الفصل الثامن وعشرون والأخير

دلفت حفصة إلي ذلك المنزل بملامح حزينه، ابتلعت ريقها وهي تنظر إلى ذلك المفتاح التي أخذته من صفاء تاركه عرس رحاب..

ألقت بثقل جسدها على تلك الأريكة و كلمات أحدي أقارب زوجها تتردد على مسامعها
" صفوان من حقه كان يتجوز واحده متجوزتش قبله "

أبتلعت مراره في حلقها كالعلقم و كلمات والدته الحزينه تتردد علي مسامعها
" حظه كده هنعمل ايه "

و علي الرغم من محاولات السيده سميحه تصحيح كلماتها عندما رأت الحزن على ملامحها إلا أنه لم تتمالك حالها و خرجت من العرس و أتت إلي هنا..

تحركت نحو أحدي الغرف وهي ترفع ثوبها الذي اختارته بعنايه من أجل حضور تلك المناسبه..

توقفت قدميها حين وصل إلي مسامعها صوته وهو يهدر بسرور:
_ أكيد يعني ، لو مكنتش اتجوزت كنت اتجوزتك..

تسمر في وقفتها ثم تحركت مسرعه تقف جانباً حتي لا يراها، رأته يتحرك في الصاله واضعاً الهاتف على أذنه و قد تبدلت ملامحه إلي الضيق وهو يتابع بهدوء:
_ نصيبي كده

أبتلعت ريقها و نكست رأسها أرضاً بخزي مدركه أنه يتحدث عنها..

توقفت عينيها عليه وهو يلقي هاتفه في جيب سترته بعد أن أنهي المكالمه وهو يقول ضاحكاً:
_ حاضر هسلملك على طنط سميحه

و بخطوات حذره هرولت نحو أحدي الغرف و قد أنكمشت ملامحها بخيبة أمل بعد أن كانت تظن أنه يحبها !..

عدة دقائق و نهضت من على ذلك الفراش الصغير تستند برأسها على باب الغرفه وهي تستمع إلي صوت إغلاق باب المنزل..
٠٠٠٠٠٠٠

التوي ثغر فاطمه بابتسامة باهته وهي تخرج من المكان المخصص لذلك العرس و صوت الموسيقى العالي مازال يصل إلي مسامعها..

أنحنت هي تعدل رابطة الحذاء خاصتها و لكن وصل إلي مسامعها صوت رجولي عابث يتحدث بعباره مستهلكه:
_ هو القمر نزل على الأرض..

أعتدلت هي واقفه على الفور و أستدارت بملامح منكمشه تنظر نحو ذلك الواقف و عينيه معلقه بها بعبث،لوحت هي بكفها قائله بنبره هجوميه:
_ بتكلم مين أنت !، بتكلمني !


أومأ هو برأسه و عينيه تتجول على ثوبها الملتصق بجسدها و خصلات شعرها الظاهره من وشاح رأسها، كادت أن تتحدث لكن وجدته يحك أسفل ذقنه الحليقه وهو يتراجع في خطواته و قد أستدار يتحرك مسرعاً كمن يركض خلفه أحد..

عقدت هي حاجبيها بتعجب سريعاً ما تلاشت حين استمعت إلي صوته المألوف يهدر بغلظه:
_ في حاجة يا فاطمه، الواد ده ضايقك !

أستدار هي نحوه تعدل طرف وشاحها القصير و قالت غير مباليه:
_لأ

دار إسماعيل بنظراته عليها من أعلي إلي الأسفل بعدم رضا ثم أشاح بنظراته بعيداً وهو يهدر بفظاظه:
_ هو ازي صفوان سمحلك تخرجي باللبس ده !

رفعت هي حاجب و نزلت الآخر و سريعاً ما أنكمشت ملامحها وهي تنظر إلي ملابسها ثم عادت تنظر إليه قائله بضيق:
_ ماله لبسي مش فاهمه

عاد هو ينظر نحوها قائلاً بانزعاج تام:
_ مش كويس يا فاطمه ، و شعرك إلي باين من طرحتك..

تعلقت عينيه بتعبيراتها المتضايقه لكنه لم يكترث بذلك حيث أردف بضيق:
_ حاولي تظبطي لبسك شويه

تقلصت تعابيرها أكثر و قد بدي عليها أن كلماته لم تعجبها حيث هدرت بضجر ساخره:
_ شكراً على النصيحة

قالت تلك الكلمات ثم تجاوزته و هي تنطق بكلمات غير مفهومة منزعجه..
٠٠٠٠٠٠

في تمام الساعة السادسة صباحاً، كان هو يصعد درجات السلم بملامح متجهمه..

توقف أمام باب شقة والديها الراحلين و طرق عدة طرقات على الباب وهو يزفر بغضب..

بضع دقائق و كان يصله صوتها المتوجس:
_ مين !

كبح صفوان غضبه وهو يهدر بحنق:
_ صفوان يا حفصة..

ابتلعت تلك الواقفه خلف الباب ريقها ثم فتحت الباب ببطء، تقابلت نظراتها المتوترة مع نظراته الغاضبه بضع ثواني و كان يدفع الباب برفق و يدلف إلي الداخل وهو يهدر بغضب مكبوت:
_ أنتي أزي ترجعي القاهره في وقت زي ده و كمان من غير ما تعرفني..

تنهدت هي طويلاً و أغلقت الباب ثم استندت بظهرها عليه عاقده ذراعيها أمامها..

ضغط هو على شفتيه و جز على أسنانه قائلاً بنبره حاده:
_ ينفع إلي عملتيه ده، حد ضايقك!، ده حتي لو حد ضايقك كنتي تيجي تقوليلي مش ترجعي لوحدك و في وقت متأخر كده !

أغمضت حفصة جفونها ثم عادت تفحتهم وهي تقول بهدوء تخفي خلفه ما يحدث بداخلها:
_ محدش ضايقني لأ يا صفوان، بس أنا حبيت أرجع القاهره و رجعت و كمان أنا..

تعثرت الكلمات في فمها و لم تستطع أن تتابع، عقد صفوان حاجبيه و هدر بنبره قاتمه:
_ كملي كلامك، عايزه توصلي لأيه !، عايزه ننفصل لو عايزه قوليها..

هوي قلبها في قدميها و اذدردت ريقها بصعوبة و أومأت برأسها دون حديث وهي تقبض بكفها المرتعش على ثوبها..

أحمر وجهه غضباً و رفع كفه يمسح على وجهه بقوه و كلمات فاطمه عندما علمت بعودتها إلي القاهرة تتردد على مسامعه
" أحتمال تكون عايزه تنفصل و مش بعيد تكون هي كمان لسه بتحب يوسف"

استند بكفه على تلك الطاوله و هو يعاود النظر نحوها بنظراته التي قد أحتدت أكثر و هدر ضاغطاً علي الكلمات بغيره مفعمه بالغضب:
_ كنتي بتحبيه على كده!

حلت حفصة ذراعيها وقد وصلها مغزي كلماته لذلك هدرت بنبرة حاده مقتضبه:
_ لأ يا صفوان لأ..

توقفت قليلاً عن متابعة كلماته و أرادت معاتبته على تلك الكلمات لكنها منعت حالها من ذلك بأعجوبة و تحركت نحو الداخل وهي تهدر بنبره حانقه:
_ خد الباب في إيدك و أنت ماشي

تنفس صفوان بعمق محاول السيطره على تلك الغيره المشتعله بداخله من الحديث الذي دار بينه و بين عائلته قبل أن يأتي إلي هنا..

٠٠٠٠٠
التوي ثغر مروه بابتسامة طفيفه وهي تقف هكذا أمام المرآه تحاوط بطنها التي أصبحت بارزه قليلاً..

تلاشت إبتسامتها عندما وصلها صوت زوجها وهو يهدر بنبرة عمليه:
_تمام ، متقلقيش

تنفست بعمق وهي تعيد خصله من خصلات شعرها إلي الخلف ، وجدته يدلف إلي الغرفه..

تحركت تجلس على الفراش وهي تنكس رأسها أرضاً، ضيق هو ما بين عينيه و هدر متسأل:
_ مالك قاعده كده ليه !

استندت بكفيها على الفراش وهي ترفع رأسها قائله بوجوم:
_ أنا عايزة أروح اقعد أسبوع عند ماما

ألقي هو هاتفه على الفراش بجانبها و عقد حاجبيه قائلاً باهتمام:
_ ليه !، تعبانه و لا حاجة !

حركت رأسها نافيه وهي تمط شفتيها قائله بهدوء متناهي:
_ أنا بس أمي وحشتني و عايزه أقعد معاها

ظل هو صامتاً للحظات ثم تحرك نحو خزانه الملابس ووجدته غير معارض حيث هدر
" تمام تقدري تروحي، عرفيني و هبقي أوصلك"

أنكمشت ملامحها بوجوم و ضغطت بكفيها على مفرش الفراش و فكره واحده ترسخت في عقلها أنه سوف يكون أكثر من سعيد في فترة عدم تواجدها..

٠٠٠٠٠
دلفت صفاء إلي المنزل و الأبتسامة تزين ثغرها وهي تقول بلهفه:
_ فاطمه يا فاطمه..

توقفت عينيها على فاطمه التي خرجت من الداخل تلف حول شعرها منشفه، أتسعت ابتسامتها وهي تغمز لها قائله بسرور:
_ إسماعيل كلم عماتك و أمي..

ألقت فاطمه نظره عليها من طرف عينيها وهي تقول بعدم فهم:
_ كلمهم في إيه !

صدرت ضحكه مرحه من صفاء وهي تنحني تخلع حذائها وهي تهدر بنبرة ماكره:
_ هيكون ليه عشان يخطب عمتك مثلاً !

قالت تلك الكلمات وهي تقهق ضاحكه وقد ألقت حذائها جانباً، في ثواني قد أدركت فاطمه ما تحدث به معهم..

تغيرت تعبيرات وجهها إلي الضيق و تشوش ذهنها غير منتبهه إلي حديث صفاء التي راحت تثرثر بحبور:
_ واقف معاهم دلوقتي قدام البيت ، بجد يا فاطمه مش هتلاقي حد يحبك زي حب إسماعيل ليك...

تجاهلت فاطمه كلمات صفاء وهي تتحرك نحو الشرفه تفتح النافذه فتحه صغيره و قد تعلقت نظراتها به واقفاً يتحدث مع زوجة عمها و شقيقات والدها الراحل..

اهتزت حدقتيها حين تقابلت مقلتيها مع مقلتيه لبضع ثواني معدودة جعلت إياها ترتبك وهي تغلق النافذة سريعاً وقد استدارت تنظر نحو صفاء وهي تهتف بحزم:
_ أنا مش موافقه

٠٠٠٠٠٠
تمللت حفصة في نومتها وهي تسحب الغطاء عليها و تحركت لتصبح نائمه على جانبها الأيمين، فتحت حفصة جفونها ببطء و هي تتثاوب..

تجمدت نظراتها على ذلك الواقف أمام المرآة يرتدي سترته مما جعلها تعتدل كمن لدغها عقرب وهي تهدر بقلق مدهوشه:
_ أنت بتعمل إيه هنا؟

أبتلعت ريقها الجاف ثم تابعت بنبره مبحوحه مرتابه:
_ أنت دخلت أزي !

ألقي عليها صفوان نظره من طرف عينيه وهو يستدير وقد أخرج من جيب سترته مفتاح قائلاً بهدوء متناهي:
_ عامل نسخه من المفتاح بتاعك

سحبت هي الغطاء عليها أكثر و دارت ببصرها في الغرفه وهي تقول متلعثمه:
_ إيه إلي جابك !

و ببساطة أجابها قائلاً بصوته الأجش:
_ مراتي وحشتني و جاي أشوفها ، فيها مشكله !

توردت وجنتيها خجلاً و قد أطربت تلك الكلمات البسيطه قلبها و عفوياً أزاحت الغطاء من عليها و نهضت بثيابها المنزليه التي لا تظهر شيء من جسدها..

_ مش ناويه ترجعي البيت بقي ، هنفضل عايشين كده كتير !

خرجت تلك الكلمات من صفوان وهو يتقدم منها و عينيه تدور على تفاصيل وجهها، تراجعت هي إلي الخلف حتي استندت بظهرها على الكومود وهي تقول بخفوت متحشرج:
_ أنا كده مرتاحه..

لم تكمل كلماتها حيث وجدته يتراجع في خطواته وهو يقول بنبره صارمه:
_ خمس دقايق و تكوني جهزي هترجعي معايا

قال هو تلك الكلمات وهو يخرج من الغرفه تاركاً إياها تحدق في أثره مشدوهه وهي تلتقط أنفاسها ..

٠٠٠٠
دار مروان بنظراته في الشقه الخاليه من زوجته التي مر اسبوع على تواجدها لدي والدتها..

ازاح سترته يلقي إياها على الأريكة بتكاسل، أستمعت إلي صوت يأتي من غرفة النوم..

ظهرت الحيره على ملامحه و تحرك نحو الغرفه..

وقع بصره عليها تقف أمام خزانة الملابس عفوياً التوي ثغره بابتسامة و نطق أسمها باشتياق:
_ مروه..

استدارت نحوه مروه وهي تقطب جبينها وهدرت مستاءه:
_ متخفش، راجعه عند ماما تاني..

قالت تلك الكلمات وهي تسحب تلك الحقيبه الجلديه الصغيره تلقي فيها ثيابها..

وجدته يسحب منها الحقيبه قائلاً بنبرة صادقه:
_ البيت من غيرك وحش يا مروه..

ضمت هي شفتيها و رمشت بعينها وهي تقول بعدم تصديق:
_ بجد !، ولا بتقول كلام وخلاص !

التوي ثغره بابتسامة جانبيه وهو يقول بخبث:
_ مش لاقي حد يعملي قهوه..

أنكمشت ملامحها و ظهر الحزن في عينيها وهي تقول بخيبة أمل:
_ يعني ده بس إلي أنت...

لم تكمل كلماتها حيث حاوط خصرها بذراعه قائلاً بخفوت:
_ وحشتني بجد

خفق قلبها بقوه و قد لمعت عينيها و تبدلت ملامحها في ثواني و التوي ثغرها بابتسامة طفيفه وهي تقول بتشكك:
_ بجد ولا..
٠٠٠٠٠٠

وصله ردها بالرفض منذ يومين، رأي والدته تزفر بارتياح قائله:
_ الحمدلله أن جات من عندها

عقدت ذراعيها أمامها ولوت فمها قائله بمقت:
_ أنت أول فرحتي عايزه تتجوز واحده مطلقه و كمان مبتخلفش..

لم يرغب إسماعيل سماع المزيد و خرج من المنزل بملامح متهجمه..

توقفت مقلتيه عليها تقف جانباً ، تعجب من أمرها و أقترب منها، ظهر الإرتباك على ملامحها و نكست رأسها أرضاً وهي تقول بخفوت مضطرب:
_موافقه..

ضيق ما بين عينيه و عاد إليه الأمل مره أخري و هو يقول بترقب متلهف:
_ موافقه علي إيه بالظبط !

بللت شفتيها بطرف لسانها و هي تشعر بخجل أنثوي طبيعي و ألقت عليه نظره بطرف عينيها ثم عادت تكنس رأسها و همست بنبره تكاد تكون واضحة:
_ على الجواز

تهلهلت أساريره و لمعت عينيه بسعاده رفعت هي رأسها و تعجبت من حالته وهي تري تلك الأبتسامه الواسعه المرسومه على ثغره..
.....

وقفت مروه تقلب بكفها الآخر القهوه، و تلمست بأناملها المرتجفه ثغرها شارده و إبتسامة صغيره مرسومه على ثغرها و أصبحت ملامحها مشرقه و قلبها يكاد يقفز من محله من سعادتها..

_ القهوه فارت يا مروه

نطق بتلك الكلمات ضاحكاً وهو يقف على أعتاب المطبخ، انتفضت هي و سارعت في إغلاق الموقد و وضعت المغلاة جانبا ثم أستدارت تنظر نحوه قائله بخفوت ضاحكه:
_ عجبك كده اهي القهوه فارت بسببك

مسح هو علي خصلات شعره وهو يقول ساخراً:
_ فارت بسببي !

أومأت هي برأسها ثم دفعت إياه وهي تقول بمرح:
_ أعمل لنفسك أنت القهوه أما أنشر الغسيل

رفع هو حاجب و نزل الآخر و التوي ثغره بابتسامة مستمع فهو قد أشتاق إليها كثيراً ..
٠٠٠٠٠

مر شهر على عودتها معه و لكن لا جديد يذكر سوي حالة الضيق التي أصبحت تسيطر عليها عندما تري إياه يتحدث مع غيرها..

_ أنتي بدأتي تحبيه !

خرجت تلك الكلمات من مروه الجالسه أمامها ووجهها ممتليء بالحبوب، تراجعت حفصة في مقعدها و أحمر وجهها خجلاً وهي تتلاعب بأناملها قائله بتلعثم:
_ أكيد لأ، أكيد تعود يا مروه مش كده

حركت مروه رأسها نافيه و عينيها تدقق في ملامحها و الابتسامة تزين ثغرها قائله بنبرة ماكره:
_ مش تعود أنتي مشوفتيش نفسك لما لاقيتي بس واقف مع البنت جارتك دي

و علي ذكر تلك الكلمات شرد عقلها في ذلك اليوم الذى كانت مروه معها فيه من أجل جمع المتبقي من أغراضها، و عندما آتي صفوان لأخذهم وقفت تلك الجاره الشابه تتحدث معه مما جعل إياها تكاد تكون على وشك الفتك بها..

تبدلت ملامحها إلي الضيق وهي تنظر نحو مروه قائله بنزق:
_ ما هي إلي مشفتش نص ساعه تربيه

قهقهت مروه ضاحكه و أومأت برأسها قائله بخبث:
_ والله بتحبيه..

أعادت حفصة خصله من خصلات شعرها إلي الخلف وهي تقول بتوجس خائفه:
_ بس أنا خايفه

٠٠٠٠٠

زفرت فاطمه طويلاً بعد أن ألقت نظره على صورة يوسف الذي قام بمشاركتها على صفحته الشخصية الذي من الواضح أنه أصبح مستمتع في حياته..

شردت بملامحها في كلمات صفاء التي كانت سبب في تراجعها عن رفضها لذلك الجالس في الخارج مع زوجة عمها

" جربي تدي نفسك فرصه و لو على موضوع الأطفال دي حاجه بتاعت ربنا، لكن أنتي تستحقي الفرصه دي يا فاطمه، تستحقي حد يحبك "

تلك الكلمات ظلت تدور في عقلها و مع حاجتها إلي وجود أحد بجانبها استطاعت إتخاذ قرارها بالموافقة..

بعد عدة دقائق، كانت تخرج إلي الخارج، وقع بصرها على إسماعيل الجالس بمفرده..

أرتسمت أبتسامة على ثغره وهو يقول بسخريه مازحاً:
_ لسه فاكره تطلعي !

ارتبكت هي قليلاً و تقدمت تجلس أمامه ثم أخذت نفس عميق و تحدثت تقول بخفوت:
_ إسماعيل أنا مواقفه نكتب الكتاب و نسافر

و قرار خلف قرار كانت تتخذه فاطمه بعقلها لكن تلك القرارات كانت تعجب ذلك الجالس أمامها والذي تهللت أساريره و قد أبتهج قلبه الملتاع منذ سنوات على حب لم يكتب له أن يكتمل سوي الآن..
٠٠٠٠٠٠

ألقت هاتفها جانباً بعد أن أخبرتها مروه كعادتها عن حياة طليقها الذي أخذ زوجته و سافر إلي خارج البلاد تاركاً والدته تقطن مع شقيقه شاهين الذي حاول إعادتها إليه لكنها رفضت و خصوصاً بعد أن علم الجميع أنه يتعاطى المخدرات و قد بدأ الجيران و الأقارب يتحدثون عن حفصة و أخلاقها حيث بدأ الجميع يشكك في عائلة طليقها و يلقون اللوم عليهم و علي شاهين الذي أصبح الجميع ينفر منه..

نفضت رأسها وهي تشعر به يقف أمامها، نهضت على الفور من مكانها وهي تنطق بتلك الجمله الأعتيادية:
_ حمدالله على سلامتك..

لم تستطع إكمال كلماتها حيث رأت الحزن المرتسم على ملامحه و قبل أن تسأل عن سبب ذلك وجدته يحاوط إياها بذراعيه يحتضنها وهو يقول بخفوت متألم:
_أسامة مات.. صاحبي مات في الغربه

تسمرت هي للحظات في مكانها و بعد تردد دام لثواني معدوده كانت تضع كفيها على كتفه وهي تقول بنبره متحشرجه متأثره:
_ البقاء لله

قالت تلك الكلمات وقد حبست أنفاسها وهي تشعر بقلبها يخفق وهو يحاوط خصرها هكذا بذراعيه ..

٠٠٠٠٠
التوي ثغر مروه بابتسامة وهي تبعد نظراتها بعيداً عن وفاء و غنيم الواقفين يلتقطون الصور بمناسبة خطبتهم...

وضعت مروه كفها أسفل ذقنها وهي تنظر نحو زوجها قائله بسخرية:
_ إحنا الستات علينا حاجات غريبه فعلاً أنت مبتكدبش

نفث مروان دخان سيجارته وهو ينظر إلي زوجته عاقداً حاجبيه ، تابعت هي موضحه مقصدها:
_ أتفرج شوف أختك فرحانه أزي ، و دي إلي كانت عامله تقول مش عايزاه يا مروه مش عايزاه..

ألقي مروان نظره على شقيقته التي تقهقه ضاحكه من أعماق قلبها وهي تنظر نحو تلك الصور التي تم التقاطها لهم، عاد ينظر إلي زوجته وجدها تتلمس تلك الحبوب المتواجده في وجهها وهي تقول بعبوس:
_ الحمل دمر شكلي إكتر ما هو بايظ

أطفئ هو سيجارته في المطفيء وقد التوي ثغره بابتسامة وهو يري إياها تضم شفتيها هكذا وجد حاله يخبرها بنبرة صادقه:
_ بالعكس دي زودتك جمال يا حبيبتي

تلقائياً التوي ثغرها بابتسامة عند نطقه لآخر كلمه و تنهدت طويلاً وهي تقول بعدم أكتراث متوقعه مرواغته في الأجابه:
_ بتحبني !

أتسعت مقلتيها ببلاهه عندما أومأ هو برأسه إيجاباً و نظرات عينيها تأكد مدي صدق أجابته، تراقص قلبها فرحاً و تهلهت أساريها وقد تسارعت أنفاسها وهي تردد بلهفه مشدوهه:
_ بجد

أومأ هو برأسه وقد أتسعت ابتسامته على حالتها المصدومه تلك، وجدها تقبض بكفها على كفه قائله بصوت مرتجف من شدة سعادتها:
_ طب أنا ولا القهوه !

لم يتمالك هو حاله حيث قهقه ضاحكاً وهو يسحب إياها من خصرها وقبل رأسها قائلاً من بين ضحكاته:
_ الصبر يا مروه الصبر

صدرت منها ضحكه خافته وهي تشعر بقلبها يكاد يقفز من محله..

٠٠٠٠٠٠
ألقت حفصة حقيبتها أرضاً و قد دلف صفوان خلفها إلي المنزل وهو يقهقه ضاحكاً:
_ مروه و مروان دول عالم تاني

استدارت حفصة ترمي إياه بنظراتها منزعجه لم تعقب، عقد هو حاجبيه قائلاً بتعجب:
_ مالك يا حفصة

حاولت حفصة تمالك حالها لكن لم تستطع السيطره على حالها أكثر من ذلك و أنفجرت باكيه..

انقبض قلبه وهو يتقدم منها و حاوط وجهها بكفيه قائلا بقلق:
_ حصل إيه!

تعالت شهقاتها باكيه بكاء يمزق القلب و من بين شهقاتها المتشجنه أخبرته بنبره متحشرجه مكتومه:
_ أهلي وحشوني أوي

زفر هو طويلاً و سحب رأسها يسندها على كتفه يمسح بكفه على ظهرها برفق قائلاً بحنو:
_أدعيلهم يا حفصة ، أدعيلهم يا حبيبتي

و عند نطقه لآخر كلمه أنسابت عبراتها الحاره أكثر و بللت سترته بدموعها الحاره و هي تحاوط إياه بذراعيها تتشبث به تخشي فقدانه..
٠٠٠٠٠
وقف هو في الشرفه يتنفس بعمق شارد في حديث والدته التي راحت تخبره بدهشه
" ده أنت بتحبها بقي يا صفوان"

و عقب كلماتها تلك دار بينهم حديث تجاهل هو فيه البوح بما يشعر به و لكن في نهاية حديثهم ذلك قد اطمئن أن عائلته أصبحت تتقبل حفصة..

_ صفوان..

خرجت إسمه بصوت متحشرج، استدار هو ينظر إلي وجهها المشتعل باحمرار أثر بكائها تقدم نحوها وهو يقول بأهتمام:
_ أحسن دلوقتي ؟

كم أصبح يسعدها اهتمامه و نظراته الدافئه تلك ، أومأت برأسها ثم ضغطت على شفتيها وهي تقول له على استحياء:
_ صفوان كنت عايزه أقولك..

توقفت الكلمات على طرف شفتيها وهو يخبرها بطريقه مفاجئة:
_ حفصة أنا تقريباً بحبك

أهتزت حدقتيها وظلت للحظات تحاول الأستعياب ولكن قلبها كان الأسرع في ذلك حيث راح يخفق بجنون و التوي ثغرها بابتسامة سريعاً ما تلاشت و أرادت الركض من أمامه ولكن وجدته يمسك إياها من مرفقها يوقفها..

دقائق و كانت تغلق باب غرفتها عليها تضع كفها على وجهها المشتعل خجلاً وكفها الآخر موضع على قلبها الذي راح يقرع كالطبول..

تسارعت أنفاسها وهي تتلمس شفتيها بأنامل مرتجفه وهي تقول عفوياً بصوت لاهث:
_ شكلي فعلاً زي ما مروه قالت

قالت تلك الكلمات وهي تبتعد عن الباب ، أنتفضت في وقفتها عندما وجدته يفتح الباب و يدلف إلي الغرفه قائلاً بخفوت:
_ مروه قالت إيه !

توردت وجنتيها خجلاً و شعرت بقدميها لم تعد تحملها و قد انحبست أنفاسها..

التوي ثغره بابتسامة مشرقة وراح يردد بنبره ذات مغزي:
_ أنتي كمان تقريباً..

لم يكمل كلماته حيث وجدها هربت بنظراتها بعيداً و كان وجهها مشتعل بنيران الخجل و بقت إجابتها معلقه لكن قلبها أجاب و قد وصلته الإجابة دون أن تنطقها هي..

تعلقت عينيه بتفاصيل وجهها و دون شعور منه كان يبتسم وهو يتقدم منها يضمها إليه يهمس إليها ببضع كلمات تركت أثرها في قلبها..

أحمر وجهها أكثر و كادت أن تذوب خجلاً و حاوطت إياه بكفيها متشبثه به و قلبها يقرع كالطبول و حقيقه واحده تدركها أنها أحبته و أنتهي الأمر..

تمت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي