الفصل٢٧

خرج أسامة والحزن يبدو على ملامحه، أخذ يستكمل عمله ويراقب الساعة إلى أن سمع آذان الظهر فأخذ جانبا من المكان واتصل بهاتف جاسر الذي أجابت عليه يسر قائله: ألو، مين معايا؟
 
أسامة قائلا: من فضل حضرتك مش ده رقم تليفون جاسر بيه الهلالي؟
 
يسر قائله: أيوه يا فندم هو بس مين معايا؟
 
أسامة قائلا: حضرتك أكيد المدام يسر، أنا أسامة اللي قابلت حضرتك هنا في شرم الشيخ لما كنتي  مع جاسر بيه يا يسر هانم... افتكرتيني؟
 
صمتت يسر للحظات ثم اجابته قائله: ايوه آه افتكرتك، ازيك يا اسامة عامل ايه؟
 
أسامة قائلا: أنا الحمد لله بخير بس عرفت من عم نجاتي اللي حصل لجاسر بيه وقولت لازم اتصل اطمن عليه، هو عامل أيه اتحسن عن الأول ولا لسه تعبان؟
 
يسر بحزن أجابته: فيك الخير يا أسامة، والله هو مازال زي ما هو وبندعي ربنا يفوق ويتنقل من العناية المركزة ونطمن عليه
 
أسامة بأسف قائلا: إن شاء الله هيقوم بالسلامة وهتطمني عليه، جاسر بيه كل الناس بتحبه وبتدعيله، طيب انا آسف طولت على حضرتك، أنا هقفل دلوقت وبعد كام يوم هرجع اتصل بحضرتك تاني وبإذن الله يكون بقى أحسن من دلوقت ونطمن عليه
يسر قائله: بإذن الله، اتفضل أكيد في أي وقت اتصل وانا هطمنك بس ادعيله
 
أسامة قائلا: والله بدعيله يا يسر هانم ربنا ينجيه ويقوم بالسلامة، مع سلامك الله اتفضلي اقفلي
 
يسر قائله: الله يسلمك مع السلامة.
----------------
 بعد عدة أيام من الانتظار المميت والجلوس لساعات طوال أمام باب غرفة العناية المركزة، أخيرا جاءت الانفراجة من رب العالمين وتحسنت حالة جاسر واستفاق وبعد إجراء الكشف الطبي عليه أمر الطبيب بنقله من غرفة العناية لغرفة المرضى وسط فرحة عارمة من جميع الأهل.
 
جلست يسر بجانبه تتلمس يده ووجهه بهدوء، اقتربت وقبلت شفتاه قبله سريعة وهمست بجانب أذنه: وحشت يسر وقلبها، حمد لله على سلامتك يا ضي عيوني، غيابك عني طول اوي يا جاسر، كده عاوز تمشي وتسيب يسر اللي روحها متعلقة فيك، طيب ازاي اعيش من غير روح، أنا كنت بموت من غيرك
 
دلف ياسر بصحبة جده عبد القوي وعبد الرحمن والفرحة تملئ وجوههم ليسرع إليه ممسكا بيده ويضع قبلة عليها قائلا: بابا حبيبي حمد لله على سلامتك انت وحشتني اوي يا بابا، انت فوقت وهترجع معانا البيت، انا فرحان أوي إنك خفيت
 
يسر قائله بهدوء: لسه شويه يا حبيبي أن شاء الله الدكتور يطمنا عليه وأما يسمح له بالخروج من المستشفى هيرجع معانا البيت
 
عبد القوي أدمعت عيناه قائلا: والله روحي ردت في چتتي يا ولدي الحمد لله على سلامتك ربنا يتم شفاك على خير يارب.
 
عبد الرحمن تحدث بسعادة بالغة بدت على وجهه: حمد لله على سلامتك يا چاسر يا ولدي، أچر وعافية معلش يا ولدي اختبار تقيل من رب العالمين وقادر يرفعه وتعاود لمرتك وولادك بخير وسلام
 
أجاسر بوهن قائلا: يارب يا عمي انشاله
 
ياسر قائلا: هتصل بتيته منى وتيته انعام يا مامي اطمنهم أن بابا خرج من العناية وبقى احسن من الأول وخلاص بقى في أوضه عادية ممكن نشوفه ونتكلم معاه
 
دلفت رحيق مسرعه واقتربت تمسك يده وتقبلها وهي تجفف دموعها قائله: حبيبي يا بابي وحشتني اوي، الحمد لله يارب يتم شفاك على خير، امتى بقى ترجع معانا للبيت من تاني، البيت وحش اوي من غيرك  يا حبيبي وكل حاجه وحشه من غيرك، الاكل وحش وملهوش طعم والنوم مش بييجي والدنيا ضلمه طول الوقت كأن الشمس مش بتطلع كل يوم يا بابا
 
تحدث جاسر قائلا بوهن: اتوحشتك يا قلب ابوكي، اتوحشتك قوي يا رحيقي، طمنيني عليكي انتي بخير؟
 
جففت دموعها ورسمت رحيق ابتسامة على وجهها ممزوجة بالخزن قائله: أنا بخير يا حبيبي الحمد لله متقلقش، بس شد حيلك انت يا بابي علشان ترجع البيت وتكون معايا أنا من غيرك مش حاسه أني عايشه
 
جاسر قائلا: إن شاء الله يا حبيبتي قريب هعاود متقلقيش... أبوكي شديد
 
تحدث فارس بسعادة قائلا وهو يقترب منه قائلا: حمدلله على سلامتك يا خال، ربنا يطمنا عليك ويتم الشفا بإذن الله وتعاود لدارك ولينا بالسلامة يا حبيبي.
 
تحدث جاسر قائلا: الله يسلمك يا واد اختي بس شكلك يا واد مقدرتش على رحيق، البت خاسه ووشها أصفر ليه أكده
 
اجابه فارس قائلا: معلش يا خال بكره تعاود لصحتها من تاني ووشها يورد من چديد بس كل ديه من القلق عليك يا غالي الله لا يرچعها أيام كانت شديدة علينا كلياتنا والله.
 
فتحدث عبد القوي قائلا: تعالى يا ياسر يا ولدي نقعدوا برا، القاعدة اهنه غلط على ابوك لازمن يرتاح لچل ما تتحسن صحته بسرعة والداكتور يسمحله يعاود معانا الدار
 
عبد الرحمن قائلا: عنديك حق يا خوي، يالا هنخرچوا ونستنظروكم برا يا رحيق انتي وفارس.
 
فتح جاسر عينيه قائلا بتعب يتحدث لرحيق قائلا: متبكيش يا قلب ابوكي، آني بقيت كويس
 
فارس قائلا: ان شاء الله يا خال ربنا يتم الشفا وترچع تنور الدار من تاني، والله كنها رحيق رچعت حيت من چديد الحمد لله، ديه هيا على أكده الدموية چريت في وشها من تاني واللاه كانت هتطلع ف الروح ربنا ما يفرقكم يا خال ومن خوفها وقلقلها دايما هتشوف كوابيس وتصحى متفززه وهتصرخ وتمسك فيا وتقولي واديني لبابا.
 
جاسر بتعب قائلا: يارب يا واد اختي يسمع منيك ربنا، بس تعرفوا الظاهر أن التعب بيخلي الناس تقول اللي في قلبها، ياريت نتعبوا كل شوي لچل ما نسمعوا كلام حلو من اللي هيحبونا كيف ما قالت الأميرة يسر
 
يسر بلهفه اقتربت تربت على كتفه قائله: بعد الشر عليك يا حبيبي، ليه بتقول كده، احنا مستعدين نقول كل الكلام الحلو اللي في الدنيا كله والله بس انت تخف وترجع لنا بالسلامة وتنور علينا البيت والدنيا من جديد
 والله احنا من غيرك ولا نسوى حاجه ربنا ما يغيبك ابدا ودايما تكون وسطنا بخير.
 
نظر إليها بشوق قائلاً بهمس: اشتقتلك يا سري، تعرفي والله ما كنت خايف من الموت آني كنت خايف مشوفكيش تاني
 
يسر وضعت يدها على فمه لتمنعه من تكملة حديثه فقبل يدها بتعب ووضعها على صدره قائلاً: بحبك يا سري، واغمض عينيه وراح في ثبات عميق بسبب تأثير المسكن
 
يسر قائله بهمس حتى لا توقظه: تعالي يا رحيق نخرج ونسيبه يرتاح شويه
 
رحيق بابتسامة بعدما نظرت لوالدها وهو متشبث بيد والدتها وقالت والابتسامة فوق شفتيها متسائلة: طيب وانتي هتعرفي تسيبي ايده، طيب حاولي كده، معتقدش أكيد مش هيسيبك ابدا يا مليكة الفؤاد
 
ضحكت يسر على كلماتها وحاولت أن تسحب يدها من يده بهدوء ولكنها محاولة باءت بالفشل وكأنه كالطفل الصغير الذي عثر على والدته بعد طول غياب، فتشبث بها، عندما شعر جاسر أنها ستبعد عنه ضغط على يدها ففهمت أنه يريد بقاءها بجواره ولا يريد أن تتركه
 
فقالت بعدما ارتسمت ابتسامتها على وجهها من جديد: طيب يا رحيق يا عمري روحي انتي، انا مش هخرج هفضل جنبه ومش هقدر اسيبه ممكن يصحى في أي وقت ويحتاج حاجه مش هيلاقيني
 
ضحكت رحيق قائله بمزاح: انا برضو كنت هقول كده، خليكي جنبه يا مامتي مش كفايه من أكتر من أسبوع وهو بعيد عنك ، وبعدين ولا انتي ولا هو كنتوا متعودين على كده انتوا دايما مع بعض يا حبيبتي ربنا يجمعكم دايما وتنوروا حياتنا.
 
يسر قائله بألم: دول مش اسبوع دول سنين ربنا ما يرجعهم تاني
 
رحيق قائله: انا هآخد ياسر ونرجع مع جدو وفارس نطمن تيته وعمتو وكمان تيته منى رنت على التليفون ومعرفتش ارد عليها هخرج اتصل بيها اطمنها وهنمشي بقى ولو احتاجتي أي حاجه كلميني ابعتهالك مع أي حد انتي عارفه ان التليفون جنبي على طول من وقت اللي حصل وطبيعي أنا هكلمك قبل ما أنام لو انتي متصلتيش علشان اطمن على بابي
 
يسر قائله: والله يا بنتي خلاص انا مبقتش محتاجه حاجه كفايه انه بخير ربنا يتم شفاه ويرجع لبيته وكده يبقى الحمد لله
 
اقتربت رحيق من جاسر ووضعت قبلة حانية على جبينه قائله: اشوفك بخير يا حبيبي
 
رحيق تركت يسر بصحبة جاسر وغادرت الغرفة بصحبة فارس وعادوا لڤيلا عبد القوي وطمئنوا الجميع على حالته الصحية
---------------
وقت الراحة وتناول الغداء اتخذ أسامة جانبا وأجرى اتصالا ليصدح هاتف جاسر فأسرعت يسر تجيب المتصل: ألو، مين معايا
 
أسامة قائلا: أنا أسامة يا يسر هانم أنا آسف على الازعاج بس كنت عاوز اطمن على جاسر بيه
 
أجابته يسر  قائله: أهلا بيك مفيش ازعاج ولا حاجه، هو الحمد لله فاق واتحسن كتير عن الاول
 
فرح أسامة قائلا: الحمد لله يارب يتم شفاه على خير ويطمنكم عليه، السلام أمانه يا يسر هانم
 
يسر قائله: حاضر يوصل بإذن الله، مع السلامة
 
من على بُعد كانت تقف ملك التي لاحظت التوتر على أسامة فانتظرت حتى انتهى من المكالمة وتوجهت إليه متسائلة: أسامة أنا حقيقي والله مش متطفلة أبدا لكن حاسه إنك متوتر جدا هو في حاجه حصلت مسببالك قلق شديد كده؟
 
نظر لها أسامة ثم أجابها متسائلا: هو احنا ممكن نتمشى شويه مع بعض
 
ترددت ملك في البداية لكنها شعرت أنه يريد أن يشعر بالتحرر من قيود العمل لبضع دقائق فأومأت برأسها بالموافقة قائلا: تمام مفيش مشكلة نتمشى شويه بس بشرط هتحكيلي أيه مزعلك وموترك كده
 
ابتسم أسامة قائلا : خلاص ماشي اتفقنا.
 
خطى أسامة بجوارها خطوات هادئة وأخذوا يترجلون حتى وصلوا للشاطئ فأسرعت ملك تجلس وعادت تسأله قائله: احنا قربنا نخلص وقت الغدا ولازم نرجع، قولي بقى مين مزعلك
 
أسامة تنهد قائلا: مفيش حاجه أنا كنت بكلم جاسر بيه وقبل ما تسأليني مين جاسر بيه أنا هحكيلك.
 
تنبهت ملك لحديثه واردف أسامة يسرد له عن جاسر ويسر إلى أن انتهى لتتحدث ملك قائله: الله يرزقك بنت الحلال اللي تستاهلك بإذن الله، أيه رأيك بقى نرجع علشان خلاص وقت الغدا مش فاضل فيه غير دقايق
 
ابتسم أسامة قائلا: يالا نرجع فعلا احنا اتأخرنا بس انا سعيد أني قضيت معاكي الوقت ده وحقيقي محستش بيه هو انا ممكن اطمع اننا نتقابل وقت العشا ونآكل لقمه مع بعض علشان يبقى عيش وملح
 
ضحكت ملك قائله: والله مش عارفه موضوع العشا ده هيكون أيه وضعه لأن في عندي شغل كتير مع الشيف نجاتي عموما مكانا معروف وان شاء الله لو في نصيب نتقابل ولو مفيش يبقي أي وقت بإذن الله تاني الأيام جايه كتير
 
أسامة قائلا: خلاص هستناكي يمكن تقدري.  
 
اجابته قائله: خلاص بإذن الله هحاول.
---------------------
استفاق جاسر  وفتك عيونه بعدما سمع صوت إغلاق الباب فقال بوهن: يسر تعالي
 
أسرعت يسر  تلبي النداء قائله: عيوني يا ضي عيوني، عاوز إيه؟
 
جاسر بوهن قائلا: عطشان قوي حاسس ريقي ناشف
 
يسر قائله: حاضر يا حبيبي حالا هجيب مايه
 
ابتعدت عنه بضع سنتيمترات ووضعت قصبة الشرب في كوب الماء وعادت إليه تسانده ليشرب حتى ارتوى قائلا: سقاكي ربي من الجنة يا قلبي
 
ابتسمت يسر قائله: أحلى دعوة بسمعها دايما منك ربنا ما يحرمني وجودك ولا دعوتك، دلوقت أنا حسيت اني لسه عايشه الحمد لله على سلامتك يا حبيب عمري، كل الناس كانت زعلانه عليك وكلهم كانوا بيدعولك بالشفاء الظاهر مش أنا بس اللي بحبك، ربنا يا حبيبي يحبب فيك خلقه
 
أمن جاسر على دعائها قائلا: اللهم امين يارب العالمين
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي