الفصل التاسع والعشرين

أخر الليل هيما روح بيته دخل شقته كانت الدنيا هاديه والنور تقريبا مطفى في الشقة كلها ماعدا أوضة حماته خبط ودخل لما صفية اذنتله يدخل
هيما بأدب : سلام عليكم
صفية ولاول مره تتكلم معاه بجمود : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هيما بيدور بعينه اللي كلها لهفه على حبيبته فى الشقه كلها وهو بيقول : اومال وفاء فين؟
صفية بنفس الجمود : فى أوضتها ..سيباها تلاقيها نايمة
هيما استغرب طريقه كلامها اللى كلها جمود وحده فى الرد : هو حضرتك زعلانه مني فى حاجة لا سمح الله؟
صفية بجديه : أيوة يا هيما ..وعايزاك اقعد
هيما جاب كرسي وقعد قصادها بقلق ولهفه يعرف إيه اللي مضايقها منه نطق : فى إيه! مالك؟ مزعلك فى إيه أنا؟ لا عشت ولا كنت يوم مزعل حضرتك مني
صفية اتنهدت بتعب : تسلم يا إبني (كملت كلامها بجدية ) أنا معنديش غير بنت واحده يا إبراهيم .. بنت واحده هى اللي طلعت بيها من الدنيا لا ولد ولا بنت غيرها
يوم ما وافقت عليك زوج ل بنتي لا بصيت لفقر ولا غنى ولا أصل ولا فصل ولا طلبت منك حاجة كل إل طلبته منك بنتي تحطها في عينك وأشوفها سعيده ومبسوطة ومرتاحه فى بيتك وهنا بتكلم عن الراحه النفسيه مش المادية علشان دماغك متروحش بعيد
لكن أنا هقولهالك وبكل صراحة انا لا شايفه بنتي مرتاحه ولا سعيدة ولا مبسوطة أنا شايفها على طول محطوطه فى خانةإتهام وشك وكل تصرفاتها لازم تبررها وسيادتك مفيش حاجة بتعملها غير إنك بطلع عقدك عليها ،أنت مفكرها ملهاش ظهر تتسند عليه ولا إيه ؟ كنت فكراك أنت السند ده بس طلعت غلطانة
هيما مصدوم من كلامها رد بزهول وعدم تصديق : اناااا ... انا يا أمي منفعش أكون سند لمراتي!
صفية هزت رأسها بحزن : بحالك ده لأ
هيما بزعل : إيه اللي قصرت فيه ؟وبعدين فين عقدي دي ال مطلعها على مراتي ؟ مش هقولك بنتك هقول مراتي فين العقد دي؟
صفية بجديه : الصبح رفضت توصلها معاك وسبتها تنزل لوحدها ونزلت أنت لوحدك ده ينفع ؟ أنت ركبت تاكسي وهي ركبت عربيتها ده صح
و تسمي ده إيه؟
هيما رفع أكتافه بتعجب : إسمها أنا حر واه صح واه ينفع
صفية بنرفزة : لا مش صح ولا مش حر ولا مينفعش ... مينفعش وميصحش تسيب مراتك الحامل في أولادك تسوق العربية وحدها وترفض وميهونش عليك حتى توصلها فى طريقك
بنتي انا اللي كان بيخدموها عشرة وتيجى وهى حامل لغاية هنا تجهزلك غداء و تروحلك بيه على المكتب بتاعك ويقولولها هناك راح يوصل سلمى قريبته مشور ده تسمية إيه ؟
بنتي ام اولادك ترفض توصلها ونلاقيك بعدها وفى نفس اليوم بتوصل الغريب ده تسمية إييييه؟ دي الرجولة فى نظرك تسيب مراتك وتروح للغريب
هيما فاض بيه فصوته علي غصب عنه : سلمى مش غريبه
صفية بزهول : زيها زي مراتك ؟
هيما بأرتباك : اااه زيها ..
وفاء بصوت مهزوز : بس يا ماما خلاص (بصت ل هيما وعنيها كلها عتاب وحزن ) هتتعشى؟
هيما اتنهد بضيق لما شاف حزنها وقام بسرعة من مكانة راحلها مسك أيدها باسها وبلهفه سألها : إنتي كويسه؟
وفاء بدموع بتلمع في عينها : اااه يا حبيبي كويسة ...هتتعشي
هيما هز رأسه : اااه مردتش اتعشى معاهم فى المكتب علشان عارف إنك مستنياني
وفاء بحزن : لا معلش حبيبي النهاردة اتعشيت مقدرتش استناك أنا لو عليا استناك عمري كله(عيونها ضحكت بحزن ) بس أولادك بقي هما إللي مقدرتش عليهم كانو جعانين
هيما إبتسم إبتسامة ناقصه كلامها غامض ومش عارف هى تقصد بيه ايه
مسك أيدها باسها : بالف هنا ،ربنا يخليكم ليا إنتي وهما خلاص متتعبيش نفسك أنا داخل أنام معلش تعبان النهار كله
ماشي من قدامهم وصل اوضته وقبل ميدخل وفاء وقفته : هيما بعد اذنك أنا مسافرة تلاته الفجر مع ماما بني سويف بقولك علشان هتبقي نايم بدل مصحيك من نومتك

هيما بس سمعها قلبه سقط فى رجليه اتعدل عليها برعب بيردد كلامها : مسافرة! بني سويف ؟
سألها بالهفه غير عادية : ليه...ليه مسافرة في إيه؟
وفاء واقفه سكته
بسرعة البرق كان واقف قدام مامتها وبلهفه مجنونه كلها رعب وخوف : فى إيه يا أمي أنا عملت أيه؟
وخداها مني ليه؟
طيب قولي عايزة ايه وأنا أعمله
اللي تؤمري بيه أنا هنفذه
أمي انا مقدرش استغني عنها !
حد يرد عليا طيب
مامتها بتعجب : اهدأ يا أبني ايه فى إيه ؟ إيه اخدها منك دي ؟
هيما بحيرة: طيب أومال ايه حكاية مسافرة دي !
مامتها بتلعب بأعصابة : هو ممنوع ولا إيه بنتي ومسافرة معايا إيه هتمنعها عن مامتها ؟
هيما بيبص على وفاء إل ساكته يستنجد بيها ويحثها تتكلم تنفي ولا تثبت أو توضح الموقف المخيف ده بس وفاء وطت رأسها على الأرض لما سألها : وفاء قوليلي إنتي في إيه وليه ده كله ؟(بص على مامتها) كله ده علشان رفضت أركب عربيتها؟
هنا اتنرفز : هو أنا لا أركب عربية الست وأبقي سواق الست لا تسبلي البيت وتمشي؟
وفاء بصتله بعتاب بعيون اتملت دموع : ست !!
مامتها بغضب وغيظ : بنتي مكنتش هتسيب البيت من الأساس بس بعد الجملة الغبية اللي قولتها دي هتسيبه (بصت على بنتها بأمر وعلى هيما بتحدي ) بلاااا يا وفاء ادخلى لمي هدومك
وفاء بدموع : إستنى بس يا ماما
صفية بصوت عالي كله غضب : أستني إيه أستني أية قوليلي مش سامعه كلامه؟
أسألة اقولة البنت اللي راح معاها دي ولا مراته يقولي البنت!؟
هيما بكبرياء وتحدي : إسمها الدكتورة سلمى مسمهاش بنت لو سمحتى
واه هي زيها زي مراتي
وفاء المرة دي هي اللي صوتها عالى بمراره : خلاص بقي يا أستاذ إبراهيم عرفت إن سلمي زيها زيي وهنا زيها زيي بس أنا بقولك ياريت أنا اللي كون عندك زيهم!
هيما مسكها من درعتها الإتنين وبصوت مبحوح على وشك البكاء : أنا عملت أيه قوليلي عملت أية قصرت معاكي ف إيه؟
عربيتك ؟... عايزاني ابقي سواقها حاضر هاتي المفاتيح ومن بكرة هبقى سواق الهانم تحت أمرك
عايزة أية كمان أمد ايدي ليكي كل اخر شهر وأخد منك مصروف البيت اصرف بيه على بيتي؟ حاضر من بكرة قبل متنزلي على شغلك سبيه على التربيزة وانا هخده وصرف منه على بيتي
إيه تاني (وفاء حطه أيدها على وشها وبتعيط فبص على صفيه) ده اللي انتو عايزينه حاضر موافق عليه مش دي مشكله بنتك معايا ولا إيه المشكلة علشان أنا مبقتش عارف ولا فاهم مشكله بنتك فين بالظبط؟
وفاء بتعيط وصوتها اتخنق مش طالع
اللي اتكلمت بتريقه صفية : مشكلة بنتي ؟ هي دلوقت بقيت بنتي!
(كملت بجدية )
طيب بص يا إبني بنتي مكنتش ماشية بنتي كانت جاية معايا خالها وأبنه رجعو من دبي نهائيا وكنت أنا مسافرة أسلم عليهم ووخداها معايا يومين وراجعين بس بعد كلامك ده لأ مش هيحصل كده اللي هيحصل هو .....
هيما برعب حذر : هو إيه؟
هو إن بنتي جايه معايا
ولغاية لما تعرف إن مراتك مميزة عن الكل عندك ومستحيل تكون زيها زي غيرها! هى عندي

ولغاية ما تعرف إنها لا يمكن تبقي فى مكانه واحده هي وغيرها هتفضل عندي!
ولغاية متعرف إن إسمها سواق مراتي أم أولادي مش سواق الست ؟هتفضل معززه مكرمه فى القصر بتاعها !
ولغاية متعرف أن إسمها فلوسكو وبيتكو وحياتكو ومشاكلكو والكلام ه كله بينكم يتاخد بصيغة الجمع مش الفرد هي عندي يا إبراهيم!
ولغاية متعرف أنت عايز إيه بالضبط! بنتي هانم فى قصرها يوم متتاكد أن زيها مش زي غيرها وتعترف بده قدامي ابقي تعالى خدها
لكن أبدا ما هسمح ليها تقعد في بيتك وأنت حطتها فى نفس الخانه اللي حاطت فيها غيرها
يلااا يا وفاء تعالي معايا (بصت ل هيما بغيظ ) معلش هاخد بنتي تنام جنبي علشان متقلقش حضرتك لما تقوم تلبس نص الليل
هيما اتنرفز : مراتي مش هتطلع من بيتها
صفية بغضب: هتمنعها عن أمها ولا إيه؟
هيما بأمر ل وفاء : ادخلى أوضتك يلااا مفيش سفر إنتي حامل السفر مش كويس علشانك
صفية بتريقه : لا فهيم أوي وبتفهم
السفر اللي هيتعبها ونكدك اللي معيشها فيه ليل نهار إيه اخباره
على صحتها وحملها ؟؟
وفاء بدموع همست : ماماااا بس كفاية
صفية : بس إيه مهو قدامك أهو !
هيما بيبلع ريقه بغصه طعمها علقم فى حلقة : وفاء إنتي موافقة على الكلام ده ؟
وفاء بدموع : مخلتليش خيار تاني أنا حتى مش لاقيه كلام أدافع بيه عنك قدام ماما وأنت ده كلامك ودى قنعاتك! وبوجع وألم وعتاب كملت
انا يا هيما عندك زي زيهم! مفيش ميزة حتي امتاز بيها عنهم ...يبقي ماما عندها حق

هيما اتنهد بوجع على وجعها : إنتي عارفة قيمتك عندي مش محتاج أنا أقولك
مكنش ده قصدي لما قولت إنك زيك زيها
هي اختي وأنتي مراتي وكل واحده فيكم ليها مكانتها الخاصه عندي
بس أكيد يا عمري إنتي غيرهم كلهم
عمري ما خاطر على بالي أبدا إن يجي علينا يوم وتكون سلمى هي سبب مشاكلنا

وفاء بدموع : أنت عارف إن مش سلمى السبب إنا اا

صفيه قطعت كلامها : خلاص يا إبني بئا سيبها على راحتها
هيما ل وفاء بهدوء : ليه عايزة تمشي؟ أية السبب ؟
وفاء هنا ساكته مش بتنطق

هيما اتعصب : مش هتمشي أنا همنعك (صرخ بعلو صوته) على جثتي تطلعي من بره الباب ده (هنا شاور بايدة بعصبية على الباب)
صفية بتحدي : طيب لما نشوف هتمنعها إزاي ؟

هيما بعصبية بسببها عروق جسمه كلها برزت : وفاااء متسكتيش كده قوليلها لا مش هسيب جوزي وأمشي وفاااااء ردي عليا إنتي عايزة تمشي وتسبيني؟
وفاء بصتله بعيون حمراء زي الدم بعد ممسحت الدموع منهم وبمنتهى الألم : أيوة مش حابه اقعد

هيما بيردد كلامها بزهول : مش ...حابه ...تقعدي ؟؟؟ (هنا بصلها بنار قايده مع آخر جملة طلعت منه ... مش حبة تقعدي ؟؟؟)

لقها ساكته رفع رأسه بكبرياء و بصوت مخنوق بدموع : بدال مش حابه تقعدي أنا عمري ما هجبرك تقعدي معايا غصب عنك.... وجودك معايا فى بيتي لازم تكوني عايزاه ومرحبه بيه وحباه أكتر مني ....ماشي مع السلامة
بس أنا مقولتلكيش تمشي بالعكس مش راضى ولا حابب تسبيني وتمشي ..ولا موافق تطلعي من بيتي وتبعدي عني
معني كده زي مسبتي البيت لوحدك تيجي لوحدك تصبحو على خير
بص لصفية قبل ميدخل وبغصه فى حلقه : أنا آسف يا أمي لو كنت اتعصبت فى وجودك وصوتي كان أعلى من صوتك

سابهم ونزل وقبل مينزل واقف عند الباب وبصوت مكسور حزين : ياريت تاخدي كل اللي محتاجاه من الأوضة قبل ما أرجع مش هقدر أشوفك قدام عيني وأنتي بتلمي فى حاجاتك ومشيه وسيباني وأقف ساكت ممنعكيش ومش هقدر كمان أجبرك تقعدي معايا حتي لو هموت من غيرك ...بدل مش حبه يبقي براحتك
أرجع ألاقيكي خلصتي
وفاء بلهفة : رايح فين وانت لسه راجع من بره وبعدين الوقت أتأخر رايح فين السعادي ؟

هيما رجع برأسه عليها بصلها كتير بنظرات فيها كل حاجة كسرة وجع ولوم وعتاب وهم شاله بدري على فراقها وحزن ملوش أول من اخر

وبعدها نزل من غير ولا كلمة وهي اترمت فى حضن أمها تعيط وبندم بتلومها: ليه يا أمي بس عجبك كسرته دي اللي كسرت قلبي وسدت نفسي عن الدنيا بحالها ؟
مامتها بتهديه : كان لازم قلم ياخده على وشه يوفقه كان لازم يلااا روحي لمي حاجتك

هيما طول الليل صاحى وقاعد فى البلكونة فى عز البرد ورغم شدت البرد لكنه مش حاسس بية مهى نار قلبه اكبر بكتير من لسعة البرد اللى مخليه جسمه كله بيتنفض وقدام منه طفاية السجاير اللي اتملت كلها بواقي سجاير ودي كانت أول مرة في حياته كلها يشرب فيها هيما سجاير
الفجر أذن وقلبه اتقبض أول مسمع باب اوضتهم اتفتح رجع برقبته لورا لقاهم خارجين من الأوضة وشنطهم في ايدهم
بلع ريقه بغصه وقام من مكانة راحلهم : صباح الخير
وفاء بس شافته بحالته دي وكان نفسها تترمي فى حضنه ومش بس كده لا ده كمان هى اللى تعتذر بس كلامه ال قاله ووجعها واقف بينهم منعها
صفية شافت منظرة صعب عليها حاله قميصه متكسر وكام زرار من فوق مفكوكين وصدرة باين فردت بتعجب : صباح النور عامل ليه فى نفسك كده؟روح أغسل وشك وإقفل قميصك ده !
هيما وهو بيقفل زراير قميصه مد ايدة خد مفاتيح العربية : يلاا علشان أوصلكم
صفية : متتعبش نفسك اتصلنا جبنا تاكسي روح نام أنت
وفاء عيونها لمحت الطفاية وفزع : ايييه ده أنت شربت سجاير !! من أمتي؟
هيما بصلها وتنهد : يلااا ..التاكسى جه من نص ساعة وأنا مشيته
وصلهم ل المحطه وكلهم في صمت تام
صفية استغربت لما ركب معاهم القطر : أنت رايح فين؟
هيما اتنهد بتعب : معلش هوصلكم مش هبقي مطمن عليكم لو سبتكم لوحدكم
الطريق كله خدو نوم تعويض ليلة إمبارح اللي محدش فيهم شاف النوم بعينه
وصلوا بني سويف أول منزلو جبلهم تاكسي وحطالهم الشنط بتاعتهم في شنطه العربية وحاسب التاكسي وقالهم الجملة اللي وفاء سقط قلبها فى رجليها كان نفسها ميسبهاش ويكمل معاهم
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي