الفصل الخامس سكن مشترك

انطلقت ايلا في طريقها نحو مقر عملها اي المطعم الذي يقع بآخر الشارع الموجودة به البنايه التي تسكن بها، مضت بطريقها وعقلها مشغول بما حدث معها بالأمس تفكر بذلك اللص الذي دلف إلى شقتها بكل سهوله وخرج منها حتى دون أن تستطيع معرفة كيف فعلها، وكلماته التي حفرت بداخل عقلها تقلقها وتشعرها بالخوف والاضطراب لا تعلم من يكون ومن أين أتى، وما يريده منها حتى ولكنها تثق بأنه ليس لص عادي فهو برسالته التي تركها على مرآة السراحه الخاصة بها تؤكد بأنه سيغير مجرى حياتها، وصلت أمام الباب فدلفت إلى الداخل تتجه نحو العم جاك مالك المطعم الذي أبتسم فور رؤيتها ونهض من مكانه يرحب بها بحبور فقد ازداد عدد الزبائن منذ أن وطأت قدمها بداخل مطعمه الصغير ف خلال شهر واحد وبوجهها البشوش وتعاملها الراقي استطاعت جذب الزبائن والكثير من طلاب جامعتها أصبحوا يأتون حتى يأكلون ويتمازحون معها وسط صخب ومرح يضفي جو مرح على المكان يسعد من يراه :

- صباح الخير ايلا، كيف حالك يا ابنتي؟

اقتربت منه تعانقه بخفه وهي تجيبه بمرح كما اعتادت فهي تعتبره وكأنه أباها تشاكسه وتتشاقى عليه :

- صباح الخير جاك، أنا بخير لا تقلق كيف حالك أنت؟

- اوه يا فتاه أنا بخير ولكني أشعر بالدوار الدائم منذ يومين لا أعلم ماذا أصابني

أجابها بضعف بينما يجلس بمكانه من جديد عندما داهمته إحدى نوبات الدوار التي بدأت بالظهور عليه منذ يومين وأصبح دائم الشعور بها وهذا ما كان يقلقه يخشى أن يكون هناك شيء خطير أو مرض خبيث، اقتربت منه ايلا بقلق تربت على كتفه متسائله بدهشه :

- كيف ذلك، ولماذا لا تذهب إلى أحد الأطباء كي تطمئن على حالك يبدو وكأن ضغط دمك يحتاج إلى متابعه فقد يكون انخفض قليلاً

زفر جاك بهدوء ونظر إليها بإبتسامه خفيفه يربت على يدها المسنده إلى كتفه يطمئنها بحنان :

- لا تقلقي سأفعل ذلك، هيا فلتستعدي للعمل

اومأت له بإبتسامه هادئه بينما تذهب من أمامه إلى ممر جانبي طويل بأخره توجد غرفه صغيره خاصة بالعاملين كي يتمكنوا من تبديل ملابسهم الخاصه بملابس العمل المطبوع عليها شعار المطعم انتهت من تبديل ملابسها وانطلقت نحو المطبخ تتابع تحضير الطعام الخاص بوجبات اليوم وبعد قليل بدأ توافد العشرات من الزبائن ليتزايد عليها العمل لتطلب من صديقها بالجامعه والذي أتى ليأكل طعامه المفضل خاصة من هذا المطعم طلبت مساعدته بتوزيع طلبات الطعام على الطاولات حتى تواكب طلبات الزبائن ولا تشعرهم بالملل والأمر الذي لاقى استحسان صديقها لأنه يحاول التودد إليها منذ فتره ولكنها لا تعيره أهمية أكثر من صديق لها بالجامعة :

- رافي هل يمكنك أن تساعدني بتقديم طلبات الطعام، فكما ترى هناك الكثير من الطلبات وأنا حقا لا استطيع مواكبتها

انفرجت اسارير رافي بسعاده ونهض من مكانه يقف أمامها يطالعها بحنان وحب واضحين للعيان ولاحظهما ذلك الذي يجلس بمقعد خلف طاولة بعيده بإحدى زوايا المطعم الخفيه والغير واضحه كثيراً لتشتعل عيناه بنيران غيرته الشديدة تتصاعد بداخله مشاعره المتملكه التي يشعر بها نحوها تابع ما يحدث بعينان ثاقبه متوعده لها :

- بالطبع يمكنني ذلك قولي لي ما علي فعله وسأفعله لا تقلقي فأنا عملت سابقاً بإحدى المقاهي ولي خبرة بتلك الأمور

- اووه شكراً لك رافي، فلتأتي معي إذن

شكرته بلطف وطلبت منه اللحاق بها، غافله عن تلك العينان التي ترميها بسهام ناريه غاضبه تهدد بإحراق الأخضر واليابس، ذهب رافي وساعد أيلا لعدة ساعات متتاليه من العمل والجهد فقط لينال اهتمامها ويتودد إليها حتى انتهيا تقريباً وقد قارب موعد ذهاب ايلا حيث ينتهي دوامها عن الثامنه مساءاً ويكمل بعدها العمل شاب ويستمر دوامه من الثامنة حتى الثانية بعد منتصف الليل، نظرت إليه بإمتنان واقتربت منه لترفع يدها وتضعها على كتفه بعفويه قائله :

- لا أعلم كيف أشكرك رافي، فأنت حقا صديق عزيز وأنا ممتنه لكونك بجانبي وإثباتك اليوم بأنك رجل تأتمن وجدير بالثقه

اتسعت ابتسامته لتزيده جمالاً ووسامة غير عاديه فها هي حبيبته تمدحه وتقر بإعجابها وثقتها به أردف بحنان :

- لا تخجليني بتلك الاطراءات، أنا لم أفعل شئ سوى واجبي أنا فقط قمت بمساعدة صديقتي وذلك واجب علي غير ذلك فقد استمتعت بوقتي كثيراً بالعمل معك

اومأت له بتوتر ثم نظرت أرضاً تخفي خجلها منه فهي تعلم بإعجابه بها ولكنها بالفعل هناك من استحوذ على عقلها وانتباهها، لتتذكر على الفور وتتجسد صورة ذلك اللص الوسيم نصب عينيها لتشق ابتسامه رقيقه ثغرها الوردي الصغير تراجع لحظات اقترابه منها بداخلها وشومه التي تملأ جسده ملامحه الرجوليه الحاده عيناه الرمادية المتوهجه بلمعان عندما نظر إليها لم تفهم معناه وودت لو تعلم لما قال لها أنه بإنتظارها منذ زمن حتى أنها فكرت بأنه جن ما ولكن هل هناك جان يستمع للقرآن الكريم ويمدحه بتلك الطريقه تتمنى لو تراه مره أخرى لتفهم من بكون وما علاقته بها ولتكون صريحه هي تتوق لقربه وانفاسه التي عشقتها من لحظة قرب حدثت بينهما ولكن ذلك المغرور تركها باللحظة الأخيرة ما الذي كان سيحدث إذا فعلها و.....، انتفضت بذعر وقد انتبهت إلى ما ترنو إليه أفكارها كيف لها أن تعجب وتغرم بلص ماكر اخترق خصوصيتها ومنزلها دون علمها ودون إذن منها، اشتعل الغضب بداخلها منه ومن نفسها لتزفر بحنق متوعده له فإذا رأته مره أخرى ستمزق وجهه بأظافرها ولن تتركه إلا معترفاً بالحقيقه ومعرفة ماذا يريد منها، عادت بنظرها إلى رافي لتبتسم بهدوء مردفه بإرهاق حقيقي :

- أنت تستحق الاطراء يا صديقي، حسنا إذن فلأذهب أنا لقد تمكن الألم من قدماي لم أعد أشعر بهما كما أنه حان موعد مغادرتي فقد قاربت على الثامنه

سارع في عرض مساعدته من جديد قائلاً بلهفه :

- حسنا إذن لنذهب سويا، فأنا أيضاً ذاهب إلى منزلي

- لا داعي لذلك شكراً لك، فأنا أسكن بتلك البنايه البيضاء في مقدمة هذا الشارع

أحبطت محاولته بإبتسامتها الرقيقه لتذهب بعدها من أمامه إلى تلك الغرفه لتبدل ثيابها من جديد، ليبتسم بحنان وهو يتابعها بعيناه ثم ألتفت ليغادر كذلك ف بذهابها لا داعي لوجوده هنا فهو يأتي لأجلها فقط، بعد قليل خرجت ايلا وذهب لتوديع جاك والقاء التحيه على ءلك الشاب الذي يكمل بعدها العمل كما اعتادت كل يوم، خرجت بعد ذلك من المطعم في طريقها إلى المنزل ورغم ألم ساقيها إلا أنها كانت تمشي بسرعه بخطوات شبه راكضه حتى تصل سريعاً وتنال قسط من الراحة وتنعم بالنوم لبضعة ساعات قليلة قبل أن تستيقظ لتدرس وتراجع دروسها كما اعتادت يومياً حتى تستطيع التفوق والنجاح في دراستها ليفخر بها والديها كما اعتادا منها

__________________

بعد وقت لاحق

بالشقه التي تسكن بها أيلا كانت قد انتهت من استحمامها وتبديل ملابسه لأخرى منزليه مريحه عبارة عن قميص قطني يصل طوله إلى ركبتيها ذو حمالات عريضه وفتحة صدر منخفضه تكشف جزء من نهديها بطريقة مبالغ به نظرا لأنها تعيش بمفردها، وكان لونه العسلي الدافئ كلون خصلاتها الحريريه يتلائم مع بشرتها الخمريه الناعمه، ارتمت بجسدها على الأريكة بالصالة أمام التلفاز والذي كانت تبحث وتقلب بين قنواته بملل فلا يوجد به شيئاً يمكنها متابعته ملت من البحث به فأغلقته وألقت بجهاز التحكم على الطاوله الصغيره أمامها بضجر واعتدلت لتنام على ظهرها وترفع أحد ذراعيها تضعه على عينيها المغمضتين، ورغماً عنها ودون إرادة منها جاء ليتجول بخاطرها ليذكرها به صوته الاجش والجاد إسمه الذي زلزلها واضطرب قلبها لسماعه أخذت تتذكره وتتذكره حتى همست ودون وعي منها بإسمه بشوق وشجن لم تشعر بمثله طوال سنوات عمرها :

- بلااااال

استشعرت حلاوة نطق إسمه من بين شفتيها لتبتسم دون وعي هائمه بذكرياتها بقربه، تستشعر أنفاسه الدافئه جوعاً لها من جديد تشعر وكأنه أمامها تتنفس من أنفاسه حتى أنها بدأت تشعر بلمسات أنامله الخشنه تمر على وجهها تهبط ببطء وإثاره مروراً بعنقها حتى استقرت أعلى نهديها يمررها ببطء مثير يفقدها عقلها، تقترب أنفاسه لتلفح عنقها وتشعر بسخونتها تزداد حتى التصقت شفتيه بعنقها يلثمها برفق وشوق اضطربت حواسها وتسارعت وتيرة أنفاسها تجاوباً معه لترفع يدها وتحيط عنقه بتملك واناملها أخذت تعبث بخصلاته القصيره والناعمه بشغف فقد اختلط عليها الأمر وظنت بأنها تعيش حلم جميل يشبع فضولها ورغبتها بالشعور بلمساته وقربه منها، ولكن أنهار كل شيء وتجمدت أطرافها عندما وصل إليها همسه الاجش المثير قائلاً بلهاث تأثرا بقربها ووجودها بين ذراعيه :

- لم أكن أعلم بأنك ترغبيني كما ارغبك، أنتي حقا مثيره يا فتاه هتفتي بإسمي وها أنا ذا لبيت نداء قلبك وأتيت

ازدردت ريقها بذعر بينما تحاول فتح عينيها ولكنها لم تستطع وكأن جفنيها أبيا الانصياع لرغبتها عالمين بذعرها الذي تملك من قلبها من الداخل أجبرت نفسها على عدم الخوف واكتساب بعض الشجاعه لتحاول أكثر من مرة فتح عينيها حتى نجحت في ذلك وفتحت عيناها ببطء شديد حتى وضحت الرؤيه أمامها بشكل كامل لتتسع بشكل مفاجئ عندما طالعها وجهه ذو اللامح الجذابة وابتسامته الملتويه على ثغره بعبث واضح، يا إلهي كم هي غبيه كيف سمحت له بذلك ماذا سيقول عنها ماذا سيظن بها الآن نهرت حالها هل هذا ما تفكر به هل هذا ما يشغلها وتكترث لأمره ألا يكفي أنه تسلل لمنزلها من جديد بل وتجاوز كل الحدود بتقبيله لها بتلك الطريقة، هيا عودي إلى رشدك وانهضي فلتدافعي عن شرفك وحرمة منزلك التي تجاوزها ذلك الحقير التافه الوسيم اوووف حقا هل جننتي يا فتاه؟ تساءلت بداخلها بضجر قبل أن تنتفض وتتحرك بجنون ترغب بالابتعاد عنه لكنه رفض ذلك ورفع يديها يكبلهما فوق رأسها بقوه وبيد واحده بينما يده الأخرى تبعد خصلاتها الثائرة على وجهها الجميل ليضعها خلف أذنها متأملا ملامح وجهها الخلاب ليهمس بإعجاب :

- سبحان الله، أعطاك الله من الجمال ما يكفي لهدم جبال عاتيه ما بالك بذلك العبد الضعيف هل تريدين منه الصمود أمام فتنة شفتيك وعيناك هل أستطيع ذلك؟!!

حاولت دفعه بعيداً وفك ذراعيه من بين يديه ولكنه لم تستطيع رغم اشتعال وججنتها خجلاً من مدحه لجمالها واعترافه بتأثيرها عليه إلا أنها رفضت ذلك الوضع اندفعت تركله بقدمها لعله يبتعد صارخه بحنق :

- أبتعد عني، كيف تجرؤ على لمسي أيها التافه ستدفع ثمن ذلك غاليا فلتنتظر، فك قيدي هيا حررني أيها الغبي

أغمض عينيه يعتصرهما بشده يحاول التحكم في غضبه لا يتحمل اهانتها تلك ونفورها الواضح منه ولكنها لا تنفك وتتحرك أسفله بجنون ترغب بالابتعاد لا تعلم بأنها بذلك تشعله رغبة في الإقتراب أكثر ابتسم بهدوء بعد أن فهم ما بها يبدو أن صغيرته تعاني فهو رأى كم كانت متجاوبه ومشتاقه له كما هو يشتاقها ولكنها ليست ناضجة بما يكفى ويبدو أنها لا تؤمن بالحب من النظره الاولى لذلك عليه تحملها، أبتعد عنها ووثب على قدميه يطالعها ببرود وهي تنهض وتعدل من وضع ملابسها ولكن فتحة ذلك الرداء اللعين تجبر عيناه على الغوص في أفكاره المنحرفه يتساءل بداخله بتعجب فمنذ متى وهو أصبح منحرف ووقح بتلك الطريقه يبدو أن صغيرته تخرج منه ما لم يجربه أو يفكر به يوماً، استقامت أمامه تنظر إليه بتوتر تحاول لملمت مقدمة غلالتها من الأعلى  بينما تتحدث بإرتجاف وقد تمكن منها القلق والخوف :

- ماذا تريد مني، ولما تتسلل إلى منزلي أسمع أنا لا أملك اي شيء يستحق السرقه أقسم لك بذلك، فأنا طالبه جامعيه مغتربة أتيت من المغرب للدراسه لا داعي لأن تقتحم منزلي بتلك الطريقة أقسم بأنك ستصيبني بذبحة صدرية بفعلك ذلك

انتفض قلبه هلعا لرؤيته دموعها تنساب على وجهها بآخر حديثها رغماً عنه أقترب منها يجذبها من خصرها لتلتصق بصدره العضلي لم تعرف كيف حدث ذلك فحركته كانت أسرع من استيعاب عقلها للأمر، رفع يده يزيل دموعها بحنان فيما يهمس أمام شفتيها بجوع وشوق لتذوق شهد شفتيها المغويه :

- أنت تملكين أكثر الأشياء التي تستحق السرقه

نظرت له بهلع لتجده يبتسم بعبث يلمع بين عينيه بينما نظراته مثبته على شفتيها وبغريزة دفاعية غير محسوبة منها رفعت كف يدها ووضعته على فمها تخفيه عن عينيه وشفتيه وما كان منه إلا أنه زاد من ضمه لخصرها منفجرا في الضحك بصوت صاخب رجولي زلزلها واضطربت نبضاتها لجمال ضحكاته إلتمعت عيناها ببريق إعجاب قرأه بسهوله ليحاول التحكم في نفسه حتى تمكن من السيطره على نوبة الضحك التي تملكت منه ليقترب منها مقبلاً ظهر يدها الموضوع على فمها لتتسع عينيها زهولا من أفعاله الوقحه ليبتسم لها قائلاً بهدوء وجديه مشيراً إلى الشقه من حوله ثم إلى غرفة معينه :

- لا تقلقي فأنا لست سارق، كما أنني أستطيع الدخول والخروج بأي وقت كان وهذا لأن هذا منزلي أيضاً وتلك الغرفه غرفتي لذلك تجدينها مغلقة على الدوام، أنتي هي الدخيلة هنا أنا أسكن هنا منذ عام كامل

اتسعت عيناها رعباً وصدمه مما يقول كيف ذلك فقد مضى على مكوثها بتلك الشقه شهر وأكثر ولم تره سوى مرة واحدة كيف يقول بأنه يسكن هنا منذ عام وعندما استأجرتها لم يحدثها مالك البنايه بأنها سكن مشترك مع أحد والخالة ساندرا كذلك لم تذكر لها أي شيء بخصوص ذلك نظرت له بقلق وسألته بتلعثم :

- ماذا، ماذا تقصد بأنك تسكن هنا أنا لم أراك لشهر وأكثر بعدما أتيت، وإذا كنت لا تكذب وتقول الحقيقه لما لم يخبرني أحد الخاله ساندرا ومالك البنايه لم يحدثني أحد بذلك الأمر

ران صمت طويل يطبق على المكان من حولهما فنظر إليها قليلاً قبل أن يجيبها ببرود وبجدية تامة واختلطت حدة صوته مع قوته لتهالها نبرته الحاده :

- هذا لأني ضابط بالشرطه عزيزتي وأنا هنا بمهمة سريه لا يجب أن يعلم أحد بوجودي ولكن عندما أراد المالك أن يأجر الشقه بأوقات غيابي لم أعترض ولكني الآن أنا عدت لمنزلي كما ترين يا صغيرتي

____________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي