وفاء نادر الوجود

Morooo`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-07-19ضع على الرف
  • 43.3K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

البارت الأول

في إحدى المستشفيات العسكرية بالقاهرة أرتفع رنين إنذار الطواريء لينبه الجميع إلى حالة الطواريء التي ضربت أنحاء المشفى، ليهرول الأطباء يتسابقون جنباً إلى جنب مع أطقم التمريض لتقديم المساعدة، كي يتم إنقاذ المصابين الوافدين من كل صوب للمشفى بعد أن تم الهجوم على إحدى الوحدات العسكرية على حدود مصر بشكل ضاري من قِبل بعض الخارجين عن القانون.
وأمام إحدى غرف الجراحة وقف بجمود بثيابه التي لطختها دماء صديق عمره لا بل هو توأم روحه، وقد تحجرت الدموع داخل مقلتيه، لا يهتم بإصابته خوفاً على حياة صديقه القابع داخل غرفة الجراحة ينازع الحياة.
أغمض عيناه بألم وهو يتذكر تلك الساعات الدامية التي سبقت مجيئه إلى المشفى حين تفاجأ كل من بالوحدة العسكرية بهجوم ضاري عليهم بالأسلحة النارية من قِبل جماعة خارجة عن القانون يبغون الفرار عبر الحدود المصرية أوقعوا بهم الكثير من الإصابات، ليتصدى الجميع جندي وعقيد لهذا الهجوم ببسالة ليحصدوا بعض أرواح الخارجين عن القانون لينتهي الأمر بعد عدة ساعات وقد إصيب الكثير من أبناء الوحدة العسكرية وفرار قلة قليلة من الخارجين عن القانون.

زفر بحزن يتذكر صديقه الذي نالت منه رصاصة غدر ليحمله بين ذراعيه إلى عربة الإسعاف يدعو الله بأن ينقذه من الموت، أغمض عيناه بألم يكاد يتوقف قلبه خوفاً على صديقه الذي تجمعه به صداقة تخطت الربع قرن فقد جمعتهم الصداقة منذ طفولتهم رغم الفارق المادي الكبير بينهم، فهو ينحدر من عائلة تتسم بالغنى فوالده أحد أشهر جراحي المخ والأعصاب، وولدته إحدى أمهر الطبيبات في مجال النساء والتوليد، اما صديقه الذي ينازع الموت فهو من عائلة ميسورة الحال له شقيقتان متزوجات وتقيم كلتاهما بالخارج برفقة أزواجهم أما والده فهو موظف كبير في شركة كبيرة، استثمر كل ما يملك في تعليم اولاده فادخلهم المدارس الخاصة مرورا بالجامعات وفي المدرسة تعرف الصديقان واستمرت صداقتهم حتى إلتحقوا بنفس الكليه وتخرجوا وعملوا سويا.

أخرجه فجأه من ذكرياته صوتاً يناديه فألتفت ليرى والديه يهرولون بأتجاهه لتجذبه ذراعي والدته بقوة تضمه إلى صدرها بخوف لتربت على كتفه بحنان وبعد برهة قالت:

-  "حبيبي إن شاء الله رائد هيبقى كويس، هو بطل وصاحب بطل وربنا هيطمنا عليه".

صمتت فريال فجأة حين أحست بشيء لزج بيدها فحدقت بأصابعها لتجدها ملوثة بالدماء فصرخت بذعر وصوتها يرتعش خوفاً علي ولدها الوحيد : "أدهم انت بتنزف"

أحتضن أدهم كف والدته المرتعش قائلاً بحزن :

-  "عارف يا أمي إني بنزف بس الأول خليني أطمن على رائد وبعدين هروح اشوف اصابتي"

جذبه والده بين ذراعيه وأحتضنه بقوة قائلاً:

-  "أدهم إنت لازم تبقى أقوي من كدا علشان رائد محتاجك جانبه ويا حبيبي إن شاء الله هيعدي منها وهيقوم بالسلامة

هز أدهم رأسه بحزن وزفر أنفاسه وهو يشعر بالحزن علي صديق عمره وبالغضب علي من اخذوهم بالغدر قائلاً:

-  "الكلاب أخدونا على خوانه يا بابا صحيح أتصدينا ليهم لكن غدرهم صاب كتير مننا دا غير الإصابات الخطيرة اللي أتصابها زمايلي.

عقد حاجبيه وهو يتذكر زملائه الجرحي ليقول بصوت حازم:
-  "بس وحياة كل نقطة دم سالت مننا أنا مش هأسيب حقهم خصوصاً الكلب اللي ضرب رائد هأجيبه وهخليه يتمنى الموت بس رائد يقوم بالسلامة الأول"

تذكر أدهم والدي صديقه وزوجته فألتقف أحد أنفاسه بقوه وهو يخفي ألمه وسئل والده:

-  "بابا حضرتك بلغت مي باللي حصل، وأتصلت بمريم وعمو وطنط"

نكست والدته وجهها أرضاً عندما استمعت الي اسم تلك المدعوة مي وهي خطيبة أدهم وتأفأف والده بصوت مسموع ثم نظر إليه وأجابه:

-  "أنا بعت السواق لمريم وأهل رائد علشان يجبهم أما مي هانم فطلعت مسافرة شرم مع اصحابها وقالت إنها هتبقى تكلمك"

قطب أدهم جبينه وهز رأسه بحزن وقال بأسف:

-  "مسافرة ماشي تمام يابابا"

لم تمض لحظات حتى إنتبه أدهم لتلك التي تجري وقد بدى على ملامحها الذعر وخلفها يهرول إثنين والتي لم تكن إلا مريم زوجة رائد ووالديه وفي تلك اللحظة فُتح باب غرفه العمليات وخرج منه الطبيب فألتفت إليه سريعاً وسئل الطبيب بلهفة:

-  "طمني يادكتور رائد عامل أيه"

كان وجه الطبيب يكسوه الحزن فهز رأسه أسفاً وأجابه قائلاً:

-  "إحنا حاولنا على قد مانقدر لكن للأسف اصابت سيادة النقيب شديدة جداً وللاسف الموضوع بقى مجرد مسأله  وقت مش اكتر إدعوله هو محتاج دعاكم وربنا يصبر قلبكم"

شهقت فريال والدة أدهم ووضعت يدها فوق فمها لتمنع صيحة الرفض من الخروج من حلقها، بينما وضع سيف الدين والده يده فوق كتف أدهم ليهون عليه ووقع الخبر فوق كاهل مريم فلم تتحمل ساقيها لتنهار أرضاً منتحبة وخارت قوى ماهر وسچي والدى رائد فوق المقعد خلفها وقد أحتل الذهول ملامحهما، حاول أدهم أن يسجن دموعه ولكنه لم يستطع فهربت منه تغمر وجهه حينها صاح بوجه الطبيب رافضاً كلماته وقال:

-  "أنا مش هقبل بالكلام اللي إنت قولته دا، إنت إنت لازم تساعده لازم تعمل المستحيل علشان رائد يعيش رائد مش ح يموت انت فاهم رائد لازم يعيش "

أدرك سيف الدين أن أدهم وقع تحت تأثير الصدمة فضمه إليه ليهون عليه قائلاً:

-  "يابني مش كده، وبعدين إنت مؤمن وموحد بالله مينفعش الكلام اللي بتقوله دا، إهدا يا أدهم واستغفر ربنا وادعي له"
تفهم الطبيب المعالج إنهيار أدهم فقال:

-  "صدقني إحنا عملنا كل اللي علينا ياحضرة النقيب وهو حالياً بين أيادي الله احنا ما ما تأخرناش في اي حاجة بس الاصابة جامده جدا ومافيش في ايدنا اي حاجة نعملها تاني هو دلوقتي أكيد هيبقى محتاج لدعواتكم.

صمت الطبيب وهو يتابع أستغفار أدهم وتكفيفه لدموعه فأستطرد بقوله:

-  "أيوة كدا خليك قوي وأتسلح بإيمانك وعلى فكرة سيادة النقيب طالب يشوفك ولوحدك بس أرجوك لما تدخل له ماتحاولش تخليه يبذل اي مجهود  "

أسرع أدهم ودلف إلى الغرفة وهو يحاول التماسك ولكنه ما أن رأه بتلك الحالة لم يستطع التحمل فخر على قدميه بجواره ودموعه تنهمر كحبات المطر، أحس رائد بصديقه فأدار رأسه ونظر إليه وابتسم بوهن شديد ومد يده ووضعها فوق كتفه وضغط بتعب وقال:

-  "إيه يا صاحبي معقول بتعيط  وأنا اللي طول عمري بقول عليك إنك شديد وصخر مش بيلين وانك مش ممكن حاجة تكسرك او تضعفك ".

أحتضن أدهم كف صديقه ومرر عيناه فوق وجهه وقال بصدق:

-  "أنا شديد لإني واثق إنك في ضهري يا صاحبي إنما دلوقتي عايز تسبني ليه يا رائد قاوم علشان خاطري وخاطر مريم وامك وابوك  انا مش ح اقدر اكون وحدي يا رائد"

قاطعه رائد بصوت خافت:

-  " دلوقتي إنت لازم تبقى أشد علشان مابقاش في رقبتك أهلك وبس لأ يا أدهم إنت بقي في رقبتك مراتي و اهلي أنا كمان ياصاحبي"

ربت أدهم يده فوق يد رائد وأجابه بترجي:

-  "اسكت يا رائد وبلاش تجهد نفسك وبعدين إنت هتكون كويس يا رائد فاهم انت لازم تبقي كويس الدكتور قال كده فاهم "

ابتسم رائد وبدى وجهه شاحباً أكثر مما كان ليهمس بخفوت:

-  "مش هنضحك على بعض ياصاحبي خلاص أنا وصلت محطتي ولازم أنزل بس متخافش أنا هاستناك في الجنة يا أدهم يا أجدع وأحسن أخ في الدنيا يارفيق دربي في الدنيا وهتبقى رفيقي في الجنة كمان إن شاء الله"

توقفت الكلمات بحلق رائد فسحب عدة أنفاس بضعف وأبتسم بوجه صديقه وقال:

-  "أنا خلاص شايف طريقي يا أدهم طريق جميل قوي صدقني وبعدين أنا مش زعلان انا مبسوط ياما اتمنناها وجه دوري مش عاوزك تزعل، أوعى تزعل عليا يا أدهم فاهم، وأوعى تسيبهم إنت لازم تاخد حقنا منهم.

صمت رائد مرة أخرى حين أحس بالألم وأغمض عيناه لترتسم صورة والديه أمام عيناه وصورة زوجته فعاد وفتح عيناه ونظر إلى أدهم وقال بجدية:

-  "المهم يا أدهم مافيش وقت فأررجوك أسمعني أنا هأوصيك وصية وإنت لازم تنفذها"

أحتج أدهم فجاء صوته صارخا بقوله:

-  "بس يا رائد اسكت إنت هتبقى كويس ومافيش داعي للوصيــ"

منعه رائد من إكمال حديثه وقال:

-  "أدهم أرجوك معدش باقي وقت طويل وأنا لازم ألحق أسلمك الأمانة فأسمعني كويس أنا عاوزك تخليك دايما جنب أمي وأبويا والبنات كمان لازم تجمد علشان تسندهم ياصاحبي هما بعدي مش هيبقى ليهم سند غيرك "

حاول أدهم السيطرة على حزنه فقال:

-  "حاضر يا رائد أطمن وماتقلقش ياصاحبي أمك وأبوك هشيلهم جوا عيوني"

إبتسم رائد فهو يعلم بأنه أختار الصاحب السند فقال:

-  "الجزء الأهم من وصيتي ليك يا أدهم إنك تتجوز مريم"

إتسعت عينا أدهم بصدمة وحدق بصديقه بدهشة لا يصدق طلبه، وأيقن رائد بأنه إن ترك الفرصة لصديقه سيرفض حتماً فأضاف سريعاً:

-  "أنا عارف إنك خاطب مي وبتحبها بس أنا عاوزك تتجوز مريم وسط أهلي وأهلك والأهم أدام أهل مريم وبعدها أبقى أتجوز مي، المهم إنك تبعد مريم عن والدها وتحميها منه ما إنت عارف يا أدهم أبوها ممكن يبعيها لأي راجل هيدفع له، دا بني أدم طماع وإستغلالي مابيفكرش غير في القرش وبس ، أرجوك يا أدهم إنت اللي لازم تتجوزها أوعدني"

تنفس أدهم بقوة ليتحكم في أعصابه ما أن تذكر أفعال والد مريم بحقها فأغمض عيونه وسئل صديقه بريبة:

-  "وتفتكر مريم هتوافق يا رائد وهي بتحبك كل الحب دا أنا بقول إنها مستحيل هتوافق"

ابتسم رائد وأجابه بقوله:

-  "مالكش دعوة أنا عارف إنها هتوافق بس إنت أوعدني يا أدهم أوعدني يابن الناس الأغنياء"

أبتسم أدهم من بين دموعه وقال:

-  "أوعدك يا رائد ياابن الناس الطيبين"

تنهد رائد بإرتياح وقال:

-  "طيب امسح دموعك يا صاحبي وإطلع نادي لي على الباقي خلاص مافيش وقت بسرعة يا أدهم"

تسارعت أنفاس رائد لتسبب له ألماً مبرحاً فحاول كتم أنينه حتى لا يتسبب في إيلام والديه حين يدخلا، أما أدهم فما أن غادر مسرعاً حتى قام بإستدعائهم ليتبعوه مسرعين فتجاوزتهم مريم وركعت أرضاً بجوار فراش رائد وألتقطت يده بين كفيها المرتعشين وهي تبكي ووقف والديه ووالدي أدهم بجوار الفراش فتابعهم رائد بعيناه وابتسم وهو يضع كفه فوق رأس مريم، قبلت مريم كف زوجها ورفعت عيناها الباكية وحدقت بوجهه وقالت:

-  "رائد أرجوك ماتسبنيش قاوم علشان خاطري ياحبيبي، أنا مقدرش أعيش من غيرك وإنت عارف كدا كويس"

ربت رائد فوق رأسها وسحب نفساً وقال:

-  "مريم حبيبتي يانور عيني يابنوتي الحلوة الجميلة مين قال إن ملكيش غيري فالدنيا دي، لأ يا مريم إنتي ليكي غيري ضهر وسند هيحمكي وهيفديكي بروحه لو لزم الأمر علشان كدا أنا عاوزك تجمدي وتتقبلي أمر ربنا برضا وتسمعي وصيتي ليكي"

لم تتحمل أن تكون تلك هي النهاية فصرخت بلوعة:

-  "اسكت يا رائد اسكت ارجوك إنت هتعيش يا بابا هتعيش علشان بنوتك لو سبتها ح تموت "

ابتسم رائد بوهن وقال:

-  "اسمعيني يا مريم علشان مابقاش في وقت خلاص أنا وصيتي ليكم إنكم لازم تسمعوا كلام أدهم في كل حاجة هيقولها ليكم "

منعهم حين رفع يده عالياً بوهن ليصمت إعتراضهم جميعاً وقال:

-  "عمي سيف طنط فريال  أنا أسعد إنسان فالدنيا دي علشان إنتم أعتبرتوني إبنكم  وعاوز كل ما تفتكروني تدعو لي"

إستندت فريال إلى صدر زوجها تبكي بكاءًا حاراً ليقول زوجها والدموع تنهمر من عينه ايضاً علي ذلك الشاب الذي كان بمثابه ولده:

-  "يعلم ربنا يا ابني إنك بالنسبة لنا إبننا التاني وزيك زي أدهم، بس أنا برجوك ياابني تتمسك بالحياة علشان خاطرنا كلنا "

أجابه رائد وهو يشعر بالفخر:

-  "واخسر الشهادة ياعمي"

ضجت الغرفة بصوت النحيب والبكاء فأشار لهم بالتوقف عن البكاء وأضاف:

-  "بابا أنا لو قولت لك قد إيه أنا فخور إني إبنك مش هتصدقني، حضرتك ربتني وعلمتني  الشرف والنزاهة والتضحية وحب البلد اللي كبرت على أرضها فليه شايف الدموع دي كلها في عنيك وإنتي يا أمي يا أغلى عندي من نفسي ليه تبكي وإبنك ربنا جعله شهيد، على فكرة أنا بحبكم قوي وعاوزكم تبلغوا أخواتي البنات إني بحبهم وإني هستناهم في الجنة"

لم يستطع أحدهم التعقيب على كلماته فهو أسكتهم بما قاله ولكن كانت لدموعهم رأيها فتدافعت من العيون تهطل بحزن لمصابه، فقال بتوسل وضعف:

-  "أرجوكم بلاش بكاء ده أنا لو ربنا قبلني هبقى موت شهيد يا والدي وبعدين أنا كنت بدعي وبتمنى والحمد لله إني نولتها"

هز والده رأسه بحزن وقال:

-  "اتمنتها ونولتها طيب كنت خدنا معاك يابني سيبنا هنا لمين"

استنكر رائد قوله فقال:

-  "العمر الطويل ليكم يا والدي، وبعدين أنا سيبكم وليكم ربنا ومن بعده ليكم أبنكم التاني أدهم، ارجوك يا بابا تاخد بالك من نفسك ومن أمي"

أبعد رائد عيناه عن والديه وحدق بوجه مريم ومد يده ورفع وجهها لينظر لعيناها وقال:

-  "مريم أنا عاوزك تعيشي حياتك فاهمة وتسمعي كلام أدهم، هو هيفهمكم كل حاجة"

أحس رائد بثقل أنفاسه وببرودة تسري بجسده فدار ببصره بين وجوههم وهو يبتسم وتطلع إلى صديقه ومد يده إليه ليتمسك أدهم بها سريعا ليقبض عليها بقوة وهو يردد الشهادة ويوصد عيناه للمرة الأخيرة.

ظل أدهم ممسكاً بيد صديقه وركع إلى جوار فراشه يبكي بقوه فراق رفيقه حياته،

وأنهارت فريال وأخفت وجهها بصدر زوجها، وأنخرطت سجي والدة رائد في بكاءً حار، بينما لم يشعر أحد بمريم التي فقدت وعيها ورأسها يستند إلى كف زوجها، أقترب ماهر من أدهم ووضع يده فوق كتفه وهو يقول:

-  "لله الأمر من قبل ومن بعد إنا لله وأنا اليه راجعون، قوم يابني لازم تبقى قوي كلنا مالناش غيرك دلوقتي"

ترك أدهم يد صديقه رغماً عنه ووقف وهو يحدق بوجهه ليراه مبستماً بحبور فمال فوقه وقبل جبينه وهمس:

-  "أرتاح ياصاحبي في الجنه ونعيمها ان شاء الله وصيتك دين فرقبتي وحقك هاخده من حبابي عينهم "

أنهى أدهم قوله وجذب الدثار ورفعه ليخفي وجه رائد وألتفت وهو يكفكف دموعه وأحتضن والد صديقه ووالدته وقال مؤكداً:

-  " أنا جانبك ومعاك يا والدي بس مش هأقدر أقول إني رائد لكن حضرتك تقدر تعتبرني مكانه"

قبل ماهر رأس أدهم وربت فوق ظهره وهو يتمالك دموعه وحزنه وقال:

-  "إنت مكانه دلوقتي يا أدهم لينا ولأخواته، بس الحمل كدا هيبقى تقيل عليك يابني وانت بقيت لوحدك"

هز أدهم رأسه نافياً قوله الأخير وقال:

-  "وأنا رقبتي سداده ياوالدي"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي