الفصل الثامن عشر

شعرت مني بتغيير في أسلوب كل الذي حوليها فلقد غمروها بمشاعر الحب و الحنان الذي تفتقده فلاول مرة تشعر بمعني الحب .
بينما جاء كريم من الخارج فوجد فريدة ففرح لأنها تحسنت و تذكرت مني أمر الكيسة فقالت: صحيح يا فريدة كريم جاب ليكي كياس و طلعتهم فوق في الأوضة .
فقالت فريدة بإستغراب : كياس أه ده يا كريم .
فأجابها: كياس الاوردر إلي كنت طلباه.
تذكرت فريدة أمر ذلك الاوردر و طلبت أن يقوم أحد ليحضر تلك الأكياس فصعدت مني كي تجلبها.
بينما كان الجميع ينتظر ليري ماذا تحتوي تلك الكياس و خصوصاً عمار و بالفعل نزلت مني و هي تحمل الاكياس و تعطيها لفريدة التي قامت بفتح الكياس و النظر إلي المحتويات ثم إخراجها تحت تعجب الجميع فجميع الأكياس تتعلق بزينة رمضان فقال الجد: خير يا بنتي هو انت ناويه تزيني البلد كلها .
ابتسمت فريدة و قالت: لا يا جدي ده يدوب حيكفوا القصر و البيت عندنا بس يا رب متبقاش في حاجه ناقصة و لو في حطلب إلي ناقص بس أنا عايزة يبقي الشغل كامل .
بينما قال مروان : خلاص انت تجربي لو عجبني نشتري احنا كمان لينا و لدار ريم .
بينما قال درويش : لا يا ولدي ده حتبقي هدية مننا و كمان في ارض فاضية وراه القصر ده رابطه الثلاثة عائلات ببعض فممكن نزينها علشان لو في عزومه تبقي شكلها حلو .
أعجبت فريدة بالفكرة و قالت: لو علي كده يبقي ابدء من بكرة علشان نلحق نزين كل ده قبل رمضان و كمان يا جدي هو هنا مفيش موائد رحمان.
رد عليها ابراهيم: كيف ده لا فيه يا بنت عمي و بتاعنا  علي الطريق علشان ابن السبيل كمان و الوكل بيبقي متقسم و طالع من الثلاثة بيوت و حريم الدار هي إلي بتعمله بأيديها علشان الاجر و الثواب.
فرحت ريم بشدة و قالت: أن شاء الله السنه ده حساعد فيها علشان الثواب و كمان بنات الدار معظمهم عندهم امتحانات فده فرصة .
نظر لها مروان بعشق فلقد وجدها بسيطة حتي في حركاتها .
بينما قالت فريدة: و أنا كمان حساعد و أن شاء الله محصول الأرض يكون طلع و دوقوا أحلي خضار من أرضي .
ضحكت مني و قالت: لا الخضار ده ابعتيه لي علشان التخسيس .
بينما قالت فريدة: صح فين التصميم إلي كنت شغاله عليه .
فردت بسعادة: فاضل حاجات بسيطة و أخلصه عاد و يبقي أول حاجه حصري .
فقامت فريدة و أخرجت طوب من القماش عليه نقشات رمضانيه تحتوي علي شخصيات كرتونية و قالت: طب يا ستي خد ده علشان تعملي مفارش لبيوت الأربعة و لموائد الرحمان و كمان تعملي فروع للزينة و وريني شطارتك .
مسكت مني القماش و قالت: تمام المتر بجنيه أه ما أنا لازم أعمل مشروع و ده فرصة .
نظرت لها ريم: امال مين حيشاركنا في الأجر و الثواب .
ضحكت مني و قالت: صح أنا افصل و انتم تعملوا الأكل ماشي اه برضه كل شيء بثوابه .
ابتسم الجميع فلقد شعروا بأن البيت محاط بالسعادة و روح الحب تنبث منه .
بينما حضر عادل هو ألفت كي يطمئنوا علي فريدة فوجد الجميع يجلس و يضحكون فقال عادل: يعني يا عمي جايب الولاد هنا علشان تتضحكوا و ينور هنا ده البيت مضلم من غيرهم .
فرد درويش : هنا و هناك واحد يا ولدي بس بصراحة ولادك عاملين للبيت روح .
بينما رد عليه قائلاً: و أه جو رمضان ده أكيد أفكار فريدة ده ما لعب العيال ميطلعش غير منها .
فأجابه عمار : لو ده لعب عيال فأنا بعشق اللعب يا عمي .
فقام عادل بقذفه بالعصا و قال : أه عاد بتعاكس بنتي قدامي .
فأجاب كالفائق من غفوة: لا و الله يا عمي مش قصدي بس أنا أقصد أن فريدة عاقلة و ده حاجة تفرح الصغير و الكبير و لو ده عمايل صغار يبقي احنا كمان صغار بس نفرح.
أعجب الجد بكلام حفيده بينما مال مروان عليه قائلاً: فيه أيه عاد احنا هنا لازم نحاسب علي تصرفاتنا علشان هنا مش زي بره يا صاحبي .
نظر له بغيظ و قال: بتردها ليا صاحبي .
فأجابه: شكل البنات حالفين أنهم يضيعوا الباقي من عقولنا .
ابتسم الإثنان و وجدوا فريدة مازالت تري الأشياء و نظرات الانبهار من نساء الدار .
جاء الليل يحمل معه السكون و كانت مني تفصل القماش و فريدة تصمم الشكل الذي تريده كي تضع الزينة متناسقة و فرح و روان يذاكرون بينما هنا و ورد يخلدون في النوم و عمار يحدث مروان و ياسين و كريم يذاكر دروسه.
سمع الجميع أذان الفجر فمنهم من صلاة و خلد للنوم و منهم من أستيقظ كي يبدء نومه بينما لم تشعر مني بأن الوقت مشي بها لاذان الفجر فقد وجدت أنها صنعت مفارش كثيرة و متعددة و قد أثنت فريدة عليها فلقد كانت غاية في الروعة فقررت أن تصلي و تنام ساعتين حتي ترتاح بينما قررت فريدة النزول للاسفل ثم أخذتها رجليها لمكان الأرض كي تري زرعتها مثل كل يوم و لكن شعرت بأن هناك من يراقبها فتمكن الخوف منها و لقد كان الصباح علي وشك الظهور فأخذت تفكر فماذا تفعل و لكن كان عقلها مشلول و لكن حسمت الأمر عندما لفت للجهه الأخري و لكن تفاجئت من هول الصدمة .
بينما كان الجميع يتناولون الفطار و لقد ظنوا بأن فريدة مع مني مازالوا نايمين فقرروا أن يتركوهم حتي يستيقظوا علي راحتهم .
كانت ريم تجلس مع والدتها و زوجه عمها تصنع معهم الفطائر و لقد طلبت كوثر من ريم جلب اللبن و البيض و بالفعل جلبتهم بعد تعب و مشقة .
في أحدي الأماكن التي توحي ببساطة أهلها يجلس رجلاً يظهر عليه التقدم في العمر و بجانبه أمراة تصغره في السنه و تقول له: لسه بتفكر فيها عاد بجد بحسدها علي حبك ليها رغم كل إلي عملته فيك .
أجابها بحسرة: هي عمرها ما تتحب بس لما جابت بنتي كانت كل حياتي فحبتها علشان بنتي و ابوها و أهلها ناس طيبين قوي بس هي كانت غيرهم في الطبع بس اقول علشان خاطر ابوها أكرمها بس هي ربنا يسهلها .
نظرت له و قالت: برضه لسه محبتنيش رغم العمر ده بس أقول ليك أنا برضه بحبك حتي لو محبتنيش كفاية حنيتك و طيبتك و جدعنتك معايا .
نظر لها و قال: لسه فاكرة ياه ده زمن .
فأجابته: عمر الزمن ما بينسي و مينساش إلا قليل الأصل .
فأجابها: بس ده عده عليه سنين و كمان أنت لسه مش عارفه بحبك و له لا .
فأجابته: لهفتك عليها مرواحك كل شهر علشان تشوفها من بعيد أو تشوف بنتك و ميأستش حتي لما جبت ليك الواد برضه بشوف كلامك عن بنتك عينك بتبقي فيها لمعة رغم أنك مش مقصر معايا و لا مع ولدك بس تصرفاتك بتحكي إلي بتخبيه.
نظر لها بألم و مرارة: طول عمرها قاسية فكيف بنتي معها هل حتقسي عليها حتحسسها أنها ملهاش لازمة في الدنيا علشان تضعفها أصلها متعرفش عن الحنية شيء أصلاً عرفتي ليه بتكلم عن بنتي و في عيني لمعة علشان عارف حجم المعاناة مع أم جشعة  .
هزت راسها متفهمه و قالت: ربنا يجمعك بيها بس ياريت متكونش امها مالت أذنها بكلام مسموم .
نظر لها و قال: لا ده عادة من عاداتها أنها تبث السم في اذن من حولها بس أنا خلصت ذمتي قدام ربنا و روحت لابوها و خبرته بكل حاجة قبل ما أمشي و أسيب لها البلد كليتها .
بينما كانوا يتحدثون دخل عليهم شاب في عمر الزهور و قال: السلام عليكم يا بوي كيفك يا أماه .
فردوا عليه السلام و قالت أمه: حمد لله علي سلامتك يا ولدي كيفك و اخبار التعليم ايه عاد .
فأجابها الشاب: خلاص خلصت امتحانات و بعد كده حتظهر النتيجة و حكون أكبر طبيب بيطري في البلد .
ابتسم له أبيه: أن شاء الله و أنا عند وعدي حفتح لك عيادة بيطرية علشان تبدء تشق طريقك .
تبسم الشاب قائلاً: الحمد لله يا بوي مستورة هو انت فاكر أني مش راجل يعتمد عليه أنا كنت بدرس و اشتغل و معايا مبلغ مسنود عليه كمان فاتح مشروع علي قدي بيدير ليا عائد كويس أوي و فلوسه زينة .
ضحكت والدته و قالت: كل ده مش شوية كتاكيت .
ضحك الشاب: ما أنت عارفه اتعرفت علي كام صاحب و قولنا نشوف حظنا اشترينا كتاكيت و طبقنا دراستنا هما بالأطعمة و أنا بالعلاج و التحصينات و الحمد لله عال العال الكتاكيت بقت فراخ و البيض فقس و بدل الكتكوت بقوا مية لغاية ما بقي عندنا مزرعة و كمان بنشوف لو حبينا نبدء بس المرة ده بعجول و ابقار بنشوف التكلفة .
نظر له والده: ولدي لو عايز شريك أنا موجود .
ابتسم الشاب و قال: أنت الخير و البركة و في الأول و الآخر المال مالك يا بوي .
شعر سمير أنه كان ظالم مع ابنه فنعم هو يحبه و لكن يعشق ابنته التي لم يعرف أن يراها الا قليلاً جداً بسبب عدم خروجها من البيت و لذلك قرر أن يذهب قبل الفجر لعله يراها و بالفعل ذهب و لكنه لم يراها بل رأي أحدهما يمشي في الأرض فوضع الكوفيه علي وجه و عندما لاحظ أن الفتاة شافته فقرب منها دون أن تدري و عندما ألتفتت له وجدته أمامها فأصابتها الصدمة فقال لها مطمئنها: متخافيش يا بنتي أنا زائر و حمشي علي طول مش قاعد بس أنا ثاني مرة أشوفك هنا أنت قريبتهم .
شعرت فريدة بصدقه فقالت: أيوه جدي درويش يبقي عم بابا .
فأجابها: يبقي أنت بنت عادل كيف أبوكي وحشني قوي بس الظروف حكمت و مفيش في أيدينا حاجه نعملها واصل.
لاحظت فريدة وجود شبه بيه و بين شخص تعرفه و لكن لم تربط الخيوط فقالت: و حضرتك تعرف بابا منين .
فأجابها: كان صاحبي لغاية لما افترقنا و انقطعت أخباره بعد ما سافر مصر .
فردت عليه: بس انت بتقول تاني مرة تشوفني ازاي و أنا أول مرة اقابلك.
فأجابها: يوم الحريق كنت قريب من هنا و شوفت حد من العمال هو إلي ولع النار فجريت عليه فهرب و حاولت اطفيها بالفعل كانت حتنطفي بس لما جيتي خفت تفتكريني أنا إلي ولعتها فسبتها و مشيت بس كنت قريب منك و لما حاولتي و النار ذات عن الحد لقيتك وقعتي جريت عليكي و سندتك و حطيتك علي الأرض حتي تليفونك و حاجتك خلتهم جنبك و حاولت اطفيها بس كانت النار لسه مشتعلة فكل إلي عملته ردمت النار بالرمل علشان متكملش لبقية الارض لانه إلى كان المقصود هي زرعتك الجديدة لأن البنزين كان في اتجاهها و بعد كده جده شاب علي ما اظن عمار و حملك و وداكي المشفي و روحت وراكي علشان أطمئن عليكي وجعت دماغك عموماً أنا حمشي بس ادعي ليا أن ربنا يوفقني و يجمعني ببنتي و تركها و رحل و هي علي أمل أن يلتقوا مرة أخري .
رجعت إلي البيت و تفاجأ بها عمار فقال: كنت فين عاد انت مش نايمة فوق .
فأجابته :كنت بطمئن علي زرعتي .
فرد عليها: و كيف تخرجي في وقت بكير كده من غير راجل .
فردت عليه قائلة: مبحبش حد يعلي صوته مهما يكون مش حتلتزم بأدب التحاور يبقي بلاها حوار و تركته و صعدت وسط نيران من الغيرو تشتعل في قلبه .
مين الراجل ده و ايه سره .
الشاب حيبقي ليه دور في قصر درويش .
كل ده حنعرفه الفصل القادم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي