الفصل الثلاثون

..في تلك الاثناء كان وليد قد علم من احد افراد العصابات عن مكان زوجته ملاك بعد ان استأجرت غرفة في احد الفنادق لتودع بها الاموال المسروقة خشية ان تفقدها و تحسبا لأي طارئ فاستعد بسيارته و جمع بعض رجال الحراسة لديه و انطلق إلى المكان الذي تمكث فيه ملاك عند فندق الحياة كما ذكر له احدهم و توجه إلى هناك مسرعا يحمل الشر في عينه
فقد كان يظن ان ملاك ذهبت لكي تلتقي بأخيه رافع الذي لطالما كانت تظهر منها تصرفات غريبة توحي بأنها معجبة به او علاقة معه ايضا و كانت دائما ما تجعل وليد وجه غضبه و مقته إلى ريان فقط دون ان تذكر طارق او رافع ابدا..

و كان كل تفكير حامد ان يجدها لينتقم منها و يعيدها معه ليجعلها تعيش اسوء ايام حياتها فقد احتملها كثيرا و احتمل تصرفاتها الرعناء ففي البداية هي من فرضت عليه الزواج بها ثم جعلت تحشو رأسه بالترهات لكي تملأ قلبه حقد و كرها على اخوته و امه حتى وصل إلى الحال التي هو عليها و هو إن كان يكره اهله و يكن لهم البغض إلا انه لم يكن يريد ان يؤذي احدا بل قد اكتفى بالابتعاد عنهم و العيش بعيدا عن كل ما يذكره بهم...

فهو في رأسه محفور انه هو من كان يعمل مع والده و يتعب و كان يجب ان يحصل على حصة اكبر من التي قسمها له اخوته من تركة والدهم..
إلا انهم لم يقبلوا فاحتال عليهم بالقانون و اجبرهم على العيش مجريدن من كل شيء عدا المنزل الذي يسكنون فيه و هو بأسم ريان..

و قد عارض زواج اخته ريان من خالد بسبب معرفته بماضي حامد المظلم فقد كان يعمل في التهريب هو الاخر و قد تقاطعت دروبهما مؤخرا في احد المرات...

فأما حامد فقد تاب و رجع عن كل ما كان يقوم به و بدأ بالعمل النظيف و الكسب الحلال مع تسخير كامل ثروته في الاعمال الخيرية..

اما وليد فلم يفعل ذلك و بقي على عمله في تهريب الاسلحة و الممنوعات و قد اخفى كل ذلك تحت ستارة شركة الوليد للهندسة و البناء..

وصل وليد برجاله إلى الفندق الذي كانت ملاك قد اخفت فيه النقود و دخل مسرعا إلى الداخل بعد ان ابلغ الادارة بأن زوجته هاربة ببعض المسروقات و استطاع معرفة في اي غرفة تجلس ملاك..
فتوجه إلى الغرفة و قام احد الرجل من الذين يعملون معه بخلع الباب و دخلوا مسرعين و لكنهم لم يجدوا ملاك في الداخل فقد كانت قد غادرت قبل بضعة دقائق و ذهبت إلى المكان الذي يتلتقي به رافع...

جن جنون وليد بعد علم ان ملاك افلتت من بين يديه و انا ماضية في خطتها للقاء رافع و تسلم الاموال فأسرع بالخروج و بدأ يبحث في كل مكان عن زوجته إلا انه لم يجدها فلم يجد حلا سوى ان يتصل بسمر زوجة حامد ليعلم منها اين ستكون ملاك في ذلك الوقت
رفع هاتفه و اتصل بها فردت سمر عليه قائلة: الو نعم من المتصل!
حاول وليد ان لا يشعر سمر بأي شيء حتى يعلم منها اين سيكون الاستلام و قال لها متحايلا: اين انتم! لماذا لم تحضروا إلى المكان حتى هذه اللحظة! لقد انتهت المدة و عليكم تحمل النتائج

كانت سمر قد سمعت صوت وليد من قبل و حفظت نبرة صوته الحادة فقد سمعته يكلم ملاك او ايمان كما كانت تسمي نفسها لسمر فردت عليه و هي خائفة: و لكن رافع في طريقه اليكم انا لا دخل لي حتى!
علا صوت صراخ وليد و هو يقول: تكذبين، لقد قلت لكم ان اللقاء سيكون عند الحديقة العامة..!
شعرت سمر بالخوف و ظنت انها حقا قد سلمت المعلومات الخاطئة لزوجها و قالت: ماذا تعني عند الحديقة!
ملاك قالت ان التسليم سيكون عند الجسر الخشبي!!
توصل وليد لما كان يبغي فأغلق الهاتف في وجهها و صعد في سيارته و امر السائق ان يتوجه إلى هناك مسرعا...

كان رافع قد وصل إلى المكان المحدد و وقف على احدى ضفاف النهر ينتظر وصل ملاك إلى المكانكاملا بيده حقيبة المال
ام سمر فقد كانت في ذات المكان لكنها تتأمل الموقع لتتأكد من ان لا احد يراقبها و خاصة زوجها وليد..

رأت رافع يقف عند ضفة النهر لوحده فخرجت من مكانها و اتت إلى الجسر حيث اتفقت مع رافع على اللقاء وقفت هي على كرف الجسر و رافع على الطرف الاخر و كانت تتأمله و تراقب كل تحركاته متحيرة بين نظرة حب و اخرى حذر
فهي لا تخفي على نفسها او تخادع نفسها انها غير معجبة به او انها تكرهه كما تكره امه و اخته و تقدمت ناحيته واضعة النظارة الشمسية على عينيها و رافع يتقد باتجاهها متأملا ان يكون رجال الشرطة قد علموا من تلك المرأة لكي يلاحقوها فيما بعد..
مدت ملاك يدها لتصافح رافع إلا انه رفض المصافحة و قال: خذي هذه الاموال و معها اوراق المنزل و بهذا نكون قد انتهينا من كل شيء
ملاك: هذا لا يكفي
رافع: و ماذا تريدين بعد لم تبقوا لدبنا اي شي ابدا
ملاك: بلى تبقى انت و انا اريدك انت يارفع الم تستوعب حتى الان انني احبك انت و ليس وليد
شعر رافع بالاشمئزاز من كلامها و النفور فقال: دعك من نذا و خذي الحقيبة و انصرفي من هنا هيا يا ملاك
ملاك: الا تريد ان تكون معي و هذه الاموال لك بل و حتى اموال وليد سيكون نصفها لك و إن اردت كلها فلك ذلك

رافع: قلت لك كفي عن الهراء يا ملاك و ازهبي في حال سبيلك هيا قبل ان اغير رأيي و اخذ الاموال منك
ملاك: اسمعني لقد تطلقت من وليد و انا الان حرة فيما افعل و لدي في الفندق نصف ثروة وليد ما رأيك ان تأتي معي

شعر رافع بالغضب من كلامها الهادئ المستفز و امسك بالحقيبة ليشدها من يدها لكن ملاك بقيت ممسكة بها و اخرج بهدوء مسدس صغيرا من جيب معطفها و قربته من بطن رافع و قالت: احذر من اي حركة مفاجئة و إلا كانت حركتك الاخيرة...

اخبرني يا رافع: هل ابلغت الشرطة ام ليس بعد!
رافع: مالك لديك اذهبي من هنا اناسوف اتراجع و اذهب في حال سبيلي..

بدا ان ملاك قد فقدت شيئا من عقلها او انها ليست بوعيها التام فقالت محذرة لرافع: إن لم تأتي معي فلن اسمح لك بالذهاب..

شعر رافع بالسخف من كلام ملاك و رد عليها قائلا: و ماذا سوف تفعلين مثلا ستقتلينني!
ملاك: ربما سأفعل ذلك لا تجبرني
رافع: اتعلمين انت امرأة خرقاء تصرين على انك قوية و متحكمة و لكنك لن تعدي قدر انك مجرد امرأة بلهاء بمسدس انا ذاهب...

صرخت ملاك بغضب: قلت لك لا تتحرك يا رافع!

لم يكترث رافع إلى كلام ملاك و اكمل طريقه عائدا إلى طرف الجسر..
مما زاد غضب ملاك و جعلت تشد اضراسها على بعضها و تتكلم بحنق بصوت خافت:" إن لم تأتي معي فلن ادعك تذهب و إن لم تكن لي فلن تكون لغيري ابدا.."

التفت رافع إلى الخلف و قال: عفوا هل قلت شيئا لم اسمعك جيدا ثم حاول اكمل طريقه و لكن صوت صراخ ملاك جعله يتوقف لبرهة بعد ان صرخت قائلة: انت لا تزال تتجاهلني..
لطالما كنت تتجاهلني و تتكبر عليّ و لكن هذه هي المرة الاخيرة لك و مدت ذراعها موجهة المسدس إلى رافع فالتفت إليها و إذا بها تغمض عينيها اتمنع دموعها و تضغط الزناد لتخرج رصاصة من فوهة المسدس و تستقر بصدر رافع

و يميل ليفقد توازنه و يقع من على الجسر في الماء...
فتحت ملاك عينيها لترى رافع و قد مال واضعا يده على صدره و وقع في الماء..

في تلك اللحظة كان رجال الشرطة يشاهدون ما يحصل فهرع الجميع إلى رافع لينقذوه و يلقوا القبض على ملاك إلا انها ركبت تلك السيارة في لمح البصر التي كانت قد وقفت بجانبها و اسرعت بالهرب..

كان رافع فاقدا الوعي و قد غرق تحت الماء فالقى رجل من رجل من رجال الشرطة نفسه و نزل ليسحبه للخارج و بلحظات حصرت سيارة الاسعاف التي كانت موجودة للأحتياط في المكان و تم نقل رافع إلى المستشفى على وجه السرعة..

اما ملاك فقد فرت من المكان و اختفت بلمح البصر حاملة حقيبة الاموال و انطلقت الشرطة تبحث عنها في كل مكان...

كان وليد في هذا الوقت قد وصل إلى القرب من الجسر فشاهد رجالا من الشرطة يملأون المكان
فبقي مبتعدا عن المكان و لم يتقرب و ارسل احد رجاله لينظر ما الذي يحدث هناك..

غاب الرجل لبضعة دقائق ثم عاد ليخبر وليد بما رأه هناك
وقف الرجل بحانب سيارة وليد فأنزل وليد زجاج السيارة و نظر له و قال : ماذا هناك
الرجل: سيدي يقولون ان جريمة قتل قد حصلت هناك و ان الرجل قد انتشل من النهر بعدما غرق بس و اسعفوه إلى المشفى!!

صدم وليد بما سمعه من كلام الرجل و احس بانقباض في صدره و قال: هل انت متأكد من الرجل الذي اصيب ام انها الامرأة يا هذا!!
الرجل: سيدي الجميع يقولون انه الرجل
وليد: تلك الامرأة الحقيرة سوف اقتلها بيدي هاتين...
و اين ملاك الان!؟
الرجل: يقولون انها ولت هاربة من المكان و لم يعثر عليها حتى الان...

تلقى وليد اتصال على هاتفه من احد رجاله
فوضع الهاتف على اذنه و قال: ماذا تريد انت ايضا؟
المتصل: سيدي لقد وجدنا حقيبة الاموال في غرفة اخرى كانت ملاك قد استأجرتها تحت اسم مستعار...

وليد: اعد الحقيبة مكانها و اغلق الابواب و ابتعدوا عن المكان بسرعة...
الرجل: سيدي هل نترك الاموال؟؟
وليد: قلت لك اتركها ايها الاحمق هيا

اغلق وليد الهاتف و قال للسائق الخاص به عد بنا من حيث اتينا هيا...

اشعل السائق المحرك و قاد السيارة مبتعدا عن المكان اما وليد فقد كان مصدوما مما حدث و لم يكن يستوعب الذي يجري معه..
هل حقا مات رافع اخوه الاصغر؟
و من قتله زوجته ملاك!!!
التي خسر عائلته و حب الناس له بسببها و لكي ينال رضاها...

لم يستطع وليد التحمل اكثر فأخرج بعض الممنوعات ليتعاطى و يهدأ قبل ان يفقد صوابه

و أما رافع فقد تم نقله إلى المستشفى


اما ملاك فقد هربت من المكان بعد ان اصابتها نوبة هلع بعد ما فعلته من اطلاق النار على رافع و الفرار بعدها فقد قتلت الرجل الذي لطالما كانت تحلم ان يكون لها دون غيرها و قد خسرت زوجها لأجله فجاء هو مخيبا امالها حتى ابعد الحدود و رفض ان يعيرها اي اهتمام او يسمعها حتى..

توجهت إلى الفندق بسيارتها الخاصة و السائق يقود بسرعة جنونية كي تحضر حقيبة النقود التي تركتها هناك و من ثم بعدها ستتوجه إلى المطار للسفر خارج البلاد..

دخلت إلى الفندق و هي لا تدري ان وليد قد زار المكان قبل ساعة من الان..
توجهت إلى غرفتها الثانية كي تحضر حقيبة النقود التي كانت قد اودعتها هناك..

فقالت بصوت عالٍ تحدث نفسها" سنرى من هو المسيطر هنا يا وليد انا ام انت"...
اراهن انه يبكي الان في حجر امه كالاطفال الصغار نادما يطلب العفو تمام مثلما فعل حين اجبرته على الزواج بي...
لا اظن انه سيعيش كثيرا فسوف يتحمل هو عاقبة غبائه و انا سوف اعود إلى بلادي و اكمل حياتي من اللحظة التي تعرفت بها على ذلك الطفل الأهوج "وليد" بعيدا عن هذه العائلة المقرفة
دخلت إلى الغرفة غير مدركة ما يجري حولها مدت يدها اسفل السرير لتخرج من الاسفل حقيبة النقود فوجدتها كما كانت فهدأ روعها و ما كادت تسحب تلك الحقيبة من مكانها حتى احست بيد احدهم على كتفها تمتد من الخلف فتسارعت نبضات قلبها و شعرت بالذعر لأنها كانت متأكدة من انه لا احد في الغرفة غيرها و التفتت إلى الخلف ببطء لترى من هو ذلك الشخص الذي يقف خلفها..

يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي