الفصل العشرون

دخل "عزمي" الى بيته واجماً حزيناً .. سمع صوت المزاح والضحكات تتعالى من غرفة المعيشة .. توجه اليهم ليرى والدته ووالده و عمته و "ايناس" مجتمعون معاً .. هتفت
"ايناس" بمجرد أن رأته :
- "عزمي" تعالى .. السهرة نقصاك
دخل "عزمي" الغرفة ووقف أمامهم .. قالت عمته مبتسمه :
- حقيقي يا "ايناس" انتى عامله جو تانى للمزرعة .. الأيام اللى فاتت مكناش بنلاقى حاجه تسلينا هنا .. أنا من زمان مضحكتش الضحك ده
قالت "كريمة" مبتسمه :
- "ايناس" طول عمرها دمها خفيف .. وبتعمل روح حلوة لأى مكان بتروحه
ضحكت "ايناس" وتنحنحت فى حرج مصطنع قائله :
- أحرجتونى بكلامكوا يا جماعة
التفتت الى "عزمي" قائله فى مرح :
- وحضرة سمو الأمير رأيه ايه فيا .. رأيه برده زيهم انى مرحة ودمى وخفيف وعملالكوا جو حلو من ساعة ما جيت ؟
كان "عزمي" مازال واجماً .. نظر الى كل العيون الى تطلعت اليه مبتسمه .. وقال بلهجة باردة خلت من أى انفعال :
- البنت اللى انتى كنتوا رافضين انها تدخل عيلتكوا .. هى اللى رفضت تدخلها
قال ذلك ثم غادر المكان وتوجه الى غرفته فى الطابق العلوى وأغلق الباب فى هدوء .. صمتوا وكأن على رؤسهم الطير .. كانت تعبيراتهم متباينه .. فـمدام "ثريا" ظهر
على وجهها علامات الارتياح والإنتصار .. أما "ايناس" فلم تستطع أن تخفى ابتسامه الفرحه الممذوجه بالخبث التى تكونت على شفتيها .. أما "الالفي" فبدا شارداً
وكأنه يفكر تفكيراً عميقاً .. أما "كريمة" فكانت مشاعرها متباينه .. صدمة .. عدم تصديق .. ارتياح.. حزن .. حيرة ..مزيج عجيب تراه على وجهها .. نهضت من مكانها
وهمت بأن تغادر الغرفة فأوقفها "الالفي" قائلاً :
- سبيه دلوقتى يا "كريمة"
نظرت اليه قائله فى استنكار :
- لازم أطمن عليه
ثم خرجت وتوجهت الى غرفة "عزمي" .. أما "ايناس" و والدتها فقد تبادلتا نظرة ذات معنى
طرقت "كريمة" الباب فلم تسمع صوتاً .. ففتحته ودخلت وأغلقته خلفها .. كان "عزمي" يجلس فى الظلام على مقعد فى مواجهة شباك الغرفة وضوء القمر يتسلل الى غرفته ليلقى
بأشعته الفضيه على وجهه .. حاولت اضاءه الغرفة لكنه التفت اليها قائلاً :
- لو سمحتى يا ماما سبيه مقفول
أغلقته كما طلب .. وتوجهت اليه .. جلست على المقعد المجاور له وعينيها تتطلعان الى وجهه تراقب انفعالاته .. سألته بصوت حانى :
- انت كويس يا حبيبي ؟
تنهد "عزمي" وأغلق عينيه للحظة .. ثم نظر اليها قائلاً :
- ماما بجد أنا مش قادر أتكلم
قالت "كريمة" فى لهفة :
- عايزه أطمن عليك بس
قال بشئ من الحده :
- اطمنى .. بس لو سمحتى أنا فعلاً مش قادر أتكلم مع حد .. لو سمحتى سبيني مع نفسي شوية
ربتت أمه على رجله ثم نهضت وألقت عليه نظرة أسى قبل أن تخرج وتغلق الباب خلفها
كانت هناك مشاعر شتى تعتمل داخل صدر "عزمي" .. كان يسأل نفسه سؤال واحد .. لماذا رفضته ؟ .. كان يبحث داخله فى حيره وألم عن اجابه لهذا السؤال .. ظل يبحث ويبحث
الى أن تمكن التعب منه .. تعب ذهنى ونفسي .. شعر برغبه عارمه فى أن يذهب اليها الآن ويمسكها من ذراعيها ويهزها بقوة لتخبره بسبب رفضها اياه .. ود لو يقول لها
أجننتى يا امرأة لا أستطيع العيش دونك .. أنت أصبحتى كل شئ فى عالمى .. فلماذا تطرديني من جنتك بلا رحمة أو شفقه .. أتظنين أن هذا سهلاً أتظنين أن حرمانى منكِ
أمراً هيناً .. كلا .. انه كالموت بالنسبه لى .. كحرمانى من الهواء الذى استنشقه .. لماذا تفعلين هذا بي ؟
قضى ليلته ساهراً على هذا المعقد .. لم تذق عينيه غمضاً .. حتى أشرق الصباح .. كانت "كريمة" تعد الفطور على السفرة مع الخادمة .. عندما رأت "عزمي" ينزل مسرعاً
ويتوجه الى الباب ..حاولت اللحاق به .. لكنه خرج مسرعاً وأغلق الباب

توجه "عزمي" الى مخزن العلف .. وجده مازال مغلقاً .. وقف أمامه واضعاً يديه فى جيب بنطاله كان يبدو عليه التوتر والتململ من الانتظار .. بعد قرابه الربع ساعه
.. رأى "عادل" مقبلاً من بعيد .. فتوجه اليه ..نظر اليه "عادل" بدهشه .. وانتظر أن يتحدث .. نظر اليه "عزمي" قائلاً :
- بنتك رفضتنى ليه يا عم "عادل"
تنهد "عادل" فى حسره ..ثم ربت على كتف "عزمي" قائلاً :
- أنا عارف ان أفضالك علينا كتير يا بشمهندس .. وان لولاك كان زمانا الله أعلم بحالنا دلوقتى .. وخيرك مغرقنا و ....
قاطعه "عزمي" قائلاً :
- مش ده سؤالى يا عم "عادل" ... سؤالى بنتك رفضتنى ليه ؟
جذبه "عادل" من كتفه وسارا معاً قليلاً قال له "عادل" :
- أنا زى ما قولتلك امبارح جوازتها الأولى أنا غصبتها عليها .. مكانتش مرتحاله .. ومكانتش عايزه تتجوز بسرعه .. بس أنا من خوفى عليها .. انى أموت وأسيبها فى الدنيا
دى لوحدها هى وأختها .. والناس معدتش بترحم .. قولت أهى تكون فى عصمة راجل تتحمى فيه ويكون سندها .. لكنه طلع كلب ولا يسوى ..
ثم قال بحزم :
- عشان كده حلفت انى عمرى ما هغصب واحده فيهم على راجل هى مش عايزاه
صمت "عزمي" وهو يستمع الى "عادل" .. شعر بالأسى على "فيحاء" التى اضطرت الى العيش شهر كامل مع رجل لا تريده .. شعر بالحنق والضيق والغضب لأجلها .. وشعر
بالغيره تطعنه فى قلبه طعنات قاتله .. التفت الى "عادل" قائلاً بحنق :
- ياريتك ما غصبتها عليه
تنهد "عادل" بحسره قائلاً :
- اللى حصل بقي يا بشمهندس .. والحمد لله ان ربنا خلصها منه .. مع انها خلاص اتحسبت عليها جوازه
توقف "عزمي" عن السير ونظر اليه قائلاً :
- برده ماقولتليش هى ليه رفضانى ؟
- ما قولتليش سبب الرفض .. قالتلى بس انها مش عايزاك .. وأنا محاولتش أضغط عليها
شعر "عزمي" بالألم عندما سمع جمله (مش عايزاك) .. أطرق برأسه فى صمت .. ربت "عادل" على ذراعه قائله :
- بص يا بشمهندس .. هى لسه يا دوب مطلقه .. ومصدقت انها خلصت من اللى ميتسماش .. أكيد البنت لسه مش على بعضها .. ولسه خايفه من طليقها ليأذيها .. وأكيد هى مش
عارفه هى عايزه ايه ..اصبر عليها .. أنا عارف انها مش هتلاقى أحسن منك .. بس الموضوع محتاج صبر شوية
أومأ "عزمي" برأسه .. ثم تركه وانصرف .. وعينا "عادل" تتابعه بحسره .

*****
استيقظت "فيحاء" متكاسله .. أخذت تنظر الى ساعتها لتعلم انها تأخرت على عملها .. لكنها لا تشعر بأى رغبة للذهاب الى العمل .. أو حتى لمغادرة فراشها .. كانت
تخشى أن تراه فتضعف مقاومتها .. ظلت تُفكر تُرى ماذا كان رد فعله عندما علم برفضها اياه .. طبعاً صُدم ابتسمت لنفسها بسخريه .. هو بالتأكيد غاضب ثائر الآن ..
ليس لأنه خسرها .. بل لكرامته التى أُهدرت .. للصفعة التى أعطته اياها.. وبالتأكيد عائلته سعيده الآن .. أنه ابتعد عن الفتاة التى يرونها غير لائقه لتصبح واحده
منهم .. شعرت بالغضب يجتاح كيانها .. ويملأ نفسها .. ظلت تستغفر ربها .. لتحاول تهدئه نفسها .. ثم نهضت وتوضأت وصلت الضحى .. وارتدت ملابسها وخرجت للذهاب الى
عملها

وقفت "نهلة" فى مطبخ بيتها الجديد .. بيت "فيحاء" سابقاً .. وأخذت تعد طعام الفطور وهى تدندن فى سعاده .. استيقظ "مصطفى" ودخل المطبخ فرآها وعلامات الفرح على
وجهها .. شعر بالغيظ وقال لها :
- مكنتش أعرف انك بتقومى من النوم مزاجك رايق كده
التفتت اليه قائله بسخريه :
- وهتعرف منين .. انت كان كبيرك تشوفنى بالليل وتخلع
تركها وذهب الى الحمام .. أعدت السفرة وجلست فى انتظاره .. خرج وجلس يتناول طعامه فى صمت .. التفتت اليه قائله :
- كان رجل طيب
قال لها بدهشة :
- هو مين ده
قالت له بحده :
- اللى انت عامله حداد يوم صبحيتنا
ألقى الطعام من يده والتفت اليها وصاح بسخريه :
- صبحيتنا .. سمعيني تانى كده .. ليه انتى فاكره نفسك بنت بنوت ولا ايه .. ده احنا دفنينه سوا
قالت بنفس السخريه :
- ما هو عشان دفنينه سوا .. لازم تبقى العلاقة بينا أحسن من كده
قال بحده :
- عايزانى أعاملك ازاى ان شاء الله
قالت "نهله " :
- تعاملنى زى ما كنت بتعاملنى زمان ..فرق ايه زمان عن دلوقتى .. هى مجرد الورقة اللى كتبناها امبارح عند المأذون .. تخيل انها متكتبتش واحنا مع بعض زى ما احنا
قال بمراره :
- أتخيل ازاى انها متكتبش دى أنا حاسس ان الورقة دى سلسله ربطانى من رقبتى
نظرت اليه بحزن قائله :
- للدرجة دى يا "مصطفى" .. شايف ان جوازك منى سلسلة حوالين رقبتك
قال بقسوة :
- أيوة سلسلة خنقانى ولو أطول أخلص منها كنت خلصت
نهض وأخذ الجاكيت ارتداه وفتح باب البيت وخرج وأغلقه بقوة .. وترك "نهلة" خلفه ودموع الحزن تتجمع فى عينيها وقالت لنفسها ( ليك حق تعمل فيا أكتر من كده .. أنا
اللى أهنت نفسى من البداية ) انا الي كنت رخيصه اووي عشان حبييتك وياريت قدرت ده الله لا يسامحك يا مصطفي علي الي انت محسسني بي

*********
اتصل "كريم" بـ "لميا" على الخط الداخلى وطلب منها احضار أحد الملفات الى مكتبه .. طرقت "لميا" الباب فأسرع برفع سماعة الخط الخارجى .. دخلت "لميا" فأشار
اليها بيده أن تنتظر .. أمسكت الملف بكلتا يديها وانتظرت حتى ينهى مكالمته .. تحدث "كريم" وهو يرجع بظهره الى الوراء ويضع ساقاً فوق ساق :
- طبعا هو احنا عندنا أعز منك .. انتى عارفه معزتك عندنا كويس .. وعندى أنا تحديداً
ألقى نظره على "لميا" الواقفة أمامه .. والتى لا تظهر أى انفعالات على وجهها .. لكن كانت بداخلها تشعر بالضيق والحنق وودت لو أخذت منه سماعة الهاتف وحطمتها
فوق رأسه .. أكمل "كريم" فى صوت هائم :
- مش هتيجي تنورينى فى المكتب .. يا سلام تعالى انتى بس وانتى تشوفى أنا هستقبلك ازاى .. بس ياريت القمر يحن وميتأخرش علينا .. عشان احنا مش حمل بعاده
كانت "لميا" قد وصلت الى ذروة غضبها .. همت بالإنصراف لكنها لمحت على الأرض نهاية سلك الهاتف الذى يتحدث فيه "كريم" .. كانت عاملة التنظيف تتعثر فى الأسلاك
.. كلما نظفت . فكانت تفصلها من مكانها .. وكانت "لميا" تعيدها مرة أخرى قبل وصول "كريم" .. لكنها اليوم نسيت تركيب سلك الخط الخارجى ..
التفتت لتنظر اليه مرة أخرى وعلامات خبيثه ترتسم على وجهها .. أنهى "كريم" مكالمته ووضع السماعة مكانها وهو يختلس النظر الى "لميا" التى قالت :
- اظاهر ان حضرتك كنت بتتكلم مع شخصية مهمة جدا
ابتسم "كريم" بخبث وتمطع قائلاً :
- فعلاً شخصية مهمة جدا .. تقدرى تقولى واحده مش عادية
نظرت اليه "لميا" وعيونها تلمع فى مرح وخبث وقالت :
- اظاهر فعلاً انها واحده مش عاديه أبداً لدرجة انك سبحان الله تقدر تتكلم معاها من غير ما يكون فى حرارة فى التليفون
نظر اليها "كريم" وقد بُهت ..فأشارت برأسها الى سلك الهاتف الملقى على الأرض .. نظر "كريم" اليها وهو يتمنى أن تنشق الأرض وتبلعه فوراً .. تقدمت "لميا" ووضعت
الملف على المكتب .. وخرجت وهى ترسم ابتسامه خبيثه على شفتيها .. أما "كريم" فقد كان يشعر بحرج شديد من هذا المأذق السخيف الذى وضع نفسه فيه

******

- يعني هى قالتك هى رفضته ليه ؟
ألقى "أيمن" هذا السؤال على "سماح" وهما جالسان معاً يتناولان طعام الإفطار .. قالت "سماح" فى ضيق :
- بصراحة صحبك مينفعهاش
قال "أيمن" بإستغراب :
- ليه بقي ؟
- هما الاتنين مختلفين عن بعض فى كل حاجه .. الأخلاق الطباع التربية اسلوب حياتهم .. كل حاجه مختلفين فيها .. هما الاتنين مينفعوش بعض يا "أيمن" .. "فيحاء"
طول عمرها عاقله وبتفكر بعقلها .. وبصراحة أنا معاها فى قرارها ده
- بس ده مكنش رأيك لما عرفتى ان "عزمي" اتقدملها
قالت "سماح" بسرعة :
- لانى مكنتش شايفه الموضوع من وجهة نظر "فيحاء" بس بعد ما سمعتها امبارح فهمت وجهة نظرها .. وفعلاً معاها حق تخاف منه وترفضه ... متنساش يا "أيمن" انها مطلقه
.. يعني أكيد مش عايزة تخوض تجربة فاشله للمرة التانية
قال "أيمن" بحده :
- ومين قالك انها هتكون تجربة فاشله .. انتى متعرفيش "عزمي" بيحبها ازاى .. "عزمي" صاحبي يا "سماح" عشرة سنين طويلة مش سنة ولا اتنين .. أنا عمرى ما شوفته متعلق
بحد كدة .. حتى البنت اللى كان خطبها قبل كده .. مكنتش شايفه متعلق بيها كده
- أهو البنت اللى كان خطيبها دى أحد أسباب رفض "فيحاء" لـ "عزمي"
قال "أيمن" بدهشة :
- ازاى يعنى .. هى رفضاه عشان كان خاطب ؟
- لأ طبعاً يا "أيمن" مش عشان خاطب .. عشان الانسانه اللى خطيبها دى .. هى سمعت كلام كتير عنها هنا فى المزرعة .. يعني اللى يخطب واحدة بالمنظر ده .. هيكون
ايه يعني غير واحد تافه
قال "أيمن" بحزم :
- كانت غلطة .. ورجع عنها فى الوقت المناسب .. هنعلقله حبل المشنقة يعني
قالت "سماح" تحاول افهامه :
- يا "أيمن" أنا ما قولتش ان ده السبب الوحيد .. قولت ده أحد الأسباب .. وفى أسباب قوية جداً .. بس مش هقدر أقولك عليها .. لأن "فيحاء" مأمنانى ان الكلام مايوصلكش
.. بس فعلاً هى معاها حق ترفض
قال "أمين" فى حيره :
- والله انتوا الاتنين أغرب من بعض .. انتى مش شرحالى الموضوع على بعضه عشان كده انا مش عارف أفهم أسباب رفضها .. بس الحاجه الوحيدة اللى أنا عارفها .. ان "عزمي"
بيحبها بجد .. و دى أول مرة أشوفه بيحب واحده كده
تأملته "سماح" قائله :
- انت واثق انه بيحبها بجد
أكد لها "أيمن" قائلاً :
- أيوة واثق
قالت فى حيره :
- معرفش بقي.. ربنا ييسرلها الخير وخلاص


كانت تقف وتولى ظهرها الى الباب .. تقرأ الملف الذى بين يديها وتضيف عليه ملاحظاتها .. التفتت لتجده أمامها .. يقف أمام الباب وينظر اليها فى صمت .. تسارعت
خفقات قلبها .. شعرت بالإضطراب .. ودت الهرب .. لكنه واقف يسد المنفذ الوحيد للهرب .. هربت من عينيه .. وساد الصمت .. قال "عزمي" بهدوء :
- ممكن أعرف انتى ليه رفضتيني
ازداد ارتباكها .. صمتت .. لا تدرى ما تقول .. أعاد سؤاله مره أخرى :
- ليه رفضتيني ؟
أيقنت أن لا مفر منه .. نظرت اليه قائله :
- أعتقد ان من حقى انى أقبل أو أرفض .. وأنا رفضت
تلاقت نظراتهما فى صمت للحظة .. نظرة عتاب منه .. ونظرة صد منها .. قال لها بهدوء :
- طبعاً من حقك تقبلى أو ترفضى .. لكن أنا بسأل عن أسباب الرفض
قالت ببرود :
- أفضل أحتفظ بيها لنفسي
قال بصرامة :
- لأ مش من حقك
احتدت عليه قائله :
- يعني ايه مش من حقي
قال "عزمي" بنفس الصرامة :
- مش من حقك تحتفظى بأسباب الرفض لنفسك .. لازم أعرفها
تماسكت قائله :
- وأنا معنديش كلام أقولهولك .. رفضت وخلاص
ظهرت علامات الغضب على وجه "عزمي" واقترب منها قائلاً :
- انتى ليه بتعملى كده
قالت بغضب هى الأخرى :
- ايه يا بشمهندس .. مضايق انى رفضتك .. ايه كنت فاكر ان مفيش بنت تقدر ترفضك
صمتت قليلاً ثم نظرت فى عينيه قائله بقسوة :
- لأ .. أنا رفضك .. تحب تسمعها تانى .. أنا رفضتك .. أنا مش زى البنات اللى انت تعرفهم واللي يتمنوا اشاره منك .. أنا مش زيهم .. أنا أبعد من أحلامك
قالت ذلك ثم انصرفت مسرعه .. لتترك "عزمي" فريسه للشعور بالغضب

وقفت "فيحاء" فى المساء مع أختها فى شرفة غرفتهما .. قالت "فيحاء" بهدوء :
- احنا لازم نمشى من هنا .. مابقاش ينفع نستنى فى المزرعة
قالت "لميا" بلوعه :
- ليه ؟ .. نمشى ليه ؟
نظرت اليها "فيحاء" قائله :
- نمشى بكرامتنا قبل ما "عزمي" يطردنا
- تفتكرى "عزمي" ممكن يطردنا
شردت "ياسمين" قليلاً ثم قالت :
- حتى لو مطردناش .. فده هيكون عشان خاطر "أيمن" بس .. لكن هو أكيد عايزنا نمشى من هنا بعد ما رفضته
نظرت اليها "لميا" وقالت :
- انتى مش ممكن تغيري رأيك يا "فيحاء"
هزت "فيحاء" رأسها نفياً وقالت بضعف :
- لأ .. مش هغير رأيي
قالت "لميا" :
- بس انتى ....
ثم قطعت كلامها .. نظرت اليها "فيحاء" قائله :
- حتى لو كنت كده .. ده مش كفايه بالنسبة لى .. عشان أوافق عليه
ثم نظرت الى أختها بألم قائله :
- "لميا" عشان خاطرى مش حبه أتكلم فى الموضوع ده
ربتت "لميا" على ظهرها فى حنو قائله :
- خلاص قفلى على الموضوع
ثم هتفت فى مرح فجأة :
- استنى هحكيلك حاجة تضحكك
نظرت اليها "فيحاء" برجاء قائله :
- ياريت .. أنا فعلاً نفسي أضحك
قالت "لميا" فى مرح :
- "كريم" النهارده عمل حتت موقف خلى شكله زباااااااااله
ضحكت "لميا" .. فسألتها "فيحاء" مبتسمه :
- ليه عمل ايه ؟
أكملت "لميا" ضاحكة :
- ندالى عشان أجيبله ملف وأول ما دخلت عمل نفسه بيتكلم مع موزه فى التليفون وهاتك يا تسبيل وهيام وكلام يحرق الدم ..وبعد ما قفل نبهته ان الفيشة بتاعة التليفون
مفصوله .. حسيته كان هيموووووت
ضحكت "فيحاء" مع "لميا" التى لم تتمالك نفسها هى الأخرى .. سألتها "فيحاء" وسط ضحكاتها :
- طيب هو ليه عمل كده
قالت "لميا" بمرح :
- أنا عارفه .. حب يترسم أو يجس نبضى
سألتها "فيحاء" بإهتمام :
- يجس نبضك ازاى يعني
قالت "لميا" بخبث :
- يعني يشوف رد فعلى ايه لما أمسعه بيكلم بنت بالشكل ده قدامي .. بس ايه أختك أسد ولا بينت أى حاجه على وشى .. واديتله الكلمتين وكسفته من نفسه وخرجت
قالت "فيحاء" بخبث :
- هو فى ايه بالظبط يا "لميا"
ابتسمت "لميا" قائله :
- يعني تقدرى تقولى كده فى شرارات خفيه .. بس احنا الاتنين عاملين فيها من بنها
قالت لها "فيحاء" بقلق :
- متلعبيش بالنار يا "لميا" .. "كريم" صاحب "عزمي" يعني ممكن يكون زيه
قالت "لميا" بإستغراب :
- هو انتي ليه شايفه "عزمي" وحش أوى كده .. أى راجل فى سنه ممكن يكون له أخطاء وماضى ..المهم انه يتوب ويبقى كويس
قالت "فيحاء" بحزم :
- وأنا مش عايزة أبداً راجل بالشكل ده .. أنا عايزه واحد أكون أنا الأولى فى حياته زى ما هو الأول فى حياتى
احتدت "لميا" قائله :
- انت ليه بتتعاملى مع "عزمي" أكنه "مصطفى" .. أكنه غلط نفس غلطة "مصطفى" ..
صمتت "فيحاء" فأكملت "لميا" :
- انتى خايفه .. تجربتك مع "مصطفى" خلتك خايفه من أى راجل وحاسه انه هيخونك فى أول فرصه
قالت "فيحاء" بأسى :
- معاكى حق .. وللأسف حياة "عزمي" الغلط واللى ضد مبادئي مخوفانى أكتر .. ومخليانى مش قادرة أثق فيه
قالت لها "لميا" بجديه :
- أنا واثقه ان "عزمي" هيتغير علشانك يا "فيحاء"
- تفتكرى
- لو بيحبك هيتغير
رددت "فيحاء" فى مراره :
- ده لو بيحبنى فعلاً .. مش مجرد حاجه جديدة حابب يجربها ..بنت ممرتش عليه قبل كده جذبت انتباهه مش أكتر
رأت "لميا" علامات الحزن على وجه أختها فقالت فى مرح
- انتى عاملة زى اللى اتلسع من الشربه ومن كتر خوفه يتلسع تانى عمال ينفخ فى الزبادى .. و"عزمي" مش زبادى .. ده قشطة مخلوطه بحلاوة وعليهم صوص مربي .. متخيله
الطعم
ابتسمت "فيحاء".. وأخذت تتأمل النجمات التى تلمع فوق رأسها فى شرود

*****

بعد عدة أيام من زواجهما .. كانا يجلسان معاً لمشاهدة التلفاز .. عندما التفت "مصطفى" اليها ونظر اليها ببرود قائلاً :
- انتى هتولدى امتى ؟
ظلت تنظر الى التلفاز دون أن تجيبه أو تلتفت اليه .. قال بحده :
- انتى .. مش بكلمك .. انتى فى الشهر الكام .. وهتولدى امتى ؟
لم تجيبه .. فأخذ الريموت بعصبيه وأغلق التلفاز .. التفتت اليه فى برود وفجرت قنبله فى وجهه :
- أنا مش حامل أصلاً
صمت للحظات وهو لا يعى ما قالت .. وعندما بدأ فى استيعاب الخدعة التى أوقعته فيها هب واقفاً ونظر اليها قائلاً بصوت هادر :
- نعم يا روح أمك .. يعني ايه مش حامل .. أمال أنا اتهببت واتجوزتك ليه
وقفت لتواجهه وقالت بحزم :
- اتجوزتنى عشان تصلح غلطتك اللى مرضتش تصلحها بمزاجك .. أديك صلحتها ورجلك فوق رقبتك
أمسكها من شعرها بقسوة وصفعها بقوة على وجهها قائلاً :
- هموتك .. والله لموتك فى ايدي النهاردة يا رخيصه يابنت الكلاب
نظرت اليه وهتفت وهى تتألم قائله :
- موتنى عشان تدخل السجن طول عمرك .. أو يعدموك وتحصلنى يا "مصطفى"
توقف عن شد شعرها وهو ينظر اليها بغضب .. فأكملت قائله بقسوة :
- قدامك 3 حلول مفيش غيرهم .. اما انك تقتلنى زى ما بتقول وساعتها يا السجن يالاعدام .. والحل التانى انك تطلقنى وساعتها هتبقى سمعتك فى الأرض .. لانى تانى
واحدة تتجوزها وتطلق فى شهر العسل .. ده غير ان الأولى فضحتك بما فيه الكفاية لما رفعت عليك قضية خلع يعني اكيد الناس هتقول ان المشكلة فيك انت .. واللى هيأكد
ده ان التانية تطلق بعد كام يوم جواز .. أما بقي الحل التالت هو اننا نفضل مع بعض .. احنا الاتنين غلطتنا واحنا الاتنين بندفع تمن الغلطة دى .. يعني احنا الاتنين
مضطرين نفضل مع بعض عشان نحافظ على سمعتنا وسط الناس .. يعني محدش أحسن من حد يا "مصطفى"
تركها "مصطفى" وقد أدرك صحة ما تقول .. هو مضطر للبقاء معها .. مضطر لدفع ثمن أخطائه .. مضطر أن يبقى مقيداً بذلك القيد الذى يطبق على أنفاسه .. مضطر لأن يبقى
زوجاً لآخر فتاة كان يتمنى الزواج بها

***********
تقدمت "فيحاء" الى مكتبه .. وقفت أمامه للحظات .. كانت هذه آخر مرة ستراه فيها .. سترحل وتترك المزرعة هى وأهلها .. كان من الممكن أن تترك مهمة اخباره بذلك
الى والدها .. لكنها أرادت أن تخبره بنفسها .. لم تدرى لماذا تفعل ذلك .. هل لكى تشعر بإنتصارها أمامه ان استطاعت الخروج من المزرعة برغبتها ودون اراقة ماء
وجهها .. أم لكى تراه لآخر مرة
وقفت للحظات ثم استجمعت شجاعتها وطرقت الباب .. كان بمفرده .. جالس يتأمل الورق الذى أمامه دون أن يرى منه حرفاً .. عندما رآها شعر بمزيج من الحب والألم يغزو
قلبه .. فها هى حبيبته القريبة البعيدة .. لا يستطيع الاقتراب منها ولا الابتعاد عنها .. وقفت أمامه ثم قالت :
- أنا جايه أبلغ حضرتك اننا يومين وان شاء الله هنسيب المزرعة
أرجع ظهره وأسنده على الكرسى .. صمت لبرهه .. ثم نظر اليها ببرود قائلاً :
- كلامى فى الموضوع ده مش معاكى انتى .. مع والدك
نظرت اليه بدهشة فأكمل قائلاً :
- الموضوع ده القرار فيه لوالدك مش ليكي
قالت بحزم :
- ده قرار مشترك لينا احنا التلاته .. وأنا جايه أبلغ حضرتك بيه
قال بنفس البرود :
- وأنا كلامك ده ملوش أى معنى عندى إلا اذا سمعته من والدك
ضهرت علامات الغضب على وجهها لماذا يتجاهلها وكأن رأيها لا يعنيه .. قالت بحده :
- بقول لحضرتك ده رأينا احنا التلاته ولو كلمت والدى هيقولك نفس الكلام
صمت قليلا ثم قال بهدةء :
- طيب هتكلم معاه .. اتفضلى على شغلك
ثم أمسك قلمه وشرع فى النظر الى الأوراق التى أمامه .. شعرت بالحنق والضيق وغادرت مكتبه فى عصبيه .. نظر "عزمي" الى الباب الذى أغلقته خلفها ثم ترك القلم من
يده وتنهد فى حزن .. قام من فوره وذهب الى عم "عادل" فى المخزن وسأله عما قالته "فيحاء" .. فقال "عادل" :
- أظن يا بشمهندس معدش ينفع نستنى هنا بعد كده
سأله "عزمي" قائلاً :
- ليه يا عم "عادل" حد هنا ضايقكوا .. أنا صدر منى حاجه ضايقتكوا
قال "عادل" بسرعة :
- لأ طبعا يا بشمهندس .. أنا مشفتش فى ذوقك ولا فى أدبك واخلاقك
- أمال عايزين تمشوا من المزرعة ليه ؟
قال "عادل" بحرج :
- يعني بعد اللى حصل .. أظن انت اللى هتكون حابب اننا نمشى
نظر اليه "عزمي" قائلاً :
- أظن احنا اتفقنا آخر مرة ان الموضوع محتاج صبر مش كده .. يعني الي عايز أقوله أنا مفقدتش الأمل .. عارف ان الوقت مش مناسب بالنسبلها .. وهى ممكن يكون تفكيرها
مضطرب .. وعشان كده رفضت .. وحتى لو موافقتش وأصرت على الرفض .. ده مش معناه انكوا تسيبوا المزرعة وتمشوا
قال له "عادل" :
- بس يا بشمهندس .....
قاطعه "عزمي" قائلا :
عم "عادل" انت السنين اللى اشتغلتها فى الشغل الحكومى خليتك منظم زى الساعة بالظبط .. ومحدش قبلك مسك المخزن بإيد من حديد زيك كده .. يعني فعلا أنا محتاجك
هنا .. وانت عارف ان الشغلانه دى مينفعش أحط فيها الا واحد أثق فيه .. من بعد ما عينت كذا واحد واكتشفت انهم كانوا بيسرقوا من العلف ويبيعوه برخص التراب ..
يعنى مفيش حد غيرك أثق فيه وأسلمه مفاتيح المخزن ده .. يا ترى بقي بعد كل اللى قولتهولك ده لسه برده عايز تسيب المزرعة وتمشى
ابتسم "عادل" فى سرور وقد فرح لثقة "عزمي" به وبعمله وقال :
- ده احنا نخدمك بعنينا يا بشمهندس
ابتسم "عزمي" وربت على كتفه قائلاً :
- تسلم يا عم "عادل"
ثم تركه وانصرف

**************
خرجت "لميا" من المكتب بعد انتهاء عملها فى طريقها الى غرفتها .. عندما أوقفها "هانى" واعترض طريقها .. نظرت اليه فى حده قائله :
- أفندم ؟
ابتسم لها قائلاً :
- ازيك يا آنسه "لميا"
تركته وأكملت طريقها فإعترض طريقها مرة أخرى .. فهتفت قائله :
- لو محترمتش نفسك أنا هشتكيك للبشمهندس "كريم"
اتسعت ابتسامته قائلاً :
- مش تعرفى الأول أنا عايزك فى ايه
قالت بحده :
- مش عايزة أعرف
وهمت بالسير مرة أخرى .. لكنه وقف أمامها قائلاً والابتسامه تعلو شفتاه :
- أنا عايز أتقدملك
بهتت ووقفت تنظر اليه فى دهشة قائله :
- نعم
أعاد ما قال :
- أنا عايز أتقدملك
احمرت وجنتاها .. ونظرت اليه قائله :
- وانتى تعرفنى منين عشان تتقدملى
نظر اليها قائلاً :
- صحيح معرفكيش انتى لانك مش مديانى فرصة اعرفك .. بس اعرف اختك الدكتورة "فيحاء" وواضح انك انسانه محترمة زيها .. وعشانك كده عايز أتقدملك ونتعرف على بعض
أكتر
شعرت بالإضطراب فقالت له :
- بعد اذنك
ثم غادرت بسرعة حتى لا يعترض طريقها مرة أخرى

كانت "فيحاء" عائدة الى مكتبها عندما رآها "هانى" واستوقفها قائلاً :
- دكتورة "فيحاء" لو سمحتى
التفتت اليه قائله :
- أفندم
شعر بالارتباك قليلا ثم قال :
- عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع
قالت بنفاذ صبر :
- اتفضل بس بسرعة عندى شغل
تنحنح قليلا ثم ابتسم قائلاً :
- أنا عايز أتقدم لأختك
نظرت اليه بدهشة قائله :
- "لميا" ؟
اتسعت ابتسامته قائلاً :
- أيوة
سألته بإستغراب :
- وانت تعرفها منين ؟
- شوفتها كذا مرة وهى جيالك وكمان بشوفها كتير هنا فى المزرعة .. وبصراحة عجبانى
رآهما "عزمي" واقفان معاً يتحدثات فى هدوء والابتسامه تعلو شفتى "هانى" .. فاشتغل قلبه بالغيره واقترب منهما ووقف أمامهما فى صمت .. ظل الثلاثة ينظرون الى بعضهم
البعض دون أن يتحدث أحدهم بكلمه .. قطع "هانى" هذا الصمت وتنحنح قائلاً:
- طيب يا دكتورة هبقى أتكلم معاكى فى موضوعنا فى وقت تانى
قال ذلك ثم غادر المكان .. نظر اليها "عزمي" بحده قائلاً :
- موضوع ايه اللى عايز يكلمك فيه
قالت ببرود :
- موضوع ميخصش حضرتك
ثم همت بالإنصراف فاعترض طريقها بيده .. نظرت اليه بحده .. فقال بحزم :
- "فيحاء" .. اياكى أشوفك واقفه بتتكملى معاه تانى
تحولت نظرات "فيحاء" الى الدهشة وقالت :
- يعني ايه ؟
قال بحزم :
- يعني اللى سمعتيه .. متقفيش تتكلمى معاه تانى لأى سبب .. ومن بكرة هقول لدكتور "حسن" يشوف حد غيرك يشرحله الحالات
شعرت بالحنق والضيق فقالت :
- ليه بقه ممكن أعرف السبب
صمت قليلاً ثم قال ببرود :
- أحب أحتفظ بالأسباب لنفسي
قال نفس جملتها التى قالتها عندما سألها عن سبب رفضها اياه .. سالته قائله :
- انت مالك ومالى ؟
نظر اليها بنظرات شعرت بأنها تخترق أعماق روحها .. قال فجأة بصوت رخيم :
- انتى بتاعتى
ارتجف قلبها .. قالت وقد اعترتها الحيرة :
- ايه
تعمقت نظراته فى عينيها أكثر لتشل أى قدرة لها على المقاومة .. وقال بصوت خافت :
- زى ما سمعتى .. انتى بتاعتى
ثم أردف قائلاً بصوت هامس وعيناه تعانقان عينيها :
- مهما قولتى مش هسيبك .. لأنك بتاعتى خلاص .. ملكى أنا وبس .. لا هسمحلك تبعدى عنى .. ولا هسمح لأى حد انه يقربلك
قال ذلك وتركها خلفه وصدى كلماته يتردد فى أذنها .. تحاول استيعابها فى حيره .. وعلى الرغم من قدرتها على السيطرة على تعبيرات وجهها .. إلا أن قوتها لم تكفى
لتسيطر على قلبها الذى أخذ يقفز فرحاً لكلماته .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي