بوابة الموت ( رحيل غير مبرر)
قد يجبرنا القدر علي التخطي ، لكن أي تخطئ هذا ، ما قد يجرف أرواحنا نحو المجهول ، مثل صاعقة تهوي علي الرؤؤس ، دون رحمة أو شفقة ، قدر بغيض يتمتع حين يرانا نتالم ، نبكي ، تنتابه لذة التمتع دون اللمس ، تستمع لضحكاته الساخرة دون أن يقترب منك أو تراه ، يلاعبك بمكر رغم معرفته با أنك الخاسر دون محالة ..
قالها لي بعيون زائغة ، ماذا بعد أن تخلي عنك من أقرب لك تركوك تصارع أشباح الخوف بمفردك ، ماذا ستفعل حين ذاك ، ضع نفسك مكاني وستعلم ماذا أعني ، هذا القلب الذي ينبض داخلي ، قد تحطم وتبلد ، جفت تلك الدماء التي تمر ٱليه ،
ماذا ستفعل ياصديقي عندما تكتشف أن الايام التي ظننت أنك تحتمي خلف حصن منيع ، تغفو دون خوف او قلق ، تضحك بصوت عال دون رقابة ، تتحرك باريحية وأنت تعلم ان هناك أشخاصا رغم ان لم تفعل لهم شيئا الا أنهم لا يحبونك ، يبغضونك لحب الناس لك ،
ماذا ستفعل وقت ذاك أخبرني ! ؟؟
حينها فقط ستكتشف أن هذا الحصن المنيع ماهو إلا ستار زائف ، يستطيع عدوك ان يري كل شئ دون أن تشعر به ، لقد تهاوت جميع حصوني ياصديقي ، لم يعد هناك شيئا لي ، من ظننت أنني أحتمي بهم ومن أجلهم تخلوا عني ، تركوني وأنا في أمس الحاجة إليهم ، سلبوا مني الامان ، والاطمئنان ، سلبوا قلبي وحياتي ، أجبروني أن أتخلي عن كل ماهو مميز ، من فضلك دعهم يأخذوني من هنا ، هذا ليس مكاني أو موطني ، انا معهم أشعر بالامان ، بدونهم فقدت الامان ......
.. تركوني وأنا في أمس الحاجة إليهم ، سلبوا مني الامان ، والاطمئنان ، سلبوا قلبي وحياتي ، أجبروني علي أن أتخلي عن كل ماهو مميز ، سيتركوني أعاني ويلات الاسي ، أبكي وأنتحب علي عمري ، تري أن الان أرهم ينصبون سرادق العزاء ، قلبي ، حياتي ، عمري ، ذكرياتي ، شبابي ، هناك رحلوا ، يحملونهم الان فوق الاعناق ، لم يعد شيئا باق ، سوي هذا الجسد الذي سيتروكه هنا تلتهمه الاحزان ، ثم بعد يعلن جسدي رحيله بهدوء دون وداع يليق به ، دون حضن يغمره يجعله يرحل بسلام ، دون بكاء ، ، من فضلك دعهم يأخذوني من هنا ، هذا ليس مكاني أو موطني ، انا معهم أشعر بالامان ، بدونهم فقدت الامان ، هل هذا عدل بحقي ياصديقي ! ؟
أي ظلم هذا ! ؟
أخبرني بالله عليك ماذا فعلت من أجل أن أستحق تلك النهاية الشنيعة ! ؟
أنت معي وترافقني منذ أعوام ، لن تكذب علي ، أو تنافقني ، هل أستحق حقا كل هذا ! ؟
دعك من هذا ، أخبرني هل فعلت شيئا دون قصد ، ربما أنا لا أتذكر مما يحدث لي ..
طالعه إبراهيم ب أسف ممزق ، وعيون يملاؤهما الرجاء ، والخذلان ، لم تسعفه الكلمات أن تنطلق من فمه ، تجمدت وتوقفت علي الخروج ، باتت مهددة خلف سجن اليأس ، قضبانه متراصة بجانب بعضها البعض تسمح فقط لزفراته بالخروج ، ترك عبراته تهرب من مقلتيه دون حرج ، أطلق لهما العنان يخبرانه كما أنا لا أستحق صداقتك ، لا أستحق ، تلك الايام الجميلة التي مضت وفرت هاربة منا ، ذكريات تحمل من الضحكات ما يكفي لبقاء الامل ، لكن الحزن هنا مثل قمر أظلم في ليلة حالكة السواد ، كأنها عباءة سوداء تلحفت العالم ، لم تترك ثغرة لبصيص من أمل يذكر ، و لو كانت ضئيلة .
عذرا ياصديقي لا أستيطع أن اساعدك ، لا أستطيع أن أقف بجوراك ، ليتني أستطيع أن اهرب بك ومعك ، ليتني لم أشركك معي في رحلتي الماضية ، ف ليكن عذابي هو الفرار منك من أجلك ، كلما نظرت في عيونك شاهدت ما إقترفته من ذنب في حقك ياصديقي ..
مازالا كل منهما يحدقون ببعضهم البعض دون أن تتحرك شفاهم ، او عيونهم ، فقد تكلمت العيون بما يكفي ، عاتبت ، وطلبت ، و تالمت ، دون أن يستمع لهما صوتا ، و قبل أن يشيح إبراهيم عينه عن صاحبه الملكوم ، الذي طلب منه برجاء أنه يسامحه ، و يريد أن تظل يده متمسكه به لا تتركه لغيابات الوهم ، او ظلام اليأس ، او للالم ، طلبها منه وكأنه يستكمل رجاءه ، عدني كذبا ، دعني أتمسك ب هذا الخيط البائد المهتري من الامل ، عدني وأنا سأظل محتضنه حتي أفارق الحياة بهدوء وأنا أقسم لك ، لن أطلب منك شيئا ، لن اتكلم او أعاتبك لشئ لم يكن لي ولك يدا فيه ، عدني ألا تبتعد عني ياصديقي ، فقد لاقيت من الاحزان مايكفي ، يكفي ماتعانيه أيضا ولو حتي دون أن تتذكر ، عدني انك ستتسك برباط صداقتنا إلي الابد ، و لا تنسي أن تذهب لمقبرتي التي ستحوي الكثير من رفاتي ،أن تترحم علي بقلب صادق ، وتتذكرني كم كنت قويا ، لا تتذكر ضعفي هذا ، ف أنا الان استمد قوتي منك ، أستمد الصبر كي أكمل طريقي الذي تعلمه ، يجب عليك أن تخبرني الان هل ستظل واقفا بجواري حتي أرحل بسلام ! ؟
إرتفعت دقات قلب إبراهيم فلم يعد يحتمل هذا الفراق المؤلم ، إحتضن راحة يدي عبد الرحمن بين يديه في حنو ، ونظر له ببكاء وهز رأسه له موافقا ، ثم أسبل عينه عدة مرات مؤكدا علي كلامه ، لاحت علي وجه صديقه شبح ل إبتسامة من جانب فمه ، ثم سحب يده من بين يدي إبراهيم وإستدار جالسا علي الكرسي دون أن يتكلم ، نكس رأسه وأطبق يديه فوق بعضهم ، وتنهد بحزن ، بعد ثوان وقف وتحرك بجانب النافذة في الغرفة ، فتحها وطالع المارة الذين يعبرون في الطريق من الجانب الاخر ، سحب نفسا طويلا ملاء به صدره ، قبل أن يغلقها ويعود ادراجه مرة أخري ، لم ينبث ببنث شفة ، أشعر وأعلم لماذا أخذ نفسا عميقا دون أن يطلقه ، لقد ملاء رئتيه من أخر هواء طلق ، أطبق عليه كما أطبقوا علي حياته خلف الجدران ، إحتضن الهواء بين ضلوعه يطالبه الصمود ، عله يصمد أيضا ..
قال الطبيب كلمته :-
لازم يقعد هنا فترة عشان نتابعه ، وهبلغ حضراتكم بكل التفاصيل بعد كده ، ولازم فترة تانية ملاحظة ومراقبة كل تصرفاته ، وممكن بناء عليها لو اتحسنت حالته يخرج من هنا في مدة أقصاها سنة ، ولو متحسنتش القرار هيرجعلكم ، يا يكمل ، يا يتحجز هنا ..
كانت كلماته الاخيرة مثل السهم النافذ ، إخترق قلب إبراهبم وصديقه عبد الرحمن ، دون رحمة ، كلاهما يعلمان أنه لن يخرج ، متيقنين من المصير الخائن الذي طعن كل منهما في ظهره ، كل واحد منهم سينال عقابه كما اراد القدر ، هناك طريق يجب أن يكتمل ، وجب علي واحد منهم أن يضحي ويستسلم لقصته التي تمني الا يستمع إليها يوما ما ، لكن القدر كما قلت أراد ان يمرح ، معهم ، ركض خلفهم ، ف ركضوا ايضا للاختباء ، ظلوا يجرون ، تفرق كل منهم كي لا يقبض عليه ، لكنهم لا يعلمون أنه اراد تفريقهم ، يريد الاستمتاع بخوفهم من أن يمسكهم ، حتي ذهبوا في التيه ، وبعد وقت عادو سالمين الاجساد ، لكن ارواحهم تمزقت دون أن يدرو ، مع مرور الوقت علموا ما حيك خلفهم ، لكن بعد ان فات الوقت ، لابد ان يدفعوا ثمن أخطائهم التي إقترفوها دون قصد ، الضحكات النقية ، التيسير، كل هذا له ضريبة قاسية ، تقتص من الروح ، فها هما يقومون بالسداد علي فترات وجيزة ، لهم موعد لن يخلفوه ابدا ..
قال الطبيب كلماته وعاد ينظر إلي اوراقه ، دون بها الكثير وسط حديث بين والد ووالدة عبد الرحمن ، وأنا وهو في عالمنا الاخر ، قلت له داخلي ، لو فرقتنا الاماكن سنظل علي عهدنا ، لا تظن ياصديقي أني في منأي عنك ، برغم انهم سيقمون بتقييد حريتك حتي تشيخ أمامهم ، سأظل معك بروحي ، سنتلاقي في مكان واحد ، سأترك جسدي للخارج وأنا سأظل معك ، بجانبك لن أرحل الا معك ...
رفع رأسه ونظر لي بعيون جامدة ، باردة خالية من الحياة ، رافعا ٱحدي حاجبيه في تلذذ غريب ومخيف ، كأنه يقول لي لن تستطيع ..
علمت . نعم وتيقنت انه حضر الان ، جثي عليه وتملك منه دون رحمه ، لن يتركه ، الا عندما يريد ، ثوان وعادت نظرة الرجاء منه ، وتارة الباردة ، أيقنت انه في صراع داخلي ، يحارب فيه بكل مايستطيع من قوة ، ظل هكذا فترة حتي تلبسه رداء البرودة والتحجر ، رفع رأسه وطالع الجميع بكبرياء ، نظرات والداه في تلك الاثناء تخبرك مدي حزنهم علي إبنهم ، تمزق قلبك حسرة علي ما أصاب هذا الشاب ، عمره هذا مثله يقضيه بين السفر والدراسة ، والعمل ، مثله تزوج وأنجب طفل صغير يملاء الحياة مرح وسعادة ، لكنه تحول من شاب في ربوع شبابه ، لا أخر إحترق كما المصباح دون عودة .
تعجب إبراهيم من والدا صديقه ، ورد فعلهم الغربب منذ البداية ، وها هم يتبدلون ، هم كما عرفهم منذ زمن ، تملاء قلوبهم الطيبة والرحمة ، ليسوا من طالعوا إبنهم ببرود قاتل منذ قليل ، لاحظ إبراهيم في تلك الاثناء الطيب ونظراته المتشككة لهم ، عيونهم وحركات جسدهم ، كأنه يتابعهم لا يعرف ماذا يحدث ، لكن قطع سيل أفكاره عبد الرحمن الذي حدق في عيونه بطريقة تبعث الريبة في النفس ، لاحظ جسد الطيب وهو يرتعش عدة مرة في حركة غريبة ..
تري ماذا يحمل لهم القدر من أحداث ، ماذا حدث لعبد الرحمن صديق إبراهيم ، هل سينجو من القدر ! ؟
ام القدر قال كلمته دون رحمة أو شفقة ! ؟
قالها لي بعيون زائغة ، ماذا بعد أن تخلي عنك من أقرب لك تركوك تصارع أشباح الخوف بمفردك ، ماذا ستفعل حين ذاك ، ضع نفسك مكاني وستعلم ماذا أعني ، هذا القلب الذي ينبض داخلي ، قد تحطم وتبلد ، جفت تلك الدماء التي تمر ٱليه ،
ماذا ستفعل ياصديقي عندما تكتشف أن الايام التي ظننت أنك تحتمي خلف حصن منيع ، تغفو دون خوف او قلق ، تضحك بصوت عال دون رقابة ، تتحرك باريحية وأنت تعلم ان هناك أشخاصا رغم ان لم تفعل لهم شيئا الا أنهم لا يحبونك ، يبغضونك لحب الناس لك ،
ماذا ستفعل وقت ذاك أخبرني ! ؟؟
حينها فقط ستكتشف أن هذا الحصن المنيع ماهو إلا ستار زائف ، يستطيع عدوك ان يري كل شئ دون أن تشعر به ، لقد تهاوت جميع حصوني ياصديقي ، لم يعد هناك شيئا لي ، من ظننت أنني أحتمي بهم ومن أجلهم تخلوا عني ، تركوني وأنا في أمس الحاجة إليهم ، سلبوا مني الامان ، والاطمئنان ، سلبوا قلبي وحياتي ، أجبروني أن أتخلي عن كل ماهو مميز ، من فضلك دعهم يأخذوني من هنا ، هذا ليس مكاني أو موطني ، انا معهم أشعر بالامان ، بدونهم فقدت الامان ......
.. تركوني وأنا في أمس الحاجة إليهم ، سلبوا مني الامان ، والاطمئنان ، سلبوا قلبي وحياتي ، أجبروني علي أن أتخلي عن كل ماهو مميز ، سيتركوني أعاني ويلات الاسي ، أبكي وأنتحب علي عمري ، تري أن الان أرهم ينصبون سرادق العزاء ، قلبي ، حياتي ، عمري ، ذكرياتي ، شبابي ، هناك رحلوا ، يحملونهم الان فوق الاعناق ، لم يعد شيئا باق ، سوي هذا الجسد الذي سيتروكه هنا تلتهمه الاحزان ، ثم بعد يعلن جسدي رحيله بهدوء دون وداع يليق به ، دون حضن يغمره يجعله يرحل بسلام ، دون بكاء ، ، من فضلك دعهم يأخذوني من هنا ، هذا ليس مكاني أو موطني ، انا معهم أشعر بالامان ، بدونهم فقدت الامان ، هل هذا عدل بحقي ياصديقي ! ؟
أي ظلم هذا ! ؟
أخبرني بالله عليك ماذا فعلت من أجل أن أستحق تلك النهاية الشنيعة ! ؟
أنت معي وترافقني منذ أعوام ، لن تكذب علي ، أو تنافقني ، هل أستحق حقا كل هذا ! ؟
دعك من هذا ، أخبرني هل فعلت شيئا دون قصد ، ربما أنا لا أتذكر مما يحدث لي ..
طالعه إبراهيم ب أسف ممزق ، وعيون يملاؤهما الرجاء ، والخذلان ، لم تسعفه الكلمات أن تنطلق من فمه ، تجمدت وتوقفت علي الخروج ، باتت مهددة خلف سجن اليأس ، قضبانه متراصة بجانب بعضها البعض تسمح فقط لزفراته بالخروج ، ترك عبراته تهرب من مقلتيه دون حرج ، أطلق لهما العنان يخبرانه كما أنا لا أستحق صداقتك ، لا أستحق ، تلك الايام الجميلة التي مضت وفرت هاربة منا ، ذكريات تحمل من الضحكات ما يكفي لبقاء الامل ، لكن الحزن هنا مثل قمر أظلم في ليلة حالكة السواد ، كأنها عباءة سوداء تلحفت العالم ، لم تترك ثغرة لبصيص من أمل يذكر ، و لو كانت ضئيلة .
عذرا ياصديقي لا أستيطع أن اساعدك ، لا أستطيع أن أقف بجوراك ، ليتني أستطيع أن اهرب بك ومعك ، ليتني لم أشركك معي في رحلتي الماضية ، ف ليكن عذابي هو الفرار منك من أجلك ، كلما نظرت في عيونك شاهدت ما إقترفته من ذنب في حقك ياصديقي ..
مازالا كل منهما يحدقون ببعضهم البعض دون أن تتحرك شفاهم ، او عيونهم ، فقد تكلمت العيون بما يكفي ، عاتبت ، وطلبت ، و تالمت ، دون أن يستمع لهما صوتا ، و قبل أن يشيح إبراهيم عينه عن صاحبه الملكوم ، الذي طلب منه برجاء أنه يسامحه ، و يريد أن تظل يده متمسكه به لا تتركه لغيابات الوهم ، او ظلام اليأس ، او للالم ، طلبها منه وكأنه يستكمل رجاءه ، عدني كذبا ، دعني أتمسك ب هذا الخيط البائد المهتري من الامل ، عدني وأنا سأظل محتضنه حتي أفارق الحياة بهدوء وأنا أقسم لك ، لن أطلب منك شيئا ، لن اتكلم او أعاتبك لشئ لم يكن لي ولك يدا فيه ، عدني ألا تبتعد عني ياصديقي ، فقد لاقيت من الاحزان مايكفي ، يكفي ماتعانيه أيضا ولو حتي دون أن تتذكر ، عدني انك ستتسك برباط صداقتنا إلي الابد ، و لا تنسي أن تذهب لمقبرتي التي ستحوي الكثير من رفاتي ،أن تترحم علي بقلب صادق ، وتتذكرني كم كنت قويا ، لا تتذكر ضعفي هذا ، ف أنا الان استمد قوتي منك ، أستمد الصبر كي أكمل طريقي الذي تعلمه ، يجب عليك أن تخبرني الان هل ستظل واقفا بجواري حتي أرحل بسلام ! ؟
إرتفعت دقات قلب إبراهيم فلم يعد يحتمل هذا الفراق المؤلم ، إحتضن راحة يدي عبد الرحمن بين يديه في حنو ، ونظر له ببكاء وهز رأسه له موافقا ، ثم أسبل عينه عدة مرات مؤكدا علي كلامه ، لاحت علي وجه صديقه شبح ل إبتسامة من جانب فمه ، ثم سحب يده من بين يدي إبراهيم وإستدار جالسا علي الكرسي دون أن يتكلم ، نكس رأسه وأطبق يديه فوق بعضهم ، وتنهد بحزن ، بعد ثوان وقف وتحرك بجانب النافذة في الغرفة ، فتحها وطالع المارة الذين يعبرون في الطريق من الجانب الاخر ، سحب نفسا طويلا ملاء به صدره ، قبل أن يغلقها ويعود ادراجه مرة أخري ، لم ينبث ببنث شفة ، أشعر وأعلم لماذا أخذ نفسا عميقا دون أن يطلقه ، لقد ملاء رئتيه من أخر هواء طلق ، أطبق عليه كما أطبقوا علي حياته خلف الجدران ، إحتضن الهواء بين ضلوعه يطالبه الصمود ، عله يصمد أيضا ..
قال الطبيب كلمته :-
لازم يقعد هنا فترة عشان نتابعه ، وهبلغ حضراتكم بكل التفاصيل بعد كده ، ولازم فترة تانية ملاحظة ومراقبة كل تصرفاته ، وممكن بناء عليها لو اتحسنت حالته يخرج من هنا في مدة أقصاها سنة ، ولو متحسنتش القرار هيرجعلكم ، يا يكمل ، يا يتحجز هنا ..
كانت كلماته الاخيرة مثل السهم النافذ ، إخترق قلب إبراهبم وصديقه عبد الرحمن ، دون رحمة ، كلاهما يعلمان أنه لن يخرج ، متيقنين من المصير الخائن الذي طعن كل منهما في ظهره ، كل واحد منهم سينال عقابه كما اراد القدر ، هناك طريق يجب أن يكتمل ، وجب علي واحد منهم أن يضحي ويستسلم لقصته التي تمني الا يستمع إليها يوما ما ، لكن القدر كما قلت أراد ان يمرح ، معهم ، ركض خلفهم ، ف ركضوا ايضا للاختباء ، ظلوا يجرون ، تفرق كل منهم كي لا يقبض عليه ، لكنهم لا يعلمون أنه اراد تفريقهم ، يريد الاستمتاع بخوفهم من أن يمسكهم ، حتي ذهبوا في التيه ، وبعد وقت عادو سالمين الاجساد ، لكن ارواحهم تمزقت دون أن يدرو ، مع مرور الوقت علموا ما حيك خلفهم ، لكن بعد ان فات الوقت ، لابد ان يدفعوا ثمن أخطائهم التي إقترفوها دون قصد ، الضحكات النقية ، التيسير، كل هذا له ضريبة قاسية ، تقتص من الروح ، فها هما يقومون بالسداد علي فترات وجيزة ، لهم موعد لن يخلفوه ابدا ..
قال الطبيب كلماته وعاد ينظر إلي اوراقه ، دون بها الكثير وسط حديث بين والد ووالدة عبد الرحمن ، وأنا وهو في عالمنا الاخر ، قلت له داخلي ، لو فرقتنا الاماكن سنظل علي عهدنا ، لا تظن ياصديقي أني في منأي عنك ، برغم انهم سيقمون بتقييد حريتك حتي تشيخ أمامهم ، سأظل معك بروحي ، سنتلاقي في مكان واحد ، سأترك جسدي للخارج وأنا سأظل معك ، بجانبك لن أرحل الا معك ...
رفع رأسه ونظر لي بعيون جامدة ، باردة خالية من الحياة ، رافعا ٱحدي حاجبيه في تلذذ غريب ومخيف ، كأنه يقول لي لن تستطيع ..
علمت . نعم وتيقنت انه حضر الان ، جثي عليه وتملك منه دون رحمه ، لن يتركه ، الا عندما يريد ، ثوان وعادت نظرة الرجاء منه ، وتارة الباردة ، أيقنت انه في صراع داخلي ، يحارب فيه بكل مايستطيع من قوة ، ظل هكذا فترة حتي تلبسه رداء البرودة والتحجر ، رفع رأسه وطالع الجميع بكبرياء ، نظرات والداه في تلك الاثناء تخبرك مدي حزنهم علي إبنهم ، تمزق قلبك حسرة علي ما أصاب هذا الشاب ، عمره هذا مثله يقضيه بين السفر والدراسة ، والعمل ، مثله تزوج وأنجب طفل صغير يملاء الحياة مرح وسعادة ، لكنه تحول من شاب في ربوع شبابه ، لا أخر إحترق كما المصباح دون عودة .
تعجب إبراهيم من والدا صديقه ، ورد فعلهم الغربب منذ البداية ، وها هم يتبدلون ، هم كما عرفهم منذ زمن ، تملاء قلوبهم الطيبة والرحمة ، ليسوا من طالعوا إبنهم ببرود قاتل منذ قليل ، لاحظ إبراهيم في تلك الاثناء الطيب ونظراته المتشككة لهم ، عيونهم وحركات جسدهم ، كأنه يتابعهم لا يعرف ماذا يحدث ، لكن قطع سيل أفكاره عبد الرحمن الذي حدق في عيونه بطريقة تبعث الريبة في النفس ، لاحظ جسد الطيب وهو يرتعش عدة مرة في حركة غريبة ..
تري ماذا يحمل لهم القدر من أحداث ، ماذا حدث لعبد الرحمن صديق إبراهيم ، هل سينجو من القدر ! ؟
ام القدر قال كلمته دون رحمة أو شفقة ! ؟