الفصل 6

نزلت الدرج بحثا عن والدي ويليام، دييغو عاد إلى المنزل قبل قليل وهو يستريح في غرفته، وهذه فرصة مناسبة للحديث إليهما.

ابتسما لرؤيتها تنضم إليهما أخيرا هذا يعني أنها تجاوزت حزنها دعاها جورج للجلوس وقال:
_ لقد افتقدنا وجودك معنا.

بينما علقت كريستينا:
_ صغيرتي تبدين أفضل حالا.

ابتسمت أنجيل بدورها وترددت للحظات ثم قالت:
_ أبي، أمي لدي طلب، أنا أريد أن أتولى رعاية دييغو من الآن فصاعدا، سأهتم بكل شؤونه.

تفاجآ بسماع ذلك، وكان جورج على وشك الحديث عندما تفاجأ ثلاثتهم بتدخل المربية مارييل التي بدت غاضبة وهي تقول:
_ لكنك تعملين طوال الوقت أنت لست موجودة في المنزل.

غضب جورج من تدخلها وقال:
_ آنسة مارييل ألا ترين أنه نقاش عائلي؟

لكنها لم تتراجع وأضافت:
_ لكن يا سيد جورج جميعنا نعلم أن عملها يأخذ كل وقتها، يستحيل أن تعاني بدييغو.

اكتفت أنجيل من تدخل تلك المربية في حياتها فبادلتها النظرة العدائية نفسها وردت بثقة تامة:
_ سأقلل من ساعات عملي إن لزم الأمر سأجد طريقة للقيام بالأمر.

ضحكت مارييل بسخرية وقالت:
_ أنت مترددة ولست متأكدة مما ستفعلينه أعتقد.

لتقاطعها أنجيل قائلة بلهجة حاسمة:
_ صحيح هناك شيء واحد أنا متأكدة منه هو أنني لا أريد رؤيتك في منزلنا بعد الآن، أبي رجاء، اجعلها تغادر.




نظرت إليها مارييل بصدمة وسرعان ما تحولت إلى نوبة غضب حادة وصرخت:
_ لا يمكنك ذلك، لا أسمح لك بطردي، أنا تحملت العناية بذلك الطفل، في غيابك، فقط لأكون قريبة من ويليام، لا أسمح لك بإبعادي بعد أن حظيت أخيرا بفرصة لأكون معه.

صدم ثلاثتهم بسماع كلامها، إذا مارييل كانت تحاول إغواء ويليام طوال السنتين الماضيتين ويبدو أنها لم تنجح.

رمقتها كريستينا بغضب وقالت:
_ من الواضح أنك امرأة مجنونة لا أصدق أننا لم ننتبه لذلك، غادري منزلنا فورا.

شعرت برغبة عارمة في خنق أنجيل لكن لحسن الحظ تدخل الخدم الآخرون وأوقفوها وأمرهم جورج بطردها خارجا.

بدت أنجيل متفاجئة، في حين ربتت كريستينا على ظهرها بحنان قائلة:
_ كل شيء بخير لا تقلقي يا عزيزتي.

حاولت أنجيل أن تهدأ، بينما شعر بالقلق كيف سمحوا لامرأة مجنونة بالعناية بحفيدهم الوحيد، لحسن الحظ أنه بخير، بعد أن هدأت استأذنت منهما أنجيل وصعدت الدرج، العقبة الأولى في طريقها أزيحت، والآن إنها عازمة على توضيح علاقتها مع طفلها.

كان دييغو يرسم في غرفته، وابتسم لرؤية أنجيل وهي تدخل، جلست بجانبه ثم سألها قائلا:
_ أنا سعيد لأنني صرت أراك أكثر، لكن ويل لم يأتي أبدا لزيارتي كما وعدني.

ربتت أنجيل على شعره بحنان قائلة:
_ دييغو، ويل مشغول بالعمل لكن سأتصل به وأطلب منه أن يقلك من الروضة غدا إن أمكن، اتفقنا؟

أومأ برأسه وعاد ليرسم، لتضيف أنجيل مترددة:
_ المربية مارييل تركت العمل اليوم.

رفع نظره إليها وتفاجأت وهي ترى ابتسامة فرحة على وجهه وقال:
_ حقا؟ أنا سعيد أنا لا أحبها أبدا فهي دائما تصرخ في وجهي وتمنعني من القدوم إليكما في الليل عندما أكون خائفا.

تعاطفت أنجيل معه، ولامت نفسها، إنها الملومة في كل ما حدث لو أنها أدت واجبها كأم لما حدث كل ذلك، كل ما فعلته هو الهرب والاستسلام عند أول خطأ، لقد تخلت عن طفلها والنتيجة أنه الآن لا يدرك شيئا.

ترددت للحظات ثم أمسكت يده قائلة:
_ عزيزي دييغو أنا، ماذا أكون بالنسبة لك؟ ماذا تعتقد عن صلة القرابة بيننا؟

تطلع إليها بعدم فهم ولم تعلم كيف تطرح سؤالها بشكل أوضح ثم أضافت بتوتر:
_ أنا وويل، ماذا نكون في نظرك؟ هل تعتقد أن أبي وأمي هما والداك؟

شعرت أنها تزيد الوضع سوء لم تتخيل أبدا أن الأمر صعب إلى هذه الدرجة لكنها تحاول أن تراعي حقيقة كونه طفلا لم يتجاوز الخامسة ربما عليها أن تتوقف فحسب.

فكر للحظات وأجاب مترددا:
_ أنا أعلم أنكما متزوجان، فأنتما تقيمان في الغرفة نفسها، وأعتقد أنكما والداي أيضا، فقد كنت أنام معكما في غرفتكما.

تفاجأت وهي تسمع ذلك وسألته:
_ آه، إذا أنت تعلم أننا والداك! أنا وويليام!

أحنى رأسه وأجاب:
_ في البداية لم أكن متأكدا، لكن لاحقا لاحظت أن أغلب آباء أصدقائي في الروضة صغار في السن مثلكما لذلك.

فهمت الأمر أخيرا وشعرت بمزيج من الحزن والفرح في النهاية ويليام كان محقا، دييغو يشبهها تماما، إنه كتوم وعاجز عن التعبير عن مشاعره مثلها، لكنه إن وجد من يصغي إليه ويحثه على الكلام فهو سيتحدث.

أمسكت يديه الصغيرتين وقالت مؤكدة:
_ أنا والدتك، وويليام هو والدك، اعتقادك صحيح.

لم تعلم إن كان ذلك قد سره أم لا فهي ما زالت عاجزة عن تفسير نظراته لكنها تشجعت وأضافت:
_ لكننا كنا نظن أنك لا تعلم، فأنت كنت تنادي والديْ ويليام أبي وأمي بدلا منا لذلك.

تجهمت ملامحه الصغيرة وأجاب:
_ أنتما كنتما تناديانهما بتلك الطريقة، أنا فقط كنت أقلدكما، لأنني لا أعرف أسماءهما.


شعرت أنها ساذجة وهي تسمع كلامه بالتأكيد تصرفه طبيعي وناتج عن فطرته فهو الطفل الأول والوحيد في هذا المنزل، لم يكن له إخوة أكبر منه، ولم يعلم كيف عليه أن ينادي والديه ولا أحد انتبه إلى هذه النقطة.

تحسست شعره بيدها وهمست:
_ دييغو أنا أمك، لذا هل يمكنك أن تناديني أمي؟

تطلعت إليه بلهفة، لكن ملامحه لم تكن مشجعة وهو يقول:
_ لا أعلم، لقد اعتدت على مناداتك باسمك، لكن سأحاول.

ابتسمت لسماع ذلك، لا بأس إنه صغير ويجب أن تكون صبورة، ستنتظر مهما استغرق الأمر.

قبلت جبينه بحنان ثم تذكرت شيئا وسألته:
_ في ذلك اليوم لماذا كان صديقك يعتقد أنني شقيقتك؟

تحولت ملامح دييغو إلى أخرى غاضبة وقال:
_ لأن أصدقائي سخروا مني عندما أخبرتهم أن ويليام هو والدي ولم يصدقوني، لأنه لم يكن يأتي إلا نادرا لاصطحابي، حتى بعد أن أتيتِ وأخبرتهم أنك أمي استمروا في السخرية مني وقالوا أن والداي كبيران في السن، حتى أنني صرت أكره الذهاب إلى الروضة.

تفهمت سخطه في كل مرة كانا يذهبان لاصطحابه، يبدو أنه كان يعاني من سخرية أصدقائه إنها تفهم شعوره تماما، فقد مرت بظروف مشابهة في طفولتها، الجميع سخروا منها ورفضوها لكن لأسباب مختلفة والأسوأ أن والدتها لم تكن موجودة للدفاع عنها على خلاف دييغو من الآن فصاعدا لن تسمح لأحد بإزعاجه.

احتضنته بحنان قائلة:
_ عزيزي، من الآن فصاعدا سأرافقك إلى الروضة وآتي لاصطحابك كل يوم اتفقنا؟

بدا مسرورا وهو يسمع ذلك وقال:
_ حقا؟ ربما عندها سيصدقون أنك أمي.

خفق قلبها لسماع ذلك، لقد قالها دون أن يدرك لكنها لم تتخيل أن دييغو رغم سنه الصغيرة لديه همومه أيضا ويبدو أن أصدقاءه يضغطون عليه.

أمضت أمسيتها رفقته، ثم تناولوا العشاء معا في جو عائلي.

وشعر جورج بالارتياح وهو يرى حفيده سعيدا، وأنجيل أيضا قد زال عنها شيء من الحزن.

ابتسمت كريستينا قائلة:
_ دييغو، ألن تشارك معنا سبب سعادتك؟

نظر إلى أنجيل مبتسما وقال:
_ لينا قالت أنها سترافقني كل يوم إلى الروضة.

فكر جورج للحظات وقال:
_ لينا لا تملك سيارة، ربما حان الوقت لتحصلي على سيارة وعلى رخصة قيادة أيضا وإلى ذلك الحين، السائق سيتولى نقلكما.

ابتهجت أنجيل لسماع ذلك لقد كانت مترددة في طلب ذلك منه لكن لحسن الحظ جورج رجل متفهم، ووفر عليها إخباره.

بعد العشاء استأذنت منهما أنجيل وصعدت رفقة دييغو إلى غرفتها.

ترددت كريستينا وهي تقول:
_ لينا ودييغو يبدوان سعيدين لقد كنت قلقة، خشيت أن ذهاب ويليام سيؤثر عليها سلبا لكن ما حدث كان العكس.

ليجيب جورج بأسف:
_ ربما ما حدث كان لصالحهما يبدو أننا أخطأنا بإجبارهما على الزواج، وكلاهما لم يكن سعيدا بالفعل أتمنى أن تجد لينا السعادة، وويليام كذلك.

شعرت كريستينا بالحزن وقالت:
_ إلى متى تنوي الاستمرار في مقاطعته؟ إنه ابننا الوحيد عزيزي رجاء لما لا تصالحه؟

تنهد بعمق وأجاب:
_ أعلم لكنني لست موافقا على الفتاة التي اختارها.

ترددت للحظات ثم قالت:
_ ويليام لم يكن سعيدا باختيارنا، ربما من الأفضل أن نتركه يختار بنفسه، ربما يحسن الاختيار.

التزم الصمت ولم يجب، الواقع أن كلام ويليام مازال يتردد في ذهنه إنه يكره حقيقة أن ابنه كان يعاني بصمت طوال السنوات الماضية.

في الصباح التالي سر دييغو كثيرا عندما رافقته أنجيل إلى الروضة، لوح لها مودعا ودخل.

ثم غادرت هي رفقة السائق وطلبت منه أن يمر على مكتبها، إنها تريد تفقد ساندي فقد تركتها وحدها.


مع أن الجميع في الشركة رمقها بانزعاج وسمعت الوشوشات خلف ظهرها إلا أنها لم تهتم لقد اعتادت على ذلك فهي طالما كانت منبوذة من المجتمع.

ابتسمت ساندي لرؤيتها، ورحبت بها قائلة:
_ لم أتوقع قدومك قبل أن تنتهي الإجازة!

بدت أنجيل مبتهجة وهي تجيب:
_ لقد حدثت أمور جيدة وأردت مشاركتك فرحتي.

شعرت ساندي بالفضول وفرحت كثيرا عندما أخبرتها أنجيل بالحديث الذي دار بينهما هي وطفلها، وهنأتها قائلة:
_ أحسنتِ، إنها خطوة جيدة، الآن ستجعلينه يتقبلك ويحبك، لقد فكرت في الأمر مطولا، عليك قراءة كتب عن الأمومة وكيفية التصرف مع الأطفال وربما عليك استشارة مختصين سأجهز لك قائمة بأرقام هواتفهم لاحقا.

ضحكت أنجيل من حماسة مساعدتها، ساندي طالما كانت هكذا فتاة بسيطة وحنونة، وتهتم لأمر مديرتها منذ لقائهما الأول شعرت أنجيل بالود اتجاهها.

فهي في الماضي، كانت تعاني كثيرا من مساعديها السابقين جميعهم عاملوها بعدم احترام، وكانوا يتحدثون عنها بالسوء لكن ساندي كانت مختلفة، هي لم تسخر منها، ولم تنظر إليها باحتقار، لذلك وظفتها مباشرة غير مهتمة لكونها دون خبرة، ويبدو أن قرارها كان صائبا ووجدت راحة كبيرة في العمل مع ساندي لقد صارتا مقربتين واعتبرتها أختها الصغيرة.


نظرت أنجيل إلى الصناديق التي كانت ساندي على وشك نقلها إنها مجموعة تسجيلات من الإعلان الأخير الذي عملت عليه.

أصرت عليها أنجيل لتساعدها على نقل الصناديق لكنها رفضت قائلة:
_ لا، صحتك لم تتحسن.

وافق ذلك دخول فرانس، الذي سمع جملتها الأخيرة وسأل أنجيل بقلق :
_ هل أنت مريضة؟ هل هذا هو سبب حصولك على إجازة؟

توترت أنجيل وهي تجيب:
_ لا، أنا بخير.

نظر فرانس إلى الصناديق وقال:
_ سأنقلها بنفسي أو سأطلب من العمال فعل ذلك، لا تتعبا نفسيكما.

شكرته أنجيل على لطفه، وأرسل أشخاصا لنقل الصناديق.


في ذلك الوقت كان ويليام في مكتبه، عندما سمع ضجة ثم اقتحمت مارييل مكتبه مع أن روز حاولت منعها.

نظر إليها ببرود وقال:
_ ماذا تظنين نفسك فاعلة؟

بدت على وشك الانفجار من الغضب وصرخت:
_ لينا طردتني، عليك إجبارها على إعادتي إلى العمل، من تظن نفسها لتفعل ذلك.

زفر ويليام بعصبية وقال:
_ لكنني أعتقد أن قرارها صائب كان علينا طردك منذ زمن بعيد.

لم تصدق ما تسمع وقالت:
_ ما الذي تقوله هي غير قادرة على العناية بدييغو أنا من اعتنيت به خلال السنتين الماضيتين كيف بإمكانها إنكار فضلي؟

تجاهل كلامها قائلا:
_ أنت كنت تتقاضين أجرا على عملك ليس لك أي فضل، كما أنه من الواضح لي أن دييغو لم يكن مرتاحا بحضورك أنت تقسين عليه وتمنعينه من الاقتراب من أنجيل، كما أن محاولاتك للتقرب مني كانت واضحة، أنت مثيرة للاشمئزاز.


شعرت بالكره اتجاهه، وصرخت:
_ لا أسمح لك برفضي، لقد تحملت الكثير خلال السنتين الماضيتين، لكنك تجاهلتني وعاملتني ببرود.

نظرت إلى روز بحقد وقالت:
_ لكنك فضلت هذه الفتاة، أنا أجمل منها وأعرفك أكثر منها لماذا؟

اكتفى ويليام منها وقال منهيا الحديث:
_ اخرجي من هنا فورا، وإياك والاقتراب من عائلتي مجددا هل هذا مفهوم؟

في تلك اللحظة سيطر عليها الغضب تماما خاصة عندما همت روز باستدعاء رجال الأمن، لإخراجها وصدمت عندما انقضت عليها، وضربتها بقسوة قبل أن يبعدها ويليام عنها، ويخرجها بعيدا، طبعا لقد تدخل رجال الأمن عندما سمع الموظفون الصراخ من غرفة المدير.


بدت روز في حالة سيئة بينما احتضنها ويليام وتأسف لها لأن الأمور أخذت هذا المنحى، لم يتوقع أبدا أن مارييل مجنونة، كيف سمح لها بالعناية بطفله كل هذه المدة؟ لحسن الحظ أن دييغو بخير.

مسحت روز دموعها وسألته:
_ ويليام، لماذا هاجمتني تلك الفتاة؟ لقد بدت حاقدة، كما لو أن هناك من حرضها علي.

هدأها ويليام قائلا:
_ لا ما هذا الكلام، لا أحد قد يفعل شيئا مماثلا، مارييل طالما كانت معجبة بي وقد بذلت جهدها لإغوائي لكنها لم تنجح، لقد كانت سعيدة عندما انفصلت عن أنجيل، واعتقدت أن أمامها فرصة، لكنها صدمت عندما علمت أنني على علاقة بك لذلك.

فهمت روز ما يحدث أخيرا، في حين أصر عليها ويليام لتذهب إلى منزلها لترتاح، فما حدث لم يكن سهلا عليها.

كانت أنجيل على وشك أن تستقل المصعد رفقة فرانس الذي أصر على مرافقتها إلى غاية المخرج، ولاحظت أنه كان يبذل جهده ليخلق حديثا معها، ليقول أخيرا:
_ إذا هل سترفعين دعوى لأخذ حضانة دييغو؟

تفاجأت بسماع ذلك وأجابت مترددة:
_ لا لكن ما الذي يدفعك لقول هذا هل قال ويليام شيئا عن الحضانة؟

تنحنح فرانس وأجاب:
_ الواقع لقد سمعته يتحدث مع روز قال شيئا عن أنه سيأخذ دييغو للعيش معه بعد أن يتزوجا، لذلك اعتقدت أنك ستتنازلين عن الحضانة.

شحبت ملامحها وهي تسمع ذلك ما الذي يحاول ويليام فعله؟ لقد وعدها أن يسمح لها بالبقاء مع دييغو في منزل عائلته، هل يعقل أنه غير رأيه أم أنه كذب عليها منذ البداية وخدعها؟


تنهدت بعمق وشعرت بالتعاسة، ما الذي ستفعله إن كان ذلك صحيحا؟ وأثناء ذلك سمعا صراخ مارييل التي كانت تحت موجة غضب.

توترت أنجيل خاصّة عندما لمحتها مارييل ورمقتها بغلّ واضح.

تراجعت خطوة إلى الخلف بينما أحاط فرانس كتفيها قائلا:
_ أنجيل لا تقلقي لن أسمح لها بإيذائك، الأفضل ألا تخرجي من الشركة حتى نتأكد أنها غادرت تبدو امرأة مجنونة.

أومأت له وأصرّ عليها أن ترافقه إلى مكتبه وطلب لها فنجانا من القهوة، في حين أنها بدت قلقة، التفكير في مسألة الحضانة يخيفها، هي بالكاد اتخذت خطوة لتحسين علاقتها مع طفلها ماذا سيحدث لو أخذه ويليام بعيدا؟


قاطع حديثهما ريبيكا التي دخلت المكتب وبدت عليها المتعة وهي تقول:
_ فرانس لن تصدق ما حدث.


انتبهت وهي ترى أنجيل في حين أشار لها فرانس كي لا تقول أمورا غير ضرورية، حيّت صديقتها وجلست وهي تقول:
_ لقد اتضح أن تلك المربية المجنونة كانت واقعة في حب ويليام.

تردّدت أنجيل وهي تقول:
_ الواقع لقد اعترفت بذلك بالأمس عندما طردها أبي، وكادت تسبب مشكلة كبيرة لولا أن الخدم ألقوا بها خارجا، مارييل طالما كانت وقحة وعدائية، لكن لم أتخيل أن يصل بها الأمر إلى هذا الحد.

تنحنحت ريبيكا وهي تقول:
_ هذا مريب لكن ما كانت لتتصرف بتلك الأريحية، لو لم تجد تشجيعا من ويليام، أقصد مؤكد أنه لاحظ الأمر لماذا لم يطردها؟

توترت أنجيل لسماع ذلك وحاولت نفي كلام صديقتها قائلة:
_ لا أظن، فويليام يقضي معظم وقته في العمل ولا يعود إلى المنزل إلا لينام لذلك.

رمق فرانس ريبيكا بضيق وقال:
_ أجل أنت محقة ثم أن كل ذلك لا يهم الآن لقد انفصلتما وأيا كان ما يفعله ويليام فهذا شأنه.

أحنت أنجيل رأسها، بينما تجهمت ريبيكا وانصرفت أولا، ليقول فرانس مشجعا:
_ أنت تعرفينها جيدا، لا تفكر قبل فتح فمها.

رن هاتف مكتب فرانس وأجاب ليطلب منه ويليام القدوم إليه لكنه اعتذر عن ذلك وقال:
_ الأفضل أن تأتي بنفسك فهناك ضيفة مهمة برفقتي.


شردت أنجيل مجددا، عندما فتح الباب ودخل ويليام، حدق كلاهما في الآخر، وشعرت بالتوتر فهما لم يلتقيا منذ تلك الليلة عندما غادر المنزل، وانزعجت أكثر عندما ابتسم لها وألقى عليها التحية قائلا:
_ أنجيل، هل تشعرين بتحسن؟ لقد زرت المنزل قبل يومين وقد كنت نائمة، لقد قلقت كثيرا.

تجنبت النظر إليه وأجابت باقتضاب:
_ أنا بخير.

ثم وقفت لتغادر وقالت:
_ مؤكد أن مارييل قد تركت المكان لذا لا داعي لبقائي.

تساءل ويليام عن قصدها فأخبره فرانس بما حدث في منزل عائلته، وأن مارييل بدت حاقدة على أنجيل.

أقلقه سماع ذلك ولحق بها في حين أن فرانس لم يرق له ذلك.

ناداها فلم تجبه فأمسك ذراعها قائلا:
_ أنجيل، هل أنت بخير هل آذتك مارييل؟ وماذا عن دييغو؟ هل رأى ما حدث؟

سحبت ذراعها منه وأجابت:
_ دييغو لا يعلم شيئا، لقد كان في غرفته والجميع بخير والآن علي الذهاب.

كره طريقتها في معاملته من الواضح أنها تتهرب منه، ليس هذا ما أراده، لقد أراد أن يحافظا على علاقة طيبة بعد انفصالهما لكن يبدو أنها تكرهه الآن؟

وقف في طريقها قائلا:
_ أنجيل رجاء لا تكوني قاسية وأصغي إلي.

تجنبت النظر إليه وقالت:
_ لقد أخبرتك بما تريد.

رفع وجهها ناحيته لكنها انتفضت وأبعدت يده قائلة:
_ لا تلمسني.

انتبه لنفسه واعتذر منها قائلا:
_ آسف لم أقصد، لكن فقط لا تتجاهليني ولا تتجنبي النظر إليّ هذا يشعرني بالسوء، ألم نتفق على أن يبقى الاحترام بيننا؟ لماذا تفعلين هذا الآن؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي