الفصل الثاني
لايك قبل القراءة وكومنت بهدها فرولاتي ♥
في مصر
بداخل قصر عز الدين
في صباح اليوم التالي
هاتف حسام صباحاً منزل فريده ليعلم والدتها وهذا المدعو رياض بقدومه لزيارتهم لدواعي مناقشة أمراً هاماً للغاية
توجهت الهام لغرفتها لإخبار رياض الذي سأل متعجباً ما إن سمع إلهام تخبره بأمر قدوم ذلك المحامي الذي إجتمع الزوجان علي عدم تقبله
رياض : جاي ليه دا مقالش عاوز ايه !!
تقوست شفتا إلهام للأسفل حيرة هاتفة بتفكير
إلهام : مش عارفة ، هو كل اللي قاله إنه في موضوع مهم محتاج يتناقش معانا فيه وعلشان كدة جاي
اومأ براسه عدة مرات ليتمتم بغموض بعدها
رياض : تمام خلينا نستني ونشوف
وبعد وقت قصير جلسا إلهام ورياض ينتظرانه في غرفة المكتب
بينما هبطت فريدة لإستقباله باسمة ما إن رأت سيارته تنتظر بالأسفل
فريده :صباح الخير يا بابا
أجاب باسماً بحبور
حسام : صباح الفل يا فري ، عاملة ايه يا حبيبتي
أجابته حامدة في هدوء ليتابع بعدها يسألها مشمئزاً
حسام : مامتك والكائن دا جوة
إبتسمت هي علي نعته لرياض بالكائن لتجيبه بهدوء
فريده : أينعم في الانتظار جوة في المكتب
تأبطت ذراع حسام ودلفا سويا لغرفة المكتب ليهتف هو مردداً التحية في نزق
حسام : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إبتسمت إلهام إبتسامة عملية صفراء لم تصل لعيناها
إلهام : وعليكم السلام اهلاً يا حسام اتفضل ارتاح
اتخذ أقرب مقعد منه و هو يتمتم بعملية
حسام : أنا مش هطول وأتكلم كتير في مقدمات وحشو مش محتاجينه
هتف رياض بعدما ارتسمت علي وجهه إحدي ابتساماته الصفراء بنزق
رياض : ياريت ودا اللي إحنا عاوزينه بالظبط علشان لا إحنا ولا انت عندنا وقت نضيعه
إستطرد حسام شارحاً بإيجاز
حسام : إنتو طبعا عارفين إن عز الله يرحمه كاتب كل حاجة لفريدة اللي هي تامة السن القانوني من بدري فأنا دلوقتي جاي علشان نتفق بشكل ودي بدون رسميات
برقت عينا إلهام في دهشة وهي تتسائل غاضبة
إلهام : إتفاق إيه !!
إستطرد حسام شارحاً بعملية
حسام : بمنتهي الهدوء والبساطة وزي ما انتو عارفين فريده هتسافر أمريكا وهتاخذ الجزء اللي هتحتاجه من فلوسها والباقي هيبقي هنا علشان احتياجات الشغل طبعاً والأمور اللي انتو عارفينها دي
تطلعت إلهام ناحية فريدة غاضبة متوعدة
لتهتف برفض قاطع
إلهام : مش هيحصل، هي ناقشتني في الحوار دا قبل كدة وعارفة رفضي
تابع حسام بحزم ناهياً أي مجال للنقاش
حسام : لا يا مدام إلهام دا حقها وأنا النهاردة جاي أتكلم بشكل ودي كدة علشان مينفعش أبداً يتقال ويتعرف في الساحة ان بيت عز الدين بيتخانقوا علي الفلوس دا مش في مصلحة الشركات أبداً
صمتت هنية يدعي أنه يلملم أوراقه ليرحل ليهتف بحزم
حسام : وطالما النقاش الودي مرفوض
فبكرة الموضوع مش هيبقي كلام هيبقي فعل
أدرك رياض الخطر الداهم الذي يحدق به فالأن سيفقد الثروة وفريدة معاً وبعد ثواني أخذها يفكر جيداً غمغم بهدوء
رياض : طيب يا أستاذ حسام إحنا هنفكر ونقولك قرارنا النهائي
تابع حسام بنزق
حسام : مفيش وقت للكلام دا أعتقد إنكوا فاهمين أن الحاجات دي بيبقي ليها وقت
هتفت إلهام بغضب وهي تطالعه بحدقتان تشتعلان غضباً
إلهام : تفكر في إيه يا رياض أنا مش هخليها تسافر طبعاً ، يستحيل أسيبها تسافر الموضوع مرفوض
تمتمت فريدة بإصرار
فريدة : أنا أسفة يا ماما بس أنا قولتلك اني هسافر واصلاً كل حاجة جاهزة فاضل بس شوية إجراءات، فأنا هسافر يا ماما وهاخد معايا اللي يكفيني من فلوس بابا الله يرحمه
هتفت إلهام غاضبة ناهية أي فرصة للنقاش
إلهام : مش هتسافري يا فريدة أنا قولتها كلمة
إخترق صوت رياض الغامض الجو المشحون ليهتف بهدوء
رياض : طيب يا أستاذ حسام أحنا موافقين
تطلعت إليه إلهام غير مصدقة وهي تصرخ به غاضبة
إلهام :رياض !! ايه الي بتقولوا دا !! إنت إزاي توافق أصلاً!!
سحبها رياض من يدها الي أحد أركان الغرفة بعيداً عن فريدة وحسام هاتفاً بحزم
رياض : سيبيها تسافر وأنا المسئول يا ستي أنا هرجعها
سألت إلهام ساخطة
إلهام : هترجعها إزاي بقي إن شاء الله ممكن تقولي ، بنتي وانا عارفاها لو سافرت خلاص
هتف رياض بهدوء
رياض : وطالما بنتك وانتي عارفاها أظن إنك عارفة أنها هتنفذ اللي في دماغها وهتسافر
همت بالاعتراض ليهتف مؤكداً
رياض : هرجعها يا إلهام متخافيش خليها تسافر وبس والباقي علي مسئوليتي
تأففت بغضب
إلهام : طيب طيب خلاص انا طالعة الاوضة واتصرفوا مع بعض بس انا مش راضية ولا موافقة علي سفرها دا
تركتهم وخرجت وهي تلقي نظراتها النارية ناحية فريدة ليستطرد رياض موجهاً كلماته لحسام
رياض : خلاص تمام إحنا موافقين علي سفرها يا استاذ حسام
أدرك حسام بخبرته كيف يفكر هذا الأرعن فتابع يسأله في عملية وذكاء
حسام : تمام هاجي أمتي أخذ منك شيك بالفلوس
أجابه رياض في دهاء
رياض : لالا متتعبش نفسك انت يا استاذ حسام أنا هحولها الفلوس كل شهر
شعرت فريدة بالخطر الداهم الذي يحدق بها فهي لم تطمأن ابدا لمحاولاته في إقناع والدتها وتعلم مدي حقارة هذا المدعو وكلماته تلك لم تريحها أبداً لذلك هتفت بحزم
فريدة : لا أنا هاخد الفلوس كلها مرة واحدة
أكد حسام علي كلماتها مؤكداً أنه من سيستلم منه الأموال بنفسه
شعر رياض بأن اولي خططه قد بائت بالفشل ولكنه عزي نفسه بأن الايام طويلة وهناك مئات الطرق ليجعلها تعود بكل سهولة ليسأل بإستسلام
رياض : طيب هتعوزي أد إيه
أجابه حسام في هدوء وهو يطالع بضع أوراق بين يديه
حسام : 2 مليون
هتف رياض بصدمة
رياض : لا طبعاً المبلغ دا كبير جداً ومستحيل أعرف اجمعه في الوقت القصير دا
تابع حسام مُشمئزاً
حسام : أنا وإنت عارفين إن المبلغ دا ميجيش نقطة في بحر اللي سايبه عز الله يرحمه وانه سيولة الشركة أكبر بكتير جداً من الرقم دا ولو مش معاك حسابات الشركة ابعتهالك
طالعه رياض بحنق هاتفاز بحدة ناهياً أي مجال للنقاش
رياض : خلاص خلاص
ثم أخرج دفتر الشيكات من أحد جيوبه محرراً لها شيك بالمبلغ المطلوب ليتناوله حسام بعدما اومأ براسه ناهضاً ليلتف مُخاطباً فريده بإبتسامه حنونه يخبرها برحيله
وبعد ذهاب حسام صرخت إلهام بفريدة غضباً
الهام : فريده !!!
أجابتها فريدة بكل هدوء
فريده : نعم يا ماما
جذبت إلهام يدها بعنف وهي تصرخ بها غاضبة
إلهام : إنتِ فاكرة إنك كدة هتخليني أوافق
تابعت فريدة بحزم وهي تسحب ذراعها من يد والدتها
فريده : لا يا ماما أنا بس بطالب بحقي وخليكي عارفة يا ماما إننا كان ممكن أصفي الشركات ، أنا كبيرة وأقدر أخد حقي ومحدش هيقدر يوقفني ، بس أنا مرضيتش علشان خاطر ربنا وبعديه بابا الله يرحمه
وأعذريني أنا أسفة لازم أمشي علشان ورايا حاجات كتير جداً
توجهت فريدة لغرفتها وتركت إلهام تستشيط غضباً
تنهدت بحزن بينما تغلق باب غرفتها وهي تهمس مكنتش عاورة أعمل كدة ولا أي حاجة من دي تحصل بس مكنش قدامي حل تاني غير دا خلاص يا ماما سيبتي رياض يعمل ما بداله ويتحكم في حاجة بابا الله يرحمه
زفرت بعمق وإلتقطت هاتفها مهاتفة شركة الطيران كي تؤكد حجز طائرتها التي ستقطلع بعد يومين الي حلمها بعدها جلست لتنهي إرسال بعض الايملات لموقع الجامعة لانهاء اخر الاجراءات
**************************
بعد عدة ساعات
في غرفة فريدة
أتمت إعداد أشيائها
ووقفت أمام المراه كعادتها عندما تريد الحديث مع نفسها وتشجيعها وأخذت تطمئنها وتخبرها بقدرتها علي تحقيق حلمها ومواجهة الصعاب وبأن الامور ستكون يسيرة وبلا عقبات، هي تعلم أنها شجاعة وستكون قادرة علي التأقلم
وفجاءة صدح صوت هاتفها يعلن عن وصول مكالمة
تنهدت بعمق وإبتعدت عن المراءة ملتقطة هاتفها لتجيب في هدوء
فريده : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجابها باسماً
حسام: وعليكم السلام يا فري
سألته بنبرة إمتزج بها القلق
فريدة : إيه الأخبار يا بابا
أجابها حسام بأريحية شديدة
حسام : أنا دلوقتي في البنك يا حبيبتي وحولت كل الفلوس علي حسابك في أمريكا وراعيت إنه يكون في بنك قريب من الجامعه علشان يبقي أسهل عليكي
تنهدت باسمة بأريحية
فريده :الحمد لله يا بابا أنا مش عارفة أقولك إيه والله ، تعبتك معايا والله
هتف معاتباً إياها بحنو
حسام : ياريت كل التعب يبقي زي تعبك يا فري ، تعبك راحة يا ست البنات
إبتسمت هي بحنان فتابع هو يخبرها في تقرير غير قابل للرفض
حسام : انا واماني مستنينك بكرة علشان تقضي اليوم معانا قبل ما تسافري وأماني مش هتقبل أي نقاش
اغلقت الهاتف بعدما إتقفا علي اللقاء غداً
عند فريدة
كانت تشعر بأن كل علاقتها بهذه البلد تنقطع شيئاً فشيئاً ، فإختلطت مشاعرها بين القلق وقليلاً من الحماسة والكثير من السعادة
ولكن كل ما يضايقها كان تركها لجامعتها هنا وقبر والدها وبعض زملائها الذين تعودت علي رؤيتهم ووالدها وأيضا أماني زوجته
فقد كانت فريده في عامها الثالث في كليه الطب البشري وتلك المنحة كانت ما ترجوه منذ اليوم الأول لها في الجامعة
في اليوم التالي
قضت فريده يومها بسعاده مع أماني وحسام
فأماني سيده في أواخر الأربعينات طيبه القلب كثيراً وبشوشه تحب فريده بل تعشقها مثل ابنة لها لم ترزق بها
وفي نهايه اليوم أخبرها حسام أنه قد إشتري المنزل وأرسل سيدتين كي ينظفوه وستجد حالما تهبط من الطائره سائقاً بإنتظارها حتي يتم شحن وتوصيل سيارتها
شكرتهم فريده كثيراً علي كل مافعلوه وودعتهم ثم عادت لمنزلها وكالعاده لم تجد أحداً فدائماً ما تكون والدتها إلهام مشغوله بسيدات المجتمع الراقي وإجتماعتهن وإحتفالاتهن وحفلاتهن وكل ما يخص المظاهر
ورياض في الشركه في هذا الوقت ، تنهدت بأريحية لتلك الفكرة وصعدت لغرفتها حتي تستحم وبعد الإنتهاء خرجت ترتدي مأزرها تدثر شعراتها جيداً بإحدي المناشف الصغيرة وهي تراجع ما تبقي لها حتي لا تفوت شئ قبل سفرها
فوجدت رياض يجلس علي فراشها يعبث بجواز سفرها
أغلقت مئزرها بيدها بقوة وهي تصرخ به غاضبة
فريده : ممكن أفهم انت قاعد عندك بتعمل ايه ، ودخلت هنا ازاي اصلاً يا بني آدم انت
همس بنزق وعيناه تشعان بنظراته الخسيسة تجاهها
رياض : متخافيش كدة يا قطة
ضحك بسخرية ثم تابع بحنق جاهد إخفاءه ولكنه فشل
رياض : الحق عليا جيت اودعك قبل ما تسافري
إرتعد جسدها الصغير غضباً إثر نظراته الوقحة وكلماته الحقيرة التي تحمل في طياتها الآف المعاني المنحطة
ولكنها ابت ألا تظهر خوفها فرفعت رأسها في غضب وهي تهتف بحدة وعيناها تشتعلان حنقاً
فريده : اخرج حالاً وإلا...
لم يدعها تكمل ضاحك بسخرية وهو يراها تهدده بهذه القوة
رياض : والا إيه يا حلوة ، ايه القطة بقت بتخربش وبتهددني وبتخوفني كمان
ضحك عدة مرات بسخرية شديدة
رياض : لالا بجد خوفت حقيقي خوفتيني
وقف رياض وأخذ يقترب منها ويتقدم نحوها وهي تخطوا متقهقرة للخلف
أخذت عيناها تتجول في ربوع الغرفة بفزع بحثاً عن أي سبيل لإنقاذها فوقعت عيناها علي المزهرية بجوارها ، حملتها وقامت بخبطها في الحائط كي تنكسر ممسكة بها بقوة وكأنها سبيلها الوحيد للنجاة وهي تصرخ به في قوة واهية
فريدة : أخرج برة وإلا هقتلك ، والله العظيم لو مخرجتش حالاً يا رياض لأكون قتلاك ، إبعد عني بقي أنا بكرهك وبقرف منك
تمتم بسخرية وعيناه تتفحصانها من رأسها وحتي أخمص قدميها
رياض : تؤتؤتؤ شكلك يهبل يا فري وإنتِ ماسكة الفازا
إستطرد بجدية
رياض : بس سيبيها من إيدك لحسن تعورك وبعدين عيب يا فري سيبيها يا حبيبتي انا عارف انك متقدريش تقتلي دبانة صغيرة
ثم تابع مُهدداً
رياض : أنا همشي وبمزاجي يا فريدة بس خليكي عارفة إنك بتاعتي وإني هاخدك قريب أوي ، وإني برضوا سايبك بمزاجي ووقت ما أحب هجيبك هنا في ثانية ماشي يااا..... قطة
إستقام جزع فريدة غضباً وإصرارا وإباءً
فريدة : قرب يا رياض وشوف ، وأنا قولتلك قبل كدا مش هتطول شعرة مني إلا وأنا ميتة
ضحك رياض ضحكته المقززة التي تثير إشمئزازها جاعلة القشعريرة تسري في جسدها الهزيل
ثم خرج من الغرفة وهي يشير اليها بيده مودعاً في استهزاء
ألقت فريده بالمزهريه خلفه وذهبت كي تغلق الباب ثم تهاوت قدميها وجلست جلستها المفضله ضامه ركبتها الي صدرها تحتضن نفسها بيدها تبكي ناظرة الي السماء بألم وقهر وهي تناجي الله بيأس
فريدة : يارب خلصني بقي يارب بقي من القرف دا أنا تعبت والله العظيم تعبت
*************************
في صباح اليوم التالي
في المطار
كانت هي جالسة مع حسام وأماني بأعين مجهدة منتفخة بعدما جافي النوم عيناها وحل محله البكاء ، جلست معهم بجسدها ولكن قلبها وبصرها كان معلقاً بباب الدخول كل ما تتمناه أن تدخل والدتها الأن حتي تودعها وتقضي معها لحظاتها الأخيرة في البلاد ، كل ما كانت تتمناه لو تري والدتها ، أن تاتي لرؤيتها وتوديعها مرة أخيرة قبل أن ترحل ولكن هيهات
تنهدت بوجوم وهي تسمع اسمها فقد طُلبت لتخليص بعض الأوراق فغابت لفترة ثم عادت مرة أخري والأمل يَملؤها برؤية والدتها
فأخذت تنظر حول حسام وأماني ولكن لم تأتي ، اخفضت رأسها ألما وكسي الحزن معالمها وهي تهمس تسالهم بِهم
فريده : مجتش صح!
أجاب حسام بعينان زائغتان وهو يحاول تغير الموضوع
حسام : أكيد مشغولة يا حبيبتي علشان كدة معرفتش تيجي
أجابت بإنكسار بعدما إرتسم علي ملامحها السخرية
فريده : فعلا يا بابا هي دايما مشغولة
سمعوا النداء الأخير للصعود علي متن الطائره
فهتفت فريدة بأسي
فريده : دي طيارتي
أستطرد حسام مشجعاً
حسام : يلا يا حبيبتي روحي وخليكي قوية أوعي تستسلمي يا فري ودايماً خليكي عارفة إني موجود علشانك ، روحي وخليني فخور بيكي
إبتسمت بأسي وهي تودعه
فريدة : إن شاء الله يابابا متقلقش إنت هتوحشني أوي
ضمها إليه في حنان فهتفت أماني بحزن وعينان إمتلا بالدموع
أماني : خلي تليفونك دايماً مفتوح وفي مكان قريب علشان لما نكلمك نوصلك بسهولة يا فري، وخلي بالك من صحتك يا حبيبتي
أومأت فريدة برأسها باسمة مجابهة وبقوة عبراتها التي تشكلت لتحجب عنها قليلاً من الرؤية
إحتضنتها أماني باكية بعدما فقدت قدرتها علي المقاومة
أماني : هتوحشيني اوي يا فري
تشبثت بها فريدة بقوة وهي تتمتم بصدق
فريدة : إنتِ كمان والله يا ماما
إستطرد حسام مازحاً وهو يحثها علي الرحيل
حسام : يلا روحي بقي بدال ما أغير رأيي ونخطفك نروح بيكي تاني
ودعتهم فريدة وأخذت حقيبتها متجهة للطائرة تاركة لدموعها العنان فقد كانت حزينة خائفه وقلقه
وبالفعل صعدت علي متن الطياره وسمعت النداء لربط الأحزمه فاستجابت له بأيدي مرتعشة خوفا فهي تخاف كثيراً من الطائرات
شعرت بشعور غريب وهي تنظر علي مصر من نافذه طائرتها ، شعور إختلط فيه السعادة مع الخوف ، تشعر وكأنها طائر حر محلق
قد إنكسر قفصه وإنفك قيده وراح يرفرف في سماء الحرية
هي علي بعد خطوات قليلة من تحقيق حلمها وبداية حياتها الجديده
أخذت مصحفها وبدأت في قراءه القرأن الكريم لتهدأ قليلاً من روعها فهي ترتعب من فكره الطائرات ولكن لم تجد حلاً أخر وبعد فترة سقطت في النوم من ارهاقها لتستيقظ بعد ذلك علي نداء المضيفه لربط الأحزمه والإستعداد للهبوط متمنية لهم إقامه سعيده ، وبعد ساعات من السفر هبطت فريده من سلم الطائره سامحة للنسيم يداعب وجهها ، شاعرة بأنها تستنشق نسيم الحريه ، بأنها علي بعد أميال قليله من حياتها الجديده ومن أحلامها
وبعد عده اجراءات خرجت من المطار لتجد السائق بإنتظارها
حيته وطلبت منه إيصالها للجامعه
أخذت تنظر من النافذه علي نيويورك تلك المدينة الخلابة فرأت تمثال الحريه وشوارع نيويورك الجميله واللون الأخضر المنتشر فيها والحديقة العامة
وأيضا أُناسها ، هي تشعر بأن كل شئ يسير بسرعه في هذه البلاد الناس والمواصلات وحتي الكلمات ، رأت كد الناس وإهتمامهم بأعمالهم، فعلمت أن الحياه هنا مختلفه تماماً عن الحياه في مصر فهنا العمل أولاً ، هنا تقاس الأفراد بما تقدمه للبلد وبكفائتهم في عملهم
بعد وقت قليل وجدت نفسها أمام باب جامعه هارفرد العريقه شعرت بمدي ضئالتها أمام روعة هذا المكان الذي يخطف الأنفاس
وجدت كل شئ فيها رائع مبني الجامعه ومكتبتها وحديقتها ، صعدت مباشرة الي مكتب المدير قابلتها السكرتيرة طالبة منها الإنتظار قليلاً
وبعد عده دقائق أتت سيده أنيقه في عقدها الرابع ولكنها تبدو أصغر بكثير من عمرها الحقيقي ترتدي ثياب رسمية وحجاب وعلي محياها إبتسامه عملية وهتفت مرحبة
السيدة : أهلا فريدة أعرفك بنفسي أنا سلمي المسؤله عن مقابله الطلاب الجداد
أجابتها فريدة بإبتسامة ودودة
فإستطردت سلمي بعملية
سلمي : أنا دلوقتي هاخدك للمكتب علشان فاضل إمتحان أخير هتعمليه وبعدين هاخدك للإنترفيو تمام
أومأت فريدة برأسها في أدب
سارا سويا في ممر طويل
فتمتمت سلمي بإعجاب
سلمي : أنا عرفت إنك طالبة مجتهدة نتايج إمتحاناتك بتاعة السفارة كلها كويسة جداً وقالولي من ال c.V بتاعك إنك درستي طب تمهيدي جمب جامعتك في مصر
في مصر
بداخل قصر عز الدين
في صباح اليوم التالي
هاتف حسام صباحاً منزل فريده ليعلم والدتها وهذا المدعو رياض بقدومه لزيارتهم لدواعي مناقشة أمراً هاماً للغاية
توجهت الهام لغرفتها لإخبار رياض الذي سأل متعجباً ما إن سمع إلهام تخبره بأمر قدوم ذلك المحامي الذي إجتمع الزوجان علي عدم تقبله
رياض : جاي ليه دا مقالش عاوز ايه !!
تقوست شفتا إلهام للأسفل حيرة هاتفة بتفكير
إلهام : مش عارفة ، هو كل اللي قاله إنه في موضوع مهم محتاج يتناقش معانا فيه وعلشان كدة جاي
اومأ براسه عدة مرات ليتمتم بغموض بعدها
رياض : تمام خلينا نستني ونشوف
وبعد وقت قصير جلسا إلهام ورياض ينتظرانه في غرفة المكتب
بينما هبطت فريدة لإستقباله باسمة ما إن رأت سيارته تنتظر بالأسفل
فريده :صباح الخير يا بابا
أجاب باسماً بحبور
حسام : صباح الفل يا فري ، عاملة ايه يا حبيبتي
أجابته حامدة في هدوء ليتابع بعدها يسألها مشمئزاً
حسام : مامتك والكائن دا جوة
إبتسمت هي علي نعته لرياض بالكائن لتجيبه بهدوء
فريده : أينعم في الانتظار جوة في المكتب
تأبطت ذراع حسام ودلفا سويا لغرفة المكتب ليهتف هو مردداً التحية في نزق
حسام : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إبتسمت إلهام إبتسامة عملية صفراء لم تصل لعيناها
إلهام : وعليكم السلام اهلاً يا حسام اتفضل ارتاح
اتخذ أقرب مقعد منه و هو يتمتم بعملية
حسام : أنا مش هطول وأتكلم كتير في مقدمات وحشو مش محتاجينه
هتف رياض بعدما ارتسمت علي وجهه إحدي ابتساماته الصفراء بنزق
رياض : ياريت ودا اللي إحنا عاوزينه بالظبط علشان لا إحنا ولا انت عندنا وقت نضيعه
إستطرد حسام شارحاً بإيجاز
حسام : إنتو طبعا عارفين إن عز الله يرحمه كاتب كل حاجة لفريدة اللي هي تامة السن القانوني من بدري فأنا دلوقتي جاي علشان نتفق بشكل ودي بدون رسميات
برقت عينا إلهام في دهشة وهي تتسائل غاضبة
إلهام : إتفاق إيه !!
إستطرد حسام شارحاً بعملية
حسام : بمنتهي الهدوء والبساطة وزي ما انتو عارفين فريده هتسافر أمريكا وهتاخذ الجزء اللي هتحتاجه من فلوسها والباقي هيبقي هنا علشان احتياجات الشغل طبعاً والأمور اللي انتو عارفينها دي
تطلعت إلهام ناحية فريدة غاضبة متوعدة
لتهتف برفض قاطع
إلهام : مش هيحصل، هي ناقشتني في الحوار دا قبل كدة وعارفة رفضي
تابع حسام بحزم ناهياً أي مجال للنقاش
حسام : لا يا مدام إلهام دا حقها وأنا النهاردة جاي أتكلم بشكل ودي كدة علشان مينفعش أبداً يتقال ويتعرف في الساحة ان بيت عز الدين بيتخانقوا علي الفلوس دا مش في مصلحة الشركات أبداً
صمتت هنية يدعي أنه يلملم أوراقه ليرحل ليهتف بحزم
حسام : وطالما النقاش الودي مرفوض
فبكرة الموضوع مش هيبقي كلام هيبقي فعل
أدرك رياض الخطر الداهم الذي يحدق به فالأن سيفقد الثروة وفريدة معاً وبعد ثواني أخذها يفكر جيداً غمغم بهدوء
رياض : طيب يا أستاذ حسام إحنا هنفكر ونقولك قرارنا النهائي
تابع حسام بنزق
حسام : مفيش وقت للكلام دا أعتقد إنكوا فاهمين أن الحاجات دي بيبقي ليها وقت
هتفت إلهام بغضب وهي تطالعه بحدقتان تشتعلان غضباً
إلهام : تفكر في إيه يا رياض أنا مش هخليها تسافر طبعاً ، يستحيل أسيبها تسافر الموضوع مرفوض
تمتمت فريدة بإصرار
فريدة : أنا أسفة يا ماما بس أنا قولتلك اني هسافر واصلاً كل حاجة جاهزة فاضل بس شوية إجراءات، فأنا هسافر يا ماما وهاخد معايا اللي يكفيني من فلوس بابا الله يرحمه
هتفت إلهام غاضبة ناهية أي فرصة للنقاش
إلهام : مش هتسافري يا فريدة أنا قولتها كلمة
إخترق صوت رياض الغامض الجو المشحون ليهتف بهدوء
رياض : طيب يا أستاذ حسام أحنا موافقين
تطلعت إليه إلهام غير مصدقة وهي تصرخ به غاضبة
إلهام :رياض !! ايه الي بتقولوا دا !! إنت إزاي توافق أصلاً!!
سحبها رياض من يدها الي أحد أركان الغرفة بعيداً عن فريدة وحسام هاتفاً بحزم
رياض : سيبيها تسافر وأنا المسئول يا ستي أنا هرجعها
سألت إلهام ساخطة
إلهام : هترجعها إزاي بقي إن شاء الله ممكن تقولي ، بنتي وانا عارفاها لو سافرت خلاص
هتف رياض بهدوء
رياض : وطالما بنتك وانتي عارفاها أظن إنك عارفة أنها هتنفذ اللي في دماغها وهتسافر
همت بالاعتراض ليهتف مؤكداً
رياض : هرجعها يا إلهام متخافيش خليها تسافر وبس والباقي علي مسئوليتي
تأففت بغضب
إلهام : طيب طيب خلاص انا طالعة الاوضة واتصرفوا مع بعض بس انا مش راضية ولا موافقة علي سفرها دا
تركتهم وخرجت وهي تلقي نظراتها النارية ناحية فريدة ليستطرد رياض موجهاً كلماته لحسام
رياض : خلاص تمام إحنا موافقين علي سفرها يا استاذ حسام
أدرك حسام بخبرته كيف يفكر هذا الأرعن فتابع يسأله في عملية وذكاء
حسام : تمام هاجي أمتي أخذ منك شيك بالفلوس
أجابه رياض في دهاء
رياض : لالا متتعبش نفسك انت يا استاذ حسام أنا هحولها الفلوس كل شهر
شعرت فريدة بالخطر الداهم الذي يحدق بها فهي لم تطمأن ابدا لمحاولاته في إقناع والدتها وتعلم مدي حقارة هذا المدعو وكلماته تلك لم تريحها أبداً لذلك هتفت بحزم
فريدة : لا أنا هاخد الفلوس كلها مرة واحدة
أكد حسام علي كلماتها مؤكداً أنه من سيستلم منه الأموال بنفسه
شعر رياض بأن اولي خططه قد بائت بالفشل ولكنه عزي نفسه بأن الايام طويلة وهناك مئات الطرق ليجعلها تعود بكل سهولة ليسأل بإستسلام
رياض : طيب هتعوزي أد إيه
أجابه حسام في هدوء وهو يطالع بضع أوراق بين يديه
حسام : 2 مليون
هتف رياض بصدمة
رياض : لا طبعاً المبلغ دا كبير جداً ومستحيل أعرف اجمعه في الوقت القصير دا
تابع حسام مُشمئزاً
حسام : أنا وإنت عارفين إن المبلغ دا ميجيش نقطة في بحر اللي سايبه عز الله يرحمه وانه سيولة الشركة أكبر بكتير جداً من الرقم دا ولو مش معاك حسابات الشركة ابعتهالك
طالعه رياض بحنق هاتفاز بحدة ناهياً أي مجال للنقاش
رياض : خلاص خلاص
ثم أخرج دفتر الشيكات من أحد جيوبه محرراً لها شيك بالمبلغ المطلوب ليتناوله حسام بعدما اومأ براسه ناهضاً ليلتف مُخاطباً فريده بإبتسامه حنونه يخبرها برحيله
وبعد ذهاب حسام صرخت إلهام بفريدة غضباً
الهام : فريده !!!
أجابتها فريدة بكل هدوء
فريده : نعم يا ماما
جذبت إلهام يدها بعنف وهي تصرخ بها غاضبة
إلهام : إنتِ فاكرة إنك كدة هتخليني أوافق
تابعت فريدة بحزم وهي تسحب ذراعها من يد والدتها
فريده : لا يا ماما أنا بس بطالب بحقي وخليكي عارفة يا ماما إننا كان ممكن أصفي الشركات ، أنا كبيرة وأقدر أخد حقي ومحدش هيقدر يوقفني ، بس أنا مرضيتش علشان خاطر ربنا وبعديه بابا الله يرحمه
وأعذريني أنا أسفة لازم أمشي علشان ورايا حاجات كتير جداً
توجهت فريدة لغرفتها وتركت إلهام تستشيط غضباً
تنهدت بحزن بينما تغلق باب غرفتها وهي تهمس مكنتش عاورة أعمل كدة ولا أي حاجة من دي تحصل بس مكنش قدامي حل تاني غير دا خلاص يا ماما سيبتي رياض يعمل ما بداله ويتحكم في حاجة بابا الله يرحمه
زفرت بعمق وإلتقطت هاتفها مهاتفة شركة الطيران كي تؤكد حجز طائرتها التي ستقطلع بعد يومين الي حلمها بعدها جلست لتنهي إرسال بعض الايملات لموقع الجامعة لانهاء اخر الاجراءات
**************************
بعد عدة ساعات
في غرفة فريدة
أتمت إعداد أشيائها
ووقفت أمام المراه كعادتها عندما تريد الحديث مع نفسها وتشجيعها وأخذت تطمئنها وتخبرها بقدرتها علي تحقيق حلمها ومواجهة الصعاب وبأن الامور ستكون يسيرة وبلا عقبات، هي تعلم أنها شجاعة وستكون قادرة علي التأقلم
وفجاءة صدح صوت هاتفها يعلن عن وصول مكالمة
تنهدت بعمق وإبتعدت عن المراءة ملتقطة هاتفها لتجيب في هدوء
فريده : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجابها باسماً
حسام: وعليكم السلام يا فري
سألته بنبرة إمتزج بها القلق
فريدة : إيه الأخبار يا بابا
أجابها حسام بأريحية شديدة
حسام : أنا دلوقتي في البنك يا حبيبتي وحولت كل الفلوس علي حسابك في أمريكا وراعيت إنه يكون في بنك قريب من الجامعه علشان يبقي أسهل عليكي
تنهدت باسمة بأريحية
فريده :الحمد لله يا بابا أنا مش عارفة أقولك إيه والله ، تعبتك معايا والله
هتف معاتباً إياها بحنو
حسام : ياريت كل التعب يبقي زي تعبك يا فري ، تعبك راحة يا ست البنات
إبتسمت هي بحنان فتابع هو يخبرها في تقرير غير قابل للرفض
حسام : انا واماني مستنينك بكرة علشان تقضي اليوم معانا قبل ما تسافري وأماني مش هتقبل أي نقاش
اغلقت الهاتف بعدما إتقفا علي اللقاء غداً
عند فريدة
كانت تشعر بأن كل علاقتها بهذه البلد تنقطع شيئاً فشيئاً ، فإختلطت مشاعرها بين القلق وقليلاً من الحماسة والكثير من السعادة
ولكن كل ما يضايقها كان تركها لجامعتها هنا وقبر والدها وبعض زملائها الذين تعودت علي رؤيتهم ووالدها وأيضا أماني زوجته
فقد كانت فريده في عامها الثالث في كليه الطب البشري وتلك المنحة كانت ما ترجوه منذ اليوم الأول لها في الجامعة
في اليوم التالي
قضت فريده يومها بسعاده مع أماني وحسام
فأماني سيده في أواخر الأربعينات طيبه القلب كثيراً وبشوشه تحب فريده بل تعشقها مثل ابنة لها لم ترزق بها
وفي نهايه اليوم أخبرها حسام أنه قد إشتري المنزل وأرسل سيدتين كي ينظفوه وستجد حالما تهبط من الطائره سائقاً بإنتظارها حتي يتم شحن وتوصيل سيارتها
شكرتهم فريده كثيراً علي كل مافعلوه وودعتهم ثم عادت لمنزلها وكالعاده لم تجد أحداً فدائماً ما تكون والدتها إلهام مشغوله بسيدات المجتمع الراقي وإجتماعتهن وإحتفالاتهن وحفلاتهن وكل ما يخص المظاهر
ورياض في الشركه في هذا الوقت ، تنهدت بأريحية لتلك الفكرة وصعدت لغرفتها حتي تستحم وبعد الإنتهاء خرجت ترتدي مأزرها تدثر شعراتها جيداً بإحدي المناشف الصغيرة وهي تراجع ما تبقي لها حتي لا تفوت شئ قبل سفرها
فوجدت رياض يجلس علي فراشها يعبث بجواز سفرها
أغلقت مئزرها بيدها بقوة وهي تصرخ به غاضبة
فريده : ممكن أفهم انت قاعد عندك بتعمل ايه ، ودخلت هنا ازاي اصلاً يا بني آدم انت
همس بنزق وعيناه تشعان بنظراته الخسيسة تجاهها
رياض : متخافيش كدة يا قطة
ضحك بسخرية ثم تابع بحنق جاهد إخفاءه ولكنه فشل
رياض : الحق عليا جيت اودعك قبل ما تسافري
إرتعد جسدها الصغير غضباً إثر نظراته الوقحة وكلماته الحقيرة التي تحمل في طياتها الآف المعاني المنحطة
ولكنها ابت ألا تظهر خوفها فرفعت رأسها في غضب وهي تهتف بحدة وعيناها تشتعلان حنقاً
فريده : اخرج حالاً وإلا...
لم يدعها تكمل ضاحك بسخرية وهو يراها تهدده بهذه القوة
رياض : والا إيه يا حلوة ، ايه القطة بقت بتخربش وبتهددني وبتخوفني كمان
ضحك عدة مرات بسخرية شديدة
رياض : لالا بجد خوفت حقيقي خوفتيني
وقف رياض وأخذ يقترب منها ويتقدم نحوها وهي تخطوا متقهقرة للخلف
أخذت عيناها تتجول في ربوع الغرفة بفزع بحثاً عن أي سبيل لإنقاذها فوقعت عيناها علي المزهرية بجوارها ، حملتها وقامت بخبطها في الحائط كي تنكسر ممسكة بها بقوة وكأنها سبيلها الوحيد للنجاة وهي تصرخ به في قوة واهية
فريدة : أخرج برة وإلا هقتلك ، والله العظيم لو مخرجتش حالاً يا رياض لأكون قتلاك ، إبعد عني بقي أنا بكرهك وبقرف منك
تمتم بسخرية وعيناه تتفحصانها من رأسها وحتي أخمص قدميها
رياض : تؤتؤتؤ شكلك يهبل يا فري وإنتِ ماسكة الفازا
إستطرد بجدية
رياض : بس سيبيها من إيدك لحسن تعورك وبعدين عيب يا فري سيبيها يا حبيبتي انا عارف انك متقدريش تقتلي دبانة صغيرة
ثم تابع مُهدداً
رياض : أنا همشي وبمزاجي يا فريدة بس خليكي عارفة إنك بتاعتي وإني هاخدك قريب أوي ، وإني برضوا سايبك بمزاجي ووقت ما أحب هجيبك هنا في ثانية ماشي يااا..... قطة
إستقام جزع فريدة غضباً وإصرارا وإباءً
فريدة : قرب يا رياض وشوف ، وأنا قولتلك قبل كدا مش هتطول شعرة مني إلا وأنا ميتة
ضحك رياض ضحكته المقززة التي تثير إشمئزازها جاعلة القشعريرة تسري في جسدها الهزيل
ثم خرج من الغرفة وهي يشير اليها بيده مودعاً في استهزاء
ألقت فريده بالمزهريه خلفه وذهبت كي تغلق الباب ثم تهاوت قدميها وجلست جلستها المفضله ضامه ركبتها الي صدرها تحتضن نفسها بيدها تبكي ناظرة الي السماء بألم وقهر وهي تناجي الله بيأس
فريدة : يارب خلصني بقي يارب بقي من القرف دا أنا تعبت والله العظيم تعبت
*************************
في صباح اليوم التالي
في المطار
كانت هي جالسة مع حسام وأماني بأعين مجهدة منتفخة بعدما جافي النوم عيناها وحل محله البكاء ، جلست معهم بجسدها ولكن قلبها وبصرها كان معلقاً بباب الدخول كل ما تتمناه أن تدخل والدتها الأن حتي تودعها وتقضي معها لحظاتها الأخيرة في البلاد ، كل ما كانت تتمناه لو تري والدتها ، أن تاتي لرؤيتها وتوديعها مرة أخيرة قبل أن ترحل ولكن هيهات
تنهدت بوجوم وهي تسمع اسمها فقد طُلبت لتخليص بعض الأوراق فغابت لفترة ثم عادت مرة أخري والأمل يَملؤها برؤية والدتها
فأخذت تنظر حول حسام وأماني ولكن لم تأتي ، اخفضت رأسها ألما وكسي الحزن معالمها وهي تهمس تسالهم بِهم
فريده : مجتش صح!
أجاب حسام بعينان زائغتان وهو يحاول تغير الموضوع
حسام : أكيد مشغولة يا حبيبتي علشان كدة معرفتش تيجي
أجابت بإنكسار بعدما إرتسم علي ملامحها السخرية
فريده : فعلا يا بابا هي دايما مشغولة
سمعوا النداء الأخير للصعود علي متن الطائره
فهتفت فريدة بأسي
فريده : دي طيارتي
أستطرد حسام مشجعاً
حسام : يلا يا حبيبتي روحي وخليكي قوية أوعي تستسلمي يا فري ودايماً خليكي عارفة إني موجود علشانك ، روحي وخليني فخور بيكي
إبتسمت بأسي وهي تودعه
فريدة : إن شاء الله يابابا متقلقش إنت هتوحشني أوي
ضمها إليه في حنان فهتفت أماني بحزن وعينان إمتلا بالدموع
أماني : خلي تليفونك دايماً مفتوح وفي مكان قريب علشان لما نكلمك نوصلك بسهولة يا فري، وخلي بالك من صحتك يا حبيبتي
أومأت فريدة برأسها باسمة مجابهة وبقوة عبراتها التي تشكلت لتحجب عنها قليلاً من الرؤية
إحتضنتها أماني باكية بعدما فقدت قدرتها علي المقاومة
أماني : هتوحشيني اوي يا فري
تشبثت بها فريدة بقوة وهي تتمتم بصدق
فريدة : إنتِ كمان والله يا ماما
إستطرد حسام مازحاً وهو يحثها علي الرحيل
حسام : يلا روحي بقي بدال ما أغير رأيي ونخطفك نروح بيكي تاني
ودعتهم فريدة وأخذت حقيبتها متجهة للطائرة تاركة لدموعها العنان فقد كانت حزينة خائفه وقلقه
وبالفعل صعدت علي متن الطياره وسمعت النداء لربط الأحزمه فاستجابت له بأيدي مرتعشة خوفا فهي تخاف كثيراً من الطائرات
شعرت بشعور غريب وهي تنظر علي مصر من نافذه طائرتها ، شعور إختلط فيه السعادة مع الخوف ، تشعر وكأنها طائر حر محلق
قد إنكسر قفصه وإنفك قيده وراح يرفرف في سماء الحرية
هي علي بعد خطوات قليلة من تحقيق حلمها وبداية حياتها الجديده
أخذت مصحفها وبدأت في قراءه القرأن الكريم لتهدأ قليلاً من روعها فهي ترتعب من فكره الطائرات ولكن لم تجد حلاً أخر وبعد فترة سقطت في النوم من ارهاقها لتستيقظ بعد ذلك علي نداء المضيفه لربط الأحزمه والإستعداد للهبوط متمنية لهم إقامه سعيده ، وبعد ساعات من السفر هبطت فريده من سلم الطائره سامحة للنسيم يداعب وجهها ، شاعرة بأنها تستنشق نسيم الحريه ، بأنها علي بعد أميال قليله من حياتها الجديده ومن أحلامها
وبعد عده اجراءات خرجت من المطار لتجد السائق بإنتظارها
حيته وطلبت منه إيصالها للجامعه
أخذت تنظر من النافذه علي نيويورك تلك المدينة الخلابة فرأت تمثال الحريه وشوارع نيويورك الجميله واللون الأخضر المنتشر فيها والحديقة العامة
وأيضا أُناسها ، هي تشعر بأن كل شئ يسير بسرعه في هذه البلاد الناس والمواصلات وحتي الكلمات ، رأت كد الناس وإهتمامهم بأعمالهم، فعلمت أن الحياه هنا مختلفه تماماً عن الحياه في مصر فهنا العمل أولاً ، هنا تقاس الأفراد بما تقدمه للبلد وبكفائتهم في عملهم
بعد وقت قليل وجدت نفسها أمام باب جامعه هارفرد العريقه شعرت بمدي ضئالتها أمام روعة هذا المكان الذي يخطف الأنفاس
وجدت كل شئ فيها رائع مبني الجامعه ومكتبتها وحديقتها ، صعدت مباشرة الي مكتب المدير قابلتها السكرتيرة طالبة منها الإنتظار قليلاً
وبعد عده دقائق أتت سيده أنيقه في عقدها الرابع ولكنها تبدو أصغر بكثير من عمرها الحقيقي ترتدي ثياب رسمية وحجاب وعلي محياها إبتسامه عملية وهتفت مرحبة
السيدة : أهلا فريدة أعرفك بنفسي أنا سلمي المسؤله عن مقابله الطلاب الجداد
أجابتها فريدة بإبتسامة ودودة
فإستطردت سلمي بعملية
سلمي : أنا دلوقتي هاخدك للمكتب علشان فاضل إمتحان أخير هتعمليه وبعدين هاخدك للإنترفيو تمام
أومأت فريدة برأسها في أدب
سارا سويا في ممر طويل
فتمتمت سلمي بإعجاب
سلمي : أنا عرفت إنك طالبة مجتهدة نتايج إمتحاناتك بتاعة السفارة كلها كويسة جداً وقالولي من ال c.V بتاعك إنك درستي طب تمهيدي جمب جامعتك في مصر