الفصل السادس

" توهان "

تلتقي ندى في المدرسة ليان وجيانا ، أما رنيم كانت قد تغيبت عن المدرسة ، حالها سيء لم تستطع أن تواجه أحد بهذا الضعف .

ندى : صباح الخير بنات ، لم أتناول إفطاري اليوم سأذهب وأشتري شيئاً ما من البوفيه هل أحضر لكم شيئاً ما معي ؟
ليان : لا شكراً
جيانا : أحضري لي عبوة ماء من فضلك

تذهب ندى إلى البوفيه ، في هذا الوقت تتصل ليان برنيم فهي قلقة عليها في العادة عندما تتغيب تخبرها قبل وقت .

ليان : ألو مرحبا عزيزتي ، أين أنتي لماذا لما تحضري؟
رنيم تبكي هنا وكأنها أرادت أفراغ حمل صدرها عند أول شخص تسمع صوته يكلمها
رنيم : أنا متعبة ، تبكي ..
ليان : مابك لقد شغلتي بالي حقاً ، في الأنصراف سأحضر فورا أنتظريني
رنيم : سأكون في أنتظارك

تنهي ليان مكالمتها وقد بدا القلق واضحاً على وجهها .

جيانا : مابك هل تلقيتي خبراً سيء ؟
ندى : نعم تبدين غير متزنة
ليان : لاتشغلوا نفسكم بهذا ، فقط أنا قلقة على رنيم ليست جيدة
ندى : مابها ؟
ليان : لم تخبرني سأذهب بعد المدرسة وأطمئن عليها
جيانا : سأتي معك
ندى : وأنا أيضاً هي زميلتنا وواجبنا أن نطمئن عليها
ليان : ربما مجيئكم معي غير محبب لها ، لكن لابأس رافقاني بشرط أن تكون زيارتكم قصيرة .

تنصرف الفيتات ويتجهن إلى بيت رنيم ، تتفاجئ رنيم بقدوم جيانا وندى لكن رغم هذا ترحب بهم .

رنيم : أهلاً يافتيات يمكنكم الدخول إلى غرفتي ، جدتي نائمة في الصالون ولا أريد إزعاجها
يدخلن إلى غرفة ليان وقد بدا واضحاً الشحوب في وجهها ، كانت اللذعة في تفاصيل وجهها فاضحة ، عيناها مهزولتان من البكاء وصوتها الذي كان يخرج أنيناً تارة وتارة أخرى يتصنع الجذل .
ليان تمسك يد رنيم بحنو
ليان : هل أنت بخير ؟ تعلمين كم أنتي عزيزة على قلبي لاأريد أن أراك بهذا الحال .
رنيم : في الحقيقة لست جيدة ، هجرني رغم حبي لكبير وإخلاصي له ، ربما كان هذا السبب الذي جعله يطفر مني
جيانا : أنت تقصدين أحمد صحيح ، لكن لاعليك أنت فتاة جميلة وتستحقين الأفضل .

تسكت ندى للحظات لم تعرف كيفية مواساة فتاة هجرها شاب وهي أساساً معجبة به ، رغم هذا قررت مساندتها وتقويتها

ندى : أنت لست على خطأ ، دائماً يجب أن نحب بصدق ونعطي قدر أستطاعتنا ، قد كشفه الله لك منذ البداية عساها خير لك .

في الحياة يجب أن نتعلم دائماً أن لا نربط حياتنا بشخص لا أحد دائم لأحد والشخص الذي لايحبك لايستحقك .
تشرد رنيم بكلام ندى للحظة ، شعرت أنها الآن أفضل ، تلك الكلمات جعلتها أقوى ، أرات شكر ندى على مساندتها لها

رنيم : شكراً لك على وجودك حديثك معي جعلني بحال أفضل
ندى : لا شكر على واجب ، فقط أخبرتك الحقيقة .
تنصرف الفتيات من منزل رنيم ، بعد أن تركت ندى طابع جميل بقلب زميلتها .

___

تتجه ندى لمنزل خالتها ، بعد أن روادها الشك في حدوث أمر ما ، كانت تريد التيقن بحقيقة مايحدث ، لم تكن تعلم بقوة تلك الصدمة التي تنتظرها .
تصل لوجهتها ، تطرق باب المنزل ، تفتح فايا ابنة خالتها الباب .

فايا : أهلاً ندى
ندى : أهلاً بك هل أستطيع الدخول ؟
ترتبك فايا لكن ليس باليد حيلة تسمح لندى بالدخول ،
تشاهد ندى خالتها وهي تطبخ ، تعلم هنا أنها بحال جيدة و ليست مريضة كما أدعو .
ندى بتكهن : مرحبا خالتي يبدو أن صحتك جيدة
أسقطت جنى مغرفة الطعام من يديها دون وعي كانت قد وهلت من تواجد ندى دون سابق إنذار .
جنى : أهلا ياحلوتي لو أخبرتني أنك قادمة
ندى : لماذا لطالما أخبرتني أن منزلك هو منزلي وإني لست ضيفة
جنى : أقصد من كلامي لحضرت نفسي وجهزت شيئاً لاستقبالك
ندى : لابأس ، أين أمي ؟
جنى : نائمة
ندى : ومنذ متى تنام بهذا الوقت أنا ذاهبة لإيقاظها ، من فضلك دليني عليها .

تدخل ندى للغرفة التي تقنط والدتها بها ، تعاينها وهي نائمة كانت على غير طبيعتها ، تقترب منها وتطبع قبلة على خدها وتهمس لها ..

ندى : أمي أمي أستيقظي
تفزع سهى كما لو أنها رأت شبح أمامها
سهى : بسم الله الرحمن الرحيم ، ماذا تفعلين هنا ؟
ندى : جئت أطمئن على خالتي ولكن يبدو أنها بصحة جيدة
تسكن سهى وهي خائفة من أن يكشف ماتستره

ندى : مابك ياأمي لماذا بلمت ؟
سهى : لاشيء أخبريني ماذا الآن؟
ندى : أنت أخبريني ماذا تخفين عنا !!
سهى : أخبرتك أنه لايوجد شيء أخفيه ، تشاجرت أنا ووالدك فقط مثل أي زوجين يختلفان
ندى : غريب ، في العادة لايمضي اليوم إلا أن تحل الهدنة بينكم لو كان خلافاً عادي لما مكثت خارج المنزل
سهى : كفى يامايا أشعر أنك تحققين معي
ندى : لا ياأمي فقط قلقة عليك ، ماذا هناك هيا أخبريني لقد تعاهدنا أن لانحمل أسرار أرجوك أبيحي بما تخفينه
سهى : المشكلة لست متأكدة من هذا بعد ، والدك ربما خانني مع امرأة أخرى
ندى تجفن مكانها : ماذا مستحيل لايعقل هذه ليست من شيم أبي
سهى : للآسف غالباً حدث هذا ، على العموم أعطيت والدك مهلة يومين للتفكير ، يستطع بعدها أن يقابلني ويعترف لي عن كل ما دار خلفي ولم أعرف به
ندى بحزن : وأن أكد لك ذلك هل ستفارقينه؟
سهى : لا أعلم ياعزيزتي أرجو منك ألا تضغطيني ، أنا الآن بموقف لاأحسد عليه وشعوري لايمكن ترجمته حتى .
كان لابد لسهى من الابتعاد لفترة ما وأخذ مهلة للتفكير وتقييم الوضع .

ندى : هو يحبك أنا متأكدة
سهى : الخيانة ياعزيزتي ليست مرتبطة بالحب ، الرجل يخون حين يريد أثبات ذكورته .

ندى بعد أن وقفت عاجزة عن تصليح ماحدث ، تعود للمنزل منهزمة من كل شيء يبدو أن أحداث اليوم كانت متصاعدة معها ولم تسر بشكل جيد أبتداء من رنيم لوالدتها هجر وخيانة ، أما سهى مازالت بأنتظار الأجوبة منه ، رغم أنَّها متأكدة أن ماستسمعه سيخيب آمالها وسيحبطها لأبعد درجة، ثمَّ إنَّ معرفة تفاصيل الخيانة لن ينفع إلا بمنح الأهميَّة لحدث من المفترض أن يكون مجرد نزوة عابرة لن تتكرر، كما أنَّ ذلك قد يدخلها في دوامة من الأفكار والمقارنات.

___

يعود طلال من عمله منهك ، يستلقي على سريره
يتصل بليان ، في الفترة الأخيرة غاب عنها كثيرا بسبب ضغط العمل والدراسة والعائلة حوله

طلال : سلام ، أشتقت لك
ليان : من الجيد أن تتذكر الاتصال بي أو حتى أن تتذكرني
طلال : أنتي تضربيني في الكلام ، صدقيني كنت مشغول جداً
ليان : مكالمة في اليوم تطمئن فيها عني لن تعطلك عن شيء ، لا أطلب منك سوى خمس دقائق فقط من وقتك
طلال : أنتي محقة أعدك أن أكون أكثر أهتماما ، سامحيني
ليان : سامحتك أتعلم لماذا ؟
طلال : أجل لأنك تحبيني
ليان : نعم أحبك
طلال : وأنا أيضا ، سأراك في أقرب وقت
ليان : متى ؟
طلال : أنت مدعوة لحفلة راب قريبة لمطربي المفضل ،
ليان : أتفقنا رغم أني لاأحب تلك النوع من الحفلات ولكن كل شيء معك يكون جميل .
ينهي طلال مكالمته مع رنيم ، يسمع صوت أخته (ميليسا) تتشاجر مع جدته
ميليسا : أخبرتك أني لم أرى نظاراتك
نهى : لما ترفعين صوتك ؟
ميليسا : لأنك تستفزيني بكلامك
نهى : أنت من قمت بترتيب المنزل ، نسيتي كعادتك أين تضعين الأغراض
ميليسا : يالله صبراً جميلاً وأنت المستعان ، أخبرتك أني لم أخفي تلك البطيخة
تقصد ميليسا هنا النظارة
نهى : أنت قليلة أدب ، هيا أنصرفي عن وجهي
يتدخل طلال هنا
طلال : جدتي يكفي هذا أخبرتك أنها لم تلمس نظاراتك
، أما عن أختي فهي توزع أدب لجيل كامل
نهى : ياضيعان التربية ، أتردون بوجهي الكلام !!
تصل مينا في حين أنشغالهم بالجدال وتسمع أطراف الحديث
مينا : أحدكم يشرح لي مايحدث الآن
نهى : أولادك يردون في وجهي الكلام ويقللون من أحترامي في غيابك
طلال : هذا غير صحيح
نهى : كيف تكذبني ، ألم تعلمك والدتك أن أحترام الكبار واجب
طلال : أنا لا أكذبك ، أحترامك واجب علينا لكنك تفهمين الأمور بشكل خاطئ دائما
مينا : من فضلك طلال أشرح لي مايحدث
طلال : ميليسا رتبت المنزل كالعادة وجدتي نسيت أين وضعت نظاراتها ، تعتقد أن ميسليسا من نسيت أين وضعتها .
نهى : أنا لم أخرف ياولد بعد أنتبه لكلامك ، أختك كثيرة النسيان ، تضع الشيء في مكان ثم تنساه
مينا : لابأس ياأمي سامحينا أنت محقة أنا سأبحث عنها الآن وأجدها لك

كان لابد لمينا أن تجاري والدتها هي ملجأهم الوحيد رغم أن تصرفها هذا أثار أستياء أولادها .
بعد مرور نصف ساعة تجد مينا نظارات والدتها في حقيبتها

مينا : أمي وجدت نظاراتك هي في حقيبتك
نهى : كيف لايعقل هذا من وضعها
مينا بأستياء : ومن ياأمي غيرك ، أرجو أن تتذكري في المرة القادمة ولاتتهمي ميليسا

ميليسا تبكي هنا لم تعد قادرة على تحمل أكثر من هذا تدعو الله أن يخلصها من هذه الحياة البائسة

ميليسا : يكفي إلى هذا الحد يالله لم أعد قادرة على التحمل ، خذ أمانتك وريحني
طلال بغصة وحزن : لاتكرري هذا ، يكفي أنك بصحة جيدة أما الباقي يمكن تصليحه
ميليسا : وكيف أخبرني أقترب عرسي من رجل لم أتعرف عليه بعد ووافقت فقط لأنه مقتدر مادياً ، كي أستطيع مساعدة نفسي ومساعدتكم معي
طلال : لم يرغمك أحد ، أنت من أردت هذا أكرر كلامي أفسخي خطوبتك منه أنتي لاتحبينه ولن تستطيعي التعايش معه في المستقبل
ميليسا : على الاقل سأكون أفضل معه ، أعيش بمنزل واسع ومع خادمة وهناك لايوجد جدتك أو والدتي
طلال : أحسني الظن بأمك في كل مرة  ، الأم وحدها من تتحمل عبئ الحياة لتسعدك ولتطمئن أنك بخير فلا تحميلها أنت فوق طاقتها .
ميليسا : لا أريد أن أدخل بجدال معك ، أنا ذاهبة  أحضر طعام والدي المخصص

والد طلال كان يعاني من مرض الكلى المزمن وكان يتناول طعاما خاص به وبسبب وضعه الصحي أضطر لتوقف عن العمل ، أما عن ميليسا رمت بنفسها لشخص أكبر منها بعشرون عاما ، مغترب ومنفصل ، لديه فتى في التاسعة من عمره لكنه مقتدر ماديا ورجل ذو سمعة طيبة مما جعلها لاتترد في الموافقة عليه ، أما عن طلال كان يحلم أن يغترب لبناء نفسه وسند عائلته .
أقسى أنواع الصراع الداخلي التي يمكن أن تشعر بها هي أن تعيش بوطن غير قادر أن يحتويك وكأنه يأسرك بفنائه إلى أن يأتي هذا اليوم الذي يدفعك فيه للرحيل إلى المجهول فقط للاستمرار في هذا العالم ، ترحل أنت ويرحل هو تباعاً لك ، فالوطن يرحل برحيل أبناءه .

___

عودة لأحمد

يجهز نفسه للقاء صديقة قديمة ( نيرمين ) كان قد خطط لمقابلتها منذ أسبوع ، يتصل بها ويتفق أن يلقاها في المقهى المفضل له ، يصل أحمد لوجهته .
أحمد : أهلاً أهلاً بنيرمين أرى أن الأيام أزهرتك أكثر ماأنت مزهرة .
ضحكت نيرمين خجلة
نيرمين : هذا من لطفك أخجلتني
أحمد : هذه الحقيقة ، تفضلي أجلسي
نيرمين : أخبرني الآن ماذا تريد ياصديقي
أحمد : أنت تعلمين جيدا أنا شخص لا يحب اللف والدوران ، هناك حفلة بعد يومين ولم أرى فتاة أجمل وأنسب منك لتأتي معي
نيرمين : كم أنت مخادع تحاول إقناعي بكلامك
أحمد : والآن أخبريني هل وافقتي
نيرمين : أجل ومنذ متى أرفض طلبك
أحمد : شكراً صدقيني لن تندمي

نيرمين فتاة مميزة رغب أحمد بمرافقتها للحفل لأنه لم يجد أليق وأجمل منها فالكثير من أصدقائه متوجهين إلى نفس الحفل وكان كعادته يحب لفت الأنظار إليه .

___

تصل ندى لمنزلها ، والدها في هذه الأثناء يحتسي القهوة ، كانت ملامح وجهها لاتفسر وقد لاحظ والدها هذا ، يتوتر هنا
مروان : أهلاً ابنتي تأخرت أخبرتني أنك ذاهبة لصديقتك ولن تتأخري
ندى : نعم زرت صديقتي نصف ساعة وبعدها ذهبت إلى خالتي
تشردق مروان بالقهوة هنا
ندى بتكهن : صحة ياوالدي مابك أظن أنك توترت
مروان : وكيف جرى لقائك بخالتك ووالدتك ؟
ندى : لقائي بخالتي جيد فهي في أتم صحة أما عن والدتي أنت أخبرني ماذا تخفي عني؟

فوجئ مروان بتلمحيات ندى وقرر مصارحتها بكل ماحدث ظنن منه أنها ستتفهمه كونها تتميز بتفكير ناضج

مروان : لا أعلم من أين أبدأ وماذا أخبرك بالتحديد لكني تعبت من إخفاء هذا ويبدو أنه حان الوقت للأفصاح بكل شيء ، قبل خمسة أعوام كما تعلمي والدتك فقدت والدها وكانت شديدة التعلق به مما دفعها للتصرف بشكل عاطفي وحاد لدرجة غير مقبولة ،
تعرفت هنا على سيدة وتزوجت بها ، لم أكن بوعي فقط كنت أشعر بفراغ كبير وظهرت تلك المرأة بوجهي في ذلك الوقت كانت مجرد نزوة عابرة وحين يقظت من هذا أنفصلت عنها في الحال .
ندى : أنت تروي لي تلك القصة هكذا بكل سهولة ؟! ماذا عن والدتي ومشاعرها كيف أستطعت خيانتها أنت لم تقدر حبها لك ، تركتها في أصعب لحظات حياتها ومثلت أنك بجانبها ، أبي هل تعلم أنا لم أعد أحترمك

وكأن قلب مروان توقف عند هذه الكلمة لطالما كان يرجو دائماً الأحترام والمحبة من عائلته تمنى لو أن الله أخذ روحه ولم يضعه بهذا الموقف السخيف ، لم يستطع حتى أن يجادلها بهذا ، أما هي أنصرفت إلى غرفتها وهي تبكي .

مايا : مابك ياندى هل أنت بخير ؟
ندى : أريد النوم فقط أتركيني وشأني
مايا : أنت لاتنامي بهذا الوقت
ندى تصرخ هنا وتفرغ كل غضبها : قلت أتركيني أنصرفي عن وجهي

تنصرف مايا من الغرفة متسائلة بداخلها عن ماحصل .

يتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي