خمسة عشر دقيقة

الفصل العاشر

سيرا: بالإضافة للاعتناء بي فأنا اراه شريكا مناسبا لليديا، حيث ان اكتسابها صديقا لطيفا مثل ماكس سيخفف وحدتها في هذا القصر ومن يعلم ربما يتطور الامر بينهما ولهذا السبب فقد تشجعت أكثر لإحضاره إلى هنا.
سيباستيان: صديق لليديا؟
سيرا: اجل، الا تظن ان هذا الأمر سيفيدها؟
سيباستيان: إن كنتِ تريدين حقا من ليديا أن تكون صداقات مفيدة لها يجب أن تدعيها تخرج وتختار رفاقها لا أن تحضري رفاقا اعتمادا على اراءك الخاصة!
تمتعض سيرا من رد سيباستيان إلا انها لا ترد بشيء بل تستمر بالنظر نحوه ليردف ذاك الأخير قائلا: في المرة القادمة لا تتصرفي من تلقاء نفسك سيرا، أنا أحذرك.
يخرج مباشرة من الغرفة ليجد ماكس يقف الى جانب الباب، يرمقه بنظرة اشمئزاز ويسير بعيدا عنه وفي عينيه نظرة غضب وكره شديدين.

تشرق صباح اليوم التالي معلنة عن يوم جديد، ينهض سيباستيان عن السرير ولا يزال يراوده ذاك الشعور المزعج وللمرة الأولى منذ حضوره إلى القصر لم تكن لديه أي رغبة بمزاولة العمل. يهم لأخذ حمام ساخن قبل ان يذهب الى غرانديني ومن ثم ليديا، واثناء استغراقه في الاستحمام لا يزال يفكر بماكس وكلمات سيرا التي كانت تضايقه وبشدة ألا وهي:" ومن يعلم ربما يتطور الامر بينهما".

-تشه، وما شأني انا! كل ما يتوجب فعله ان احمي هذه الفتاة ولا شيء سوى ذلك!، يقول بانزعاج وغضب شديدين.
يراوده هذا الشعور دائما وبرفقة هذا الشعور يراوده دائما السؤال المتكرر لما يزعجه هذا الأمر، الا انه لم يعلم يوما الاجابة عنه حتى هذه اللحظة وبعد مرور خمسة عشر دقيقة ينهي سيباستيان استحمامه ويخرج من الحمام متجها نحو سريره ليرتدي ملابسه.

تجلس الفتاة امامه وتقول: كيف حالك اليوم؟
يجيبها اثناء ارتداءه قميصا رمادي اللون ذو اكمام طويلة: جيد.
الفتاة: لقد كنت غاضبا جدا بالأمس.
سيباستيان: لان سيرا تصرفت من تلقاء نفسها.
الفتاة: هل انت متأكد ان هذا هو السبب فقط؟
ينظر نحوها سيباستيان بغضب ويقترب كثيرا من وجهها ويقول: انا حقا لا افهمك، لماذا تصرين على وجود سبب اخر؟
تتوتر الفتاة من اقتراب وجهيهما وتقول بثقة مصطنعة: لأنك لا تدرك بعد؛أنك تهتم لأمرها جدا! وليس فقط كحارس شخصي بل أكثر من ذلك!
يبتعد عنها بعض الشيء ويقول: هه! بالطبع اهتم بأمر السيدة، فهي مسؤوليتي قبل كل شيء وأعتقد أنك يجب ان تقنعي نفسك بهذه الحقيقة لأن الحاحك هذا بدأ يصبح مزعجا.
ينفذ صبر الفتاة من غباءه هذا وتصرخ به قائلة: هل انت أحمق؟ انا اتكلم عن كونك بدأت تكوّن بعض مشاعر الاعجاب تجاه ليديا وأنت تقول لي انها فقط مجرد عمل بالنسبة لك؟
-ما هذا الهراء!، يصرخ بها سيباستيان بغضب شديد.
الفتاة: يا إلهي كم انت أحمق.
يلاحظ سيباستيان كمية الانزعاج البادية على وجه الفتاة ويعلم جيدا ان الصراخ والجدال لن يصل بهما إلى أي مكان لذا فإنه عوضا عن الصراخ عليها يقوم بالجلوس الى جانبها ويضع يده على يدها ويقول: انا لست بأحمق، لا أنكر ان ليديا فتاة جميلة ولطيفة ولربما قد بدأت اهتم بأمرها أكثر مما كنت ارغب، الا انه لا يمكن ان يحدث أي شيء بيننا.

تصمت الفتاة ولا تجيبه بشيء ليكمل هو: وانت تعلمين ذلك، لن يكون الامر عادلا لأي من كلينا.
تنظر الفتاة نحو سيباستيان وترى ابتسامته الدافئة التي لطالما أحبتها وتقول: لكن الى متى ستواصل اقفال قلبك، انا لن اكون دائما بجوارك سيب.
يقف سيباستيان ويتجه نحو الباب ويقول بصوت منخفض: انا اعلم.
ومن فوره يخرج ويترك الفتاة وحيدة واذ بها تجد بعضا من العبرات تسقط على وجنتيها الورديتين.

يسير سيباستيان نحو غرفة ليديا بعدما انتهى من زيارته للمطبخ ويطرق بضع طرقات على الباب.
تستيقظ ليديا وقد يبدو انها استغرقت كثيرا بالنوم وتقفز عن السرير بسرعة وتتجه نحو الباب وتقول: من الطارق؟
سيباستيان: صباح الخير سيدتي، ان الفطور قد أصبح جاهزا.
تفتح الباب بعض الشيء مما سمح لرأسها المدور الصغير بأن يظهر وتقول لسيباستيان: س..سيباستيان
يجيب بصوته الرزين: ماذا هناك سيدتي؟
ليديا: هل يمكنك احضار الفطور الى غرفتي؟ لقد استيقظت لتوّي من النوم وسيتطلب الكثير من الوقت حتى أُهيئ نفسي، لذا ان كان يمكنك ان تحضر الطعام لغرفتي.
ينظر سيباستيان نحو وجهها الخجول ويتذكر المرة الاولى التي فتحت له ليديا باب غرفتها وقد كانت بثياب نومها ويبتسم ابتسامة صغيرة ويقول: بالطبع سيدتي.
تبتسم ابتسامتها اللطيفة وتقول: اشكرك حقا!
يترك سيباستيان سيدته في غرفتها ويتجه مباشرة الى المطبخ واثناء ذهابه لهناك يلتقي بماكس ويبدو انه كان في غرفة سيرا.
ماكس: صباح الخير سيباستيان
ينظر سيباستيان نحوه بازدراء ويكمل سيره دون اي رد ويقول في نفسه: تبا لك.
يكمل ماكس سيره نحو غرفته واذ به يقف ليتأمل اللوحة الخاصة بوالدي ليديا بعض الشيء ومن ثم يبتسم.

لاحقا من هذا اليوم تمكث ليديا في غرفتها لتحضر نفسها للسير في الغابة بينما سيباستيان يقف خارج غرفتها، ينظر من حوله ولا يجد أي اثر للفتاة وبشكل لا ارادي يبدأ بالنظر الى سواره ويعود لذكريات قد ظن انه قد نسيها وقد حدث منذ وقت طويل.

- حسنا اذا هيا فلتغمض عينيك، تقول الفتاة والحماس يغلف أسارير وجهها.
- ولما ذلك؟، يقول سيباستيان بصوت متململ
تزم الفتاة شفتيها وترد عليه بصوت معاتب ظريف: هيا لا تكن مملا!
- حسنا لكن فلتزيلي عبوسك هذا عن وجهك، يجيب بتململ اكثر من سابقه.
يغلق سيباستيان عينيه رغما عنه وتتجه هي لتمسك بيده الكبيرة، تخرج السوار من جيبها الايمن وتُدخله ليد سيباستيان وتقول بصوتها الحماسي: حسنا اذا فلتفتحهما!
يفتح سيباستيان عينيه وينظر مباشرة الى يده ويقول: سوار؟
- ماذا؟ الم يعجبك؟
يشعر سيباستيان ببعض الحزن بصوتها الا انه ينظر نحوها ويقول: كلا كلا انه حقا جميل! لكنني تفاجأت ليس إلا، ما هي المناسبة؟
تبتسم وتقول: لتتذكرني دائما.

الحاضر
يكرر عبارتها تلك ببطء شديد ويقول: لأتذكرك دوما، صحيح ذلك.
-ماذا قلت؟
يرفع سيباستيان رأسه فجأة ليجد ليديا تقف امامه وتنظر اليه باستغراب وتقول: هل كنت تتحدث معي؟
سيباستيان: ك..كلا!
يستجمع افكاره بسرعة ويقول: هل انت جاهزة؟
ليديا: اجل، لكن ان كنت لا تشعر بأنك بخير لا بأس بالبقاء هنا.
سيباستيان: انا على أتم ما يرام، لا تقلقِ.
يسير سيباستيان امامها بسرعة ليخفي تعابير وجهه المرتبكة ويظل نظر ليديا معلقا على ظهره لتقرر بعد ثوان معدودة ان تتبعه.
اثناء نزولهما الدرج يلتقي كل من سيباستيان وليديا الخالة سيرا التي يبدو انها كانت متجهة نحو غرفتها.
يمر سيباستيان من جانب سيرا دون ان ينظر نحوها وتشعر ليديا بأن هناك شيء قد حدث بينهما ولا تعلم ما هو.
تبتسم الخالة سيرا الى ليديا وتمضي لغرفتها دون التوقف للحديث.
-ما بال الجميع اليوم؟، تُحدث نفسها بصوت منخفض.

يخرج كل من سيباستيان وليديا الى الحديقة وهناك يجدان ماكس يقرا كتابا ما، تتجه ليديا نحوه مسرعة وتسأله عما يقرأ ليبدأ ذاك الاخير بشرح فحوى الكتاب، حيث انه كان يقرأ كتابا عن علم النباتات. يتضايق سيباستيان من حديثهما هذا ويُفاجأ بكون ليديا تخبره بأن يبقى بالقصر.

سيباستيان: ماذا؟
ليديا: ألم تسمعني سيباستيان؟
سيباستيان: لقد سمعتك المرة الاولى! لكن كيف تتوقعين انني سأتركك تذهبين الى الغابة بمفردك؟
ليديا: انا لست بمفردي ان ماكس برفقتي.
وقبل ان يرد عليها ذاك الاخير بشيء تكمل ليديا بحزم: سيباستيان ان هذا امر، اريدك ان ترتاح اليوم وسيعتني ماكس بي لا تقلق.
تنظر نحو ماكس وتقول: اليس كذلك ماكس؟
يومئ ذاك الاخير رأسه ببعض من التوتر ويشعر انه يكاد يفقد رأسه بسبب نظرات سيباستيان.
يعلم سيباستيان يقينا ان ليديا لن تتراجع عن قرارها وان كان سيعترض طريقها فإنها ستهرب فما كان منه الا ان يوافق على شرط ان نزهتها هذه لن تستغرق سوى نصف ساعة. توافق ليديا على هذا الشرط وتنطلق برفقة ماكس نحو الغابة وهي تتحدث اليه بسرور ومتعة ولا يزال سيباستيان واقفا يراقبهما وكذلك حال سيرا بالخفاء.

خمسة عشر دقيقة، خمسة عشر دقيقة كانت كافية لتثبت لسيباستيان كم كان أحمقا وانه لم يتعلم من خطأه.
خمسة عشر دقيقة وقد شعر بقلبه يتألم كتلك الليلة وشعور الندم قد بدأ يغزو فكره.
بعد خمسة عشر دقيقة من غياب السيدة الصغيرة صرخة عالية يصل صداها للقصر وبدون اي تفكير ينطلق سيباستيان كالسهم راكضا نحو الغابة وتليه سيرا ببضع خطوات وفي ذهنه كلمة واحدة ألا وهي ليديا.

يركض سيباستيان بأقصى سرعة ويلتفت يمينا ويسارا لعله يلمح السيدة وماكس وقد كان الغضب يبتلعه كاملا، يركض في الارجاء ويتمزق قميصه بسبب الاشجار وسرعته الا انه لا يأبه بأي شيء ولسوء حظه لم يجدهما حتى الان.
يتوقف بعض الشيء ليلتقط أنفاسه ويداه تستقران على ركبتيه ويُحدث نفسه قائلا: تبا! اين انت ليديا؟ أين ذهبتِ؟
يسمع صوت تكسر بعض الاغصان ويلتفت بسرعة لعلها ليديا الا ان امله قد خاب حين رأى سيرا، يقف من جديد بشكل مستقيم ويهم بإكمال بحثه عن ليديا.

سيرا: سيباستيان انتظر!
لا يهتم سيباستيان لكلماتها ويكمل تقدمه الى الامام بشكل حذر أكثر من السابق. تمسك سيرا بيده وتأمره بالتوقف مرة اخرى وقبل ان ينفجر ذاك الاخير غضبا عليها يتذكر مرضها الشديد ويحاول الحفاظ على رباطة جأشه.
- فلتعودي الى القصر سيرا، يخبرها دون ان ينظر اليها.
ترد تلك الاخيرة بغضب وتقول: كلا لن اعود وابنة شقيقتي في مكان ما هنا! لقد سمعت تلك الصرخة كما سمعتها انت!
يلتفت نحوها اخيرا ويقول بغضب شديد لم يكلف نفسه بإخفائه: فلتأملي ان تكون بخير وإن كان لصديقك ذاك علاقة بصرختها تلك فلن ينقذكما أحد مني.
ينتشل ذراعه من يد سيرا ويكمل بحثه وهو ينادي باسم ليديا وتبقى هي واقفة لوحدها وتقول: كلا! لا يمكن ان يكون لماكس علاقة بالأمر.
تحاول الاتصال على هاتفه المحمول الا انه لا يجيب ويبدأ قلقها بالازدياد.

في تلك الاثناء تقف امارتا وغرانديني بجانب مدخل القصر قلقتين وخائفتين لتقول امارتا: لما ذاك الحارس الغريب لم يقم بواجبه؟ لما؟
تضايق غرانديني من القاء امارتا اللوم على سيباستيان وتقول لها: فلتصمت امارتا! ان السيدة قد أمرته بالبقاء هنا.
امارتا: ما كان يجب عليه الاستماع إليها، انه حقا لا يجيد عمله هذا وانا التي ظننت انه سيريحنا من عناء شقاوة السيدة.
تغضب غرانديني بشكل اكبر من السابق وتصرخ بها قائلة: لم يرغمك احد ابدا على البقاء هنا امارتا! فلتخجل من نفسك على الاقل ان سيباستيان كان يكرس جل وقته من اجل السيدة الصغيرة على عكسنا جميعا في هذا القصر، يا لك من افعى منافقة امارتا!
م..ماذا؟ ، تجيب امارتا بذهول.
لا ترد غرانديني بشيء بل تذهب نحو الغابة لتساعد بالبحث عن السيدة بينما تلك الاخيرة ظلت واقفة في مكانها متفاجئة من رد فعل غرانديني غير المعهود.

يكمل سيباستيان سيره وينادي بصوت أعلى من السابق على ليديا واثناء سيره يسمع صوت بعض الاشخاص ويهم بتتبع هذه الاصوات غير مكترث لما قد يصادفه. فجأة يصل لمكان الاصوات ويجد دماء منتشرة على الارض ولا تزال حديثة ويشعر بأن نفسه قد اصبح يضيق به وبسرعة يضع يده على صدره كمن يختنق.
تتلاشى الاصوات من حوله ولا يزال نظره معلقا على الدماء والعرق يتصبب من كافة انحاء جسده ليشعر بشخص ما ينادي عليه الا ان صوته كان بعيدا للغاية، يمر بعض الوقت ويعود سيباستيان لرشده ويدرك ان هذا صوت ليديا!
يرفع بصره ويجدها تجلس امامه متكئة على جذع شجرة وقدمها مصابة!
ليديا: سيباستيان!
دون ان تقول اي شيء اخر تتفاجأ بذاك الاخير يحتضنها وبقوة لم تعهدها من قبل ويقول بصوت منكسر مليء بالقلق: لقد قلقت عليك حقا! لا تعلمين كم كنت خائفا بمجرد ان سمعت صرختك تلك! شكرا انك بخير ليديا شكرا!
يظل سيباستيان متمسكا بها لبضع ثوان اخرى ليتأكد انها لن تختفي وما كان من ليديا سوى ان تحتضنه هي الاخرى وتربت على وزره بينما دموعها بدأت بالنزل دون أي توقف، حيث لم تدرك هذه الأخيرة كم كانت قد اشتاقت له وكم كانت حقا خائفة في غيابه عنها.

يبدأ جسد سيباستيان بالاسترخاء رويدا رويدا ومن فوره ينهي هذا العناق وينظر لها ويضع كلتا يديه على وجهها الصغير ويقول بقلق: ما الذي حدث؟
وهنا يتذكر قدمها المصابة وينظر نحوها ليراها ملفوفة بقطعة قماش وينظر من حوله ليجد ماكس يقف بعيدا بعض الشيء بهدف اعطاءهما بعض الخصوصية، ينهض سيباستيان ويتجه نحوه غاضبا وحين هم ماكس لشرح ما قد جرى يسدد ذاك الاخير لكمة نحو وجه الطبيب اردته على الارض!
تُصدم ليديا من فعله هذا وتحاول ان تنهض لتوقف سيباستيان الا انها لم تستطع جراء إصابتها بقدمها بينما ذاك الاخير يمسك بياقة قميص ماكس ويصرخ به قائلا: عليك اللعنة! ما الذي حدث لليديا؟
يحاول ماكس الاجابة الا انه لا يقدر وهنا تتدخل سيرا وتمسك بيد سيباستيان بكلتا يديها وتقوم بإبعاده عن ماكس، تصرخ بسيباستيان والغضب يعتري اساريرها: لقد تجاوزت حدودك سيباستيان!
- انا الذي تجاوزت حدودي؟ كيف لك ان تقولين ذلك وليديا مصابة هناك!
تنظر سيرا نحو ليديا ومن ثم نحو ماكس الذي كان يحاول التقاط انفاسه وتقول: ربما كان حادثا عرضيا ، كيف لك ان تتصرف بهذه الطريقة الغير عقلانية؟
- أقلت حادث عرضي؟ وان حدث مكروه اشد من هذا ماذا سيكون تفسيرك؟ فلتجيبيني!
- بغض النظر عن ذلك لا يمكنك افراغ غضبك على ماكس!
- بل سأفعل، انه يستحق ذلك!
- سيباستيان!، تصرخ ليديا بغضب شديد.
ينظر كل من سيرا وسيباستيان نحوها ويريان عبراتها تنسدل على وجهها، يقترب سيباستيان نحوها ويتكئ امامها.
ليديا: فلتأخذني الى البيت الان.
يومئ سيباستيان برأسه ويقوم بحمل ليديا برفق وحذر شديدين ويذهب بها الى المنزل تاركا كل من ماكس وسيرا في الغابة.
تقترب سيرا من ماكس وتساعده على النهوض وتعتذر له عن تصرف سيباستيان وتقول: ما الذي حدث؟
ينظر اليها ماكس ويقول: لقد كانت ليديا تركض أمامي لتريني بقعتها المفضلة من الغابة وقبل ان انتبه لقد تعثرت بحجر ما مما ادى الى سقوطها وارتطام قدمها قويا بالأرض وكان ذلك حين صرخت عاليا.
سيرا: ولما لم ترد على هاتفك؟ لقد قلقنا جدا عليها.
يتذكر ماكس هاتفه ويقول: لا بد ان البطارية قد نفذت وقد كنت منهمكا بإيقاف الدماء، عرضت عليها ان احملها الا انها رفضت قائلة ان سيباستيان سيأتي لا محالة.
سيرا: انها قد تعلقت به كثيرا.
ماكس: يبدو انها تكن له بعض المشاعر.
تنظر سيرا نحو ماكس باستغراب وتقول: ما الذي يدفعك لقول ذلك؟
- نظرتها تقول كل شيء، اعلم انك احضرتني الى هنا من اجلها لكن يبدو ان لدي منافسا قويا بحق ولن يقبل بالهزيمة أبدا.
- ماكس، انا اعتذر!
- لا بأس، ان ليديا فتاة رائعة سيكون من الرائع لو انها قد أُعجبت بي.
- اجل، لا يمكن لعلاقتها هي وسيباستيان ان تحدث.
- ولما ذلك؟
لا تجيب سيرا بشيء وتتجه الى القصر ويتبعها ماكس بصمت وقد كان كل من ذانك الاثنين مراقبين من بين الظلال.
شخص مجهول: حسنا حسنا، يبدو ان لدى هذا الحارس نقطة ضعف قوية.

في وقت لاحق يخرج كل من سيباستيان وليديا من الغابة وهو لا يزال يحملها وكلاهما لا ينبس بأي كلمة، تجدهما غرانديني التي قد عادت قبلهما بقليل وتتجه نحوهما قلقة لتطمئن على السيدة وسيباستيان.
غرانديني: ارجو ان تكونا بخير!
ليديا: لا تقلقِ غرانديني انا على اتم ما يرام هيهي
غرانديني: لكن قدمك سيدتي.
سيباستيان: لا تقلقِ، سأعتني بها.
تنظر ليديا نحو سيباستيان متفاجئة وتقول: ل..لا عليك، سأخبر امارتا بذلك.
ينظر نحوها سيباستيان ويقول: هراء! منذ الان فصاعدا لن امتثل لأوامرك هذه!
ليديا: ماذا؟
ينظر سيباستيان نحو غرانديني ويقول: غرانديني هل تمانعين بتحضير وجبة خفيفة للسيدة؟
تومئ غرانديني براسها وتتجه مباشرة نحو المطبخ بينما يستكمل سيباستيان طريقه نحو غرفة ليديا متجاهلا وجود امارتا وبقية الخدم القلقين.
يدخل سيباستيان غرفة ليديا ويضعها على السرير ويتكئ على ساقيه من اجل رؤية ساقها ويبدأ بفك قطعة القماش واذ به يشعر بقطرات مياه تتساقط على كف يده ويرفع رأسه ليراها تبكي امامه من جديد وبشكل أشد من السابق.

يتبع في الفصول القادمة, شكرا للقراءة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي