الفصل السادس والخمسون

*****
هي وهو وإقتراب خطر حد الموت
حد فقدان الحياة ورصاصة طائشة جرحت وتركت أثرها لا في كتفه فقط بل في قلب يتوجع...
يتألم
يعلم أن الأمر لن يبتعد عن أصابع ناصر أو من يعمل معهم لا فارق الفارق أن يكن أخيه مشارك بالأمر
عينيه غائمة كسحابة شتاء بارد وقاسى
أنفاسه تحرق صدره بزفرة قاسية ووجع يأتي من منبع القلب المعلول
أيصدق أن أخيه له يد فيما حدث !
هل يعقل أنه ينوى قتله أو حتى يعلم ما يخطط له ناصر ويظل صامتاً ؟
من أوصله لتلك الحالة ؟
من بنى بينهم سور وجدار صلب صلد ساقع كسقيع ليلة شتاء باردة حد الموت تتجمد فيها الأطراف وتُقتل فيها الحياة
ماذا فعل ليرى أخاه في صف عدوه متحدياً له وكأنه يقف من بعيد يبتسم ويخرج له لسانه وكأنه يخبره أنه لم يعد يفرق معه ولا يهمه أمره
يشعر بحاله في دوامة ....دوامة تبتلعه حد الإختناق
حد الدمار وهو وحده يعافر يتشبث يداه تتحركان في الهواء علها تلتقط حبل النجاة
النجاة من دوامة عقل وروح
النجاة من هلاك سيقضى على كل شيء سيدمر هرم ظل هارون الجبالى يبنيه حجر فوق حجر ولكن يبدو أن الهرم جاء يومه ليراه ينفض امام عينيه وأمام أعينهم جميعاً
*****
مغمض العينين يشعر بنغزة وألم بسيط والطبيب يجرى له خياطة الجرح جراء تلك الرصاصة الغادرة يعيد تخيل المشهد من جديد
سيارة تقترب بسرعة ....رجل يحمل سلاح
هو المقصود ولا مجال للتفكير في افتراضية أخرى
هي ....تولين
هي بجواره قريبة كل القرب منه
ماذا إذ أصابتها تلك الرصاصة اللعينة ؟
ماذا يفعل ليحميها ويحمى نفسه ؟
يجذبها إليه ليسقط بها أرضاً بقوة اصطدام قاسية مؤلمة لجسديهما وما بين الوقوف والسقوط إصابة
نار ضربت ذراعه بقسوة وحدة ولا مكان للصراخ
لا مكان للألم
انتهى الطبيب من عمله وأوصاه ببعض النصائح للفترة المقبلة حتى يتعافى جرحه
شعر بها بجواره تمسك بذراعه الأخر السليم تستند برأسها على كتفه تبكى بأنين مكتوم دموعها تنساب بهدوء وصمت
_ تولين
رفعت عيناها نحوه بلهفة : نعم ....محتاج حاجة !
ابتسم قائلاً: عاوز اطمن عليكِ ...
أغمضت عيناها للحظة تحاول رغماً عنها استجماع هدوئها ثم عادت تنظر إليه مبتسمة: الحمدلله متقلقش المهم أنت
قام من مكانه ممسكاً بذراعه : أنا كويس
وقف أمام نافذة الغرفة في المشفى التي أصر زياد أن يقله إليها لمعالجة جرحه
اقتربت منه ببطء وحذر تربت على ظهره العارى تشعر به متشنج يعتصر ألم بداخله ويرفض أن يشعر به أحد حتى ولو كانت هي ..
_ أنا ليه حاسة أنك مخبى عليا حاجة يا أدهم
ظل على وضعه دون أن يلتفت إليها: ولا حاجة يا تولين ولو قصدك على اللى حصل النهاردة دى مجرد تصفية حسابات.....
صاحت مستنكرة :تصفية حسابات توصل للقتل يا أدهم !
التفت إليها بهدوء قاتل : وتوصل لأكتر من كده كمان
اتسعت عيناها بذعر وجزع: هو في ايه بالظبط...هى حرب !
ابتسم بسخرية : فعلا حرب....حرب ولها قوانينها لها ضحاياها ولها اللى هيطلعوا منها بمكسب كبير ولها اللى هتدهسهم الرجلين من غير ما حد يحس بيهم
هزت راسها بعجز ....بحيرة لا تفهم ما يعينه ولا تعرف لما يصل الأمر إلى هذا الحد
تلك الأوراق اللعينة تخلص منها ولم تعد لديه صلة بهذا الأمر فمن له مصلحة في محاولة قتله غيره ....ناصر
_ هو ناصر مش كده يا أدهم!
رفع كتفيه ببساطة : ده أكيد بس مفيش دليل واحد يدينه وهيخرج منها زى الشعرة من العجين
عقدت حاجبيها بغضب : بلغ عنه وقول على كل الخلافات اللى بينكم ساعتها هيبقى هو المتهم الأول
ضحك مقهقهاً بسخرية: قلبك أبيض زى روحك بالظبط يا تولين ....أنتِ فاكرة أن ناصر ممكن يسبب نسبة ولو واحد في المية للغلط ...ناصر دايما عامل حسابه ومرتب أوراقه ومستحيل هتلاقى دليل واحد يدينه ده تعبان ....تعبان بيخرج من جحره في وقت ما يحتاج ويرجعه تانى بهدوء ولا كأنه عمل حاجة
صاحت مستنكرة : يعنى ايه....يعنى هنسيبه طايح كده ؟
ابتسم بهدوء وثقة : لا متقلقيش كل حاجة ولها وقتها واوعدك هتنبهرى
ضاقت عيناها وهى تنظر إليه بريبة : قصدك ايه....ناوى على إيه؟
ابتعد عنها يجلس على أريكة جلدية يريح جسده وعلى وجهه نفس الإبتسامة الهادئة : متشغليش بالك يا تويا كل حاجة في وقتها حلوة متستعجليش
وقبل أن تكمل إعتراضها طُرق الباب ودخل زياد وخلفه ليلى وحسين اللذان أسرعا نحوه بلهفة وخوف خاصة ليلى التي ظلت تتشبث به وتبكى
وهى وحدها في عالم آخر عالم يحوى الخوف والفزع خوفها عليه وخوفها منه
خوفها من رؤية وجه آخر لا تعرفه
تعرف أنه لن يفرط في حقه وما حدث ولكن من عيسى الذى حادثه؟
ما يقصده بنار وجحيم ؟
ماذا ينوى وإلى أين تأخذه قدميه في طريق الإنتقام
_ تولين ....أنتِ كويسة يا بنتى !
انتبهت على صوت ليلى وهى تربت على كتفها قلقة عليها نظرت إليها بتيه وارتباك لتجيب بصوت شارد ضعيف : الحمدلله يا ماما ....كويسة
لفت نظرليلى جرح اعلى جبهتها مخفى تحت غرتها فأزاحتها برفق واتسعت عيناها قلقة : أنتِ كمان اتعورتى
توقف أدهم عن إرتداء قميصه والتفت إليها بقلق : لا مش متعورة ولا حاجة
أشارت ليلى لجبهة تولين : لا في جرح أهو إزاى مخدتش بالك
اسرع نحوها يرفع شعرها بعيداً عن الجرح يضغط عليه برفق وحذر لتتألم من لمسته ليصيح بها : كنت مغطياه بشعرك عشان ماخدش بالى منه
_ عادى يا أدهم جرح بسيط هبقى احط أي كريم وخلاص
لاحظ ارتعاشتها وتوترها ليسألها بحيرة : في ايه يا تولين مالك ؟
نظرت حولها لتجد ليلى وحسين يتحدثون مع زياد فعادت ونظرت إليه هامسة : أقولك الحق ولا تزعل
غمغم متسائلا: في ايه قلقتينى ؟
ابتعلت ريقها بتوتر قائلة: خايفة منك يا أدهم
بُهتت ملامحه وصدم من حديثها ليسألها بحيرة: خايفة منى أنا ....ليه ده انا اللى مضروب قدامك ومتعور وحالتى نيلة أهو
أخفضت عيناها عنه ثم عادت ونظرت إليه: لما سمعتك بتكلم واحد اسمه عيسى وبتقوله عاوزاها نار وجحيم وكلامك من شوية عن انتقامك خلانى خايفة منك وخايفة عليك من تفكيرك واللى ممكن تعمله
نظر إليها للحظة مستوعباً حديثها قبل أن يضحك مقهقهاً بصوت عالى جذب إليه انتباه أبويه وشقيقه لتتسع عيناها بحرج ودهشة مما سبب له الضحك
_ في ايه أنا قولت حاجة تضحك ؟
اقترب منها أكثر هامساً: يا حبيبتي أنا فعلا يتخاف منى مش عليا ....وسيبك من كلامى مع عيسى أوأى حاجة سمعتيها ....أنتِ تخافى منى إزاى يا مجنونة !
مدت يدها تغلق أزرار قميصه تبعد عيناها عنه متهربة من نظرته : لما سمعتك كلامك مع الراجل ده حسيت أنك بتدبر لحاجة وحاجة كبيرة كمان
أمسك بكفيها لتتوقف عما تفعله لينظر في عيناها مباشرة بقوة : أنا معرفش أفرط في حقى يا تولين ...تفتكرى لو كانت الرصاصة دى جت في مقتل ساعتها كنتِ هتعملى ايه؟
صاحت بوجع وألم لمجرد تخيل الموقف ولكنه كان مسيطر على كفيها بقوة ليتحكم في حركة جسدها وعيناها تدمع أمامه : حرام عليك بتقول كده ليه ده أنا كنت أموت فيها
ابتسم وهو يترك يدها ويقربها بصدره بهدوء : بعد الشر عنك يا حبيبتي بس أنا لو سكت وعديت اللى حصل ده ابقى جبان وأنا عمرى ما كنت جبان يبقى حقى لازم أخده
حقى اللى لا قانون ولا بوليس هيقدروا يرجعوا
_ نحن هنا
التفتا لزياد الذى يقف خلف أدهم ينظر إليهم مبتسماً يشاكسهم ليسأله أدهم وهو ينظر حوله: بابا وماما راحوا فين ؟
ابتسم وهو يتجه لخارج الغرفة : أبداً أصلهم حسوا أنهم زى العزول بين حضراتكم فخرجوا
ابتسم له أدهم يضربه في كتفه : وحضرتك مخرجتش ليه ولا تحب تبقى عازول يا غلس
_ عيب عليك يا أدهم يا أخويا واسيبكم مع بعض أنتوا الاتنين لوحدكم وأقفل عليكم الباب والشيطان شاطر ويلعب بيكم والبنت تحلو في عينيك وتتغرغر بيها
اندفع أدهم نحوه بغيظ : اتغرغر بيها ليه شايفها غرغرة ....اطلع بره يا زياد أنا فيا اللى مكفينى ومش قادر اضربك دلوقتي
_ يعنى الحق عليا أنى خايف على البنت منك يا مفترس
ضحكت تولين بعدما فشلت في السيطرة على ضحكتها ليلتفت إليها أدهم بغيظ : مبسوطة اوى من كلامه ...يومين بس ارجع لصحتى وهوريكم
_ سلامتك يا ابن عمى يا سبع الرجال
تنهد بسخط : أهى كملت ...
نظر لمازن ابن عمه الذى اقتحم الغرفة بضجيجه وصوته العالى
_ خير يا سى مازن جاى تكمل عليا أنت كمان!
اقترب منه يحتضنه بقوة: أبداً والله يا أدهم ده انا جاى اطمن عليك يا كبير عيلة الجبالى
صاح أدهم متوجعاً ممسكاً بذراعه : بالراحة يا بنى آدم هي عافية
_ تولين ....فى ايه؟
دخل زين الغرفة بسرعة ولهفة متجهاً نحو شقيقته يتفحص وجهها وجسدها بذعر : في ايه حصلك حاجة ؟
صرخ به أدهم : في ايه يا عم زين أنت مش شايف مين اللى متعور قدامك
نظر إليه بقلق : معلش يا أدهم انا من ساعة ما عرفت مش عارف انا جيت إزاى وخايف ليكون جرالها حاجة
ابتسمت تولين تربت على صدره : انا كويسة متخافش ....أدهم هو اللى اتعور
اقترب منه مبتسماً بخبث وهو يربت على ذراعه : تعيش وتأخد غيرها يا أدهم
صاح به غاضباً : هو في ايه يا جماعة هو مفيش حد قالكم أنى متعور في دراعى ده
_ سلامتك يا أدهم
والصوت لفت انتباهه ليتلف لخالد الذى يقف أمام باب الغرفة بتوتر ليبتسم إليه بهدوء : الله يسلمك يا خالد
سأله زين باهتمام : أنت شوفت اللى ضرب عليكم النار
نظر إليه للحظة قبل أن يعود وينظر لشقيقه المتوتر القلق : شوفته وعرفته ....وعارف مين اللى وراه بس متخافش ...كلها يومين ونتفرج كلنا على اللى هيحصله
******
_ أنت اللى عملت كده يا ناصر ....أنت حاولت تقتل أدهم
صرخته غاضبة مستنكرة وناصر بارد واثق نظر إليه يتفحص وجهه وحركة جسده المتحفزة للعراك ويبدو أن خالد ما زال يحتفظ ببقايا خوف وجزع على أخيه وليكن ..
مجرد بقايا يستطيع أن يدهسها تحت قدميه دون عناء فقط يتسلل ....يسيطر ويتملك ومن ثمّ يقضى على كل شيء ويبنى أحلامه في القضاء على هارون الجبالى وعائلته وأحفاده واحداً تلو الآخر
_ في ايه يا خالد ....قتل ايه هو أدهم حصله حاجة ؟
والنبرة باردة يشبوها سخرية مبطنة ورفعة حاجبه ورسم الدهشة لم يفوتا على خالد الذى اقترب منه أكثر يضرب على مكتبه بغضب : عاوز تقتل أخويا يا ناصر هي حصلت
رفع ناصر حاجبيه بسخرية وهو يعود بجسده للخلف مضطجع على كرسيه بهدوء : وده مين اللى قالك الكلام الأهبل ده ...أدهم
صاح غاضباً: أدهم مش محتاج يقول الحكاية باينة وواضحة أدهم معندوش أعداء غيرك مفيش حد نفسه يخلص منه ويزيحه غيرك يا ناصر
ضحك ناصر مقهقهاً وهو يصفق بيديه : الله الله ومين اللى بيتكلم خالد باشا ....خالد اللى حط ايده في إيدى عشان يخلص من أخوه جاى دلوقتي ويزعق وبيعلى صوته عليا عشان فاكر أنى حاولت اقتله
اضطربت كلماته وضعف دفاعه وغضبه ليخرج صوته ضعيفاً مهزوزاً : الشغل حاجة واللى عملته ده حاجة تانية الخلاف بينى وبين أدهم مش هيخلينى أحاول أأذيه بالطريقة دى
رفع ناصر حاجبيه باستهزاء : وهى الخيانة اسمها إيه مش أذية ولا أنا غلطان يا خالد ....بقولك ايه ما بلاش نضحك على بعض أنت أول واحد هتبقى مبسوط بموت أدهم
صرخ به معترضاً غاضباً : لا ....موت لا انا مش هسمحلك تأذيه أنت فاهم
_ بس أنت سمحت وخلاص ....مجرد أننا شركاء دى لوحدها كارت بلانش وتصريح منك كمان
اقترب منه يسأله بحذر : يعنى أنت فعلا اللى عملت كده....أنت اللى حاولت تقتله
مط شفتيه بعدم اهتمام: أدهم أخوك مش مهم عندى لدرجة أنى أحاول اقتله أخوك له أعداء كتير ولا ناسى الملف اللى كان معاه
رفع إصبعه نحوه بغضب : وأنت اللى كنت عاوز الملف ده
_ لا ....الملف ده يخص ناس كبيرة أنا كنت مجرد وسيط والعلاقة بينى وبين أدهم مش هتخلينى أوصل للملف بسهولة وعشان كده طلبت مساعدتك بس أخوك مسمعش الكلام ومشى وراء دماغه وعمل عدواة مع الناس دى وأهى أول حاجة عملوها أنهم حاولوا يقتلوه والله أعلم ايه اللى ممكن يحصل تانى دول ناس لدغتهم والقبر إسالنى أنا
ضعفت دفاعاته ووهن هجومه وهو يلقى بجسده على أقرب كرسى إليه يمسك بجبهته بقوة والصداع يكاد يفتك برأسه أغمض عيناه للحظة محاولاً الهدوء ثم عاد ونظر لناصر : كده كفاية يا ناصر ....أنا مش هقدر أكمل
ابتسم ناصر بسخرية: مش هتقدر تكمل ايه معلش !
_ مش هقدر أكمل في الشراكة دى ....انا منسحب من الشركة كفاية لحد كده كفاية
اعتدل ناصر في جلسته قائلاً بجدية : تمام ...ما دام أنت عاوز كده خلاص بس هتدفع الشرط الجزائي كاش ولا بشيك
رفع رأسه إليه بصدمة متسائلا: شرط إيه ؟
ابتسم ناصر بهدوء : أنت مقرأتش العقد كويس ولا إيه يا خالد ....فى حالة فسخ العقد من أي واحد في الشركاء هو ملزم بدفع خمسة مليون جنيه تعويض للشريك التانى وما دام أنت اللى عاوز تفسخ العقد يبقى حضرتك اللى هتدفع
قام خالد من مكانه مصدوماً مصعوقاً : أنت بتقول إيه....أنت كداب أنا مستحيل أكون مضيت على حاجة زى كده
تجاهله ناصر وهو يلتفت ليفتح خزينة مكتبه ويخرج منها ملف الشراكة ويلقيه إليه : اتفضل أقرأ وشوف إمضتك دى ولا لا وأقرأ كمان الشرط الجزائي مش يمكن أكون بنصب عليك
سحب منه الملف بشدة وهو يقرأه باهتمام وصُدم عندما رأى ذلك البند الذى يلزم من يفسخ العقد بدفع مبلغ وقيمته خمسة مليون جنيه لشريكه
انزل الملف وأغمض عينيه يلعن نفسه ويلعن غيرته من أخاه التي أوصلته لذلك الطريق
يلعن ضعفه وغباءه اللذان أوصلاه ليلقى بنفسه في بحر غادر غاضب سيبتلعه من أول صدام سيغرق ولن يجد من يمد يده إليه لن ينجو بفعلته تلك مهما فعل ....مؤكد لن ينجو
انتبه على ناصر وهو يربت على كتفه بهدوء: اهداً يا خالد واعقل ...خليك معايا أصل لا أدهم ولا أبوك ولا حتى جدك الحاج هارون مش هيقدر يعملك حاجة ولا يدفعلك المبلغ ده حتى لو اتسجنت ....أصل أنت مش أدهم اللى ممكن الدنيا تتقلب عشانه ....أنت خالد المنبوذ اللى محدش مقدرك وعارف قيمتك ....غيرى
نظر إليه بضعف وتيه ليكمل : اسمع كلامى ....أنا الوحيد اللى عاوز مصلحتك وخايف عليك ما هي مصلحتى هي مصلحتك وأكيد أنا بدور على المكسب وأوعدك أن مكسبك معايا مضمون مية في المية وبكره تشوف بنفسك
******
أسبوعان منذ تلك الحادثة وأدهم يتجاهل ويتعامل بهدوء أعصاب يُحسد عليه حتى أنه حدد مع زين موعد للزفاف وبدأوا الإستعدادت بتجهيز غرفة النوم التي أبدلها بأخرى وبعض التغيرات في ديكور الغرفة وغرفة إلهام أيضا التي محا ملامحها ورمى كل شيء بها ....لايريدها لا يريد لها ولو ذكرى عابرة يعلم أنه تأخر كثيراً في خطوته تلك ولكن يبدو أن تولين تشعر بالضيق حيالها وحيال آثارها السابقة
_ خلاص بقى يا تويا انا هغير كل حاجة في الأوضة وبإذن الله هتبقى أوضة لولادنا
خرجت من غرفة إلهام متجهة نحو غرفتها بعدما أنهى العمال تركيب غرفة النوم تنظر حولها بحنين لتلك الغرفة التي شهدت بينهم الكثير منذ أول يوم
منذ عشقت رجل كان من المستحيل أن تحبه وتعشقه كيفما تحبه الأن تذكرت يوم زواجهم ....تذكرت يوم دخلت إلهام عليهم تصرخ غاضبة أنه تزوج بتلك الصغيرة وتركها هي جميلة الجميلات
نظرت للشرفة وابتسمت حينما تذكرته وهو يطرق بابها بعد تسلل من غرفة إلهام لغرفتها ليلبسها تلك القلادة التي لا تتركها ولم تخلعها منذ تلك اللحظة بتلقائية رفعت اناملها نحوها تتلمسها بشرود وتعود لتبتسم بخجل بعدما تذكرت تلك اللحظة التي اقترب منها فيها وسحبها لعالمه ....استحوذ على كيانها وعقلها سلمت له جسدها برضاها مستسلمة لعاصفة عشقه الذى تملك منها وسحبها لدوامته ولم تخرج منها ولا تريد الخروج
وتدخلت إلهام كالعادة لتفسد تلك اللحظة وينتهى الأمر بينهما وينطفى سحره
وخلاف وراءه خلاف
وفراق .....طلاق طلبته رغماً عنها رغماً عن قلبها الذى ذبحته بيدها يوم طلاقها منه وإن تشبثت بمظهر القوة ولكنها من داخلها كانت هشة وهنة كوهن عجوز انحنى ظهرها وأقتربت ساعة موتها
انتفضت من ذكراها عليه وهو يضم خصرها إليه بقوة ارتعشت وهو يكمل ويداعب بشفتيه تجويف عنقها وعلى الرغم أن الإستسلام له يعجبها ولكنها حاولت قصراً ابعاده ليسيطر أكثر ويتملك من كفيها بقوة ويهمس : متتحركيش ....خليكى في حضنى
رفعت رأسها للخلف تستند على كتفه ليقترب منها أكثر هامساً يقبل وجنتها بنعومة أذابت المتبقى من دفاعها : كلها كام يوم وتبقى ليا والمرة دى مش هفرط فيكى أبداً
تركها لتعتدل وتنظر إليه بوجنتيها المشتعلة خجلاً محاولة تدارك حالها وتغيير حديثهم : أوضة النوم حلوة اوى زى ما تخيلتها بالظبط
وقبل أن تبتعد جذبها إليه يستحوذ على خصرها بقوة وقبل أن تعترض كان يستولى على شفتيها بتسلط يجتاحها ....يتعمق ويسيطر على كل ذرة في كيانها وهى وعلى الرغم من خوفها مستمتعة وهو يزيد من عمق قبلته حتى احتاجا للتنفس ليبتعد عنها مرغماً وتخفض هي رأسها خجلاً : أدهم إحنا نمشى بقى .... كفاية كده
ابتسم وهو يرفع كفيه نحو وجنتيها يضمهم مبتسماً : لو عليا اقفل الباب علينا ونتجوز دلوقتي حالاً
اعترضت وحاولت أبعاده : أدهم مينفعش كده حد يدخل علينا يقول ايه !
ضحك مقهقهاً: ما اللى يقول يقول أنتِ مراتى وكلها كام يوم وهتبقى دى أوضتك وهحبسك فيها شهر بحاله
صاحت معترضة: شهر بحاله ليه يعنى مش هنقضى شهر العسل زى ما وعدتنى
ظل يدفعها للخلف حتى اصطدمت بالحائط ليهمس وعيناه مسلطة على شفتيها : لو عليا اقفل عليكى الف باب وباب واتحبس معاكى العمر كله ونكون سوا ومفيش حاجه تفرقنا تانى
همست قائلة : أن شاء الله مفيش حاجه هتفرقنا ولا هنبعد تانى
اقترب أكثر يحاصرها ويهمس : مستنى اللحظة اللى أشوفك فيها بفستانك الأبيض والناس كلها شايفين أنى ملكت الدنيا وبقيتى ليا لوحدى هحضنك قدام العالم كله وأقولهم دى حبيبتي....دى مراتى حلالى
لم تعد تتحمل كلماته التي كانت كفيضان كعاصفة دمرت الباقى من اعتراضها وخوفها لم تشعر بأى شيء غير أنفاسه التي أهلكت دفاعها ولكن يبدو أن آن أوان اللحظة أن تنتهى وصوت رانيا يأتي من خلفهم
_ sorry معرفش أنكم هنا
ابتعد عنها أدهم يزم شفتيه بغيظ وغضب تنهد بسخط والتفت إليها بوجه جامد : والله المفروض أنها أوضة نومنا والعمال كانوا هنا طبيعى هنكون هنا اللى مش طبيعى وجودك إنتِ
صاحت غاضبة وهى تدخل الغرفة : يعنى الحق عليا عشان جيت أساعدكم
_ والله انا متشكر لحضرتك جدا إحنا مش محتاجين مساعدة بكره أن شاء الله في ناس هتيجى تفرش وتظبط كل حاجة....فى حاجة تانية يا رانيا
عضت على شفتيها بغيظ والتفت لتغادر تصيح : انا اللى غلطانة ....محدش يعمل خير في البيت ده ابداً
خرجت وهى تهمهم بكلمات غاضبة وأدهم ينظر في إثرها بغضب وعاد ونظر لتولين التي تقف خلفه محرجة من رؤية رانيا لهم
_ تولين ....خدى بالك من رانيا دى أكتر واحدة كارهة وجودى أكتر واحدة تتمنى تخلص منى وبالتالي منك أنتِ ابعدى عنها على أد ما تقدرى وأوعى تصدقى أنها ممكن تحبك أو تحب الخير لحد فينا ....دى عقربة كل اللى بتعرف تعمله أنها تلدغ وبس
_ متخافش يا حبيبي انا عارفة وفاهمة دماغها وربنا يكفينا شرها
تنهد داعياً بصدق : يارب
******
(إفراج )
تنهد براحة بعدما سمع قرار النيابة بالإفراج عنه بعدما ثبت بالأدلة والبراهين وتحليل الطب الشرعي أن كامل الصيرفى قُتل بعد خروج إبنه بحوالي عشر دقائق وبعد مراقبة الكاميرات لڤيلا كامل وكاميرات ڤيلا أخرى مقابلة لها تبين تسلل رجل ملثم عبر الباب الخلفى للبيت قبل خروج عمرو بحوالي خمس دقائق ويبدو أن الأمر احتاج منه بعض الوقت قبل أن يُجهز عليه ويقتله خنقاً خرج من غرفة وكيل النائب العام برفقة المحامى يتحدث معه عن القضية وابعادها ومحاولة التفكير في الدافع وراء القتل
_ ها يا عمرو عملت ايه؟
ابتسم لأدهم الذى أوفى بوعده كما أكد له أنه سيكون بجواره دائما ليتبرع المحامى ويخبره بقرار النيابة
_ الف مبروك يا عمرو الحمدلله أنها جت على أد كده
ربت على كتفه ممتناً : والله يا أدهم أنا مش عارف اشكرك إزاى لو واحد غيرك عمره ما كان هيفكر فيا ولا هيساعدنى زى ما أنت بتعمل
ابتسم بصدق : يا ابنى ده إحنا عشرة وإذا كان على الماضى حاول تنساه زى ما أنا بحاول
نظر للمحامى بحرج وكأنه فهم نظرته فابتعد ليكمل : اللى إلهام عملته مفيش راجل في الدنيا ممكن يغفره أو يعديه بسهولة وأقل حاجة يعملها لو في موقف زى اللى أنا فيه دلوقتي كان شمت فينا وفرح باللى حصلى
ابتسم أدهم بهدوء : أنت قولت بلسانك لو واحد غيرى ولو هحاسب مش هحاسب غير أختك واللى عملته فيا ياعمرو وزى ما أنت قولت مفيش راجل في الدنيا ممكن يغفر الخيانة بس ده لا وقته ولا مجاله إحنا فيك دلوقتي وفى والدتك
عاد يسأله : لسه محدش يعرف مين اللى قتله مش كده؟
نفى برأسه قائلاً : لا الكاميرات وضحت أنه كان ملثم وطبعاً صعب حد يتعرف عليه وخصوصاً أن مفيش بصمات غير بصماتى وبصمات أبويا والناس اللى شغالة في البيت يعنى أكيد عامل حسابه لكل حاجة
_ أكيد طبعاً ....ده واضح أنه محترف
سأله عمرو بخجل : أنت صحيح هتتجوز تولين ؟
ابتسم أدهم قائلاً: فرحنا بكره باذن الله
ربت على كتفه مبتسماً بصدق : الف مبروك يا أدهم أنت تستاهل كل خير والله ....ربنا يسعدكم
*****
الإستعدادت على أشدها الكل يسارع لإتمام حفل الزفاف غرفتهما في الفندق الذى سيتم فيه زفافهما ارتدت فستانها الأبيض وبدأت خبيرة التجميل في إضفاء اللمسات الأخيرة وبنات عمها وريم يرافقانها ينظرون إليها بسعادة غامرة وفرحة حتى دخلت سما تصيح بفرحة : عارفة مين اللى هيغنى في الفرح يا تولين ....عهد
انتفضت من مكانها غاضبة ودفعت خبيرة التجميل بعيداً حتى أن المرأة صُدمت مما يحدث وهى تراها تصرخ: عهد ....عهد المغنية
بُهتت سما بقلق : ايوه هو في ايه؟
صرخت بأعلى صوت: ومين قالها تيجى ....مين عزمها من أصله ...اكيد هو مش كده انا هقلب الفرح ده على دماغها ودماغه
أسرعت سيرين نحوها تمسك بذراعها : أهدى يا تولين نفهم بس في ايه
تحدثت سما بقلق : انا شوفت أدهم هو كمان مضايق وزياد بيقوله أنها جاية تجامله
عضت تولين على شفتيها بغيظ تصيح بسخرية : تجامله ....لا والهانم بتفهم في الواجب اوى أنا عارفة هي جاية ليه ....اكيد عاوزة تبوظ الفرح وتغيظنى طيب انا بقى هقلبهم الفرح ده على دماغهم ويبقى يروحلها ودينى ما أنا متجوزة في الليلة دى
*****
الثلاثة يحاولون السيطرة عليها يمسكون بالفستان بقوة وهى تصرخ : مش هتجوز يعنى مش هتجوز انا يعمل فيا كده ويجيب الست زفتة دى يوم فرحى
صاحت سيرين وهى تمسك بذراعيها للخلف بقوة : حرام عليكِ بقى يا تولين بقالنا ساعة بنقنعك أنها جت لوحدها نعمل ايه بس !
ظلت تعافر غاضبة وريم تمسك بقدمها اليمنى صارخة : ابوس إيدك اتجوزى بقى
وسارة تمسك بالقدم اليسرى: ندر عليا لأدبح فرخة ساعة لما تدخلى ونخلص من الليلة دى
استعادت توازنها وهدئت قليلاً تحاول التنفس بهدوء: خلاص يا جماعة خلاص انا كده هديت
دفعتها سيرين مغتاظة : هديتى بعد ما قطعتى نفسنا حرام عليكِ والله الراجل ده له الجنة معاكى انا عارفة متحملك على إيه ؟
صاحت معترضة: بس انا مش هعدى الليلة دى على خير
قامت ريم تعدل هندامها وتصلح من شعرها الذى أفسدته تولين بحركتها الغاضبة تتنفس بصعوبة : شوفى يا تولين أنا لا عاوزة اعرفك ولا أشوفك تانى بعد الليلة دى اخلص منك وتتجوزى وههاجر واسيب البلد كلها
زمت شفتيها بحزن : يعنى يرضيكى يا ريم العقربة دى تيجى فرحى وتغنى كمان
_ أصلك عبيطة يا روحى هقول ايه يعنى ؟
_ يعنى اعمل ايه انا بفكر اضربها واجيب مقص وأأقص شعرها شعراية شعراية ولا استخدم الموس احسن
صاحت سيرين غاضبة : لا وعلى ايه أنتِ اقتليها احسن يا بنتى اعقلى بقى ....متعرفيش حاجة اسمها كيد النساء
نظرت إليها ببلاهة : مش ده المسلسل
صرخت ريم تجذبها بقوة : يا بنتِ مسلسل إيه ....احنا هنقولك تعملى ايه وهى من نفسها هتهرب إلى غير رجعة
******
طُرق الباب وفتحت سما الباب لسوزان التى وقفت تنظر إليها بسعادة لا توصف اقتربت منها بخطى حثيثة تحاول قصراً السيطرة على دموعها ولكنها لم تعد قادرة على جمح نفسها من احتضانها بقوة وتولين تركت لنفسها العنان وضمتها هي الأخرى بقوة مغمضة العينان للحظات قبل أن تُبعدها سوزان وتنظر إليها بفرحة : مبروك يا قلب ماما .... مبروك يا حبيبتي
_ الله يبارك فيكى يا ماما
وابتعدت عنها تدوربفستانها : ايه رايك في الفستان حلو
_ حلو اوى يا حبيبتي زى البدر في ليلة تمامه
ومن وراء سوزان جاءت أمها الروحية جاءت من تربت على ذراعيها من ضمتها وتحملت كل شيء لأجل سعادتها رأتها تبكى رغم الفرحة التي تجسدت على وجهها اقتربت منها ببطء وتولين تسرع نحوها تلقى بجسدها بين ذراعيها وأمينة تتشبث بها أكثر بقوة : مبروك يا حبيبتي مبروك يا ست البنات الحمدلله أنى عشت وشوفتك عروسة
ابتعدت عنها تبكى على الأخرى لتلحق بها سيرين : ابوس ايدك امسكى نفسك المكياج هيبوظ وإحنا ما صدقنا تعقلى
اقتربت منها خبيرة التجميل تعيد إضفاء بعض اللمسات الأخيرة
وصوت من خلفها ينادى : فين عروستى الحلوة
التفت بسعادة لزين الذى مشى نحوها ولكنه توقف في المنتصف ينظر إليها مبتسماً بفرحة لم يجد لها وصف
_ بقى أدهم عاوز يأخدك منى ....لا مفيش جواز
تبدلت ملامحها بذعر : مفيش جواز ليه يا زين هو في ايه؟
ضحك مقهقهاً: في أنك حلوة اوى وخسارة في الأستاذ ده
تدخلت سارة قائلة : ما بلاش اصل الدور عليك واللى هتعمله في أدهم هيطلع عليك
نظر لسيرين مبتسماً : اها صحيح ده الدور علينا.....يلا بقى العريس مستنى فاضله ربع يا عينى ويتجنن
رفع ذراعه لتمسك به تولين وهما خلفها يطلقون الزغاريد حتى وصلت لأعلى السلم المفروش بالسجاد الأحمر والمزين على جانبيه بالورود والزهور وما أن ظهرت حتى بدأت الفرقة الموسيقية في ضرب الطبول والدفوف تنزل بخطوات بطيئة قلبها ينتفض داخل صدرها عندما وقعت عيناها عليه ينتظرها أسفل السلم يبتسم لها ابتسامة انستها كل مرارة ....كل حزن مر بهما
تراه في عيناها أوسم الرجال ...تراه فارس انتظرته كثيراً وها هو أنى ووفى بوعده لها
من قال أنه جرب الحب قبلها ....من قال إنها عشق أخرى غيرها
هي الأولى والأخيرة
هي البداية والنهاية
هي من أكملت الناقص .....هى من أعادت الروح والحياة لأرض بور يأست من فرصة عودة الروح إليها مرة أخرى
هي أميرة هبطت من قصرها وتنازلت لتكن له ....لتكن معه إلى الأبد
تتهادى بهدوء وكأنها تمشى على جسده الذى يشتاق ويصرخ به أن يسرع ليخطفها بعيداً
ولكن مهلاً مجرد بضع خطوات وسيستحوذ عليها وللأبد
لم يسمع زين وحديثه الذى يعلم أنه سيوصيه بها أيعلم أنه لا يحتاج وصيته لا هو ولا غيره!
اقترب منها أكثر حتى بات يحتضن خصرها يرفع شفتيه يقبل جبينها قبلة طالت لتناديه: أدهم
ليبتعد وهو ينظر لعيناها : يا عيونه
ابتسمت دون أن تكمل بكلمة أخرى لتتأبط ذراعه والفرقة تصدح بعزفها ليدخلون القاعة ممسكاً بذراعها متجهاً نحو (الكوشة)
*****
موسيقى وأغانى يرقصان عليها بسعادة وفرحة وهناك من تقف تراقب بحسرة تعلم أن أملها قُتل تعلم انه لن يكون لها ترى السعاده المتجسدة على وجهه وجسده تراه عاشق لا يرى غيرها يكفيها وهن وضعف يكفيها ذل في حب لم ولن يكون لها
اقتربت بخطوات بطيئة منهم بعدما عادوا للاريكة البيضاء المزينة بالورد مبتسمة ابتسامة مزيفة مهترءة: مبروك يا أدهم .....مبروك يا تولين
ابتسم لها بقلق وعيناه على تولين التي ويبدو أنها نجحت في السيطرة على حالها لتجيبها بهدوء
Merci يا عهد ....عقبالك يا حبيبتي
ابتسمت لها وكأنها خاسر في مباراة يبتسم لمنافسه بعد انتهاء اللعبة مرغماً واعتذرت انها لن تغنى تلك الليلة بعدما شعرت بوعكة مفاجأة
ابتسمت تولين بعدما ابتعدت عهد وهو ينظر إليها: إيه الهدوء ده انا كده هخاف منك مش متعود على العقل والرزانة دى
نظرت إليه نظرة جانبية خبيثة : الله يعنى لا كده ولا كده عاجب والله انا مظلومة معاك يا دومى
اقتربت منها سارة تهمس لها : كله تمام....البنت يا عينى مش مستحملة وخرجت تجرى وروحت
ابتسمت تولين بمكر وهى تنظر لأدهم خفية : شوفتى افكارى الجهنمية ....يا دوب معلقتين زيت خروع قضوا المهمة وتروح بيتهم
ضحكت سارة ضحكة مكتومة : أنتِ بتجيبى الأفكار دى منين يا مفترية
ضحكت خفية هي الأخرى تشير لرأسها : يا بنتى في هنا مخ كوباية عصير للنجمة وجواها معلقتين الزيت وهى يا عينى مش هتستحمل وتجرى على بيتهم ولا اتعصب ولا اتنرفز ولا ابوظ ليلة فرحى ....مش مستاهلة
******
أغلق الباب خلفهم فانتفضت وهى تعطيه ظهرها مغمضة العينان قلقة متوترة....شقاوتها لن تفلح الأن عصبيتها وصوتها العالى لم يعد لهم مكان الأن
فقط هي وهو
شعرت بأنامله تداعب جسدها بتأنى ليقترب أكثر يجذبها نحوه يهمس بهدوء : مبروك يا ست العرايس
ابتعدت عنه وهى تشعر بجسدها ينتفض بتوتر تفرك كفيها بقلق ليلفت إليها ويقف أمامها مباشرة يرفع وجهها نحوه : تولين ....ارفعى عينيكى
ظلت تنظر للأرض للحظات حتى أتتها الشجاعة ورفعت عيناها إليه ليبتسم ابتسامة سلبت لب عقلها رفع كفيه يحيط وجنتها مبتسماً: خلاص ....بقينا سوا
ابتعلت ريقها بتوتر ولعقت شفتيها الجافة من فرط توترها ليعود ويجذب وجهها إليه : مفيش هروب المرة دى ....مفيش لعبة هنلعبها تانى المرة دى بجد
المرة دى أنتِ ليا مهما يحصل
نظرت إليه مبتسمة برقة: عارفة يا حبيبي
ابتسم واقترب أكثر يضم خصرها إليه ولم يعد يتحمل ....لم يعد تمضية وقت أخر في البعد تفلح
هبط نحو شفتيها استحوذ عليهما لم يعيطها فرصة للابتعاد ينهل من شفتيها وكأنهما جرتى عسل وهو ظمأ لسنوات وآن الأوان أن يرتوى أنامله تعرف طريقها لطرحتها و لسحاب فستانها تمنعت ....حاولت ردعه ولكنها في النهاية استسلمت لطوفانه بادلته العشق بعشق تشعر بجسدها بين ذراعيه وكأنها فقدته وأهدته له برضاها وهو عاشق تملك فافتتن بها وأصبحت تعويذة عشق وسحر لا شفاء منه ولا دواء
شعرت بجسدها العارى يلامس السرير وهى مازالت تبادله العشق ولكنه لم يدع لديها فرصة للابتعاد ولو للحظة
وكانت له للأبد ....ترك بصمته الخاصة وابتعد ينظر إليها مبتسماً ووجهه وجسده يتصببان عرقاً : مبروك يا ست البنات ...مبروك يا عمرى كله
لم ترد ولكنه جذبها لصدره يداعب شعرها ويغطى جسدها يقبل وجنتها مبتسماً: تعبانة
ابتسمت دون أن تنظر إليه هامسة : لا
ضمها لصدره بقوة: طيب تعالى بقى في حضنى انا محتاج أنام سنة بعد ما اطمنت بوجودك معايا ....كده خلصت مش عاوز حاجه من الدنيا
******
حفلة صاخبة نساء عاريا في أحضان رجال تدلت كروشهم أمامهم وإن كن يرفضن قربهم ولكنها سطوة المال .... سطوة النفوذ التي جعلتهن يلقين بأجسادهن تحت أقدام هؤلاء الرجال المكظتين المحملين بالمال موسيقى شعبية ورقاصات يتمايلن على انغامها بميوعة وأعين الرجال تأكل مفاتنهم وأصابعهم تمتد لتلمس ما تقدر عليه
ضحكات كاذبة وابتسامات مزيفة وهو يعجبه الوضع يرى أنه يسيطر على الجميع ڤيلا خاصة صغيرة في مجمع سكنى جديد وأصوات الموسيقى لن تزعج أحد ولن يعترض أحد
ولكن يبدو أن تلك السعادة جاء وقت موتها
فجأة سمع صراخ ونساء يجرين عرايا يلقون أجسادهم بما وجدوه والرجال خلفهم يسرعون مهرولين يهبطون السلم بفزع والصراخ يزداد حتى بدأ يستوعب ما يحدث
نيران تشتعل في البيت بأكلمه من كل النواحى حالة هرج ومرج ولن يستطيع السيطرة على ما يحدث خرج الجميع مسرعين خشية أن تلحق بهم النار تاركين وراءهم ملابسهم وكل شيء كانوا يرتدوه وهو يقف عاجز ينظر للبيت الذى احترق بأكمله والذى زاد اشتعاله بسبب زجاجات الخمر التي اشترى منها كمية كبيرة لسهرة الليلة وفى ظل ما يحدث جاءته رسالة من رقم خاص لم تظهر أرقامه ولم يعرف من بعثها إليه
_ تعيش وتأخد غيرها لوهتفضل عايش بعد الليلة دى يا ناصر باشا
*****
نهاية الفصل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي