الفصل 25

فى تلك اللحظات كان الكابتن انس ينهى اوراق نقله الى العمل بمحول طيران وكذلك كان لتوه قد انهى اختباره فى هذا العمل
بينما كانت السيدة قسمت تحاول باستماتة استرضاء زوجته لتعود لبيتها وبالفعل نجحت فى اقناعها بالعودة ظنا منها ان هذا سيفرح ابنها
سمعتها سماح فلم تفهم ما الذى اعتراها من احاسيس متضاربة هل هى غيرة ام خوف من ان السيدة نهى ستبعدها جبرا عن انس ام خافت على لقمة عيشها
تمتمت فى نفسها هل لى من القوة ما يجعلنى اتحدى القادم والامس بداخلى هل لى من القوة لكى افر من القدرين قدر حبى وقربى وقدر استقصائى وحرمانى
هل لى من القوة ان اقاوم حاجتى واصون كرامتى
هل لكى ايتها الحياة ان تتوقفى ولو للحظة واحدة استرد فيها انفاسى واستجمع قواى
ايتها الارض مدى لى راحتيك واحملينى على كفوف القدر وامهلينى فرصة كى اقف على حافة القمر واصطاد الامنيات
امهلينى فرصة التجسس على الاسرار لاتيقن ما بداخل انس
امهلينى فرصة لابسط احلامى على اجنحة الكون واراهن بقوة على حقى فى البقاء بكرامة وحقى فى الحب والحلم
انا لم اطلب منك اى مزيد انا فقط اطلب منك حقى

.................
كانت سهيلة فى عملها ولكن بالها مشغول بادم فبداخلها شعور يواريه شعور اخر
هى فرحة لانها اخير انقذت حياتها من زيجة لا ترغب فيها ولكن هل رغبتها فى هذا جعلتها تقع فى فخ لا ترى نهايته
هل ادم سيصون العهد ام انه سيجبرها على اشياء ربما لم تتوقعها من الاساس
هل سيعاملها لى انها صديقة ام زوجة
انتبهت على صوت رنين هاتفها فما ان وجدته يعلن عن اسم ادم الا وقلقت فما سبب اتصاله الان
ردت بصوت هادىء فاءها صوت بشوش مرح
ادم : قررت ان افاجئك اليوم واتيت لارافقك فى طريق العودة ولكن ان كنتى لا ترغبين فاعتبرينى لم اتى من الاساس
سهيلة بجمود : لحظات ساتى اليك
قامت من مكانها ورتبت اوراقها قبل ان تغادر ولكن عقلها لازال مشغول بالاف الاسئلة
ما ان هبطت من اخر درجات السلم حتى وجدته فى انتظارها بجوار سيارته
تقدمت نحوه بثبات فاذا به يتلالا وجهه وكانه عاشق قديم ومد يده بداخل نافذة السيارة وامسك ببوكيه من الورد وباليد الاخرى صندوق بدا من جمال لفافته انه هدية
ابتسمت ابتسامة عذبة لا ان كلماتها لم تكن عذبة : ما اجمل عطاياك يا ادم فانت حقاً رجل عذب المعاملة وعذب الكلام ولكنى اشعر بالم لانى كلفتك باشياء لم تكن فى الحسبان ولا هى حقى من الاساس فما كان افضل من ان توفر تلك الاشياء لشريكتك الفعلية
هنا تماسك بكل ما اوى من قوة وضغط على حاله ليبدوا طبيعيا لم يتاثر وقال : دعينى اعيش نشوة انى حقا عريسا فانتى تعلمين انى لا انوى الزواج الفعلى ولم يكن فى مخططاتى الان ولكن هذا لا يمنع ان اعيش اللحظة فلا تحرمينى منها
ابتسمت ابتسامة حقيقية ومالت نحو الزهور لتشمها بعمق بينما تحركت من امامه وركبت السيارة واخذت تفتح الصندوق بشغف لترى ما بداخله فاذا بها تتفاجأ بانه يحتوى على هاتف محمول يتوسك الكثير من قطع الشيكولاته فصاحت بفرحة كما لو كانت طفلة صغيرة
اخذ ادم يتاملها ويتامل فرحتها ثم ركب الى جوارها وانطلقا عائدين للبيت
.....................
انس وقد تفاجأ بعودة نهى : اين امى ؟
نهى وهى تقلب فى شاشة التلفاز : تحدثنى وكانى لم اتغيب عن البيت ولو دقيقة الم ترحب بعودتى وتشكرنى انى لم ارغمك لتاتى وتسترضينى ؟
كاد ان يصرخ فى وجهها ويقول لها انا لم اعد اريدك الا انه قال ببرود : نورتى بيتك اين امى
تجاهلت سؤاله وقالت فى الحق امك قامت بالواجب واسترضتنى كثيرا لاعود ثم تابعت ونادت بصوت عالى على سماح
ما ان سمعها تناديها الا وخفق قلبه فعودتها حطمت كل مخططاته
اتت سماح وقد اعتلا وجهها الخيبة ونظرة الحسرة وقالت نعم سيدتى وحاولت الا تواجه انس بنظراتها خاصة انها على يقين انه الان يتاملها
نهى بضيق وغل : هل جهزتى الحمام للكابتن انس
سماح : نعم
لم يتفوه انس بحرف واسرع الخطى نحو غرفة والدته يبحث عنها وما ان ولج من الباب حتى صاح بامه يعاتبها على فعلتها وانها لم تحسن صنعا بل دمرته كلياً
السيدة قسمة : كيف يا بنى تقول هذا فانا اردت ان تعيش مبسوطا قبل ان تسافر مرة اخرى
انس : انا لتوى كنت انهى قرار نقلى لاعيش مسقر فى بيت زوجية مستقر ولكنك بفعلتك هذا هدمتى احلامى
السيدة قسمة بصدمة مخلوطة بفرحة : احقا يا بنى لن تسافر مرة اخرى وتتركنى احقا قررت ان وهنا توقفت عن الاسترسال فى الكلام فكيف يقول انه يريد الاستقرار مع زوجه وكيف يعاتبها انها اعادت اليه زوجته ويتهمها بانها هدمت احلامه
هنا فهمت انه يريد العيش مع اخرى فكادت تعتذر الا انه لم يمهلها فقد تركها وخرج
ولج لغرفته فوجد نهى لتوها كانت قد انهت حمامها وكانت تدجفف شعر
بتلقائية تذكر سماح وكيف كان لها بصمتها وانوثتها حتى فى مجرد حمامها وتحرك خطوات وخطى لداخل الحمام فلم يشتم رائحة العطور والزيوت التى كان يشمها وقت ان كانت سماح تسترق الدقائق لتستمتع بحمامها فى غفلة منهم
امسك بيده الزجاجات ليتاكد انها فعلا لم تستخدم اياً منها فعرف ان الانثى ليست بجمالها ولا بمالها ولكن بحبها لنفسها ولانوثتها
كانت تبصره ولكنها لم تفهم ما به وما ان خرج الا وقالت له بلا مبالاة : اخبرتنى والدتك بانك مرضت فى الايام السابقة
نظر لها ولم يجيبها فقالت له : لما لم ترد
قال لها ببرود : ارد على ماذا ؟ انتى تخبرينى انك علمتى من امى انى كنت مريض اذا فالمعلومة صحيحة فعلام ارد ؟ وعموما ان وجب الرد فسيكون ردى سؤالا وماذا فعلتى عندما علمتى انى كنت مريض ؟
عادت تنظر للمراة وهى لا تزال تجفف شعرها وقالت : بصراحة شمت فيك لانى عرفت انك مرضت بسبب بعدى عنك فلتتحمل اذا ما جنيت
لم يستطع ان يبقى معها فى نفس الغرفة فكانما غرورها وحش يسحب الهواء من الغرفة حد الاختناق
ما ان خرج حتى اصطدم بسماح اتية وفى يدها فنجان من القهوة وكأساً من العصير فصمت وهو يتاملها ثم سالها لمن هذه المشروبات ؟
قالت وهى تتفحص ملامحه المتجهمة : السيدة نهى طلبت فنجانا من القهوة وانا اعددت لك كاسا من الليمون فانت لم تاكل شيئاً منذ الصباح
لم يطيق الكلام اكثر من هذا فتركها ورحل مما جعلها تشعر بالخوف فها هو لتوه كرها اول ما عادت زوجته اذا فهى لم تكن له الا حالة فى لحظة ضعفه
كرهت نفسها وكرهته ولانها تحتاج الى العمل فقررت ان تتعامل على انه سيدها فقط وستضه حجر صوان على قلبها لانه خدعها وجعلها تتوهم النعيم معه وقد انساها الفارق بينهما
دخل على امه وقال لها وكانه يعاتبها : لما يا امى لما اجهضتى احلامى التى لتوها كانت تنمو لتعلو؟
تحركت امه نحوه واحتضنت وجهه وقالت بدموع : سامحنى يا بنى ولكنى كنت اعتقد انك سترتاح وستفرح خاصة بعدما عرفت ان نهى حامل بعد كل تلك السنوات
كانت تظنه سيطير فرحا الا انه فاجئها وقال : ليته ما حدث ويا ليتها ما عادت فاحب على ان انجب طفل يرى منى بشاشة الوجه والعطف والرعاية بدلا من ان يرى منى الكآبة والهروب بعيدا عنه بسبب امه صمت قليلا وقال وقد بدات انفاسه تختنق وبدا الحروف تتقطع : لن ينعم ابنى برعايتى وسيكون الهروب هو خير طريق لى فمن الان هى اصبحت كلبش يقيدنى ومن الان ماتت حياتى التى كنت ارسمها ولتوى بدات الونها
قالت له : هل دق حب جديد باب قلبك يا بنى ؟
قال لها هو اول حب يا امى وليس بحب جديد سلام على من اجبرتنى الظروف ان اسير بدونها فى الحقيقة هى لقلبى الف حياة
السيدة قسمت وقد تصدع قلبها لما الت عليه حالة ابنها بسببها ولم تكن تقصد : يا بنى الحياة خلقت لنعيشها فلا تحرم نفسك من حب تريد ان تحياه فهنيئا لقلبك بقلب احبه وعش مع من تركت واجعلها زوجة اخرى ولكن لا تطلق نهى لاجل ابنك
نظر لها نظرة يائس من الحياة ويائس من وجود اى فرحة وتركها وخرج
......................
توقف ادم بسيارته امام مطعم ونزل من السيارة وفتح الباب لسهيلة ودعاها للغذاء
ابتسمت سهيلة ابتسامة باهتة فهى من داخلها فرحة لانها شعرت بانوثتها من تعامل ادم لها ولكنها فى ذات الوقت لا تريده ولا تحبه او من الجائز انها تستلطفه ولكنها لم ترتقى لدرجة الحب هى نفسها لا تفهم ما بداخلها بينما ادم كان يفهم كل شىء داخلها ويقدره لانه يفهم انه ليس فى لحظة بمقدور الانسان ان يغير حياته كلها بالاجمال
ما ان جلسا على الطاولة وقدم لها قائمة الطعام لتختار وبعدها قدمها للنادل بطلباتهما
ما ان غادر النادل حتى قال لها : اسمعى يا سهيلة اعرف ان بداخلك الاف الاسئلة والافكار اولها ما سر اهتمامى او لما رضيت بطلبك بكل سهولة ولما اتعامل معكى وكانك عروستى التى اخترتها بارادتى
هزت راسها وكانه نجدها بطرح تلك الاسئلة
ابتسم وقال لها : وبدون ان تهزى راسك انا اعلم بما بداخلك دون ان تتفوهى به ولهذا ساريحك
تعلمين انى من فترة وانا اعمل بعيدا فى الصحراء لا انيس الا رفاق العمل ولكن ليس بينهم جليس ولا حبيب
خطفتنى زحمة الحياة حتى جعلتنى وحيدا لا افكر الا فى وحدة وغربة اختى فى بيتها ولم اعد لى اى رغبة فى الحياة او لحب ولكن ما ان عدت الى هنا ووجدت زحمة الحياة عاد الى دفئها ووجدت بداخلى احساس ورغبة فى انى احب واتحب ولم اقصد بب رومانسى بقدر ما اقصد الحب بمشموله الواسع وجدت انى لا احتاج الى وقت فراغ لاحب ولا احتاج لراحة بال لاحب بل احتاج ليكون لى شريك او شريكة حياة
وجدت ان العمر سيسرقنى بحجة انى مجتهد وليس لدى وقت لاختار واحب ولكنى علمت ان الحب ياتى فى زحمة الحياة فيفرغ ما حولك ليعطيك مساحة للعيش
وان كنت تركت عنان نفسى لزحمة الحياة لظللت طول عمرى وحيدا
وجدت ان الدفء الذى شعرت به هنا فى وسط الزحمة لم يحتاج الى اذن لافسح له بل تملكنى رغما عنى وانى اريد الحب فى وسط كل تلك الكركبة وفى الحقيقة وجدتك مثلى وفى ذات الوقت على العكس منى فانتى تعيشين فى وسط الزحام ولكنك تعيشين وحيدة
هل فكرتى ان تعيشين لحظة فرحك فى وقتها حتى لو كان بداخلك اشياء تحزنك ؟
كانت صامتة وكانها تفكر فى كل حرف يقوله
اكمل قائلاً : ان عيشتى اللحظات الجميلة فى وقتها ستهون عليك لحظات الحزن او ربما محته كلياً فالحب والحزن مثلهما مثل بقية الاشياء تحمل صفات المد والجذر الركض نحو الهدف والفرارمنه فكلما اردناهما بعدوا عنا وكلما استغنينا اتوا مهرولين
يا سهيلة اعرفى طريق الحب واحبيه واعرفى طريق الفرح واركضى فيه فلن يهديكى احد طريق فرحك وسعادتك ولن يهبك احد الحب دون ان تعطيه الفرصة
انا اريد ان اعيش الحب والحياة فهل ستعينينى يا سهيلة ؟ عينينى عالفرح والسعادة حتى وان لم تكن مصحوبة برومانسية فهذا شىء اتفق انا وانتى عليه
عينينى على الصداقة وراحة البال وقتها ستجدين منى ما يقر عينك ويفرح قلبك
اعينينى على ترك الوحدة والعيش بحب وسط زحمة الحياة
هنا مدت يدها نحوه وبسطت كفها كونها تعاهده على ما قاله
مد كفه وعانق كفها بقوة ووثق معها عهدهما وقال : سنهزم معا احتياجنا للاشياء وللحب واصرارنا على ما هو بعيد المنال عنا
سنجعل معا الاشياء تركض خلفنا فعندما يشعر الصعب اننا استهنا به يجلب لنا الهين لنرضى عنه
ابتسمت وقالت بجدية : اتعرف يا ادم ولاول مرة اعترف لشخص بهذا الاعتراف منذ زمن وانا اشعر انى وحيدة وكم تمنيت ان اعيش حياة بها صفات ما ذكرت احب واتحب ادخل علاقة اشعر فيها انى انا ولست نسخة مصطنعه منى اساير بها المواقف
تمنيت ان احيا بلا تكلف ولا قلق من الاتى وبدون خوف من شبح خيانة او من شبح المصالح لا اريد علاقة تستنزف منى اجمل ما فى من احاسيس
تمنيت حياة جميلة بوجود شخص فيها يحاول ان يقضى على انشغاله لاجلى انا شخص يحاول ان يسرق من وسط زحمته وقت لاجلى شخص يهون على الصعاب ولا يعقدها اكثر شخص يضىء لى طريقى بدون مصلحة يرتضيها منى ، تمنيت انسان ان راى منى دمعها ركض ليكفكفها ومنع انهمار الاخرى
تمنيت مشاعر تتملكنى رغما عنى ، تمنيت حبا ياتى الى بعد سنوات تعب فتنسينى ما عانيت، حب يظهر لى وقت الغيوم فتصفى لى سمائى من وهجه ، تمنيت علاقة تخرج منى اجمل ما فى ايا كانت العلاقة صداقة زمالة او ارتباط
ابتسم بفرحة لانه اخيرا فلح لان يضمها اليه عالاقل بهدف حب الحياة
ابتسم وقال لها نحن اجتمعنا صدفة بهدف حب الحياة وحب الحب
اجتمعنا صدفة دون اختيار منا ودون ترتيب واجمل ما فى الصدفة انها تاتى دون انتظار او تفكيرفلا تخافى من الصدفة التى جمعتنا
....................
خرجت فريدة من غرفتها وقد احكمت غلق روبها لتدارى معالم بطنها وتحركت حتى بدات تترجل الدرجات نحو الاسل فسمعت حمزة يذكر اسم شما وهو يخرج من باب الفيلا فنادت عليه واستوقفته والى هنا فقد انهى حمزة كلامه مع شما
فريدة بضيق : الى اين انت ذاهب
حمزة : الى المكتب ثم ساذهب بعدها لشما فكانت قد طلبتنى لانها تحتاجنى فى امرهام
كادت ان تصرخ فى وجهه الا انها تماسكت وقالت فى نفسها ان نهرته او اشتكيت سيكلمها ولن يمتنع ولكنه سيخبىء عنى المرات القادمة ويكذب انه يكلمها وانا اعلم انه استحالة ان يسلاها فاهدأى يا فريدة
قالت بهدوء مصطنع : هل حدث لها شىء ؟
حمزة : لا اعلم وان كنت اظن ان شما تحتاج منى مجرد راى فانا اعلمها جيدا فهى تعلم جيدا كيف تدير امورها ولكن هذا لم يمنعها ان تستشير من حولها لتؤكد لنفسها حسنتصرفاتها وقراراتها
انهى كلامه ولم يزد او يطيل وتركها وخرج
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي