10

الفصل العاشر:

و بعد ان انتهيا من نزهتهم لم يود امير العودة الى منزلهم حالاً و لذلك فضل ان ياخذ مير الى مقهى ما في نصف المدينة ، و وافقت ميرا على ذلك فلقد مضى وقت طويل على قضائهم ليوم كامل مع بعضهم البعض ، لكن ميرا قد اضافت الى خطة امير ان تذهب في رفقته الى السوق ايضاً من اجل شراء بعض الحاجات ، كما ان ميرا دائما ما تُسعد في ذهابها الى السوق و قيامها في التسوق ، فهي تشعر في متعة كبيرة عندما تذهب الى السوق و تبدأ في التسوق ، و أيضاً قبل أمير في ذلك ، ثم توجها الى سيارتهم من اجل ان يتوجها الى وجهة المقهى و السوق ، لكن كانت عيون ما تراقبهم من بعيد فمن اولئك الذين يراقبوهم و ما هدفهم من ذلك ..

أكملا السير في وجهتهم حيث كان امير يقود السيارة و ميرا كانت تجلس في جانبه على المقعد المجاور لمقعد أمير ، و عندما وصلا الى المقهى لم يرد امير ان يدخل الى المقهى لأنه شعر في جوع شديد و لذلك طلب الاذن من ميرا ان يتجها نحو مطعم ما من اجل ان يتناولا الطعام قبل التسوق ، و لم تعترض ميرا على ذلك ، و لذلك قاما في التوجه نحو المطعم و عندما وصلا دخلا ، كان مطعم قديم عربي فلقد اسس ذلك المطعم رجل عربي و قام في خدمة مشروعه على مر السنين ، و لأنه مطعم عربي كان امير و ميرا دائما ما يترددون اليه ، لأنهم قد عاشوا و نشأوا ضمن الوطن العربي و اعتادوا على ذلك المطعم ، و عندما دخلا الى ذلك المطعم جلسا أرضاً ، فلقد كان ذلك المطعم عربي في اصوله حتى ، فلقد كانت معظم جلساته جلسات عربية على سجاد أعجمي و مخملي احمر و أوسدة حمراء مخملية ايضاً ، لقد كان ذلك المطعب عربي الطراز و فاخر جداً ، و بعد ان جلسا أتى النادل و وجه في سؤال اليهم عما يريدون طلبه ، فطلب كل من امير و ميرا طبق من المنسف العربي ، ثم ذهب النادل بعد ان سجّل طلباتهم كاملاً من اجل ان يقوم في ابلاغ الشيف و تحضير الاطباق التي تم طلبها ، و بينما كانا ينتظران النادل و يتشاركا اطراف الحديث ، شعرت ميرا في احد ما يراقبهما ، لكنها لم تبين ذلك لأمير فلقد كان سعيد جداً و لا تريد افساد نزهتهم و خاصةً ان امير لطالما كان يخفي المه و حزنه و شعوره بالفراغ بسبب خسارة و فقدان شمس و لذلك لم ترد افساد نزهتهم و انهاء سعادته ، فأمير هو الشخص الوحيد الذي ساندها في رفقة والدته ميلا ، فلقد ساندوها و جعلوها تعود الى قوتها و شجاعتها بعد ان هُزمت و عاشت في يأس و بعد ان تذوقت المر و العلقم بسبب كل ما واجهته و عاشته من صعوبات و مواقف و لحظات و خسارة و فقدان ..

و بعد القليل من الوقت وصل النادل في رفقة نادل آخر مع اطباق الطعام و الوجبات و العصائر التي طلبوها ، ثم وضعا الطعام على الطاولة الخشبية الارضية بترتيب و تناسق و ذهبا بعيداً عنهما بعد ان تمنوا لهم الاستمتاع اثناء تناولهم للطعام ، ثم بدأت ميرا في رفقة امير في تناول الطعام مع بعضهم البعض ، لقد كان مستمتعان جداً في اثناء تناولهم للطعام العربي بعد مرور وقت طويل على ذلك ، فلقد كانا يتناولان الطعام في شهية ..

و بعد انتهائهما من الطعام ، قاما في استدعاء النادل من اجل ان يعطيه الحساب ، و بعد ان انتهوا من شكليات دفع الحساب ذهبا يمشين متجهان نحو سيارتهم و اثناء مشيهم أشارت ميرا الى امير من اجل ان يبطئ في مشيه فلقد شعرت ميرا في شخص ما يقوم في تتبعهم و تعقب خطوات مشيهم ثم التفا قليلاً و وجدا شخص يضع قبعة و لا يظهر وجهه ، فلقد كان ذلك الشخص يمشي مطئطئ في رأسه و بعد ان شكوا به قام امير في رفقة ميرا في الركض اليه من اجل ان يمسكو به ، و عندما رآهم راكضين اليه في تلك الطريقة ، استدار الى الخلف و بدأ يركض هو الآخر ، و ظلّ امير يلحق في ذلك الشخص في رفقة ميرا و لكن ذلك الشخص فجأة قد اختفى ، و لذلك توقفوا عن الركض و بدأوا ينظرون الى الاماكن التي من حولهم بحثاً عن ذلك الشخص ، بدأت ملامح القلق تظهر على وجه أمير ، و عندما لاحظت ذلك ميرا قامت في الامساك في يده ، ثم قالت له مخاطبةً اياه من اجل ان تطمئنه

ميرا : لا تقلق لن يحصل اي شيء و سوف اقوم في اجراء تحقيق كامل لمي اعرف في جميع التفاصيل ، هيا لا تفكر و لنكمل تسوقنا

أمير : حسناً و هو كذلك يا عزيزتي ، هيا لنذهب الى السوق الكبير هنا

ميرا بابتسامة هادئة مرسومة على شفتاها : هيا لنذهب اذاً

ثم توجها الى السوق الكبير و بدأوا يتطلعون على الاماكن و الأموال ، ثم اخذت ميرا بيد أمير ساحبةً اياه نحو المول الكبير الخاص في اللباس ، ثم دخلت ميرا اليه عبر المدخل الخاص في رفقة شقيقها و توأمها امير ، و بعد ان دخلا بدأا في التجول من اجل ان يبحثا على اشياء ما تناسبهم ، بدأت ميرا في اختيار ملابسها ، فلقد اختارت عدة فساتين يوداء مختلفة التصميم و اختارت بناطيل و قمصان ذات لون اسود ايضاً و بعدها اختارت معطف اسود اللون ايضاً ، اما امير فلقد اختار عدة قمصان و تيشرتات و عدة أطقم رسمية ، و بعد ان انتهيا من اختيار الالبسة ، ذهبا متجهين الى الغرفة الخاصة في تبديل و قياس و تجربة الملابس ، جلس امير على مقعد مقابل الغرفة الخاصة في تبديل الملابس و قياسها و تجربتها ، و التي دخلت اليها مير و بدأ ينتظرها حتى تخرج و يقيم لباسها كالعادة ، فهي دائما ما تصطحب شقيقها و توأمها الى السوق من اجل ان تأخذ رأيه فيما تختاره و ترتديه ...

و بعد القليل من اللحظات خرجت ميرا ترتدي فستان اسود طويل كلوش ، و واسع الأكمام محفور الياقة على شكل الرقم سبعة في اللغة العربية ، و يوجد لديه حزام على الخصر فلقد وضعته ميرا في اناقة و مثالية و قامت في عقد ذلك الحزام على شكل عقدة ناعمة و صغيرة تتناسب مع تصميم الفستان ، اما امير فلقد اعجب في ذلك الفستان و في شدة ، ثم نصحها من اجل ان تشتريه ، ثم نهض هو لكي يتجه الى الغرفة الخاصة في تبديل الملابس ، بينما كانت ميرا تنتظر اطلالته ، و بعد ان انتهى خرج و هو يرتدي طقم رسمي أسود اللون و يدنوه قميص أبيض طويل الأكمام ، و على عنقه تتوسط عقدة سوداء خاصة في ذلك الطقم الرسمي ، و عندما رأت ميرا جمال أمير و هو يرتدي ذلك الطقم الأنيق ، اعجبت به كثيراً ، فلقد نال اعجابها و في شدة و طلبت منه ان يشتريه من اجل نفسه و وافق امير على ذلك ، و هكذا كانا يأخذان فيآراء بضهما البعض في كل شيء حتى في وقت التسوق..

و بعد ان انتهت نزهتهم كأشقاء و توأم عادا متجهين نحو منزلهم حيث ذلك القصر الذي يعيشون به ..


في شركة روزاليا :

كان سعد يجلس في مكتبه و لقد كان يتصفح بعض المواقع الاجتماعية عبر هاتفه ، دخل سعد الى موقع و تطبيق الانستجرام ثم دخل الى محرك البحث و بدأ في كتابة اسم ميرا باحثاً عن حساب ما لها ، لكنها توفيت فكيف لها ان تعود و تفعل مواقعها الاجتماعية و بعد ان عاد الى رشده بعد تفكير طويل قرر ان يخرج الى خارج مكتبه قليلاً ، و ما ان لبث في ان يخرج حتى أقبلت روزاليا نحوه ، و عندما رأت روزاليا ان سعد متأهب من اجل الخروج الى خارج المكتب ، فتحت عيناها و قوست فمها وبدأت في توجيه سؤالها اليه من تجل ان يقوم في اجابتها على السؤال الذي طرحته في نفسه ، و الرد عليها

روزايا : الى اين سوف تذهب في هذا الوقت و انت لم تقوم في انهاء عملك و واجبك بعد يا سعد

سعد : كنتُ اريد استنشاق بعض الهواء ، هل يمكنني فعل ذلك ؟!

روزاليا : ا و و و و ه بالطبع يا عزيزي ، يمكننا ان نذهب مع بعضنا البعض حتى ان اردت ذلك

سعد : لا مشكلة فأنتِ مثل العادة لن تتركيني لوحدي و لو لبعض الوقت حتى ، فلا مشكلة

روزاليا : افعل ذلك من اجل سلامتك

و بعد ان قالت روزاليا تلك الجملة ، بدت ملامح السخرية تظهر على وجهه ، ثم قال لها مجيباً اليها في سخرية

سعد : بالطبع بالطبع فأنتِ الوحيدة التي تهتم لأمري و تقوم في مساعدتي و تقديم يد العون لي

روزاليا بغباء : لا تخجلنب يا أميى فهذا من واجبي

ثم تركها و رحل دون اي كلمة اخرى..

نعود الى أمير و ميرا فلقد وصلا الى المنزل و توجها حالاً الى غرفة الاستقبال حيث والدتهم ميلا ، ثم القوا في التحية عليها و على انجيلا التي كانت تجلس في رفقة هلى والدة أمير و ميرا ، ثم جلسوا جميعهم مع بعضهم البعض و بدأوا يتشاركون اطراف الحديث . . .

و بعد أن حلّ المساء فضلت ميرا ان تعود الى غرفتها من اجل ان تخلد الى النوم فلقد تعبت كثيراً من نزهة اليوم التي قضتها في رفقة أمير ، لكنها كانت مستمتعة جداً في تلك النزهة فلقد مضى وقت طويل على ذهابهم و تنزههم مع بعضهم البعض ، و عندما توجهت الى غرفتها ذهبت حالاً نحو سريرها و ألقت في نفسها بعد تعب و ارهاق و سعادة مفعمة بالياسمين ، لكن عادت و نهضت من سريرها ، ثم توجهت الى خزانتها الخاصة في حقائبها ، ثم أخرجت حقيبتها التي ارتدتها في هذا اليوم اثناء ذهابها في رفقة امير الى ذلك البستان ، ثم فتحت سحاب حقيبتها و اخرجت زهرة الياسمين و ذهبت مسرعة نحو جهة سريرها ، ثم اخرجت دفترها المذكرات الذي قد وضعته اسفل وسادتها سابقاً و كما في العادة ، ثم فتحت احدى صفحات دفترها ، و التي كتبت عليها في ما مضى

"لقد اشتقتُ الى زهور الياسمين و عبيره و سلامه"

ثم وضعت الزهرة اسفل الكتابة التي قامت في كتابتها و كتبت في اسفلها

"لقد أحضر لي الياسمين نصفي الآخر ، شقيقي و توأمي أمير ،انا احبه كثيراً ، اتمنى ان لا فقده ابداً "

ثم خلدت الى النوم منتظرة صباح الغد و الروتين ذاته ..

أما امير فلقد بقي على شرفة غرفته ، حيث كان يقوم في مراقبة النجوم و القمر ليلاً و يتذكر لحظاته في الماضي و يقوم في تذكر ميرا و ابتسامتها ، فلقد مضى وقت طويل على رؤية شقيقته و توأمته ميرا و هي مبتسمة في سعادة ، و بدأ يقول بينه و بين نفسه و يتمنى لها السعادة الدائمة ، فهو مدرك في حجم معناة ميرا و ألمها و واوجاعها ، و هو مدرك في كمية شجاعتها و قوتها ..

ثم خلد الى النوم و هو على الاريكة التي في جانب شرفة غرفته ..


في مكان آخر ، في غرفة سوداء و ألبوم من الصور على الطاولة التي قد وضع عليها عدة شموع صغيرة و يدان تبدوان عليهما السن ، حيث كانت تقلب في ذلك الالبوم بين صفحاته و الصور الموجودة في داخله ، كانت هناك صور كثيرة تعود الى ميرا و امير و ميلا ، لقد كان هناك صور لجميع مراحل حياتهم ، منذ صغرهم و حتى الآن . . .

اما سعد فلم يعد الى المنزل و كانت روزاليا تنتظره في غضب ، فلقد كانت تمشي ذهاباً و اياباً في خارخ القصر حيث بوابة قصرهم الخاص بهم ، و كأن تلك الفتاة المدعوة بروزاليا قد اصابها هوس ما ، هوس يريد سعد دائماً في جانبها ، هوس يسيطر عليها الى حد الجنون ، هوس لا يملك اي حد او حدود ، فلقد كانت تنتظره بسبب تأخره و هي قلقة عليه ، فلم تأذن له أبداً في السابق من أجل ان يذهب وحيداً الى اي مكان ، لقد كانت دائماً ما ترافقه في الذهاب الى اي مكان ..

لكن سعد كان يتقصد في تأخيره لأنه قد سئم من حياته المملة في رفة روزاليا ، فهو لا يحتمل ابداً هوس روزاليا به ، هويها في تملكه و تملك حياته و تملك كل شيء خاص به ، لقد سئم من معاناته في تملكها لحياته ..

اما ميلا فلم تستطع الخلود الى النوم بعد ان قامت في تذكر موقف غريب قد حصل معها لوحدها اثناء غياب أمير و ميرا و ذهابهم الى نزهتهم ،..

بدأت تتذكر في ظهيرة اليوم حيث كانت تجلس لوحدها في بستان قصرهم ، و بعد ان نهضت من الارجوحة التي تجلس بها في العادة ، و توجهت الى الجهة الاخرى من البستان لكي تقطف بعض من الزهور الملونة التي تعتني بها في بستان قصرهم و فجأة لمحت أحد ما يراقبها من بعيد و ما ان التفت في وجهها الى جهة ذلك الشخص حتى اختفى فجأة ، لقد كانت خائفة و تشعر في حيرة و ريبة شديدتان ، ارادت ان تخبر أمير و ميرا الا انها في نفس الآن لم ترد ان تجعل أطفالها امير و ميرا في ان تثير قلقهم و خوفهم عليها و لذلك فضلت بأن لا تخبرهم ابدا عما شعرت به ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي