الفصل السابع
الفصل السابع
بداخل المستشفى التى تم نقل يُمنى اليها تقف هناء وسط الممر ترتعش أطرافها بتوتر على صديقتها وتدعو لها ان تفيق وتستعيد وعيها وتقاوم لأجل من يحبها شردت بذكرياتهم معا لتستفيق على رنين هاتفها لتجيب بدون ان ترى هوية المتصل : الوو
_ هناء عامله اى ؟
عقدت هناء حاجبيها و هى تركز بصوت المتصل لمعرفه الهويه و توترت عندما علمت من هو : تمام
_ و أخبار يُمنى ليه مش بترد على فونها و لا بتفتح المسدجات ؟
_ يُمنى جالها تسمم وهى بالعمليات حاليا
جاها صوته بقلق واضح وشك : تسمم اى دا هى مكلمانى امبارح وكانت تمام
_ الى حصل يا يوسف ان يُمنى جالها تسمم بعد أخدت عدد كبير من الحبوب والوقتى هى فى العمليات
_ تسمم و لا يُمنى حاولت تنتحر ؟!
شهقت يُمنى واجابته بسرعه وبنبرة متوترة : يوسف الله يحفظك انا مش ناقصه وأعصابى مش مستحمله انا لحد لوقتى مش مستوعبه الى حصل انت متصل عايز أى ؟!
_ أبعتيلى عنوان المستشفى انا جاى حالااا
_ تمام
اغلقت هناء الهاتف بعدما ارسلت عنوان المستشفى ليوسف لتنظر لريان الواقف أمامها لترفع حاجبها له ليتحدث بهدوء : الى فهمته من المكالمه انه يوسف بيسال على يُمنى
_ أيوا هو
_ عارف أنه مش وقته بس اعتقد أن حسام كان عنده حق أهتمام يوسف بيُمنى دايما مبالغ فيه
هزت هناء راسها بهدوء ونظرت أمامها بدون أى ردت فعل وألتزمت الصمت فهى لم تعد تعلم لما حظ صديقتها يُمنى بهذا السوء لينجذب لها من لا أمان لهم
بعد نصف ساعه الجميع مجتمع فى ممر المستشفى ليقبل عليهم شاب ببداية الثلاثين ببدله رسميه تحمل اللون الكحلى وقميص باللون الأبيض نظرت هناء اليه عندما لاحظت قدومه ووقفت لتتحدث له : أهلين هناء فى أخبار جديدة ؟!
_ لا مفيش لسه
لم يتكلم يوسف ولكن تعابير وجهه تدل على القلق الواضح نظر لأهل يُمنى حيث والدها ممسك بيد والدتها و يربت على كفها و باسل يقف بجوارهم و الحزن يرتسم عليه حول نظره لهناء و تحدث بهدوء : دول اهلها ؟ عرفينى عليهم
نظرت هناء لريان الذى يتابع حديثهم من بعيد ليهز راسها بحيرة لتتنهد هناء و تتقد حيث يقفن عائلة يمنى و تتحدث بهدوء وهى تشير ليوسف الواقب الى جوارها : عمو دا دكتورنا فى الجامعه أنا و يمنى و أول ما عرف بالى حصل ليمنى جى يطمن على وضعها
نظر والد يمنى ليوسف وهز راسه بهدوء فيمنى قد ذكرت أسم ذلك الدكتور امامه أكثر من مرة و الأن يلتقى به وجهه لوجهه : اهلا يا أبنى
_ أن شاء الله هتقوم منها بالسلامه و تطمنوا عليها
_ ياارب
نظر يوسف لباسل وتحدث بهدوء : أكيد أنت باسل أخوها
هز باسل راسه و قلبه لم يرتح لذلك اليوسف
عشر دقائق و خرج الطبيب و هو يبتسم بهدوء
_ طمنا يا دكتور
_ أطمنوا الحمد الله عدت على خير و المريضه بقت كويس هنحطها تحت الملاحظها 24 ساعه الجايه دول للأطمئنان
همس الاب برضا و صوت ملهوف و قد شعر بأن قلبه أعادة الى وضعه الطبيعى و بدا بضخ الدم من جديد : الحمد الله يارب الحمد الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دلف ( أدهم ) الي بهو منزل عايله الجابر بخطوات متثاقلة ، فوجئ بوجود ( حنان ) تعيق طريقه بسذاجه : ازيك يا أدهم .
تجاهل ( أدهم ) حديثها و نظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما ، نظرت اليه نظرة استكشافية : هو انت زعلان من حاجه يا أدهم .
زفر بقوة ولنفاذ صبر : في حاجه يا حنان ؟!
هزت كتفيه بتلقائيه و اجابته بتوتر : لا مافيش ، بسلم عليك بس و كمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حصل مني الصبح .
اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر و تركها بخطوات متعجلة صوب باب البيت توقف علي نداء امه ( زينب ) المفاجئ : عاوزاك يا أدهم .
تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم و هو يقول لها بضيق : خير يا أمى ؟
- عاوزه اعرف اخرتك يا أبن بطنى مع بنت الفاروق ؟!
صمت قليلا ثم دني منها : يخصك في اي الموضوع دا يا أمى كمان هتأمري علي قلب أدهم الجابر يحب مين و يكره مين !!
مسكت كفه في حنو : و من امتى يا ابن بطنى انا بامرك طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .
طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب : بقولهالك يا أمى بصراحه و على بلاطه فرحة قلب ادهم الجابر مش هتكون غير على بنت الفاروق غير كدا يبقى على موتى
انسكبت دمعه حاره علي وجنتها : بس انت عارف انه ماينفعش يا أدهم
ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
: يعني ايه ماينفعش الكلام دا ما هو مش زرار ادوس عليه ف يبدل بين قمر ل حنان يا أمى انا بعترف أهو قلب و عقل و روح أدهم مع قمر الفاروق ، و انا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا
-تسمرت ( حنان ) في مكانها و انخرطت عينيها بالبكاء لاحظتها اختها الصغري ( مريم ) التي سرعان ما ركضت نحوها ، و علي الفور استدار البقية الي صوت ( سعاد ) التي صاحت بكل قوتها : و بتي مش بايره يا أدهم و لا هتموت عليك و الجوازه دي انا مش عايزاها .
ارتبكت ( زينب ) و اتسعت حدقة عينيها : جري لعقلك اي يا ( سعاد ) هتكسري اوامر كبير عيلة الجابر و لا أى ؟
وقفت ( سعاد ) امامها بتحدي : ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا و كرامتهم قبل اي حاجه و مادام معرفتيش تربي أبنك علي الاصول و ازاي يحترم كرامة بنات الناس يبقي مايلزمناش يا زينب .
نهرتها ( زينب ) بقوة : بس أبنى متربي احسن تربيه وانتى عارفه كدا كويس يا سعاد
اجابتها بسرعه مطلقه و هي تصوب نظرها الي ( أدهم ) : والتربية دي مخلياه يحفي ورا بنت الفاروق اللي عاوزين يشربوا من دمه
حاول ( ادهم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه و لكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها : والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها عمى و هرب يا عمتى و اول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .
خفق قلب ( حنان ) و ندبت ( زينب ) علي وجنتيها و نظرت له ( سعاد ) بغضب و اتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي
- وايييه كمان يا ادهم ؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران
عقد إدهم ذراعيه : زي ماسمعتني يا جدو انا مش موافق علي جوازى من حنان و لو كان علي حمايتهم فهما في عيني اظن ان عداني العيب كدا
انكمشت ملامح الجد و ارتفع صوته اكثر : اللي بتقوله ده العيب بعينه عقلي أبنك يا زينب
وقف امام جده متحديا : بس انا مش هتجوز غير قمر بنت الفاروق يا جدو
اكمل الجد معاندا : وريني هتكسر كلام جدك ازاى يا أدهم .!!
ثم وجه كلامه للجميع بقوة و حزم : كتب كتاب و دخلة العرسان الاسبوع الجاى و تحديدا يوم الجمعه كله يجهز نفسه
ثم ارسل نظرة ناريه صوب أدهم قبل مغادرته : وياريت تعقل و تبطل شغل الحراميه اللي بتدخل بيه كل لليله بيت عيلة الفاروق لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك و انا مش مستعد استلمك جثه خليك فاكر أنى حذرتك
تركهم الجد في شبكة افكارهم و حيرتهم هناك قلوب تحترق بالحب و اخري بالفراق و غيرها بنيران الغضب و لكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم و ما باليد حيله سوى الاستسلام
انهارت ( حنان ) اثر كلمات أدهم التي تدركها جيدا و لكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها و ما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .
ترك ( أدهم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك و ظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء قريتهم .
اجري مكالمه تليفونيه و هو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف زفر بقوة و القي هاتفه جنبا و هو يضرب المقود بيده : تمام يا قمر
و سرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا : مبتروديش ليه علي طول يا قمر ؟؟
اجابته بنفاذ صبر : هو أنت مبتكلمنيش غير لما تزعق متغرفش تتكلم بهدوء و صوت واطى عاوز ايه تانى ؟
- انا اتكلم زى ما أنا عاوز و انتِ تستحمليني و تحبيني علي كدا من غير اي تعليق و لا مناحيع
جلست علي مكتبها الصغير بتحدي : بقول لك اى يا حفيد الحابر مش انا اللي تتأمر عليها فوق لنفسك .
ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه : اتأمر عليكي و علي اللي خلفوكي كمان .
كتمت صوت ضحكتها : هقفل و مش هرد عليك بعد كدا أبدا انا حذرتك اهو .
رد متحديا : طيب انا عاوزك تعمليها يا قمر يا بنت الفاروق و شوفي انا هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر : انت عاوز اي دلوقتى ، عندي شغل ..
- شغلك اهم مني ؟!
- لسه متخلقش اللي يبقي اهم منك يا أدهم .
لمعت عينيه بحب :اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول داا ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها : يوه يا ادهم مش هنخلص بقا بجد عندى شغل و مش وقت كلام خالص
وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر المستشفى الرائسيه بالقريه : قمر قلبى واجعنى .
انتفضت من مكانها بلهفه : انت بجد ولا عايز تقلقنى و تخوفنى عليك ؟!
دلف من سيارته و ركل بابها خلفه بخطوات متزنه و ثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال : لا بجد ادهم حبيبك قلبه واجعه .
ترجمت نبرة صوته المدللة قائله؛: لا والله و بعدين يا أدهم معاك بقاا .
- وبعدين معاكى انتى يا قمر
- و قمر عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .
- ماانت كمان سرقت قلبى و انا مالومتكش ؟
ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره و هو يقترب من باب غرفة مكتبها : طب اعمل ايه يلا اتصرفي و عالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه و هو بعيد عني .
اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته : انت هتسرح بيا و لا ايه !! ماتتمسي كدا و قول يا مسا انت عارف أنى مش بعرف اجاريك فى الكلام
قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه : هو انا لما اقولك تعبان مبتصدقنيش ليه انتى نفسى أفهم !!
ارتجف جسدها و هلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل : اى الى أنت بتهببه دا يا أدهم هي حصلت تيجي لحد هنا !! .
تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - و ارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا : تعالي اكشفي عليّ يلا .
اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها و خوفها الشديد عليه اندفعت نحوه راجيه : أدهم قوم امشي عشان خاطري وجودك هنا خطر انت عارف أن عيلتى باعتين رجالتهم هنا فى كل حته فى المستشفى عشان عارفين انك بتبقى حواليا امشى يلا عشان لو شافوك مش هيرحموك
شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء : هاا يا قمر شوفي شغلك انا مش دافع تمن كشف و جاي هنا مخصوص عشان تقوليلي امشي .
قطمت علي شفتها السفليه بحنقه و نفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره جلست علي مقعدها بجواره و شرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه و هي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام
تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق : يووووه يا أدهم هتودي نفسك و توديني معاك في داهيه
اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا : داهيه !! مش مهم المهم نروحها سوا و نخليها جنه يلا يا قمر الجهاز ده هيفضل متعلق كدا كتير .
مسكت كفه ممتعضة و هي تحكم الرباط حول معصمه : افرد ضهرك طيب لما نشوف اخرتها معاك يا حفيد الجابر كان مالي انا بالحب و سنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !!
ضحك بصوت عال و بلهجة مفخمة بالحب : مافيش عاشق عاقل يا قمر .
نظرت اليه بطرف عينيها و هي تخفي ضحكتها قائله بخبث : الضغط تمام اوي علي فكرة عشان تعرف انك بتدلع
اجابها مندفعا : انا متاكد انه مش تمام هتعرفي اكتر مني انتى يعني !!
قطبت حاجبيه معترضه : و طالما مش واثق فيا جاي تكشف عندي ليه .
دنا منها حد الغير مباح و هو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع و زفيره الذي يلامس وجنتيها : عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .
اغمضت عينيها لسحر كلماته و هي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها ، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف رفعت جفن عينيها ببطء شديد بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف و هي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا
_ أدهم لو سمحت ماينفعش كده يلا امشي
نهض من مكان و هو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- قمر للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهرب من هنا .
احتشدت العبرات بداخلها قائلة : ومش قمر الفاروق اللي هتعيش معاك في الضلمة يا أدهم مش انا الى أجيب العار لعيلتى وأحط راسه فى الارض
انفجر بها قائلا : انا و لا عارف اعيش معاكي فالنور و لا في الضلمه.
انخرطت عينيها بالبكاء: يبقي قدرنا كدا يا ادهم و احنا لازم نرضي بالمقسوم دا نصيب .
قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا بس المقسوم دا بيكسرنا أحنا يا قمر انا مش عارف ازاى عيلتى و عيلتك جايلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا حتى انتى ازاى جايلك قلب تقولى الكلام دا يا قمر ازاى جايلك قلب تمنعينى عنك كدا
انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره : قمر من غيرك بتموت ببان قويه و مش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع و الفراق دا لاني انا اللي تعبت تعب و مبقيتش قادرة يا إدهم
ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا : اهدي يا قمر بلاش تقولي كلامك دا لانه وجع قلبى ( ثم قال ممازحا ) و بعدين ماانتى حلوه أهو و بتعرفى تقولى كلام حلو و طلعتى دايبه فى هوايه اهو
حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
: طب سيبني يلا و ابعد عني و متكلمنيش تاني ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى
احكم قبضته عليها اكثر : أنا راضى ذمتك عاوزاني ابعد !!
تلعثمت الكلمات داخل فمها و بتلقائيه عانقته بحب و هي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء و طارت في سحب عشقها قائله : وحياتى عند لا ورحمة ابوك يا ادهم خليك متمسك بيا و بقلبى متسيبنيش
استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها : عمري ماهسيبك و لا هبطل احبك يانبض ادهم
ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما و فجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم و تجمدت الدماء بعروقه و اشتعلت نيران الحقد و الكره و بداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه : والله و جيت لموتك يا حفيد الجابر و مفيش غير عزيز الى هيشرب من دمك . . .
. . . . . . . . . . . . .
اما عند سعد اخيه لادهم الاكبر
فتح ( سعد ) باب غرفة مكتبه و خرج منها حتي فوجئ بوجود ( صفاء ) امامه رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل سعد طريقه بتجاهل تام ، وضعت ( صفاء ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان و جنتها متنهده بمرارة و ضيق .
. . . . . . . . . . . . . .
على أحد القهاوى بأحد الأماكن الشعبيه و بالتحديد فى الشرابيه
يجلس عم أحمد و مقابله أسر
عم أحمد بحنان ابوى تلقائى : مالك يا ابني ؟
أسر بتنهيده حزينه : خلاص رفضونا من الشغل
_قدر الله و ماشاء فعل يا بني
_ سبحان الله الناس الاغنياء دول لما بيمسكوا منصب بيبقوا اعوذ بالله
_ مش كلهم يا بني بص قدر الله وماشاء فعل انت مالكش نصيب فى المكان خلاص ان شاء الله ربنا يعوضك بشغلانه تستاهلك
_ ياررب ياعم أحمد .. انا اصلا قررت اني أجر الشقه بتاعتي بكره بأذن الله اعرضها للايجار تسند شويه لحد ملاقي شغل
انتبه عم احمد لحديث أسر و ساله : تأجرها .. مش هي الشقه اللي معانا ف البيت اللي عملها عشان تجوز فيها
ضحك اسر : يعني انا عندي غيرها يا عم أحمد
_ بس يا ابني دي جديده
تنهد أسر : عارف بس حاجه تسند يا عم أحمد
_ طب بص انا عندي اللي يأجر
_ بجد الحمدلله بالسرعه دي
_ بص بنت اختي هتيجي تعيش فيها اصل هي مصممه انها متقلش عليا و هي دماغها ناشفه فالحمدلله انك قولتلي عشان ابقا اقولها .. بس قولي عايز فيها كام ؟
بداخل المستشفى التى تم نقل يُمنى اليها تقف هناء وسط الممر ترتعش أطرافها بتوتر على صديقتها وتدعو لها ان تفيق وتستعيد وعيها وتقاوم لأجل من يحبها شردت بذكرياتهم معا لتستفيق على رنين هاتفها لتجيب بدون ان ترى هوية المتصل : الوو
_ هناء عامله اى ؟
عقدت هناء حاجبيها و هى تركز بصوت المتصل لمعرفه الهويه و توترت عندما علمت من هو : تمام
_ و أخبار يُمنى ليه مش بترد على فونها و لا بتفتح المسدجات ؟
_ يُمنى جالها تسمم وهى بالعمليات حاليا
جاها صوته بقلق واضح وشك : تسمم اى دا هى مكلمانى امبارح وكانت تمام
_ الى حصل يا يوسف ان يُمنى جالها تسمم بعد أخدت عدد كبير من الحبوب والوقتى هى فى العمليات
_ تسمم و لا يُمنى حاولت تنتحر ؟!
شهقت يُمنى واجابته بسرعه وبنبرة متوترة : يوسف الله يحفظك انا مش ناقصه وأعصابى مش مستحمله انا لحد لوقتى مش مستوعبه الى حصل انت متصل عايز أى ؟!
_ أبعتيلى عنوان المستشفى انا جاى حالااا
_ تمام
اغلقت هناء الهاتف بعدما ارسلت عنوان المستشفى ليوسف لتنظر لريان الواقف أمامها لترفع حاجبها له ليتحدث بهدوء : الى فهمته من المكالمه انه يوسف بيسال على يُمنى
_ أيوا هو
_ عارف أنه مش وقته بس اعتقد أن حسام كان عنده حق أهتمام يوسف بيُمنى دايما مبالغ فيه
هزت هناء راسها بهدوء ونظرت أمامها بدون أى ردت فعل وألتزمت الصمت فهى لم تعد تعلم لما حظ صديقتها يُمنى بهذا السوء لينجذب لها من لا أمان لهم
بعد نصف ساعه الجميع مجتمع فى ممر المستشفى ليقبل عليهم شاب ببداية الثلاثين ببدله رسميه تحمل اللون الكحلى وقميص باللون الأبيض نظرت هناء اليه عندما لاحظت قدومه ووقفت لتتحدث له : أهلين هناء فى أخبار جديدة ؟!
_ لا مفيش لسه
لم يتكلم يوسف ولكن تعابير وجهه تدل على القلق الواضح نظر لأهل يُمنى حيث والدها ممسك بيد والدتها و يربت على كفها و باسل يقف بجوارهم و الحزن يرتسم عليه حول نظره لهناء و تحدث بهدوء : دول اهلها ؟ عرفينى عليهم
نظرت هناء لريان الذى يتابع حديثهم من بعيد ليهز راسها بحيرة لتتنهد هناء و تتقد حيث يقفن عائلة يمنى و تتحدث بهدوء وهى تشير ليوسف الواقب الى جوارها : عمو دا دكتورنا فى الجامعه أنا و يمنى و أول ما عرف بالى حصل ليمنى جى يطمن على وضعها
نظر والد يمنى ليوسف وهز راسه بهدوء فيمنى قد ذكرت أسم ذلك الدكتور امامه أكثر من مرة و الأن يلتقى به وجهه لوجهه : اهلا يا أبنى
_ أن شاء الله هتقوم منها بالسلامه و تطمنوا عليها
_ ياارب
نظر يوسف لباسل وتحدث بهدوء : أكيد أنت باسل أخوها
هز باسل راسه و قلبه لم يرتح لذلك اليوسف
عشر دقائق و خرج الطبيب و هو يبتسم بهدوء
_ طمنا يا دكتور
_ أطمنوا الحمد الله عدت على خير و المريضه بقت كويس هنحطها تحت الملاحظها 24 ساعه الجايه دول للأطمئنان
همس الاب برضا و صوت ملهوف و قد شعر بأن قلبه أعادة الى وضعه الطبيعى و بدا بضخ الدم من جديد : الحمد الله يارب الحمد الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دلف ( أدهم ) الي بهو منزل عايله الجابر بخطوات متثاقلة ، فوجئ بوجود ( حنان ) تعيق طريقه بسذاجه : ازيك يا أدهم .
تجاهل ( أدهم ) حديثها و نظر في شاشة هاتفه كإنه يجري اتصالا ما ، نظرت اليه نظرة استكشافية : هو انت زعلان من حاجه يا أدهم .
زفر بقوة ولنفاذ صبر : في حاجه يا حنان ؟!
هزت كتفيه بتلقائيه و اجابته بتوتر : لا مافيش ، بسلم عليك بس و كمان عاوزه اقولك انا اسفه علي اللي حصل مني الصبح .
اغمض عينه لبرهه بنفاذ صبر و تركها بخطوات متعجلة صوب باب البيت توقف علي نداء امه ( زينب ) المفاجئ : عاوزاك يا أدهم .
تراجعت قدميه قبل ان تلمس اعتاب درجات السُلم و هو يقول لها بضيق : خير يا أمى ؟
- عاوزه اعرف اخرتك يا أبن بطنى مع بنت الفاروق ؟!
صمت قليلا ثم دني منها : يخصك في اي الموضوع دا يا أمى كمان هتأمري علي قلب أدهم الجابر يحب مين و يكره مين !!
مسكت كفه في حنو : و من امتى يا ابن بطنى انا بامرك طول عمري صاحبتك قبل مااكون امك .
طافت عينيه في ارجاء المكان بغضب : بقولهالك يا أمى بصراحه و على بلاطه فرحة قلب ادهم الجابر مش هتكون غير على بنت الفاروق غير كدا يبقى على موتى
انسكبت دمعه حاره علي وجنتها : بس انت عارف انه ماينفعش يا أدهم
ارتفعت نبرة صوته الاجش الذي التفت اليه الجميع
: يعني ايه ماينفعش الكلام دا ما هو مش زرار ادوس عليه ف يبدل بين قمر ل حنان يا أمى انا بعترف أهو قلب و عقل و روح أدهم مع قمر الفاروق ، و انا مش هدفع من عمري تمن ذنب انا ماليش دخل فيه اللي غلط يتحاسب مش هلملم من ورا حد انا
-تسمرت ( حنان ) في مكانها و انخرطت عينيها بالبكاء لاحظتها اختها الصغري ( مريم ) التي سرعان ما ركضت نحوها ، و علي الفور استدار البقية الي صوت ( سعاد ) التي صاحت بكل قوتها : و بتي مش بايره يا أدهم و لا هتموت عليك و الجوازه دي انا مش عايزاها .
ارتبكت ( زينب ) و اتسعت حدقة عينيها : جري لعقلك اي يا ( سعاد ) هتكسري اوامر كبير عيلة الجابر و لا أى ؟
وقفت ( سعاد ) امامها بتحدي : ماعنديش اغلي من بناتي في الدنيا و كرامتهم قبل اي حاجه و مادام معرفتيش تربي أبنك علي الاصول و ازاي يحترم كرامة بنات الناس يبقي مايلزمناش يا زينب .
نهرتها ( زينب ) بقوة : بس أبنى متربي احسن تربيه وانتى عارفه كدا كويس يا سعاد
اجابتها بسرعه مطلقه و هي تصوب نظرها الي ( أدهم ) : والتربية دي مخلياه يحفي ورا بنت الفاروق اللي عاوزين يشربوا من دمه
حاول ( ادهم ) ان يكتم تيارات غضبه المتتاليه و لكن كلماتها كانت كفيله ان تخرج نيران منه تحرق مدينه باكملها : والله انا مش مسئول عن جريمة ارتكبها عمى و هرب يا عمتى و اول مايجي جدي بلغوه اني مش موافق على الجوازه دي .
خفق قلب ( حنان ) و ندبت ( زينب ) علي وجنتيها و نظرت له ( سعاد ) بغضب و اتت عاصفه اخري لتخمد النيران المشتعله ما بينهم لتبدلها بنيران اقوي
- وايييه كمان يا ادهم ؟!
زمجر الجد بكلماته التي هُزت لها الجدران
عقد إدهم ذراعيه : زي ماسمعتني يا جدو انا مش موافق علي جوازى من حنان و لو كان علي حمايتهم فهما في عيني اظن ان عداني العيب كدا
انكمشت ملامح الجد و ارتفع صوته اكثر : اللي بتقوله ده العيب بعينه عقلي أبنك يا زينب
وقف امام جده متحديا : بس انا مش هتجوز غير قمر بنت الفاروق يا جدو
اكمل الجد معاندا : وريني هتكسر كلام جدك ازاى يا أدهم .!!
ثم وجه كلامه للجميع بقوة و حزم : كتب كتاب و دخلة العرسان الاسبوع الجاى و تحديدا يوم الجمعه كله يجهز نفسه
ثم ارسل نظرة ناريه صوب أدهم قبل مغادرته : وياريت تعقل و تبطل شغل الحراميه اللي بتدخل بيه كل لليله بيت عيلة الفاروق لو مسكوك اتاكد مش هتلاقي اللي هيرحمك و انا مش مستعد استلمك جثه خليك فاكر أنى حذرتك
تركهم الجد في شبكة افكارهم و حيرتهم هناك قلوب تحترق بالحب و اخري بالفراق و غيرها بنيران الغضب و لكن جميعهم علي متن سفينة واحده اتت رياحها بما لا تشتهي انفسهم و ما باليد حيله سوى الاستسلام
انهارت ( حنان ) اثر كلمات أدهم التي تدركها جيدا و لكن مازال بداخلها صوت يكذب لها حتي اتت عباراته قطعت حبال الشك باليقين لم يوجد مُحتل بداخل قلبه سواها مما جعلته يتحدي الجميع لاجلها و ما هي الا اسم بالبطاقه يثبت نسبهم فقط .
ترك ( أدهم ) المنزل عقب كلمات جده التي مرت علي جروحه بسلك شائك و ظل يجوب بسيارته في مختلف ارجاء قريتهم .
اجري مكالمه تليفونيه و هو داخل سيارته مرات متكرره دون جدوي من صاحب الهاتف زفر بقوة و القي هاتفه جنبا و هو يضرب المقود بيده : تمام يا قمر
و سرعان ما اضُيت شاشة هاتفه التف نحوها متلهفًا : مبتروديش ليه علي طول يا قمر ؟؟
اجابته بنفاذ صبر : هو أنت مبتكلمنيش غير لما تزعق متغرفش تتكلم بهدوء و صوت واطى عاوز ايه تانى ؟
- انا اتكلم زى ما أنا عاوز و انتِ تستحمليني و تحبيني علي كدا من غير اي تعليق و لا مناحيع
جلست علي مكتبها الصغير بتحدي : بقول لك اى يا حفيد الحابر مش انا اللي تتأمر عليها فوق لنفسك .
ارتسمت بسمة خفيفه علي شفتيه : اتأمر عليكي و علي اللي خلفوكي كمان .
كتمت صوت ضحكتها : هقفل و مش هرد عليك بعد كدا أبدا انا حذرتك اهو .
رد متحديا : طيب انا عاوزك تعمليها يا قمر يا بنت الفاروق و شوفي انا هعمل ايه ؟
زفرت بنفاذ صبر : انت عاوز اي دلوقتى ، عندي شغل ..
- شغلك اهم مني ؟!
- لسه متخلقش اللي يبقي اهم منك يا أدهم .
لمعت عينيه بحب :اومال كان اي لازمته الوش الخشب اللي فالاول داا ؟!
وضعت وجنتها علي قبضة يديها : يوه يا ادهم مش هنخلص بقا بجد عندى شغل و مش وقت كلام خالص
وقف بسيارته تحت مبنى المستشفي التى تعتبر المستشفى الرائسيه بالقريه : قمر قلبى واجعنى .
انتفضت من مكانها بلهفه : انت بجد ولا عايز تقلقنى و تخوفنى عليك ؟!
دلف من سيارته و ركل بابها خلفه بخطوات متزنه و ثابتة اتجه نحو بهو المستشفى اجابها بدلال : لا بجد ادهم حبيبك قلبه واجعه .
ترجمت نبرة صوته المدللة قائله؛: لا والله و بعدين يا أدهم معاك بقاا .
- وبعدين معاكى انتى يا قمر
- و قمر عملتلك ايه يعني ؟!
- خدتى قلبي وفضلت عايش طول الوقت من غيره .
- ماانت كمان سرقت قلبى و انا مالومتكش ؟
ارتسمت بسمه جذابه علي ثغره و هو يقترب من باب غرفة مكتبها : طب اعمل ايه يلا اتصرفي و عالجيني فضى مكان قلبي بيموتني كل ثانيه و هو بعيد عني .
اتكأت فوق مقعدها شارده معه في اعذوبة كلماته : انت هتسرح بيا و لا ايه !! ماتتمسي كدا و قول يا مسا انت عارف أنى مش بعرف اجاريك فى الكلام
قبل ان تغلق شفتيها منتهيه من كلماتها فوجئت باقتحامه مكتبها الخاص قائلا بفظاظه : هو انا لما اقولك تعبان مبتصدقنيش ليه انتى نفسى أفهم !!
ارتجف جسدها و هلع قلبها من موضعه ثم ركضت نحوه في عجل : اى الى أنت بتهببه دا يا أدهم هي حصلت تيجي لحد هنا !! .
تجاهل انفعالها واتجه نحو - الشازلونج - و ارتمي عليه بكللٍ متخذا نفسا عميقا : تعالي اكشفي عليّ يلا .
اغرورقت عينيها بدموع تخفي خلفهم قلة حيلتها و خوفها الشديد عليه اندفعت نحوه راجيه : أدهم قوم امشي عشان خاطري وجودك هنا خطر انت عارف أن عيلتى باعتين رجالتهم هنا فى كل حته فى المستشفى عشان عارفين انك بتبقى حواليا امشى يلا عشان لو شافوك مش هيرحموك
شمر كُمه وبسط ذراعه بهدوء : هاا يا قمر شوفي شغلك انا مش دافع تمن كشف و جاي هنا مخصوص عشان تقوليلي امشي .
قطمت علي شفتها السفليه بحنقه و نفاذ صبر ثم استسلمت لاوامره جلست علي مقعدها بجواره و شرعت في لف زمام جهاز قياس الضغط حول معصمه و هي تتجول في عينيه اللاتي تتفتنها بهيام
تركت الجهاز متأففه قائلة بضيق : يووووه يا أدهم هتودي نفسك و توديني معاك في داهيه
اعتدل في وضعيته مستندا على معصمه امامها قائلا : داهيه !! مش مهم المهم نروحها سوا و نخليها جنه يلا يا قمر الجهاز ده هيفضل متعلق كدا كتير .
مسكت كفه ممتعضة و هي تحكم الرباط حول معصمه : افرد ضهرك طيب لما نشوف اخرتها معاك يا حفيد الجابر كان مالي انا بالحب و سنينه ويوم مااحب احب واحد مجنون !!
ضحك بصوت عال و بلهجة مفخمة بالحب : مافيش عاشق عاقل يا قمر .
نظرت اليه بطرف عينيها و هي تخفي ضحكتها قائله بخبث : الضغط تمام اوي علي فكرة عشان تعرف انك بتدلع
اجابها مندفعا : انا متاكد انه مش تمام هتعرفي اكتر مني انتى يعني !!
قطبت حاجبيه معترضه : و طالما مش واثق فيا جاي تكشف عندي ليه .
دنا منها حد الغير مباح و هو يلتهم انفاسها بشهيقه المرتفع و زفيره الذي يلامس وجنتيها : عشان انتِ الوحيده اللي معاكي الدوا .
اغمضت عينيها لسحر كلماته و هي تبتسم بحب
دنا منها شيئا فشيئا فلم يستطع ان يمنع القوة التي تجذبه نحو ملامسة شفتيها ، شعرت بانفاس تحرق وجهها بلت حلقها الجاف رفعت جفن عينيها ببطء شديد بدون مقدمات استدارت بجسدها ابعدت عنه بكيان مرتجف و هي تعبث بالاشياء الموضوعه فوق مكتبها لتمنع عينيها من الالتقاء بعينيه فتنهار امامه مجددا
_ أدهم لو سمحت ماينفعش كده يلا امشي
نهض من مكان و هو يدنو نحوها بخطوات متثاقلة
- قمر للمره الاخيره بقولهالك تعالي نهرب من هنا .
احتشدت العبرات بداخلها قائلة : ومش قمر الفاروق اللي هتعيش معاك في الضلمة يا أدهم مش انا الى أجيب العار لعيلتى وأحط راسه فى الارض
انفجر بها قائلا : انا و لا عارف اعيش معاكي فالنور و لا في الضلمه.
انخرطت عينيها بالبكاء: يبقي قدرنا كدا يا ادهم و احنا لازم نرضي بالمقسوم دا نصيب .
قبض علي معصمها بقوة ليدير جسدها نحوه لتقف امامه مهزوزه مغمومة علي حالهما هربت الكلمات من بين شفيته بدون رقابه ممزوجه بنبرة صوته الاجش التي اهتزت لها الجدران قائلا بس المقسوم دا بيكسرنا أحنا يا قمر انا مش عارف ازاى عيلتى و عيلتك جايلهم قلب يفرقوا بين قلوبنا حتى انتى ازاى جايلك قلب تقولى الكلام دا يا قمر ازاى جايلك قلب تمنعينى عنك كدا
انهارت عبراتها علي وديان وجنتيها بغزاره : قمر من غيرك بتموت ببان قويه و مش عاوزك لكن من جوايا مش عاوزه غيرك متعشمه في معجزه تنهي كل الوجع و الفراق دا لاني انا اللي تعبت تعب و مبقيتش قادرة يا إدهم
ضمها الي قلبه بقوة ليشعر بانتفاضة جسدها بين ذراعيه ربت علي ظهرها بحنو حتي هدأت تماما فطبع قبلة خفيفه علي جبهتها ثم همس قائلا : اهدي يا قمر بلاش تقولي كلامك دا لانه وجع قلبى ( ثم قال ممازحا ) و بعدين ماانتى حلوه أهو و بتعرفى تقولى كلام حلو و طلعتى دايبه فى هوايه اهو
حاولت فك قبضته الحديدية التي تحاصر جسدها
: طب سيبني يلا و ابعد عني و متكلمنيش تاني ولا عاوزه اشوفك تاني بعد عنى
احكم قبضته عليها اكثر : أنا راضى ذمتك عاوزاني ابعد !!
تلعثمت الكلمات داخل فمها و بتلقائيه عانقته بحب و هي تتشبث بعنقه كالغريق الذي يتعلق بقشه النجاة رفعت قدميها التي تلامس الارض حتي لامست الهواء و طارت في سحب عشقها قائله : وحياتى عند لا ورحمة ابوك يا ادهم خليك متمسك بيا و بقلبى متسيبنيش
استنشق رائحتها حتي امتلأت رئتيه من عبيرها : عمري ماهسيبك و لا هبطل احبك يانبض ادهم
ظلت عالقه بين ذراعيه للحظات لم تُحتسب من الزمن بل كانت كعمر جديد لهما و فجأه اقتحم الغرفة ذلك اللعين الذي عكر صفواهم و تجمدت الدماء بعروقه و اشتعلت نيران الحقد و الكره و بداخله وسرعان ما غرز كفه في جيبه يخرج سلاحه : والله و جيت لموتك يا حفيد الجابر و مفيش غير عزيز الى هيشرب من دمك . . .
. . . . . . . . . . . . .
اما عند سعد اخيه لادهم الاكبر
فتح ( سعد ) باب غرفة مكتبه و خرج منها حتي فوجئ بوجود ( صفاء ) امامه رمق كلاهما الاخر بنظره خاطفة ثم اكمل سعد طريقه بتجاهل تام ، وضعت ( صفاء ) كفها لتهدأ من ثوران قلبها الذي يدق صدرها بقوة كان اثره انسكاب دمعه حاره علي وديان و جنتها متنهده بمرارة و ضيق .
. . . . . . . . . . . . . .
على أحد القهاوى بأحد الأماكن الشعبيه و بالتحديد فى الشرابيه
يجلس عم أحمد و مقابله أسر
عم أحمد بحنان ابوى تلقائى : مالك يا ابني ؟
أسر بتنهيده حزينه : خلاص رفضونا من الشغل
_قدر الله و ماشاء فعل يا بني
_ سبحان الله الناس الاغنياء دول لما بيمسكوا منصب بيبقوا اعوذ بالله
_ مش كلهم يا بني بص قدر الله وماشاء فعل انت مالكش نصيب فى المكان خلاص ان شاء الله ربنا يعوضك بشغلانه تستاهلك
_ ياررب ياعم أحمد .. انا اصلا قررت اني أجر الشقه بتاعتي بكره بأذن الله اعرضها للايجار تسند شويه لحد ملاقي شغل
انتبه عم احمد لحديث أسر و ساله : تأجرها .. مش هي الشقه اللي معانا ف البيت اللي عملها عشان تجوز فيها
ضحك اسر : يعني انا عندي غيرها يا عم أحمد
_ بس يا ابني دي جديده
تنهد أسر : عارف بس حاجه تسند يا عم أحمد
_ طب بص انا عندي اللي يأجر
_ بجد الحمدلله بالسرعه دي
_ بص بنت اختي هتيجي تعيش فيها اصل هي مصممه انها متقلش عليا و هي دماغها ناشفه فالحمدلله انك قولتلي عشان ابقا اقولها .. بس قولي عايز فيها كام ؟