2

كان الزبير ذا خمسة عشر عاما من العمر عندما قرر جده الشيخ عامر أن يغزو إحدى القبائل المجاورة.
تجمع رجال القبيلة في دار الشيخ. وهناك جلس الشيخ مع حفيده الكبيردريد، والصغير الزبير.
وقال وهو معهما: يا دريد، تجهز لأنني أريد أن أصطحبك معي في معركتنا القادمة.
في حقيقة الأمر أحس دريد - الذي كان ذا سبعة عشر عاما من العمر - برهبة وخوف؛ فمقاتلة قبيلة أخرى ليست بالأمر الهين، وهو كان صغيرا وغير ذي خبرة في القتال.
بينما اجتاح الزبيرَ غضب عارم، لأن جده اكتفى بذكر دريد ، فقال الزبير: وأنا يا جدي؟!
"أنت لن تأتي، أيها الزبير" قال الجد.
فرد الزبير: ولكنني أصغر من دريد بعامين فقط، وأنا أقوى منه بكثير، فلم تصطحبه وتتركني هنا مع النساء؟!
لقد اتسم الزبير منذ نعومة أظفاره بالطموح ولطالما اعتبر نفسه الأفضل بين الجميع، وقد امتلك ثقة عالية بنفسه؛ وهو ما دفعه ليذكر أنه أفضل من دريد.
نظر الجد إلى حفيده بقسوة امتزجت بحنان الأب على ابنه: أيها الزبير، أنت ما تزال صغيرا، وغير مؤهل للقتال، وليس من الحكمة أن آخذك وأفقدك بالمعركة. عندما تصبح بعمر دريد سأصطحبك
معي في معاركي القادمة.
ازداد غضب الزبير، وقال بحرقة: ولكنني قوي رغم صغري وأريد القتال.
قال الشيخ بنبرة ملؤها الجفاف والحسم؛ لأنه يعرف أن الكلام الهادئ لن يوقف الزبير: لن أصطحبك معي، هذا قراري النهائي.
صمت الزبير، بينما اشتعلت النيران حامية داخله.
أما الشيخ، فأخفى بداخله فرحة عارمة، منبعها فخره بشجاعة حفيده وقوته وقسوته منذ صغره.
***
قاد الشيخ عامر معظم فرسان قبيلته لقتال قبيلة أعدائه.
وقد اصطحب معه حفيده دريدا، في حين أبقى حفيده الزبير في أرض القبيلة، والنار تحرقه من الداخل.
وكالعادة أبلى الشيخ أفضل بلاء في المعركة، وكان أقوى المقاتلين من الطرفين.
لم يبلِ دريد جيدا في القتال، فعمره الصغير منعه من ذلك، كما أنه لم يمتلك الشجاعة الكافية التي تؤهله للإبداع في المعارك.
حرص الشيخ عامر على البقاء قريبا من حفيده، وحرص على حمايته بكل ما يستطيع، فآخر نتيجة أرادها لطموحه العظيم، هي أن يخسر حفيده في سبيله، لا سيما بعد أن خسر ابنه بغية تحقيق الطموح
نفسه.
وما انفك الشيخ يقود مقاتليه في المعارك، ويصحب حفيده دريدا في كل معركة. وقد ظل الشيخ يرفض طلب حفيده الزبير بأن يسمح له بالمشاركة بالقتال.
***
ومر الوقت، وأمسى الزبير ذا سبعة عشر عاما من العمر، ووافق بالنهاية جده على السماح له بالقتال ضمن مقاتليه.
وأخيرا هدأ الغضب والحرقة اللذان اجتاحا الزبير طيلة هذه المدة، ولكن كل هذا الوقت الذي أمضاه غاضبا، خلق لديه حافزا كبيرا؛ لكي يثبت نفسه لجده وللجميع والأهم لنفسه.
حان موعد أول معركة للأسد بعد سماح الشيخ عامر للزبير بالقتال، وكانت ضد قبيلة بني حميد بقيادة شيخهم حيدر.
وقد لبس الزبير لباس الأسد نفسه، والاختلاف الوحيد تمثل في أن الزبير لم يلبس عمامة، وهذا ديدنه حتى آخر يوم في حياته؛ ومنبع ذلك تمرد الزبير وتحديه للجميع، ولأنه أحب دوما أن يتميز ويبرز.
اتجه الأسد إلى حيث سيلتقون ببني حميد. وبينما الجمعان متقابلان تقدم أحد فرسان بني حميد - وهو على حصانه - إلى الأمام، وكان طويلا جدا، لم يكن ضخما لكنه مفتول العضلات، وقد بدا عليه الهيبة والقوة والشدة.
وصرخ: أنا صهيب أقوى فرسان بني حميد، فهل بينكم من مبارز؟
وفورا حدثت المفاجأة، إذ تقدم الزبير على فرسه، وصرخ: أنا لها.
اجتاحت المفاجأة والاستغراب الجمعين.
صحيح أنهم لطالما رأوا فرسانا يافعين يمتازون بالشجاعة والإقدام، لكن أن ينبري يافع في أول معاركه للمبارزة وبهذه الثقة، لهو من أشد العجائب.
وبين المذهولين كان الشيخ عامر، الذي امتزجت المفاجأة بداخله مع الخوف، فهو لم يكن متهيئا لأن يفقد حفيده الأصغر وفي أول معركة له.
تقدم الشيخ عامر على فرسه بسرعة، ووقف بجانب حفيده، وقال له: ارجع أيها الزبير، أنت لست مستعدا لهذه المعركة.
لكن الزبير تجاهل جده وقاد حصانه مسرعا، وتوجه باتجاه صهيب الذي قاد حصانه بدوره باتجاه الزبير.
لقد امتاز الزبير بأنه يسبق عمره بكثير، كأنه رجل ذو خمسين عاما يعيش في جسد فتى ذي سبعة عشر عاما، وهذا ما يفسر تجاهله لجده وعناده وقوة شكيمته.
نزل الفارسان عن جواديهما، واستل كل منهما سيفه.
أمسك الزبير سيفه بيديه الاثنتين، بينما جعل صهيب يلوح بسيفه يمنة ويسرة، ويحركه حركة دائرية، وقد أراد استغلال صغر سن الزبير وبث الخوف داخله. لكن الزبير لم تجتحه ذرة خوف واحدة،
وظل ينظر يعينيه القاسيتين المخيفتين إلى غريمه.
هجم صهيب على الزبير وضرب بسيفه يقصد رأس الزبير، لكن الأخير تراجع وتفادى الضربة، بينما طفقت دقات قلب جده تتسارع، ثم ضرب صهيب بقوة هائلة يقصد جسد الزبير، لكنه تفادى الضربة، وجعل الأمر يتكرر، وهنا تسارعت دقات قلب الشيخ عامر إلى أقصى حد، واجتاح الخوف أفراد الأسد؛ لأن فقدان حفيد الشيخ في أول معركة له أمر فظيع للغاية.
وظل الأمر على حاله، صهيب يضرب بسيفه والزبير يتفادى، وفجأة ضرب الزبير بسيفه فصد صهيب الضربة، وشرع كل منهما يصد ضربات الآخر، وفجأة ضرب صهيب يقصد رأس الزبير،
فتفادى الضربة ثم غرس سيفه - الذي يمسكه بيديه الاثنتين - في بطن صهيب الذي سقط قتيلا.
اجتاحت الفرحة قلوب الأسد جميعا وبينهم دريد أخو الزبير، وجعلوا يحيون الزبير بعبارات المديح والثناء.
رفع الزبير سيفه إلى الأعلى متفاخرا بانتصاره، ثم ركب جواده وعاد باتجاه جنود الأسد.
الوحيد الذي لم يشعر بفرحة بين الأسد كان الشيخ عامراً، فقلبه منذ بداية المبارزة كان بين يدي صهيب الذي أمكنه كسره إلى الأبد في أية لحظة بقتل الزبير. لكن الخوف الذي سكن قلب الشيخ
تلاشى وتنفس الصعداء.
عاد الزبير إلى صفوف قبيلته. ثم عدا كل من الجمعين مسرعا باتجاه الجمع الآخر، واشتبكا وبدؤوا يقتل بعضُهم بعضا.
فاق عدد جنود الأسد عدد بني حميد بكثير، فصفوف الأسد ضمت عددا كبيرا من فرسان القبائل التي خضعت للأسد، كما أن وجود الشيخ عامر القوي أمال الكفة لصالح الأسد كالعادة. لكن العامل
الجديد في المعركة كان براعة الزبير الفائقة في القتال، إذ أخذ يقتل من بني حميد الواحد تلو الآخر. لقد أراد إثبات نفسه ونجح في ذلك.
وقد أراد أن يُري الجميع أنه ليس امرَأً هينا وأنه سيكون له مستقبل عظيم بين الفرسان. لذا اتجه نحو قائد بني حميد الشيخ حيدر لقتاله، وكان الشيخ قويا وقد قتل عددا لا بأس به من فرسان الأسد.
ترجل الزبير، وهجم بسيفه ليضرب الشيخ حيدرا فصد الشيخ الضربة، وجعل الاثنان يصد أحدهما ضربات الآخر، حتى ضرب الزبير ببسالة صدر الشيخ فشقه.
شاهد الشيخ عامر بسالة حفيده وشعر بفخر عظيم، وعلم أن حفيده رجل عظيم وليس مجرد فتى صغير.
واستمر القتال بين الطرفين حتى انتهت المعركة بالنصر المبين للأسد.
***
عاد الأسد وحلفاؤهم كلٌّ إلى دياره. ومنذ عودتهم بات الزبير حديث جميع الأسد وحلفائهم. وجعل الجميع يثني عليه ويمدح شجاعته وجرأته وقوته، وتحدث الكل عن الفتى الذي يمتلك إقدام فرسان
يكبرونه بثلاثين عاما.
ومنذ عودة الشيخ عامر وحفيديه إلى ديارهما، ظل الشيخ عابس الوجه قليل الحديث، وبالذات مع الزبير؛ إذ لم يحادثه قط.
بعد يومين، أتى يوم لم ينسه الزبير قط طيلة حياته.
استيقظ الشيخ وزوجه وأرملة ابنه رؤبة، وحفيداه. وبعد مدة قصيرة، قال الشيخ: أيها الزبير، تعال، أريد أن أحادثك وحدنا.
ثم نظر إلى زوجته وأم الزبير وإلى دريد، وقال: لا تقتربوا من الغرفة، ولا تحاولوا التنصت علينا.
مشى الشيخ باتجاه غرفته بينما يتبعه الزبير.
دخل الشيخ فالزبير إلى الغرفة.
أغلق الشيخ باب الغرفة بالمفتاح. ثم مشى ووقف مقابل الزبير.
لقد علم الزبير أن أمرا غير جيد سيحدث، من خلال ملامح جده، وبسبب غضب الأخير وسكوته منذ عودتهم من المعركة.
نظر الشيخ إلى حفيده بغضب عارم وقد اتسعت عيناه، بينما بادله الزبير نظرات جادة حادة.
طفق الاثنان ينظر أحدهما إلى الآخر نظرات حادة شرسة. كان الموقف حادا جدا حتى إن كليهما لم يرمش ولا مرة!
طال الأمر. وفجأة رفع الشيخ يده اليمنى عاليا ثم لطم الزبير على وجهه لطمة مدوية.
احمر خد الزبير، وشرع الدم يسيل من منخره. ورغم كل هذا، لم يفقد الزبير تماسكه، بل زادت نظراته حدة، واتسعت عيناه القاسيتان اللتان حدق بهما في جده.
الوالد والجد بالنسبة للزبير كانا شيئين عظيمين، بل إنهما حتى يصلان حد التقديس. ومهما فعل به جده - حتى لو قطّع أطرافه الأربعة – فإنه لا يمكن أن يرد عليه بأي شيء مهما صغر. أحب
الزبيرجده وعده قدوته العظمى التي يطمح للوصول إليها أو حتى إلى جزء منها.
ثم أمسك الجد الذي يتفجر غضبا حفيده من قبة ثوبه، وجعل يدفعه تارة ويسحبه تارة، وهو يصرخ: مرة ثانية، عندما آمرك بأمر فعليك أن تطيعه صاغرا. لا سيما إن كان أمام أناس آخرين.
ثم صرخ بصوت أعلى: هل تفهم؟
جدة الزبير وأمه وأخوه دريد، كانوا قد خالفوا أمر الشيخ، ووقفوا عند باب الغرفة، وقد سمعوا ما حدث بين الشيخ والزبير، وأحزنهم ذلك.
عاد الشيخ للوقوف مقابل الزبير، وتبادلا النظرات من جديد، وفجأة هجم الجد على حفيده واحتضنه بيديه الاثنتين، بينما ظل الزبير مرخيا يديه.
قرب الجد فمه من أذن الزبير، وهمس فيها: أنت خليفتي، أيها الزبير، أنت تشبهني تماما، كأنك نسخة طبق الأصل عني، أنا أحبك كثيرا أكثر من أي أحد آخر، لقد جعلتني فخورا. ليت أخاك مثلك،
ليته يمتلك قوتك وقسوتك. لكنه هو من سيخلفني في قيادة القبيلة... لا أستطيع تغيير ذلك... هو حفيدي الأكبر... ولا أستطيع أن أكسر قلبه بأن أعلنك خليفة لي... حتى أبوك رؤبة لم يكن مثلك!
اختار الجد أن يهمس هذه الكلمات همسا لأنه تأكد أنه لا بد وأن دريدا كان يتنصت عليهما في تلك اللحظات ولم يرد له أن يسمع هذه الكلمات التي ستجرحه.
لم ينس الزبير هذا الحوار أبدا.
***
وبعد أيام، أتى شاب من قبيلة الأسد لزيارة الزبير. فحياه الزبير وطلب منه الجلوس، وضيفه فنجانا من القهوة.
بدا على الشاب الارتباك والريبة وهو يزور الزبير، وطيلة عمرهما لم يتحادثا إلا مرات قليلة.
تحادثا حتى قال الشاب: أنا اسمي قيس، أيها الزبير... وأحببت أن أتشرف بزيارتك.
فاستغرب الزبير من هذا الكلام، وقال: أتظنني لا أعرفك ولا أعرف شبان قبيلتي؟!
فأجاب قيس: لقد شككت في الأمر... أنت قليل الاختلاط بشباب القرية، وظننت أنني نكرة بالنسبة لك.
فرد الزبير: لا لستَ كذلك... أنتم أهلي وأحبائي. وبئس الرجل الذي لا يعرف أهله، ولا يكرمهم.
وقد لاحظ الزبير منذ بداية زيارة قيس له، تلبك الأخير وارتباكه، فقال: أحس أنك لست مرتاحا في الجلسة... أتمنى منك أن تخبرني السبب.
تنهد قيس، ثم قال: أخشى أن تنزعج إذا أخبرتك بالسبب.
"لا، لن أنزعج، أعدك بذلك" رد الزبير فورا.
فقال قيس: أنت شاب قاس شديد، وكل هذه الصفات تصل أوجها فيك، رغم أنك شاب. ومثل هذه الأمور لا تظهر على المرء قبل الثلاثين أو حتى الأربعين من العمر... في حقيقة الأمر...
وسكت قيس.
أحس الزبير بمزيج متناقض من الفرح والحزن من كلام قيس. الفرح لأنه يحب أن يظهر بمظهر القوي القاسي. والحزن لأن هؤلاء هم أهله وقبيلته، ومن المفترض أن يكونوا قريبين منه دون حواجز بينه وبينهم. بيد أنه نجح في إخفاء مشاعره.
شجع الزبير قيسا على الإكمال قائلا: أكمل... لا تخشَ شيئا. في حقيقة الأمر ماذا؟
فأجاب قيس: كثير من شبان القبيلة يقولون إنك مغرور، حتى تجاه أخيك الذي يكبرك. وذلك لأنك حفيد الشيخ، وثاني أقوى رجال القبيلة بعده.
زادت فرحة الزبير أكثر وأكثر؛ فقد انتشى بصورة الفحولة والشدة المأخوذة عنه من شبان القرية.
ثم سأل الزبير: وأنت ما رأيك في هذا؟
استغرب قيس من كلام الزبير، ثم أجاب: أنا... لا أعتقد أنك كذلك... أنت إنسان مر بظروف صعبة... أن يقتل أبوك وأنت بذلك العمر... ربما هذا...
أعجب كثيرا الزبير بكلام قيس وتحليله، وشجعه قائلا: ربما هذا ماذا؟
فأكمل قيس: ربما هذا جعلك مختلفا نوعا ما... لا سيما وأنك حفيد الشيخ ووسط كل هذه الحروب والفتن، كل هذا ضغط عليك أكثر وأكثر... مما جعلك إنسانا شرسا.
استدرك قيس كلمته الأخيرة، وقال فورا: أعتذر... أقصد أنك إنسان قوي.
فقال الزبير: لا عليك، يا قيس... لا عليك. حتى لو قصدت أنني شرس، فذلك لا يزعجني.
سكت قيس، ثم أكمل: لا أعتقد أنك متكبر على شبان القبيلة... ربما تجنبهم لك وضع بينك وبينهم حاجزا... وأنا متأكد أنك مستعد لأن تفدي أيا منهم بروحك لو تطلب الأمر.
فرح الزبير بكلامه، وقال: هذا صحيح، يا قيس.
ثم قال قيس: أهم سبب لزيارتي لك... هو أنني أريد أن أخبرك أنك قدوتي، وأنك شاب عظيم، وأعظم من قابلت بعد الشيخ عامر... أنا مستعد لأن أفديك بروحي؛ لأنك رفعت رأس الأسد والكثبة بأكملها.
وعلى العكس مما اعتاد عليه الزبير، ابتسم ابتسامة عريضة، ثم قال: أريد أن أكون صديقك، يا قيس. هل تقبل هذا؟
ففرح قيس، وأجاب: بالتأكيد، هذا شرف لي.
فرد الزبير: بل الشرف لي.
تفاجأ قيس من تواضع الزبير، على عكس ما يقال عنه.
وأكمل الزبير: أريد أن أطلب منك شيئا، يا صديقي. أريدك أن تأتي لزيارتي متى شئت، وأينما شئت. حتى لو طرقت الباب في منتصف الليل، فأهلا بك. وإذا احتجت يوما إلى أية مساعدة، فتعال فورا.
ابتهج قيس، وقال: شكرا جزيلا، أيها الزبير.
وبعدها بدأت الزيارات بين الصديقين، حتى غدت يومية. وباتا أعز صديقين وأقرب صديقين في القبيلة. وبعدها، لم يدع الزبير مجلسا له مع جده، أو كبار رجال الأسد أو باقي قبائل الكثبة، إلا وكان قيس
حاضرا معه.
***
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي