الفصل الخامس

٥
فى فيلا المنصورى
وجوم اعترى والدته  حين  رأت راجي يهبط من سيارته الخاصة برفقته فتاه  لكنها تعلم ابنائها جيدا ليسوا من النوع الذى يصطاد الفتيات 
لذا استقبلتها ببشاشة تنم على ترحيبها بها وتقبلها
بود  تبادله الاخرى المنكمشة على ذاتها تتطلع بوجهها  بشرود   اردفت :
نورتي بيتنا من انهاردة انتِ صاحبة بيت

تطلعت الى قسمات وجهها بدقه تبحت عن اى نفور او تصنع   فلم تجد الا حنان فياض تفوح رائحته   كعطر فواح
كم اشتاقت الى والديها  وتتلهف الى دلالهم لها  لكنهم الان تحت الثرى   وهى لا تعلم الى أين ستمضى  أمورها
أفاقت من شرودها على يد السيدة الخمسينيه تربت على كتفها الايمن   برفق   لتوليها اهتمامها قائلة:
تعالى معايا ياحبيبتى اوريكى مكان اقامتك شكلك مرهقه انا اسمى ماما سميره مش هاقبل بكلمة عمتى ولا خالة

استأذنت منها   حتى تأخذ قسطا من الراحة فالإجهاد  سلب منها طاقتها فبدا بوضوح على قسمات وجهها .
  بعد مغادرة سميرة ذهبت مباشرة الى  راجي تستفهم منه على وجود تلك الفتاة  قص لها ما مرت به امام عينيه 
ترقرق الدمع تأثرا منها  على عطر المسكينة  فاردفت بقلب أم مرتاع  :
ياضنايا يابنتى  قلبى كان حاسس انت عملت الصح لما جيبتها هنا مش ها تطلع من هنا غير على بيت عدلها  
غمزت بعينيها اليسرى له :
ما تجوزها هى ما لهاش ذنب ان اهلها كده
  قهقه ملء فمه  فتحث بين ضحكاته :
ابتدينا  شغل الخطبة  من دلوك مش حاسس بيها اكتر من اخت ده لسه ماشدتهوش ايتها حرمة  وربعت على عرش قلبي الا انتِ لغيت  دلوك وشكلي كده هاعنس وهايطوخونى زى خيل الحكومة  

رج روهان  باب غرفة اخيه بعنف مقتحما  مصوبا سلاحه نحوه:
انا اللى هاطخك وارتاح منك
تصنع الفزع قائلا :
اهون عليك ياسى طاهر اخدتنى لحم ورمتنني عضم  دى مكافأة نهاية الخدمة عايز ترمى لحمى للديابة انا برويه وماحدش يقدر عليا

صدمت  كفوفها  الاثنين فوق بعض على افعال ابنيها المتهورة   فيخرج الكلام من بين نواجذها بنزق :
لاحول ولا قوة الا بالله صبرني يارب  هابلى غيرى بيهم الاتنين يارب مجانين اللطف من عندك
تخصر بيده على وسطه مغيرا طبقة صوته   كصوتها :
من شوية كنت بتقنعينى انى اتجوز صحيح الستات امرهم عجيب
عانقت روهان باحضانها   حتى تتأكد انه عاد صحيحا اليها وانه بشحمه ولحمه قابع امامها ثم اردفت :
انزل بقى احضر العشاء لعطر وانت احكى لا خوك عن عطر .
باغت روهان راجي  وضع مرفقه الايمن  على رقبته من الخلف  مشددا  عليه كحلقة الاعدام     يكاد روحه تزهق فيخفف قبضته  مردفا :
هاتقول ولا اقررك بطريقتي
رفع راية الاستسلام  فيفرج  عن رقبته    فيتحسس موضع رقبته  فيردد:
مش ها تبطل هزار البوابين ده    انا كنت ممكن اعمل معك الصح بس ماردتش اخويا الكبير بردك ياجدع

اشار له بيده متأففا:
ارغى وهات الزيتونة 
سرد له ما قصه على والدته
ربت على فخذه اليسرى بفخر أخوى :
جدع  ياواد طمرت فيك التربية  أسيبك بقى واخد جولة بينها ايام عنب   امك مادام حبتها ها يبقى فيه تحالف نسائى .
طرقت سميرة باب الملحق  لكن ما من مجيب  ففطنت انها ربما سحبت فى دوامة النوم العميق لذا لم تحبذ ازعاجها  فرجعت مرة أخرى الى  اولادها خالية الوفاض بدونها .
تعجب  كافتهم من عودة والدتهم دونها لتلتقط بنظراتها تساؤلاتهم  فتفصح :
شكلها نامت خبطت ومارداتش ما انت ياذكى زى اللى جنبك معرفش ظباط ازاى  كت اخدت رقمها انما اقول ايه عقل عصافير واجساد بغال

فى الصباح   ترجلت الى أسفل حيث الجميع لمحت وجود شخص  لم تتبين ملامحه بعد بجانب راجي ووالدته
هلت عليهم بثياب سوداء فضفاضة   وغطاء رأس من نفس اللون   بثقة تفوهت  :
شكرا بجد يا طنت سميره على استضافتك ليا وترحيبك الودود بيا  وشهامتك ياسيادة الضابط بالرغم انك ماتعرفنيش  فبستاذنكم اجى اخد حاجتى بعد الكلية وانقلها شقتي   اسفة انى تقلت عليكم
نهرتها سميرة بصفح :
-مش عيب يبجى بيت امك موجود وتعيشي فى حته تانية لوحدك ماعنديش كلام ده من انهاردة اعتبرى البغال دول اخواتك والراجل العجوز ده ابوك بس اوعى عينك تزوغ عليه  ساعتها لا تبقى بنتي ولا اعرفك

ارتمت فى احضانها باكيه تشكو المها وجعها  دون كلام    تستقبل ذلك سميرة بكل حب

اما روهان فمن اول وهلة لرؤيتها  امامه بجسدها  الرشيق وبشرتها القشدية  وعيناها الزرقاء التى تحاكى البحر وموجاته  بهيجانه المتقلب خطفت لبه   واهتز وجيب قلبه    حين تساقطت دموعها  ضيق   ظهر فى الافق الخاص به 

جلست على الكرسى المجاور  استفهمت منها    عن دراستها فأجابت:
-فى رابعة طب بشرى
القى راجي دعابته:
اوعك تكوني مابتعرفيش تمسكي المشرط تكسفينا اودام جايدا وتبجى واجعة مربربه     وبيدك ضيعتى مستقبل الطب المصرى اودام الامريكى
جو من الفرح طغى على المكان فتتوعده :
لماتيجى جايدا هاقولها على اللى بتقوله وماتنساش ان اختك اكبر منك ب خمس شهور  .
*************
فى قصر البندارى
فى غرقة لواحظ
   الحقد يأكل قلبها عليها التخلص منها كما تخلصت  من والديها معا بحادث مدبر لم تكتفى بذلك بل شوهت  صورته فى نظر الجميع   وبدا  كتاجر اسلحة ومخدرات وليس ضابط شرطة شريف  فقد اوشك على كشف هويتها الحقيقية .
  خرجت من القصر حيث وكرها الذى تدير منه  عملياتها المشبوهة ترتدى قناع يخبئ وجهها عن الجميع وتغير من طبقات صوتها باحترافية 

حضر اليها احد العاملين ضمن افراد العصابة   أملت عليه ماتريد

لن يغمض لها جفن الا بعد رؤية غريمتها ذليلة بين يديها هنا   تنهى حياتها بقبضة يدها   
ودمائها تلوث المكان هنا يرتاح قلبها
تحدث نفسها قائلة :
مايضرش اسيبها تفرحلها يومين  شوية  جبل ما اطربجها فوج دماغها واطنشها هبابة غفوة الموت يعنى كله بالهداوة بيحوصل
**********
فى جامعة المنيا كلية التجارة
حين دقت  عقارب الساعة الواحدة بعد الظهر علا رنين هاتفها الخلوي معلنا عن اتصال 
اخرجت هاتفها من حقيبتها بنية اللون  
حدقت  بشاشته قديمة الطراز وجدته رقم غير مسجل
لم تعيره انتباه فقط تجاهلته   
بعد عدة مكالمات لم ترد عليه  بعث اليها رسالة :
-نادية انا اياد  انا كنت هاقولك انى مستنيكى اودام الجامعه   اطلعى

بسمة ظهرت على شفتيها  ما اجمل ان يشعرك احد باهتمامك  لكنها تريد الابتعاد خوفا من الاذى يكفى ما تعانيه
ان كانت تتحمل هذه المعاملة لأنها مؤقته فنكاحه  لها  سيحولها الى دائمة 
فما السبيل لحل تلك المعضلة ؟
تخشى الهرب  فتتورط ذاتها  بمصائب أكثر  خاصة بعد انتشار  الجرائم على شتى انواعها  أترمى نفسها من هلاك الى هلاك أشد ! ما عليها سوى الانتظار ويدبر الله امرها حيث يشاء

خرجت له  تحمد الله ان ذلك الغطاء حجب  وجهها عنه وانه لايرى  عدم تقبلها له

شرع  قائلا :
-من اهنه ورايح انا اللى هاوصلك وهاجيبك كلها كام يوم وتبجى مرتى
بصوت صارم  اعقبت عما خرج من ثغره :
لما ابجى مرتك ابجى وصلني وهاتني زى ما تحب دلوك لا   اللى بينا مايسمحش بكده يا ابن عمى  وبالنسبة للشبكة هاتها على ذوقك دى هديتك ليا

زوبعة احدتثتها بحديثها لم تمكنه من الحديث مرة اخرى   فتحبت باب السيارة من جهتها موصده الباب بعنفوان قصدته   لتركب احدى سيارات الأجرة الجماعية  كعامة الشعب حتى تصل الى قريتها .

جرحت كبريائه دون قصد منها فلا يصح الا الصحيح عليها ان تخشى من القيل والقال  فلا أحد يعلم  بمدى قرابته لها  لذا تعمدت ان تتلفظ معه بخشونة وتقيس ردة فعله للأمور
فى المساء
طرق اياد على غرفتها     
بلهجة جافة لم تعتاد عليها منه :
هديتك اودام الباب يارب تعجبك
ارتدت وشاحها  فتحت الباب  حتى تمد يدها ملتقطة ما جلبه
ابتعدت نتيجة دفع لواحظ لها بقسوة وعنف لم تعهده لها من قبل
  فاردفت بشماته واضحة :
-اوعك تكونى فاكرة  يابت تاجر المخدرات انك هاتلبسى الشبكة ديت اخرتك شبكة صيني  ما هو كل واحد ومجامه وده اللى يليج بيكى
ذهول من هول الصدمة   افقدتها حاسة النطق بل الاحساس بالكامل  فاقدة للوعى لتدفعها الى الداخل داهسة عليها باقدامها تجرها كما يجر الشاه ثم اوصدت الباب خلفها  بلا رحمة فاى قلب تمتلكه تلك المرأة !
***************
فى قصر العربى

على مائدة الطعام حيث يجتمع الجميع   لتناول  الطعام
تلكؤ جايدا طعامها بتمهل دون مشاركة فى الاحاديث تكتفى بالإنصات عليهم
وجهت زوجة عمها وجيه  حديثها اليها  :
-الا بالحق ياجايدا يابتى انتِ ليه ماتجوزتيش لدلوك
بمرارة اطلقت :
-كنت متجوزة وانفصلت
  عليها ان تستغل تلك النقطة لتهينها امام الجميع :
ماتكونيش  مش بت بنوت علشان اكده  طلجك
دون حديث اخر لاذت بالفرار الى غرفتها تنتحب مرارة الايام  وتشكو ألمها لخالقها

  كف سقط على وجهها من زوجها مردفا :
بنتنا عفيفه وده جزات اللى يقول اكده
انتِ
كاد ان يكملها الا كلمات والده الحاسمه :
لع ياولدى ماتطلجهاش وماعندناش رجاله تمد ايدها على حريمها  
وجه حديثه الى زوجته :
-اطلعى جهزى خلجاتك وولدك يوديكى عند  اهلك

بحكمه اكتسبها  على مر سنوات عمره :
ولا هاتروح عند اهلها  خد مراتك وعلمها غلطها فى جاعتك بس من غير جلة جيمة واياك تمد يدك عليها تانى لا جدامى ولا  من وراى والا انا اللى هاجفلك 

مرة يومان انزوت جايدا على ذاتها لم تعد تجتمع معهم  من عملها لغرفتها  حتى واتتها الفرصة لرد كرامتها المهدرة  فاهتز صوتها  :
مش انا اللى هاعمل كده الايام هاتثبتلك انا متربية ازاى تربية ماتعرفيش تربيها ولا حتى عشرة من عينتك  مش كل اللى اتربى فى بلاد الغرب سافل ومنحط مافى هنا ناس سافلة ومنحطة كتير  اومال الجرايم اللى بنسمع عنها بتيجى منين  ولا مايكونش بتستورد .
هذه الكلمات الاخيرة تحدثت بها بتهكم ساخر .
**********
    من داخل سراى النيابة

   بعدعدة ايام طلبت عطر الى النيابة لسماع اقوالها مرة اخرى أكدت على ماحدث   فحولت القضية الى محكمة الجنايات لعقاب الجاني على ما اقترف فى حقها  .

*************
فى منزل الروينى

منذ سنوات لم تطأ قدم والدها او والدتها  شقة عمها  اليوم  هنا الجميع  لاستقبال الغائب الحاضر ما عداها
الجميع يدهسها باقدامها كانها  قمامة اوشىء مهمش 
شاب أسمر ذو ملامح رجولية جذابة  عريض المنكبيبين ذو جسد طويل 

رحب الجميع به 
حدق فى وجوه الجميع  لا أثر لها  لقد اشتاق الى روحه السنوات تمر كدهور دونها
تيبس الجميع فى اماكنهم حين باغتهم :
وفينها روح هى مش عارفة انى جاي انهاردة ولا انا ماتوحشتهاش ولا يكون مجلب من مجالبها
مثل الجميع الاسى  فاخبره والده :
روح ماتت من اكتر من ٣ سنين واحنا مارضيناش نقولك علشان ماتزعلش وانت فى غربه  الله يرحمها الميت مايجوزش عليه غير رحمة
تسلل الحزن الى فؤاده مغادرا الجميع الى غرفته
كانت تتمنى روح ان يتلقفها فى احضانه ويعوضها  كم تشعر بالبرد دون اخيها  لكنه عاد وانكسر الامل الى الابد   من سينقذها من دوامة الظلم   علم انها ليست لها وجود فى الحياه ستظل تقاسى حتى تلاقى ربها
اما هو لا يصدق ما سمعه يشعر بها موجودة حوله   احساسه لايكذب ابدا رائحتها تفوح المكان

على مائدة الطعام الجميع يتناولون الطعام بصمت 
تقف من بعيد  امامهم  حتى ينتهوا من الطعام

طلب احد افراد العائلة ماء فرشقه فى وجهها دون ذرة شفقة بحجة انه مالح
انهالت عليها الضربات من عمها   يعاقبها عما ارتكبت 
لم يبعده عنها الا وليد:
بابا ماينفعش كده بردوك مهما كانت انسانة زينا
همست لها زوجة عمها بأذنها :
حسابك معايا بعدين يافاجره  مش كفاية عملتك المغفلجة كمان عايزة توجعى الواد فى ابوه مش كفاية اننا اوينك بدل  مانسيبك لكلاب السكك تنهش لحمك

استغل ذهاب الجميع    توجه اليها  هتف من بين نواجذه ناصعة البياض :
ماتزعليش حجك عليا
انتفض على صوت والدته تسأله :
بتعمل ايه عندك
بحسن نية أجاب :
كت بطيب خاطرها

فى مقتل اردفت :
دى باكمه مش هاتسمعك

توجهت الى المطبخ حيث محل اقامتها  نظفته
حتى اتى الليل وبدأ معه وصلة العذاب

  بعثتها الى الاعلى    فاستقبلها عمها  مكمما فمها قيدها    لينهال عليها بسوط اسود غليظ
لم يبرحها الا بعد ان اصبحت جثه هامدة
تفقدتها زوجة عمها فى الصباح 
تنفست الصعداء مازالت حية ترزق
اردفت بتهكم :
هى البرنسيسه مش عارفة ان وراها شغل متكوم
بخضوع ردت:
حاضر ياهانم نازلة اهوت   
بمشقة تحاملت حتى هبطت الى الاسفل وانهت ماطلبت سيدتها
************
  فى قصر عائلة العربى

لقد رجع الغائب بعد طول غياب  بزوجته وولده الشبيه بوالده
   كان لقاءا حارا ملىء  بالدموع التى عبرت عن الفرحة
تلقفته والدته فى احضانه دون السماح له بالخروج :
أخيرا مليت نضرى منيك لومت مش هايبجى نفسى فى شىء
اما والده  فعانقه  بشوق لم ينضب :
سامحنى ياولدى  انا اللى خليتك بعدت كل المدة ديت

جذب والده فى احضانه  مرة اخرى :
مهما تعمل فيا يا والدى مش زعلان منك تعمل فيا مابدالك انت ومالك لابيك
بفخر ربت على كتفيه :
الغربة مايغيرتكش كأنك عايش وسطنا

    هرولت رقية الى احضان اخيها تمرمغ راسها فى احضانه كانها حيوان اليف :
اتو حشتك جوى يا اخوى مش فاكراك الا من الصور
ردد :انتِ اكتر ياحبيبة اخوكى
سلم محمد عليه قائلا :
نورت بيتك
فأجابه:
بنورك يا ابونسب

حاسما امره  بأقدام مترددة تقدم امام الجميع واقفا امام الجميع فلابد من المواجهة   :
حمدالله على السلامة ياعمى
اكهفر وجه  نادر ووجدى وهنا   والباقي فى ذهول  اردف وجدى:
ايه جابك هنا يايحيى هى دى الامانة اللى ادتهالك تطلجها حتى من غير ماترجعلنا

نزل  حديث يحيى كالصاعقة على الجميع  :
انا ماطلجتش جايدا
فى ذات الوقت  عادت جايدا من عملها   انتفضت حين استمعت لهول الكلمات التى قذفها يحيى فى وجه والدها والجميع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي