الفصل الأول هذيان
الفصل الاول
هذيان
- قاسم تعال لتحيي شقيقتك
نظر اليها قاسم البالغ من العمر 9 سنوات بغضب واشمئزاز وصاح صارخا بحدة
- هذه ليست شقيقتي انا اريد اختي الحقيقبة وليست هذه البكماء
واندفع راكضا الي غرفته مقفلا على نفسه الباب وعاد ليتقوقع على نفسه يغرق وسادته بدموع القهر والحزن على فراق شقيقته الحبيبه التي توفت بحادث سير تسبب هو فيه
نظرت حنان الي زوجها باسى فرد عليها بابتسامة حانية وهو ياخذ الطفلة البالغة من العمر 4 سنوات بين احضانه وقال لزوجته مطمئنا
- لا تقلقي سيعتاد الامر تدريجيا ربما يستغرق بعض الوقت ولكنه سيعتاد بالنهاية.
تنهدت حنان وهي تنضم لعناق زوجها وطفلتها المتبناه وهمست بالم
-اتمنى ان لا يطول الامر كثيرا .
اخذت حنان الطفلة ماسة الي غرقة ابنتها المتوفاة ميس كانت الغرفة جميلة جدا مؤثثة بافخر انواع الاثات من السرير حتى الستائر والسجاد ومكتبة صغيرة في زواية الغرفة كلها باللون الزهري المائل الي لون ازهار البنفسج كانت الغرفة فاخرة حقا وحينما رات حنان فرحة الطفلة بالسرير الذي اخذت تقفز فوقه بسعادة انارت لها بلورة الكريستال المعلقة في السقف ليصدر منها عدة الوان رائعة كالوان الطيف وشهقت ماسة بسعادة غامرة وهي تشير الي الاضواء الزاهية وتصفق بيديها فرحة اقتربت منها حنان وضمتها بين ذراعيها وهمست ودموعها الصامته تبلل وجنتيها
- ساعوضك عن كل ايامك السيئة وستعوضيني عن فقدان ابنتي الغالية ساكون لك الام التي فقدتها وستكونين لي الامل الذي سلبته مني الحياة وستعيدين لقاسم ابتسامته التي خطفها موت شقيقته .
ابتعدت ماسة لتنظر الي وجه المراة التي تعانقها باستغراب ومدت كفها الصغيرة لتمسح دموعها ابتسمت حنان برقة وهمست وهي تقبلها
- انا واثقة بانني لن اندم على هذا القرار
في المساء بعد ان خلد قاسم وماسة الي النوم في غرفتين منفصلتين جلست حنان بجانب زوجها سالم فوق السرير كانت تشعر بان سالم غير راض عن قرارها ولكنه استجاب لها حينما راى اصرارها وكانت علاقتهما ببعضهما البعض لا يشوبها شائبة وارادت التاكد بانه ليس غاضبا منها
- سالم هل تعتقد انني اخطئت بقراري
تنهد سالم باسى وهمس وهو يسحبها بين ذراعيه ليتوسد راسها صدره الحنون وهمس
- لطالما وثقت بكي وبقرارتك ومن عوامل نجاحي وازدهار اعمالي هو الاخذ برايك دائما لذا لا تقلقي ان الله معنا وسيعوضنا خيرا ان شاء الله
لطالما كان سالم خير سندا لها وكلماته الطيبة بلسم لجراحها فلولاه لما استطاعت الصمود حتى هذه اللحظة فقيدتها ميس كانت بهجة البيت ومهجة الروح ولم تتصور ابدا ان يخطفها الموت منها باكرا ولكن قدر الله وما شاء فعل فاللهم لا اعتراض على حكمك ولكن الالم الاكبر كان من نصيب قاسم فهو من شهد على الحادثة فقد كان فرحا جدا بدراجته الهوائية الجديدة وميس كانت غاضبة جدا لانها لم تحصل على واحدة لها كانت تبلغ من العمر 6 اعوام اي الفرق بينها وبين شقيقها قاسم 3 سنوات وقد ابلغها طبيبها بانها لن تتمكن من الانجاب بعد ميس لان حالتها الصحية ستكون في خطر نظرا لاصابتها بمرض القلب لذا اسرفو في دلالها فقد اعتادت الحصول على كل ما ترغب فيه لذا كان غضبها كبيرا جدا حينما رفض والدها احضار دراجة هوائية لها مثل قاسم ولكنها رضخت تحت اصرار والدها وبعد ان وعدها قاسم بان يعلمها ركوب الدراجة وانه سياخذها في جولة في الانحاء وكانت ميس تنتظر من قاسم ان يوفي بوعده لها ولكنه كان اما ان يؤجل او ينخرط باللعب مع ابناء عمومته بقيادة الدراجة امام نظرات ميس الحانقة وفي يوم الحادث المشؤوم كان وقت القيلولة ظهرا حيث دخل والديها الى غرفتهم لاخذ قسط من الراحة بينما ذهب قاسم ليقوم بواجباته المدرسية حينها تسللت ميس لساحة المنزل واخذت الدراجة لتقودها بعيدا عن الاعين وكي لا توقظ والديها على صوتها واتجهت بها الي خارج المنزل ولكن قاسم سمع صوت سحبها لدراجته فنظر اليها من النافذة وناداها بغضب
- ميس اعيدي الدراجة مكانها على الفور
نظرت ميس الي قاسم واخرجت لسانها له باغاظة وهي تصيح
-انت لم تسمح لي بركوبها لذا لن استمع اليك
وفتحت الباب وخرجت تجر معها الدراجة بسرعة كبيرة قبل ان يلحق بها قاسم الذي شتم بغضب وتوعدها انه اذا امسكها سيلقنها درسا لن تنساه ابدا كانت ميس سعيدة بمشاكسة شقيقها ولانها اخيرا فعلت ما منعها من فعله رغما عنه حاولت الصعود الي الدراجة ولكنها سقطت هي والدراجة معا وجرحت ساقها ولكنها لم تهتم وحاولت مجددا رغم الم ساقها ولكن ايضا لم تنجح وسقطت للمرة الثانية وحينها صدح صوت قاسم الغاضب الخائف على دراجته الغالية من التحطم
- ميس ايتها الغبية سوف اقتلك
شعرت ميس بالخوف من تهديد شقيقها وحينما رات مدى غضبه تركت الدراجة وفرت هاربة الى راس الشارع ولسوء حظها لم تنتبه الي السيارة الحمراء المسرعة القادمة من الاتجاه المعاكس ووقفت امامها مرعوبة لا تقوى على الحراك من هول الصدمة والسائق الذي فوجئ بوجود ميس امامه في منتصف الطريق لم يتسنى له ضرب البريك بسرعة مواتيه بالرغم من انه حاول ان يتفاداها الا ان سرعة السيارة هزمته وارتطم الجسد الصغير بقوة في مقدمة السيارة وطار في الهواء ليعود جسدها البريئ يرتطم بالرصيف القاسي الذي سرعان ما خضب بدمائها الحمراء الطاهرة كل هذا حدث امام نظرات قاسم الطفل المسكين الذي كان يراقب المشهد المهول دون ان يكون له اي حول او قوة في فعل اي شيئ لانقاذها سوى الصراخ بهستيريا على والديه وركض مسرعا الي جانب شقيقته الغارقة بدمائها كانت ميس ما زالت تتنفس وعينيها مثبتتان نحو شقيقها الباكي حاولت رفع يدها وهمست تناديه ودمعة صغيرة هاربة سالت من عينيها البريئتين .
- اسفة لاني اسقطت دراجتك
وبعدها لفظت انفاسها الاخيرة وسقطت ذراعها الى جانبها وسقط قاسم مغشيا عليه بين ذراعي السائق المكلوم الذي سارع ليرى الكارثة التي تسبب بها وهو يبكي ويصرخ ويندب حظه السيئ وقد بدا الناس يتحلقون حوله من كل صوب منهم من يصرخ ومن يحتسب ومن يستغفر ويطلب لميس الرحمة وقد شقت والدتها الزحام بقلب يرتجف خوفا وهي تتمنى ان يكون ما تسمعه من الناس ليس الا مبالغات ليس لها من الصحة شيئ الى ان اتضح لها المشهد الماساوي لطفلتها المدلله مضرجة بدمائها الحمراء القانية والسائق يحتضن قاسم بين ذراعيه يبكي ويستعيذ ويعتذر ويترحم وايضا لم تحتمل حنان ما راته فراحت هي ايضا في نوبة اغماء مماثلة لنوبة قاسم.
تنهدت حنان باسى على هذه الذكرى المشؤومة التي مضى عليها شهران حتى الان ولم يستطع احد النسيان ولم يخف الالم ولم يعد قاسم كما كان نظرت الي زوجها الذي غط في نوم عميق جراء تعبه طوال هذا النهار لاجلها جلبت له غطاء ودثرته جيدا كي لا يصيبه البرد وذهبت لتطمئن على صغيريها فقد اعتادت خلال هذين الشهرين النوم قريبا من غرفة قاسم واحيانا تنام الى جانبه فمنذ حادثة شقيقته وهو يصاب بالكوابيس المفزعة ويصحو صارخا خائفا مناديا ميس باعلى صوته ومن ثم يركض خارجا من المنزل ليبحث عنها في ساحة المنزل واحيانا خارجه لذا عمدت والدته ان تبقى الي جانبه الى ان تنتهى هذه المرحلة تفقدت ماسة فوجدتها نائمة محتضنة دمية ابنتها المفضلة دثرتها جيدا بالغطاء بعد ان قبلتها واقفلت الباب وخرجت ، هذه الماسة كانت قوية فقد نامت في بيت غريب عنها لاول مرة دون خوف او تردد فعلى ما يبدو انها عانت كثيرا واعتادت النوم في اي مكان لذا لم تواجه صعوبة في النوم في مكان غريب عنها ومن ثم ذهبت الي قاسم الذي كان يتقلب في فراشه كثيرا وقد القى بالغطاء بعيدا عن جسده وكان جسده متعرقا جدا وعلى ما يبدو ان كابوسه المعتاد بدا يراوده فقد كان انينه خافتا ولكنه سيعلو بالتدريج اخذت والدته تملس شعره كي تهدئه وتقرا على راسه بعض الايات القرانية حتى يهدا فقد اعتادت فعل هذا من يوم رحيل ميس عن هذه الدنيا الفانية واستمرت على هذا الحال حتى هدا بين ذراعيها واستكان بهدوء وانتظمت انفاسه تدريجيا ، عادت بذاكرتها حينما استيقظت بالمستشفى لتجد زوجها الى جانبها وقبل ان تتفوه باي كلمة اخذها بين احضانه واخذ يربت على ظهرها وهو يقول بكلمات هادئة حكيمة .
- انها هدية الله لنا وقد استردها اهدئي واحتسبيها عند الله وادعي لها بالرحمة ، انتي امراة مؤمنه فلا تخيبي ظن الله بكي قدر الله وما شاء فعل وانا لله وانا اليه راجعون .
لم تستطع ان تقل شيئا سوى انها اجهشت بالبكاء بشدة بداية بصوت عالي جريح يملؤه الالم والحزن والقهر وبدا يخفت تدريجيا حينما بدات تدرك الامر وتيقنت مما حدث تماما ابتعدت عن كتف زوجها الذي اغرقته بنحيبها والذي احتمل وتركها حتى تهدا من تلقاء نفسها وهمست بخوف وقلق في عينيها .
- اين قاسم ؟!
اجابها بسرعة كي يطمئن قلبها :
- انه بخير لم يصيبه مكروه ولله الحمد ، لكن..
اتسعت عينيها بخوف فشد سالم يده على يدها واكمل:
- قاسم يعاني الان من صدمة ونكران ، هو لا يتذكر ما حدث فقد استيقظ من اغمائه يسأل عن ميس ويطالب بوجودها ولم اعرف ماذا افعل او اقول فقط اخبرته بانها بخير وانها ستاتي قريبا.
عبست حنان متسائلة فهي لم تفهم فقد راى قاسم كل شيئ كيف لا يتذكر فقد كانت تامل ان يحدثها بحقيقة ما حدث وكيف حدث هذا الحادث المشؤوم لما لا يتذكر شيئا الان ، تنهد سالم بأسى واخبرها انها يجب ان ترى طبيبا نفسيا كي يشرح لها حالة قاسم وكيفيه التعامل معه ، صاحت حنان بالم:
- لا تخبرني بانه قد فقد صوابه --- لا يمكنني ان احتمل هذا لا يمكن ان افقد كلا ابنائي ميس تموت وقاسم يجن ارجوك يا الهى فلترحمني لن احتمل هذا.
اخذها سالم بين ذراعيه وذرف الدموع التي احتجزها طويلا محاولا التماسك امام زوجته كي لا تنهار و قال بقوة وحزم في صوته المرتعش.
- سوف تحتملي ، علينا ان نحتمل ان لم نفعل سوف نخسر قاسم ايضا علينا ان نكون اقوياء لاجله ، انه بخير الان ولكن علينا ان نستمع الي الطبيب كي نعرف كيف نتصرف ولا تزداد حالته سوءا.
* في غرفة الطبيب :
- انه يعاني حاليا من نسيان انفصالي وهذا يعني ان يحاول عقله التاقلم مع الصدمة النفسية التي المت به لحماية صحته النفسية ، ما يمر به حاليا هو نكران لكل الاحداث الاليمة التي مرت به اخر فتره وهذا سيساعده للتاقلم تدريجيا مع المحيط الخارجي لذا كل ما يمكنكم فعله هو تهيئة بيئة مناسبة له وعدم التحدث عما حدث امامه فهو من حديثى معه قبل قليل كل ما يذكره هو ركضه خلف شقيقته بساحة المنزل وكانت تضحك وتحاول استفزازه وهو لا يعلم السبب فقط يتذكر بانه كان يلحق بها وفجاة اختفت من امامه ولم تعد موجودة اي ان ذاكرته توقفت حتى هنا عليكم ان تجدو عذرا مناسبا يستطيع تصديقة لغياب شقيقته عنه و انصح بان تتركوه يختلط مع ابناء جيله او اصدقاءه اشخاص لا يعرفون بحقيقة ما حدث ولن يحدثوه عما اصاب شقيقته ربما لو انعمس في نشاطات يحبها او رحلات اي شيئ يمكنه ان يبعد تركيزه عن شقيقته سيكون هذا افضل ، اذا كان لديه اخوة اخرون...
قاطعه سالم بحزم:
- لا يوجد....هو كل ما لدينا الان ،وسنعمل جهدنا كي لا نخسره هو ايضا.
هز الطبيب راسه متفهما ومن ثم قال بتعاطف :
- هذا كل شيئ الان ، اتمنى لكم التوفيق في مهمتكم الشاقة ، واذا احتجتم اي شيئ فهذا رقمي يمكنكم التواصل معي وسؤالي عن اي شيئ تحتاجونه
هذيان
- قاسم تعال لتحيي شقيقتك
نظر اليها قاسم البالغ من العمر 9 سنوات بغضب واشمئزاز وصاح صارخا بحدة
- هذه ليست شقيقتي انا اريد اختي الحقيقبة وليست هذه البكماء
واندفع راكضا الي غرفته مقفلا على نفسه الباب وعاد ليتقوقع على نفسه يغرق وسادته بدموع القهر والحزن على فراق شقيقته الحبيبه التي توفت بحادث سير تسبب هو فيه
نظرت حنان الي زوجها باسى فرد عليها بابتسامة حانية وهو ياخذ الطفلة البالغة من العمر 4 سنوات بين احضانه وقال لزوجته مطمئنا
- لا تقلقي سيعتاد الامر تدريجيا ربما يستغرق بعض الوقت ولكنه سيعتاد بالنهاية.
تنهدت حنان وهي تنضم لعناق زوجها وطفلتها المتبناه وهمست بالم
-اتمنى ان لا يطول الامر كثيرا .
اخذت حنان الطفلة ماسة الي غرقة ابنتها المتوفاة ميس كانت الغرفة جميلة جدا مؤثثة بافخر انواع الاثات من السرير حتى الستائر والسجاد ومكتبة صغيرة في زواية الغرفة كلها باللون الزهري المائل الي لون ازهار البنفسج كانت الغرفة فاخرة حقا وحينما رات حنان فرحة الطفلة بالسرير الذي اخذت تقفز فوقه بسعادة انارت لها بلورة الكريستال المعلقة في السقف ليصدر منها عدة الوان رائعة كالوان الطيف وشهقت ماسة بسعادة غامرة وهي تشير الي الاضواء الزاهية وتصفق بيديها فرحة اقتربت منها حنان وضمتها بين ذراعيها وهمست ودموعها الصامته تبلل وجنتيها
- ساعوضك عن كل ايامك السيئة وستعوضيني عن فقدان ابنتي الغالية ساكون لك الام التي فقدتها وستكونين لي الامل الذي سلبته مني الحياة وستعيدين لقاسم ابتسامته التي خطفها موت شقيقته .
ابتعدت ماسة لتنظر الي وجه المراة التي تعانقها باستغراب ومدت كفها الصغيرة لتمسح دموعها ابتسمت حنان برقة وهمست وهي تقبلها
- انا واثقة بانني لن اندم على هذا القرار
في المساء بعد ان خلد قاسم وماسة الي النوم في غرفتين منفصلتين جلست حنان بجانب زوجها سالم فوق السرير كانت تشعر بان سالم غير راض عن قرارها ولكنه استجاب لها حينما راى اصرارها وكانت علاقتهما ببعضهما البعض لا يشوبها شائبة وارادت التاكد بانه ليس غاضبا منها
- سالم هل تعتقد انني اخطئت بقراري
تنهد سالم باسى وهمس وهو يسحبها بين ذراعيه ليتوسد راسها صدره الحنون وهمس
- لطالما وثقت بكي وبقرارتك ومن عوامل نجاحي وازدهار اعمالي هو الاخذ برايك دائما لذا لا تقلقي ان الله معنا وسيعوضنا خيرا ان شاء الله
لطالما كان سالم خير سندا لها وكلماته الطيبة بلسم لجراحها فلولاه لما استطاعت الصمود حتى هذه اللحظة فقيدتها ميس كانت بهجة البيت ومهجة الروح ولم تتصور ابدا ان يخطفها الموت منها باكرا ولكن قدر الله وما شاء فعل فاللهم لا اعتراض على حكمك ولكن الالم الاكبر كان من نصيب قاسم فهو من شهد على الحادثة فقد كان فرحا جدا بدراجته الهوائية الجديدة وميس كانت غاضبة جدا لانها لم تحصل على واحدة لها كانت تبلغ من العمر 6 اعوام اي الفرق بينها وبين شقيقها قاسم 3 سنوات وقد ابلغها طبيبها بانها لن تتمكن من الانجاب بعد ميس لان حالتها الصحية ستكون في خطر نظرا لاصابتها بمرض القلب لذا اسرفو في دلالها فقد اعتادت الحصول على كل ما ترغب فيه لذا كان غضبها كبيرا جدا حينما رفض والدها احضار دراجة هوائية لها مثل قاسم ولكنها رضخت تحت اصرار والدها وبعد ان وعدها قاسم بان يعلمها ركوب الدراجة وانه سياخذها في جولة في الانحاء وكانت ميس تنتظر من قاسم ان يوفي بوعده لها ولكنه كان اما ان يؤجل او ينخرط باللعب مع ابناء عمومته بقيادة الدراجة امام نظرات ميس الحانقة وفي يوم الحادث المشؤوم كان وقت القيلولة ظهرا حيث دخل والديها الى غرفتهم لاخذ قسط من الراحة بينما ذهب قاسم ليقوم بواجباته المدرسية حينها تسللت ميس لساحة المنزل واخذت الدراجة لتقودها بعيدا عن الاعين وكي لا توقظ والديها على صوتها واتجهت بها الي خارج المنزل ولكن قاسم سمع صوت سحبها لدراجته فنظر اليها من النافذة وناداها بغضب
- ميس اعيدي الدراجة مكانها على الفور
نظرت ميس الي قاسم واخرجت لسانها له باغاظة وهي تصيح
-انت لم تسمح لي بركوبها لذا لن استمع اليك
وفتحت الباب وخرجت تجر معها الدراجة بسرعة كبيرة قبل ان يلحق بها قاسم الذي شتم بغضب وتوعدها انه اذا امسكها سيلقنها درسا لن تنساه ابدا كانت ميس سعيدة بمشاكسة شقيقها ولانها اخيرا فعلت ما منعها من فعله رغما عنه حاولت الصعود الي الدراجة ولكنها سقطت هي والدراجة معا وجرحت ساقها ولكنها لم تهتم وحاولت مجددا رغم الم ساقها ولكن ايضا لم تنجح وسقطت للمرة الثانية وحينها صدح صوت قاسم الغاضب الخائف على دراجته الغالية من التحطم
- ميس ايتها الغبية سوف اقتلك
شعرت ميس بالخوف من تهديد شقيقها وحينما رات مدى غضبه تركت الدراجة وفرت هاربة الى راس الشارع ولسوء حظها لم تنتبه الي السيارة الحمراء المسرعة القادمة من الاتجاه المعاكس ووقفت امامها مرعوبة لا تقوى على الحراك من هول الصدمة والسائق الذي فوجئ بوجود ميس امامه في منتصف الطريق لم يتسنى له ضرب البريك بسرعة مواتيه بالرغم من انه حاول ان يتفاداها الا ان سرعة السيارة هزمته وارتطم الجسد الصغير بقوة في مقدمة السيارة وطار في الهواء ليعود جسدها البريئ يرتطم بالرصيف القاسي الذي سرعان ما خضب بدمائها الحمراء الطاهرة كل هذا حدث امام نظرات قاسم الطفل المسكين الذي كان يراقب المشهد المهول دون ان يكون له اي حول او قوة في فعل اي شيئ لانقاذها سوى الصراخ بهستيريا على والديه وركض مسرعا الي جانب شقيقته الغارقة بدمائها كانت ميس ما زالت تتنفس وعينيها مثبتتان نحو شقيقها الباكي حاولت رفع يدها وهمست تناديه ودمعة صغيرة هاربة سالت من عينيها البريئتين .
- اسفة لاني اسقطت دراجتك
وبعدها لفظت انفاسها الاخيرة وسقطت ذراعها الى جانبها وسقط قاسم مغشيا عليه بين ذراعي السائق المكلوم الذي سارع ليرى الكارثة التي تسبب بها وهو يبكي ويصرخ ويندب حظه السيئ وقد بدا الناس يتحلقون حوله من كل صوب منهم من يصرخ ومن يحتسب ومن يستغفر ويطلب لميس الرحمة وقد شقت والدتها الزحام بقلب يرتجف خوفا وهي تتمنى ان يكون ما تسمعه من الناس ليس الا مبالغات ليس لها من الصحة شيئ الى ان اتضح لها المشهد الماساوي لطفلتها المدلله مضرجة بدمائها الحمراء القانية والسائق يحتضن قاسم بين ذراعيه يبكي ويستعيذ ويعتذر ويترحم وايضا لم تحتمل حنان ما راته فراحت هي ايضا في نوبة اغماء مماثلة لنوبة قاسم.
تنهدت حنان باسى على هذه الذكرى المشؤومة التي مضى عليها شهران حتى الان ولم يستطع احد النسيان ولم يخف الالم ولم يعد قاسم كما كان نظرت الي زوجها الذي غط في نوم عميق جراء تعبه طوال هذا النهار لاجلها جلبت له غطاء ودثرته جيدا كي لا يصيبه البرد وذهبت لتطمئن على صغيريها فقد اعتادت خلال هذين الشهرين النوم قريبا من غرفة قاسم واحيانا تنام الى جانبه فمنذ حادثة شقيقته وهو يصاب بالكوابيس المفزعة ويصحو صارخا خائفا مناديا ميس باعلى صوته ومن ثم يركض خارجا من المنزل ليبحث عنها في ساحة المنزل واحيانا خارجه لذا عمدت والدته ان تبقى الي جانبه الى ان تنتهى هذه المرحلة تفقدت ماسة فوجدتها نائمة محتضنة دمية ابنتها المفضلة دثرتها جيدا بالغطاء بعد ان قبلتها واقفلت الباب وخرجت ، هذه الماسة كانت قوية فقد نامت في بيت غريب عنها لاول مرة دون خوف او تردد فعلى ما يبدو انها عانت كثيرا واعتادت النوم في اي مكان لذا لم تواجه صعوبة في النوم في مكان غريب عنها ومن ثم ذهبت الي قاسم الذي كان يتقلب في فراشه كثيرا وقد القى بالغطاء بعيدا عن جسده وكان جسده متعرقا جدا وعلى ما يبدو ان كابوسه المعتاد بدا يراوده فقد كان انينه خافتا ولكنه سيعلو بالتدريج اخذت والدته تملس شعره كي تهدئه وتقرا على راسه بعض الايات القرانية حتى يهدا فقد اعتادت فعل هذا من يوم رحيل ميس عن هذه الدنيا الفانية واستمرت على هذا الحال حتى هدا بين ذراعيها واستكان بهدوء وانتظمت انفاسه تدريجيا ، عادت بذاكرتها حينما استيقظت بالمستشفى لتجد زوجها الى جانبها وقبل ان تتفوه باي كلمة اخذها بين احضانه واخذ يربت على ظهرها وهو يقول بكلمات هادئة حكيمة .
- انها هدية الله لنا وقد استردها اهدئي واحتسبيها عند الله وادعي لها بالرحمة ، انتي امراة مؤمنه فلا تخيبي ظن الله بكي قدر الله وما شاء فعل وانا لله وانا اليه راجعون .
لم تستطع ان تقل شيئا سوى انها اجهشت بالبكاء بشدة بداية بصوت عالي جريح يملؤه الالم والحزن والقهر وبدا يخفت تدريجيا حينما بدات تدرك الامر وتيقنت مما حدث تماما ابتعدت عن كتف زوجها الذي اغرقته بنحيبها والذي احتمل وتركها حتى تهدا من تلقاء نفسها وهمست بخوف وقلق في عينيها .
- اين قاسم ؟!
اجابها بسرعة كي يطمئن قلبها :
- انه بخير لم يصيبه مكروه ولله الحمد ، لكن..
اتسعت عينيها بخوف فشد سالم يده على يدها واكمل:
- قاسم يعاني الان من صدمة ونكران ، هو لا يتذكر ما حدث فقد استيقظ من اغمائه يسأل عن ميس ويطالب بوجودها ولم اعرف ماذا افعل او اقول فقط اخبرته بانها بخير وانها ستاتي قريبا.
عبست حنان متسائلة فهي لم تفهم فقد راى قاسم كل شيئ كيف لا يتذكر فقد كانت تامل ان يحدثها بحقيقة ما حدث وكيف حدث هذا الحادث المشؤوم لما لا يتذكر شيئا الان ، تنهد سالم بأسى واخبرها انها يجب ان ترى طبيبا نفسيا كي يشرح لها حالة قاسم وكيفيه التعامل معه ، صاحت حنان بالم:
- لا تخبرني بانه قد فقد صوابه --- لا يمكنني ان احتمل هذا لا يمكن ان افقد كلا ابنائي ميس تموت وقاسم يجن ارجوك يا الهى فلترحمني لن احتمل هذا.
اخذها سالم بين ذراعيه وذرف الدموع التي احتجزها طويلا محاولا التماسك امام زوجته كي لا تنهار و قال بقوة وحزم في صوته المرتعش.
- سوف تحتملي ، علينا ان نحتمل ان لم نفعل سوف نخسر قاسم ايضا علينا ان نكون اقوياء لاجله ، انه بخير الان ولكن علينا ان نستمع الي الطبيب كي نعرف كيف نتصرف ولا تزداد حالته سوءا.
* في غرفة الطبيب :
- انه يعاني حاليا من نسيان انفصالي وهذا يعني ان يحاول عقله التاقلم مع الصدمة النفسية التي المت به لحماية صحته النفسية ، ما يمر به حاليا هو نكران لكل الاحداث الاليمة التي مرت به اخر فتره وهذا سيساعده للتاقلم تدريجيا مع المحيط الخارجي لذا كل ما يمكنكم فعله هو تهيئة بيئة مناسبة له وعدم التحدث عما حدث امامه فهو من حديثى معه قبل قليل كل ما يذكره هو ركضه خلف شقيقته بساحة المنزل وكانت تضحك وتحاول استفزازه وهو لا يعلم السبب فقط يتذكر بانه كان يلحق بها وفجاة اختفت من امامه ولم تعد موجودة اي ان ذاكرته توقفت حتى هنا عليكم ان تجدو عذرا مناسبا يستطيع تصديقة لغياب شقيقته عنه و انصح بان تتركوه يختلط مع ابناء جيله او اصدقاءه اشخاص لا يعرفون بحقيقة ما حدث ولن يحدثوه عما اصاب شقيقته ربما لو انعمس في نشاطات يحبها او رحلات اي شيئ يمكنه ان يبعد تركيزه عن شقيقته سيكون هذا افضل ، اذا كان لديه اخوة اخرون...
قاطعه سالم بحزم:
- لا يوجد....هو كل ما لدينا الان ،وسنعمل جهدنا كي لا نخسره هو ايضا.
هز الطبيب راسه متفهما ومن ثم قال بتعاطف :
- هذا كل شيئ الان ، اتمنى لكم التوفيق في مهمتكم الشاقة ، واذا احتجتم اي شيئ فهذا رقمي يمكنكم التواصل معي وسؤالي عن اي شيئ تحتاجونه