاف، من الواضح بأنها تخيلت بأني خنتها وأخذته منها لكن هذا ليس صحيح.


أنا ما كنت لدي علم بأن الشخص الذي كنت أحادثة على النت خطيبها، هل مشاعري التي أشعر بها من طرفي فقط؟ ياليتني كنت أعرف بأنه خطيبها ما كنت سأحبه بهذا الشكل الجنوني، أنا تمنيت شخص كوائل وليس وائل.

فمسحت دموعي وبدأت أفكر بشكل عقلاني، لكن هو لما أخبرني باسم معاذ وليس وائل، ماذا يخفي عني؟ وعندما تركته "منه" حزن وقلبه تأثر بها لأنه يحبها، وهي لمَ تركته أيضًا، أحقًا من أجل المال كما قال في ذلك اليوم، ما هذه الدوامة الغريبة التي وجدت نفسي بها، لا أريد أن أُحادثها ولا أريدها بعد اليوم سأكمل بدونهما، مللت منهم، وقلبي سينسى حبه.


فتركت الهاتف ووجدت بأن النوم كان وسيلتي الوحيدة في تلك الليالي المظلمة وعندها قررت نفذت كلامي وما اهتميت بأن أجيب على رسائل معاذ لمدة يومين، فقد كان يتصل بي في اليوم ألف مرة، ويبعث لي رسائل عبر الهاتف وأحيانا أغلق الهاتف لكي لا أضعف وأتحدث معه، واجهت صعوبة بالحديث معه وبالأخص طرح سؤالي عليه: لما أخفى عني أسمه الحقيقي؟

بعد مرور أسبوع وأنا بعيده عنه، أتصل بي في الساعة الثالثة فجرًا واجبت عليه لأنني لن أنم منذ يومين، صحيح كنت في حاله سيئة لكني لم أتكلم أنتظرته هو يتكلم لأنه طلب مني ذلك بأخر رسالة أرسلها لي، طلب سماعه فسمعته فقال لي: بالتأكيد أرسلت لك "منه" رسائل لمضايقتك، خلود أتسمعيني جيدًا، أنتِ لستِ السبب وراء أنفصالنا..

سكت ثم قال بانفعال: هي من تركتني لأجل ذلك الشخص، هي من خانتني مع صديقي من أجل المال، كنتُ أحبها ولكن هذا قبل معرفتك، أتسمعيني...


يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي