الفصل الخامسون

داخل صاله المطار ....
اعلنت مكبرات الصوت عن موعد اقلاع الطائره الموجهه الي "دبي "
التقطت متعلقاتها من ذاك الشاب دون ان تتفوه بكلمه لتغادر المكان كالتي لدغها عقرب ، لم تكترث لوضع قدمها ، ركضت مسرعه لتلحق بالطائره قبل ان تشعر عائلتها بغيابها ...
اما عنه فظل ينظر لطيفها الذي تبخر في لمح البصر وكانه لم يلتقي بها قبل ...
ثم سار بخطواته الواثقه يكمل طريقه في البحث عن صاله الوصول رقم "3" عندما وجد ضالته توجها الي حيث هناك ، لينتظر قدوم شقيقته العائده من "بلجيكا "...
________
زفرت انفاسها بهدوء بعدما استقلت بمقعدها داخل الطائره بجانب أحمد ، نظر لها احمد بتسأل :
-كنتي فين ؟
فردت قدمها التي تؤلمها اثر الركض ثم نزعت الحذاء وعادت تنظر اليه ثم قالت : كنت ملانه اتمشيت شويا في المطار
استشعر الالم بنبره صوتها ثم نظر لها بقلق : رجلك بتألمك ؟ حاسه بايه طيب ؟
عادت بظهرها للخلف وهمست بصوت خافت : انا تمام
ثم اغلقت حزام الامان حول خصرها واغمضت عينيها لكي تتهرب من تسألات احمد .
كان نديم جالس بالمقعد الذي امامهم وبجانبه زوجته الذي ضم راسها لكي تضعها علي كتفه كالوساده ليجعلها تنام ولا تشعر بعناء السفر ، ثم القي بنظره للخلف ليتفقد ابنته وعندما وجدها مغمضه العينين نظر لاحمد ثم همس بصوت خافت لكي لا تشعر به فيروزته :
- في حاجه ؟
هز راسه نافيا
اخرج تنهيده عميقه ثم نظر للامام ولكن داخله ثوره لن تهدئ فهو يشعر بابنته ويعلم بانها ليست بخير ، فليلته لم تنم بالطائره من قبل ، فهي تحب السفر والاستمتاع به وتظل تراقب كل شي حولها بسعاده ، فيبدؤ ان ابنته حقا تتهرب حتي من احزانها تريد ان تتغلب علي حزنها وحدها ، لا تعلم بانه يشعر بها دون ان تفصح عن ذلك ...
________
عاد معتصم بوقت متأخر من الليل ، داخله يشعر بالتخبط فلم يتوقع ان يحدث ذلك بيوم من الايام وياتي الوقت الذي يعلن به حقيقه الماضي لطفله مراد الذي اصبح الان شابا يافعا ...
صعد الي حيث غرفته ثم اغلق الباب خلفه برفق لكي لا تشعر به زوحته ويقلق منامها ، تنهد بحزن ثم نزع سترته والقاها اعلي الاريكه ثم جلس يزفر انفاسه بضيق فهو الان يشعر بالاختناق ...
لم يغمض لها جفن وهو بالخارج وعندما شعرت بوجوده نهض عن الفراش ثم اقتربت منه بهدوء وجلست جانبه وهي تهمس بقلق :اتاخرت ليه يا حبيبي ؟
رفع مقلتيه لتتعلق بمقلتيها لعده ثواني دون ان يهتف بشيء

وضعت رضوي كفها تلامس بشرته بقلق : معتصم مالك يا حبيبي انت تعبان ؟
لم تجد منه اجابه سوا انه عانقها بقوه ، جحظت عيناها بصدمه بسبب وضعه ذاك ، انتابها القلق لتبعد عن احضانه بفزع وهي تهتف : مراد جراله حاجه ؟ ماتخبيش عليه يا معتصم ابني في حاجه ؟
هتف نافيا ما توصل اليه تفكيرها : لا لا مراد بخير
- امال في ايه مالك ؟ ماانتاش شايف حالتك ، وقعت قلبي حرام عليك يا معتصم
ظلت تبكي بنحيب ، حذبها لصدره ثانيا ثم طبع قبله حانيه اعلي خصلاتها : حقك عليا يا حبيبتي ، انا اسف ان خضيتك
همست من بين دموعها : طب قولي فيك ايه شكلك موتني
ظل يربت علي ظهرها بحنان : بعد الشر عنك يا روحي
- في حاجه حصلت في الشغل ؟
همس دون تردد ما حدث معه اليوم داخل مكتبه ...
فلاش باك ..
عندما كان جالس بمكتبه مكان عمله داخل "مديريه أمن القاهره " ودلف العسكري يخبره بان شخص يدعى " سيف النحاس " يريد مقابلته ، علم بهويته ولكن استغرب تلك الزياره المفاجئه ،ولكن اذن له بالدخول .
عندما دلف سيف لداخل مكتبه ورحب به الاخير ، جلس سيف وبدء يقص عليه سبب قدومه المفاجئ ، ثم اعطاء اذن من النيابه العامه يشير الي اعاده فتح التحقيق في قضيه والده الراحل " تيام النحاس "
هتف سيف برجاء : الحقيقه يا افندم انا محتاج مساعده حضرتك ، حضرتك وقت وقوع الجريمه كنت موجود وشاهد علي الواقعه وانا هطالب المحكمه بشهاده سعادتك وده اذن النيابه باعاده فتح القضيه وكمان مرفق مع الاذن تقرير الطبيب اللي شخص حاله والدي والحمد لله الطبيب علي قيد الحياه ومستعد للشهاده
كان يستمع اليه بصدمه ولا يعلم بماذا يفعل ، هز راسه بخفه ثم انهي تلك المقابله معتذرا لانه لديه عمل هام ، استاذن سيف الرحيل علي أمل لقاءه ثانيا ولكن داخل المحكمه لادلاء باقوله امام المحكمه فهو شاهد رئيسي بتلك القضيه ...
باك ...
استجمعت شتاتها ثم نظرت لزوجها بنظرات صادمه اثر ما سمعته وهتفت بألم : هنعمل ايه يا معتصم ؟ ومراد هيقول ايه ولا هيعرف كل ده ازاي ، ازاي بس اصدمه دلوقتي في باباه .
ثم ضربت بكفيها علي ارجلها بقوه : اعمل ايه بس يا ربي ؟ واعرف ابني ايه عن اللي حصل ، هقوله ايه يا معتصم ، دبرني يا ربي .
امسك بكفيها يمنعها من ذلك الانفعال ثم همس مهدئه لها : يا رضوي اهدي ارجوكي مش كده الانفعال ده مش حل ، اهدي وانا هوصل الموضوع لمراد بهدوء ماتقلقيش
صرخت معترضه : لا لا بلاش مراد يعرف ، وانت بلاش تشهد ارجوك يا معتصم اتصرف ، كلم حد بلاش القضيه دي تتفتح
نظر لها بصدمه ثم هتف بعتاب : عاوزاني اخالف ضميري بعد عمري ده كله يا رضوى
انسابت دموعها بحرقه : مش قصدي تخالف ضميرك يا معتصم ، بس الوضع اللي كلنا فيه دلوقتي صعب ، صعب عليه وعليك وعلي مراد لو عرف حاجه زي كده ، طيب نديم وفيروز عرفو باللي حصل ، صعب علي
الكل فتح جراح الماضي ويا عالم الجراح دي هتتداوي ولا هتفضل كده .
مسد علي كتفها برفق : ان شاء الله خير ، ربنا يقدرنا ونحاول ننقذ ما يمكن انقاذه ، اطمني انا واثق في ابني ، مراد قوي وهيتجاوز المحنه دي وكلنا هنخرج منها بخير وهنفضل عيله واحده مافيش حاجه هتزعزع الكيان اللي احنا عملناه ...
__________
نزع نضارته الشمسيه ثم رفعها اعلي خصلاته السوادء يترقب ظهور شقيقته وهي تغادر صاله المطار ، عندما وقعت عيناه عليها ، اقبل عليها بخطواته الواسعه يستقبلها بابتسامته الودوده .
- حمدالله علي سلامتك يا لوكا
بادلته الابتسامه وهي تعانقه بحب : الله يسلمك يا كيمو
سحب عنها عربه الحقائب يقودها ليغادر صاله المطار ويضعهم بحقيبه سياره جده الذي استعار بها من اجل استقبال شقيقته " فلك "
بعدما استقلت فلك السياره بجانب شقيقها نظر لها كريم بتسأل : امير ماجاش معاكي ليه ؟ الولد ده مش بيفكر يشوف بلده خالص ؟
رفعت كتفيه بلامبالاه ثم هتفت بالانجليزيه : انت تعلم شقيقك لم ينتمني لوصوله المصريه ، انتماءه للغرب فقط .
تنهد باسي ثم انطلق في طريقه متوجها الي منزل جده " سامي "
_________
بمدينه رفح ...
بعدما علم بسفر ليلي المفاجئ شعر بالضيق فهي لم تشاركه ذلك القرار ، لذلك ابتعد عن رفاقه داخل الخيمه والتقط الدفتر خاصته وسار يخطو خطواته اعلي الرمال مبتعدا عن الخيمه بعده متيرات ثم جلس اعلي الرمال وبدء يخط كلماته ..
" لم اختار جمالها لكي اُحبها بلا اخترت قلبها فأحببت جمالها "
اشتاق اليك ِ يا حلم طال انتظاره وصعب المنال ،، ليلتي التي طالما راءيتها في صحوي ومنامي ، قلبي يفتقد وجودك ، اتهرب من مشاعري بالبعد ياليته يواسيني ويُطيب جراح قلبي الصارخ بحبك ...

_________

داخل منزل عامر ،، نهض عبدالله من اعلي مكتبه ثم غادر غرفته بخطوات واسعه وهو عازم علي اتمام مهمته التي كُلف بها من ليلي ..
التقط المفاتيح الخاصه بعياده خاله ثم غادر المنزل دون ان تشعر به والدته ،، استقل سياره اجره من اسفل البنايه متوجها الي العياده بعدما هاتف المساعده التي تساعد والدته بالمنزل وطلب منها ان تلتقي به امام البنايه التي توجد بها العياده لكي تقوم بترتيبها ....
________
بعد مرور ساعتين من تحليق الطائره بالسماء هبطت الي مطار دبي الدولي ،فتح عيناها التي جبرتها علي غلقها طوال الرحله ، وعندما وجدت جميع الركاب تهم بالترجل ، ارتدت نضارتها الشمسيه لكي تحجب الرؤيه عنها ..
حاوط نديم زوجته بذراعه وقبل ان يسير بخطواته ليترجلا من الطائره بحث بعينه عن ابنته ولكن لَم يجدها خلفه ، وقفا جانبا لتهمس فيروز بقلق : فين ليلي ؟
ضحك بخفه وهو يطمئن زوجته : اكيد ماتاهتش جوه الطياره يعني ، بس تلاقيها عايزه تنزل برواق
هزت راسها بتفهم ثم همست بحزن : تفتكر بنتك هتقدر تنسي
تنهد بعمق ثم حاوطها برفق لتسير جانبه : بعدين نتكلم
بعد مرور خمسه عشر دقيقه كان نديم يغادر المطار هو وعائلته يستقلون سياره تقلهم لشقتهم التي مازال محتفظ بها نديم حتي الان ، اما عن احمد انشغل عنهم بالطيور خاصته واخبرهم بان عليه ان يتوجه اولا بالمكان المخصص بأقامه السباق لكي يسجل حضوره ويترك الحمام الزاجل الذي سوف يشارك به داخل السابق ...
__________
كان يهم بمغادره المنزل ليجد شقيقه امامه يقف امامه يحاوط شقيقته من خصرها ، زفر سيف انفاسه بضيق وكان يحاول تجاهلهم لكن استوقفته فلك وهي تقف امامه بشموخ
- هاي سيفو
ثم مالت عليه تقبل وجنتيه تحت نظارته الصادمه
هتف كريم بمرح : ايه يا سيفو انت ناسي فلك اختي ولا ايه ؟
هتف ببرود وهو ينظر لها : اهلا
ثم اكمل خطواته سيرا متوجها الي مكان سيارته ليستقل امام مقعد المقود وينطلق الي حيث وجهته المنشوده ...
هتفت فلك بغضب : عديم الذؤق
حاوطها ليدلف بها داخل الفيلا وهو يقول : توجد مشاكل بينه وبين "سو " لذلك هو غاضب
هزت راسها بخفه ولكن هتفت بضجر : اذا وجودي غير مرغوب به
استقبلتها بثينه بترحاب : نورتي مصر يا حبيبتي والبيت بيتك طبعا
- ثانكس آنا
_____
ضرب بقبضه يده عجله القياده وهو يثرثر بغضب : كمان جايه وراها لحد هنا ، مش قادره تستغني عنها .
انا كنت ناقص فلك هانم دي كمان ، جو البيت بقى خنيق جدا
شرد بخياله لملاكه التي سحرته ببراءتها منذ ان كانت طفله صغيره ، تنهد بألم ، يشعر بالاختناق وهي بعيده عنه ، تخلت عنه باصعب الاوقات ، لم يتوقع منها هذا الخذلان ، ياليتها كانت جانبه تشعر به لتواسي حزنه والمه ياليتها لم تختار البعد ...
_______

ابتسم بارتياح بعدما انتهت مساعده والدته من ترتيب العياده ، جلس بشموخ خلف مكتب خاله ثم اخرج هاتفه ليجرا اتصالا بالسيده عنبر لكي تاتي بابنتها الان داخل العياده ليبدء معها اولي جلسات العلاج النفسي بنفسه ، وبعد ان انهي المكالمه ، ارتدي نظارته الطبيه يحاول تقمص الدور جيدا استعدادا لاول مريض يمارس معه تلك المهنه رغم انه مازال طالبا لم يتخرج بعد ...
بالفعل بعد مرور نصف ساعه كانت تدلف السيده عنبر برفقته ابنتها داخل تلك العياده التي استقبلتهم السيده صفيه خادمه والدته ودلفت بهم لغرفه الطبيب ..
وقف عبدالله يصافح عنبر بلباقه وطلب منهما الجلوس
- اتفضلوا استريحو
نظرت له عنبر بتسأل : حضرتك دكتور عبدالله
- ايوه انا
هتفت باستغراب : انا اسفه بس شكلك صغير في السن ، طيب فين دكتور باسم اللي اسمه علي اليافته قدام العياده
- دكتور باسم استاذي ومسافر وانا المساعد بتاعه وموجود هنا نيابا عنه
- وحضرتك قريب الاستاذه ليلي
هز راسه مؤكدا: ايوه قريب ليلي وهي كلمتني عن حضرتك وانا تحت امرك
- والله يا دكتور الحقيقه انا هنا عشان" نبأ " بنتي ، الاستاذه ليلي اقترحت عليه اعرضها علي دكتور نفسي ، لانها طول الوقت ساكته ماكنتش كده قبل وفاه والدها الله يرحمه
نظر لتلك الفتاه الجالسه امامه تفرك بكفيها بتوتر ملحوظ ثم عاد ينظر لوالدتها : بستاذن حضرتك تنتظريني بره
هتفت بقلق : ليه ؟.
- عشان محتاج اقعد مع الانسه ونبدء جلسه العلاج
رمقتها ابنتها بنظره غامضه وقفت عنبر امامها تربت علي كتفها برفق : ما تخفيش يا قلبي انا هستناكي بره ، وبعدين دكتور عبدالله قريب الاستاذه يعني ثقه زيها بالظبط
ازدادت نبضات قلبها وهي تنظر لوالدتها تغادر الغرفه ولكن تركت الباب خلفها مفتوح ، لم يعقب عبدالله علي فعلتها ، ثم فتح الدفتر الموضوع امامه وامسك بالقلم ثم نظر للفتاه بتسأل :
- ممكن تعرفيني بنفسك وسنك وبتدرسي ايه ؟
نظرت له خلسه ثم هتفت بحده : وانت مالك
جحظت عيناه باتساع ثم لاحت ابتسامه جانبيه اعلي ثغره وقال : والله ده شغلي وانتي هنا عشان تجاوبيني بصراحه وتسمعي الكلام
- انا هنا عشان ارضي ماما بس واريحها مش اكتر
- تمام يبقي تتكلمي مع دكتورك باحترام والا انده لمامتك تحضر الجلسه وتتسببي بقي في تعبها زياده
- انت بتستغل نقطه ضعفي ؟ في دكتور كده زيك بيضغط علي المريض عشان يتعالج ؟
- كويس انك معترفه انك مريضه ومحتاجه لعلاج ، بس اعتقد انك محتاجه تعديل سلوك علي اسلوبك ده معايا
زفرت بضيق ثم هتفت بحده : انا مش مريضه علي فكره
هز راسه بخفه : لا واضح ، بصي انا هنا اللي اقول انتي مريضه ومحتاجه علاج نفسي ولا لاء
لوت ثغرها بضجر
ابتسم عبدالله علي تلك الفتاه التي تتعمدت ان تتحدث معه بحديه لاجل اخفاء توترها وخوفها الحقيقي منه ، نجح هو ايضا باستفزازها ، راقت له تلك المهمه واكتفئ منها بهذا القدر ، وطلب من والدتها احضارها باليوم التالي بنفس الموعد ...
بعدما غادرت عنبر وابنتها العياده لاحت ابتسامه اعلي ثغره ثم دون اسمها بالدفتر الذي امامه " نبأ "
ثم همس داخله اسم جميل ....
________

في المساء ..

داخل مركز الاسنان الخاص" بعمر وماسه "
كانت تشعر بالحزن من أجل غياب شقيقتها وعمر جانبها يحاول ان يواسيها لذلك اقترح عليها بان يسيراو معا بشوارع القاهره ليلا للاستمتاع بجمال هدوءها وسحر الليل الخلاب .
وافقته الراي وغادرو المركز سويا سيرا علي الاقدام يتفتلون الشوارع ويستمتعون بالطبيعه ، تشابكت ايديهم وظلو يتحدثون عن مملكتهم الخاصه ، حاول عمر اشغال ماسه بما ينوي فعله داخل عشهم الخاص ، فقد تم تحديد موعد زفافهم بعد سته اشهر من الان ، لم يشعرون بالوقت وهم معا لفجاءه يستوقفهم بعض الشباب ويلوحون امام وجهه بالسلاح الابيض ( المطواه )
تسمرا مكانهم بصدمه شلت حواسهم .....
_________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي