الفصل 27

شما : امم هناك انواع كلا فيما يخصه فليس كل حب يعتبر عشق وهوى
فهناك حب العقل وهو ان ترتاح لانسان بعينه ولذاته وتتفاهم معه لكن للاسف لا ينبض له قلبك ولا تهفو اليه روحك وان حدث زواج بين هذين القلبين سرعان ما ينتهى بود فطرفى العلاقة لم يكونا عاشقين ولكن لانهما دوما متفقين سينفصلان بود
وهناك حب العشرة الذى ياتى بالاعتياد على وجود شخص فى حياتك فلا طعم لحياتك بدونه ولكن رغم ذلك باستطاعتنا ان نعيش بدونها بدون الم
وهناك حب القلب وهذا ما يركض خلفه الكل وتعرفينه عندما يخفق قلبك لرؤية من احببتى او حتى من مجرد صورته وتتالمين ان قسى عليكى او ابتعد عنك
اما اعمق انواع الحب واقواها هو ذاك الذى يظهر عند عشقك لروح انسان اخر وهو اندر الانواع واشرسا رغم قوته ووجعه يعنى الموت
حب الروح يشمل كل ما سبق ونظرت الى جميلة لتنبهها انها المقصودة من كلماتها القادمة وقالت هو فخ لمن وقع فيه فلا خلاص منه ولا نهاية ولا ارتواء ولا شبع منههو حب عنيف وقوى ليست له مقاييس ولا حتى اسباب
لا يعترف بقوانين ولا حتى دين ولا يفيد فيه عقل ولا منطق ولا يقتله هجر او قسوة ولا تضعفه مسافات ولا يقتله موت صاحبه
فاجئتها جميلة وقالت : انتى تشرحين حالك فى حبك ليوسف اليس كذلك
ابتسمت شما ابتسامة حزينة وقالت اوصف نفسى واوصف نفسك فحبك ايضا ليونس لم يكن لشكل او لحاجة بعينها انتى احببتى روحه قبل ان تريه
قالت سماح متسائلة : هل يرانى قليلة او ضعيفة فيستهتر بحالى ؟
شما : شخصيتك القوية يا سماح انما تاتى من تحملك لجميع مسئولياتك بنفسك بدون افراط فيها او تفريط وانتى خير فتاه رايتها تتحمل مسئوليتها ومسئولية اهلها فانتى فى عينى مثل جميلة
جميلة وهى تنظر لساقيها بالم : ولكن اياكى ان تتحسرين على ما قدمتى لاهلك فلن تتالم ال روحك وربما ادى احساسك بالقهر الى عجزك فكونى قوية فى كل شىء
تحركت شما لتجلس على كرسيها وقالت :اتعرفون ما الذى يؤرقنى هذه الايام فى التفكير ؟
سماح بقلق : خير
شما : ما يؤرقنى هو علاقة ادم بسهيلة فهو لم يبح لى بمكنونه ولكنى على يقين انه يحبها ولكنه فى نفس الوقت ليس بمتيم بها وهى ليست بعاشقة له ولكنها تبحث عن العشق
هم ليسوا اخوة ولا اصدقاء ومع ذلك و يكره ان يراها مع غيره وهى ربما بدات تغار عليه ممن حوله ولكنها فى نفس الوقت اعتقد انها لا تغار الا فى الوقت الذى تكون الحياة عابسة فى وجهها وتريد من يحييها
وهو لما كان يشعر بحبه لها اجده يلجا اليها كلما شعر بالياس ليعانق يديها ويرسم معها اجمل الوان العمر من الحياه
وعبارة جميلة ذكرتنى بشىء هام فكلاهما بدا حبه لشىء اعجبه فى الاخر فهى اعجبها رجولته وشجاعته وعدم تمييز مساعدته لكونها مسيحية او مسلمة بينما هو اعجب بدلالها وحيويتها وجرأتها
وكم اتمنى ان تنتهى علاقتها بان كلاً منهما يحب كل شىء فى الاخر بالقدر الذى يصعب عليه فيه ان يميزلماذا هو يحبه
هذه العلاقة بقدر ما هى جميلة فى كونهما لم يطلب اياً منهما من الاخر ما يكلفه من اظهار الحب الا انها علاقة فى حقيقتها مميتة لانها لم تجمعهم كلمة احبك الصريحة بينما جمعتهم علاقة ومشاعر اكثر عمقاً فلا هو بمقدوره ان يستغنى عنها ولا هى بمقدورها الرحيل بعيدا عنه
علاقتهما هى علاقة الراحة والعذاب معاً
عادت تنظر لسماح وتقول لها عائدة الى اصل الموضوع اياكى ان تعتقدى انك ضعيفة امامه او امام زوجته يا سماح لانك فى الحقيقة اقوى من كلاهما ونمى ثقتك بنفسك فثقتك لا تاتى بمجرد شعورك انك الافضل ولكن ثقتك بنفسك تاتى عندما تشعرين بانه ليس هناك اى سبب يدعوك لمقارنه نفسك بالاخرين واعتزازك بنفسك وكرامتك لا يعنى انك مغرورة وتقبلك لاساءة نهى يوما لا يعنى انك كنتى ضعيفة وعفوك عن اى ظلم اقترفته ناحيتك لا يعنى انك كنتى جبانة
فان كان زماننا هذا وجيلنا قد غيرا مفهوم حسن الاخلاق فاحييى انتى تلك السنة باخلاقك وابرزيها
سماح : اننى فى حاجة الى رجل لا يعيننى على حبى رجل لا يتركنى ارحل عنه ولا هو يرحل عنى ، اريد رجلا لاحيا معه ولا احيا لمجرد ان افكر كل ليلة هل سيتركن غدا ويرحل ؟ بكل بساطة اريد حباً واماناً وقلب رجل
هنا ردت جميلة عليها قائلة : ان اردت هذا يا سماح اياكى وكلمة ولكن كان تقولى ولو حتى فى نفسك كنت اود البقاء قربك ولكن .احبك ولكن .اريد الزواج منك ولكن ...
كلمة ولكن لا تحمل الا مبررات فارغة لا تجعليها تستهواكى فى اى عبارة
حبى من احبك بزيادة لان كل زيادة فيها فائض وكل فائض نحتاجه وقت النكبات فهى من تعيننا على مواصلة الحب والحياة وان لم تجدى فائض لكى من حبه فهو لم يحبك بالقدر الذى تستحقينه وليست كل مشاعر تعتبر مشاعر حب ولا الاعجاب حب ولا التعود حب لان ببساطة اى علاقة لا يبذل فيها مجهود لتستمر وتعلو ليست بعلاقة حقيقية
....................
انس لازال على نفس وضعه من الحزن والعزلة بل اصبح يخرج من الصباح لا ياتى الا فى اخر الليل حتى لا يرى سماح وانهمك فى القراءة ليتجاوز امتحان نقله لمرحل جوى
بينما كانت نهى فى كل ليلة ترتدى ابهى ما عندها واغلاهم وتجلس تنتظره ظنا منها انها هكذا تغريه وتعيده اليها وفى المقابل هى لم تصحح من اخطاءها او من افعالها المستفزة له ولوالدته
وسماح تعتقد انها تتزين وتتعطر وتجلس مرحة الوجه لانه ياتى اليها فى اخر الليل ينهل منها ما يشفى حبه وانه بالتاكيد قد نساها و كانت كل دقيقة تنظر الى نهى ولنفسها وتتحسر لكنها تعود تردد كلمات شما فتنتشى فيها ثقتها بنفسها مرة اخرى
ولكن فى هذه الليلة اتى انس مبكرا وربما كان متعمدا لرؤيتها فقد استوحشها الى ابعد الحدود ولم يعد قادرا على هذا الشعور
كان عائدا واول ما خطى اول خطواته للداخل الا واصطدم بها مغادرة فقد انتهى يوم عملها
ظلا كلاهما واقفا امام الاخر فى لحظة صمت وكان بهو الفيلا فارغا من اى شخص
نظرت له سماح نظرة تحد وكبر وكانها كانت تود ان تغالب شعورها فى تلك اللحظات فشعورها كان عل العكس تماما من ملامحها
انس : بت اؤكد على نفسى الان ما كنت اظنه ظنا امس
نظرت له وكانها لم تفهمه
عاد يكمل : كنت اظن انك كرهتينى وعلى العكس ايضا كنت اتصارع مع نفسى واقول انها بالتاكيد تعلم ما بداخلى ولكن الان تحقق ظنى ونظراتك نطقت بما يكن بداخلك
هنا ردت قائلة : لقد صدقت شما عندما قالت : اياكى والاكتساء بمن لا يعرف معنى الاحتواء فلن يمنحك الا التعرى واياك والاتكاء على من لا يعى معنى السند فلا يهديك الا السقوط واياك والارتواء بمعسول الكلام حتى لا تظمأى واياك واحلام الوعود حتى لا تجزعى وكونى معتدلة لتسعدى ولا تسلمى قلبك الا لمن يستحق السكن فيها وللاسف انا فعلت كل ما كانت تنهينى عنه فاصابنى كل ما نبهتنى منه
وازاحته عن طريقها وخرجت مسرعة وكانها تلتهم الخطوات حتى لا يظهر ضعفها وما ان اختفت عن عينه حتى وقفت تنهار من البكاء
قالت بصوت متحشرج لنفسها والله ان الموت والفقد يستويان فى وجع الفراق فكلاهما وجعه يميتنا ونحن احياء وان كان الموت ارحم لان عزيزنا ذهب لمن هو عزيز عن الكل وجعل روحنا تصعد بالمسك لاعلى سماء بينما الفقد اشد وجعاً لان عزيزنا وجد عزيز غيرنا والقى بروحنا من اعلى سماء لاعمق ارض
باختصار الموت عزز روحنا والفقد رخصها
الموت يوجعنا على غوالينا والفقد يوجعنا على ذواتناعلى الدوام الله ارحم
ما ان وصلت الى البيت حتى ركضت تطرق على شما باب غرفتها وما ان فتحت لها حتى ارتمت فى حضنها وانهارت وقالت : اه يا شما لو خيرونى ان اكون شعوراً لاخترت ان اكون طمانية و امان ولن اطلب اكثر منهما ساختارهم لاسكن بهما فى نفسى فما احوجنى لهما الانى وما اكثر كلمة الاه التى تصرخ بداخلى الان يا شما اشعر مها وكانى ابنة الاربعين او الخمسين ولست ابنة العشرين
اعتقد الان يا شما انى اخطات لانى لم اعشق احد تشبه ظروفه ظروفى ولا مستواه مثلى
هنا ابعدتها شما عن صدرها وحضنت وجهها بكفيها وقالت لها والدموع قد ملات عينيها هى الاخرى : ان كنتى تسمعين اه نفسك فانا وجميلة وادم وحتى سلمى جميعنا بدواخلنا اه تصرخ والاه انواع يا سماح ليست كل اه اه الم فهناك ايضا اهه فرحة
سماح وهى تمسح عينيها : ولكن ما بداخلى اه الم كاسرة . صرخت وقالت وكانها تحادث اخر امامها غير شما الا وهى الاه ذاتها يا قائل الآه هل للآه حقاً معانى؟
وكأن الاه تجسدت كانسان فردت بنفسها عليها قائلة وكانها تتحداها: منى آه تريح التعبان ومنى آه موجعة منى آه تشفى العليل ومنى آه ملوعة
ليس كل آه منى تحكى او ترى منى آه تداريها ومنى أه مستحيل ان تحتمل . منى اه سهل تعيشين بها ومنى اه تكسر اعتى الرجال .منى آه تقتل فرحتك ومنى آه تريد صبرك
.ومع كل الامى فكل اهاتى لا اتى بها الا للمؤمن

ربتت شما على كتفها وابتسمت ابتسامة حزينة وقالت لها لا توجعى نفسك وتجلديها فكل مصاب يضمحل مع الايام ولا تحسبين ان كل من حولك سعيد حتى السيدة نهى فاقسم لكى ما كل عين لا تفيض بالدمع قريرة وما كل قلب لا يبوح بخال وكان تقصد نفسها وتعزيها

ساد الصمت للحظات حتى قطعته شما قائلة : من اليوم لا عمل لك هناك ستعملين معى
سماح : اعمل معكى فى تنسيق الحفلات
شما : ستعملين فى وظيفتين الاولى فى وقت فراغك ستعملين معى اما بقية وقتك ستعملين مع جميلة
سماح بتعجب : وهل جميلة تعمل شىء ؟
شما : من اليوم ستعمل
...................
اخذت سهيلة تصفق باعجاب وتقول : ما اجمل فكرتك يا شما حقا لابد لجميلة ان تعمل والعمل فى تجهيز الخضار اصبح منتشر فى الاونة الاخيرة بسبب انشغال السيدات بالعمل لمساعدة ازواجهن
جميلة بتوتر : ولكن هذا يحتاج الخروج للتسوق والعمل ليل نهار وانا لا اقدر على هذا
شما : وما الصعوبة فى ذلك ستذهبين انتى وسماح وتشترون كل ما تريدونه ونحن فى المساء سنساعدك جميعا
وانا اول من يطلب منك
تعجبن لها وصوبن نظرهن نحوها فابتسمت وقالت اريد منك تجهيز الطعام اللازم لحفل زفاف ادم وسهيلة
احمرتا وجنتى سهيلة بينما جحت عينا سماح وجميلة وقالتا فى نفس واحد : لا نستطيع
شما بثقة : بل نستطيع الم اقل لكما اننا سنتعاون جميعا ؟
......................
فى كل تلك الفترة لم تحاول جميلة ان تحادث يونس وكل تفكيرها منصب على انها فقدته لانه بالطبع سيرى شما وسيحبها وهل هناك رجل لا يعجب بها وبقوة شخصيتها وفراستها
بينما كان يونس هو الاخر لم يحاول فقد شعر انه قد اتخذ خطوة جريئة يتبعها فقدانه لمحبوبته التى لا تعلم حتى الان بحالته الصحية تلك
دخلت مها على يونس وقالت له : ابشر يا يونس فهناك فتاه شابة اتصلت بى وتقدمت للوظيفة وبها كل المواصفات التى طلبتها
يونس وقد ازدادت ارتجافات اوصاله عما هى عليه من الاساس وقال فى لهفة : وما اسمها ؟
مها وقد رددت سؤاله بتعجب : ما اسمها ؟ وهل هذا كل ما يعنيك ؟
تلعثم وقال : اعتذر اقصد ما بياناتها ؟
مها : لقد تحققت فيها كل الشروط التى طلبتها وتبقى ان اتحدث معها وجهاً لوجه
يونس وقد اختنقت انفاسه وسالها : ومتى ستاتى ؟
مها بلا مبالاه : الايام القادمة ثم تركته بلا مبالاه وخرجت وتركته فى اضطرابه حتى انه من فرط الاضطراب تبول على نفسه فسب نفسه وقال لعنة الله على الخمور ولعنه الله على شاربها فقد حرمتنى من اعز انسانة انارت لى دنياى

واخذ يتمتم واحبك حد التعب وحد الجنون وحد الغضب فهل صادفتى عاشقاً من الحب يتعب ؟
انى لاهث من الشوق ومن الغرام ومن الحب واحبك بخيال يتيم حالم فى ليلة العيد . بل احبك بشهية جائع يتضور عشقاً .احبك وكانى لم احب قبلك وكان لم يخلق الله غيرك .احبك حب زهرة الشمس لشمسها . احبك حب انثى عاشقة للهمس وحب فتاه للعرس. كنت لا أؤمن الاشتياق واليوم انا راهب لحبك

..................
الام بدموع متحجرة : ليت يوسف يعود هذه الايام
مها بتافف : وهل قصرت معكى فى شىء ؟ كل ما فى الموضوع انى جسدياً لا اقوى على حملك
امها : لم تعدى تقوين على حملى ام حملى ( بفتح الحاء فى الاولى وكسرها فى الثانية ) يا ابنة بائعة السجائر
مها بعصبية : وما الداعى من ذكر صفتك الان ؟ ولم تعطى لامها اى فرصة لتكملة الحوار معها وتركتها وخرجت
................
يوسف : انه لم يتوانى فى الوقت ليتصل بالكابتن انس لعله ينجح فى استقطابه
قائد المخابرات : نعم هو يعلم انه موجود لفترة قصيرة ويجب ان يتمم على كل ما يريدونه منه قبل ان يغادر ولهذا اول ما ترائى لعلمه ان هناك كابتن جديد يريد ان ينتدب للعمل كمرحل جوى بدا فى الاتصال به ليستقطبه والاغرب انه نجح فى ايقاع هشام للشراكة معه فى مشروع الطرق الخاص بمشاريعنا الجديدة لانهم وجدوا ان هشام مستحوذ على معظم المعدات الثقيلة للعمل فى الحفر والرصف وانه بالنسبة لهم شخصية هامة ان نجحوا فى الشراكة معه وبالفعل رافت نجح فى هذا
يوسف : وهل وافق الكابتن انس بالتحالف معهم ؟
القائد : حتى الان لم نتبين من نية الكابتن انس لانه من الاساس لتوه منتدب كمرحل وحتى الان لم يتناوب جدياً فى عمله
يوسف : اذن لابد من بناء علاقة معه لمعرفة نيته
قائده : بالطبع
..........................

الكابتن انس : اهلا بسيادتك
يوسف : علمت انك انتدبت لمرحل جوى حديثا و...
قاطعه انس : ما بال نقلى جعل الكل يتسائل ويهتم ؟
يوسف متسائلا : بالطبع تقصد السيد رافت صاحب شركة .... اليس كذلك ؟
انس : هل تعرفه ؟
يوسف : انا جئت اقابلك بشانه وكل ما اريده منك مناورته لنعلم ما يريده بالضبط
.................
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي