الفصل الثاني
في صباح اليوم التالي
استيقظت ورده علي صوت مربيتها وهي تربت علي شعرها توقظها بهدوء
" صباح الخير يا داده ، في حاجه ولا ايه "
هي استغربت لماذا توقظها بينما الشمس لم تشرق بعد
" ايوا فيه يحيي بيه مستنيكي تحت يلا بسرعه لازم تجهزي "
نظرت لها ورده كأنها برأسين فلماذا تتجهز
فهمت فايزه ما تفكر به وقالت
" يحيي بيه هياخدك معاه الفيوم "
اخدت ورده ثواني حتي تستوعب ما نطقت به الاخري لتقفز من سريرها قائله بعدم تصديق
" بجد يا داده "
" بجد يا قلب داده يلا خدي حمام بسرعه وانا هطلعلك احلي فستان يا قمر "
" وانتي يا داده مش هتيجي معانا "
" هو انا اقدر ابعد عنك يا حببتي "
قفزت ورده بحماس تذهب لحمام غرفتها وصوت ضحكاتها يملئ المكان
فهي واخيراً ستخرج خارج أسوار المنزل
تنظر من القطار بحماس لكل ما يقابلها في الواقع هي كذلك منذ خروجها من المنزل
فبعد موافقه والدها كانت مثل حمامه لم تطير بحياتها وأخيرا فتح عنها القفص
تنهدت بسعاده وهي تنظر لتلك المنازل الكبيرة والصغيرة والخضره المنتشرة بينهم
نظرت للمربيه خاصتها بسعاده لتبادلها مربيتها نفس السعادة
نقلت نظرها للمكان الخالي حولها فوالدها قد حجز جميع المقطورة لها فقط
حسناً علي الرغم من سماحه بذهابها معه الا انه لم يسمح بإختلاطها
مع الأخرين
وهي حقا راضيه بالوضع الحالي
وضعت مربيتها أطباق الطعام التي سبق وحضرتها لأجل تلك الصغيره المتحمسة
نصف ساعه وكانت قد وصل القطار الي محطته
لتبدأ في النزول منها مع محاوطه عدد من الرجال كحراسة لها
نظرت بجانبها لتري والدها خرج من المقطورة الثانية معه شاب طويل ينظر لها
لتعود ذاكرتها الي ذلك اليوم الذي رأيته فيه
احمرت وجنتيها لتعاود النظر أمامها تحديدا الي قديمها
فهي لم تعتاد علي النظر في وجه الناس وتشعر بالغرابة والخجل عندما ينظرون الي وجهها
وجدت سيارات تقف امام محطه القطار دخلت واحده مع مربيتها
لتبدأ في التحرك مباشره بإتجاه المنزل
نظرت للخلف لتجد سياره والدها لم تتحرك بعد فقالت
" هو بابا مش هيجي معانا "
" احنا هنسبقه هو عنده شغل مع شريكه الأستاذ ياسين "
" شريكه ؟ "
" اه بقي شريكه جديد وجم هنا يخلصوا شويه شغل علي أراضي "
أومأت برأسها
متفهمه لتقول بفضول استغربته
" غريبه اول مره اعرف ان بابا بيشارك شباب "
" هو اول واحد فعلاً وكمان هو شب اه بس شاطر اوي وعرفت كمان من الخدامه عنده انه شايل المسؤليه من وهو صغيره وكمان تربيه واخلاق عاليه فأكيد علشان كده يحيي بيه بقي شريكه "
أومأت مفهمه لتردف بموضوع اخر
" احنا بقي هنقعد في بيت عيله بابا صح "
" لا هنقعد في بيت يحيي بيه هو مش بعيد كتير عن بيت العيله "
تنهدت بحزن فتحي لو سمح لها والدها بمجيئها لازال يخاف عليها ولا يسمح لها لمقابله الناس
" متزعليش يا حببتي هو هيفضل يخاف عليكي علي طول "
" عارفه يا داده عارفه "
بينما في الجهه الاخري عند ياسين
يومه بدأ مملاً كالمعتاد
لكن عند سماعه ان ابنه شريكه يحيي قادمه معهم شعور بالسعادة انتشر داخله مع الم غريب ذغذغ قلبه
وتوقعه بأن يتعرف عليها ويتبادلا أطراف الحديث لم يحدث
فعندما اصبح مستعداً للمغادرة مع يحيي
لم يجد تلك الورده الصغيره
وعرف انها سبقتهم بسياره الي محطه القطار
وحسنا ذلك الشعور مازال قائم داخله علي أمل ان يري ابتسامه منها اتجاهه
لكن عند ركوبه للقطار
رأها في المقطورة المجاورة
وهنا امله اصبح من العدم
فيبدوا ان والدها لا يخطط ان تلتقي بأحد
وحسنا هو لم يحب ذلك
فإن كان والدها لا يخطط ان تقابل احد هو سيفعل المستحيل ليقابلها
ويتحدث معها
والآن هو يقف مع يحيي في احدي الأراضي وأمامهم مالكها
مع زوج اخت يحيي والذي اتي لأستقبالهم
" ايه رأيك يا ياسين باشا ارض واسعه وتكفي اي حاجه "
تحدث زوج أخت يحيي المسمي ب مجدي
ليقول ياسين
" فعلا ارض كبيره بس برضوا لازم اعرف رأي يحيي بيه هو ادري مني بالموضوع "
ليقول يحيي
" فعلاً ارض كبيره بس مش دي اللي عايزنها انا بقول نروح انهارده وندور بكره براحتنا يكون ياسين باشا ارتاح "
" وليه كده يا يحيي يا اخويا ما خير البر عاجله والأرض حلوه أهي ومش هتلاقي ارض زايها "
قال مجدي
ليتنهد يحيي بنفاذ صبر قائلاً
" وبعدين معاك يا مجدي انا قولت بكره الراجل تعبان وعايزه يرتاح "
صمت مجدي علي مضض
ليركب يحيي السياره مع ياسين بإتجاه منزله
" معلش علي اللي حصل يا ياسين باشا بس مجدي عنيد حبتين وانا عارف صاحب الأرض علي عينه يبعها "
" عادي يا يحيي بيه وبعدين بلاش باشا دي ده انا زاي ابنك برضوا ولا ايه "
ضحك يحيي ليقول
" طبعاً طبعاً ده يبقي شرف ليا انك تبقي ابني وادام كده انتي تشيل بيه وانا اشيل باشا حلو كده "
" ماشي يا عمي حلو كده "
" حلو يا ابني "
ضحك الاثنان ليعاود ياسين القول
" بس هو صاحب الأرض هيبعها ليه ادام علي عينه يبعها "
" صاحب الأرض كان واخد فلوس من مجدي سلف والراجل المحصول السنه دي بتاعه باظ فمجدي جابني علشان اشتري الأرض وياخد فلوسه علشان كده مرضتش اشتريها الراجل غلبان وعنده عيال صغيره ومجدي انا هعرف اتصرف معاه "
" ده انت طلعت مخابرات وانا مش عارف بقي "
ضحك يحيي بقوه ليقول
" ولا مخابرات ولا حاجه الناس دول اهلي انا متربي وسطيهم
ولما حد بيتورط مع مجدي في حاجه اكيد لازم اعرفها يلا ربنا يهديه "
تبادل الاثنان بعض أمور العمل
ليصلا الي المنزل
ليقول يحيي فور دخوله المنزل
" فايزه حطي الأكل علي السفره "
لترد فايزه سريعاً بالموافقة
دقائق وتم وضع الطعام لهم ليقول يحيي
" امال في ورده "
" نايمه يا حبه عيني تعبت اوي انهارده "
" خاليها ترتاح شويه وصحيها تأكل علشان تعرف تنام بالليل "
" ماشي بابيه "
ذهبت فايزة ليقول ياسين مدعي الجهل
" اول مره اعرف ان عندك بنت صغيره "
" اه صح انا مبحبش بنتي تختلط بالناس ويمكن علشان كده مش كتير يعرف ان عندي بنت وبعدين هي مش صغيره اوي يعني بس هتفضل طول حياتها صغيره في عيني "
ليقول ياسين بشرود
" اكيد طبعاً ليك حق الصراحة تخبيها "
" نعم ؟ "
" قصدي ان لما يبقي عندي بنت اكيد هعمل كده الدنيا مش أمان
اليومين دول "
" ايوا فعلاً..وأنت بقي مقولتليش مجوزتش لغايه دلوقتي ليه "
" تقدر تقول ملقتش بنت الحلال اللي تعوزني انا مش فلوسي وشركاتي مع احترامي لجميع بنات البشاوات لكن اليومين دول اغلب البنات همها علي الفساتين والشنط والجزم كلهم همهم علي المظهر العام بتاعهم وانا بدور علي الجوهر "
" تفكير سليم والله يابني من النادر اليومين دول الاقي شب تفكيره زايك كده "
" كلامك شرف ليا "
انتهيا من الطعام ليذهب كلاً منهم لغرفته للراحه حتي موعد العشاء
فقد اوشك المساء علي الحلول
* منتصف الليل *
نزل ياسين من غرفته اتجاه المطبخ لشعوره بالعطش
فبعد تناول العشاء ذهب لغرفته مباشراً
وبالطبع لم يقابل تلك الورده اللطيفة
دخل المطبخ بشرود
لكن عندما رفع عينيه وجد تلك الورده تنظر له بصدمه
فقد كانت تلك الورده جالسه امام صحن ملئ بالطعام
او بالأصح الحلويات وفمها ممتلئ بالطعام
تأكل منها وكأنه لا يوجد غد
تبادلاً النظرات المصدومة لثوان لتنزل ورده رأسها سريعاً بإتجاه قدميها قائله بتعلثم
" اس..اسفه "
وعندما كانت علي وشك الخروج وقف ياسين ليسد الطريق أمامها قائلا بسرعه يحاول تدارك ما فعل
" عادي مافيش داعي للأسف كملي أكلك انا كنت هاخد ميه وهمشي علي طول "
جلست بتوتر علي المقعد
بينما ملئ ياسين كأس الماء وحاول قدر المستطاع ان يبطئ
وعندما انتهي
التفت لتلك الورده المرتبكة
ليجدها تنظر للخارج بشكل متكرر
التفتت تجاه
ليتحمحم هو ليقول
" انا هعمل قهوه تشربي معايا "
نظرت له بتردد لتقول
" دا..ده بتقول ان القهوه مضره ولازم منشربهاش كتير "
" ايوا فعلا كلامها صح بس هعمل ايه بقي عندي شغل ولازم أخلصه "
أومأت بتفهم لتقول ومازالت لم تنظر الي عينيه
" تقدر ترتاح انا هعملها واجبها لحضرتك "
ليرد بمرح يحاول جعلها تبادله الكثير من الأحاديث
" لا متتعبيش نفسك صحيح مش بتدخل المطبخ كتير لكن متخافيش من هحرقه "
ارتسمت ابتسامه علي شفتيها وترفع رأسها جزء صغير قائله
" كده بقي المفروض اخاف اكتر "
ضحك هو بقوه وعندما كان علي وشك الرد
سمعا صوت حمحمه اعلي الدرج الموصول بالطابق الثاني للمنزل
وفي الثانية الثانية كانت ورده تحت الطاوله مع الطبق الذي كانت تأكل منه
مرت الأحداث سريعاً لدرجه لم يستوعبها عقل ياسين
نظر اتجاه باب المطبخ
حيث يحيي الذي دخل للتو
" محتاج حاجه يا ياسين يا ابني "
" لا ابداً هعمل بس فنجان قهوه علشان عندي شويه أوراق محتاج اخلصهم "
ليرد يحيي بتفاجئ
" طب ليه تتعب نفسك يابني انا هقول لفايزة تعملك واحد "
ابتسم ياسين ابتسامه صغيره ليقول
" ولا تعب ولا حاجه خاليها هي نايمه وانا هخلصها علي طول "
ربت يحيي علي كتفه وقال بإبتسامه
" خد راحتك "
اومأ ياسين
ليشرب يحيي كأس ماء ثم يعاود الذهاب لغرفته
ابتسم ياسين بخبث عند ذهاب يحيي ليذهب بإتجاه الطاوله التي تختبئ تحتها تلك القطه الخائفه
انحني لمستوي كاف ليراها تضع يديها علي وجهها تخفيه خلفها بينما تضم ساقيها اليها
بلع ريقه عندما رأي كيف تلك البيجامة تحدد مسارات جسدها الصغير
ليصفع عقله قائلاً محاولاً الخروج من شروره بها
" خلاص مشي يا جبانه "
رفعت يديها عن وجهها قائله بدهشه
" بجد "
اومأ مبتسماً ليتنحي جانباً سامحاً لها بالخروج
وقال
" استخبيتي ليه "
" علشان بابا ميزعلش مني هو مش بيحب اسهر ولا بيحب اكل حلويات وكمان مش بيحب اق..."
صمتت عندما ادركت ما كانت علي وشك قوله
ليكمل ياسين عنها
" مش بيحب تقابلي حد صح "
نظرت له بقليل من الصدمه لتومئ بعد ذلك بحزن بينما تنظر الي الارض
لاحظ حزنها ليقول مغيراً الموضوع
" ها هتعمليلي القهوه ولا احرق المطبخ معنديش مانع علي فكره "
لترفع رأسها سريعاً وهناك ضحكه واسعه علي شفتيها قائله
" لا خلاص هعملها انا بحب المطبخ ومش مستعده اخصره علي ايدك "
جلس ياسين علي المقعد يراقبها وهي تتحرك هنا وهناك
ليقول
" ادام بتحبي المطبخ لدرجه دي لازم يكون اكلك حلو بقي علي كده لازم ادوقه بقي واحكم "
التفت له برأسها لتقول بإبتسامه صغيره
" بس انت دقته قبل كده "
نظر لها بعدم فهم
لتعاود القول
" اليوم اللي جيت في بيتنا قبل كده علشان الشغل انا اللي كنت عامله الاكل "
نظر لها بصدمه ليقول
" بجد.. ده كان وحش أوي "
انهي كلامه بمزاح
لتنظر له ورده نظرات قاتله لينفجر الأخر ضاحكاً
ويعاود القول
" لا بجد كان طمعه حلو بس ده ميمنعش اني اكله مره تانيه "
ابتسمت لتقول
" طبعاً وعلشان كده انا اللي هطبخ بكره "
اومأ ياسين مبتسماً
ليذهب بخياله بعيداً ويراها تتحرك هنا وهناك في منزله
فيعود الي المنزل بعد يوم طويل متعب ليجدها تستقبله بإبتسامتها المشرقه
تضع له مما صنعت يديها ومشاركه اياه ويتبادلا الابتسامات
ولم يخرج من شروده الا عندما وضعت فنجان القهوه امامه
" يلا دوق وقولي رأيك "
قالت بفخر
ليمسك يد الفنجان بإبتسامه يقربه من شفتيه
ومن اول رشفه دخلت اسرع بإخراجها
بينما لازمه السعال
وكل هذا تحت اعين ورده المصدومه
مسح ياسين فمه بالماء ليقول بضحكه قويه
" تحفه طعمها جميل كلها ملح بس "
نظرت له بدهشه لتأخذ الفنجان ترتشف منه القليل
ليعاد نفس ما حدث لياسين
لتقول بتقزز
" يا خبر دي طعمها وحش اوي "
نظر الاثنان لبعضهما
لينفجرا ضحكاً علي شكل كلاً منهما
بينما من بعيد وخارجاً في الظلام هناك تلك العينان التي تراقب بصمت
صباح اليوم التالي
استيقظ ياسين علي طرق فايزة تخبره ان يحيي ينتظره علي طاوله الفطور
انتهي من ارتداء ملابسه وهناك ابتسامه بلهاء لم تغادر ثغره
ومازالت احداث الليله الماضية لا تغادر عقله
فكم كان وقتهما لطيفاً مداعباً لقلبه ومحركاً لمشاعره
تناول الفطور مع يحيي بدون تلك الورده كالمعتاد
ثم ذهباً في طريقهما لإكمال ما جاءا لأجله
بينما عند ورده
إستيقظت بحماس ونشاط وهناك ابتسامه واسعه علي شفتيها
فأخيرا تستطيع استكشاف المكان
صحيح لن تستطيع تعدي أسوار المنزل لكن يبقي مكان جديد يحتاج للأكتشاف
جلست علي طاوله الفطور
وداعب ذاكرتها احداث الليله السابقة
لتتسع ابتسامتها اكثر فهو الاول الذي تكون بهذا القرب معه وكم أعجبها تعامله ومزاحه معها
وضعت فايزة الطعام لها لتقول بدون قصد ومازالت الابتسامه علي ثغرها
" هو ياسين وبابا فطروا "
لتقول فايزة بترقب واستغراب
" ياسين ؟ "
لتدارك ورده الوضع قائله بسرعه
" قصدي أستاذ ياسين يعني "
" اه يا حببتي فطروا من ساعه كده وراحوا يخلصوا مصالحهم "
أومأت ورده لتقول
" عايزاكي بقي توريني البيت كله يا داده حته حته حتي بيت الطيور والحيوانات "
" من عيوني يا روحي خلصي فطار وأكون انا خلصت تقطيف الملخيه "
ردت ورده بسرعه قائله
" لا لا يا داده سيبي كل حاجه الغدا انهارده عليا انا ، انا هعمل كل حاجه "
لترد فايزة بإستغراب
" بس انتي كده هتتعبي وبعدين مش قولنا انتي هتسيبي موضوع الأكل وكل حاجه ليا "
" معلش يا داده انهارده بس علشان خاطري "
توسلت بلطافة وعبوس
لتتنهد الاخري بقله حيله قائله
" ماشي يا بكاشه هقولك ايه يعني "
ضحكت ورده بسعاده ثم تعاود إكمال فطورها
بعد نصف ساعه
كانت ورده تتجول في حديقه المنزل الكبيرة متجهه مع فايزة الي بيت الطيور بعدما غادرت بيت الحيوانات وكادت البقرة تركض ورائها
" فكريني منرحش هناك تاني يا داده "
ضحكت فايزة بقوه لتقول مربته علي ظهر الاخري
" معلش ده بس علشان اول مره تشوفيهم "
لتقول الاخري بعبوس لازمها
" لا يا داده تحسيها كانت عايزه تفعصني "
تعالت ضحكات فايزة مره اخري
فمازالت من ربتها علي تفكيرها الساذج والبرئ
اخرجها من تفكيرها تلك الوجهه التي تدخل من باب المزرعة الكبير
لتعتلي الصدمه والخوف ملامحها قائله بفزع تحاول جعل ورده لا تري ما رأته
" ورده حببتي روحي علي اوضتك هعمل حاجه واجيلك "
" بس يا داده.. "
قاطعتها فايزة بعصبيه
" علي اوضتك يا ورده "
" بتتعصبي علي بنت سيدك ليه يا فايزة "
" الحق يا يحيي بيه الحق "
نظر كلاً من يحيي وياسين بفزع الي ذلك الذي يركض وقد كان
احد حراس مزرعته المقيم بها
ليقول يحيي بخوف بدأ يتسلل لقلبه علي وردته الوحيدة
" في ايه يا مرسي حصل حاجه لورده "
وقف مرسي يأخذ انفاسه بقوه ليقول
" بعد الشر يا يحيي بيه.. لكن مصيبه يا يحيي بيه الست ناديه والست مني جم المزرعة ومعاهم عيالهم والست فايزة قالتلي أجي بسرعه اقولك وكمان الست ناديه كانت بتزعق للست فايزه شوفتهم اول ما دخلوا المزرعة "
جن جنون يحيي مما سمع ليقول بغضب وصراخ
" وأنت كنت فين يا غبي وفين فتحي مش قولتلك متسمحش لحد يدخل البيت "
" والله يا بيه كنت في الحمام وفتحي زاي ما انت عارف راقد في بيته تعبان "
تنهد يحيي بقوه ليقول لياسين محاولاً تمالك أعصابه
" معلش يا ياسين يا ابني مش هقدر انهارده ادور معاك علي مزرعه ليك ولازم ارجع البيت ضروري "
ليقول ياسين بهدوء
" عادي يا عمي وكمان احنا خلصنا الشغل المهم وكل حاجه تانيه تيجي بعدين "
" تسلم يا ابني "
ركب الاثنان السياره
ليقول ياسين محاولاً فهم ما تحدث بيه الحارس
" بس هو انت قلقان ليه يا عمي مش الست مني دي تبقي أخت حضرتك "
تنهد يحيي بقوه ويفك أولا أزرار قميصه لشعوره بالاختناق في هذا اليوم الصيفي الحار
" ايوا اختي بس ناديه دي تبقي مرات اخويا وطول ما الاتنين دول مع بعض مأمنش علي بنتي وسطيهم وكل واحده فيهم بتدور علي مصلحتها ومصلحه عيالها بس وورده بنتي بالنسبه ليهم عصفورة سهل يدوسو عليها "
وقبل ان يبدأ ياسين في الحديث وقفت السياره امام المنزل لينزل يحيي بسرعه لكن من خوفه الشديد علي ابنته بالكاد تمالك أعصابه ليسير خطوتين
لاحظ ياسين هذا الأمر ليمسك يد يحيي يسندها علي ذراعه
شكره يحيي وكم شعر يحيي بالامتنان لياسين في هذه اللحظه
دخلا من باب المنزل
ليظهر كلاً من ناديه ومني جالستين بكل غرور وكبرياء علي الأرائك وبجانب كل واحده منهما بناتها
بينما فايزه تقف في زاويه الغرفه بصمت وملامح الامتعاض تعلو وجهها
ولا وجود لورده في الغرفه
" سلام عليكم "
قال يحيي لتقف ناديه ومني وبناتهم رادين له السلام
لتقول مني بينما تقترب منه وتقبل يده وفعل بناتها وبنات أخيه نفس الشئ
" وعليكم السلام يا اخويا حمدلله علي سلامتك "
اومأ يحيي ومازال مستند علي زراع ياسين
لتقول مني
" من اللي معاك يا اخويا "
" ياسين باشا شريكي وزاي أبني "
" تشرفنا يا باشا "
قالتا ناديه ومني معاً
ليومئ ياسين برأسه مستأذناً بالذهاب لغرفته
وبعدها بثواني خرجت فايزه ايضا فقالت ناديه بخبث وحيله
" تعالي شوف يا ابن عمي تعالي شوف اللي بيحصل في غيابك "
جلس يحيي ليقول بينما يتنهد
" ايه اللي حصل يا ناديه "
لتقول ناديه بحزن اجادت تمثيله واضعه يدها علي خدها
" لما جينا البيت يا اخويا شوفنا فايزه بتزعق لورده يا حبه عيني وبتغصبها تطلع اوضتها ينفع كده يا اخويا "
تنهد يحيي ليقول
" فايزه هي اللي مربيه ورده يا ناديه ومن حقها تزعقلها لو عملت حاجه غلط "
" وده ينفع يا اخويا يبقي خدامه هي اللي تربي عيالنا زمان قولتهالك وهقولها دلوقتي سيب ورده معانا هي هتبقي وسط أهلها وتتربي زاي ما اتربينا مش تتربي علي يد الخدامين "
ليقول يحيي بصراخ وغضب
" ناديه فايزه مش خدامه عند حد ولا عندي فايزه موجوده علشان ورده وبس وده اللي كانت عايزاه ليلي "
" الله يرحمها يا اخويا مقولناش حاجه بس برضوا فكر تخلي ورده هنا وسطينا وسط أهلها وناسها "
" ورده مش هتروح في حته يا ناديه مكان ما أكون هي هتكون دي بنتي وانا ادري بمصلحتها "
نعود بالوقت عندما استأذن ياسين للذهاب لغرفته
وقتها لحقت بيه فايزه
قائله
" ياسين باشا "
توقف ياسين والتفت لها قائلاً
" محتاجه حاجه ياست فايزه "
" سلامتك يا باشا بس عايزه اقولك اني شوفتكم امبارح "
يتبع
استيقظت ورده علي صوت مربيتها وهي تربت علي شعرها توقظها بهدوء
" صباح الخير يا داده ، في حاجه ولا ايه "
هي استغربت لماذا توقظها بينما الشمس لم تشرق بعد
" ايوا فيه يحيي بيه مستنيكي تحت يلا بسرعه لازم تجهزي "
نظرت لها ورده كأنها برأسين فلماذا تتجهز
فهمت فايزه ما تفكر به وقالت
" يحيي بيه هياخدك معاه الفيوم "
اخدت ورده ثواني حتي تستوعب ما نطقت به الاخري لتقفز من سريرها قائله بعدم تصديق
" بجد يا داده "
" بجد يا قلب داده يلا خدي حمام بسرعه وانا هطلعلك احلي فستان يا قمر "
" وانتي يا داده مش هتيجي معانا "
" هو انا اقدر ابعد عنك يا حببتي "
قفزت ورده بحماس تذهب لحمام غرفتها وصوت ضحكاتها يملئ المكان
فهي واخيراً ستخرج خارج أسوار المنزل
تنظر من القطار بحماس لكل ما يقابلها في الواقع هي كذلك منذ خروجها من المنزل
فبعد موافقه والدها كانت مثل حمامه لم تطير بحياتها وأخيرا فتح عنها القفص
تنهدت بسعاده وهي تنظر لتلك المنازل الكبيرة والصغيرة والخضره المنتشرة بينهم
نظرت للمربيه خاصتها بسعاده لتبادلها مربيتها نفس السعادة
نقلت نظرها للمكان الخالي حولها فوالدها قد حجز جميع المقطورة لها فقط
حسناً علي الرغم من سماحه بذهابها معه الا انه لم يسمح بإختلاطها
مع الأخرين
وهي حقا راضيه بالوضع الحالي
وضعت مربيتها أطباق الطعام التي سبق وحضرتها لأجل تلك الصغيره المتحمسة
نصف ساعه وكانت قد وصل القطار الي محطته
لتبدأ في النزول منها مع محاوطه عدد من الرجال كحراسة لها
نظرت بجانبها لتري والدها خرج من المقطورة الثانية معه شاب طويل ينظر لها
لتعود ذاكرتها الي ذلك اليوم الذي رأيته فيه
احمرت وجنتيها لتعاود النظر أمامها تحديدا الي قديمها
فهي لم تعتاد علي النظر في وجه الناس وتشعر بالغرابة والخجل عندما ينظرون الي وجهها
وجدت سيارات تقف امام محطه القطار دخلت واحده مع مربيتها
لتبدأ في التحرك مباشره بإتجاه المنزل
نظرت للخلف لتجد سياره والدها لم تتحرك بعد فقالت
" هو بابا مش هيجي معانا "
" احنا هنسبقه هو عنده شغل مع شريكه الأستاذ ياسين "
" شريكه ؟ "
" اه بقي شريكه جديد وجم هنا يخلصوا شويه شغل علي أراضي "
أومأت برأسها
متفهمه لتقول بفضول استغربته
" غريبه اول مره اعرف ان بابا بيشارك شباب "
" هو اول واحد فعلاً وكمان هو شب اه بس شاطر اوي وعرفت كمان من الخدامه عنده انه شايل المسؤليه من وهو صغيره وكمان تربيه واخلاق عاليه فأكيد علشان كده يحيي بيه بقي شريكه "
أومأت مفهمه لتردف بموضوع اخر
" احنا بقي هنقعد في بيت عيله بابا صح "
" لا هنقعد في بيت يحيي بيه هو مش بعيد كتير عن بيت العيله "
تنهدت بحزن فتحي لو سمح لها والدها بمجيئها لازال يخاف عليها ولا يسمح لها لمقابله الناس
" متزعليش يا حببتي هو هيفضل يخاف عليكي علي طول "
" عارفه يا داده عارفه "
بينما في الجهه الاخري عند ياسين
يومه بدأ مملاً كالمعتاد
لكن عند سماعه ان ابنه شريكه يحيي قادمه معهم شعور بالسعادة انتشر داخله مع الم غريب ذغذغ قلبه
وتوقعه بأن يتعرف عليها ويتبادلا أطراف الحديث لم يحدث
فعندما اصبح مستعداً للمغادرة مع يحيي
لم يجد تلك الورده الصغيره
وعرف انها سبقتهم بسياره الي محطه القطار
وحسنا ذلك الشعور مازال قائم داخله علي أمل ان يري ابتسامه منها اتجاهه
لكن عند ركوبه للقطار
رأها في المقطورة المجاورة
وهنا امله اصبح من العدم
فيبدوا ان والدها لا يخطط ان تلتقي بأحد
وحسنا هو لم يحب ذلك
فإن كان والدها لا يخطط ان تقابل احد هو سيفعل المستحيل ليقابلها
ويتحدث معها
والآن هو يقف مع يحيي في احدي الأراضي وأمامهم مالكها
مع زوج اخت يحيي والذي اتي لأستقبالهم
" ايه رأيك يا ياسين باشا ارض واسعه وتكفي اي حاجه "
تحدث زوج أخت يحيي المسمي ب مجدي
ليقول ياسين
" فعلا ارض كبيره بس برضوا لازم اعرف رأي يحيي بيه هو ادري مني بالموضوع "
ليقول يحيي
" فعلاً ارض كبيره بس مش دي اللي عايزنها انا بقول نروح انهارده وندور بكره براحتنا يكون ياسين باشا ارتاح "
" وليه كده يا يحيي يا اخويا ما خير البر عاجله والأرض حلوه أهي ومش هتلاقي ارض زايها "
قال مجدي
ليتنهد يحيي بنفاذ صبر قائلاً
" وبعدين معاك يا مجدي انا قولت بكره الراجل تعبان وعايزه يرتاح "
صمت مجدي علي مضض
ليركب يحيي السياره مع ياسين بإتجاه منزله
" معلش علي اللي حصل يا ياسين باشا بس مجدي عنيد حبتين وانا عارف صاحب الأرض علي عينه يبعها "
" عادي يا يحيي بيه وبعدين بلاش باشا دي ده انا زاي ابنك برضوا ولا ايه "
ضحك يحيي ليقول
" طبعاً طبعاً ده يبقي شرف ليا انك تبقي ابني وادام كده انتي تشيل بيه وانا اشيل باشا حلو كده "
" ماشي يا عمي حلو كده "
" حلو يا ابني "
ضحك الاثنان ليعاود ياسين القول
" بس هو صاحب الأرض هيبعها ليه ادام علي عينه يبعها "
" صاحب الأرض كان واخد فلوس من مجدي سلف والراجل المحصول السنه دي بتاعه باظ فمجدي جابني علشان اشتري الأرض وياخد فلوسه علشان كده مرضتش اشتريها الراجل غلبان وعنده عيال صغيره ومجدي انا هعرف اتصرف معاه "
" ده انت طلعت مخابرات وانا مش عارف بقي "
ضحك يحيي بقوه ليقول
" ولا مخابرات ولا حاجه الناس دول اهلي انا متربي وسطيهم
ولما حد بيتورط مع مجدي في حاجه اكيد لازم اعرفها يلا ربنا يهديه "
تبادل الاثنان بعض أمور العمل
ليصلا الي المنزل
ليقول يحيي فور دخوله المنزل
" فايزه حطي الأكل علي السفره "
لترد فايزه سريعاً بالموافقة
دقائق وتم وضع الطعام لهم ليقول يحيي
" امال في ورده "
" نايمه يا حبه عيني تعبت اوي انهارده "
" خاليها ترتاح شويه وصحيها تأكل علشان تعرف تنام بالليل "
" ماشي بابيه "
ذهبت فايزة ليقول ياسين مدعي الجهل
" اول مره اعرف ان عندك بنت صغيره "
" اه صح انا مبحبش بنتي تختلط بالناس ويمكن علشان كده مش كتير يعرف ان عندي بنت وبعدين هي مش صغيره اوي يعني بس هتفضل طول حياتها صغيره في عيني "
ليقول ياسين بشرود
" اكيد طبعاً ليك حق الصراحة تخبيها "
" نعم ؟ "
" قصدي ان لما يبقي عندي بنت اكيد هعمل كده الدنيا مش أمان
اليومين دول "
" ايوا فعلاً..وأنت بقي مقولتليش مجوزتش لغايه دلوقتي ليه "
" تقدر تقول ملقتش بنت الحلال اللي تعوزني انا مش فلوسي وشركاتي مع احترامي لجميع بنات البشاوات لكن اليومين دول اغلب البنات همها علي الفساتين والشنط والجزم كلهم همهم علي المظهر العام بتاعهم وانا بدور علي الجوهر "
" تفكير سليم والله يابني من النادر اليومين دول الاقي شب تفكيره زايك كده "
" كلامك شرف ليا "
انتهيا من الطعام ليذهب كلاً منهم لغرفته للراحه حتي موعد العشاء
فقد اوشك المساء علي الحلول
* منتصف الليل *
نزل ياسين من غرفته اتجاه المطبخ لشعوره بالعطش
فبعد تناول العشاء ذهب لغرفته مباشراً
وبالطبع لم يقابل تلك الورده اللطيفة
دخل المطبخ بشرود
لكن عندما رفع عينيه وجد تلك الورده تنظر له بصدمه
فقد كانت تلك الورده جالسه امام صحن ملئ بالطعام
او بالأصح الحلويات وفمها ممتلئ بالطعام
تأكل منها وكأنه لا يوجد غد
تبادلاً النظرات المصدومة لثوان لتنزل ورده رأسها سريعاً بإتجاه قدميها قائله بتعلثم
" اس..اسفه "
وعندما كانت علي وشك الخروج وقف ياسين ليسد الطريق أمامها قائلا بسرعه يحاول تدارك ما فعل
" عادي مافيش داعي للأسف كملي أكلك انا كنت هاخد ميه وهمشي علي طول "
جلست بتوتر علي المقعد
بينما ملئ ياسين كأس الماء وحاول قدر المستطاع ان يبطئ
وعندما انتهي
التفت لتلك الورده المرتبكة
ليجدها تنظر للخارج بشكل متكرر
التفتت تجاه
ليتحمحم هو ليقول
" انا هعمل قهوه تشربي معايا "
نظرت له بتردد لتقول
" دا..ده بتقول ان القهوه مضره ولازم منشربهاش كتير "
" ايوا فعلا كلامها صح بس هعمل ايه بقي عندي شغل ولازم أخلصه "
أومأت بتفهم لتقول ومازالت لم تنظر الي عينيه
" تقدر ترتاح انا هعملها واجبها لحضرتك "
ليرد بمرح يحاول جعلها تبادله الكثير من الأحاديث
" لا متتعبيش نفسك صحيح مش بتدخل المطبخ كتير لكن متخافيش من هحرقه "
ارتسمت ابتسامه علي شفتيها وترفع رأسها جزء صغير قائله
" كده بقي المفروض اخاف اكتر "
ضحك هو بقوه وعندما كان علي وشك الرد
سمعا صوت حمحمه اعلي الدرج الموصول بالطابق الثاني للمنزل
وفي الثانية الثانية كانت ورده تحت الطاوله مع الطبق الذي كانت تأكل منه
مرت الأحداث سريعاً لدرجه لم يستوعبها عقل ياسين
نظر اتجاه باب المطبخ
حيث يحيي الذي دخل للتو
" محتاج حاجه يا ياسين يا ابني "
" لا ابداً هعمل بس فنجان قهوه علشان عندي شويه أوراق محتاج اخلصهم "
ليرد يحيي بتفاجئ
" طب ليه تتعب نفسك يابني انا هقول لفايزة تعملك واحد "
ابتسم ياسين ابتسامه صغيره ليقول
" ولا تعب ولا حاجه خاليها هي نايمه وانا هخلصها علي طول "
ربت يحيي علي كتفه وقال بإبتسامه
" خد راحتك "
اومأ ياسين
ليشرب يحيي كأس ماء ثم يعاود الذهاب لغرفته
ابتسم ياسين بخبث عند ذهاب يحيي ليذهب بإتجاه الطاوله التي تختبئ تحتها تلك القطه الخائفه
انحني لمستوي كاف ليراها تضع يديها علي وجهها تخفيه خلفها بينما تضم ساقيها اليها
بلع ريقه عندما رأي كيف تلك البيجامة تحدد مسارات جسدها الصغير
ليصفع عقله قائلاً محاولاً الخروج من شروره بها
" خلاص مشي يا جبانه "
رفعت يديها عن وجهها قائله بدهشه
" بجد "
اومأ مبتسماً ليتنحي جانباً سامحاً لها بالخروج
وقال
" استخبيتي ليه "
" علشان بابا ميزعلش مني هو مش بيحب اسهر ولا بيحب اكل حلويات وكمان مش بيحب اق..."
صمتت عندما ادركت ما كانت علي وشك قوله
ليكمل ياسين عنها
" مش بيحب تقابلي حد صح "
نظرت له بقليل من الصدمه لتومئ بعد ذلك بحزن بينما تنظر الي الارض
لاحظ حزنها ليقول مغيراً الموضوع
" ها هتعمليلي القهوه ولا احرق المطبخ معنديش مانع علي فكره "
لترفع رأسها سريعاً وهناك ضحكه واسعه علي شفتيها قائله
" لا خلاص هعملها انا بحب المطبخ ومش مستعده اخصره علي ايدك "
جلس ياسين علي المقعد يراقبها وهي تتحرك هنا وهناك
ليقول
" ادام بتحبي المطبخ لدرجه دي لازم يكون اكلك حلو بقي علي كده لازم ادوقه بقي واحكم "
التفت له برأسها لتقول بإبتسامه صغيره
" بس انت دقته قبل كده "
نظر لها بعدم فهم
لتعاود القول
" اليوم اللي جيت في بيتنا قبل كده علشان الشغل انا اللي كنت عامله الاكل "
نظر لها بصدمه ليقول
" بجد.. ده كان وحش أوي "
انهي كلامه بمزاح
لتنظر له ورده نظرات قاتله لينفجر الأخر ضاحكاً
ويعاود القول
" لا بجد كان طمعه حلو بس ده ميمنعش اني اكله مره تانيه "
ابتسمت لتقول
" طبعاً وعلشان كده انا اللي هطبخ بكره "
اومأ ياسين مبتسماً
ليذهب بخياله بعيداً ويراها تتحرك هنا وهناك في منزله
فيعود الي المنزل بعد يوم طويل متعب ليجدها تستقبله بإبتسامتها المشرقه
تضع له مما صنعت يديها ومشاركه اياه ويتبادلا الابتسامات
ولم يخرج من شروده الا عندما وضعت فنجان القهوه امامه
" يلا دوق وقولي رأيك "
قالت بفخر
ليمسك يد الفنجان بإبتسامه يقربه من شفتيه
ومن اول رشفه دخلت اسرع بإخراجها
بينما لازمه السعال
وكل هذا تحت اعين ورده المصدومه
مسح ياسين فمه بالماء ليقول بضحكه قويه
" تحفه طعمها جميل كلها ملح بس "
نظرت له بدهشه لتأخذ الفنجان ترتشف منه القليل
ليعاد نفس ما حدث لياسين
لتقول بتقزز
" يا خبر دي طعمها وحش اوي "
نظر الاثنان لبعضهما
لينفجرا ضحكاً علي شكل كلاً منهما
بينما من بعيد وخارجاً في الظلام هناك تلك العينان التي تراقب بصمت
صباح اليوم التالي
استيقظ ياسين علي طرق فايزة تخبره ان يحيي ينتظره علي طاوله الفطور
انتهي من ارتداء ملابسه وهناك ابتسامه بلهاء لم تغادر ثغره
ومازالت احداث الليله الماضية لا تغادر عقله
فكم كان وقتهما لطيفاً مداعباً لقلبه ومحركاً لمشاعره
تناول الفطور مع يحيي بدون تلك الورده كالمعتاد
ثم ذهباً في طريقهما لإكمال ما جاءا لأجله
بينما عند ورده
إستيقظت بحماس ونشاط وهناك ابتسامه واسعه علي شفتيها
فأخيرا تستطيع استكشاف المكان
صحيح لن تستطيع تعدي أسوار المنزل لكن يبقي مكان جديد يحتاج للأكتشاف
جلست علي طاوله الفطور
وداعب ذاكرتها احداث الليله السابقة
لتتسع ابتسامتها اكثر فهو الاول الذي تكون بهذا القرب معه وكم أعجبها تعامله ومزاحه معها
وضعت فايزة الطعام لها لتقول بدون قصد ومازالت الابتسامه علي ثغرها
" هو ياسين وبابا فطروا "
لتقول فايزة بترقب واستغراب
" ياسين ؟ "
لتدارك ورده الوضع قائله بسرعه
" قصدي أستاذ ياسين يعني "
" اه يا حببتي فطروا من ساعه كده وراحوا يخلصوا مصالحهم "
أومأت ورده لتقول
" عايزاكي بقي توريني البيت كله يا داده حته حته حتي بيت الطيور والحيوانات "
" من عيوني يا روحي خلصي فطار وأكون انا خلصت تقطيف الملخيه "
ردت ورده بسرعه قائله
" لا لا يا داده سيبي كل حاجه الغدا انهارده عليا انا ، انا هعمل كل حاجه "
لترد فايزة بإستغراب
" بس انتي كده هتتعبي وبعدين مش قولنا انتي هتسيبي موضوع الأكل وكل حاجه ليا "
" معلش يا داده انهارده بس علشان خاطري "
توسلت بلطافة وعبوس
لتتنهد الاخري بقله حيله قائله
" ماشي يا بكاشه هقولك ايه يعني "
ضحكت ورده بسعاده ثم تعاود إكمال فطورها
بعد نصف ساعه
كانت ورده تتجول في حديقه المنزل الكبيرة متجهه مع فايزة الي بيت الطيور بعدما غادرت بيت الحيوانات وكادت البقرة تركض ورائها
" فكريني منرحش هناك تاني يا داده "
ضحكت فايزة بقوه لتقول مربته علي ظهر الاخري
" معلش ده بس علشان اول مره تشوفيهم "
لتقول الاخري بعبوس لازمها
" لا يا داده تحسيها كانت عايزه تفعصني "
تعالت ضحكات فايزة مره اخري
فمازالت من ربتها علي تفكيرها الساذج والبرئ
اخرجها من تفكيرها تلك الوجهه التي تدخل من باب المزرعة الكبير
لتعتلي الصدمه والخوف ملامحها قائله بفزع تحاول جعل ورده لا تري ما رأته
" ورده حببتي روحي علي اوضتك هعمل حاجه واجيلك "
" بس يا داده.. "
قاطعتها فايزة بعصبيه
" علي اوضتك يا ورده "
" بتتعصبي علي بنت سيدك ليه يا فايزة "
" الحق يا يحيي بيه الحق "
نظر كلاً من يحيي وياسين بفزع الي ذلك الذي يركض وقد كان
احد حراس مزرعته المقيم بها
ليقول يحيي بخوف بدأ يتسلل لقلبه علي وردته الوحيدة
" في ايه يا مرسي حصل حاجه لورده "
وقف مرسي يأخذ انفاسه بقوه ليقول
" بعد الشر يا يحيي بيه.. لكن مصيبه يا يحيي بيه الست ناديه والست مني جم المزرعة ومعاهم عيالهم والست فايزة قالتلي أجي بسرعه اقولك وكمان الست ناديه كانت بتزعق للست فايزه شوفتهم اول ما دخلوا المزرعة "
جن جنون يحيي مما سمع ليقول بغضب وصراخ
" وأنت كنت فين يا غبي وفين فتحي مش قولتلك متسمحش لحد يدخل البيت "
" والله يا بيه كنت في الحمام وفتحي زاي ما انت عارف راقد في بيته تعبان "
تنهد يحيي بقوه ليقول لياسين محاولاً تمالك أعصابه
" معلش يا ياسين يا ابني مش هقدر انهارده ادور معاك علي مزرعه ليك ولازم ارجع البيت ضروري "
ليقول ياسين بهدوء
" عادي يا عمي وكمان احنا خلصنا الشغل المهم وكل حاجه تانيه تيجي بعدين "
" تسلم يا ابني "
ركب الاثنان السياره
ليقول ياسين محاولاً فهم ما تحدث بيه الحارس
" بس هو انت قلقان ليه يا عمي مش الست مني دي تبقي أخت حضرتك "
تنهد يحيي بقوه ويفك أولا أزرار قميصه لشعوره بالاختناق في هذا اليوم الصيفي الحار
" ايوا اختي بس ناديه دي تبقي مرات اخويا وطول ما الاتنين دول مع بعض مأمنش علي بنتي وسطيهم وكل واحده فيهم بتدور علي مصلحتها ومصلحه عيالها بس وورده بنتي بالنسبه ليهم عصفورة سهل يدوسو عليها "
وقبل ان يبدأ ياسين في الحديث وقفت السياره امام المنزل لينزل يحيي بسرعه لكن من خوفه الشديد علي ابنته بالكاد تمالك أعصابه ليسير خطوتين
لاحظ ياسين هذا الأمر ليمسك يد يحيي يسندها علي ذراعه
شكره يحيي وكم شعر يحيي بالامتنان لياسين في هذه اللحظه
دخلا من باب المنزل
ليظهر كلاً من ناديه ومني جالستين بكل غرور وكبرياء علي الأرائك وبجانب كل واحده منهما بناتها
بينما فايزه تقف في زاويه الغرفه بصمت وملامح الامتعاض تعلو وجهها
ولا وجود لورده في الغرفه
" سلام عليكم "
قال يحيي لتقف ناديه ومني وبناتهم رادين له السلام
لتقول مني بينما تقترب منه وتقبل يده وفعل بناتها وبنات أخيه نفس الشئ
" وعليكم السلام يا اخويا حمدلله علي سلامتك "
اومأ يحيي ومازال مستند علي زراع ياسين
لتقول مني
" من اللي معاك يا اخويا "
" ياسين باشا شريكي وزاي أبني "
" تشرفنا يا باشا "
قالتا ناديه ومني معاً
ليومئ ياسين برأسه مستأذناً بالذهاب لغرفته
وبعدها بثواني خرجت فايزه ايضا فقالت ناديه بخبث وحيله
" تعالي شوف يا ابن عمي تعالي شوف اللي بيحصل في غيابك "
جلس يحيي ليقول بينما يتنهد
" ايه اللي حصل يا ناديه "
لتقول ناديه بحزن اجادت تمثيله واضعه يدها علي خدها
" لما جينا البيت يا اخويا شوفنا فايزه بتزعق لورده يا حبه عيني وبتغصبها تطلع اوضتها ينفع كده يا اخويا "
تنهد يحيي ليقول
" فايزه هي اللي مربيه ورده يا ناديه ومن حقها تزعقلها لو عملت حاجه غلط "
" وده ينفع يا اخويا يبقي خدامه هي اللي تربي عيالنا زمان قولتهالك وهقولها دلوقتي سيب ورده معانا هي هتبقي وسط أهلها وتتربي زاي ما اتربينا مش تتربي علي يد الخدامين "
ليقول يحيي بصراخ وغضب
" ناديه فايزه مش خدامه عند حد ولا عندي فايزه موجوده علشان ورده وبس وده اللي كانت عايزاه ليلي "
" الله يرحمها يا اخويا مقولناش حاجه بس برضوا فكر تخلي ورده هنا وسطينا وسط أهلها وناسها "
" ورده مش هتروح في حته يا ناديه مكان ما أكون هي هتكون دي بنتي وانا ادري بمصلحتها "
نعود بالوقت عندما استأذن ياسين للذهاب لغرفته
وقتها لحقت بيه فايزه
قائله
" ياسين باشا "
توقف ياسين والتفت لها قائلاً
" محتاجه حاجه ياست فايزه "
" سلامتك يا باشا بس عايزه اقولك اني شوفتكم امبارح "
يتبع