الفصل الرابع
_ ماما أنا رايحة البيت اجيب حاجات ناقصاني.
هتفت بها رودينا وكانت على أوج استعدادها للخروج..فقالت لها والدتها التي كانت مشغولة بتمشيط شعر إياد :
_ حتروحى لوحدك استنى لما اجي معاكي.
_ يا ماما يعني يحخطفوني أنا حجيب حاجات كده وارجع بسرعة.
أميرة على مضض :
_طيب يا بنتي خلي بالك من نفسك وابقي طمنيني أما توصلي.
رودينا: حاضر يا ماما.. سلام.
_اميرة : مع السلام ربنا معاكي.
جاءت فرح وكانت قد لمحت رودينا وهي تغلق الباب خلفها قبل أن تنصرف فهتفت:
_الله هي رودينا راحت فين يا نينة؟
أميرة: راحت البيت تجيب حاجة ناقصاها وتيجي.
أومئت فرح بتفهم ثم استطردت:
_طب يلا بقى يا ماما عشان نفطر أنا جهزت الفطار.
أميرة : حاضر ..يلا يا اياد بقى عشان نفطر وبعد ما نفطر حنلعب مع بعض.
اياد بفرحة: بجد يا تيتة حنلعب بعد ما ناكل.
أميرة : أيوة يا حبيبي.
******
وصلت رودينا إلى البيت توجهت إلى حجرتها مباشرة ، فتحت الخزانة لتتناول أشياء تخصها ، فجأة شعرت بشخص خلفها يكمم فمها ويقيد ذراعيها من الخلف ، ظلت تزوم وعيناها متسعة من المفاجأة تحاول الخلاص من ذلك الذي فاجأها وانقض عليها من هو وماذا يريد .. إنها لا تعلم؟!
استطاع ذلك المجهول أن يضع لاصق على فمها و يقيد يديها كان مقنع الوجه عصب عينيها ، وجعلها تستقر على المقعد.
وجلس هو بالمقعد أمامها ، ظل يتأملها ، وهي تنكمش وتبتعد عنه وتزوم في محاولة بائسة للأستغاثة والخلاص دون جدوى، بكت من فرط خوفها كانت ترتعش بشدة لا ترى شئ ، ولا تستطيع حتى الأستغاثة تنتظر ماذا سيفعل هذا المجنون بها.
أما ذلك المجهول كل ما فعله أنه ظل يتأملها فقط ثم دس في حقيبتها ورقة وتركها .. دون أن تشعر هي حتى بانصرافه.
*******
في شقة ممدوح
مرت ساعات دون أن تعود رودينا إلى البيت تأخرها جعل القلق يقتحم قلب أميرة والدتها ،وبالتالي انتقل إلى قلب فرح التي قالت بانزعاج:
_ وبعدين يا ماما رودى اتأخرت وأنا قلقانة قوي عليها وعمالين نتصل بيها مش بترد.
هتفت أميرة والاضطراب كاد يفتك بها :
_ أنا قلبي متوغوش عليها وعدم ردها ده قالقني عليها اكتر وحيخلى عقلي يشت.
فرح: طب اتصل بممدوح يا ماما يروح لها البيت ويشوفها لتكون حبت ترتاح شوية فراحت عليها نومة.
همست أميرة بقلة حيلة والتوتر جعلها عيناها تدوران في محجريهما بعجز:
_مش عارفة خايفة نتصل بيه من هنا تيجي هي من هنا ..ونبقى ما نابنا إلا أننا قلقناه وتعبناه على الفاضي.
فرح : طب حنعمل إيه حنفضل كده نضرب أخماس في أسداس.
كادت أميرة أن تقول شئ لولا دخول ممدوح جعلها تصمت ..
قال ممدوح وهو يلقي بمفاتيحه على المنضدة:
_السلام عليكم.
أميرة وفرح بصوت خافت مضطرب:
_ وعليكم السلام ورحمه الله
لمح ممدوح القلق والتوتر على وجه والدته وزوجته فضيق عينيه بتساؤل وقال:
_ مالكم فيه إيه شكلكم متوتر كده ليه؟!
نظرت فرح لحماتها بحيرة هل تقول له أم لا فجعل ممدوح ينزعج أكثر فكرر سؤاله :
_ في ايه يا فرح حد من العيال جرى له حاجة؟
ولما لم تتحدث فرح صرخ ممدوح بانزعاج:
_ متتكلمي يافرح في ايه؟! في ايه يا ماما؟
قالت أميرة بتردد:
_ أصل.. أصل .....
صرخ ممدوح مقاطعا إياها:
_ أصل ايه يا ماما..متقولي شكلكم كده في مصيبة حصلت.
أميرة:
_ لا يا بني لا قدر الله بعد الشر ..أصل .. أصل اختك رودى قالت إنها حتاروح البيت تجيب حاجات ناقصاها من الصبح راحت و مرجعتش لحد دلوقت.
ممدوح: طب ما تصلتوش ليه عليها؟
فرح: اتصلنا عليها كتير تليفونها بيرن بس مبتردش.
زفر ممدوح بضيق ..تناول مفاتيحه بحركة عصبية وقال قبل أن ينصرف:
_ طيب أنا حاروح اشوفها.
تمتمت أميرة بعد انصرافه:
_ استرها يارب استرها.. أنا قلبي مش مطمن
قالت فرح وهي تربت على ظهرها :
_ متخافيش يا ماما خير إن شاء الله.
******
ذهب ممدوح إلى بيت أبيه وقلبه ينبض بخوف ، فتح باب الشقة بحذر ظل يلتفت يمينا وشمالاً ..فتش في جميع الغرف، وعند حجرة أخته وجدها جالسة على مقعد مقيدة معصوبة العينين، وفمها مكمم فصرخ بجزع:
_رودي ..
استل مسدسه وظل يفتش في جميع أركان الحجرة ..تفقد الخزانة، وتحت السرير..ولما لما يجد شئ التفت إلى أخته التي كانت غائبة عن الوعى ، نزع العصابة من على عينيها، ونزع الكمامة، فك قيدها كان وجهها محتقن بشدة ويبدو على أثره الدموع، راح يربت على خديها وهو يهمس باسمها:
_رودي ..رودي اصحى فوقي.
ولما لم تستجيب قام لكي يأتي بعطر قربه من أنفها ولكن دون جدوى، ذهب إلى المطبخ أحضر كوبا من الماء رش منه على وجهها فانتفضت تصرخ ظنت أنها مازالت بين يدى ذلك الملثم الذي بادرها بالهجوم عليها ، وإذا بها تجد أخيها ممدوح فارتمت في حضنه تلوذ به ،وتبكي بشدة وجسدها كله يرتعش .فضمها ممدوح إليه همس و هو يمسح على شعرها:
_ اهدي يا رودى متخافيش ..متخافيش يا حبيبتي أنا هنا جمبك..مالك في إيه من عمل فيكي كده؟؛
ولكنها لم تستطيع التحدث من فرط الخوف الذي كانت تشعر به، أما ممدوح فكان يشعر بغليان في عقله ودمه، يتساءل وبجنون من ذا الذي استطاع أن يتجرأ ويدخل بيت أبيه؟ ويفعل ما يفعله في أخته؟؛
كانت رودي في حالة انهيار تام فاخرجها ممدوح من حضنه وأحاط وجهها بين يديه قائلاً بانفعال :
_ مين يا رودي ال عمل فيكي كده انطقي وعمل فيكي حاجة ولا لأ اتكلمي انتي كويسة ؟!
_ معرفش يا أبيه معرفش أنا.. انا كنت بفتح الدولاب بتناول حاحة..فجأة كده لقيت حد دخل من ورايا.. وهجم عليا حط لازقة على بوقي وربط عنية بمنديل ، وربط ايديا من ورا ضهري، وفضلت أصرخ ومش عارفة حيعمل فيا إيه، لقيته طول وسكت مقالش اي حاجة أنا قلت حيدبحني ولا حيعمل حاجة فيا ولا يخطفني ، مش عارفة فضلت أبكي وأصرخ بصوت مكتوم وبعدين محستش بالدنيا لحد ما شفتك..
وواصلت البكاء والنحيب ، وارتمت في حضنه من جديد وما زال الأرتعاش يهجم عليا بشدة، ابتلع غيظه.. ربت على ظهرها وقال وهو يساعدها على النهوض:
_ طيب قومي معايا اروحك على البيت عشان أمك وفرح قلقانين عليكي قوي .
وأخذها على بيته وبمجرد دخولهما صرخت أمها وهي تضرب صدرها بانزعاج عندما شاهدت رودي بمناظرها المزري ودموعها وتشبثها ببذة أخيها بخوف:
_ رودى بنتي ..مالك إيه ال حصل؟؛
ممدوح : مفيش حاجة يا ماما متتخضيش
فرح لممدوح : في ايه يا ممدوح مالها رودي ايه ال آخرها كده وجاية وشها أصفر وداخلة متسندة عليك ليه؟
زفر ممدوح ضيقه وهو يجلس على الأريكة يمسد جبهته، بتفكير وحيرة مما حدث لرودينا التي جلست بجوار والدتها تفرغ دموعها في حضنها، بكت أميرة لبكاء ابنتها وسألت ممدوح : ايه ال حصل يا ممدوح متقول يا بني ريح قلبي.
قال ممدوح: واحد هجم عليها كان مغطي على وشه.
_ ينهار أسود.
صرخت بها أميرة ..حتى فرح اتسعت عينيها بصدمة واضعة يدها على فمها غير مصدقة..فقالت فرح :
_ مين ده يا ممدوح حرامي ولا ايه؟
ممدوح : مش عارفة يا فرح لسة.. كلمت حد من زمايلي يشوفوا الموضوع ايه حيبعتوا لجنة يرفعوا البصمات ويعملوا تحرياتهم ونشوف أذا كان حرامي ولا لأ.
أميرة: يا ريتني مكنت خليتها تنزل لوحدها من ساعة ما نزلت وأنا كان قلبي متوغوش عليها، كأني كنت حاسة أنه حيحصل حاجة.
فرح : الحمد لله يا ماما أنها جت على كده وأنه معملش فيها حاجة.
أميرة : الحمد لله يا بنتي.
فرح : يلا طيب يا جماعة قوموا اتعشوا اكيد رودينا ما أكلتش حاجة من الصبح.
رودي : لا أنا مش عايزة أكل حاجة مليش نفس .
أميرة: يا بنتي كلي أي حاجة لحسن تقعي من طولك انتي ما اكلتيش حاجة من الصبح .
_ لا مش عايزة يا ماما أنا رايحة أنام.
صرخت بها رودي وهي تنهض وتتوجه إلى حجرتها.
ممدوح: خلاص يا ماما سبيها براحتها وانتي يا فرح اعملي ليها كام ساندوتش وكباية عصير ووديهم لها وحاولي تخليها تاكل .
فرح : حاضر.
******
بعد يومين
قالت أميرة: ايه الاخبار يا ممدوح عرفت مين ال اتهجهم على رودي.
ممدوح: لا للأسف يا ماما مفيش دليل لقيناه تدلنا على المجرم ده.. ال وصلناله انه المجرم دخل الشقة من بابا المطبخ، بس ال محيرني انه مفيش حاجة اتسرقت طيب ال دخله كان عايز إيه.
قالت اميرة وهي تضرب كف على كف:
_حاجة تحير فعلا طب وبعدين يا ممدوح حنعمل ايه؟
_ ولا حاجة يا ماما كل ال حنعمله اننا نستنى يمكن المجرم ده يظهر تاني لأنه أكيد ليه غرض تاني غير السرقة ممكن يكون مجرم من ال انا قبضت عليهم وعمل الحركة دي كارهاب ليا او تهديد الله اعلم..عالعموم مع الأيام كله حيظهر.
اميره: يعني احنا حنقعد هنا كتير دانا كنت عايز اروح.
محمود بعصبية: تروحي فين يا ماما بس افرض المجرم ده اتهجم عليكم تاني، اعمل ايه ساعتها انا بقى وانتو لوحدكم..اديكم قاعدين يا ماما انتي في حاجة مضايقاكي.
تمتتمت أميرة بصوت خافت: طيب ال عايزه ربنا حيكون بقى.
ممدوح: هي فين رودي؟
أميرة: في اوضتها هي وفرح والعيال.
ممدوح: طب أنا حقوم اشوفها.
فتح ممدوح باب الحجرة بعد ان طرقه واذن له بالدخول ظل واقفا على الباب برهة وقال مبتسماً:
_ انتو بتلعبوا ولا إيه؟
ألتفت الجميع له ركض إليه اياد وحضن رجليه قائلاً بسعادة:
_ بابي وحشتني.
حمله ممدوح وقال بعد ان قبله:
حبيب بابي
اقترب من الفراش وجلس بجوار رودي وقال لها وهو يداعب خدها:
_عاملة ايه يا رودي دلوقت؟
رودي: كويسة يا أبيه الحمد لله.
ممدوح: ايوة كده انا عايزك تنسي كل حاجة وتندمجي في الحياة ومتخليش حاجة تضايقك انسي كل حاجة.
_حاضر يا أبيه.
قالتها رودي وهي تبتسم له بامتنان.
لمح ممدوح مكة الصغيرة وهي تنظر له وتبتسم فهمس بمداعبة:
_وانتي بتضحكي لبابي يا كلبة.
فرح بعتاب: حتعمل ايه شيفاك مش معبرها قالت تضحكلك يمكن تاخد بالك منها.
_ حد ما يخدش باله من القمر ده..قلب بابي يا ناس.
قالها ممدوح بعد أن حملها ينظر لها بحب ويتششم رائحتها التي تشبه الجنة.
ثم التفت إلى فرح وقال لها:
_ تعالي بقى يا فرح عشان عايزك.
ناول الصغيرة لعمتها وانصرف وفرح خلفه حتى دخلا حجرتهما.
فقال ممدوح لها باهتمام :
_بقولك ايه يا فرح
فرح: نعم
ممدوح: انا مش عايزك تسيبي رودي اليومين دول ابدا ولو حبت تخرج اخرجي معاها متسيبهاش لوحدها فهماني.
فرح: حاصر متقلقش..هو فيه حاجة تخوف.
ممدوح: لأ بس زيادة في الاحتياط..يلا ناوليني بدلة بقى عشان نازل الشغل.
ارتدى بدلته وقبلها في جبهتها قائلاً قبل ان ينصرف:
_ عايزة حاجة؟
فرح: لا يا حبيبي عايزة سلامتك.
همس بعتاب: حبيبك..مهو واضح.
ابتسمت فرح على عتابه ونظرته اللائمة وهي تودعه.
********
خيم الليل وسكن الجميع كل في فراشه، الا رودينا كانت تتلظى على فراش الأرق الماضي يهجم عليها ويغتصب راحتها، مازالت تفكر في شهاب، وتلتهم ذكرياتها الحلوة معه بملعقة الحنين، الى الآن لم تصدق ما حدث منه..ولم تقبل خيانته لها..كل الحب الذي أذاقه لها كان وهما..كان لغرض آخر وهو ان ينتقم من اخيها وكانت هي جسر الوصول إليه..آهة خرجت منها ترفض كل ما حدث..سالت الدموع على وجنتيها غزيرة حتى أن اصابعها لم تعد تجدي لمسحها احتاجت لمناديل تناولت حقيبتها فتحتها لكي تخرج منها مناديل، وأذا بورقة تسقط منها.. فضيقت عينيها مستغربة تلك القصاصة.. كيف وصلت الى حقيبتها تناولتها فتحتها وازداد تعجبها عندما قرأت ما فيها أنها كلمة واحدة:
( وحشتيييني)
من كتبها؟؛ ومن قالها؟؛ ومن ذا الذي وضعها في حقيبتها دون أن تدري؟!
هذا ما سوف نعرفه في الفصول القادمة باذن الله.
هتفت بها رودينا وكانت على أوج استعدادها للخروج..فقالت لها والدتها التي كانت مشغولة بتمشيط شعر إياد :
_ حتروحى لوحدك استنى لما اجي معاكي.
_ يا ماما يعني يحخطفوني أنا حجيب حاجات كده وارجع بسرعة.
أميرة على مضض :
_طيب يا بنتي خلي بالك من نفسك وابقي طمنيني أما توصلي.
رودينا: حاضر يا ماما.. سلام.
_اميرة : مع السلام ربنا معاكي.
جاءت فرح وكانت قد لمحت رودينا وهي تغلق الباب خلفها قبل أن تنصرف فهتفت:
_الله هي رودينا راحت فين يا نينة؟
أميرة: راحت البيت تجيب حاجة ناقصاها وتيجي.
أومئت فرح بتفهم ثم استطردت:
_طب يلا بقى يا ماما عشان نفطر أنا جهزت الفطار.
أميرة : حاضر ..يلا يا اياد بقى عشان نفطر وبعد ما نفطر حنلعب مع بعض.
اياد بفرحة: بجد يا تيتة حنلعب بعد ما ناكل.
أميرة : أيوة يا حبيبي.
******
وصلت رودينا إلى البيت توجهت إلى حجرتها مباشرة ، فتحت الخزانة لتتناول أشياء تخصها ، فجأة شعرت بشخص خلفها يكمم فمها ويقيد ذراعيها من الخلف ، ظلت تزوم وعيناها متسعة من المفاجأة تحاول الخلاص من ذلك الذي فاجأها وانقض عليها من هو وماذا يريد .. إنها لا تعلم؟!
استطاع ذلك المجهول أن يضع لاصق على فمها و يقيد يديها كان مقنع الوجه عصب عينيها ، وجعلها تستقر على المقعد.
وجلس هو بالمقعد أمامها ، ظل يتأملها ، وهي تنكمش وتبتعد عنه وتزوم في محاولة بائسة للأستغاثة والخلاص دون جدوى، بكت من فرط خوفها كانت ترتعش بشدة لا ترى شئ ، ولا تستطيع حتى الأستغاثة تنتظر ماذا سيفعل هذا المجنون بها.
أما ذلك المجهول كل ما فعله أنه ظل يتأملها فقط ثم دس في حقيبتها ورقة وتركها .. دون أن تشعر هي حتى بانصرافه.
*******
في شقة ممدوح
مرت ساعات دون أن تعود رودينا إلى البيت تأخرها جعل القلق يقتحم قلب أميرة والدتها ،وبالتالي انتقل إلى قلب فرح التي قالت بانزعاج:
_ وبعدين يا ماما رودى اتأخرت وأنا قلقانة قوي عليها وعمالين نتصل بيها مش بترد.
هتفت أميرة والاضطراب كاد يفتك بها :
_ أنا قلبي متوغوش عليها وعدم ردها ده قالقني عليها اكتر وحيخلى عقلي يشت.
فرح: طب اتصل بممدوح يا ماما يروح لها البيت ويشوفها لتكون حبت ترتاح شوية فراحت عليها نومة.
همست أميرة بقلة حيلة والتوتر جعلها عيناها تدوران في محجريهما بعجز:
_مش عارفة خايفة نتصل بيه من هنا تيجي هي من هنا ..ونبقى ما نابنا إلا أننا قلقناه وتعبناه على الفاضي.
فرح : طب حنعمل إيه حنفضل كده نضرب أخماس في أسداس.
كادت أميرة أن تقول شئ لولا دخول ممدوح جعلها تصمت ..
قال ممدوح وهو يلقي بمفاتيحه على المنضدة:
_السلام عليكم.
أميرة وفرح بصوت خافت مضطرب:
_ وعليكم السلام ورحمه الله
لمح ممدوح القلق والتوتر على وجه والدته وزوجته فضيق عينيه بتساؤل وقال:
_ مالكم فيه إيه شكلكم متوتر كده ليه؟!
نظرت فرح لحماتها بحيرة هل تقول له أم لا فجعل ممدوح ينزعج أكثر فكرر سؤاله :
_ في ايه يا فرح حد من العيال جرى له حاجة؟
ولما لم تتحدث فرح صرخ ممدوح بانزعاج:
_ متتكلمي يافرح في ايه؟! في ايه يا ماما؟
قالت أميرة بتردد:
_ أصل.. أصل .....
صرخ ممدوح مقاطعا إياها:
_ أصل ايه يا ماما..متقولي شكلكم كده في مصيبة حصلت.
أميرة:
_ لا يا بني لا قدر الله بعد الشر ..أصل .. أصل اختك رودى قالت إنها حتاروح البيت تجيب حاجات ناقصاها من الصبح راحت و مرجعتش لحد دلوقت.
ممدوح: طب ما تصلتوش ليه عليها؟
فرح: اتصلنا عليها كتير تليفونها بيرن بس مبتردش.
زفر ممدوح بضيق ..تناول مفاتيحه بحركة عصبية وقال قبل أن ينصرف:
_ طيب أنا حاروح اشوفها.
تمتمت أميرة بعد انصرافه:
_ استرها يارب استرها.. أنا قلبي مش مطمن
قالت فرح وهي تربت على ظهرها :
_ متخافيش يا ماما خير إن شاء الله.
******
ذهب ممدوح إلى بيت أبيه وقلبه ينبض بخوف ، فتح باب الشقة بحذر ظل يلتفت يمينا وشمالاً ..فتش في جميع الغرف، وعند حجرة أخته وجدها جالسة على مقعد مقيدة معصوبة العينين، وفمها مكمم فصرخ بجزع:
_رودي ..
استل مسدسه وظل يفتش في جميع أركان الحجرة ..تفقد الخزانة، وتحت السرير..ولما لما يجد شئ التفت إلى أخته التي كانت غائبة عن الوعى ، نزع العصابة من على عينيها، ونزع الكمامة، فك قيدها كان وجهها محتقن بشدة ويبدو على أثره الدموع، راح يربت على خديها وهو يهمس باسمها:
_رودي ..رودي اصحى فوقي.
ولما لم تستجيب قام لكي يأتي بعطر قربه من أنفها ولكن دون جدوى، ذهب إلى المطبخ أحضر كوبا من الماء رش منه على وجهها فانتفضت تصرخ ظنت أنها مازالت بين يدى ذلك الملثم الذي بادرها بالهجوم عليها ، وإذا بها تجد أخيها ممدوح فارتمت في حضنه تلوذ به ،وتبكي بشدة وجسدها كله يرتعش .فضمها ممدوح إليه همس و هو يمسح على شعرها:
_ اهدي يا رودى متخافيش ..متخافيش يا حبيبتي أنا هنا جمبك..مالك في إيه من عمل فيكي كده؟؛
ولكنها لم تستطيع التحدث من فرط الخوف الذي كانت تشعر به، أما ممدوح فكان يشعر بغليان في عقله ودمه، يتساءل وبجنون من ذا الذي استطاع أن يتجرأ ويدخل بيت أبيه؟ ويفعل ما يفعله في أخته؟؛
كانت رودي في حالة انهيار تام فاخرجها ممدوح من حضنه وأحاط وجهها بين يديه قائلاً بانفعال :
_ مين يا رودي ال عمل فيكي كده انطقي وعمل فيكي حاجة ولا لأ اتكلمي انتي كويسة ؟!
_ معرفش يا أبيه معرفش أنا.. انا كنت بفتح الدولاب بتناول حاحة..فجأة كده لقيت حد دخل من ورايا.. وهجم عليا حط لازقة على بوقي وربط عنية بمنديل ، وربط ايديا من ورا ضهري، وفضلت أصرخ ومش عارفة حيعمل فيا إيه، لقيته طول وسكت مقالش اي حاجة أنا قلت حيدبحني ولا حيعمل حاجة فيا ولا يخطفني ، مش عارفة فضلت أبكي وأصرخ بصوت مكتوم وبعدين محستش بالدنيا لحد ما شفتك..
وواصلت البكاء والنحيب ، وارتمت في حضنه من جديد وما زال الأرتعاش يهجم عليا بشدة، ابتلع غيظه.. ربت على ظهرها وقال وهو يساعدها على النهوض:
_ طيب قومي معايا اروحك على البيت عشان أمك وفرح قلقانين عليكي قوي .
وأخذها على بيته وبمجرد دخولهما صرخت أمها وهي تضرب صدرها بانزعاج عندما شاهدت رودي بمناظرها المزري ودموعها وتشبثها ببذة أخيها بخوف:
_ رودى بنتي ..مالك إيه ال حصل؟؛
ممدوح : مفيش حاجة يا ماما متتخضيش
فرح لممدوح : في ايه يا ممدوح مالها رودي ايه ال آخرها كده وجاية وشها أصفر وداخلة متسندة عليك ليه؟
زفر ممدوح ضيقه وهو يجلس على الأريكة يمسد جبهته، بتفكير وحيرة مما حدث لرودينا التي جلست بجوار والدتها تفرغ دموعها في حضنها، بكت أميرة لبكاء ابنتها وسألت ممدوح : ايه ال حصل يا ممدوح متقول يا بني ريح قلبي.
قال ممدوح: واحد هجم عليها كان مغطي على وشه.
_ ينهار أسود.
صرخت بها أميرة ..حتى فرح اتسعت عينيها بصدمة واضعة يدها على فمها غير مصدقة..فقالت فرح :
_ مين ده يا ممدوح حرامي ولا ايه؟
ممدوح : مش عارفة يا فرح لسة.. كلمت حد من زمايلي يشوفوا الموضوع ايه حيبعتوا لجنة يرفعوا البصمات ويعملوا تحرياتهم ونشوف أذا كان حرامي ولا لأ.
أميرة: يا ريتني مكنت خليتها تنزل لوحدها من ساعة ما نزلت وأنا كان قلبي متوغوش عليها، كأني كنت حاسة أنه حيحصل حاجة.
فرح : الحمد لله يا ماما أنها جت على كده وأنه معملش فيها حاجة.
أميرة : الحمد لله يا بنتي.
فرح : يلا طيب يا جماعة قوموا اتعشوا اكيد رودينا ما أكلتش حاجة من الصبح.
رودي : لا أنا مش عايزة أكل حاجة مليش نفس .
أميرة: يا بنتي كلي أي حاجة لحسن تقعي من طولك انتي ما اكلتيش حاجة من الصبح .
_ لا مش عايزة يا ماما أنا رايحة أنام.
صرخت بها رودي وهي تنهض وتتوجه إلى حجرتها.
ممدوح: خلاص يا ماما سبيها براحتها وانتي يا فرح اعملي ليها كام ساندوتش وكباية عصير ووديهم لها وحاولي تخليها تاكل .
فرح : حاضر.
******
بعد يومين
قالت أميرة: ايه الاخبار يا ممدوح عرفت مين ال اتهجهم على رودي.
ممدوح: لا للأسف يا ماما مفيش دليل لقيناه تدلنا على المجرم ده.. ال وصلناله انه المجرم دخل الشقة من بابا المطبخ، بس ال محيرني انه مفيش حاجة اتسرقت طيب ال دخله كان عايز إيه.
قالت اميرة وهي تضرب كف على كف:
_حاجة تحير فعلا طب وبعدين يا ممدوح حنعمل ايه؟
_ ولا حاجة يا ماما كل ال حنعمله اننا نستنى يمكن المجرم ده يظهر تاني لأنه أكيد ليه غرض تاني غير السرقة ممكن يكون مجرم من ال انا قبضت عليهم وعمل الحركة دي كارهاب ليا او تهديد الله اعلم..عالعموم مع الأيام كله حيظهر.
اميره: يعني احنا حنقعد هنا كتير دانا كنت عايز اروح.
محمود بعصبية: تروحي فين يا ماما بس افرض المجرم ده اتهجم عليكم تاني، اعمل ايه ساعتها انا بقى وانتو لوحدكم..اديكم قاعدين يا ماما انتي في حاجة مضايقاكي.
تمتتمت أميرة بصوت خافت: طيب ال عايزه ربنا حيكون بقى.
ممدوح: هي فين رودي؟
أميرة: في اوضتها هي وفرح والعيال.
ممدوح: طب أنا حقوم اشوفها.
فتح ممدوح باب الحجرة بعد ان طرقه واذن له بالدخول ظل واقفا على الباب برهة وقال مبتسماً:
_ انتو بتلعبوا ولا إيه؟
ألتفت الجميع له ركض إليه اياد وحضن رجليه قائلاً بسعادة:
_ بابي وحشتني.
حمله ممدوح وقال بعد ان قبله:
حبيب بابي
اقترب من الفراش وجلس بجوار رودي وقال لها وهو يداعب خدها:
_عاملة ايه يا رودي دلوقت؟
رودي: كويسة يا أبيه الحمد لله.
ممدوح: ايوة كده انا عايزك تنسي كل حاجة وتندمجي في الحياة ومتخليش حاجة تضايقك انسي كل حاجة.
_حاضر يا أبيه.
قالتها رودي وهي تبتسم له بامتنان.
لمح ممدوح مكة الصغيرة وهي تنظر له وتبتسم فهمس بمداعبة:
_وانتي بتضحكي لبابي يا كلبة.
فرح بعتاب: حتعمل ايه شيفاك مش معبرها قالت تضحكلك يمكن تاخد بالك منها.
_ حد ما يخدش باله من القمر ده..قلب بابي يا ناس.
قالها ممدوح بعد أن حملها ينظر لها بحب ويتششم رائحتها التي تشبه الجنة.
ثم التفت إلى فرح وقال لها:
_ تعالي بقى يا فرح عشان عايزك.
ناول الصغيرة لعمتها وانصرف وفرح خلفه حتى دخلا حجرتهما.
فقال ممدوح لها باهتمام :
_بقولك ايه يا فرح
فرح: نعم
ممدوح: انا مش عايزك تسيبي رودي اليومين دول ابدا ولو حبت تخرج اخرجي معاها متسيبهاش لوحدها فهماني.
فرح: حاصر متقلقش..هو فيه حاجة تخوف.
ممدوح: لأ بس زيادة في الاحتياط..يلا ناوليني بدلة بقى عشان نازل الشغل.
ارتدى بدلته وقبلها في جبهتها قائلاً قبل ان ينصرف:
_ عايزة حاجة؟
فرح: لا يا حبيبي عايزة سلامتك.
همس بعتاب: حبيبك..مهو واضح.
ابتسمت فرح على عتابه ونظرته اللائمة وهي تودعه.
********
خيم الليل وسكن الجميع كل في فراشه، الا رودينا كانت تتلظى على فراش الأرق الماضي يهجم عليها ويغتصب راحتها، مازالت تفكر في شهاب، وتلتهم ذكرياتها الحلوة معه بملعقة الحنين، الى الآن لم تصدق ما حدث منه..ولم تقبل خيانته لها..كل الحب الذي أذاقه لها كان وهما..كان لغرض آخر وهو ان ينتقم من اخيها وكانت هي جسر الوصول إليه..آهة خرجت منها ترفض كل ما حدث..سالت الدموع على وجنتيها غزيرة حتى أن اصابعها لم تعد تجدي لمسحها احتاجت لمناديل تناولت حقيبتها فتحتها لكي تخرج منها مناديل، وأذا بورقة تسقط منها.. فضيقت عينيها مستغربة تلك القصاصة.. كيف وصلت الى حقيبتها تناولتها فتحتها وازداد تعجبها عندما قرأت ما فيها أنها كلمة واحدة:
( وحشتيييني)
من كتبها؟؛ ومن قالها؟؛ ومن ذا الذي وضعها في حقيبتها دون أن تدري؟!
هذا ما سوف نعرفه في الفصول القادمة باذن الله.