الفصل الرابع و العشرون
في الصباح الباكر أستيقظت مني علي غير عادتها حيث سمعت همهمات بالخارج عكس بيت جدها ففاقت وتوضأت كي تصلي و ذهبت جهت الشباك فوجدت أن النهار قد طلع و الناس يذهبون لأعمالهم و الحريم يشترون ما يريدونه لبيتهم و البقر و الجاموس يسيرون كأنهم يعرفون الطريق و الاطفال مستيقظين بكير كي يلعبون فشعرت بالسعادة لأنها لأول مرة تكن وسط الناس تراهم عن قرب فبالرغم بعدها عن بيت جدها و لقد ظنت أن عينيها لا تعرف النوم بعيداً عن غرفتها و لكن لقد شعرت عكس ذلك تماماً فلقد نامت لأول مرة تشعر بالراحة و الطمأنينة و بينما كانت تشاهد الناس وجدت زوجة أبيها راجعة من السوق تحمل أشياء كثيرة فنزلت من غرفتها كي تحمل عنها و بالفعل نزلت بسرعة و حملت عنها الأشياء فقالت لها وداد: يا بنتي ما أنا متعودة من زمان علي الشيله بس أه إلي صحاكي بكير ده انا كنت حروق البيت و أحضر الفطار و بعدين اصحيكي لو عايزة تطلعي تنامي روحي يا بنتي و أنا حخلص كل حاجه و حزعق عليكي تنزلي .
نظرت لها مني بحب و قالت: ليه هو انا مش بنتك عاد و له أيه يبقي أعمل معاكي في البيت و اساعدك و متخافيش بعرف اعمل الوكل زين و اخبز كمان لا ده أنا شاطرة .
ابتسمت لها و قالت: شاطرة و ست البنات كمان يا بنتي بس علشان متعبكيش و بصراحة أنت في بيت جدك اكيد كان في خدم فحتيجي هنا و تشتغلي بنفسك روحي يا بنتي و أنا حخلص كل حاجة متشغليش بالك .
نظرت لها مني و قالت: يا خاله عند جدي الخدم كانوا يلموا السفرة يغسلوا المواعين بس الوكل حريم الدار بيعملوا بأيديهم و الخبيز شرحه و لو في مناسبة احنا بنشتغل بأيدينا.
نظرت لها تلك المرأة الحنونه قائلة: خلاص يا بنتي إلي يريحك اعمليه البيت بيتك و كل حاجة هنا بتاعتك بس ماعدا الشقة إلي في الدور الثالث ده محدش بيدخلها واصل غيري علشان فيها حاجات خالك عادل و من وقتها أبوكي مانع خد يدخلها غيري بنضفها و ببخرها و اخرج طوالي .
تفهما متي الوضع وهزت رأسها و قالت: طب المفروض دلوقتي حنعمل أيه أصل أنسي اخليكي تعملي حاجة لوحدك في البيت ده .
ابتسمت لها و قالت: أنا حخرج اكل الطيور و البهائم و حرجه بالبيض و اللبن أما الدار فاعملي فيه إلي أنت عايزاه عايزة تروقي المطرح براحتك تعملي الوكل برضه براحتك علي العموم مش حتأخر و خلي بالك الرجال راحوا شغلهم من بدري يعني حتكوني لوحدك في الدار بس أنا في ظهر البيت يعني نادي عليا حاجي واصل و متفتحيش لحد الباب كله معاه مفتاح و أبوكي شغال تحت في الدكان لو عايز حاجة بينده يعني متخافيش.
هزت رأسها مني و خرجت وداد و بالفعل لم تغب كثير و رجعت محملة بالبيض و اللبن كانت في ذلك الوقت أنهت مني من تنضيف البيت فلقد كان البيت مرتب و منظم و أعجبت وداد من نضافتها .
قامت وداد بتحضير اللبن و بعض القراقيش و جلست هي و مني يتناولوها سوي و بعد الانتهاء قامت وداد كي تحضر الفطار و أصرت مني أن تجهز ما يحتاجنه في الغذاء و وافق وداد علي مضض فتلك الفتاة عنيدة و هي لم تقدر علي عندها و بعد الانتهاء من وجبة الفطار طلبت وداد من مني أن تنادي من الشباك علي والدها كي يأتي ليتناول فطوره معهم و بالفعل حضر و سعد عندما وجد أن مني تقبلت وجود وداد .
بينما ذهب معز مرة أخري لعمار في المزرعة فلم يجده و لكن وجد فريدة حيث كانت تري النباتات التي زرعتها فقال لها: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
فردت عليه فأكمل: هو فين استاذ عمار روحت ليه مكتبه مش موجود و كمان أنا محتاج العلف ضروري .
فقالت له: حتصل بيه حالاً و أشوفه فين .
و بالفعل هاتفه فريدة و حضر و اعتذر لمعز عن التأخير و أخذ ما حضر له و بينما كان يركب عربته وقفه عمار قائلاً: مني كيفها بخير .
ابتسم له و قال: الحمد لله متخافوش عليها أمي طيبة و بتحب الناس بسرعة .
شعر عمار بخطأه فقال: مش قصدي أنا قصدي أنها غيرت مكان نومها و راحت مكان تاني أول مرة تروحوا علي العموم وصلها سلامي و كمان اديها تليفونها أنا جبته معايا لما عرفت أنك هنا .
شكره معز و رحل بالعربه.
بينما قال عمار لفريدة: مالك زي ما يكون في شيء مزعلك .
تنهدت فريدة و قالت: منمتش طول الليل بفكر في مني كيف كانت فرحانه و انتهي الفرح كيف أزاي عمتك تقدر تقف في وش سعادة بنتها و كمان هي عاملة أيه هناك عارفه تتأقلم و له تعرف أنا أول ما سافرت مكنتش عارفه انام و قعدت بالايام عيني متشوفش النوم و كنت ناوية ارجع حسيت أن محتاجه لاهلي بس عاندت و قولت مش من أول حاجة انسحب و أمشي و عافرت و الحمد لله حققت حلمي .
ابتسم لها عمار و قال: عقبال ما أحقق حلمي أنا كمان عاد .
ابتسمت فريدة بخجل و قالت: و أه هو حلمك بقي .
نظر لها و قال بعشق : اليوم إلي تكوني في مراتي مكتوبة علي أسمي .
هنا جاء صوت من خلفه: عال العال البنت جايه تشتغل و له جايه تتحب في ايه يا عمار لا ده أنا اللعب عمي طول ما بنتي هنا ممنوع تقرب من المزرعة اه احافظ عليها أو تقعد و كفاية شغل المرة ده لحقتك المرة الجاية مش عارف أعمل ايه عاد .
نظر له عمار بتعجب فمن أين ظهر عمه عادل و قال بتوتر : عمي أنت فاهم غلط أنا أصلاً مكنتش جاية بس فريدة اتصلت بيا علشان كان في واحد محتاج شغل يأخده فده إلي جابني هنا و الله .
قاطعهم كريم قائلاً: اه يا عم عمار سبتني في الاسطبل و اتاخرت ليه عاد أنا عايز اركب الفرس يلا بينا .
نظر له عمار كأن انتشله من الضياع و قال: يلا بينا بعد أذنك يا عمي و جري و قام كريم بإلحاق به .
هنا قالت فريدة: و الله يا بابا محصلش حاجة .
ابتسم لها و قال: عارف بس كنت بنرفزه يا بنتي و كمان علشان عقله ما يودهوش في حته بعيدة عاد.
ابتسمت فريدة و تركها ابيها كي تعاود عملها بينما كان سعد يشعر بالاشتياق لها و كان ينتظر أن تهاتفه و لكنه تذكر بأنها تركت هاتفها في بيت جدها فقرر الخروج حيث الهواء الطلق .
بينما كانت ثناء تشعر بالاختناق و تكتم غيظها فلقد فقدت كل ما تملك في نفس اللحظة و كأن ما تخطط له من سنين لن يكن و ضاع كل آمالها فأبنتها الغبية ضيعت كنز من يدها و لم تعلم بأن ابنتها هي الكنز نفسه و لكن هناك بعض الناس يكن الكنز معهم و يبحثون عن الكنوز بالخارج فيفقد كل شيء .
بينما بالاسفل كان الحريم يعملون في البيت و لقد شعروا بافتقادهم لمني فهي كانت تعطي للبيت معني و لكن لا باليد حيلة .
بينما وصل معز الدار و وجد الضحك يصدر من الدار فيعد من ذلك و فتح الباب و قال: يعني مستنيين أخرج علشان تضحكوا مش ده يا حاجة إلي كنت ماسكة فيها امبارح .
ضحكت وداد و قالت: أنت لسه فاكر ده كان امبارح بمجرد أن اليوم يخلص بتخلص معاه كل حاجه حصلت و أحنا النهاردة فخلينا في يومنا بس اه إلي جايبك بدري.
فأجابها : كنت بجيب العلف و الحمد لله جبته لو عايزة يا مني تيجي معايا تتفرجي علي مشروعي تعالي و كمان خدي تليفونك .
نظرت له مني باستغراب و قالت: جبته كيف ده .
فأجابها بأن عمار قد أعطاه له كي يوصله لها فقررت أن تذهب اولاً معه كي تري مشروعه و عندما ترجع تهاتف من تريده .
خرجت معه و شاهدت الطيور و أخذها كي تري المواشي و أعجبت بالمنظر فبالرغم بأن جدها كان يمتلك أكثر من ذلك و لكن كانت لا تري أي شيء من ذلك حيث كانت والدتها ترفض لها الخروج و كأنها أسيره قد اكتسبتها من حرب حاولت أن تتناسي ما فعلته والدتها كي لا تعكر تلك اللحظات الجميلة و عندما انتهي معز قال: خدي اكليهم بأيدك الحيوانات بتحس بالحنية و بالفعل في بدء الأمر كانت يدها ترتعش و لكن فيما بعد شعرت بالسعادة .
أنتهي معز و عاد بمني للبيت كانت والدته بالفعل قد بدأت في إعداد الطعام فقالت مني: كفاية كده يا خاله ريحي و أنا حكمل .
فقالت لها وداد ضاحكة: لا مش انا عملت الوكل يبقي اكمله مينفعش اعمل نص و أسيب النص عايزة تضحكي عليا عاد .
ضحك كلاً من مني و معز عليها فقالت مني : خلاص تمام بكرة أنا الغذاء عليا خلاص اتفقنا .
فاجابتها: اتفقنا يا بنتي سبيني بقي أكمل الوكل بدال ما يبوظ و نأكل عيش حاف .
بينما كان سمير يعمل في الدكان و يفصل في الملابس و يبيع و يشتري حتي شعر بأنه مجهد فقام بغلق الدكان و دخل للبيت كي يستريح .
و عندما دخل لاحظت وداد بحضوره علي غير العادة فقالت له: خير يا سمير مالك .
فأجابها: مفيش بس شكلي خدت دور برد هو ده إلي تعبني شوية حطلع أريح و لما الوكل يجهز نادي عليا .
شعرت وداد بقبضة بقلبها و لكن لم تتحدث و أخذت تكدب نفسها كي يتلاشي هذا الشعور .
و بالفعل انتهت من إعداد الطعام و صعدت كي تخبر سمير و بالفعل نزل بالاسفل بصعوبة و عندما وصل لمكان وضع الطعام اصابه دوار مما جعله يسقط و اخر ما رآه نظرات رعب في أعين الجميع و سقط فاقد الوعي .
أول من جريت عليه كانت مني و أخذت تبكي و تقول: بابا قومي ده انا مصدقت لقيتك ليه كده يا رب تخطف فرحتي ليه مفيش فرحة ليا بتكمل .
بينما قام معز بحمله و نقله إلي المشفي في الحال و جلست مني و وداد يبكون بأحضان بعض فكانت وداد تشعر بالخوف من أن تفقد شريك دربها نور عينيها مؤنس وحدتها بينما كانت مني تشعر بأن القدر مصمم أن يخطف فرحتها و أن سعادتها لا تكمل فاينما تأتي السعادة يأتي شيء كي يأخذها كان الدنيا كتبت عليها التعاسة .
بينما في المشفي تحدث معز مع الطبيب فخبره بأنه ارتفاع في ضغط الدم و يجب أن يهتم بعلاجه لأن في الأيام الأخيرة أثبت التحاليل تقصيره في تناول الدواء .
فهم معز ما حدث فعدم تناول والده الدواء الخاص به هو سبب كل ذلك فنظر له معاتباً فهم سمير نظرة العتاب من ابنه فأنزل رأسه بالاسفل فهو يعلم بأنه أخطأ في حق نفسه .
وصل معز بوالده للبيت و عندما دخلوا وجدوا مني تنام علي رجل وداد و الطعام مازال مكانه لم يتحرك قيد أنمله من مكانه فقال معز: هي مني نامت .
فأجابته وداد: من كتر البكا نامت أبوك الدكتور قال ليه اه .
هنا تحدث سمير قائلاً: الظاهر نسيت برشام الضغط بتاعي اخده فهو إلي عمل كده .
نظرت له بغضب و قالت مهدده له: طب المره الجايه متنساش علشان أنا و لا الغلبانه حمل بكا و بنتك شكلها مكنش في حد بيحن عليها يعني محتاجلك جنبها قلبينا فياريت تخاف علي نفسك علشانها ده من كتر البكا لما حطيت رأسها علي رجلي و مددت جسمها راحت في النوم بس لسه يا عني جسمها بيترعش .
قام معز بأخذ الاكل كي يسخنه لأن والدته لا تقدر علي النهوض حتي لا تيقظ مني و بالفعل وضعوا الطعام مرة أخري و قامت وداد و قالت: يلا يا بنتي قومي كلي لقمة أبوكي الحمد لله بخير يلا قبل الاكل ما يبرد .
نهضت مني و عيناها منتفخة من البكا و فرحت عندما وجدت ابيها يجلس يتناول الطعام و تناولوا الطعام وسط نظرات خاطفة من مني لأبيها.
بينما كان الحقد و الشر قد تمكن منها و اصبح الانتقام هو المسيطرة و قررت أن تبدء بها فهي سقوطها سوف يعمل علي انهيار المعظم و بذلك سوف يصبح الانتقام سهلاً لها لأنها قد كسرت الضلع الاقوي الذي به تنهار الحصون و ابتسمت ابتسامة توحي بمدي الشر و قامت بمهاتفه أحدهما بأن يبدء في تنفيذ ما قررته و جلست تناول قهوتها حتي تري نتيجة فعلتها.
بينما كانت فريدة ذاهبة للمنزل وجدت فتاة تبكي فذهبت إليها كي تري لماذا تبكي و عندما قربت منها قالت: مالك يا قمر أيه إلي يخلي العيون ده تنزل لؤلؤ .
ابتسمت الفتاة في وسط البكاء و قالت: كنت بشتغل هنا في الأرض بس بقالي يومين مش بروح علشان كنت تعبانه و النهاردة نزلت قالوا أنهم مشوني و مش عارفه أصرف علي أخواتي و أمي منين .
نظرت لها فريدة بإستغراب و قالت: هو انت شغاله هنا بس انت صغيرة علي الشغل عندك كام سنه .
فاجابتها بحزن: ١٠ سنين و أه شغاله علشان يقدروا اخواتي يكملوا علامهم و أنا بخلص شغل و بساعد أمي علشان شغل البيت عليها كتير .
نظرت لها فريدة بحزن فكيف لفتاة في ذلك العمر تخرج للعمل و الذين في نفس عمرها يلهون و يلعبون فكيف لها أن تخطف الدنيا اجمل لحظات عمرها فقالت: طب متحمليش هما من بكرة تعالي المزرعة بس مكتبي حتلاقيه عندك لما تدخلي من البوابه ده و أه يا ستي تساعديني و أعلمك كل حاجه عن الزرع .
ابتسمت لها الفتاة و قالت: بجد يا استاذة كتر خيرك ربما يكفيكي شر القريب قبل البعيد .
سعدت الفتاة و رحلت و هي تدعي لفريدة و شعرت فريدة بالسعادة لأن دعوات تلك الفتاة لامست قلبها بينما كان هناك من يتأكد من خروجها و ذهب متسللاً لمكتب عمار و جلس و أخذ بعض الأشياء و خرج دون أن يراه أحد و لكن لا يعلمه هو وجود من يراه و يرصد تحركه منذ أن تحرك دون أن يدري به أحد و لكن يجب عليه رد الحق لأصحابه .
بينما كان كريم و روان يذاكرون بعض الدروس و يلهون بعض الشيء حتي لا يتمكن الملل منهم و كانت ألفت تحضر الطعام فذهبت فريدة كي ترتاح قليلاً من الوقت حتي يجهز الطعام .
مين إلي اتفق بالهاتف و تقصد حتبدء بمين .
أه إلي أتاخد من مكتب عمار.
مين طوق النجاة إلي حيكشف كل ده .
البنت حيبقي لها علاقة بكشف الحقيقة .
كل ده حنعرفه الفصل القادم.
نظرت لها مني بحب و قالت: ليه هو انا مش بنتك عاد و له أيه يبقي أعمل معاكي في البيت و اساعدك و متخافيش بعرف اعمل الوكل زين و اخبز كمان لا ده أنا شاطرة .
ابتسمت لها و قالت: شاطرة و ست البنات كمان يا بنتي بس علشان متعبكيش و بصراحة أنت في بيت جدك اكيد كان في خدم فحتيجي هنا و تشتغلي بنفسك روحي يا بنتي و أنا حخلص كل حاجة متشغليش بالك .
نظرت لها مني و قالت: يا خاله عند جدي الخدم كانوا يلموا السفرة يغسلوا المواعين بس الوكل حريم الدار بيعملوا بأيديهم و الخبيز شرحه و لو في مناسبة احنا بنشتغل بأيدينا.
نظرت لها تلك المرأة الحنونه قائلة: خلاص يا بنتي إلي يريحك اعمليه البيت بيتك و كل حاجة هنا بتاعتك بس ماعدا الشقة إلي في الدور الثالث ده محدش بيدخلها واصل غيري علشان فيها حاجات خالك عادل و من وقتها أبوكي مانع خد يدخلها غيري بنضفها و ببخرها و اخرج طوالي .
تفهما متي الوضع وهزت رأسها و قالت: طب المفروض دلوقتي حنعمل أيه أصل أنسي اخليكي تعملي حاجة لوحدك في البيت ده .
ابتسمت لها و قالت: أنا حخرج اكل الطيور و البهائم و حرجه بالبيض و اللبن أما الدار فاعملي فيه إلي أنت عايزاه عايزة تروقي المطرح براحتك تعملي الوكل برضه براحتك علي العموم مش حتأخر و خلي بالك الرجال راحوا شغلهم من بدري يعني حتكوني لوحدك في الدار بس أنا في ظهر البيت يعني نادي عليا حاجي واصل و متفتحيش لحد الباب كله معاه مفتاح و أبوكي شغال تحت في الدكان لو عايز حاجة بينده يعني متخافيش.
هزت رأسها مني و خرجت وداد و بالفعل لم تغب كثير و رجعت محملة بالبيض و اللبن كانت في ذلك الوقت أنهت مني من تنضيف البيت فلقد كان البيت مرتب و منظم و أعجبت وداد من نضافتها .
قامت وداد بتحضير اللبن و بعض القراقيش و جلست هي و مني يتناولوها سوي و بعد الانتهاء قامت وداد كي تحضر الفطار و أصرت مني أن تجهز ما يحتاجنه في الغذاء و وافق وداد علي مضض فتلك الفتاة عنيدة و هي لم تقدر علي عندها و بعد الانتهاء من وجبة الفطار طلبت وداد من مني أن تنادي من الشباك علي والدها كي يأتي ليتناول فطوره معهم و بالفعل حضر و سعد عندما وجد أن مني تقبلت وجود وداد .
بينما ذهب معز مرة أخري لعمار في المزرعة فلم يجده و لكن وجد فريدة حيث كانت تري النباتات التي زرعتها فقال لها: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
فردت عليه فأكمل: هو فين استاذ عمار روحت ليه مكتبه مش موجود و كمان أنا محتاج العلف ضروري .
فقالت له: حتصل بيه حالاً و أشوفه فين .
و بالفعل هاتفه فريدة و حضر و اعتذر لمعز عن التأخير و أخذ ما حضر له و بينما كان يركب عربته وقفه عمار قائلاً: مني كيفها بخير .
ابتسم له و قال: الحمد لله متخافوش عليها أمي طيبة و بتحب الناس بسرعة .
شعر عمار بخطأه فقال: مش قصدي أنا قصدي أنها غيرت مكان نومها و راحت مكان تاني أول مرة تروحوا علي العموم وصلها سلامي و كمان اديها تليفونها أنا جبته معايا لما عرفت أنك هنا .
شكره معز و رحل بالعربه.
بينما قال عمار لفريدة: مالك زي ما يكون في شيء مزعلك .
تنهدت فريدة و قالت: منمتش طول الليل بفكر في مني كيف كانت فرحانه و انتهي الفرح كيف أزاي عمتك تقدر تقف في وش سعادة بنتها و كمان هي عاملة أيه هناك عارفه تتأقلم و له تعرف أنا أول ما سافرت مكنتش عارفه انام و قعدت بالايام عيني متشوفش النوم و كنت ناوية ارجع حسيت أن محتاجه لاهلي بس عاندت و قولت مش من أول حاجة انسحب و أمشي و عافرت و الحمد لله حققت حلمي .
ابتسم لها عمار و قال: عقبال ما أحقق حلمي أنا كمان عاد .
ابتسمت فريدة بخجل و قالت: و أه هو حلمك بقي .
نظر لها و قال بعشق : اليوم إلي تكوني في مراتي مكتوبة علي أسمي .
هنا جاء صوت من خلفه: عال العال البنت جايه تشتغل و له جايه تتحب في ايه يا عمار لا ده أنا اللعب عمي طول ما بنتي هنا ممنوع تقرب من المزرعة اه احافظ عليها أو تقعد و كفاية شغل المرة ده لحقتك المرة الجاية مش عارف أعمل ايه عاد .
نظر له عمار بتعجب فمن أين ظهر عمه عادل و قال بتوتر : عمي أنت فاهم غلط أنا أصلاً مكنتش جاية بس فريدة اتصلت بيا علشان كان في واحد محتاج شغل يأخده فده إلي جابني هنا و الله .
قاطعهم كريم قائلاً: اه يا عم عمار سبتني في الاسطبل و اتاخرت ليه عاد أنا عايز اركب الفرس يلا بينا .
نظر له عمار كأن انتشله من الضياع و قال: يلا بينا بعد أذنك يا عمي و جري و قام كريم بإلحاق به .
هنا قالت فريدة: و الله يا بابا محصلش حاجة .
ابتسم لها و قال: عارف بس كنت بنرفزه يا بنتي و كمان علشان عقله ما يودهوش في حته بعيدة عاد.
ابتسمت فريدة و تركها ابيها كي تعاود عملها بينما كان سعد يشعر بالاشتياق لها و كان ينتظر أن تهاتفه و لكنه تذكر بأنها تركت هاتفها في بيت جدها فقرر الخروج حيث الهواء الطلق .
بينما كانت ثناء تشعر بالاختناق و تكتم غيظها فلقد فقدت كل ما تملك في نفس اللحظة و كأن ما تخطط له من سنين لن يكن و ضاع كل آمالها فأبنتها الغبية ضيعت كنز من يدها و لم تعلم بأن ابنتها هي الكنز نفسه و لكن هناك بعض الناس يكن الكنز معهم و يبحثون عن الكنوز بالخارج فيفقد كل شيء .
بينما بالاسفل كان الحريم يعملون في البيت و لقد شعروا بافتقادهم لمني فهي كانت تعطي للبيت معني و لكن لا باليد حيلة .
بينما وصل معز الدار و وجد الضحك يصدر من الدار فيعد من ذلك و فتح الباب و قال: يعني مستنيين أخرج علشان تضحكوا مش ده يا حاجة إلي كنت ماسكة فيها امبارح .
ضحكت وداد و قالت: أنت لسه فاكر ده كان امبارح بمجرد أن اليوم يخلص بتخلص معاه كل حاجه حصلت و أحنا النهاردة فخلينا في يومنا بس اه إلي جايبك بدري.
فأجابها : كنت بجيب العلف و الحمد لله جبته لو عايزة يا مني تيجي معايا تتفرجي علي مشروعي تعالي و كمان خدي تليفونك .
نظرت له مني باستغراب و قالت: جبته كيف ده .
فأجابها بأن عمار قد أعطاه له كي يوصله لها فقررت أن تذهب اولاً معه كي تري مشروعه و عندما ترجع تهاتف من تريده .
خرجت معه و شاهدت الطيور و أخذها كي تري المواشي و أعجبت بالمنظر فبالرغم بأن جدها كان يمتلك أكثر من ذلك و لكن كانت لا تري أي شيء من ذلك حيث كانت والدتها ترفض لها الخروج و كأنها أسيره قد اكتسبتها من حرب حاولت أن تتناسي ما فعلته والدتها كي لا تعكر تلك اللحظات الجميلة و عندما انتهي معز قال: خدي اكليهم بأيدك الحيوانات بتحس بالحنية و بالفعل في بدء الأمر كانت يدها ترتعش و لكن فيما بعد شعرت بالسعادة .
أنتهي معز و عاد بمني للبيت كانت والدته بالفعل قد بدأت في إعداد الطعام فقالت مني: كفاية كده يا خاله ريحي و أنا حكمل .
فقالت لها وداد ضاحكة: لا مش انا عملت الوكل يبقي اكمله مينفعش اعمل نص و أسيب النص عايزة تضحكي عليا عاد .
ضحك كلاً من مني و معز عليها فقالت مني : خلاص تمام بكرة أنا الغذاء عليا خلاص اتفقنا .
فاجابتها: اتفقنا يا بنتي سبيني بقي أكمل الوكل بدال ما يبوظ و نأكل عيش حاف .
بينما كان سمير يعمل في الدكان و يفصل في الملابس و يبيع و يشتري حتي شعر بأنه مجهد فقام بغلق الدكان و دخل للبيت كي يستريح .
و عندما دخل لاحظت وداد بحضوره علي غير العادة فقالت له: خير يا سمير مالك .
فأجابها: مفيش بس شكلي خدت دور برد هو ده إلي تعبني شوية حطلع أريح و لما الوكل يجهز نادي عليا .
شعرت وداد بقبضة بقلبها و لكن لم تتحدث و أخذت تكدب نفسها كي يتلاشي هذا الشعور .
و بالفعل انتهت من إعداد الطعام و صعدت كي تخبر سمير و بالفعل نزل بالاسفل بصعوبة و عندما وصل لمكان وضع الطعام اصابه دوار مما جعله يسقط و اخر ما رآه نظرات رعب في أعين الجميع و سقط فاقد الوعي .
أول من جريت عليه كانت مني و أخذت تبكي و تقول: بابا قومي ده انا مصدقت لقيتك ليه كده يا رب تخطف فرحتي ليه مفيش فرحة ليا بتكمل .
بينما قام معز بحمله و نقله إلي المشفي في الحال و جلست مني و وداد يبكون بأحضان بعض فكانت وداد تشعر بالخوف من أن تفقد شريك دربها نور عينيها مؤنس وحدتها بينما كانت مني تشعر بأن القدر مصمم أن يخطف فرحتها و أن سعادتها لا تكمل فاينما تأتي السعادة يأتي شيء كي يأخذها كان الدنيا كتبت عليها التعاسة .
بينما في المشفي تحدث معز مع الطبيب فخبره بأنه ارتفاع في ضغط الدم و يجب أن يهتم بعلاجه لأن في الأيام الأخيرة أثبت التحاليل تقصيره في تناول الدواء .
فهم معز ما حدث فعدم تناول والده الدواء الخاص به هو سبب كل ذلك فنظر له معاتباً فهم سمير نظرة العتاب من ابنه فأنزل رأسه بالاسفل فهو يعلم بأنه أخطأ في حق نفسه .
وصل معز بوالده للبيت و عندما دخلوا وجدوا مني تنام علي رجل وداد و الطعام مازال مكانه لم يتحرك قيد أنمله من مكانه فقال معز: هي مني نامت .
فأجابته وداد: من كتر البكا نامت أبوك الدكتور قال ليه اه .
هنا تحدث سمير قائلاً: الظاهر نسيت برشام الضغط بتاعي اخده فهو إلي عمل كده .
نظرت له بغضب و قالت مهدده له: طب المره الجايه متنساش علشان أنا و لا الغلبانه حمل بكا و بنتك شكلها مكنش في حد بيحن عليها يعني محتاجلك جنبها قلبينا فياريت تخاف علي نفسك علشانها ده من كتر البكا لما حطيت رأسها علي رجلي و مددت جسمها راحت في النوم بس لسه يا عني جسمها بيترعش .
قام معز بأخذ الاكل كي يسخنه لأن والدته لا تقدر علي النهوض حتي لا تيقظ مني و بالفعل وضعوا الطعام مرة أخري و قامت وداد و قالت: يلا يا بنتي قومي كلي لقمة أبوكي الحمد لله بخير يلا قبل الاكل ما يبرد .
نهضت مني و عيناها منتفخة من البكا و فرحت عندما وجدت ابيها يجلس يتناول الطعام و تناولوا الطعام وسط نظرات خاطفة من مني لأبيها.
بينما كان الحقد و الشر قد تمكن منها و اصبح الانتقام هو المسيطرة و قررت أن تبدء بها فهي سقوطها سوف يعمل علي انهيار المعظم و بذلك سوف يصبح الانتقام سهلاً لها لأنها قد كسرت الضلع الاقوي الذي به تنهار الحصون و ابتسمت ابتسامة توحي بمدي الشر و قامت بمهاتفه أحدهما بأن يبدء في تنفيذ ما قررته و جلست تناول قهوتها حتي تري نتيجة فعلتها.
بينما كانت فريدة ذاهبة للمنزل وجدت فتاة تبكي فذهبت إليها كي تري لماذا تبكي و عندما قربت منها قالت: مالك يا قمر أيه إلي يخلي العيون ده تنزل لؤلؤ .
ابتسمت الفتاة في وسط البكاء و قالت: كنت بشتغل هنا في الأرض بس بقالي يومين مش بروح علشان كنت تعبانه و النهاردة نزلت قالوا أنهم مشوني و مش عارفه أصرف علي أخواتي و أمي منين .
نظرت لها فريدة بإستغراب و قالت: هو انت شغاله هنا بس انت صغيرة علي الشغل عندك كام سنه .
فاجابتها بحزن: ١٠ سنين و أه شغاله علشان يقدروا اخواتي يكملوا علامهم و أنا بخلص شغل و بساعد أمي علشان شغل البيت عليها كتير .
نظرت لها فريدة بحزن فكيف لفتاة في ذلك العمر تخرج للعمل و الذين في نفس عمرها يلهون و يلعبون فكيف لها أن تخطف الدنيا اجمل لحظات عمرها فقالت: طب متحمليش هما من بكرة تعالي المزرعة بس مكتبي حتلاقيه عندك لما تدخلي من البوابه ده و أه يا ستي تساعديني و أعلمك كل حاجه عن الزرع .
ابتسمت لها الفتاة و قالت: بجد يا استاذة كتر خيرك ربما يكفيكي شر القريب قبل البعيد .
سعدت الفتاة و رحلت و هي تدعي لفريدة و شعرت فريدة بالسعادة لأن دعوات تلك الفتاة لامست قلبها بينما كان هناك من يتأكد من خروجها و ذهب متسللاً لمكتب عمار و جلس و أخذ بعض الأشياء و خرج دون أن يراه أحد و لكن لا يعلمه هو وجود من يراه و يرصد تحركه منذ أن تحرك دون أن يدري به أحد و لكن يجب عليه رد الحق لأصحابه .
بينما كان كريم و روان يذاكرون بعض الدروس و يلهون بعض الشيء حتي لا يتمكن الملل منهم و كانت ألفت تحضر الطعام فذهبت فريدة كي ترتاح قليلاً من الوقت حتي يجهز الطعام .
مين إلي اتفق بالهاتف و تقصد حتبدء بمين .
أه إلي أتاخد من مكتب عمار.
مين طوق النجاة إلي حيكشف كل ده .
البنت حيبقي لها علاقة بكشف الحقيقة .
كل ده حنعرفه الفصل القادم.