الفصل الستون

قهقه صالح أكثر و أكثر على غيظ صديقه الذى زاد أضعاف بعدما سمع ضحكاته و قرر عدم الحديث معه فى هذا الشأن مجدداً.

لكن صالح لم يصمت و إنما اراد المزاح أكثر فقال : ههههه طب بس بس ما تتقمصش كده و قولى ، عرفت عنها إيه يعنى هى مين و لا منين و إسمها إيه.

علاء بعناد: مش هقولك.

صالح: أخلص ياد انا خلقى ضيق.

التف علاء ينظر له ثم رفرف بأهدابه مرددا: ماعرفتش.

جعد صالح مابين حاجبيه ينظر له بعدم فهم و قال: نعم يا اخويا.

علاء: ماعرفتش  اعرف عنها اى حاجه ، حتى سألت البت نعمت الى بتشتغل عندكم ما ادتنيش عقاد نافع بنت اللذينا.

صالح باستغراب شديد: و ايه علاقة نعمت إلى شغاله عندنا بيها؟!

علاء: ما انا أول مره شوفتها كانت ماشيه فى الشارع لوحدها تانى مره بقا كانت مع نعمت ، وقفتها النهاردة الصبح قولت اسألها ايه الى تعرفه عنها و لا سكتها ايه ، بس معاليك جيت طبيت علينا زى القضا المستعجل و هى مشيت 
صالح: و بعدين ؟!
علاء: و لا قبلين ، مافيش جديد بس انا مش هسكت ده انا قتيل الموضوع ده.

هز صالح رأسه يمينا و يساراً و علق مستهزأً : يا ضنايا يا ابنى ده انت حالتك مستعصية اوى ، تصدق صعبت عليا.

قال جملته هذه بسخريه مريره لاءعه و ختمها بضحكه مستهتره جلبت الضيق على قلب صديقه الذى نظر له بضيق شديد و قال: بتضحك ،طيب اضحك براحتك و استهزأ بمشاعر غيرك ، عاملى فيها عم الجامد الى مافيش منه ، طب يا صالح يا ابن قدريه تجيلك الى تسهرك و تلوعك و تطلع على جتتك و قلبك القديم و الجديد بحق ضحكك و استهتراك بأى حد يتكلم فى المواضيع دى ، يارب يارب لو ليا امنيه واحده عندك تتحق تكون دى يارب ، ورينى فى الجبله ده يوم و يكون طويل عشان اتشفى و افرح فيه.

ضحك صالح أكثر بقوه و هو يشعر بأنه فى منطقة آمنه غير عابئ او مهتم بدعوات صديقه ، يرى أنه لن يصبح ان يحدث و يكن فى يوم من الايام عاشق ولهان عارق حد الثماله لذا ضحك ، ضحك كثيرا غير مبالى.

فردد علاء: اضحك اضحك ، إن شاء الله و باذن الله كل الضحك ده هيطلع على جتتك بلا أزرق.

غرق صالح فى نوبه من الضحك فتأفف علاء و قال': طب بص قدامك بص ،، سوق و انت ساكت جتك البلا فورت دمى.

حاول صالح التحكم في نوبة الضحك تلك التى انتابته  فى محاولة منه للتركيز على القياده.

حتى وصل إلى الحاره و ترجل علاء من السيارة ينظر له بغيظ ثم ردد: الحمدلله إننا وصلنا يا أخى اما أنا قضيت معاك يوم و ماطقتش نفسى ،أمال الى ربنا داعى عليها و هتقع فيك دى هتعمل ايه.

صالح: لا ما تقلقش مافيش حد هيتأذى إن شاء الله أنا أساسا مش ناوى اتجوز.

علاء: عملت طيب و الله، ياض هو انت لاقى كلبه تعبرك ، أسكت أسكت.. انا ماشى احسن ما اطلع عن شعورى.

نظر له صالح بإستخفاف و أشاح بوجهه عنه و هو يقول عن عمد: طب يالا يا حبيبي لا أمك تستعوقك.

صك علاء أسنانه يعلم أن الجميع يرى والدته متحكمه متسلطة عليه تشعر بالتملك ناحيته فقال: تصدق قسما بالله هجرحلك عربيتك ،ده انت عيل غتيت صحيح.

ضحك صالح و راقص له حاجبيه يظهر عدم اهتمامه بل و سخريته أيضا مما دفع علاء لأن يغادر بغيظ منه.

و ما أن ابتعد علاء و ادار له وجهه حتى تنهد صالح بعمق و حزن نجح في التسلل له رويداً رويداً و قد قفز لرأسه إجماع الكل على أنه شخص لا يطاق صعب المعشر و قد لا يجد من ترضا به او بالعيش معه ، مشفقين على تلك الفتاه التي قد تصبح من نصيبه يوماً ما.

و كعادته عند شعوره بالحزن  يذهب لينفس عنها فى هوايته الوحيدة و المفضله.

وضع يده يخرج مفاتيحه يبحث فيها عن ذلك المفتاح الذى يخص شقة والدها و التى يتخذها مخزن و هو يضع فيها كل أدواته.

تأكد من وجود المفتاح معه و اخرجه فى يده ثم سار به متجها نحو الشقه.

فى نفس التوقيت كانت تمارا قد انتهت من اخذ حمام دافئ...خرجت من المرحاض بعد دقائق تلف شعرها بمنشفه و قد ارتدت ثياب نظيفه بعدما جفت طوال اليوم.

توقفت امام طاوله موضوع عليها مجموعه من الآلات اليدويه و بعض من أسلاك الفضه و النحاس هذا بخلاف الكثير من اللؤلؤ الاصطناعى بمختلف الأشكال و التى تستخدم فى صناعة الحلى اليدوى.

مررت يدها على تلك الأشياء تبتسم رويداً رويداً و تشق الفرحه قلبها الحزين لسنوات .. لكنها توقفت فجأة و هى تتذكر حديث الحاج شداد حينما قدم بها لهنا و أخبرها أن ابنه البكر و الذى يدعى صالح هو من يهوى تلك الأشياء و أنه يأتى إلى هنا بين الحين و الآخر كى يمارس هوايته المفضله و هو رائق البال يهدي إنتاجه النهائى إلى أقرب سيده الى قلبه و هى والدته.

ابتعدت مجفله و هى تتذكر أيضاً حديث كل العاملين عن ذلك الصالح و عن صرامة شخصيته التى قد يصل بها الوصف الى الحده و القسوه.

تشعر بالنفور من ناحيته قبل أن تراه ، هى حتى لا تريد أن تراه ، تدعو و تبتهل كى يتجقق رجائها ، ف هى حقا لا ينقصها قسوه جديده تضاف على ما عايشته طوال عمرها.

لقد عانت كثيراً و أصبح كل شخص قاسى بمثابة منبع نفور و تقزز لها.

مما سمعته عن هذا الشخص أصبحت تكرهه و لا ترغب حتى فى النظر إلى وجهه و ألا يجمعهما مكان واحد.

تدعو الله لو أخذ كل شخص قاسى من على وجه الأرض ، أصبحت دعوتها الثابته فى كل سجده هو ان يباعد الله بينها وبين القاسية قلوبهم ، قد تتقبل عيوب اى شخصيه أى إن كان هذا العيب لكنها أبدا لا تستطيع التعامل مع شخص قاسى القلب ف يكفيها ما ذاقته من ويلات على يد والدها و فى النهاية انتهى الأمر بفضيحه كبيره بعد أن وجدت نفسها تفر فجرا هرباً من هذا الجحيم دون أن تحسب حساب لأى شئ أو اى شخص و لا حتى العواقب الناجمه بعد فعلتها هذه ، هى فقط كانت تحلم دوماً بأن تلوذ فارى من ججيمها الأبدي هذا ، إلى أن طفح بها الكيل و فعلت جالبه لنفسها و لأهلها عار لن يفارقهم طوال عمرهم .

لكن ما حدث حدث و انتهى حتى لو ندمت على هروبها ف لن يفيد الندم كثيرا .

إنما عليها الاحتياط و محاولة العيش اليوم ب يومه ، و مع ذلك ف إن لقلبها عليها حق ، تقسم أن تبتعد أميال عن كل قاسى صلب الفؤاد أعمى القلب و النظر.

لذا ف هى حتى تقف تشعر بالتقزز و النفور لمجرد لمسها لادوات ذلك الصالح قاسى القلب .

و ابتعدت عنها على الفور ، ف على الرغم من كونها لذيذة الشكل تبعث البهجه و الجمال على الروح تدعوها بإلحاح شديد إلى التقدم و بدأ جوله جميله من اللهو و اللعب تخفف عنها ضغط اليوم بل و اليوم السابق أيضاً... لكن لمجرد أنها تخص شخص بقلبه و لو  مثقال ذرة من قسوه.
بخطى ثابتة نافره ولت ظهرها لكل تلك الأشياء و ذهبت تجاه تلك الأريكه المريحه و التى قضت عليها كل قيلولاتها أمنه رغم تحفظها و عدم قدرتها على إعطاء الأمام بشكل كامل .

تمددت عليها تجفف شعرها و هى تحاول تذكر رقم كريمه ابنة عمها ربما هاتفتها تطمئن بها على حالها و حال الاسره و البلده كلها.

تناولت هاتفها و فتحت صفحه قديمه لها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تتصفح الصفحه الخاصه بكريمه ابنة عمها لتشهق بصدمه و هى ترى كل تلك الأخبار المسىئه لها ، فز قلبها فزعا و هى ترى كل تلك الأخبار متى و كيف و ما الذى حدث.

حاولت ارسال رساله لها لكنها وجدت أنها أغلقت إمكانية إرسال أى رسالع لها من أى شخص .
تنهدت بحزن و أسى تسئل ماذا فعلوا بها الآن ، بالتأكيد سيقتلونها.

أنتفضت فزعا و هى تشعر بوجود أحدهم خلفها يتقدم بخطر.
ظلت ترتجف غير قادره على التصرف فقد بدى عقلها و كأنه قد توقف و انقطعت عنه الكهرباء .

لتنتفض برعب و هى تستمع لصوت رخيم يردد: أنتى مين و بتعملى إيه هنا.....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي