الفصل الثانى

ثم صعد الى فراشه بعد ان نظر الى الساعة وقد كانت تخطت الثالثة بعد منتص الليل ، افاق باليوم التالى على صوت هاتفه الذى لا يتوقف عن الرنين .. تلك السمفونية القديمة لبيتهوفن .. لقد كان يعشق كل الاشياء العتيقة وو منزله كان مليئا بها وكأنه كان يعيش بأحد المتاحف مد يده والتقط الهاتف الذى كان بجانب فراشه ثم اجاب
" ياااه ، اننى اتصل منذ نصف ساعة .. اين كنت بحق الجحيم ؟ " ابعد الهاتف عن اذنه ليتفادى صراخ صديقه الغاضب على الخط الاخر " هل انتهيت من الصراخ ؟ انا لازلت حيا لقد كنت نائما فقط لا اعلم ما الذى يستدعى غضبك منذ الصباح الباكر هكذا ؟ " تمتم إيدين ببرود
" بارد كالثلج ، انها الظهيرة يا لعين " تمتم صديقه لوكاس على الطرف الاخر " ماذا كنت تريد اذن سيد ساخن ؟ " تمتم إيدين بسخرية ... " كنت سأدعوك على حفل بمنزلى ، انه عيد ميلادى هل نسيت ؟ " تسائل لوكاس فنهض إيدين من مكانه ونظر نحو التاريخ على الحائط ثم تحدث " لا لم انسى و لكن أليس من المبكر ان تدعونى على حفل ميلادك الذى بعد اسبوعين ؟ " ردد إيدين بنبرة ساخرة " لهذا ادعوك ايها الاحمق ... انه غدا سأقيم حفلة مبكرة ، لاننى سأسافر مع ابى الى لندن ولا اعلم متى سنعود لانهاء بعض الاعمال والصفقات ، انت تعلم ابى عندما يكون للامر صلة بالاعمال ينسى اين يكون ؟ لذا ان مكثنا هناك لشهر انا لن اندهش " تمتم لوكاس بملل فهو يكره ادارة الاعمال ولكن كونه وريثا لمجموعة Lk العالمية يحتم عليه ذلك ... " حسنا ، رغم اننى اكره الحفلات ولكن سأتى لا تقلق لن افوت حفلة صديقى " ردد إيدين بابتسامة خفيفة ليبتسم الاخر برضا ثم اغلق الخط وعاد للفراغ مجددا ..

رائحة لافندر تنتشر بالغرفة وتخللت انفه ، نهض من مكانه و تتبع مصدر الرائحة لقد كانت رائحة جميلة وتقوده نحوها بشكل غريب وكأنه قد تم سحره ، قادته الرائحة لتلك الغرفة التى ترك بها اللوحة منذ قليل .. فتح الباب ليحدق بتاج زهور الافندر الذى رسمه على اللوحة بالامس ، فرك عيناه الناعسة ونظر نحو اللوحة مجددا ، هو يهذى فقط .. لابد انه افرط فى تناول النبيذ كما انه لم يستفيق كليا بعد ، اغلق الباب مجددا بعد ان تنهد ثم صعد للطابق العلوى حيث غرفته
*
باليوم التالى .. كان موعد حفلة لوكاس وكان عليه ان يتجهز مبكرا حتى يكون مع صديقه طوال الوقت
تأكد من ربط رابطة العنق باحترافية امام المرآة ، كما تأكد من مظهره المثالى و ابتسم برضا ثم نزل الدرج وصعد سيارته متوجها نحو قصر لوكاس ، لم يقود لوقت طويل لان قصر عائلة لوكاس لم يكن بعيدا عنه للغاية ، صف السيارة بجراج العائلة ثم دخل بهدوءه المعتاد لينظر إليه الجميع باعجاب ، رغم انه كان ينوى القدوم مبكرا الا انه نسي الوقت وظل يعبث بهاتفه حتى تأخر مجددا
" تأخرت كثيرا " تمتم لوكاس بلوم " انت فقط تغار لانى لفت الانظار نحوى بينما انت صاحب الحفل هنا " مزح إيدين بابتسامة مغيرا الحديث حتى لا يوبخه لوكاس كما يفعل عادة " يسعدنى ان برودك هذا يختفى معى ، لابد انك تحبنى كثيرا سيد رينالد " تمتم لوكاس ساخرا ، ليضحك الاخر على ظرافته .. انه لطيف بشكل مبالغ غير انه وريث لشركات كبيرة لذا لديه شعبية كبيرة هو الاخر ، حيانا يحسد نفسه لحصوله على صديق مثله بينما هو دائما بارد على عكسه ولا يبذل الكثير من الجهد فى صداقتهم مثل لوكاس ..

انصرف لوكاس للحظات ليأتى مجددا حاملا كأسى نبيذ شراب صديقه المفضل .. " يعجبنى انك تفهمنى ، لوكاس لو كنت فتاة حتما كنت سأقع بحبك " تمتم إيدين مازحا وهو يغمز لـ لوكاس .. " أتظن انك ستوقعنى هكذا سيد رينالد ؟ اسف فأنا مرتبط " تحدث لوكاس يجاريه فى مزحته ليبتسم الاخر مجددا ... " هل تتحدثان عنى يا رفاق ؟ " تمتم صوت انثوى خلفهما فقلب إيدين نظراته للجهة الاخرى " بالحديث عن انك مرتبط ، لقد وصلت فتاتك " تمتم إيدين ببرود ليتنهد لوكاي ثم نظر خلفه ..

" إلينا ، متى وصلتى ؟! " تمتم لوكاس ببرود " منذ قليل فقط " اجابت إلينا بتلقائية " عيد مولد سعيد حبيبى لوكاس " قالت الينا بابتسامة ثم قبلت وجنته وغادرت " عيد مولد سعيد حبيبى لوكاس " قلدها إيدين بسخرية ثم ضحك الاثنان بهسترية " متى ستتركنى تلك الفتاة وشأنى بحق الجحيم ؟ " تمتم لوكاس بتنهد ..
" ألستما مخطوبان منذ عام ؟ بما انك لا تحبها قم بالانفصال عنها لوكاس " تمتم إيدين ثم بدأ يرتشف من كأس نبيذه مجددا " واه ، كيف تتحدث بتلك البساطة ؟تعرف اننى ان فعلت ذلك سيقوم ابى بطردى من منزلى و سيلغى بطاقة ائتمانى ، أليس كذلك ؟ " تمتم لوكاس بحزن " اذن سأعطيك هديتك الان ربما اغادر مبكرا ، ربما ستعيش بها ان طردك والدك ، هذا حتى تعلم كيف يفكر صديقك بمستقبلك دائما ؟ " تمتم إيدين بابتسامة بينما يضع امامه مفتاح سيارة تبدو موديل هذا العام
" انت رائع إيدين ، أتعرف ؟ " قال لوكاس بسعادة بينما اندفع معانقا إيدين " ياااه .. سأختنق ثم انى اعرف اننى رائع ، ان رأتنا خطيبتك هكذا ستظنك غريب الاطوار " تمتم سيهون بغرور وهو يحاول ابعاده ، ابتعد عنه لوكاس " ايها المغرور ..فلتحصل على شريكة لنرقص قبل انتهاء الحفل " تمتم لوكاس بينما يغادر من امامه ، حتى اصبحت رائحة الافندر تحوم حوله مجددا ، هل هو ثمل مجددا ؟ ولكنه لم ينهى الكأس الاول حتى لذا هو ليس ثملا بكل تأكيد ! أهى صدفة عابرة ؟ التفت حوله ولكن الاضواء اطفئت على الفور لابد ان الرقصة ستبدأ الان و سيبدو غريبا ان لم يكن يرقص مع فتاة ، لذا نظر للفتاة جانبه ومد يده اليها لترقص معه ، كادت الفتاة تطير من السعادة ... انها ترقص مع دانفشى المملكة الان  " انت وسيم حقا حتى عن قرب ، لا اصدق اننى ارقص مع إيدين الان " تمتمت الفتاة بينما تحاوط عنقه بيديها ..
" اعرف هذا ، والان حان الوقت " تمتم ببرود دون ان ينظر نحوها حتى تغيرت الاغنية لاخرى وهذا يعنى تبادل شركاء الرقص ، اصطدمت فتاة ما بصدره " اهلا " همس ببرود و هو يمسك يدها ليرقصا ، نظرت الفتاة اليه نظر نحوها بغرابة بعدما رأى ذاك التاج الذى يعلو رأسها ثم قال بدهشة " لافندر " نظرت نحوه الفتاة بغرابة ، الجميع يعلم انه غريب الاطوار ولكن ماذا يقصد ؟ " ماذا تعنى ؟! " تسائلت الفتاة بتعجب ، نظر نحو وجهها ولكنه لايرى جيدا بسبب الظلام هو فقط استطاع تمييز تاج زهور الافندر على رأسها والذى كان يشبه الى حد كبير ذلك الذى رسمه على تلك اللوحة بالامس " أتقصد زهور الافندر ؟ أتحبها ؟ " سألت الفتاة بابتسامة وهى وتنزع احدى الزهور من تاجها ثم وضعتها فى جيب سترته بلطف " تليق بك " تمتمت الفتاة برقة ثم نظرت نحو عيناه " ما اسمك ؟ " سأل إيدين و لاول مرة يبدى اهتماما تجاه اى شئ
" افضل ان ابقى مجهولة " اجابته الفتاة ولكن اى فرصة تضيعها هذه الفتاة المجنونة ، ألا تعرف من هو ؟ عقد حاجبيه و نظر نحوها بغرابة كانت تبدو غريبة الاطوار بالنسبة له ... مثله تماما " اننى إيدين رينالد ، الرسام المعروف داڤنشى المملكة " تحدث معرفا عن نفسه ولاول مرة يفعلها مع احدهم لطالما كان الجميع يعرفه جيدا ولم يحتاج ان يقدم نفسه مسبقا " اعرف " اجابت ببساطة مما زاده دهشة ، هى تعرف انه هو وبرغم ذلك لا تبدى اهتماما ولا ترغب ان تخبره اسمها ، لابد انها مجنونة هذا ما اعتقده ..." تفضلين الغموض ؟ " تمتم بتسائل وقد اعتلت ابتسامة فمه ، لقد كانت مثيرة للفضول بالنسبة له وهذا نادرا ما يحدث لإيدين لقد مر وقت طويل منذ ان حدث اى شئ يثير فضوله " ربما و ربما انت تفضله كذلك " تمتمت ليزداد حيرة و قبل ان يطرح السؤال التالى ، قد حان وقت التبادل مرة اخرى لتبتعد عنه رائحة الافندر ببطء ... اضاءت الانوار لذا التفتت حوله وبدأ يجول بعينيه بحثا عن تلك المجهولة التى اثارت فضوله ، ليلمح طيفا يخرج من باب القصر خرج هو الاخر خلفها ولكنه لم يجدها كانت قد غادرت بالفعل ...
يتبع ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي