16

توجهت ميرا و انجيلا نحو الميناء عبر السيارة الخاصة بميرا ، و بعد وصولهم الى الميناء استقلتا سفينة من أجل ان يصلا الى الجزيرة ، حيث ان تلك الجزيرة سوف تكون هي الموقع الأساسي من اجل هذا الحدث الكبير ، و الذي سوف يغطيه الاعلام في شكل كامل ، فإن هذا الحدث سوف يجمع كبار فرنسا المشهورين ، من كتّاب و مؤلفين و محررين و أكبر الشخصيات في ادارة الاعمال ، و سوف يجتمع بها الوزراء و الكثير من الشخصيات المشهورة من ممثلين و ممثلات و مخرجين و الكبار من عالم السينما ، و لذلك تم استدعاء ميرا لأنها هي الكاتبة الأشهر في باريس تحت اسم ميارا المزيف ، اما ديفيد فلقد تم استدعائه و ذلك لأن لديه شهرة كبيرة في عالم التصوير و هو من سوف يقوم في الاشراف على التصوير بشكل كامل و مكمّل..

صعدت ميرا في رفقة انجيلا الى السفينة من اجل ان يبحروا بها نحو تلك الجزيرة ، ذهبت ميرا و وقفت في رأس السفينة و بدأت تنظر و تتمعن في مياه البحر الزرقاء و الطيور البيضاء التي كانت قد ملئت المكان بها ، كان هناك شيء ما قد لفت انتباه ميرا ، لقد كانت  أشعة الشمس المتلئلئة و التي تربع ظلّها على مياه البحر ليبدأ بالتلئلئ أكثر و أكثر ، لقد كانت تتمعن في كل ذلك الجمال الساحر بعد أن أزالت نظاراتها الشمسية من اجل ان تتمكن من التمعن و النظر اكثر ، ثم توجهت الى قسم الطعام الخاص في السفينة و قامت في شراء طعام من أجل الطيور و الأسماك التي كانت تظهر في وضوح تام و هي في عرضة البحر ، ثم عادت الى المكان التي كانت تقف فيه حيث حافة السفينة في أولها او كما يقال (عند راس السفينة) ، ثم بدأت في رمي و إلقاء الطعام نحو الطيور و الأسماك ، لقد كانت تبدو و كأنها شعرت بالسلام و حصلت عليه ، لقد كانت تاخذ انفاسها في كامل راحتها ، لقد ذهبت كل الافكار الواهية و المزعجة و التي كانت تعتريها ، لقد شعرت بنوع ما من الفرح و كانها عادت الى طفولتها من جديد..

اما انجيلا فلقد كانت تقف في جانبها من دون ان تتفوه في اي كلمة ، لقد كانت تقف في سكون تام ، و كأنها تبحث عن عالمها و مصيرها ، و كأنها تبحث عن ضجيج ما ، و كأنها تريد أن تكون في رفقة احد ما ، لقد كانت ترمي و تلقي بالطعام نحو الطيور و الاسماك و هي في نفس الاثناء كانت تنظر في الفراغ ، موهومة الفكر و شاردة البال ، ساكنة الروح و تائهة الممرات ، و كل الطرق تؤدي الى ذلك السكون و الوهم و التلاشي..

اما ميرا فلقد انتبهت على شرود انجيلا و لذلك بدأت توجه في السؤال الى انجيلا و هي تقول لها و تخاطبها

ميرا :  ماذا بك يا انجيلا ، هل انتِ بخير

انجيلا : لا لا شيء ، لكنني اشعر في الدوار قليلاً بسبب الابحار في السفينة ، سوف اكون في خير لا تقلقِ

ميرا : اذهبي الى الداخل و اجلسي و حاولي ان ترتاحي قليلاً

انجيلا : و هو كذلك ، سوف اذهب

ميرا : حسناً اذاً ، سوف التحق بك بعد قليل ، أي بعد ان انتهي من اطعام الطيور و الاسماك

انجيلا : حسناً اذاً انا في انتظارك

ثم أومأت لها ميرا بالإيجاب و هي تهز في رأسها ، ثم عادت من اجل ان تكمل اطعام الطيور و الاسماك ، بعد ان ذهبت انجيلا من اجل ان تنال و تأخذ القليل من الراحة..

بقيت ميرا لوحدها تسرح في نظرها نحو فسحة السماء و الغيوم تارة و نحو عرضة البحر تارةً اخرى ، كانت تتفسح في بديع الخالق و ترتوي من جمال الكون الباهر ، و كأنها تزف سعادتها و تستمد فرحها من تلك الطبيعة الزاهية ..

اما أمير فلقد ذهب الى الشركة الخاصة به و بميرا كعادته و كما يفعل في كل يوم ، توجه الى مكتبه و هو يأخذ ملفاته المهمة من مكتب انجيلا و أثناء أخذه للملفات التي يحتاج اليها وجد صندوق صغير في خزانة انجيلا الخاصة ، لقد لفت انتباهه قليلاً و بدا له و كأنه مألوف نوعاً ما ، و كأنه يعرف ذلك الصندوق جيداً ، لكن أين ؟ و متى ؟ ..

ظل يفكر و يفكر لعدة دقائق بينما كان ينظر و يتمعن في شكل دقيق الى ذلك الصندوق ، فلقد لفتً انتباه أمير في شكل غريب ، و كأن ذلك الصندوق يشد أمير اليه ، من أجل ان يفتح و يرى ما يوجد في داخله ، و عندما اقترب اكثر و أمسك في ذلك الصندوق و هيأ نفسه من اجل ان يرى ما يوجد في داخله ، قام في التراجع ، فليس من شيمه أن يتدخل في ما لا يعنيه او ان يفتش و يترقب أشياء غيره من العامة ، و لذلك أخذ ملفاته و عاد ادراجه نحو مكتبه الخاص به ..

نذهب الى ديفيد و صديقه ماتيو اللذان استقلا سيارة من أجل ان يذهبا هما أيضاً نحو الميناء ، فلا يوجد طريقة اخرى من اجل الوصول الى الجزيرة سوى الميناء ، فلقد كان ديفيد  في رفقة صديقه ماتيو يتناولون إفطارها اثناء ذهابها في السيارة ، فهما لا يمتلكان أي وقت من اجل ان يقوما في الانتظار و ذلك لأن ديفيد هو المسؤول عن التصوير في شكل كامل و لذلك عليه الحضور قبل الجميع ، من أجل ان يقوم في توثيق لحظات دخول كبار البلد من المثقفين و العاملين و جميع المدعوّين ..

اما ميلا فلقد كانت قد أمرت سائقها الخاص من أجل ان يأخذها الى السوق و ذلك من اجل شراء بعض الحاجيات و الأشياء اللازمة ، فميلا دائماً ما تشرف على كل شيء يخص المنزل من متطلبات و حوائج و لوازم ، فهي ذات خبرة و مهارة كاملة كونها ربّة منزل


و بعد وصولها الى السوق الكبير ، قامت في عبور المشاة فالسيارة لا يمكنها ان تتقدم الى الأمام و ذلك بسبب وجود المارّة في الطرقات ، ثم قامت في دخول اكبر ماركت موجود في السوق فلقد كان مكون من سلسلة كاملة من المولات و الماركات المشهورة ، ثم بدأت في التردد الى عدة أقسام ، لتعلن عن بداية تسوقها من القسم الخاص بالمؤونة من الحبوب و الأطعمة و الوجبات ...

و بعد مرور نصف ساعة على تسوقها في رفقة حارسها الشخصي ، قام الحارس الشخصي الخاص بها في طلب الاذن منها من اجل ان يذهب و يتفقد السيارة ، بينما بقيت لوحده ...

و بعد مرور عدة دقائق و هي قد كانت تقوم في التسوق و اختيار بعض الحاجات و المستلزمات ، خرجت من اجل ان تتفقد الحارس الشخصي الخاص بها فلقد تأخر ، و ليس من عادته أن يتأخر أبدا أبدا

و ما هي الا بعض من الدقائق حتى وصلت الى بوابة الخروج من الماركت من اجل ان تتفقد حارسها الشخصي الخاص بها ، حتى أقبل أحد ما و أمسكها من يدها و قام في شدها نحو الممر الفارغ و الذي يكون موقعه في جانب الماركت بالضبط..


نعود الى ميرا التي وصلت و أخيراً الى الجزيرة التي سوف يُقام بها الحدث الكبير ، حيث كانت في رفقة انجيلا ، عندما وصلتا ميرا و انجيلا بدأت التمثيلية الحقيقية ، بأن انجيلا هي المتحدثة الرسمية للكاتبة الشهيرة ميارا ، اما مير فبحسب الخطة فلقد التزمت في شخصية مساعدة خاصة لآنجيلا و هكذا بدأت التمثيلية ..

وصلتا و اذ بالقائمين على الحدث الكبير المخطط له و اللجنة الداعمة لهذا الحدث قدكانوا في انتظار قدومهما ، و عندما وصلتا بدأوا جميعهم يرحبون بهم في أحر و اجمل التراحيب ، لقد كانو يظنون بأن ميارا لم تأتي و انما انجيلا المتحدثة في اسمها هي من سوف تأتي ، لكنهم لا يعلمون ان ميرا نفسها قد أتت من اجل ان تقوم في حضور هذا الحدث ، نعم لقد اتت لكنهم مجرد موهومين ، فلا احد يعرف ميرا شخصياً ، الجميع يقرأ كتاباتها و يسمع في اسمها ، ما عدا اولئك العجزة و المسنين فهم يعرفونها شخصياً باسم ميارا..


و بعد ان انتهى الترحيب ، ذهبتا الى الغرف الخاصة بهم ، فلقد كان هناك شاليهات ضخمة على تلك الجزيرة ، حيث ان جميع المدعوّين سوف يقوموا في السكن داخل تلك الشاليهات ، و عندما دخلت ميرا الى الشاليه الخاصة بها ، سُعِدت في جمال الشاليه حيث كان جميع اثاثه في اللون الابيض و قد كانت هناك العديد من اللوحات السماوية ، لقد كانت غرفة كبيرة و على جانبها كان يوجد شرفة كبيرة أيضاً بيضاء اللون ، و كان هناك العديد من المزهريات الاصطناعية ، و كانت بيضاء اللون في شكل كامل ، لقد كانت الغرفة هادئة جداً في بياضها ، و لقد كان هناك منصة عالية في الغرفة يعلوها السرير و الخزانة الخاصة في الغرفة و كانت هناك عدة أرائك و ثلاثة من الطاولات الصغيرة تتوسط القسم الآخر من الشاليه او الغرفة ، بينما كانت الغرفة مملوئة بالأزهار الطبيعية البيضاء ذات الرائحة الفواحة ، اما شرفتها فلقد كانت تطل على الجزء الآخر من الجزيرة ، و كانت اقرب الى الغابة من باقي الشاليهات و الغرف ..


اما انجيلا فلقد دخلت الى غرفتها و لقد كانت مشابهة لغرفة ميرا تماماً ، و لقد كانت غرفتها قريبا من غرفة ميرا كثيراً ، نعم فلقد كانت غرفهما ملتصقة في بعضها البعض ، لقد كانت تدنو غرفهما من بعضهما كتيراً ..


نعود الى امير الذي كان يراجع الملفات و يدققها و يتمعن بها و فجأة اتصل به احد ما ، فأجاب امير على الاتصال و بعد دقيقة صمت من امير ، فلقد كان يستمع الى المتصل به في كل اصغاء و تركيز و فجأة بدأ وجهه يحمر غضباً ، ثم بدأ يقول و يوجه في سؤاله الى ذلك المتصل و هو يخاطبه

امير (و الصدمة تعتلي وجهه) : ماذا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا



نذهب الى ديفيد و صديقه ماتيو ، فلقد وصلا معاً الى الجزير ، و بعد ان رحبوا بهم ، قامو في التوجه الى الغرف الخاصة بهم من اجل ان يضعوا اشيائهم و امتعتهم و حقائبهم السفرية ، و عندما دخلوا الى الغرف ، ذهب ديفيد حالاً و القى في نفسه على السرير ، ثم استلقى و بدأ يحاول من اجل ان يسترخي و يخلد الى النوم ، اما ماتيو فلقد ذهب و بدأ يمشي في تلك الجزيرة من اجل ان يستكشف المكان ...


نام ديفيد و غطّ في نومه العميق ، لكن كابوسه المرعب ذاك لم ينتهي و لقد عاد مجدداً

كابوس ديفيد :

طفل صغير يبلغ من العمر ستة سنوات ، لقد كان تائه في الغابة و فجأة بدأ أحد ما في مواجهته و اللحاق به ، وجهه غير ظاهر او واضح ، يبدو و كأن ديفيد الصغير كان يعرفه ، بقي يلحق به و يركض خلفه دون توقف ، كانت دموعه تسيل و تنساب على وجنتيه ، و كان قلبه يرتعش خوفاً ، و يداه و أقدامه و كامل جسده يرتجف رعباً و خوفاً ...

اقترب منه اكثر و اكثر ثم بدأ يكمل في اقترابه الى الطفل ديفيد الصغير ، هاجس ما او دافع بسبب الخوف و الرعب و القلق ، شجع الطفل ديفيد الصغير على الاقتراب من ذلك الرجل و المحاولة في رفع قناعه..

استيقظ ديفيد من كابوسه المعتاد ، ثم توجه نحو المغسلة و بدأ في غسل وجهه و اخذ نفس من اجل ان يرتاح قليلاً ثم اخذ لهاتفه و توجه نحو غابة الجزيرة ..

و عندما وصل الى تلك الغابة الصغيرة و الخاصة في تلك الجزيرة ، دخل اليها و بدأ يمشي بين الاشجار الخضراء طويلة الساق ، و فجأة نظر الى هاتفه المحمول و اذ لا يوجد شبكة مقترنة في الهاتف
المحمول ، بدأ يحاول ان يبحث عن مكان ما تتواجد به التغطية او الشبكة كما يقال ، و لكنه كان يبتعد اكثر و اكثر بحثاً عن شبكة ما ..

و بعد القليل من الوقت نظر خوله و علم بعد فوات الأوان بأنه قد تاه في غابة تلك الجزيرة ، فلقد كان يظن في أن غابة الجزيرة تلك صغيرة نوعاً ما ، الا انه كان مخطئ فلقد كانت غابة كبيرة جداً و من الممكن لأي أحد أن يتوه في عرضة تلك الغابة و فسحتها ، بدأ يبحث عن طريق ما يعيده الى المجمع السكني المكوّن من الشاليهات و الغرف ، الا انه كان يتوه اكثر و اكثر و كانه في دوامة ما صعبة الوجود ..


اما انجيلا فلقد ترددت الى غرفة ميرا الخاصة بها اكثر من مرة و لم تجدها ، و لذلك عادت الى غرفتها ، فلقد ظنت انها و ربما قد ذهبت من اجل ان تستكشف المكان ..


نعود الى امير و الذي كان يقود سيارته في سرعة البرق و لقد كانت تبدو عليه علامات الخوف و الفزع و الرعب على وجهه

فماذا هناك ياترى ؟ ، و ما هو اللغز خلف الامر الذي حدث مع ميلا والدة امير و ميرا ؟ و هل سوف يجد ديفيد طريق من اجل ان يعود و يكف عن التوهان ؟

...


يتبع..

لكي يصلكم كل جديد ، اتمنى ان تتابعو روايتي وهم و ان تضيفوها الى رف الكتب و شكرا لكم على تعاونكم
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي