◥ ツChapter ツ 1 ◤
"المحظــوظ من عرف قيمة الصحة و الوقــت، فسعــى لإستغلالهما في ما يقربه من الله"
.
Mimouna Ahmed S.
..
.
"اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معصيتك"
.
.
لا تنسوا ذكـــر الله
*
*
*
*
في إحدى الولايات الأمريكية
كان متوجهاً رفقة زوجته إلى منزلهما المتواجد في إحدى الأحياء الراقية، بينما هو يتجاذب أطراف الحديث مع زوجته، صدع صوت هاتفه برقم مجهول
عقد حاجبيه، و هو ينظر إلى شاشة هاتفه، رد على المتصل بهدوء، بعد أن دفعه فضوله لمعرفة هوية المتحدث:
_ألو، من معي؟!
رد عليه الطرف الآخر بنبرة باردة و ساخرة:
_أممم، لا تهتم بمعرفة هويتي، لأنه ليس في مصلحتك، فلقد انتهى العد التنازلي لحياتك يا عزيزي
كانت نبرة المتحدث توحي بالخبث و الشر، جعلت القلق يتسرب إلى داخله، و زاد قلقه بعد قوله لهذه الكلمات الغريبة و المبهمة:
_من انت يا هذا؟! أجبني؟
واصل المجهول حديثه، قائلاً بنبرة باردة:
_يبدو أن علامات الشيخوخة بدأت بأكتساح عقلك، يا جدي! على كل حال ساشبع القليل من فضولك قبل أن تودع حياتك البائسة مثلك، أتذكر تلك الدعوة التي جاءتك منذ 3 أشهر، امم انا من بعث بها، مفاجئة، أليس كذلك؟!
أنهى كلماته بضحكة تقشعر منها الأبدان،
اتسعت عيون "ناصر" بذهول، و شحب وجهه من هول الصدمة
لاحظت زوجته تغير ملامحه، تساءلت بنبرة قلقة:
_ماذا هناك؟ هل حدث شيئاً ما؟
حاول طمأنتها، قائلاً بهدوء مصطنع:
_لا شيء عزيزتي مشاكل في العمل فقط
استمع لحديث الطرف الآخر بخوفٍ من القادم:
_يبدو أن لسانك شل من الصدمة، أمم لا ألومك على ذلك، فأنت تعرف عاقبة من يرفض العمل معنا، كنت أود أن استغل عبقريتك، لكن للأسف الشديد سأضطر للقضاء عليك، فأنا أكره كلمة (لا)، تشعرني بالقشعريرة... آه أوشكت أن أنسى، أنا اعلم انك أخبرت الشرطة عن تلك الرسالة، و هذا كان بمثابة خطئك الثاني، بعد رفضك لعرضي السخي... يا لك من غبي يا عزيزي، فالشرطة- و من يعمل بها - اتباعٌ لي...
تباً لك يا جدي! لقد جعلتني أطيل الحديث، و هذا ليس من عادتي؛ على كل حال لقد استهنت بنا كثيرا، و قد حان وقت العقاب، أراك في الجحيم.
أغلق ذلك المجهول هاتفه، و ابتسامة شيطانية تحتل ثغره، لم تمضي دقائق حتى استمع لهاتفه يعلن عن وصول رسالة، مفادها أن المهمة تمت بنجاح
وضع الهاتف على مكتبه، ثم تطلع للجالسة أمامه على المكتب، تضع رجلاً على رجل بملامح باردة، قائلاً بابتسامة شيطانية:
_لقد تمّت المهمة عزيزتي
أشرق وجهها بابتسامة لعوبة، تحمل من الخبث ما يفوق خبث الجالس على كرسي مكتبه.
قلبت الساعــة الرملية الموجودة على سطح المكتب بأناملها الصغيرة، هاتفة بنبرة تحمل خلفها الكثير من الغموض:
_إذن فليبــــدأ العد التنازلي لصفقة الكبرى!
_أجل عزيزتي، فليبدأ!
وقف من على كرسيه بهدوء، بعد إلقاء كلمته، ممسكاً يدها التي تحمل الساعة الرملية، أوقفها أمامه بلطف شديد، كأنها كريستالة يخاف عليها من الكسر؛ توجه بها إلى الاريكــة الموجودة بجانب شرفة المكتب، اجلسها بجانبه، بعد أن قام بتشغيل إحدى مقاطع بتهوفن الشهيرة.
تحدثت هي بمكر أنثوي، بعد موجة من الصمت:
_أعشق هذا المقطع من سنفونية بتهوفن الشهيرة، بالأحرى أعشق جميع سنفونيــاته
نظر لها بأعين تشع من الغيــرة، و يده - التي كان يحتضنها بها-تضغط على ذراعها بقوة
ضحكت بصوت مرتفع- رغم الألم الذي تشعر به جراء ضغطــه- و هي ترى غيرته التي لا يخجل من إظهارها لها، هتفت من بين ضحكاتها:
_آه يا عزيزي! يا لك من رجل غيور، انا امزح فقط، أنت تعلم أنك مالك قلبي الوحيد
لانت ملامحه، و قلبه يدق في كل مرة يستمع إلى اعترافها
_اما الآن يا عزيزي، هل يمكنك ترك يدي فلقد أصبح لونها كلون الدماء
اعتذر لها بسرعة، و عيناه تجوب يدها بخوف من أن يكون قد أذاها بسبب غيرته الشديدة.
من يرى لهفته عليها الآن، لا يصدق بأنه من قام بقتل رجل بريئ، منذ دقائق معدودة.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
يجلس ذلك الشاب ذو الثلاثين عاماً على كرسيه، يحتسي قهوته الصباحية في مكتبه، و في نفس الوقت يتصفح آخر الأخبار في إحدى المواقع الإلكترونية الخاصة بآخر التطورات في عالم الأعمال
لفت نظره الخبر العاجل الذي تم نشره في صباح اليوم، و بجانبه صورة تؤكد الأمر:
" وفاة رجل الأعمال ناصر الفراج و زوجته، إثر حادث مرور أودى بحياتهما معاً"..
نزل عليه ذلك الخبر كالصاعقة، عمه "ناصر" كان بمثابة الأب الثاني له، فلقد تولى رعايته منذ أن كان في الخامسة عشر، أيضا زوجته، تلك المرأة الطيبة التي كانت تعامله كطفلها
حزن حزناً شديداً لوفاتهما، سقطت من عينيه دمعة تؤكد مدى حزنه على فراق عمه، هتف بصوت مثقل من الحزن:
"إنا لله و إنا إليه راجعون ".. "إنا لله وإنا إليه راجعون"
لم يدري كم ظل يردد تلك الآية، كأن لسانه لم يعد يجيد سِواها. بعد مدة من الزمن أستيقظ من دوامة الحزن و الصدمة على صوت هاتفه يرن، التقط هاتفه بيد، و اليد الأخرى مسح دموعه التي تسيل دون توقف، معلنة تمردها عليه
أجاب بصوت مبحوح، جاهد على أن يخرج ثابتاً:
_السلام عليكم
رد عليه الطرف الثاني، الــذي لم يكن سوى صديقه، و نائبه، و كاتم أسراره "حمزة":
_و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هل قرأت أخبار اليوم؟
اومأ "يوسف" برأسه، ناسياً أنه على الهاتف:
_أجل، لقد رأيته
حزن "حمزة" على صديقه الذي كسى الحزن صوته، معزياً أياه:
_ البقاء لله يا صديقي
_"إنا لله و إنا إليه راجعون"
_هل أنت بخير؟ أنا اعرف أنه كان بمثابة والداً لك، و لأخواتك
تنبهت حواس "يوسف" لكلمة" حمزة" الأخيرة، تذكر إخوته البنات.. " زهراء" و" بشرى" المتعلقتين بعمه" ناصر" بشدة، بالخصوص اخته " بشرى"، مدللة العائلة الصغيرة؛ حمد الله في قلبه انهم لسن من هواة قراءة الأخبار.
أخذ "يوسف" مفاتيح سيارته من على المكتب بسرعة، و خرج بسرعة من المكتب بعد أن أوصى مساعده "اشرف" بأن يحجز له اليوم تذكرة على متن الطائرة المتجهة إلى أمريكا؛ و في غمرة انشغاله بالذهاب إلى المنزل، قبل أن يصل الخبر إلى إخوته، نسى أمر "حمزة" الذي كان يتحدث معه على هاتف منذ دقائق، و لم يكلف نفسه حتى عناء إغلاق المكالمة.
.
.
.
.
.
في الجانب الآخر، كان "حمزة" يردد اسم "يوسف" بصوت عالي، انتبه له والداه الجالسان على طاولة الطعام، يتناولان فطور الصباح.
خرجت شقيقته "سلسبيل" من غرفتها، قائلة بتأفف و سأم:
_أصبحنا وأصبح الملك لله، أوف لا أعرف ما مشكلة هذا البيت؟ لماذا لا تدعونني انااااام يا قوووم؟
ثم اكملت حديثها بدراما هندية:
_انا متأكـــدة بأن شخصاً يكره البنات أنجبت له زوجته فتاة، فقرر بينه و بين نفسه استبدالي بولد، كأنني... كأنني.. يا إلهي لا استطيع حتى نطقها، لكن سأقولها ليرتاح قلبي، كأنني خردة بالية
كانت والدتها السيدة "لبنى" تشاهدها بلامبالاة، فابنتها الكسول - كما تسميها - تكرر هذه الدراما كل صباح، و لا تسأم منها.
أما والدها الحاج "عبد القادر" فلم يلقي لها بال، لا هي ولا لشقيقها، فأولاده - كما يقول عنهم دائماً - عقوبته في الحياة، كونه رفض قرار والده بالزواج بجارته.
شعرت " سلسبيل" بيد تسقط على رقبته من الخلف، نظرت للفاعل بأعين تشع بالغضب الطفولي:
_اوف، توقف عن ضربي على رقبتي، ستصبني بالشلل ذات يوم أيها الغ...
و قبل أن تنهي كلامها، تحدث والدها الحاج "عبد القادر" بتحذير:
_إياكِ أن تقوليها، و إلا عاقبتك
ثم وجه حديثه إلى حمزة بتساؤل:
_لماذا كنت تصرخ باسم "يوسف"؟ هل حدث معه شيء ما؟ أو أنه كعادته أغلق الهاتف في وجهك؟
جلس "حمزة" على كرسيه بحزن، بعد أن تذكر مأساة صديقه، رد على والده بتنهيدة حزينة:
_لقد توفي عمه" ناصر" في حادث سيارة، رفقة زوجته السيدة "سارة"
وضع الحاج "عبد القادر" الجريدة على الطاولة، مردداً بنبرة مصدومة:
_ "إنا لله و إنا إليه راجعون".. لا حولا ولا قوة الا بالله..
متى توفي؟
_أمس في المساء
كانت "سلسبيل" ترتجف من الخوف، فبرغم لسانها السليط، و سخريتها اللاذعة، إلا أنها تعاني من فوبيا سماع ان أحداً ما توفي، خاصةً لو كان قريب من العائلة.
لاحظتها والدتها "لبنى" التي كانت هي الأخرى في حالة صدمة، فمن لا يعرف السيد "ناصر" و زوجته "سارة"، صاحبا الاخلاق الطيبة
هرعت لها والدته تحتضنها بسرعة، كذلك والدها و شقيقها، هتفت والدتها بقلق، و دموعها تتسابق على وجنتيها:
_"سلسبيل" صغيرتي الحلوة تنفسي ببطء، و لا داعي للخوف
لم تستجب لهم "سلسبيل"، التي انقطع نفسه، و ازرقت شفاهها، و أصبح وجهها شاحباً، يحاكي الموت
صرخ الحاج "عبد القادر" في وجه "حمزة" المتسمر في مكانه بذهول:
_اذهب إلى غرفتها، و احضر دواءها
افاق "حمزة" من ذهوله على صوت والده يأمره بإحضار دواء الربو الخاص بشقيقته
.
.
.
.
.
.
.
.
.
. رأيكم يا قمراااات +
يتبع.....بإذن الله
.
Mimouna Ahmed S.
..
.
"اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معصيتك"
.
.
لا تنسوا ذكـــر الله
*
*
*
*
في إحدى الولايات الأمريكية
كان متوجهاً رفقة زوجته إلى منزلهما المتواجد في إحدى الأحياء الراقية، بينما هو يتجاذب أطراف الحديث مع زوجته، صدع صوت هاتفه برقم مجهول
عقد حاجبيه، و هو ينظر إلى شاشة هاتفه، رد على المتصل بهدوء، بعد أن دفعه فضوله لمعرفة هوية المتحدث:
_ألو، من معي؟!
رد عليه الطرف الآخر بنبرة باردة و ساخرة:
_أممم، لا تهتم بمعرفة هويتي، لأنه ليس في مصلحتك، فلقد انتهى العد التنازلي لحياتك يا عزيزي
كانت نبرة المتحدث توحي بالخبث و الشر، جعلت القلق يتسرب إلى داخله، و زاد قلقه بعد قوله لهذه الكلمات الغريبة و المبهمة:
_من انت يا هذا؟! أجبني؟
واصل المجهول حديثه، قائلاً بنبرة باردة:
_يبدو أن علامات الشيخوخة بدأت بأكتساح عقلك، يا جدي! على كل حال ساشبع القليل من فضولك قبل أن تودع حياتك البائسة مثلك، أتذكر تلك الدعوة التي جاءتك منذ 3 أشهر، امم انا من بعث بها، مفاجئة، أليس كذلك؟!
أنهى كلماته بضحكة تقشعر منها الأبدان،
اتسعت عيون "ناصر" بذهول، و شحب وجهه من هول الصدمة
لاحظت زوجته تغير ملامحه، تساءلت بنبرة قلقة:
_ماذا هناك؟ هل حدث شيئاً ما؟
حاول طمأنتها، قائلاً بهدوء مصطنع:
_لا شيء عزيزتي مشاكل في العمل فقط
استمع لحديث الطرف الآخر بخوفٍ من القادم:
_يبدو أن لسانك شل من الصدمة، أمم لا ألومك على ذلك، فأنت تعرف عاقبة من يرفض العمل معنا، كنت أود أن استغل عبقريتك، لكن للأسف الشديد سأضطر للقضاء عليك، فأنا أكره كلمة (لا)، تشعرني بالقشعريرة... آه أوشكت أن أنسى، أنا اعلم انك أخبرت الشرطة عن تلك الرسالة، و هذا كان بمثابة خطئك الثاني، بعد رفضك لعرضي السخي... يا لك من غبي يا عزيزي، فالشرطة- و من يعمل بها - اتباعٌ لي...
تباً لك يا جدي! لقد جعلتني أطيل الحديث، و هذا ليس من عادتي؛ على كل حال لقد استهنت بنا كثيرا، و قد حان وقت العقاب، أراك في الجحيم.
أغلق ذلك المجهول هاتفه، و ابتسامة شيطانية تحتل ثغره، لم تمضي دقائق حتى استمع لهاتفه يعلن عن وصول رسالة، مفادها أن المهمة تمت بنجاح
وضع الهاتف على مكتبه، ثم تطلع للجالسة أمامه على المكتب، تضع رجلاً على رجل بملامح باردة، قائلاً بابتسامة شيطانية:
_لقد تمّت المهمة عزيزتي
أشرق وجهها بابتسامة لعوبة، تحمل من الخبث ما يفوق خبث الجالس على كرسي مكتبه.
قلبت الساعــة الرملية الموجودة على سطح المكتب بأناملها الصغيرة، هاتفة بنبرة تحمل خلفها الكثير من الغموض:
_إذن فليبــــدأ العد التنازلي لصفقة الكبرى!
_أجل عزيزتي، فليبدأ!
وقف من على كرسيه بهدوء، بعد إلقاء كلمته، ممسكاً يدها التي تحمل الساعة الرملية، أوقفها أمامه بلطف شديد، كأنها كريستالة يخاف عليها من الكسر؛ توجه بها إلى الاريكــة الموجودة بجانب شرفة المكتب، اجلسها بجانبه، بعد أن قام بتشغيل إحدى مقاطع بتهوفن الشهيرة.
تحدثت هي بمكر أنثوي، بعد موجة من الصمت:
_أعشق هذا المقطع من سنفونية بتهوفن الشهيرة، بالأحرى أعشق جميع سنفونيــاته
نظر لها بأعين تشع من الغيــرة، و يده - التي كان يحتضنها بها-تضغط على ذراعها بقوة
ضحكت بصوت مرتفع- رغم الألم الذي تشعر به جراء ضغطــه- و هي ترى غيرته التي لا يخجل من إظهارها لها، هتفت من بين ضحكاتها:
_آه يا عزيزي! يا لك من رجل غيور، انا امزح فقط، أنت تعلم أنك مالك قلبي الوحيد
لانت ملامحه، و قلبه يدق في كل مرة يستمع إلى اعترافها
_اما الآن يا عزيزي، هل يمكنك ترك يدي فلقد أصبح لونها كلون الدماء
اعتذر لها بسرعة، و عيناه تجوب يدها بخوف من أن يكون قد أذاها بسبب غيرته الشديدة.
من يرى لهفته عليها الآن، لا يصدق بأنه من قام بقتل رجل بريئ، منذ دقائق معدودة.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
يجلس ذلك الشاب ذو الثلاثين عاماً على كرسيه، يحتسي قهوته الصباحية في مكتبه، و في نفس الوقت يتصفح آخر الأخبار في إحدى المواقع الإلكترونية الخاصة بآخر التطورات في عالم الأعمال
لفت نظره الخبر العاجل الذي تم نشره في صباح اليوم، و بجانبه صورة تؤكد الأمر:
" وفاة رجل الأعمال ناصر الفراج و زوجته، إثر حادث مرور أودى بحياتهما معاً"..
نزل عليه ذلك الخبر كالصاعقة، عمه "ناصر" كان بمثابة الأب الثاني له، فلقد تولى رعايته منذ أن كان في الخامسة عشر، أيضا زوجته، تلك المرأة الطيبة التي كانت تعامله كطفلها
حزن حزناً شديداً لوفاتهما، سقطت من عينيه دمعة تؤكد مدى حزنه على فراق عمه، هتف بصوت مثقل من الحزن:
"إنا لله و إنا إليه راجعون ".. "إنا لله وإنا إليه راجعون"
لم يدري كم ظل يردد تلك الآية، كأن لسانه لم يعد يجيد سِواها. بعد مدة من الزمن أستيقظ من دوامة الحزن و الصدمة على صوت هاتفه يرن، التقط هاتفه بيد، و اليد الأخرى مسح دموعه التي تسيل دون توقف، معلنة تمردها عليه
أجاب بصوت مبحوح، جاهد على أن يخرج ثابتاً:
_السلام عليكم
رد عليه الطرف الثاني، الــذي لم يكن سوى صديقه، و نائبه، و كاتم أسراره "حمزة":
_و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، هل قرأت أخبار اليوم؟
اومأ "يوسف" برأسه، ناسياً أنه على الهاتف:
_أجل، لقد رأيته
حزن "حمزة" على صديقه الذي كسى الحزن صوته، معزياً أياه:
_ البقاء لله يا صديقي
_"إنا لله و إنا إليه راجعون"
_هل أنت بخير؟ أنا اعرف أنه كان بمثابة والداً لك، و لأخواتك
تنبهت حواس "يوسف" لكلمة" حمزة" الأخيرة، تذكر إخوته البنات.. " زهراء" و" بشرى" المتعلقتين بعمه" ناصر" بشدة، بالخصوص اخته " بشرى"، مدللة العائلة الصغيرة؛ حمد الله في قلبه انهم لسن من هواة قراءة الأخبار.
أخذ "يوسف" مفاتيح سيارته من على المكتب بسرعة، و خرج بسرعة من المكتب بعد أن أوصى مساعده "اشرف" بأن يحجز له اليوم تذكرة على متن الطائرة المتجهة إلى أمريكا؛ و في غمرة انشغاله بالذهاب إلى المنزل، قبل أن يصل الخبر إلى إخوته، نسى أمر "حمزة" الذي كان يتحدث معه على هاتف منذ دقائق، و لم يكلف نفسه حتى عناء إغلاق المكالمة.
.
.
.
.
.
في الجانب الآخر، كان "حمزة" يردد اسم "يوسف" بصوت عالي، انتبه له والداه الجالسان على طاولة الطعام، يتناولان فطور الصباح.
خرجت شقيقته "سلسبيل" من غرفتها، قائلة بتأفف و سأم:
_أصبحنا وأصبح الملك لله، أوف لا أعرف ما مشكلة هذا البيت؟ لماذا لا تدعونني انااااام يا قوووم؟
ثم اكملت حديثها بدراما هندية:
_انا متأكـــدة بأن شخصاً يكره البنات أنجبت له زوجته فتاة، فقرر بينه و بين نفسه استبدالي بولد، كأنني... كأنني.. يا إلهي لا استطيع حتى نطقها، لكن سأقولها ليرتاح قلبي، كأنني خردة بالية
كانت والدتها السيدة "لبنى" تشاهدها بلامبالاة، فابنتها الكسول - كما تسميها - تكرر هذه الدراما كل صباح، و لا تسأم منها.
أما والدها الحاج "عبد القادر" فلم يلقي لها بال، لا هي ولا لشقيقها، فأولاده - كما يقول عنهم دائماً - عقوبته في الحياة، كونه رفض قرار والده بالزواج بجارته.
شعرت " سلسبيل" بيد تسقط على رقبته من الخلف، نظرت للفاعل بأعين تشع بالغضب الطفولي:
_اوف، توقف عن ضربي على رقبتي، ستصبني بالشلل ذات يوم أيها الغ...
و قبل أن تنهي كلامها، تحدث والدها الحاج "عبد القادر" بتحذير:
_إياكِ أن تقوليها، و إلا عاقبتك
ثم وجه حديثه إلى حمزة بتساؤل:
_لماذا كنت تصرخ باسم "يوسف"؟ هل حدث معه شيء ما؟ أو أنه كعادته أغلق الهاتف في وجهك؟
جلس "حمزة" على كرسيه بحزن، بعد أن تذكر مأساة صديقه، رد على والده بتنهيدة حزينة:
_لقد توفي عمه" ناصر" في حادث سيارة، رفقة زوجته السيدة "سارة"
وضع الحاج "عبد القادر" الجريدة على الطاولة، مردداً بنبرة مصدومة:
_ "إنا لله و إنا إليه راجعون".. لا حولا ولا قوة الا بالله..
متى توفي؟
_أمس في المساء
كانت "سلسبيل" ترتجف من الخوف، فبرغم لسانها السليط، و سخريتها اللاذعة، إلا أنها تعاني من فوبيا سماع ان أحداً ما توفي، خاصةً لو كان قريب من العائلة.
لاحظتها والدتها "لبنى" التي كانت هي الأخرى في حالة صدمة، فمن لا يعرف السيد "ناصر" و زوجته "سارة"، صاحبا الاخلاق الطيبة
هرعت لها والدته تحتضنها بسرعة، كذلك والدها و شقيقها، هتفت والدتها بقلق، و دموعها تتسابق على وجنتيها:
_"سلسبيل" صغيرتي الحلوة تنفسي ببطء، و لا داعي للخوف
لم تستجب لهم "سلسبيل"، التي انقطع نفسه، و ازرقت شفاهها، و أصبح وجهها شاحباً، يحاكي الموت
صرخ الحاج "عبد القادر" في وجه "حمزة" المتسمر في مكانه بذهول:
_اذهب إلى غرفتها، و احضر دواءها
افاق "حمزة" من ذهوله على صوت والده يأمره بإحضار دواء الربو الخاص بشقيقته
.
.
.
.
.
.
.
.
.
. رأيكم يا قمراااات +
يتبع.....بإذن الله