الفصل الرابع

مرت الأيام بيننا وكانت كل يوم علاقتى بمروة تصبح أقوى وأكبر من ذى قبل لأ أعرف لماذا لم يصارح أحدا منا الأخر بمشاعره ولكن كان كل شئ يقول إن هناك شيئاً بيننا ، كنت انتهى من دراستى واذهب أمام مدرسة مروة سريعا لكى أتحرك أنا وهى سويا إلى محطة القطار نتحدث طوال الطريق حتى أقوم بايصالها واعود مرة أخرى إلى منزلى ،من ثم أذهب لعملى ،فالمساء أذهب لكى استريح ،كانت مروة لا تنام إلا إذا تأكدت أننى بالبيت وعلى سريرى وتوجهت للنوم واستيقظ من نومى على صوتها ايضا فكانت يوميا ترن عليا فى الصباح أستيقظ معها تركب هى القطار وأكون انا منتظر وصوله إلى المحطة التى أسكن بجوارها ونذهب سويا ،وفى أيام العطلة كنت أترجل أنا وهى على البحر قليلا حتى الأيام التى كانت تذهب بها إلى الدروس كانت تمر على بالعمل وأخرج لكى أسلم عليها واطمئن عليها وترحل

لا أعرف حقيقة امر أننا لم نبح بما بداخلنا فربما كنا نشعر بأن هناك شيئا يمنعنا ،وربما كنا نخشى بعض الأشياء التى تتعلق بالماديات ،فكنت أنا من أسرة متوسطة الحال اعول نفسى ومصاريفى أما عن أسرة مروة فكان والدها دكتورا معروف وأمها أيضا تعمل دكتورة بإحدى المستشفيات الخاصة ،حتى أننى علمت منها أنها قبل أن تنتقل إلى مرحلة الثانوية كانت لا تفارقها السيارة بالسائق يقةم بتوصيلها وعودتها يومياً ولكنها أبت هذا فى الثانوية وارادت أن تعتمد على نفسها بعض الشئ

ظلت علاقتى بمروة بعض الوقت حتى انتهينا من امتحانات الثانوية واعلنت النتيجة ،كنت قد حصلت على مجموع ٤٨ ٪ وهذه درجة إلى حد ما جيدة نظراً لشخصا يفعل ما أفعله كانت جيدة وكانت مروة أيضا فخورة بما افعله ،حتى أنها قررت أن تقدم لى هدية لحصولى على تلك المجموع وكانت هذه الهدية هى أعظم الهدايا التى حصلت عليها على مدار حياتى كلها ،لم أحد هدية فيما بعد فى حجم قيمتها وأهميتها بالنسبة إلى حتى أننى ما ان رأيتها كدت أبكى من الفرحة بها ،كانت الهدية عبارة عن آلة جيتار بكامل أدواتها ،اسعدتنى حدا تلك الهدية لا اعرف كيف عرفت مروة حبى للجيتار هى فقط تعلم أننى أحب الموسيقى وأريد أن أكون فى يوم من الأيام من إحدى الشخصيات التى أثرت فى الناس عن طريق مزيكتهم
أستغليت إجازة الصيف وكنت مازلت أعمل بتلك المطعم ،ولكننى كنت فى الصباح أذهب إلى إحدى الأماكن التى قد حجزت بها كورسا للموسيقى وبدأت بالفعل فى تعلم الجيتار والعزف عليه ،كان المدرب الخاص بي يشيد بأدائى وبأنى اتطور سريعا وأنا أعزف حتى أننى فى غضون خمسة شهور أصبحت من الذين يملكون المهارة فى عزف جميع الألحان
كنت قد دخلت كلية التربية وهذا بعدما قمت بالتقديم بمعهد الموسيقى وتم رفضى فى الاختبارات ولكننى لم أيأس وقررت أن أكمل كليتى وأظل أعزف أيضا ، كان قرارى بان ادخل كلية التربية نظرا لأن أكون متواجداً مع مروة بنفس الكلية وهذا حدث بعدما وجدتنى فى حيرة تامة من أمرى ولا أعرف كيف لى أن أقدم فى كلية أخرى غير معهد الموسيقى فهذا هو ما أحلم به طوال حياتى ولم أكن أعرف من ذى قبل أنه يجب على التدرب للاختبارات وعلمت هذا مؤخرا جدا ولكنى قد أقتنعت بتواجدى بتلك الكلية
كنت سعيدا بذلك نظرا لأننى سأتواجد أكثر الوقت بالقرب من مروة ،ولكن حدث ما لم أتوقعه أبدا ،كانت مروة من ضمن احلامها هو أن تسافر إلى الخارج وأن تكمل دراستها فى أحدى الدول المتقدمة وبعدما يأست من الأمر وقررت أن تدخل كلية التربية ،حدثت المعحزة وقد أتى لها والدها بمنحة فى جامعة بريطانيا ويجب أن تسافر لكى تدرس هناك ،بالفعل لم تتردد مروة فى ذلك الأمر وسافرت على الفور لم تفكر بشئ أخر شوى السفر حتى أنها لم تودعنى الوادع الذى يليق بما كان بيننا ،اعرف ان الأمر لم يكن مفهوما وأننا لم نصارح بعضنا البعض ولكن كان كل شئ واضحاً تمام ،او على الأقل كنا أصدقاء فمن حق الصديق أن تقوم بتوديعه بطريقة أفضل ،ولكنها فقط اكتفت باخبارى بالأمر هاتفيا وامشغلت عدة أيام ولم تجيب على هاتفها حينما أقوم بالأتصال بها ،حتى قبل ميعاد سفرها بيوم قامت بمحادثتى هاتفيا وأنها انشغلت بأمر شفرها وإذا أردت أنا أن أودعها على أن التقى بها فى اليوم التالى بالمطار.
لم أشعر بنفسى فى تلك الوقت كان يتملكنى الحزن على كل تلك الوقت الذى أهدر وألقى به أرضا مقابل حلما ،لم أكن أريد أن اعطلها عن تحقيق حلمها ولكننى فقط كنت أريد وداعاً ،وداعا يليق بتلك السنوات التى مرت ونحن أقرب إلى بعض من أى شئ آخر ،بدأت كرامتى فى الظهور ومن ثم أغلقت هاتفى وقررت عدم الذهاب إليها فى اليوم التالى ،قضيت يوماً أبكى على ما مررت به ولكنى أعرف أن بكائى هذا كان فقط على ما حدث معى وليس عليها حتى أننى مع بداية الدراسة أصبحت معافى تماماً من أمرها

بدأت فى الذهاب إلى الكلية والتعرف على الزملاء بها كان الأمر بالكلية أبسط بكثير من الدراسة فيما قبل وكان الأمر مختلفا بعض الشئ هنا تجد الجميع يتحدث إلى بعض والجميع يطلب المساعدة من بعض ،نعم يوجد اختلافات فى الثقافات والفكر وهذا لأن هذه المرحلة تعتبر مرحلة تكوين الفكر لدى الشباب فمن الطبعيعى والصحى أن يبحث كلا منا عن ذاته ،بدأت فى تكوين صداقات وكانت لى مجموعة بالكلية أفضلها وأفضل أن أجلس معها دوماً كان لى صديقا مقربا منهم يدعى مروان كان هو الأقرب إلى وكنا دوماً نساعد بعضنا ونتحدث إلى بعض نذهب فى بعض الأحيان للعب الكرة ليلا واحيانا أخرى نجلس ليلا باحدى الكافيهات حينما أكون اجازة من عملى وهذا لأننى بدات فى أن أضع جدول لنفسى وكانت اجازتى من العمل يومان بالاسبوع لكى أستطيع أن اواظب بين كل شئ الكلية والعمل وعزفى على الجيتار ،الذى كان كلما لمست اوتاره تزكرت مروة وتزكت ما فعلته معى.

كنا عبارة عن ستة أصدقاء ثلاثة فتيات وثلاثة أولاد انا ومروان وعبدالله ومريم وهبة وسمر نخرج سويا ليلا وكان هناك جروب على الفيس بوك نتحدث به وبعض الأشياء الاخرى التى نفعلها معا ،مثل المزاكرة ومراحعة المحاضرات وهكذا
فى إحدى الأيام كنا ذاهبين إلى إحدى الكافيهات بمنطقة محطة الرمل كان الكافيه يعتلى فندق ويعمل من الرووف الخاص به مكانا للجلوس كان المكان مريحاً جدا فلا ترى شيئا حولك سوى البحر فقط فتستمتع برائحته ولونهب المساء وهو يسقط عليه ضوء القمر ،هذه هى الحياة التى يفضلها كل من يقتن مدينة الإسكندرية فكل من ولد بها يعشق مساء الأسكندرية وسحرها ليلا
صعدنا إلى تلك المكان وبعدما جلسنا وقمنا بطلب المشاريب وكنا نتبادل الحديث واراد مروان أن يعلن لنا خبرا كنت أعرفه مسبقا نظراً لقربى منه ولكن باقى الجالسين لا يعرفونه
وقف مروان فى منتصف الطاولة وقال

_ طبعا يا جماعة الكل عارف أن أنا ومريم بنحب بعض ،بس أنا محضرلكم مفجأة انا كلمت والد مريم وهنتخطب فى إجازة الصيف
بدأ الحميع فى التصفيق لهم والمباركة وقمنا بتهنئتهم على هذا الأمر ولحسن الحظ وجدنا أنه يوجد بهذا المكان حفلا موسيقياً يقام كل خميس وجمعة بهذا المكان وكنا نحن فى يوم الخميس وبدأ الأشخاص فى إعداد المايكات وتوصيل كل شئ وبدأو فى عزف بعض الاغانى حتى ان المتر الخاص بالمطان اخبر تلك الاشخاص بأن هناك خطبة وقام بغناء بعض الأغانى عن الحب والعشق وكان الجو رائعا حقا
ظللنا على هذا الوضع قليلا حتى وقفت الموسيقة بعض الشئ لابد أن الفرقة تستريح كان مروان يتحدث إلى ويقول
_ إيه يابنى مش ناوى بقى تسيبك من الشغلانة بتاعتك دى وتنزل فى حاجة أفضل

فرددت عليه

= والله ياخويا أيدى على كتفك يعنى أنا لقيت حاجة أحسن وقولت لأ
_ مهو يابنى طول منت شغال مش هتلاقى وقت تدور على حاجة أفضل
= يابنى مش دى المشكلة المشكلة أنى مينفعش أقعد من الشغل يا مروان أنا لو فعدت من الشغل أنسى أنى أكمل جامعة وأنى حتى اعرف أقعد معاكم القعدة دى

فى تلك الوقت ردت علي هبة قائلة
_ طب ياعمر أنت أصلا بتفهم فى إيه

فقبل ان أجيب قال عبدالله

_ لا من النحيادى اطمنى خالص عمر من نوع الناس اللى لو حطتيه فى أي مكان بيعرف يتصرف ويفهمه بسرعة وعلى يدى

كان عبدالله بتحدث بتلك الطريقة عنى لانه فى وقتا ما طلب منى المساعدة وقمت بمساعدته بالفعل ولكننى لم اكن افهم شييا ومع بعض المحاولات حللت له الازمة

ردت هبة مكملة حديثها
_ طب بص أنا هشوفلك كدا كام واحد من صحابنا ولو لقيت حاجة كويسة هقولك
= ياريت والله لو فى حاجة وقعت قدامك قوليلى

فى تلك الوقت وجدت يد أحدا توضع على كتفى وهو يقول
_ يعنى أنت كل دا مش واخد بالك ياباشا ولا إيه يعنى؟!

ألتفت إليه لأجده أحمد إحدى اصدقائى وزميلى فى كورس تعلم الجيتار وكان من ضمن الأشخاص المميزين الذين كنت معهم فى آخر مرحلة قمت وسلمت عليه وبعدها قمت باحتضانه

_ انت إيه يابنى اختفيت ليه كدا ومحدش بيشوفك يعنى
= والله مختفتش ولا حاجة الكلية بس والشغل وانهاردة اجازة وكدا فقولت أخرج مع صحابى شوية
_ طب إيه مش حابب تلعب حاجة كدا
= لا ياعم بلاش لأحسن ابوظ الدنيا
_ ياعم بوظ متشغلش بالك كدا كدا المكان أنا بلعب فيه بقالى فترة فمش هيدققوا معايا يعنى متقلقش
= لا ياباشا أكل عيشك ومليش دعوة بيه
_ طيب أنا هروح دلوقتى عشان اشتغل ساعة كدا وهخلص ونتلكم

عدت مرة اخرى إلى جلستى فوجدت سمر تنظر لى وهى تحاول إغلاق عينها كانت سمر أكثرنا فضولا ودايما تحب ان تسأل عن كل شئ يحدث حولها ولكننى هذه المرة حينما لاحدت نظرتها بدأت أنا فى الكلام
_ ايه يا سمر عايزة تعرفى مين دا
= تؤتؤ ،لأن واضح أنه صاحبك ،انا عايزة أعرف إيه اللعب اللى بيقولك عليه

ضحكت كثيرا على سزاجتها وطريقة سؤالها ولكن اجابها مروان فكان هو الوحيد من بينهم الذى يعرف أننى أعرف على الجيتار

_ هيكون هيلعب إيه يعنى يا سمر ،عمر بيعرف يعزف جيتار وشاطر جدا كمان بس

تفاجئ الجميع بالأمر وبداوا فى سؤالى
_ طب وليه مش بنشوفك بتلعب أو حتى شوفناه معاك
= هو ياجدعان عشان ألعب آلة لازم أفضل ماشى بيها طول اليوم وأروح بقى بيها الجامعة والبنات تتلم حوليا والجو الغريب دا

ردت عليا هبة قائلة
_ والله عندك حق هههه أنت لو شوفت الواد اللى بيجى من كلية تجارة وبتاع والكام بنت اللى بيقعدوا معاه هتكره المزيكا نفسها

جسنا نضحك على تلك الامر وبدات هبة فى طرح حكايات عنه وعن ما يفعله بالجامعة حتى سمعت شييا جعل الجميع ينتبه ،نعم كان صوت أحمد بعدما انتهى من غناء إحدى الأغنيات ولكنه الان يتحدث
_ جماعة بس حابب النهاردة اعرفكم على شخص موجود فى المكان ،الشخص عزفه أحلى منى بكتير وكمان موهوب جدآ بس هو مكسوف يطلع يلعب قدامكم اتمنى أنكم تحيوه وتشجعوه معايا ،الفنان عمر حسنى

فى تلك الوقت وجدت اصدقائى يصفقون ويقومون باصدار بعض الصفافير وأيضا بعض الناس قمت من مكانى وتحركت باتجاه احمد حتى وقفت بجواره خلع الجيتار واعطانى اياه وهو يهمس فى أذنى قائلا
_ كان لازم ادبسك يعنى
= ماشى ياعم تسلم على الحركة دى

بدأت بعدها فى الاتفاق مع الشخص الذى معى كان يلعب إلة الكاخون فاخبرته بالاغنية التى ساغنيها وبدأنا أنا وهو سويا فى العزف أولا ،كانوا اصدقائى ينتظرون أن يغنى أحمد صديقى ولكنهم حميعا تفاجئوا حينما وحدونى أنا الذى يغنى كنت فى تلك الفترة متأثراً ببعض المطربين على راسهم فضل شاكر وبهاء سلطان كانوا أقرب الأشخاص إلى وأحب اغانيهم كثيرا ،وكنت قد قررت أن اغنى احدى اغينات فضل وهى لو على قلبى.
كان الحميع يصفق مع غنائى وأصدقائى يعلو وحههم الصدمة لا أعرف هل هذا نابع عن أن صوتى حلوا أم أنهم تفاجؤا من أنى أغنى وأعرف.
انتهيت من تلك الأغنية ولكن طلب منى البعض الغناء مرة أخرى فقمت بالغناء واغنية أخرى وبع.ها زاد الطلب فقررت أن أكمل بعض الوقت معهم كنت أقوم أنا بالغناء ويقوم أحمد صديقى بالعزف ويبادنى فى بعض المردات الغناء ختى قمنا بالغناء معا ما يقرب من خمسة اغانى وبعدها عدت مرة أخرى إلى اصدقائى
كان الحميع مصدوما منى ولكن كان أكثرهم صدمة هبة ومروان الذى قال لى قبل أن أجلس

_ يعنى يابن اللذينة لعبت قدامى جيتار واتناقشنا فى الموضوع ومقولتليش أن صوتك حلو كدا

فردت عليه هبة
_ مقالش ايه دانا هنفخه ،انا مش هسيبه غير لما يقعد كل يوم يغنيلنا لحدما نزهق بسبب أنه خبى صوته دا ومقالش

ردتت عليهم وأنا مبسوط بتلك الكلمات التى يقولنها فكنت اخفى هذا الامر عن الحميع لأننى لم اثق بنفسى وبموهبتى بعدما تم رفضى بالمعهد وقررت أن تكون هواية امارسها بالمنزل فقط ولكن ردة الفعل الأن تظهر لى صورة لم أكن أراها من قبل سواء من المتواجدين بالمكان واشادتهم بصوتى وعزفى أو من اصدقائى
ردت عليهم قائلا
= والله يا جماعة الموضوع عادى أنا مكنتش شايف بس أن صوتى حلو

فردت علي سمر سريعا

_ لأ هو أنت تقريبا مش بتشوف

فقالت هبة
_ بقولك ايه أنا خلاص عرفت الشغل اللى هجبهولك ايه
= شغل ايه؟!
_ بكرا هفهمك كل حاجة بس اورح بس واظبط الدنيا واقولك
= ماشى يا ستى لما نشوف اخرتها معاكى شكلك هتخلين. افتح شنطة الجيتار واقعد اشحت فى النفق

ضحكنا بعدها على ما قلت وجلسنا قليلا ثم تحركنا من المكان وكانت هذه هى المرة الأولى لى أن اقوم بالعزف أمام أحدا وان يستمع إلى عزفى وصوتى أيضا
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي