الفصل الرابع

ابتسم بتسلية حتى أن أسنانه ناصعة البياض قد ظهرت في ابتسامته ونظر إليها بتحدي قائلا

تجرأي أفعليها وسترين

بداخله مشاعر متضاربه برغب في الانتقام منها ورغم ذلك يشعر بالغيرة عليها ساد صمت بداخله ولم يقطعه سوي صوته الرزين قائلا بثبات

_الآن ''قدر''الي السيارة

تبع ذلك خطوات غاضبة تضرب الأرض بعنف حتى وصلت للسيارة واستقلت بها ،ظل الصمت يخيم علي الجميع فكل منهما يسرح بخياله في واد وتفكير غير الآخر رضوان يشعر وكأن بداخله حروب طاحنة يرغب في الانتقام من قدر وامها حسيبه ورغم ذلك يشفق عليها ،وقمر ظلت صامته كل تفكيرها كان محصورا في إيجاد مخرج من المأزق الذي وضعته شقيقتها به ،أما قدر فلم يكن يشغل فكرها سوي دين والدها ،وبعد وقت قليل انتبهت الفتاتان علي صوت رضوان قائلا


_هيا ''قدر''الي المنزل والدتك تنتظرك وانت'' قمر 'انتظري ستاتين الثبيتي معي اليوم


لم ينتظر ليسمع من شقيقته كلمة او اعتراض اخر قبل أن ينطلق بسيارته مسرعا يشق طريقه باتجاه بيته بينما غفل عقله عن كافة التفاصيل والافكار المتعلقة بانتقامه وتبقي خيال واحد واسم واحد يتردد صداه في عقله ''قدر'' شقيقه شقيقته حانت منه ابتسامه لم تكتمل وتشق طريقها الي شفتيه وهوا يتذكر سخريه القدر معه ومع شقيقته ومع ''قدر" قطع سيل افكارة همسه مذنبه من. شقيقته لتقول

اخي

انتظر ثانيه ،واخري وحتي دقيقه كانت شقيقته قد اصفر وجهها خلالها من القلق قبل أن يرق قلبه يهمس بكلمة واحدة

_نعم!

لم يكلف نفسه عناء النظر إليها غاضب هو منها وهي تعلم ذلك لذا حين تحدث إليها شدد علي كل حرف نطق به وهوا يقول

إن كنت تعتقدين اني امزح يا قمر ،فأنت مخطئة ،ولكن لنا بيت يجمعنا وحينها سنتكلم

ازدردت ريقها بتوتر وهي تتيقن ،اذا لن يمر الموقف مرور الكرام لقد سبق وحذرها أخيها من الخروج بدون إذنه وفي مثل ذلك الوقت ولكن شقيقتها الغبيه ،تعلم ان اخيها لن يقسو عليها ولكن ما يؤلمها أكثر هوا غضبه منها ،ابتسمت برقه وهي تغمض عينيها تحمد الله على نعمته عليها المتمثلة بشقيقها ،رضوان شقيقها الوحيد ليس لها اي احد بالعالم سوي شقيقها رضوان وشقيقتها قدر ،هي مميزه وتعرف ذلك جيدا وما يميزها اكثر من اي احد اخيها رضوان ،برغم كونه أخ غير شقيق لها إلا أنها لم تعرف يوما الفارق في ذلك معه او مع شقيقتها قدر فكلاهما اخ واخت غير اشقاء ولكن ما الفارق في ذلك إن كان الأخ غير شقيق أم لا فحين تكون العاطفه الصادقه والحب الأخوي موجود ومتبادل بين الأشقاء فما أهمية المسميات حينها .

……..

وقفت امام باب الشقه تغمض عينيها تستعد وتهيئ نفسها لسؤال والدتها الذي حفظته من كثرة ما تكرر منذ يوم وفاة والدها ،،أخرجت مفتاحها بكسل من حقيبة يدها الصغيرة ونظرت اليها بألم مفاتيح والدها الحبيب رحمه الله،،ابتسمت وهي تغمض عينيها تسمح لدمعة واحدة بالهروب علي طول خديها وهي تتذكر والدها الذي لولا وفاته ما تعرضت لكل تلك البشاعة في العالم والتي لم تعرفها ولم تسمع عنها قبل وفاته ،فحين كان والدها حي يرزق كانت مدللته لم يسبق لها أن غارت من شقيقتها قمر حين كانت تتدلل من اخيها رضوان ،فكما كانت قمر تتدلل من شقيقها كانت كذلك قدر تتدلل من ابيها قبضت علي المفاتيح وأغلقت يديها بعنف وغضب لولا ذلك المرض الذي انتشر في جسد والدها وكان السبب في وفاته ،وتراكم الديون عليهما ،مسحت وجهها باستسلام وهي تستغفر الله وتحوقل كما كان يفعل والدها حين يستعصي عليه امرا ثم فتحت باب الشقه ببطء قاتل لتواجه ما بالداخل وكما توقعت وجدت ،فحين انفتح الباب وجدت والدتها بنفس جلستها التي تركوها عليها لذا اقتربت منها وجلست امامها وهي تدس يدها في راحه والدتها وتهمس بحنان

_ما هذا امي ؟هل ما ذلت تجلسين بنفس الكرسي منذ ذهابنا ؟

لم تتأثر بكلمات ابنتها ولا بهيئتها ولا الإرهاق الذي يبدو مسيطرا عليها ولم تبدر منه أي ردة فعل سوى سؤالها العقيم الذي تكرره في اليوم مائة مرة خفضت عينيها وهي تنظر لابنتها قائلة
وهل وجدت عملا قدر؟

ابتسمت بالم اكبر وهي تسحب يديها من كف والدتها ببطء دوما كانت والدتها هكذا منذ عرفتها باردة جافه المشاعر و قاسية ،،ابتعدت عنها وهي تجلس على احد الارائك تخلع حذائها واحدا تلو الآخر وهي تنظر لوالدتها بالم وتهمس

_هل العمل اهم من امك ؟انت حتى لم تسألي عن شقيقتي قمر


تحركت مبتعدة باتجاه غرفتها وكما تفعل حين تغضب ستلجأ للنوم على يريحها قليلا وقبل أن تغلق باب غرفتها نظرت لوالدتها التي لم يظهر عليها التاثر باي كلمه مما قالت ،بل حتي لم تغير جلستها او تنظر لابنتها إدارة قدر راسها وهي تهتف بصوت عال

_ حسنا ،قمر ستبيت ليلتها عند أخيها الغليظ رضوان!

كادت أن تغلق الباب فقط كادت قبل أن تسمع همست والدتها البتراء تقول

لقد خطبك مني احدهم وانا وافقت

،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نظرت إلى أمها وقد ظهرت ملامح الغباء جليا علي وجهها وهي تهمس بلا وعي

_ ماذا قلت ؟

لم تتنازل حسيبه في النظر الى ابنتها وكأنها اختارت الجلد عنوان لحالتها والقسوة طريقا لتحقيق غايتها لذا وبلا اي شفقه او رحمه علي ابنتها التي لم تكمل ربيعها الثاني بعد قالت بلهجة قاطعة لا تقبل أي شك

_ كما سمعت !لقد تقدم لخطبتي شخص ما وانا وافقت

تحركت إليه حتى وقفت امام والدتها مباشره وهي تتأفف بغضب ذلك ما كان ينقصها في يومها المشاركات ذلك فلا يكفي أن رأت ذلك الغليظ رضوان هاهي والدتها تكمل عليها انحنت حتى استقرت جالسة على ركبتيها امام امها قائله بهدوء معتقدة أن أمها ما ذكرت ذلك الأمر إلا تعاندها او تنفس الغضب الذي يعتمل بداخلها

-حسنا امي!ومن سعيد الحظ ذلك الذي تقدم لخطبتك وانت وافقت

كانت تنتظر نفيا للامر كله من والدتها او ربما تعتبرها مزحه ولكن صدمه اطاحت بها وكان احدهم صفعها حين سمعت صوت والدتها يخرج هادئا ثابتا وواثقا لا مجال للشك به ولا اثر لاي مزاح بداخله

_ رضوان!


أقامت بغضب وحدة وهي تزيد وتلعن عليه وعلى غلظته لا تعلم إلى متى استمرت تهذي بغضب وتلعنه هو اهله واجداده واحد تلو الاخر وحين انتهت نظرت لوالدتها وعينيها تعصفان بغضب مخلتط بمشاعر هوجاء بداخلها بينما ملامح والدتها الرخاميه لم تتغير او يظهر عليها بادرة تأثر وحين انتهت قدر من هذيانها جلست امام والدتها تتنفس بقوه وهي تستمع لوالدتها تكمل بكلمات كخنجر تمزقها

إستمعي الى قدر لقد توفي والدي رحمه الله وترك لنا دينا ونحن الاثنتان نعلم كيف يصعب علينا سدادة

لم تستمع لوالدتها وهي تكمل حديثا فقط دلفت لغرفتها واغلقت الباب وألقت بنفسها على فراشها بقوه وهي تبكي بعنف وتدفن وجهها في الاغطيه تكتم شهقاتها القويه والمتتاليه


………..

جلس على طاولة الطعام أمامها شقيقته تاكل بنهم كما هو معتاد ابتسم براحه وهو يحمد الله بداخله انه مع مرور الوقت استطاع أن يبني اسما لنفسه وسط عالم العقارات والبناء نظرا لكونه ابتدأ العمل مجرد عامل يحمل الحصى والرمل إلى صاحب شركة معمارية تنافس أكبر شركات المعمار رغم كونها صغيرة نسبيا تراجع في الكرسي براحه وتنفس بعمق الان فقط يمكنه أن يعيل شقيقته تنحنح بقوه وهوا يسترجع الشدة والحزم بينما يكتف يديه امام صدرة قائلا بصوت حاول أن يبدو حازما أكثر ما يمكنه

_الآن قمر اخبريني مرة اخرى اين كنت انت وقدر

توقفت عن تناول الطعام كما توقفت اللقمه في حلقها قبل أن تبتلعها بصعوبه وهي تنظر بطرف عين لأخيها قائله

علمت والله أن تلك المأدبة لن تصبر حتى لتناولها بسلام و

لم تكمل حديثها الذي كانت تأمل به أن تستعين أخاها حتي سمعته يهدر بغضب

_ كفي عن المراوغة واجيبي قمر



الان فقط يمكنها قراءة الفاتحة على روحها سيقتلها الان لا محاله تقسم أن اخبرته ويفصل راسها عن قدميها غمغمت بداخلها وهي تلعن قدر شقيقتها المتهورة ووسط ذلك كله انتفضت علي صوت أخيها القوي قائلا بغضب

سألتك أين

حاولت مداره الأمر تقسم أنها حاولت قدر ما تستطيع لذا دعت في سرها قبل أن تزدري ريقها ببطء وتهمس بضعف
بعد أن ازدردت ريقها بتوتر

مطعم الجوهرة اخي

إعصار ما تلي كلمتها هذا هو ما حدث تحديدا حيث انتفض رضوان بغضب لم يسلم منه ذلك الكرسي المسكين الذي كان يجلس عليه منذ قليل حيث استقر ساقطا على الارض بقوة محدثا ارتطام افزع قمر التي وقفت ترتجف برعب ورضوان يهدر بها

مطعم الجوهرة!هل نفذ العمل في كافة مطاعم العالم حتى تبحث عن عمل في ذلك المستنقع القذر

وضع يديه على رأسه يشد شعره بقوة يكاد يقتلعه من جذوره مكملا بغضب

حقا قمر يا الهي يا لقد يئست منك كيف تذهبين الى مكان هكذا

حاولت الدفاع عن نفسها وشقيقتها لذا نظرت اليه برجاء وهي تهمس بضعف

_ اسمعني فقط اخي اقسم لقد حاولت منها اكثر من مره ان اقنعها انه مكان غير جيد لكنها أصرت وحين وجدتها مصرة هكذا خفت عليها ان تذهب بمفردها

كانت ستكمل حين قاطعها وهوا يهمس من بين اسنانه بغضب

وحين لم تستطيعي اقناعها رايت أن الافضل هو ذهابك معها

صمت قليلا وهو يتنفس بقوه يشعر بالغضب والغيرة يعتمل بقلبه عليها وعلي قدر وبعد عدة دقائق نظر لشقيقه قائلا

قدر تلك الغبيه الحمدلله يا الهي !!؛ماذا أفعل بكما إن لم تكن شقيقتك لكنت منعتك من الالتقاء او الحديث معها ولكن ما يقيدني انها شقيقتك

نظر اليها مطولا قبل أن يلقي قنبلته ويكمل

_ ستصبح زوجتي

تركها ودلف لغرفته مغلقا الباب خلفه منهيا النقاش قبل أن يبداء مع شقيقته وفور أن دخل الغرفه استند بظهره علي الباب خلفه مغمضا عينيه بقوه وهو يكرر علي نفسه قولا واحد لا يفكر في غيره ولا يتفوه سوي به ،،ها قد فعلتها رضوان ،ترى ماذا ستفعل هي قدر

….
بعد وقت طويل من البكاء بحاله يرثى لها وبعد أن استنفذت كل طاقتها وهي على نفس وضعية الجنين التي كانت عليها متكوره على نفسها بألم اغمضت عينيها بإرهاق تنشد الراحة وتتمنى الخلاص وحينها رأت والدها الحبيب ورجلها عالمها كله منذ ولدت قدر وهي لم تشعر برابط بينها وبين والدتها او حتي شقيقتها قمر مثل الرابط الذي نشأ بينها وبين أبيها منذ أدركت وهوا صديقها كان يبقى لساعات طويلة يسمعها دون كلل او ملل حتى أن والدتها كانت تغار منها في بعض الأوقات كثيرا ما تمنت أن تتزوج رجل مثله ولكن كانت تعلم جيدا انها لن تجد في حياتها من يشبه أو حتى يملأ الفراغ الذي تركه بعد وفاته ابتسمت بالم وركضت خلفه وهي تراه يبتعد عنها وكلما ابتعد عنها اكثر كلما ركضت هي اكثر واكثر تتحدث ولكن صوتها لا يخرج والدها أمامها هاهو تمد يدها تتلمس كتفيه في يستدير إليها ولكن تبقي يديها معلقه ويبتعد هوا اكثر عنها ظلت تناديه مرة تلو الأخرى على يسمعها ويعود اليها ولكن دون امل وحين ابتعد عنها اكثر مما تستطيع الركض حينها فقط خرج صوتها قويا حين صرخت للمرة الأخيرة

_اااااااابي

سراب استقر امام عينيها وهي تفتح عينيها بقوه وتتنفس بعنف واضعه يديها علي صدرها الذي ينبض بالألم وكان قلبها على ومرض هرم مثلما هرمت هي منذ وفاة والدتها ويدها الاخرى تمسح عرق غزير يتصبب على جبينها ورقبتها وهي تدرك الحقيقة الأبدية حقيقة ظهرت جلية في حلمها وواقعها ذهب سندها للابد بلا رجعه كسر ظهرها ومزقت روحها ،فتح بابها أصبحت في مواجهةمع القدر
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي