الفصل الثامن والخمسون

*****
الحقيقة أنني أنهار يوميا عدة مرات وأنهض , لأرمِّم روحي دون أن يدري أحد بما يجري داخلي , وهذه ميزة أن تتقن التظاهر بالثبات.

― أحمد خالد توفيق.
****
هو غاضب كموج البحر الهارد
غضب يُهلك ....يقتل
يعصف بكيانه..... بكل شيء أراده
حلُم به وإن كان حلماً مشروعاً أصبح مجرد رماد تنثره الريح
انتهى الأمروأصبح وحده لم يبقى له إلا هي ...
بداية جديدة وحدهما بعيد عن البيت والعائلة التي كان جزء لا يتجزأ منها ولكن برغبته ابتعد
بقراره فضل الهجر وإن كان كهجر الوطن نتركه مرغمين أو مقتنعين لا فارق
ولكن دائما في القلب ركن خاص ....ذكريات اختلطت فيها الضحكات بالدموع
سنوات حملت رحيق طفولته وصباه وشبابه
له في كل ركن ذكرى ....عاشها مع عائلته والديه وإخوته
لا يعلم ما الخطأ الذي ارتكبه في حق أخيه ليحمل له كل تلك الضغينة والكراهية
لا يعلم كيف وصلت بهم الأمور لتلك الدرجة ...ليواجه عاصفة الحقد الذى ظل دفين قلب أخيه وينتهى بهم الأمر بضربة سكين غادرة تجرح من ليس لها ذنب من تخلت عن كل شيء لأجله ...ضحت بروحها دون تفكير وقراره كان قاطع وحاسم هذا البيت لا يمكن أن يجمعهما مرة أخرى إن كان المال هو من أوصلهم لهذا الطريق المسدود فليذهب للجحيم وسحقاً لرابطة دم لم تعد إلا مجرد حبر على ورق
انتبه على صوت أنينها تحرك رأسها وعيناها مغمضة بضيق وعلى ما يبدو أنها تتألم بعدما انتهى مفعول المخدر
اتجه نحوها يجلس أمامها على السرير يلتقط أناملها يضغط عليهما بلهفة وقلق يحيط به يناديها ولا تجيب فقط تأن وتتوجع اقترب أكثر من رأسها يقبل جبينها ويناديها بخفوت : تولين ....سمعانى ؟
بدأت تفتح عيناها بوهن وموضع الجرح يؤلمها بشدة رأته يبتسم : حمدالله على السلامه يا حبيبتي
ابتسمت بضعف قائلة : أنا نايمة من إمتى ؟
ابتسم لها بدوره : بقالك يومين نايمة وسيبانى وأنا نفسى أنام وقلبى مش مطاوعنى
حاولت الإعتدال ليلحق بها محذراً : بالراحة يا تولين...لسه الجرح جديد
أمسكت به تبكى بألم : بطنى وجعاني يا أدهم
أغمض عيناه يبكى بصمت ووجع يضمها لصدره بهدوء : حقك عليا يا حبيبتي....حقك عليا أنا يا تولين كل اللى حصل ده بسببى
أعادها لمكانها برفق ليعود ويجلس أمامها ممسكاً بكفها : أنا آسف يا تولين .....رغم أنى عارف مفيش كلام في الدنيا ممكن يمحى اللى حصل ولا يشيل عنك وجعك وألمك دلوقتي
تنهدت بألم تتشبث بيده بقوة: أدهم أنت محمل نفسك الذنب ليه يا حبيبي اللى حصل حصل وخلاص والحمدلله أنها جت على كده
أوما برأسه مؤكداً: ايوه الحمدلله....بس إحنا خلاص هنسيب البيت يا تولين
عقدت حاجبيها متسائلة: يعنى ايه نسيب البيت ؟
_ ملهاش معنى تانى يا تولين خلاص البيت ده مبقاش بيتى إحنا هنقعد كام يوم في اى فندق لحد ما ربنا يسهل وأشوف شقة مناسبة
_ والشركة يا أدهم!
هز رأسه بأسف : خلاص يا تولين لا في شركة ولا في بيت ....إحنا كده بنبدأ من الصفر
أمسكت بكفه بقوة رغم الألم : أدهم أنت كتير قولتلى بلاش اتهور في قراراتى والشركة دى عمرك كله وحياتك أزاى تفرط فيها بسهولة كده والبيت والعيلة اللى أنت متعلق بيها إزاى هتقدر تعيش بعيد عنهم ....فكر كويس يا حبيبي
ابتسم يربت على كفها : ده قرار ونفذته وشنطتنا دلوقتي في الفندق اللى حجزت فيه ولو على الشغل ربنا قادر يحلها من عنده
طُرق الباب ليجدا زين على باب غرفتها ابتسمت له ليسرع نحوها بلهفة : حبيبتي يا توتا حمدالله على السلامه
انحنى نحوها يقبل جبينها ويجلس بجوارها ممسكاً بكفها بقوة: عاملة ايه يا حبيبتي دلوقتي؟
ابتسمت بوهن : الحمدلله يا زين أحسن
ارتفع صوت هاتف أدهم لينظر للاسم للحظة قبل أن يعتذر ويخرج ليجيب المتصل
التفت لزين قائلة : زين عرفت اللى أدهم عمله ؟
أوما برأسه مجيباً: عرفت يا تولين ولو أنه قرار صعب بس انا معاه في القرار ده لما توصل أن الأخ يقتل أخوه يبقى على الدنيا السلام خالد طماع وغبى هو مخسرش أدهم لوحده ده خسر عيلته كلها ومن قبلها خسر نفسه أدهم موجوع وحقه يعمل أي حاجة..... وعشان كده انا كنت جاى أتكلم معاه
دخل أدهم في نفس اللحظة ليسأله : تتكلم في ايه بالظبط؟
التفت إليه قائلا : دلوقتي أنت بتقول أنك سيبت البيت والشركة صح !
وإحنا محتاجين ليك
غمغم أدهم متسائلا: مش فاهم
_ كل الحكاية أن زى ما أنت عارف الشركة حالتها في الضياع والمال السايب يعلم السرقة وشركة في الحالة دى محتاجة واحد زيك وبخبرتك يديرها وأنت عارف حالة عمى وتولين حتى لما تقوم أن شاء الله مش هتقدر لوحدها وانا لا افهم في شغل المقاولات ده ولا اعرف عنه حاجة
ابتسمت تولين بسعادة وهى تنظر لأدهم : فكرة حلوة اوى ايه رايك؟
نقل عيناه بينهما بحيرة : مش عارف بصراحة أنا لسه كنت بكلم سمسار يدورعلى مشترى للأرض بتاعتى وعلى الفلوس اللى معايا وكنت هفتح مكتب مقاولات صغير
أعترض زين قائلاً: طيب وليه سيب الأرض زى ما هي محدش عارف الأيام فيها ايه يا أدهم ....إحنا محتاجين ليك وطالبين مساعدتك يا أبو نسب
ابتسم بهدوء قائلاً: موافق بس ده لفترة مؤقتة أكون رتبت أمورى ويكون عمك هو كمان صحته اتحسنت ويقدريرجع لمكانه من تانى
ابتسم زين برضا : طيب خلصنا من الموضوع الأول ندخل في الموضوع التانى
شقة بابا مقفولة من يوم تولين ما اتجوزت ايه رايك تقعدوا فيها لحد ما ربنا يسهل وتظبط أمورك
صاحت تولين توافقه الرأي وهى تنظر لأدهم بترجى : ايه رايك يا أدهم فكرة حلوة اوى !
جلس بجوارها وعقله حائراً يفكر ويدير الأمر برأسه ينظر لجميع الإتجاهات
إن وافق بالعمل في شركتهم أمر مؤقت لفترة معينة من ناحية يستطيع إنقاذ الشركة ومن ناحية أخرى يفكر بطريقة منطقية وعقلانية قبل البدء بخطوة إنشاء مكتب يخصه وحده
ولكن ....
فكرة إقامته في بيت زوجته لم تخطر بباله وإن كانت تأتى مناسبة في هذا التوقيت خاصة وأنه سيبدأ حياته من الصفر ....من البداية
انتبه على لمسة يدها فوق كفه تناديه : وافق يا أدهم الشقة مقفولة ومش هيحصل حاجه لو قعدنا فيها لفترة تكون الأمور اتظبطت
أيمكن أن تعود الأمور إلى نصابها الصحيح من جديد !
هل سيعود يوماً لبيته وحياته ؟
هل سيمحى الزمن وجعه وقوة الجرح الساكن بروحه ؟
لا يعلم
ولكن كل ما يعلمه الإن ....فرصة
مجرد فرصة ليبدأ من جديد
*****
الوضع صار متأزم بشكل مبالغ ومهلك وكأن ما ظل هارون الجبالى يبنيه لسنوات تهالك وضعف بنيانه وأعمدته ما سعى إليه عمره كله أصبح مجرد وهم انفرطت حبات العقد الذى ظل يعقده بكل قوته
بيته وعائلته الذى ظل يسعى لبنائها وجعل الترابط بينهم أقوى من مجرد صلة دم وكأن حلمه قُتل وضاعت ملامحه بمجرد أن استيقظ وفتح عينيه على الحقيقة ما زرعه من ثمار جاءت رياح عاتية واقتلعته من الجذور ولم يبقى الا مجرد أغصان جافة ضعيفة تدهسها الأقدام وتنكسر من الوهلة الأولى
******
لم يزور أخاه منذ زمن بعيد كبر سنه ومرضه منعاه كثيراً من زيارته وبقى ما بينهم مجرد اتصالات هاتفية وزيارات حسين لعمه ليطمئن عليه ويطمئن أبيه ولكنه اليوم بحاجة إليه ....بحاجة لمن يسمعه ويشاوره في أمره الذى يبدو أنه فشل في كل ما حلم به يوماً
أراضى زراعية على امتداد النظر نسمات هواء تبعث في قلبه وروحه الراحة والهدوء
_ سيبها على الله يا هارون
انتبه على صوت أخيه الذى جلس أمامه يضع صينية الشاي الساخن بوهن وضعف
تنهد وهو يجيبه : الحمدلله يا مصطفى ...قدر الله وماشاء فعل بس اللى صعبان عليا انى اشوف احفادى بيكرهوا بعض كده .....أن الأخ يفكر ويخطط ويحاول يقتل أخوه مش عارف إزاى وصلت لكده
تنهد اخيه وهو يعود بظهره للخلف يفرد ظهره المتعب : أنت عملت اللى عليك يا هارون ربيت وعلمت وعملت الشركة والمستقبل ريح دماغك بقى وسيبهم يخبطوا دماغهم في دماغ بعض أنت هتفضل شايل همهم العمر كله
مد هارون يده ليحمل كوب الشاي الساخن مغمغماً : غصب عني مش قادر اسيبهم يضيعوا وانا اللى تعبت عمرى كله عشان اجمعهم وأخليهم عزوة يجى عليا اليوم واشوف اللى حصل ده قدام عينى
_ يبقى لازم تسيبهم يتحملوا....لازم تسيبهم يختاروا طريقهم وأنا متأكد ان اللى أنت زرعته هتحصده خير باذن الله
تنهد بضيق: ياريت ....عشان كده قولت اجيب أمينة ونيجى نقعد معاك هنا كام يوم لحد ما أشوف هعمل ايه معاهم
******
وقفت في منتصف ردهة شقة أبيها وخلفها أدهم يضع حقائبهم بمساعدة البواب اغلق الباب ووقف متعباً ينظر حوله : كتر خيرها ورد والله تعبت في تنضيف الشقة
التفت إليه مبتسمة : دلوقتي بقى نرتب هدومنا في الدولاب ونشوف هنعمل ايه
تركها ليجلس على الأريكة مرجعاً رأسه للخلف مغمض العينين منهك القوى اقتربت منه بحذر وجلست على منضدة صغيرة أمامه تمسك بكفه بقوة مبتسمة: عارفة أنه صعب عليك الوضع الجديد بس أنت اللى قررت تبعد يا أدهم
اعتدل ينظر إليها مبتسماً بإرهاق : مش ندمان يا تولين .....أنا موجوع من الوضع اللى وصلنا ليه
_ مش ذنبك يا أدهم ....ده ذنب الشيطان اللى دخل بينكم عشان يفرق ماشى بسياسة( فرق تسود) وخالد ضعيف وقدر يهزم كل ذرة خير جواه ويحولها لشر
قام من مكانه يفرك وجهه بكفيه : يارب يكون اللى انا عايشه ده كابوس ....حلم وحش وهتيجى اللحظة اللى اصحى فيها واحمد ربنا أنى لسه في سريرى
وقفت خلفه تربت على كتفه : أنا متأكدة أن خالد هيفوق وهيشيل الغشاوة اللى على عينيه .....
لسه جواه بذرة خير محتاج اللى يراعها
التفت إليها مبتسماً بسخرية: يفوق ....خالد خلاص داس على كل اللى بينا على صلة الدم
على كل حاجة......مد أيده وحاول يقتلنى يا تولين
كان عاوز يقتل أخوه ....وعشان ايه ؟
عشان الفلوس والشركة .....اهو انا سبتله كل حاجة على الله يكون مرتاح لما وصل للى هو عاوزه
******
فتح الباب بغلظة وغضب متوجهاً نحو من اتخذ من كرسى أخيه الأكبر مكاناً له
اتخذ من كل شيء سلطة ونفوذ
منذ ما حدث وبدأت القطيعة بينه وبين والديه اللذان من وجهة نظره انحازا لأدهم وأنه هو من أوصلهم لتلك الحالة
القطيعة لم تشمل حسين وليلى فقط ولكنها امتدت للجميع حتى عايدة زوجة عمه صاحت في وجهه يومها بغضب : عاوز تقتل أخوك ....بدل ما تحميه عاوز تقتله يا خسارة تربية ليلى فيكم
ورفع رأسه وتجاوزها ....يعلم أنه المخطئ
يعلم أنه كان سيصبح قاتل لو ماتت تولين بتلك الطعنة حينها حتماً كان سيلقى حتفه بيد أخيه
ولكن الأن هدأت الأمور قليلاً رغم تجاهل والديه ونبذهم له ولكنه متأكد أن الأمر لن يطول مجرد زوبعة فنجان وستنتهى
وبدأ ما كان يحلم به
نفوذ وسلطة ....تحكم في كل شيء يخص الشركة رغماً عن زياد ومازن تولى الإدارة وجده لم يعد موجود ليمنعه أو يعترض وعليه فأصبح هو رئيس مجلس الإدارة
رأى زياد يدخل عليه الغرفة غاضباً يصيح به : أنت فاكر نفسك إيه ؟
بتغير قرارت وترفد الناس وتجيب ناس تانية مفيش عندها خبرة بصفتك ايه ؟
تراجع في كرسيه ينظر لأخيه مبتسماً بهدوء : والله أنا حر .....أنا رئيس مجلس الإدارة وافهم في الشغل ده كويس أوى
ضحك زياد ساخراً : أنت لا بتفهم ولا عمرك هتفهم يا خالد
إصابته الإهانة بغضب وغيظ ليقف غاضباً محذراً: احترم نفسك بدل ما ارفدك أنت كمان هو مفيش حد مالى عينك ولا إيه....انا اخوك الكبير وكلمتى تتسمع
عاد زياد يبتسم بسخرية: سلامات يا كبير ....الكبير بيبقى عارف المصلحة فين يبنى مش يهدم
وأدهم بقى هو الكبير مش اللى زيك خاين وغدار
غادر خالد مكانه نحو أخيه يمسك بتلابيه غاضباً يصرخ: انا كبير غصب عنك وعن سى أدهم بتاعك ده واعتبر نفسك مرفود وبالسلامة
وجد من يفصل بينهما ويزعق : أنت طايح فينا كده ليه ما تحترم نفسك
ترك زياد ليصرخ بمازن الذى تدخل بينهما : في ايه يا أستاذ مازن أنت كمان جاى تزعق وتطول لسانك عليا
ابتسم له بسخرية وهو يخرج من جيبه ورقة يدفعه نحو صدره: لا ده انا جاى اقدم استقالتى يا حضرة صاحب الفخامة رئيس مجلس الإدارة....
نزع خالد الورقة ينظر إليها بسخرية: بالسلامة أنت كمان وبكره نشوف هتشتغلوا فين بعد كده
ابتسم زياد بألم : خليك لوحدك يا خالد مش هو ده اللى أنت عاوزه ....إحنا كده براءة منك ومن افعالك
ابتلع ريقه بتوتر وهو ينظر إليهم يغادرون المكتب للحظة أحس بالندم
للحظة ود لو عاد كل شيء كما كان
لما لا يشعر بالسعادة الأن ....ألم يصل لما أراده فلما شعور انقباض الروح الذى يلازمه
رانيا تشجعه على إكمال ما بدأه تحسه على الإستمرار رغم أنف الجميع ورغم ما حدث
_ أنت كده صح يا خالد ....اثبتلهم أنك على حق وأدهم على باطل اثبتلهم أنك هتقدر تدير الشركة احسن منه مليون مرة ....لازم تسيطر وتفرض كلمتك على كل حاجة مش هتفضل تابع طول عمرك آن الأوان تكون السيد
وكلمات تسرى وتزحف ببطء وإن كانت مسيطرة ومتمكنة ومتشعبة تصل للعقل تحوم حوله من كل اتجاه فيصبح تحت السيطرة وينفذ ....هو فقط مجرد آلة
مجرد منفذ
******
نمط جديد عليه اختلاف في كل شيء يعرف أن الأمر يحتاج منه بعض المرونة حتى يمضى الوقت حتى يتعود على وضعه الجديد وحياته المختلفة بدأ في ممارسة دوره في إعادة هيكلة الشركة
إعادة صياغة الكثير والكثير من نمط الإدارة التى ساهمت بشكل كبير في انهيارها وتولين بجواره تتعلم تراقب بشغف أسلوبه وإدارته ولكنها في نفس الوقت تسعى لتعود لرسالة الماچستير التي اهملتها منذ فترة كبيرة اتخذت قرارها وكان أدهم لها خير معين
*****
استيقظت قبله بفترة أدت روتينها اليومى وارتدت ملابسها ووقفت تعد طعام الإفطار لتتفاجئ به خلفها مبتسماً: صباح الخير صاحية بدرى يعنى
التفت إليه وهى تعد له طبق تعرف مدى عشقه له ليتجه نحوها مبتسماً ينظر للطبق بشهية : الله عجة بطاطس بالبيض ....ايه الرضى ده كله
وضعت باقى الأطباق أمامه على الطاولة الصغيرة في المطبخ : لاقيت نفسى صاحية بدرى قولت اعملك البيض اللى بتحبه
جذب الكرسى ليجلس ويبدأ بالأكل : حبيبتي يا توتا تصدقى كان نفسى فيه من يومين ونسيت اقولك
قبلت وجنته قائلة : قلب الأم بقى
جلست بجواره تشاركه الإفطار ليسألها : هتعملى ايه النهاردة ...هتيجى الشركة !
_ لا النهاردة هروح الجامعة اقابل دكتور رائف عشان يشوف وصلت لإيه في الرسالة واعرف رأيه
تنهد بضيق: رغم أنى مش طايق الراجل ده بس مش هقدر اعارضك في دراستك
_ ليه بس يا أدهم ده دكتور ومحترم جدا وأنت عارف ان سمعته سبقاه
ربت على كفها قائلاً: عارف أنه راجل شاطر في شغله بس من يوم التصميم بتاعك وأنا مش مرتاح له
_ على فكرة أنت ظالمه مش قال قدامك أنه مش عارف يوصلى اضطر يقدمه باسمه
أنهى إفطاره وقام يعد الشاي ويمد يده إليها بكوبها : ولو أنى مش مقتنع بس تمام ....المهم عندى مصلحتك
_ هخلص وهعدى عليك نروح سوا وبصراحة عاوزة نروح سوا لماما أمينة وماما ليلى بقالنا فترة مش بنزورهم
تجهم وجهه قائلاً: مش عاوز اروح هناك ....مش عاوز أقابله حتى ولو بالصدفة
قامت من كرسيها متجهة نحوه تمسد على كتفه بهدوء: مش هتقاطع مامتك بسببه يا أدهم وأنت بقالك فترة بتماطل
التفت إليها بضيق : مش قادر يا تولين ....حاسس بخنقة وضيق حاسس أنى لو شوفته ممكن اقتله
أمسكت بكفه بقوة تنظر لعيناه مباشرة : أدهم الخناق مش حل ....الخلاف اللى وصلكم للمرحلة دى لازم ينتهى وإذا كان على اللى حصلى انا مسامحة يا سيدى
نزع كفه من بين يدها غاضباً : وانا مش مسامح ومش هسامحه مهما حصل يا تولين
تنهدت بيأس : يبقى بتنفذ حلم ناصر البلتاجي أنه يفرقكم يا أدهم أنه يكسركم ببعض أنت قولتلى أن ده هدفه يبقى ليه بايدك تساعده
_ مش انا السبب .....السبب الغل والكره اللى في قلب اخويا يا تولين وإذا كان على ناصر اللى بينا كتير ودى بس مجرد بداية
*****
ورغم أنه عاد للصفر ورغم أن المكان ليس مكانه ولكنه كان مصراً على النجاح ....مصر على إخراج الشركة من الكبوة التي ألمت بها من قبل حتى مرض مختار الذى أصبح منهك القوى هزيل الجسد منذ بدأ رحلة علاجه الكيميائى
وفوق كل ذلك يريد أن يعود لساحة المنافسة
ان يعود ليتحدى ويحارب ويهزم ناصر وخالد
خالد الذى انتهى أخر لقاء بينهما في بيت العائلة بمشادة انتهت بكدمة واضحة في عين أخيه وبكاء أمه وصدمة أبيه مما يحدث أمامه
والعلاقة تزداد سوءاً بين خالد والبقية وزياد ومازن ينضمان لحزب أدهم حتى أنهم قبلوا أن يكونوا مجرد موظفين في شركة العزيزى لا شركاء ولا أصحاب شركة كالسابق
اتحاد يخشاه خالد ولكنه يتجاهل ويطمئن نفسه أنهم لن يتحملوا وسيعودوا مذلولين منكسرين ليعملوا معه من جديد وحينها لن يوافق على وجودهم ....سيمحى أثرهم من كل مكان وكأنهم كانوا سراب
*****
اشتاقت للجامعة ولكليتها ولكل شيء ابتعدت فترة كبيرة واهملت رسالتها ولكنها عادت من جديد عادت وهى مصرة على النجاح مصرة على نيل درجة الماجستير كما حلمت وحلُم أبيها ووعدته أن تصل أيضاً للدكتوراه وأستاذها رائف كان دائماً المحفز والمشجع لها لتكمل حلمها
بحثت عنه حتى وجدته في مكتبه برفقة فتاة صغيرة تبدو طالبة لديه ولا تعلم لما شعرت أن هناك شيء مريب بين تلك الفتاة وبين رائف
ارتباكهم وهروب الفتاة من أمامها أشعرها أن ثمة أمر ما كان يحدث وحضورها أفسده
تجاهلت شعورها والتفت إليه ليسألها باهتمام: ها يا باشمهندسة وصلتى لإيه في الرسالة !
اتجهت نحوه تحمل ملف كبير لتعرضه عليه : حضرتك تقدر تشوف بنفسك يا دكتور محتاجة رأيك قبل أكمل المسار اللى انا ماشية فيه
مناقشة تعدت الساعة والنصف حتى شعر رائف بالإرهاق فعاد بجسده للخلف يفرد عضلات ظهره : انا تعبت طول النهار محاضرات وخلاص مش قادر
ابتسمت بحرج ولملمت أوراقها معتذرة : انا اسفة يا دكتور بس انا جيت على حسب الميعاد
وضع يده على الأوراق ليوقفها : انا مش بقول كده عشان تمشى انا بس محتاج فنجان قهوه يفوقنى عشان اقدر اكمل ....انا لسه عندى شغل في الشركة بعد الضهر
_ تحب اطلبلك قهوة ؟
أشار خلفها لمنضدة صغيرة في الزاوية : ماكينة القهوة هناك اعملى فنجانين قهوة وتعالى نشربهم سوا ونكمل المناقشة
تركت كرسيها وتحركت أمامه متجهة نحو الماكينة ولا تدرى بنظراته خلف ظهرها
ينظر لمنحنيات جسدها الأنثوية بنشوة غريبة وكأن بها شيء مختلف ....وكأن جسدها أصبح أكثر إثارة بعد زواجها يفترسها بعيناه بنهم ورغبة في لمسها تحت اى ظرف
تلك الفتاة التي كانت برفقته منذ قليل فتاة غرة ساذجة لا تعرف كيف تشبعه ويصل معها لمرحلة الرضا وهو رجل يحتاج لإمرأة ذات خبرة خاصة بعد انفصاله عن زوجته وتولين متزوجة منذ فترة ومؤكد انها أصبحت أكثر نضوج وإثارة
كانت منهمكة في إعداد القهوة ولم ترى ولم تشعر بنظراته الشهوانية لجسدها ترك كرسيه وتحرك نحوها بهدوء مر بجانبها يبحث بين الملفات والكتب عن شيء وهمى وعيناه مازالت تفترسها دون دراية منها بنيته عاد يمر من جانبها ولكن تلك المرة امتدت أصابعه خلسة تعبث بما ليس له تمتد إلى جسد محرم عليه
في لحظة خاطفة لم تتعدى الثانيتين شعرت بيده تلمس جسدها التفت إليه ببطء مذعورة وجدته يبتسم بهدوء : اسف يا تولين خبط فيكى غصب عني ً
انتفضت بهلع ورجفة تصحبها رعشة سيطرت على جسدها نظرت إليه باستنكار تراه يبتسم وكأن الأمر محض صدفة لم تبتسم ولكنها ظلت مكانها صامتة عاجزة عن اتخاذ رد فعل
فعل فعلته وابتعد ....هرب من عيناها ونظرتها المشتتة والمذهولة التفت تنظر أمامها لأكواب القهوة التي احضرتهم ظلت على حالها للحظات تقنع نفسها انه حدث دون قصد
مؤكد لم يكن يقصد .....هو أستاذها ومثلها الأعلى ولن يفعل تلك الأفعال الرخيصة الدنيئة
حملت الأكواب واتجهت نحو الطاولة وجلست معه تكمل مناقشة الرسالة ولكن بداخلها شعور غريب
شعور متناقض وكأنهما شخصان يحاربان بعضهما البعض أحدهما لا يصدق ويبرر أنه لم يكن يقصد
والأمر يشبه نزعتها الأنثوية التي تخبرها انه تحرش وأن لم يكن واضحاً ولكنه شعور يتغلغل ويفتك
_ تولين .....سرحانة في ايه؟
انتبهت ونظرت إليه: أبداً يا دكتور بس حاسة انى تعبانة شوية ....هو إحنا ممكن نكمل في يوم تانى !
تمسك بكوب قهوته يرتشفه على مهل : ممكن بس هستناكى بعد بكره عشان انا مسافر نهاية الأسبوع شغل تبع الشركة ومش عارف هرجع إمتى بالظبط وأنتِ لازم أنهى رسالتك وتناقشيها في اقرب وقت اصلك متأخرة اوى
لملمت أوراقها وقامت مبتسمة : أن شاء الله....يومين وهكون هنا
_ لا
كلمة خرجت منه بسرعة وتعجل ليعود ويبتسم : خليها في الشركة .....انا خدت إجازة من بكره ومش هبقى موجود ....أنتِ عارفة عنوان الشركة هستناكى
تفاجئت من رد فعله والقلق والشك يشكلون حولها دائرة محكمة حاولت الخروج منها لتبتسم بتوتر وقلق : خلاص يا دكتور بعد بكره باذن الله
*****
لا تعلم لما كانت تحتاج إليه الأن
شعور بداخلها يشعرها بالخوف من كل شيء حولها
أهى مخطئة ؟
أستاذها الذى كان دائماً مثال للأخلاق حتماً لم يكن يقصد ولكن لما تشعر بالقلق والإشمئزاز والخوف من كل شيء حولها
وصلت لمكتبه تمشى بخطوات بطيئة ثقيلة ابتسمت لسكرتيرة مكتبه ابتسامة هادئة دون روح
خطت نحو غرفة مكتبه وجدته كرسيه خالى أغلقت الباب والتفت تبحث عنه وقبل أن تتحرك وجدت من احتضن جسدها فجأة فصرخت مذعورة وصوته خلفها يضحك : ايه مالك قلبك بقى خفيف كده ليه ؟
التفت إليه مبتسمة : خضتنى يا أدهم
_ طيب يا ستى حقك عليا....بس مالك شكلك مضايقة من حاجة
ابتسمت ابتسامة مرتبكة وابتعدت عنه: ولا حاجة يا حبيبي انا كويسة
ظل ينظر إليها دون أن تلتفت إليه وهو يشعر أن هناك خطباً ما تخفيه عنه ولكنه لن يضغط عليها أكثر قبل أن تفضى هي إليه
_ عملتى ايه مع الدكتور رائف ؟
التفت إليه بسرعة مرتبكة ولكنها عادت وتمالكت حالها: ابدا ناقشنا نقط كتير في الرسالة وعرفت رأيه في اللى وصلتله لحد دلوقتي
_ طيب وحددتى ميعاد المناقشة ؟
_ لا .....لسه في حاجات ناقصة وبعدين هنحدد
اقترب منها قاطباً حاجبيه بشك وتساؤل : يعنى لسه هتروحى الجامعة تانى تقابليه
ابتعدت تفرك كفيها من جديد وبداخله شك يتنامى أن هناك أمر تخفيه عنه .....وأمر له علاقة برائف
_ تولين ....ليه حاسس أنك مخبية حاجة عنى ؟
نظرت إليه بأعين بدت له منكسرة رغم الإبتسامة التي حاولت رسمها : أبداً يا حبيبي مضايقة شوية وصدقنى يوم ما هتكلم من هتكلم غير معاك أنت ....بس انا محتاجة منك حاجة
غمغم متسائلا: عاوزة ايه ؟
اتجهت نحوه بسرعة وخوف وكأنها تهرب من شيء ما جسدها يرتعش وترتجف فألقت بجسدها بين ذراعيه تتشبث به تحيط جسده بذراعيها تدفن وجهها في صدره ورغم غرابة ما يحدث إلا أنه ضمها لصدره بقوة: مش عارف فيكى ايه .....بس ما دام كده مستريحة خلاص
همست قائلة : انا بخاف من الدنيا وبستخبى فيك أنت
ابتسم يضمها إليه أكثر : أمانك في حضنى يا تولين
صوت هاتفه قطع لحظتهم ليخرج هاتفه من جيبه ينظر لاسم المتصل يجيبه وعيناه عليها لتسمع اسم عيسى
ليعود إليها شعور الخوف والقلق من جديد من مجرد سماع الإسم الذى ارتبط لديها بأحداث كثيرة ومقلقة
ابتعد عنها وجلست تراقبه وهو يتحدث باهتمام مبالغ حتى وجدته يعقد حاجبيه وكأنه أخبره بشئ ازعجه
أنهى المكالمة وعاد إليها يبتسم : كنا بتقول إيه يا حبيبتي؟
تجاهلت سؤاله لتسأله : في ايه عيسى ده عاوز منك ايه ....ناوى على إيه يا أدهم؟
ابتسم بهدوء قائلاً: هكون ناوى على إيه يا تولين اطمنى كل خير شوية مشاكل بسيطة وهتتحل أن شاء الله
*****
لا يا سيرين يعنى لا .....على جثتى تلبسى الفستان ده
صاحت معترضة تضرب الأرض بقدمها غاضبة متذمرة : يعنى ايه يا زين ده فرحى وهلبس الفستان اللى عجبنى دى ليلة فرحى ومش هلبس غيره ايه رايك بقى !
اقترب منها غاضباً حتى أنها تراجعت للخلف مع نظرته النارية المهلكة لكل ذرة اعتراض أو صراخ
_ كان حد قالك اني مركب آريل يا هانم ......حد قالك أنك متجوزة عيل بريالة هيوافق أنك تلبسى فستان عريان بالطريقة دى
عندك موديلات كتير تقدرى تختارى منهم لكن الفستان ده لا يعنى لا
عادت تصيح بترجى : يا زين دى ليلة العمر مش عاوزنى افرح
_ مين قال كده دى ليلتنا سوا ولينا إحنا الاتنين بس الفرحة ايه علاقتها بفستان بالمنظر ده اعملى حسابك انا مش هقبل أن مراتى تتعرى قدام الناس دى كلها وكفاية أنى مش فارض عليكى تلبسى حجاب زى تولين
صاحت معترضة: بقولك ايه يا زين مش بحب جو التشبيه والمقارنة ده ....تولين حرة في اللى تلبسه وانا كمان حرة في لبسى
ابتسم بهدوء قائلاً: خلاص يا حبيبتي اللى تشوفيه مادام نفسك فيه انا موافق
صاحت بفرحة لا توصف : حبيبي يا زين ربنا ما يحرمني منك ابدا
خرجت منى تسند مختار متسائلة: في ايه يا سيرين
أسرعت نحوها تضحك بمرح: زين وافق على الفستان خلاص يا ماما
نظرت إليه منى باستنكار : أنت بجد وافقت على الفستان العريان ده يا زين ؟
صاحت سيرين : خلاص بقى يا ماما مش انا قولتلك أنه وافق هكدب عليكى يعنى
ابتسم زين متدخلاً: ايوه يا مونى وافقت بس عاوزك بقى تكلمى الناس اللى عزمتيهم وتعتذرى عشان مفيش فرح
صعقوا جميعهم من حديثه وسيرين تنظر إليه بصدمة : يعنى ايه مفيش فرح يا زين ....إزاى يعنى ؟
رفع حاجبيه بتحدى: عاوزة تلبسى الفستان موافق بس هتخرجى من البيوتى سنتر على البيت مفيش فرح ما دام كلامى مش عاجبك وشايفة أنى مش عاوزك تفرحى وان الفرحة بفستان عريان يخلى جسمك فرجة للرايح والجاى
ضربت الأرض بقدمها وبكت ولم ترد عليه بكلمة وأسرعت من امامه دخلت غرفتها وأغلقت الباب في وجهه ليبتسم بنصر ومختار يناديه
_ بالراحة يا زين مش كده
تدخلت منى قائلة : زين مش غلطان سيرين بتتدلع وانا حذرتها
ابتسم مختار وهو يجلس بتعب وإنهاك : صالحها بقى وبالراحة عليها
تركهم واتجه نحو غرفتها يطرق الباب وانتظر لحظات ولم تعطيه إجابة ففتح الباب ليجدها تجلس على سريرها تبكى ترك الباب مفتوحاً واقترب منها يجلس بجوارها ينظر إليها مبتسماً رفع ذراعه يضمها إليه رغم اعتراضها ولكنه تحكم بها يضمها إليه اكثر يقبل وجنتها بنعومة كادت تذيب جليد اعتراضها : بحبك وبخاف عليك يا سيرين
بخاف عليكى من الهواء يلمسك ....بخاف غيرى يتمناكى ليه مش قادرة تفهمى خوفى وغيرتى عليكى
التفت إليها قائلة بحزن : وعشان كده عاوز تحرمنى من فرحتى
_ انا عمرى ما اقدر احرمك من فرحتك دى ليلة العمر بس من غير ما تجرحينى واجرحك الفستان في غيره حلوين جدا وفى نفس الوقت ابقى مطمن ومش خايف من نظرة الناس ليكى
اعترضت تصيح : إحنا مش غابة ومش كل الناس عينيها عليا
ابتسم بهدوء: لا يا سيرين مش غابة ....لكن برضه مش في الجنة وعشان انا راجل عارف وفاهم نظرة الراجل للست بتبقى ازاى ....ولو على نظرتى ليكى أنتِ مراتى حلالى ولو انا غضيت بصرى عن غيرك أضمن منين غيرى ميقدرش يغض بصره عنك
ظلت تستمع إليه وهى تعلم كم هو محق تعلم أن يخاف ويخشى عليها حتى من نفسها وفى النهاية وجدت نفسها تبتسم وتوافقه رأيه باقتناع
*****
رغم الخوف
رغم القلق
ذهبت في موعدها المحدد في مكتب رائف بالشركة التي يعمل بها جهزت أوراقها وحددت ما ستتحدث معه حتى تنهى تلك المقابلة بسرعة
ابتسم لها مرحباً وبدأ الهدوء والراحة يسريان في ورديها بعد اجتماعها معه لفترة طويلة دون أن يحدث منه شيء أحست براحة انها كانت مخطئة بحقه ورغم ذلك عليها الحذر والحيطة
_ ايه رايك يا تولين....عندى مشروع عاوز اخد رايك فيه !
ابتسمت بدهشة : رأيى انا دكتور ....وانا رأيى يكون ايه جنبك !
قام من كرسيه متجهاً نحو طاولة الرسومات الهندسية يشير إليها: أنتِ تلميذتى وانا بثق في رايك جدا
اتجهت نحوه تنظر للرسوم باهتمام تفضى برأيها ويشاركها الحديث ولم تشعر باقترابه الذى يزداد اكثر منها وهى منشغلة في المشروع امامها وفجأة ودون أن تشعر وجدت يدها تصطدم بصدرها عن قصد لتتراجع مذعورة مرتبكة تنظر إليه بغضب تصرخ : ايه اللى عملته ده
نظر إليها مرتبكاً يبتسم باهتزاز واضح : في ايه....مالك ؟
صرخت به بأعلى صوت: أنت هتستعبط مش عارف عملت ايه يا دكتور يا محترم
صرخ بها غاضباً: أنتِ اتجنننى يا تولين ايه الاسلوب ده أنتِ نسيتى نفسك ولا إيه ؟
تراجعت تصرخ : انا اللى نسيت نفسى يا راجل يا سافل يا منحط حصلت منك قبل كده وقلت انا غلطانة ودلوقتي تكررها تانى وتلمسنى
ابتسم بهدوء قائلاً: الله وأما أنتِ حسيتى بكده ايه اللى جابك هنا تانى إلا إذا كان الموضوع عجبك وجوزك مش مكفيكى
اتسعت عيناها بصدمة وغضب تصرخ : اها يا حيوان يا سافل ....ودينى لاخليك تندم على كل كلمة قولتلها
أنهت حديثها تمسك بكرسى تلقيه نحوه بقوة وغضب وهو يصرخ يحاول تفاديه يصرخ بها: يا مجنونة ....ده انا هوديكى في داهية
لم تخف من تهديدته وظل تكسر كل محتويات مكتبه حتى تجمع موظفين الشركة على ما يحدث مذهولين مما يحدث وهى تكسر كل محتويات الغرفة على رأسه وهو يستنجد بهم يمنعوها عنه اقتربت منها بعض الفتيات يمسكون بها ولكنها كانت في حالة هياج وغضب غير طبيعية وهو ينزوى بخوف أن تصيبه أكثر من ذلك وما كان من الموظفين غير طلب الشرطة لتتحكم بها قبل أن تحدث جريمة قتل
********
دخل قسم الشرطة يجرى وخلفه زياد يبحثان عنها حتى وجدها تخرج من غرفة الضابط اسرع نحوها بغضب وقلق : في ايه يا تولين....ايه اللى حصل؟
نظرت لرائف الذى خرج خلفها يكتم الدماء ونزيف وجهه وأنفه عادت ونظرت لأدهم : مفيش حاجه....مشكلة صغيرة واتحلت
نظر أدهم لرائف بصدمة : ايه اللى حصل يا دكتور
ابتسم بقلق وهو ينظر إليها وهى عاقدة ذراعيها امام صدرها تتحداه : مفيش حاجه يا باشمهندس زى ما قالتك مجرد سوء تفاهم والموضوع انتهى
نظر إليه أدهم بشك : واللى في وشك ده سوء تفاهم !
ابتسمت تولين بسخرية: لا دى علامة مسجلة عشان الدكتوريفضل فاكرنى
ارتبك رائف وفضل أن يغادر: انا تعبان جدا ولازم اروح دلوقتي....بعد اذنكم
اسرع من أمامهم وادهم وزياد ينظرون إليه بدهشة وادهم يعود ليسألها : في ايه يا تولين الدكتور رائف ايه اللى بهدله كده
ابتسمت بتوتر وقلق : خناقة في الشركة
نظر إليها بشك : خناقة في الشركة وانتى ايه دخلك بالموضوع كنتِ بتحجزى
_ لا دى هي اللى ضربته يا أستاذ
التفت على صوت ظابط الشرطة الذى اكمل : الأستاذة هي اللى ضربته بالمنظر ده المفروض ياخد علاج واحد وعشرين يوم وساعتها كانت هتتحول قضية ونيابة بس الحمدلله أنه أتنازل
نظر إليها بدهشة : أنتِ من عيلة محمد على كلاى اصل البهدلة دى مش من بنت عادية
أنهى حديثه وغادر وادهم ينظر إليها بغيظ مصدوم مما يحدث لتبتسم تحاول تغير دفة الحديث : الظابط ده شكله يعرف مازن
*****
هي حصلت يا تولين....اروح اجيبك من القسم نفسى اعرف أنتِ دماغك دى فيها إيه ؟
ظلت على وضعها تعقد ذراعيها امام صدرها تزم شفتيها وتقطب حاجبيها بغيظ وغضب
_ هو مش اتنازل عن المحضر عاوز ايه تانى يا أدهم ؟
جذب ذراعها بقوة يصيح بغضب : محضر صلح ايه يا هانم ....أنتِ مش عارفة المصيبة اللى عملتيها ده أنتِ كسرتى كراسى المكتب كلها على دماغه ....حتى المكتب نفسه مسلمش منك مش هو ده أستاذك ومثلك الأعلى
وأنا بقى مش هسيبك لحد ما افهم ازاى كل ده يحصل ايه اللى حصلك عشان تعملى كده وهو ببساطة كده يتنازل عن المحضر
ارتبكت واهتزت امامه ووهنت قوتها وعنادها وهى تبتسم بتوتر: أبداً يا أدهم أصل أنا فجأة حسيت بحالة غريبة تخلينى اغضب واكسر كل حاجة قدامى تصدق ده الظابط بيقول عليا مجنونة ومحتاجة دكتورنفسى
صاح غاضباً: أنتِ مش محتاجة دكتور نفسى ده أنتِ محتاجة دكتور عظام واتنين جراحة بعد اللى هعمله فيكى هتنطقى ولا تجربى غضبى شكله ايه ؟
_ واهون عليك يا دومى
انهت حديثها وأسرعت من امامه تجرى نحو غرفتها ولكنها لم تلحق لتجده يسرع خلفها يجذب ذراعها بقوة يصرخ : تولين ....حد قالك اني عيل اهبل هصدق الكلمتين دول ....هتقولى في ايه وإلا والله هتشوفى منى وش يزعلك بجد
عضت على شفتيها بتوتروهى تعلم انها أن تحدثت فأدهم لن يمرر الأمر بسلام
وإن صمتت لن يصدقها ويحدث بينهم خلاف لا تتمناه أبداً
والأن الأمر انتهى ولن تقابل رائف من جديد وهى استعادت حقها منه وأكثر وبالتأكيد أدهم لن يقترب منه مرة أخرى
انتفضت على صوته الغاضب : تولين انطقى حصل ايه ؟
ابتعلت ريقها بتوتر وخوف مما ستلقيه عليه : طيب ممكن تسمعنى بهدوء ومن غير ما تتعصب
تنهد بسخط يمسح وجهه بيده يحاول التحكم في غضبه : ماشى مش هتعصب وهادى اهو ممكن بقى تقوليلى حصل ايه ؟
_ بصراحة كده ....الحيوان ده ضايقنى
ألقت كلمتها بسرعة واسرعت نحو غرفتها وقبل أن تتحرك اوقفها يضغط على ذراعها بقسوة: سمعينى تانى كده قولتلى ايه ؟
عضت على شفتيها بقلق لتكمل : هوده اللى حصل وانا مكنش ينفع اسكت
ترك ذراعها لتتراجع بذعر من نظرة عيناه الغاضبة الثائرة : لمسك
كلمة واحدة تعرف كم هي قاسية عليها كما هي قاسية ومؤلمة له والأن فقط تركت لنفسها العنان لتبكى ....لتخرج طاقة غضبها وألمها
همست بحزن وألم يخرج من طيات قلبها : حسيت بجسمى كله بيترعش .....حسيت ان في نار ولعت فيا
جسمى كله بينتفض وانا حاسة انى منتهكة وإن كلب زي ده اتجرا ولمسنى
حالة صمت وألم تسرى بينهما عيناه لم تفارقها تشعر بانفاسها غاضبة ثائرة
ترك ذراعها بهدوء وزم شفتيه يكتم غضبه يغمض عيناه للحظة قبل أن يعتدل وينظر إليها: خليكى هنا لحد ما ارجع
أنهى كلمته وأسرع من أمامها لتسرع خلفه: أدهم رايح فين استنى
اوقفها بغضب : تقعدى هنا لحد ما ارجع ولا عاوزك تكلمى زين ولا زياد
أمسكت به مذعورة : طيب طمنى بس هتروح فين؟
_ رايح ارجع حقى وحقك
*****
يتألم بوجع من الجروح الكثيرة بوجهه وبجواره عشيقته التي كانت السبب الرئيسي لانفصاله عن زوجته تضمد جراحه متسائلة: نفسى اعرف مين اللى بهدلك كده ؟
صاح بألم : ما انا قولتلك خناقة
ارتفع صوت جرس الباب لتنظر إليه قائلة : أنت مستنى حد ولا إيه .....ولا تكون مراتك رجعت لما عرفت باللى حصلك
قام من مكانه يتألم : مراتى مسافرة عند أهلها ....تلاقيه البواب
اتجه نحو الباب يفتحه ليصطدم بأدهم الذى يقف أمامه مبتسماً: مساء الخير يا دكتور رائف
ابتلع ريقه مجيباً : مساء النور يا باشمهندس....خير في حاجة
ابتسم أدهم بهدوء : لا أبداً انا بس جاى اعتذرلك عن اللى حصل من تولين أنت عارف صغيرة ومتهورة ولو أنى مش فاهم إزاى تعمل كده في أستاذها وقدوتها
ابتسم رائف بتوتر: حصل خير هي شكلها فهمتنى غلط وواضح انها كانت متوترة ....ومن الاحسن تعرضها على دكتور نفسى دى بتتخيل حاجات غريبة
ابتسم وهى يؤمى برأسه ينتهد : عندك حق....وعشان كده انا جيت اعتذرلك ومعايا هدية أتمنى تعجبك بإذن الله
ابتسم رائف بثقة : هدية يا باشمهندس الحكاية مش مستاهلة دى مهما كانت تلميذنى وعزيزة عليا جدا
ابتسم أدهم وهو يفسح المكان : وعشان كده لازم تقبل هديتى
اختفت الإبتسامة من على وجه رائف وهو ينظر لمجموعة رجال دخلوا البيت فجأة مدججين بالسلاح تراجع للخلف وعشيقته تصرخ بذعر وتمسك بها خائفة : هو في ايه؟
تجاهلها وهو ينظر لأدهم: هو في ايه بالظبط يا باشمهندس مين دول ؟
دخل أدهم واغلق الباب خلفه : دول الهدية يا دكتور ....دول بقى اللى هينسوك اسمك واسم اهلك واحد واحد
*****
أكثر من ساعة وهو يجلس على كرسي رفعاً قدماً فوق الأخرى ينفث دخان سيجارته بهدوء ينظر إليه وهو يزحف على قدميه يتجه نحوه : ابوس ايدك ارحمنى
ألقى أدهم سيجارته وقام يجذبه بقوة: الرحمة متنفعش مع اللى زيك يا دكتور
جذبه ليقف أمامه: هما كده خلصوا شغلهم ....اكمل انا بقى
أنهى حديثه بضربة قوية بين فخذيه ليسقط أرضاً يصرخ من الألم والوجع ويعود ويجذبه مرة أخرى يصرخ : بتمد ايدك على مراتى يا ابن (.....) وفاكرها هتعدى ....تبقى بتحلم
ويعود ليضربه مرة أخرى ومرات متعددة حتى شعر بالإنهاك يسيطر عليه : عاملى راجل يا روح امك.....اهو أنت كده تلبس طرحة
أنهى حديثه وخرج برجاله ورائف يسقط أرضاً يبكى وهو ينظر في أثره
******
فرحة وبهجة بزفاف زين وسيرين تنظر إليهما بسعادة غامرة لا توصف حتى لفت نظرها من ينظر إليها مبتسماً اختفت ابتسامتها ونظرت حولها تبحث عن أدهم لم تجده
كان كريم يقف هناك في الزواية ينظر إليها تارة وإلى زين وسيرين تارة وكأنه جاء اليوم خصيصاً ليعكر صفو أيامهم وفرحتهم
خرج من القاعة وهو ينظر إليها ويبتسم ابتسامة خبيثة فأسرعت خلفه متجاهلة الحفل

هو وهى
وماضى انتهى واندثر
ذكرى لم تعد تروق لها وإن استطاعت لنزعتها من عقلها ودعستها بقدمها وتخلصت منها للأبد
لما عاد ؟
لما ظهر أمامها الأن وفى هذا التوقيت بالذات؟
مواجهة بينهما فقط دون أدهم ....دون سيرين وزين
دون أحد
فقط هي وهو ومواجهة تأخر موعدها كثيراً
ود لو أعتذر ....لو محى بيده كل ألم وذكرى سيئة ود لو عاد به الزمن للوراء مرة أخرى حقاً ما كان أخطأ في حقها
حقاً ما كان سيضيعها من يده ولن يتخلى
لن يتركها تكن لرجل غيره
ولكن !
لو ....
_ وحشتينى
اتسعت عيناها بصدمة وإنكار عادت ونظرت حولها خشية أن يراه أدهم وحينها لن يمر الأمر بسلام عادت تنظر إليه بغضب : أنت عاوز إيه يا كريم ....راجع ليه والنهاردة بالذات عاوز تثبت لنفسك ايه بالظبط ؟
اقترب منها أكثر مبتسماً : ولا حاجة مش فرح ولاد خالى قلت أجى أبارك وأهنى وقبل كل ده
كان نفسى أشوفك يا تولين .....بقالى كتير بتابعك من بعيد ومش قادر أقرب منك مش عاوزك تكرهينى أكتر من كده
ابتسمت بهدوء : تبقى غلطان يا كريم ....أنا خلاص مش شيفاك انا اللى بينى وبينك صلة دم وبس غير كده مفيش وإذا على اللى فات تقدر تقول عليه كان لعب عيال
ابتسم بحنين : كانت أحلى ذكرى وأحلى أيام وياريتنى عرفت قيمتها ساعتها عمرى ما كنت هفرط فيكى ولا اغلط غلطتى دى
عاد القلق يعترها تنظر حولها بقلق فابتسم قائلاً : خايفة يشوفك معايا
عادت ونظرت إليه بسخط : خايفة على زعله ومش عاوزة مشاكل في فرح أخويا
_ انا مش جاى أعمل مشاكل ....ده أنا حتى جاى أبارك للى فرقت بينا وفى الأخر بتفرح وبتتجوز
قبضت على كفها بغضب : اللى بتتكلم عليها دى تبقى مرات أخويا وبلاش أفكرك وأقولك مين اللى غلط وباع ....روح شوف حياتك واتجوزوعيش زى ما أنت عاوز بس بعيد عنى
صاح مستنكراً : مرات أخوكى ...أنا مش عارف إزاى وافقتى أزاى أخوكى ميعرفش حقيقتها واللى عملته زمان
_ زين عارف كل حاجه وهى بنفسها اللى قالتله يعنى كل اللى بتعمله ده تحصيل حاصل
ابتسم بخبث واستهجان : وهو الباشا مركب قرون وأنا معرفش
ارتعشت وشعرت بجسدها تزداد حرارته وعيناها تنظر إليه بغضب ....بجحيم اشتعل بروحها جعلها ترفع كفها لتهبط بها على وجهه بصفعة اختزلت بها كل غضب ....كل قهر نحوه
نظر إليها بصدمة وكأنه لم يصدق أن تفعلها ظلوا صامتين للحظات مرت ثقيلة وكأنها ساعات مملة بطيئة ولكنها استعادت السيطرة على نفسها واعتدلت تبتسم: أظن كده تقدر تتفضل من هنا
_ لو حد غيرك عمل كده كان زمانى قتلته بس للأسف....أنا لا أقدر أأذيك ولا اعمل زى ما عملتى متهونيش عليا
وهى على وجه الإستعداد للصراخ بوجهه ونهره وطرده من المكان بأكمله وجدت من يجذبها بقوة للخلف ليقف بينهما يصرخ به وهو يمسك بتلابيه: سمعنى تانى كده يا روح امك بتقول إيه؟
ابتسم بهدوء دون دفاع ...دون أن يحيد بنظره عنها : في ايه يا باشمهندس كلمتين بينى وبين بنت خالى دخلك ايه ؟
دفعه أدهم بغلظة وغضب : بنت خالك اللى هي مراتى مش كده....بقولك ايه ومن الأخر عشان انا بتعب من الكلام الكتير لو شوفت وشك تانى في أي مكان تكون هي فيه والله ما هيحصل طيب ولو دخلت فيك السجن مش هتراجع عن موتك
اعتدل كريم في وقفته يعدل من هندامه وينظر إلى من تقف خائفة قلقة تمسك بسترة زوجها وكأنها تنوى منعه من الصدام معه من جديد ابتسم قائلاً : صحيح يا باشمهندس شوفتك امبارح وأنت خارج من بيت عهد المغنية ....هى مراتك تعرف كنت هناك بتعمل ايه؟
وتهاوت قبضتها وارتعشت شفتيها وعيناها تائهة تنظر إليه طلباً لإجابة التفت إليها صامتاً ولم يشعر بكريم الذى تركهم بعدما وصل لمبتغاه اغرورقت عيناها بالدموع تنظر إليه بإتهام : يعنى أنت مكنتش مع يحيى في بيته امبارح زى ما قولتلى
تنهد بضيق قائلاً: لا يا تولين ....كنت مع عهد في شقتها
******
ألقت حقيبتها بغضب تصرخ به: انا فضلت ساكتة عشان الفرح وعشان الليلة دى تعدى على خير بس انا لازم اعرف كنت عندها بتعمل ايه يا أدهم ؟
جلس أمامها مبتسماً بهدوء: تولين أهدى
صرخت به: رد عليا يا أدهم كنت عندها ليه ؟
تركها ودخل غرفتهم لتذهب خلفه بغضب تراه يفتح الخزينة يخرج منها مجموعة أسطوانات رفعها أمامها : كنت هناك عشان ده
نظرت إليه بحيرة : مش فاهمة !
تنهد بضيق: انا كنت رافض احكيلك عشان مش عاوز اجرح حد ولا أنى أتكلم في شرف واحدة ست بس عشان عارفك وعارف أنك مستحيل تفرحى فيها وبسبب ابن عمتك الزفت اللى اسمه كريم لازم تعرفى
اكمل قائلاً : عيسى جابلى مجموعة سيديهات كانت في ڤيلا ناصر البلتاجي قبل الحريقة ولما فتحت الأسطوانة دى لاقيتهم أسطوانة لرجالة ليهم تقلهم وناصر بيستغلهم ويصورهم عشان يقدر يبتزهم وينفذوا طلباته بعد كده في اى حاجة يطلبها
سألتها بقلق: وعهد ايه علاقتها بالاسطوانات دى .....اوعى تقول انها كانت معاهم
أؤما برأسه مجيباً: للأسف
وضعت كفيها على فمها مصدومة: معقول
_ لحد دلوقتي مش لاقى تفسير الى حصل وأنها ازاى تعمل كده ولما روحتلها لاقيتها مسافرة بس انا مش هسكت لحد ما افهم
عقدت حاجبيها بسخرية: وده يهمك في ايه ان شاء الله
ابتسم لغيرتها: ولا حاجة.....بس الواضح أنها متعرفش انها بتتصور وممكن الأسطوانة دى تكون حبل يتلف حوالين رقبتها بايد ناصر الكلب ده
_ وبعدين !
_ ولا حاجة هستناها لحد ما ترجع واشوف ايه الحكاية بالظبط
*****
مناقشة ودراسة جدوى واجتماع استمر لساعتين حتى شعر بالإنهاك وهو ينظر إليهم : أظن كده كل حاجة تمام وواضحة
وقف زياد يعقبه مازن : تمام انا هتتم على كل حاجة وهنقدم الملف عشان المناقصة وان شاء الله من نصيبنا
غادروا الغرفة فاقترب منها مبتسماً بخبث : وحشتينى
ابتسمت تربت على وجنته : وأنت كمان
اقترب أكثر يحاصرها بجسده: طيب ما تيجى نروح
ضحكت بميوعة وهى تحاول الهرب منه: مش دلوقتي ورايا شغل كتير
_ سيبك من الشغل وركزى معايا انا
طرقت الباب أنقذته من بين يديه لتضحك وهى تبتعد عنه وهو ينظر إليها بشزر ويسمح لسكرتيرته بالدخول
_ باشمهندس في واحدة ست طالبة مقابلة حضرتك
رفعت تولين حاجبيها : ودى تتطلع ايه ؟
ابتسم وهو ينظر لسكرتيرته : اسمها ايه؟
_ رفضت تقول اسمها
قامت تولين نحوه هامسة : ودى تتطلع مين .....تلاقيها الست عهد بتاعتك
ابتسم يضم خصرها وينظر لسكرتيرته : خليها تدخل
خرجت الفتاة لتنظر إليه تولين بغضب تضرب صدره : عارف لو كانت هي هقتلك واقتلها
_ يا بنتى ما انا قولتلك لسه مسافرة مرجعتش
_ هاى أدهم
نظرا سوياً بصدمة لمن تقف أمامهم مبتسمة بغرور وثقة
وحشتنى يا حبيبي
صاح بغضب: أنتِ خرجتى إزاى ؟
ابتسمت وهى تجلس رافعة قدماً فوق الأخرى: هو أنت زعلان عشان شوفتنى يا حبيبي
صاحت تولين التي أسرعت نحوها : أنتِ جاية هنا ليه اطلعى بره
قامت مبتسمة بمكر : وانتِ مالك انا بكلم حبيبى
واقترب منه هامسة : ولا إيه يا حبيبي
قربها منه اشعره بالاشمئزاز ليدفعها بعيداً عنه: مكانك مش هنا يا إلهام ......مكانك وسط الكلاب اللى زيك روحى .....روحى دورى على الكلب اللى رماكى وهرب على بره
لكن هنا لا
ابتسمت وهى تهم لتغادر : انا راجعة تانى ....دى بس مجرد البداية
*****
نهاية الف
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي