الفصل السادس

سمعت "فيحاء" جرس هاتف المنزل وهمت بترك الرواية التى تقرأها وتذهب لترى من المتصل لكن الصوت توقف فجأة فعلمت أن أحداً ممن فى البيت رد على الهاتف , ما هى
الا لحظات حتى فتح والدها باب غرفتها بعدما طرق الباب وقال لها :
- كلمى يا "فيحاء" تليفون عشانك
تعجبت "فيحاء" من الذى يتصل بها على هاتف المنزل فمنذ أن تخرجت لم يبقى على اتصال بها الا "سماح" فقط والتى تتصل دائماً على هاتفها المحمول , نهضت من فراشها
وتركت روايتها وسألت والدها :
- مين يا بابا
- خطيبك
- قالت بإندهاش : "مصطفى"
- ايوة هو انتى ليكي خطيب غيره
كانت هذه هى المرة الأولى التى يتصل بها "مصطفى" , كانت العلاقة بينهما تقتصر على زيارته مرة كل اسبوع وأحياناً كل اسبوعين بسبب انشغاله بتجهيز عش الزوجية بالإضافة
الى عمله الذى يلتهم معظم وقته , توجهت الى الهاتف وقالت :
- السلام عليكم
أتاها صوته عبر الهاتف :
- وعليكم السلام .. ازيك يا "فيحاء" أخبارك ايه
- تمام الحمد لله ازيك انت عامل ايه فى شغلك
- كويس الحمد لله مش ناقصنى غيرك .. وحشانى أوى
تضرجت وجنتاها بحمرة الخجل فلم تعتاد سماع مثل هذه الكلمات منه أو من غيره .. كانت تحاول قدر الإمكان الالتزام بوضع حدود للكلام بينهما .. فهى مازالت تعتبره
رجلاً غريبا عنها لا يحق لها سماع تلك الكلمات منه إلا بعدما يُكتب الكتاب ..استطرد "مصطفى" قائلاً :
- مش عايزة تقوليلى حاجه ؟ .. موحشتكيش زي ما وحشتيني ؟
التزمت "فيحاء" الصمت ولم تدرى ماذا تقول له .. أتاها صوته وقد استطاعت تمييز نبرة الضيق فى صوته :
- خلاص براحتك ..
ثم قال فى برود :
- طبعا عارفه ان الفرح بعد أقل من اسبوعين .. أنا بس حبيت أعرفك ان خلاص تقريباً الشقة جهزت فيما عدا بعض الأمور البسيطة .. أنا حاليا فى البحر الأحمر وان شاء
الله هنزل قبل الفرح ب 3 أيام أخلص الحاجات اللى فاضله .. فى حاجه انتى عايزاها أو حاجه حابه تقوليها

تمنت لو تقول له (أيوة عايزة أقولك كلام كتير أوى واسمع منك كلام أكتر نفسي أعرفك وأفهمك نفسي أعد معاك فترة أطول مش تقولى انك نازل قبل الفرح ب 3 أيام , نفسي
فى خطوبة أطول نفسي أتجوز وأنا حاسه انى فرحانه ومبسوطه زى أى بنت بتتجوز نفسي حد يزيل القلق والخوف اللى جوايا نفسي أطمن على حياتى معاك) لكنها لم تستطع أن
تنطق بحرف مما ودت أن تقوله .. وردت قائله :
- لا شكراً .. مش عايز انت حاجه
رد فى برود :
- لا شكراً .. سلام
- مع السلامة
وضعت "فيحاء" السماعة ونظرت الى غرفة والدها وقالت لنفسها ( كان نفسي تفهمنى يا بابا .. أنا مبحبش أعصيك ولا عايزة أكسرلك كلمة .. بس ياريت تفهمنى شوية ..
وتحس بيا ) قامت ودخلت غرفتها مرة أخرى وجلست على فراشها لتستكمل قراءة الرواية لعلها تستطيع أن توقف عقلها عن التفكير لترتاح قليلاً

أنهى "مصطفى" اتصاله بـ "فيحاء" وشرع يعبث فى ملفات هاتفه .. كان فى غرفته حينما طرق عليه الباب صديقه الذى يشاركه فى السكن وفى العمل .. قال "مصطفى" :
- ادخل يا "رأفت"
دخل صديقه فوجده ممدداً على السرير يعبث بأزرار هاتفه .. فاقترب منه قليلاً وقال بمرح :
- فينك يا عريس .. انت هتختفى من دلوقتى ولا ايه .. لا اسمع لو الجواز هيغيرك متتجوزش خليك كده أحسن

- ليه مالى في ايه
- شكلك زى اللى واخد ألم على وشه ده منظر واحد فرحه بعد اسبوعين .. المفروض اللى زيك يكون طاير من الفرحه يا ابنى
قال "مصطفى" لصديقه فى تبرم :
- والله ما عارف , انا لا مبسوط ولا فرحان
- ليه بأه .. انت مبتحبش خطيبتك ولا ايه ؟
- بصراحة هى انسانه كويسه وكل حاجة يعني زوجة مناسبه لكن مش حاسس نحيتها بأكتر من كدة
- ليه بأه .. طيب قولى هى حلوة ؟
- يعني .. عاديه .. مفيهاش أى حاجة مميزة
- مادمت شايفها عادية ومفيهاش حاجه مميزة كنت بتخطبها وهتتجوزها ليه ؟
- عشان بنت محترمة سألت عليها طوب الأرض محدش قالى عنها حاجة وحشة بالعكس الكل شكر فيها وفى أهلها جدا والبنت فعلا قطة مغمضة
- يعني هتتجوزها عشان كدة بس
- بص يا "رأفت" انت عارف طبيعة شغلنا 3 أسابيع هنا و اسبوع أجازة .. لازم أتجوز واحدة أبقى واثق منها وأنا سايبها فى البيت ومسافر .. والبنت دى هبقى سايبها
فى البيت وأنا مطمن لأنها زى ما قولتلك محترمة وقطة مغمضة
- بس يا "مصطفى" ده ميكفيش عشان الحياة الزوجية بينكوا تستمر لازم يكون فى مقاومات أكتر من كدة تخليها تستمر
- تقصد الحب والتفاهم و الكلام ده .. يا حييبى الحب والغرام ده بيكون قبل الجواز بس .. الراجل بيعمل اللى هو عايزه لحد ما يوصل لسن خلاص لازم يتجوز ويفتح بيت
لكن مفيش حاجة اسمها اتنين متجوزين بيحبوا بعض بلاش جو أفلام الأبيض واسود ده
- تفكيرك غريب
- لا تفكيري واقعى جدا
- طيب و "نهله" مش انت برده كنت بتحبها
شعر "مصطفى" ببعض الضيق للتحدث فى هذا الموضوع لكنه قال :
- بص يا "رأفت" من الآخر كدة مفيش راجل بيتجوز واحدة كان ماشي معاها
ويلا سيبنى بأه عشان أكلت ودانى وصدعتنى أكتر ما أنا مصدع

اقتربت سيارة "عزمي" من المزرعة التى كانت تقع فى احدى القرى بالقرب من محافظة المنصورة وبمجرد أن وصل الى البوابة ظل يطلق زمور السيارة وينادى وأخرج رأسه من
الشباك منادياً الغفير :
- عم "عويس" .. عم "عويس"
فتح البوابة رجل فى العقد السادس من عمره وقال وهو يمد رأسه مستطلعاً القادم :
- مين .. انت مين ؟
نظر اليه "عزمي" وقال :
- افتح يا عم "عويس" . أنا "عزمي"
أسرع الغفير بفتح البوابة على مسرعيها مردداً :
- "عزمي" بيه يا أهلا يا مرحباً .. المزرعة نورت .. اتفضل يا بيه
انطلق "عزمي" بسيارته وتوقف أمام مبني كبير مكون من طابقين . .. على الرغم من أنه يبدوا قديماً إلا أن له هيبه لا تغفلها العين
لحق به الغفير الذى أغلق البوابه وأسرع يجري خلف السيارة حاملاً طرف جلبابه فى فمه .. قال الغفير فى حب:
- يا أهلا وسهلاً المزرعة كلها نورت .. ليه ما قولتلناش ان سعادتك جاى كنت خليت "صفية" تنضف البيت زمانه مترب
قال "عزمي" فى عجالة :
- لا تسلم يا عم "عويس" أنا أصلا مش هطول هنا ولو خلصت احتمال ارجع النهاردة .. فين مدير المزرعة ؟
- الباشمهندس "محمد" تلاقيه دلوقتى فى استراحة الغدا
- شكرا يا عم "عويس"
قال ذلك وهو يربت على كتف الرجل وأسرع ليبحث عن المزرعة
كانت المزرعة ميراث والد عزمي من أبيه .. أى أن هذه المزرعة ملكاً لعزمي أباً عن جد .. كانت مزرعة كبيرة تخطف الأبصار بذلك الون الأخضر الساحر الذى يريح العين
والأعصاب .. تم تقسيم المزعة وتخصيص أكبر مساحة بها لزراعة العنب الذى تميزت بزراعته مزرعة "عزمي" على مر الأعوام السابقة فكان يتهافت علي محصوله التجار وأصحاب
المصانع بسبب عناية "عزمي" الشديدة بجودة المحصول وتوفير أجود أنواع الأسمده والمبيدات فلم يبخل عليها بشي فأعطته كل شئ .. وتحتوى المزرعة أيضاً قسما لزراعة
العديد من الموالح الأخرى .. لم يكن انتاج المزرعة نباتياً فقط فلقد توسع فيها "عزمي" وخصص قسماً للإنتاج الحيواني أيضاً
عبر "عزمي" بوابة المبنى الإدارى الذى خصصه لإدارة المزرعة وللعاملين فيها .. توجه الى قسم الطعام وألقى نظرة على الموجودين ثم توجه الى طاولة يجلس عليها رجل
فى العقد الخامس من عمره كان يتناول طعامه فى نهم حينما قال له "عزمي" :
- ازيك يا باشمهندس "محمد"
هب الرجل واقفاً بمجرد أن رآى "عزمي " وابتلع ما بفمه من طعام بسرعة ومد يده ليسلم عليه قائلاً :
- اهلا وسهلا ازيك يا باشمهندس "عزمي"
- صافحه "عزمي" ثم جلس على المقعد المواجه له قائلاً :
- ايه الفاكس اللي بعتهولى النهاردة ده .. عايز أعرف المشكلة بالتفصيل
ابتلع الرجل ريقه وجلس فى مقعده مرة أخرى وقال :
- زى ما قولت لحضرتك فى الفاكس تشخيص المرض "البياض الدقيقي"
حاول "عزمي" السيطرة على غضبه قائلا:
- الاصابة وصلت لفين بالظبط؟
توتر الرجل قائلاً:
- للأسف يا باشمهندس الاصابة وصلت للأوراق والأغصان والأزهار والثمار
ضرب "عزمي" بيده على الطاولة فإنتفض الرجل فزعاً والتفت جميع من فى القاعة اليهما .. هدر صوت "عزمي" قائلاً:
- وكنت فين حضرتك يا باشهندس لما المرض انتشر فى الزرع بالشكل ده ؟ .. ومخدتش احتياطاتك ليه عشان تمنع الإصابة من قبل ما تحصل ؟
- والله يا باشمهندس "عزمي" أنا عملت اللى عليا و .....
- قاطعه "عزمي" قائلاً:
- هنشوف .. هنشوف اذا كنت عملت اللى عليك ولا لأ .. يلا قوم هنلف على المحصول كله توريني الإصابات
- نهض الرجل معه فى استسلام
انهى الرجل جولته مع "عزمي" الذى ازدادت حدة غضبه قائلاَ:
- ده اسمه اهمال يا باشمهندس انت عارف كويس ان عدم ازالة الأوراق اللى على جذر الشجيرات ده له دور كبير فى انتشار المرض
وقف الرجل وقد أخذت حبات العرق تنبت فوق جبيه ولم يستطع النطق
أكمل "عزمي" فى غضب :
- والحشائش دى ما بتتشلش أول بأول ليه انت عارف انها بتسبب الإصابة بأمراض زى الزفت للزرع .. ده تسيب أمال بتقبض مرتبك على ايه بالظبط
بُهت الرجل ولم ينطق بحرف واحد

فى المساء أغلق الغفير بوابة المزرعة بالحديد والسلاسل وتوجه الى غرفته ونادى زوجته :
- "صفية .. "صفية"
لم ترد فبحث عنها فلم يجدها .. هم بالتوجه الى باب الغرفة ليبحث عنها بالخارج عندما وجدها تدخل وتغلق الباب خلفها :
- كنتي فين يا "صفية"
- هكون فين يعني .. كنت بجهز الأكل للباشمهندس "عزمي" وبنضفله الأوضة اللي هينام فيها
- طيب يلا عشان ننام
نام عم "عويس" وتدثر بغطائه ودخلت زوجته الفراش بجواره وأخذت تتطلع الي زوجها الذى أولاها ظهره لتتأكد من أنه أغمض عينيه ويغط فى النوم فأولته ظهرها وأخرجت
من صدرها حفنه من المال أخذت تنظر اليها فى فرح ثم أعادتها الى صدرها مرة أخرى

قامت "كريمة" من نومها فزعة وهى تردد :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
انتفض زوجها واستيقظ على صوتها وقام وأضاء نور الغرفة وقال لها :
- خير فى ايه مالك يا "كريمة" ..
كان حلقها جاف فلم تستطع التحدث وأشارت الى ابريق الماء الموضوع على الكمودينو .. فهم زوجها اشارتها وصب لها كوبا من الماء وأعطاه لها قائلا :
- اتفضلى يا حبيبتى .. اشربي واهدى
شربت "كريمة" كوب الماء بسرعة ونهم وكأنها كانت تسير فى صحرا .. أعطت له الكوب الفارغ فوضعه على الكمودينو مرة أخرى و قال لها :
- هنياً .. مالك فى ايه ؟ انتى تعبانه
قالت بعدما هدأت قليلاً وبدأت ضربات قلبها فى الانتظام :
- لا .. بس شوفت حلم وحش أوى
- خير اللهم اجعله خير
- حلم خاص بـ " عزمي" .. كان قلبي هيقف من الخوف
- يارب سترك .. خير شوفتى ايه ؟
بلعت ريقها فى صعوبة وكأن تذكر الحلم يعيد اليها خوفها مرة أخرى .. قالت :
- شوفت عزمي وهو واقف فى مكان فاضى مفيش أى حد شايفه وفى حيه كبيرة فاتحه بقها و وماشيه ناحيته أول ما شافها فضل يرجع لوره وهى برده عماله تتقدم ناحيته وكان
منظرها مرعب جدا وكانت مصممه تأذيه
"عزمي" كان وراه بير عميق وكان ضلمه مكنش شايف البير ده فضل يرجع لورا عشان يبعد عن الحيه فضلت أصرخ وأقوله "عزمي" حاسب البير اللى وراك لكنه مكنش سامعنى حاولت
أجرى عليه لكن كنت فى الحلم حاسه ان رجلى زى ما تكون مشلوله مش عارفه أتحرك
لحد ما "عزمي" وقع فى البير والحية أول ما لقته وقع بعدت عنه بسرعة وجريت بعيد عنه.. جريت عليه وقلبي هيقف من الخوف وفضلت أنادى من فوق البير عليه لحد ما شوفته
رغم ان البير كان ضلمه بس نور القمر كان منوره وكان شكله بيتألم أوى ومش قادر يتحرك فضلت أعيط وأنادى عليه ..لحد ما رفع راسه وقالى ما تقلقيش يا أمى أنا هقدر
أقوم أقف تانى"
أنهت "كريمة" كلامها ونظرت الى زوجها قائله :
- تفتكر ايه الحيه وايه البير ده ؟ أنا خايفة على "عزمي" أوى
قال لها زوجها يطمئنها :
- ما تخفيش ربنا هيحميه ان شاء الله .. لعلها تكون أطغاث أحلام ..انتى بس ادعيله انتى عارفه ان دعوة الوالدين مستجابة ان شاء الله
- والله بدعيله دايما وعمرى ما بطلت دعا ليه .. ربنا يحميه وينورله بصيرته ويكفيه شر ولاد الحرام

جلست "فيحاء" مع "سماح" فى غرفتها بعدما انتهيا من تناول طعام الغداء .. قالت "فيحاء" لها :
- ها يا ستى ايه بأه الموضوع اللى كنتى عايزانى عشانه

- بصى يا "فيحاء" من الآخر كده فى واحد تعرفت عليه فى المطار أما كنت رايحه أجيب بنت خالى من السفر

سألتها "فيحاء " :
- اتعرفتى عليه ازاى يعنى ؟

- بصراحة حاول يكلمنى وصديته جامد .. والطيارة كانت اتأخرت عن معادها ففضلت وقت كبير فى المطار منتظرة بنت خالى .. والراجل ده فضل يحوم حوليا كتير وبعد ما اتأكد
انى مستحيل أكلمه أو أعبره .. تقريبا كدة عجبه رد فعلى ده وأول ما بنت خالى وصلت وسلمت عليها .. جينا نمشي لقيته بيوقفنى

- ها .. كملى

- طبعا لسه هفتح بقى عشان أديله اللى فيه النصيب .. لقيته فجأنى وقالى انه عايز يتقدملى

قالت "فيحاء" وهى مندهشة :

- نعم .. خبط لزق كده

- آه والله ده اللى قاله .. وفضل يتكلم ويعرفنى بنفسه .. طبعا بنت خالى كانت واقفه وهو كان محترم مطلبش اننا نعد في مكان ولا طلب رقمى ولا أى حاجة .. وبعد ما
خلص كلامه طلب منى رقم بابا
قالت "فيحاء" وقد اتسعت ابتسامتها :
- ها وبعدين كملى

- بنت خالى اديته الرقم .. وبعدها محطتش الموضوع فى دماغى .. لكن بعد يومين لقيته بيتصل ببابا وطلب يقابله وفعلاً اتقابلوا بره البيت وشرحله ظروفه كلها

صاحت "فيحاء" فى فرح طفولى :

- الله ,, حب من أول نظرة يعني ,, ها كملى وبعدين

- بصى يا "فيحاء" أنا مش هكدب عليكي بصراحه أنا ارتحتله أوى .. مش بس ارتحتله تقدرى تقولى انا فعلا معجبه بيه أوى .. بس فى مشكلة

- ايه هى ؟

- هو من ساعة ما اتخرج وهو عايش بره .. بيكون مستقبله .. وللأسف من سنة خسر كل فلوسه اللى حوشها لأن دخل شركة مع ناس فى البلد اللى كان مسافر فيها ونصبوا عليه
وخسر كل اللى حوشه طول السنين اللى فاتت

قالت "فيحاء" فى حزن:

- لا حول ولا قوة إلا بالله

- بصراحة يا "فيحاء" أنا مش فارق معايا الموضوع ده .. هو بيقول انه لسه بيبدأ يكون نفسه من أول وجديد .. وانه مش مرتاح فى شغله وبيفكر يشتغل مع واحد صحبه ..
هو لا يملك غير عربيته بس .. حتى الشقة اللى اشتراها هنا اضطر يبعها عشان يسدد ديونه .. يعني هعيش معاه على مرتبه بس
- طيب وانتى رأيك ايه فى كل ده

- زى ما قولتلك كل ده مش فارق معايا .. بصراحة عجبنى وحساه راجل بجد .. وكمان بابا انتى عرفاه بيفهم الناس بسرعة .. هو كمان أعجب بيه أوى

- تمام أوى

لا مش تمام .. لسه ماما معرفتش واللى خايفه منه انها ترفض .. انتى عارفه ماما راسمه فى خيالها شخص مثالى لبنتها الوحيدة .. خايفة أوى ترفضه عشان ظروفه

- طيب وباباكى رأيه ايه

- بابا ده حبيبى .. قالى انتى اللى هتعيشي معاه يبأه انتى اللى تختارى .. والحاجه الوحيدة اللى هيتدخل فيها هي انه يطمن انه انسان محترم ومؤدب ويسأل عنه كويس
هنا فى مصر وفى البلد اللى كان شغال فيها
.. أنا خايفة أوى يا "فيحاء" ادعيلى الموضوع يتم على خير

حضنتها "فيحاء" قائلة :

- ان شاء الله يا حبيبتى ربنا يقدرلك الخير ويسعدك ويفرح قلبك يارب

أثناء انهماك "مصطفى" فى دراسة أحد المخططات أمامه شعر فجأة بشخص يقف خلفه .. التفت ليجد فتاة جميلة تقف وتنظر اليه فى حزن .. بُهت لرؤيتها والتفت اليها قائلاً

- "نهلة"
قالت الفتاة بعتاب وبصوت خافت :
- أيوة "نهلة" .. ازيك يا بشمهندس
توتر "مصطفى" وقل لها :
- ايه اللى جابك هنا
تقدمت الفتاة بخطوة وأمسكت كفة اليمنى التى احتوت دبلته , ورفعتها أمام عينيه قائله فى مرارة :
- جيت أباركلك على خطوبتك .. وأباركلك على فرحك اللى هيكون كمان اسبوعين
جذب "مصطفى" يده وتنهد وقال اليها :
- "نهلة" لو سمحتى مفيش داعى للكلام ده ومفيش داعى أصلاً انك تيجي لحد هنا ده مكان شغلى
- بس انت يا باشمهندس مكنتش بتعترض لما كنت بجيلك قبل كدة هنا فى مكان شغلك .. وكنت بتفرح وتنسي الدنيا واللى حواليك
قال لها بنبرة محذره :
- "نهلة" مش عايز مشاكل
قالت فى مرارة :
- متخفش أنا مش جاية أسببلك مشاكل .. أنا خلاص فهمت .. صحيح فهمت متأخر بس فهمت
قال وقد بدأ يشعر بالضيق :
- فهمتى ايه ؟
قالت والدموع تتساقط من عينينها :
- فهمت ان مفيش راجل بيفكر يتجوز واحدة غلط معاها .. حتى لو هو اللى دفعها لكده وحتى لو هو السبب فى كده
قال بحدة :
- أنا مضربتكيش على ايدك .. كل حاجة كانت برضاكى وبرغبتك
انفجرت فى البكاء قائلة :
- كنت بحبك . وكنت فاكراك بتحبنى .. كنت بعمل زى ما قولتلى .. بحاول اسعدك عشان متبصش لغيري .. ورغم انى عملت كل اللى طلبته منى وفرط فى كل حاجة عندى برده سبتنى
وهتتجوز غيري .. سبتنى لانى فى نظرك بنت رخيصة سلمت نفسها لراجل مش جوزها .. ولما فكرت تتجوز اخترت واحدة نضيفة مش كدة ؟
قال بغضب :
- الكلام اللى قولتيه دلوقتى لو اتكرر تانى مش هيحصل كويس يا "نهلة" .. ويكون فى علمك لو فكرتى تقلى عقلك وتقولى الكلام ده لأى حد أو توصليه لأهل خطيبتى بأى
طريقة أنا هنكر انى أعرفك أصلاً ومش هيحصلك كويس
قالت وهى تمسح الدموع التى تساقطت على وجهها :
- دى مش غلطتك لوحدك أنا غلطت أكتر منك ودلوقتى بدفع التمن .. أنا زى ما قولت أنا مش جاية أسببلك مشاكل أنا جايه بس أقولك ان أى حاجة عملتها كانت عشان بحبك
.. بحبك أوى
قالت ذلك ثم تركته وانصرفت .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي