الفصل الثامن والعشرون

مدت نور يدها بلطف تمسح على رأس والدتها بحنان فنظرت إليها بأسى وندم : سامحينى على كل اللى جرالك بسببى
- مجراش حاجه خالص
 - ازاى بقى دا شكلك انتى وفهد وقعتوا ف بعض من تحت راس اللى ربنا ينتقم منه
- لا مفيش الكلام ده وبعدين انا كل اللى يهمنى انك بخير
- وانا مبقاش حاجه تهمنى الا سعادتك وبس
- انا سعيده طول ما انتى بخير انا هقوم اشوف الدكتور كان بيقول انك قربتى تخرجى
- ياريت حكم انا زهقت اوى من الرقده دى ادينى ف البيت كنت بقعد ف البلكونه اتونس بالناس ولو ان هنا ادينى مرتاحه من سحنته العفشه
إبتسمت لها بلا رغبه للمزيد من التمثيل ثم غادرت وجلست بمقهى المشفى تشعر بالسخط من كل شئ الآن فقط أصبح زوجها غير محبب أين كان هذا وهى تتوسلها ألا تتزوجه وهى تشكو لها سوء نواياه أين كانت تلك الأم وهى تعانى مع زوجة أبيها الحقود لكن لا فائده من العتاب فكل ما سيفعله هذا العتاب أنه سيضع ملحا على جراحها ليزيدها ألما
أخرجها من بين أفكارها صوت حمحمه خشنه فرفعت رأسها لتجد فهد يستأذن منها أن يجلس فأومأت له بتعب فلا طاقه لديها لأى حديث أى إن كان لكنه كما لو كان قد أحس بها فجلس صامتا يتأمل وجهها بشرود فقد فاجئته حقا تلك المكالمه الهاتفيه ولم يفكر حينها متى أصبح رقم هاتفه بين يد والدة نور وما الذى تعرفه عنه من نور لأن هذه الإستفسارات بلا أهميه بجانب مع علمه عن حياتها وقد طلبها سريعا وحين دخلت بورقها وقلمها أشار لها بالجلوس بهدوء وبدا مرتبكا لا يعلم كيف يخبرها فنهض ودار حول مكتبه حتى جلس أمامها مما زادها إرتباكا
- نور عاوز أسألك عن والدتك
إبتلعت ريقها بقلق : هو أمجد قالك
قضب جبينه للحظه يحاول إستيعاب مقصدها فتذكر حديثه مع أمجد عن زوج والدتها فتمتم مطمئنا : أمجد ملوش علاقه بسؤالى أنا بسأل عن صحتها هيا مريضه
أومأت بحزن وأخبرته عن شللها وإصابتها بمرض الضغط فأومأ حينها وصمت للحظه ثم نظر لها بجديه
- هل سبق وعلى عليها الضغط ونقلتيها المستشفى ولا حاجه
- هو على كتير بس كنت بلحقها محصلش كده الا اول مره اكتشفنا فيها ان عندها الضغط وعلى أد ما إتخضيت جامد ساعتها على أد ما بقى عندى ردة فعل أهدا لما عرفت بالسبب وإنه ممكن يتكرر المهم نلحقها بسرعه
- طيب دا يشجعنى اوضحلك الموضوع اكتر فى جاره ليكم كلمتنى تبلغنى ان والدتك اتنقلت المستشفى اعتقد ان ضغطها على فجأه بس ربنا ستر ولحقوها بسرعه
نظرت له متفاجئه وبدا عليها الألم والخوف لكنها حاولت أن تبدو متماسكه لكنه لم يتركها فألم الخوف على الأم أو الخوف من فقدانها لازمه لوقت طويل حتى فقدها بالأخير وفقد معها كل معنى أو رغبه فى الحياه
مد يده لها ودون أدنى تردد أمسكت بيده وكأنها طوق نجاتها من الغرق وسارت معه تترنح لولا يده التى تمسك بها لتهاوت على الأرض كان الحديث سهلا لكن ان تكون والدتها مريضه بالفعل فهذا قد يقتلها خاصه انها ورغم كل شئ هى كل ما تبقى لها تتحمل ألم ما تعانيه لأجلها


 

عادت ورد لشرودها لكن أسد لن يتركها مجددا للهواجس لقد خطت خطوه كبيره نحوه ولن يسمح لها بالتراجع عنها لذا ما ان سافر صخر حتى توجه الى غرفتهما وطرق الباب بلا مجيب كما توقع فدخل واغلق الباب ولم يبحث عنها طويلا فقدكانت تجلس متكومه على حافة النافذه تتأمل المناظر الخارجيه بشرود حزين ودون مقدمات حملها كما هيا وقبل ان تتذمر كان قد وضعها متكومه على الاريكه وجذب كرسى وجلس امامها ونظر إليها بجديه
- بصى من غير لف ودوران انتى قلبتى خلقتك ليه مره واحده
لم تجيبه فتنهد بضيق وتابع بإصرار : ورد مش هنعيده تانى خليكى شجاعه وصريحه كفايانا تضييع وقت من عمرنا فهمينى ايه الغلط اللى حصل
فصرخت بيأس : كله غلط ف غلط انت ايه نسيت طبعا مانا رخيصه بالنسبه لك
صر أسنانه بغضب وحاول التماسك لكى لا ينفجر بها : الكلام ده مسمعوش تانى مش مرات اسد الجبل اللى يتقال عليها رخيصه لولا انى مقدر حالتك الغريبه دى كنت حاسبتك كويس عالكلام ده
- هتحاسب اكتر من كده ايه
تنهد بتعب ومال قليلا يهمس بود عله يأتى بنتيجه : ورد انتى غاليه اوى عندى بلاش تضغطى لحد ما انفجر فى ايه ارجوكى فهمينى
- لو انا غاليه زى ما بتقول مكنتش ضيعت فرحتى وسرقت حقى ف انى اتجوز زى اى بنت
نسى الود والهدوء وهتف بغضب : نعم اومال انا ايه يا هانم هو انا مش جوزك
- ايوه بس مجبوره
ارتعد للخلف مجفلا: انتى مش عوزانى
- مش دا المهم
- لأ هو دا المهم عوزانى ولا لأ
صمتت للحظه فأغمض عيناه بألم لكن قبل ان يعلق وجدها تتمتم بهمس انصت له باهتمام : كان نفسى افرح بخطوبتنا وفرحنا لكن انت خدت اللى كنت محوشاهولك من قبل معاده والفرح كان غريب ومحبتوش لا كنت عوزاه كده ولا حباه كده
سخر من كلماتها بيأس : آه كنتى عوزاه ف موسم المانجه ومن غير عريس
أنكست رأسها بحرج : كنت بعجزك
- خدت بالى
رفعت راسها  وهتفت بتحدى حين لاحظت إستمرا سخريته وأنه لم ينتبه بعد لكونها لا ترفضه : بس دا مش معناه انى مش عوزاك
لمعت عيناه بأمل وإبتلع ريقه بصعوبه : يعنى انتى
أومأت بخجل ثم تابعت بأسى : بس كله راح
تمتم بلهفه : ليه بس لو عالفرح وربنا مستعد اعملك اللى انتى عوزاه من اول وجديد وطظ ف رأى  الخلق كلها
- مش الفرح
- اومال ايه بس
كاد صبره ينفذ حين تمتمت بحزن : فاكر انت طلبت تتجوزنى ازاى وليه انا وافقت ساعتها فاكر قولتلك ايه اخر مره كنا ف البلكونه سوا قبل ما تعرف بالحريق
قضب جبينه للحظه ثم إتسعت عيناه بذهول فهى لازالت على ما ظنها نسيت امره : يا بت الناس مانا قولتلك مجراش حاجه وانتى صدقتينى
لكنها أصرت على ما يؤلمها : لأ انت قولت الاول انه جرى وانا ماصدقتش تكديبك انا اتلهيت ف اللى بيجرى ونسيت وفرحتى انك حبتنى زمان وطلبتنى عشان كنت عاوزنى مش مجبور زى ما كنت فاهمه
تغاضى عن كل ما قالته وسألها عن ما لفت إنتباهه أكثر : ايه اللى خلاكى تفتكرى كده
- كلام عمى ومراته مع امى
هتف بسخط : دول عالم حقوده وعشان يبقى قرارك بإيدك ففعلا محصلش حاجه وانا كنت غبى لما عملت كده كان قصدى احميكى اجبرك تبعدى عنهم اخليكى قريبه منى يمكن يوم تحبينى بس للأسف معملتش حساب ان قلبك مشغول بغيرى
إتسعت عيناها بصدمه وهتفت بإستنكار : تخاريف إيه دى
فأكد لها ظنه : مش تخاريف دى بكل اسف الحقيقه عارف ان ابن عمك ندل وواطى بس بكل اسف دا اللى اختارتيه بس يا ورد هو مبيحبش ليكى اى خير دا طمعان ف جمالك وبس
إزداد ذهولها : انا وابن عمى انهى حمار فهمك كده دا انا مبقبلوش دا انا هجيت وجيت اندب همى هنا يوم ما قابلتك عشان امى كان مصممه تدبسنى فيه عشان فاكره وراه مصلحه ليها
تأمل وجهها بعدم تصديق: انتى مبتحبهوش
صرت اسنانها بغيظ : لأ بحب تيس جنن امى سنين وف الاخر نكد على اهلى وضيع فرحتى
تأفف بيأس : مقولنا محصلش اغنيهالك ولا أوريكى عملى دلوقت
تدرج وجهها بدماء الخجل : اتلم يا قليل الادب
- للعلم انا جوزك
- آه بس دا تم بطريقه غلط عاوزه كله من جديد
- ماشى
- ودليل على كلامك
رفع حاجبيه مندهشا : لسه مش مصدقه
- مهو انت اللى قولت
رفع يديه الى الاعلى بيأس : يارب انصفنى بدل ما اولع فيها
ثم انزل يديه يضرب بها على ركبتيه بغضب وتابع بيأس منها :  يا ام الغباء اجيبلك دليل ازاى اقولك هاخدك لدكتوره نسا تاكدلك بس الكشف على حاجه زى دى مذل ومعناه وحش اوى
صمتت تفكر للحظه : خلاص تكشف لو فى حمل
زوى جانب فمه بسخريه من غبائها : كده هنتفضح علنى لما تكشف وتعرف انك لسه بنت هيبقى منظرى زباله
ابتسمت بخجل : يعنى بجد
- يعنى بذكاء اهلك حصل ازاى وامتى انتى سورقتى ف الغيط خدتك المستشفى طوالى وفوقتى بعدها بحاجه بسيطه
- اومال عرفت ازاى انى احم
تلعثمت الكلمات بحرج فتابع عنها بهدوء : انك بنت
- يعنى كنت حساك بتتهمنى انى مش كده
- البركه ف ابن عمك واشاعاته وانتى طينتيها زياده فخليت دكتوره تكشف عليكى
- ايه
إتسعت عيناها بصدمه فاوضح لها : متقلقيش بعد ما طمنتنى قولتلها انك كنتى مخطوفه وخايف تكونى إتأذيتى لأن الخاطفين كانوا بيهددونى بيكى وأنا انقذتك ودا سبب الانهيار العصبى اللى جالك ودا اللى خرس الدكتور والمدير بعدها لأنى آه كبير البلد بس هما كانوا على تكه هيموتوا ويلبسونى مصيبه وعرفت ف الخباثه انهم سألوكى ان كنت اذيتك وانتى انكرتى
- خوفت من الفضيحه
- هما سكتوا ف الاول خوف منى بس كانوا من تحت لتحت بيتأكدوا ولو عرفوا انى اذيتك كانوا قوموا الدنيا عليا
- يعنى
أومأ لها بتأكيد مقاطعا حرجها : اعتقد اننا كنا جوز بقر اساءنا الظن ببعض كان لازملنا شوية ثقه ونتكلم مع بعض اكتر ومن هنا وجاى كل اللى شاغل اى حد فينا يشارك التانى فيه عشان نلغى اى فجوات ما بينا منسمحش لأى ظنون سوده تدمر حياتنا
- عندك حق
- وبالمناسبه دى بقول نقضيلنا يومين هنا ننبسطلنا شويه بعيد عن أى حد
- موافقه جدا أنا حابه المكان هنا أوى
- وهنعمل فرح جديد؟
إعترضت سريعا : أ بصراحه انا ما صدقت انه خلص انا بحب احضر افراح بس مبقاش العروسه مبحبش تذنيبة الكوشه دى ولا الوش الجبس اللى لازم افضل عملاه لازم افضل مبتسمه طول الوقت وكله بيسلم ويلمح بكلام محرج ملوش اى تلاته لازمه وصداع الديجيهات وتقل الفستان كله تعذيب
فأيد رأيها : وحياتك ولا انا كنت حاسس انى قاعد ف فترينه كله جاى يتفرج ولاحدش حاسس بيا ولا فاهم اللى فيها اقولك انسى دا كله هنعمل حفله خاصه بينا هنا نحتفل فيها بكل اللى مقدرناش نحتفل بيه ايه رايك
أومأت ببسمه خجوله فإبتسم لها بإشراق
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي