27الفصل السابع والعشرون

فجأة أحست ورد بانقباض في صدرها، وتأوهت ونادت على كمال:
- كمال إلحجني، حاسه بوجع بصدري.
لم تجد ردًا، فهزته برفق، لم تجد استجابة منه، اقتربت منه توقظه:
- كمال.
كان يوسف قد هل عليهما والحزن يكسو ملامحه، سألته ورد:
- مالك يا خوي، ها أمايتي ضغطها تمام وإلا إيه الدكتور جال إيه، هي فين ما جاتش معاك ليه راحت الفندج؟
لم تجد غجابة من يوسف سوى الدموع، لتقول بوجع:
- أمايتي مالها يا يوسف؟
ثم نظرت لكمال تهزه:
- كمال إصحى تعال معاي نشوف أمايتي.
ليقول يوسف:
- أمايتك بجت زينه يا ورد ونالت اللي اتمنته.
نظرت له بتيه وقالت:
- أمايتي ماتت يا يوسف؟
هز رأسه بنعم واقترب من كمال ليوقظه، بينما ورد دموعها تنهمر، ليجد أن كمال هو الآخر قد فارق الحياه.
نظرة جامده ارتسمت على وجه يوسف، والدموع تنهمر من عينيه، لتلاحظ ورد أن كمال لم يستيقظ، فقالت والدموع تغمر وجهها:
- إيه يا يوسف ماله كمال صحيه.
كانت إجابة يوسف دموع نزلت بقوة ووجع.
لتهز ورد رأسها يمينًا ويسارًا بألم لا يوصف، والدموع تنهمر ولا تنطق.
كانت وصية كمال لهم إن وافته المنية قبل رجوعهم لمصر أن يدفن بالمملكة وكذلك ونيسة، أتم يوسف إجراءات الدفن بينما ورد صامته لا تنطق.
وما أن أنهي يوسف الدفن وجد هاتفه يرن برقم منير الذي كان في قمة سعادته ويقول له:
- ألف مبروك يا يوسف ليك وليا، ريهام وروح خلفوا سوا، عشان إكده ما كنتش فايج أرد على اتصالك، ألف مبروك لينا.
- لا حول ولا قوة إلا بالله.
- إيه يا يوسف مالك؟ صوتك حزين ليه؟
لينبأه يوسف بخبر وفاة والده ودفنه، لينهار منير حزنًا ويخيم الحزن على الجميع، استرد الله وديعته المتمثلة في كمال وونيسة ليهبهم الصغيرين، ونس وزينة كما كانت قررت ونيسة أن تطلق عليهما، ونس ابن منير وزينة ابنة يوسف.
أيام صعبة مضت على الجميع، لكنها مرت كما تمر كل الأيام، ليضع الجميع حزنهم في قلوبهم، وتستمر الحياة بحلوها ومرها.
قرر منير أن يمضوا رمضان في القرية ليجمع الكل على الافطار حتى خالد، وكان قصر كمال مقر اجتماعهم وإفطارهم.
كان خالد يجلس منتظرا الخبر اليقين أمام عينيه، فلقد اتفق مع أحد مطاريد الجبل أن يقتل ممدوح أثناء الافطار، كان ممدوح يجلس على طرف الطاولة وبينما انطلقت الرصاصة الغادرة لتصيبه هبت رياح شديده تسببت في انحراف الرصاصة لتبتعد عن قلب ممدوح المقصود بالرصاصة ليصرخ ممدوح متألما وتنقلب الجلسة الجميلة لصراخ ونواح وبحث عن مطلق النار بينما تم الذهاب بممدوح بسرعة للمشفى لاستخراج الرصاصة، وغادر خالد معهم وهو يغلي غيظًا فلم يتم ما خطط له.
بعد أن تم الاطمئنان على ممدوح تولت الشرطه التحقيق ولم يتم التوصل لشيء فممدوح رجل مسالم لا أعداء له.
صعد خالد للجبل ووقف أمامه تسعة ملي وهو يقول:
- والله يا كبير ما أعرف طاشت إزاي، إنت عارف إن نشاني ما يخيبش وما حدش بيقلت منيه.
- وأهو فلت يا مجندل.
- طي ذمبي إيه شويه الهوا اللي جم دول اللي جندلوا الليله كان زمان الرصاصه رشجت في جلبه، ما أعرفش الهوا ده طلع لي منين كنه الممدوح ده محمي من ربنا، آني أعمل إيه.
- ما تعملش، آني اللي هاعمل.
ليخرج من جيب جلبابه مسدسه ويطلق النار على تسعة ملي فيسقط صريعًا في الحال.
وقف الرجال ينظرون في ذهول، فلم يتوقعوا ذلك، ليصرخ خالد:
- إيه مالكم خدوه تاوه.
فقال بفره:
- ما كانش ليه لازمه يا كبير ما كنا كررناها تاني بأي طريق ليه تموت تسعه ملي ده من أجدع الرجاله.
- هو إكده مزاجي ولو ما عاجبكش أسلم الفيديو بتاعك للبوليس وأخلي حبل المشنجه يلف حوالين رجبتك إنت التاني.
نظر له بفرة في دهشة، بينما الندم يأكل خالد لتسرعه وإفشاءه السر الذي يحتفظ به لكن هكذا كشف الأمر ولا مفر من كشف كل الأوراق.
سأل بفره خالد:
- فيديو إيه يا كبير اللي هتسلمه؟
قال خالد بثقة:
- الفيديو بتاعك وإنت بتتدبح المزاج كيه الفروج.
التمعت عينا بفره بالشر وسأله:
- مين اللي صوره؟
- آني.
- وهو فين بقى وريني اتأكد.
أراه الفيديو، فسأله بفره:
- حد غيرك يا كبير معاها لنيله ده؟
- اطمن يا بفره الدار أمان، وأديك معايا أهو من زمان كنت جبتلك سيره وإلا حاجه، هو من ضيجي بس من اللي حوصل، إنت دراعي اليمين يا بفره وما استغناش عنيك.
- أكيد طبعًا أنا أصلًا جايلك النهارده عشان موال تاني خالص وبعيد عن البضاعه كمان.
- خير يا طير.
- آثار.
- ده موال واعر لسه هندوروا ونحفروا ويا عالم نلاجي والا لا.
- الحكايه بيضه مقشره يا وريث.
- جصدك إيه؟
- قصدي إن المكان موجود وتحتيه كنوز تخليك تتسحر من جمالها، بس مقفول وعليه جان شديد، ولازم حد يقدر يفتحه واللي عنده المكان قال ما فيش غير واحد بس يقدر يقولنا يتفتح إزاي والراجل ده هنا في بلدكم.
زفر خالد بضيق وهويقول:
- لا ما تجولش إنه السحلاوي.
- عليك نور هو ده.
- ما ليش صالح روحله إنت أنا ما عاوزش الباب ده.
- يا كبير ماعاوزش إيه بس، الل قال على المكان راجل مكشوف عنه الحجاب بيعرف المكان فين وفيه إيه، بس المشكله إنه مات قبل ما يفتح البوابه، وكان قايلي إن المكان ده فيه خير لو اتمن بفلوس هيعدي بينا على سفينة العليوي عليوي قوي، وأنا عندي اللي هياخدوا اللي تحت الارض كله و باعلى سعر.
صمت خالد قليلًا ثم قال:
- هاخد الثلاث أربع.
صعق بفره وقال غاضبًا:
- لا كتير قوي.
- يبجى بلاها ودور إنت مين اللي هيخلي السحلاوي يفتح لك البوابه، كلمة واحده مني والسحلاوي يججفلهالك ضبه ومفتاح، وكلمة برضك مني يفتحلك ابواب السعد.
زفر بفره بغضب:
- ماشي اللي تقول عليه يا وريث.
- ملك.
- نعم!
- اسمها اللي تجول عليه يا ملك.
- وماله ما يضرش.
****
هاتف خالد السحلاوي:
- أهلا.
- أهلا بيك يا ابن الباشا.
- اسمع.
- عارف عاوز تجابلني.
- طب ما تجيب الناهيه طالما عارف وتجول على اللي فيها.
- الحيطان ليها ودان، بعد نص الليل هم هيجولوا ليك تروح فين وتجيب بفره معاك.
- وعارف بفره كمان.
- آني عارف كل حاجه يا أبوالبنات.
- جطعوا وجطعت سيرتهم.
- دول وش السعد ولما تيجي هتعرف ليه؟
- ماشي يا سحلاوي.
***
جلس بفره مع خالد في المندره وحين دقت الساعه الكبيره في المنزل معلنة انتصاف الليل، هتف هاتف في أذن خالد أن يذهب للمقابر، فانتفض خالد وقال لبفره:
- بينا.
نظر له بفره مذهولا من فزعه وسأل:
- على فين؟
- الهاتف جاني، بينا على المجابر.
توجه بالسيارة للمقابر ونزلا منها ليجد قدماه تقودانه لقبر نرجس ومن خلفه بفره، وجد السحلاوي هناك يجلس بجوار القبر وأمامه نيران اشعلها يرش عليها بخورًا ذو رائحة كريهة، نظر له خالد باشمئزاز وقال:
- ما لجيتش إلا جبر نرجس.
- مطلوب جبر نجس وما فيش هنيه أنجس من إكده.
قالها سحلاوي مبتسمًا، ليقول خالد غاضبًا:
- هاعتبر إني ما سمعتش.
قال السحلاوي:
- إجعد.
ونظر لبفرة وقال:
- صحاب الدم اللي على السكين يجعد هو التاني.
فقال بفره غاضبا:
- إيه يا خالد باشا إنت مسيحيلي بقى أمال ما حدش يعرف غيرك إزاي.
قبل أن ينطق خالد موضحًا قال سحلاوي:
- الوريث ابن الباشا ما جالش حاجه، وماحدش يعرف باللي حوصل غيره والفيديو معاه هو بس على تلفونه، آني أعرف دبة النملة اللي تخص اللي باحبهم، واللي سحلاوي يحبه يا سعده يا هناه واللي يغضب عليه الشيطان ملجاه.
جلس بفره وخالد ليلقي سحلاوي مزيدًا من البخور، وتتصاعد رائحة نتنه، ليقول سحلاوي:
- مكان الغنيمه المدفونه بوابته حراسها شداد، محتاجين دم عشان تتفتح، ومش أي دم، دم رضيع صغير ما فاتش عليه سنه، يدبحه اللي هياخد الكنز.
قال خالد بلا مبالاة:
- شوف حد يا بفره نخطف ولده ونخلص.
قال سحلاوي:
- المكان جار بلدنا، ولازمن الدم يكون من دم البلد يعني مش غريب يا ابن الباشا.
- مش مشكله ولاد عيال ممدوح لساتهم صغار نخطفوا واحد منيهم حتى أحرج جلبه عليه.
ضحك السحلاوي وقال:
- تحرج جلبه هو وإلا جلب حبيبة الجلب.
حدجه خالد بنظرة متوعده ليقول سحلاوي وقد ارتفع نظره للسماء وتحول بياض عينيه لسواد، وتغير صوته لصوت غريب:
- بنت النجار مش ليك يا ابن الباشا، التوب الطاهر ما هتلمسوش ولا هتنوله.
قام خالد من مجلسه غاضبًا:
- إبعد جنك عني يا سحلاوي، ما تخلنيش أطلع ناري عليك.
ابتسم السحلاوي وما زالت عيناه سوداتوتان ليقول باسما:
- ما تجدرش، وإجعد.
أحس خالد وكانما هناك قيود تقيده للأرض وتجبره على الجلوس، ليتغير لون عين سحلاوي ويعود كما كان وهو يقول:
- آني عارف إن شرك يا ابن الباشا ما لوش حد، بس المطلوب واعر وصعيب، وما ينفعش فيه دم أحفاد ممدوح.
- إخلص عاوز مين؟
- دم الزينة بنت يوسف.



انتفض خالد:
- إنت بتجول إيه؟
- مش آني اللي باجول، حراس مجبرة الفرعون اللي بيجولوا، مطلوب دم طاهر يخص البلد ويخص اللي هينول خير المجبره، وزينة زهراوية ودمها متجدس عنديهم.
- جولهم يشوفوا حاجه تانيه.
- ما فيش ولازمن تدبحها بيدك.
- متوكد من الخير اللي جوه المجبره.
- اللي جوه المجبره يا ابن الباشا كنوز لو جعدت عمرك كله تصرف فيها ما تخلصش.
قال خالد بهدوء:
- يوسف ومرته لساتهم صغار هيخلفوا تاني.
انقلبت عيني سحلاوي فجأة وقال:
- ما يخصنيش آني رايد زينه وبس.
صمت خالد قليلًا ثم قال:
- فيه ميعاد للفتح ده وإلا براحتنا؟
- جبل ما الجمر يبجى بدر بخمس تيام، وإلا البوابه تحتاج دم عذرا مع دم المولود تكون من دم الللي هياخد الكنز.
- يعني بعد خمس تيام، ما آني ما عنديش العذرا دي، بناتي اتجوزوا.
- إيوه، يبجي تلحج تجيب العيله، تو ما يكون معاك تيجي نص الليل مكان المجبره.
ليقول بفره:
- فرصه نفكر هنعمل إيه، وهو إنت عارف المكان يا سحلاوي.
رد عليه:
- جلنا سحلاوي عارف كل حاجه.
ونظر لبفره نظرة سبرت أغواره ثم قال بهدوء:
- أعرف كل اللي فات واعرف كل اللي إنت بتفكر فيه يا بفره وناوي عليه.
انتفض بفره خوفًا من نظرات سحلاوي، ثم غادر مع خالد.
لم يتردد خالد كثيرًا فلقد حسم أمره، لقد قرر أن يضحى بزين!
اتفق مع بفره وسارينا وأربي جي للقيام بتلك المهمة، قاموا بمراقبه المنزل وهم يستقلون سيارة خالد لكي لا يثيروا الشبهات بسيارة غريبه عن المنطقة، وفي اللحظه الحاسمه حين نهضت ريهام وتركت زينة في مهدها المتنقل الذي تضعها به حين تغفو وهما في المندرة، قاموا بخطف الصغيرة.
خرجت ريهام وهي تقول:
- كاني جيت أهه يا زينتي ما عوجتش عليكِ يا جليب أمايتك.
حين اقتربت من المهد صعقت، أخذت بدون إرادة منها تتلفت يمينًا ويسارًا ثم نادت بعلو صوتها:
- يوسف يا يوسف زينة معاك، إنت أخدتها من سريرها؟
جاؤها صوت يوسف من الداخل:
- لا، وهي حتة الشكلايطه دي بتسكت إلا معاكِ
صرخت بعلو صوتها:
- الحجني يا يوسف زينة ما لجياهاش.
خرج يوسف حين سمع صوتها ليتفاجئ بمنظرها وبكاءها ونحيبها، ليقول بسرعه فهو لم يستوعب ما قالته:
- إيه يا ريهام مالك حوصل إيه؟
أجابتهم بصراخ:
- دخلت الحمام طلعت مالقيتش زينه.
نظر بتلقائيه لمهد الصغيرة فلم يجدها، فقال:
- اهدي بس، تلاجي بدريه خدتها جوه تنيمها.
ليترافق مع ذلك دخول الخادمة بدرية التي كانت ترافقهم طوال إقامتهم بالبلدة لتساعد ريهام وتعتني معها بالصغير.
هرعت بدرية نحوهما:
- إيه يا ستي فيه إيه كفالله الشر؟ مالكم؟
ظنت بدريه أن ريهام ويوسف يتشاجران فقالت:
- استهدوا بالله يا ستي وصلوا على النبي ما تدخلوش الشيطان ما بينكم، وبعدين إكد لبنك يتعكر ويجيب مغص للست الصغيرة.
لطمت ريهام على خديها وهي تصرخ:
- يا مًرك يا بنت الجبالي يا مُرك، زينه بتي ضاعت، وليدتي ضاعت، اتصرف يا يوسف، هاتلي بتي، ده آني عيني عليها وما تفارجهاش من يوم ما اتولدت كمنها زوهريه وأخاف ياخدوها، يا ظناي يا بتي.
اتصل يوسف من فوره بصديقه أشرف، ضابط المباحث في المنطقه الذي كان قد تعارف عليه أثناء تحقيقات موت المزاج، ومن لحظتها أصبحا صديقان.
رد أشرف على الهاتف قائلا:
- يا مرحب باللي نسيني وبقاله أسبوع مطنش وما بيسألش.
رد يوسف بسرعة والوجع يسكن صوته:
- إلحجنا يا أشرف بتي ما لجينهاش.
رد أشرف يحاول طمأنته:
- اهدى يا يوسف دورتوا عليها كويس، جايز راحت في حته قصدي يعني حد خدها من غير ما يقول جدتها مثلا جدها خالها كده يعني، اسالهم بس وانا جاي أهو.
أغلق يوسف معه وقال لريهام المنهارة:
- جايز أماي زينب جت لجتها وحدها أخدتها.
- لا يمكن طب لو جات لجتها وحدها كانت جعدت جارها ما هتاخدهاش وتخلع جلبي عليها.
- معلش نشوف كل الاحتمالات يا ريهام.
وفي عجالة هاتف يوسف ممدوح الذي كان خارج المنزل ليعلمه بما حدث فهاتف ممدوح زينب يسألها علها أخذت الصغيره فانهارت صراخًا وبكاءً على حفيدتها الضائعة وفي أقل من ساعة كان الكل قد تجمع في منزل يوسف وريهام، والنساء تحاولن التخفيف عن ريهام في مصيبتها والرجال يحاولون تهدئة يوسف والبحث عن الصغيرة في كل مكان، برفقتهم أشرف الذي بدأ بالسؤال في البيوت المجاورة عن وجود كاميرات مراقبه فوجد منزلان بهما كاميرات لكنهما يبعدان عن المنزل لكن تكشفان مخرج الشارع من زاوية بعيده.
اطلع يوسف وأشرف على التسجيلات وقام أشرف بالتقاط صوره لوجه سارينه الذي ظهر جليا في أحد اللقطات، أثبتت الصور أن رجلان كانا يحملان الصغير ثم اختفيا بعد ذلك في سيارة تم تمييز أرقامها بعد جهد جهيد من أشرف واصدقائه رجال الشرطه.
في هذه الأثناء كان الليل قد حل، وتوجه بفره بالصغيرة لمكان الكنز المدفون، ومعه سحلاوي وجاء خالد الذي ما أن نزل من السيارة حتى قال:
- خلصونا آني خرجت من البيت كيه الحراميه، البلد مجلوبه عشان حتت البت دي، ما خلاص راحت يخلفوا غيرها جايز ياجيهم واد بجى ونرتاحوا من خلفة الندامه دي بلا بنته بلا جرف.
ونظر حوله وقال:
- هي فين المحروجه اللي عاملاه لنا جلبان راس؟
أجابه بفرة:
- في العربيه لمن نخلصوا حفر.
زفر خالد:
- يوووه هو إحنا اللي هنحفروا وإلا إيه؟
- لا طبعا الرجاله شغاله أهي.
وأشار لخلف السيارات حيث يعمل سارينه وآربي جي في الحفر بكل همة.
فقال خالد:
- وهم سارينه وأربي جي هيجدروا يحفروا كل الحفر اللازم وحديهم.
تدخل سحلاوي وقال:
- رجالتك ليها حد للحفر دي مش اي مجبره تو ما يوصلوا للنجطه المعلومه خدامي آني اللي هيكملوا حفر.
ثم انتفض فجاة وقال بصوت عال:
- بس كافيكم.
لتتوقف يد أر بي جي التي كانت تستعد للنزول للحفر.
وخرج أر بي جي وسارينه من الحفره التي كانت قد أصبحت بعمق متران تقريبًا.
ليشعل سحلاوي النيران ويرمي فيها ذلك البخور ذو الرائحة النتنه، فتحتل الجو رائحة كريهه أزكمت الأنوف، وقشعريرة سرت في الأوصال، ورعب سكن الجميع حين رأوا عاصفة تتشكل وسط الحفرة، وأمام عيونهم تحول عمق الحفرة من متران إلى خمسة أمتار.
أخرج سحلاوي من جرابه قميصًا أسود؛ ميزه خالد على الفور فهو قميص نرجس الذي كانت ترتديه يوم أن أمسكوها متلبسة بجريرتها، ونظر لخالد نظرة أسرت الرعب في أوصال خالد بتلك العينان التي استحالتا بياضا تامًا، ثم أخرج سحلاوي خنجرًا ذو نقوش وطلاسم سحرية، وفوق لهيب النيران مسح الخنجر بالقميص الأسود وهو يقول:
- النجس يعانج النجس عشان ياخد روح الطاهره.
ثم تلا بعض العبارات بلغة غير مفهومة وناول الخنجر لخالد قائلًا:
- لازمن دم الطاهره يتراج دلجيت بسرعة، وتنزله في الحفره، الدم الأول وتو ما أجول ترمي الجته.
هرع بفرة ليحضر الصغيرة من العربه، وأعطاها لخالد الذي لم تهتز شعرة منه لصوت البريئة التي هي من صلبه ودمه.
ليمسكها من بفرة بقسوة تعجب لها بفرة بكل قسوته، ألقى خالد الصغيرة على الأرض وانحنى ثم جلس وقرب الصغيرة من الحفرة وأمسك الخنجربيد وثبت رأس الصغيرة باليد الأخرى وبدون ذرة رحمة نحر عنقها، ثم حملها بسرعه ورفعها ليسيل الدم بداخل الحفرة، فوهج داخل الحفرة بنور أبيض قوي، ثم علا صوت سحلاوي يقول:
- ارمي الطاهرة.
ليلقي خالد الصغيرة وهو ينظر للحفرة العميقة ليرها ترتطم بقاع الحفرة ثم تختفي الصغيرة وكأنها لم تكن و يظهر نور أحمر قانٍ لمح خالد من خلاله بريق الذهب الموجود بالأسفل ليقول بكل فرح:
- واه يا بفرة اللي جوه كتير جوي.
في تلك الاثناء سأل بفرة سحلاوي:
- هو باب المقبره لما يتفتح هيتقفل تاني.
ابتسم السحلاوي:
- لا.
- يعني مش محتاجين حاجه من خالد.
ظهرت أسنان السحلاوي النخرة وهو يبتسم جزلًا مجيبًا:
- لا، نفذ اللي إنت ناوي عليه يا ملك.
كان خالد يقف والسعادة تملأ روحه وهو يتخيل نفسه يمسك بالذهب وسأل سحلاوي وهو ينظر للحفرة بكل راحة وأمل:
- طب هنعرفوا ننزلوا الحفرة دي كيه من غير حوامل ولا مساند تسند الأرض لتهيل علينا.
ضحك سحلاوي وقال:
- ده شغل خدامي يا خالد ما لكش صالح بيه.
اقترب بفرة منى خالد ونحره بكل هدوء لتجحظ عيني خالد وهو يسقط على الأرض.
وقف بفرة يضحك ويقول:
- كنت فاكرني هارضى أكون تحت إيدك وإلا إيه أنا بفرة يا وريث، أنا الملك، والسوق ما يستحملش إلا ملك واحد بس
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي