الفصل التاسع عشر

بدأت شروق فى أن تقص على ما حدث بينها وبين نور أختها.

كانت شروق تجلس بالصالةن وتشاهد إحدى الأفلام، بينما كانت نور عائدة من الخارج، قامت نور بفتح باب الشقة ودخلت، ألقت السلام على أختها بطريقة غير لائقة، ولكن لم تهتم شروق بذلك وكانت تركز مع الفيلم الذى تشاهده كانت تشاهد فيلما قديما، ولكن ذكرت حملة بتلك الفيلم سمعتها نور قبل أن تدخل غرفتها(الرجالة بيجروا ورا أى ست تقابلهم) وبعدما سمعت نور تلك الجملة قالت بسخرية:

_ اه والله صح، بس فى ناس عبيطة وبيتضحك عليها عادى.

ثم بعدها نظرت لشروق وضحكت وتحركت باتجاه غرفتها، تلك الجملة أشعلت الغضب بداخل شروق وطانت تقول فى نفسها ماذا تقصد نور بهذا الكلام ولماذا تقوله لى بتلك الطريقة، ثامت شروق من جلستها وذهبت إلى نور غرفتها فتحت الباب ووقفت أمامها، كانت نور تنظر لها وتضحك، فقالت شروق فى جدية:

= ممكن أفهم لزومه إيه رمى الكلام اللى بتعمليه دا؟

ردت عليها نور وهى مازالت تتعامل معها بتلك الرطيقة المليئة بالاستفزاز:

_ كلام إيه اللى برميه، ولا أنتى على رأسك بطحة وعايزة تحسسى عليها.

أثارت تلك الجملة غضب شروق أكثر ولكنها حاولت أن تتمالك أعصابها لكى تستمع إلى الحديث أكثر فقالت:

= لا بس مش كل ما تشوفى حاجة وحشة عن اى علاقة، او ختى حد بيسئ لراجل ولا كدا تروحى رميالى كلمتين وتضحكى، انا فهماكى كويس يانور عارفة أنك مش بتعملى كدا غير لما تبقى عايزة توصلى كلام.

كانت تتحرك نور وهى تبدل ملابسها، وبعدما أرادت ملابسها بالكامل جلست على سريرها وقالت:

_ طب منتى بتفهمى أهو آمال ليه بيقولو عليكى هبلة، ومضحوك عليكى.
= مين دول اللى بيقولوا؟

أعتدلت نور وندرت لشروق وقالت:

_ يابنتى أنتى هبلة، انتى فاكرة أن عمر دا بيحبك أو حتى يهمه حياتك؟

ردت شروق بكل تلقائية فى محاولة منها للدفاع عن نفسها كفتاة أولا وثانيا عن من تحبه:

= آه طبعا بيحبنى ومستعد يجبلى الدنيا كلها ويعملى اللى أنا عيزاه.
_ أيوا أيوا، مهو برضو لما عرفنى كان بيعمل معايا كدا، ومع اللى قبلى ومع اللى بعدى والدنيا كانت ماشية عادى.
= تقصدى إيه يانور!
_ أقصد انى مش عارفة انتى أزاى قابلة على نفسك ترتبطى بواحد كان بيبص لأختك وكان عينه منها!
= مين دا؟ عمر! عمر عمره ماشافك غير أخته وبس، وحتى قبل ما يحصل بينا حاجة أو أحس مشاعر ناحيته سألته فى مرة هل هو فى حاجة ناحيتك وقالى لأطبعا، وساعتها كان عه فرصة أنى اساعده فلو كان بيحبك كان قال، أو حتى لو كان عايز يرتبط بيكى كان قال.
_ اممممم، دا بأمارة الهدايا اللى كان بيجبهالى، وبامارة ما كان بيودينى أى حتة أنا عيزاها، وبامارة كمان لما كان بيلاقينى زعلانة بيقعد يبوس ايدى عشان مزعلش، ولما مكلمتوش يوم يقعد يعيط عشان أكلمه.

فى تلك الوقت كانت شروق تسمع تلك الكلمات وهى فى خالة صدمة كبيرة مما يدخل فى اذنيها الأن لا تعرف هل عمر الذى أحبته هو فعلا ذلك الشخص المنافق الذى كان يفعل ذلك مع أختها وحينما وجد الأمر ثعبا قرر أن يجربه معى ولكنه نجح معى، هل هذا فعلا صحيح؟.
كانت شروق تحاول أن تصدق اختها وتكذبها فى نفس الوقت، فسألتها:

= يعنى عمر كان بيعمل معاكى كل دا؟
_ واكتر كمان، يابنتى دا قالى أكتر من خمس مرات بحبك دى، بس أنا اللى شايفة انى مرتبطش بواحد زى دا، مش دا استايلى خالص على فكرا، بس لما لقيتك هبلة قولت انهبك بس.
= طب وليه مقولتيش من الأول؟
_ كنت فاكرة أنك هتفهمى كدا لوحدك بس طلعتى حمارة فى الأخر ومفهمتيش ولا حاجة، ومن الأخر كدا مكنتش عايزة أكلمك عشان حاسة أنه ةاكل دماغك واى كلام هيتقالك ممنوش فايدة.
= طب أنا هكلمه وأشوف الموضوع دا.
_ شوفى براحتك بقى أنا قولتلك، شوفى لو عايزة تكملى حياتك مع واحد كان كل مناه اختك تبصله بس.

لم تجيب عليها شروق وخرجت من الغرفة وبعدها قامت بالأتصال بى وحدث ما حدث بيننا.

(عودة للمكالمة)

كنت أسمع ما تقوله شروق وأنا فى حالة زهول كبير، كيف لفتاة أن تألف كل ذلك الحوارات كيف لها أن تقول كل ذلك، هل هى حقا تغير من أختها أم ماذا يحدث، أعرف أن هناك بعض الحقائق فى كلامها ولكن طريقة ذكر الكلام تختلف فالظروف التى كنت اعرفها عنها هى من جعلتنى أقف بجوارها واساعدها، لم يكن الأمر حبا على الإطلاق كان الأمر صداقة، وخلف هذه الصداقة دور شخصا يريد أن يساعد أحدهم يراه يحتاج للمساعدة.

ردت على شروق لكى اوضح لها كل هذه الأمور:

_ طيب أنا سمعتك للأخر ممكن بقى أرد ولا مش من حقى!
= رد ياعمر أنا نفسى أفهم الحقيقة فين، لو عندك رد قوله.
_ طيب أولا الكلام اللى قالته أختك دا كله كدب فى كدب، اينعم فى مواقف هى حكتها حصلت فعلا، ولكن الدوافع مختلفة، وزى ما قولتلك قبل كدا لما سألتينى أول ما عرفتك فى حاجة من ناحيتى ليها وانكرت أنا بكرر كلامى أن عمرى ما كان فى حاجة من ناحيتها.
= وايه الحاجات اللى بتقول عليها حصلت فعلا؟
_ أولا كدا أنا اه كنت بصولها دايما، وكنت ساعات باخدها ونخرج، بس دا مش عشان أنا عايز كدا لأ خالص، دا عشان كنت عارف أنها ساعات مش بيكون معاها فلوس لموصلاتها حتى، زى يوم ما جيت اخدتها من تحت البيت عندكم كان السبب فى دا أنها عندها كورس ومعهاش فلوس تنزل وكانت بتعيط وهى بتحكيلى، ساعتها فكرت فى الموضوع أن المليان يكب على الفاضى وأنى اساعدها، ولما فى فترة قعدت تتكللم معايا أنى زيى زى غيرى هنقعد شوية اصدقاء وهبعد عشان هى شخصية وحشة، ساعتها اخدت قرار أننا نفضل اصدقاء، وعشان اثبت دا كانت كل ما تطلب أننا ننزل كنت بنزل معاها، وطبعا دا مكنش بسجي على شغلى أبدا لأنى كنت فاضى ساعتها، دى الحقيقة اللى حصلت وآخرهم الحاجة اللى حكتهالى خلتنى عايز أفضل جنبها.
= حاجة إيه؟
_ والله للأسف مينفعش أقولها، لو انتى عايزة تقوليها تمام لكن أنا مينفعش أقول أنا حاجة ممكن يكون موضوع زى دا مش معروف فالبيت، أو ممطن كمان يكون حوار.
= عمر انت قلقتنى هى قيلالك إيه؟
_ عن موضوع تعبها!
= هى نور حكتلك عن موضوع المرض بتاعها؟
_ آه، وللأسف من يوم ما عرفت المعلومة دى وأنا قررت اساعدها وأبقى حنبها على قد ما اقدر، ودا لأنى فى الفترة اللى حصلى فيها قضية الغنا دى كنت أكتر حد محتاج صاحب جتبه، وعشان عارف الإحساس دا وجربته، فقررت اكون جنبها.
= يعنى أنت كنت بتساعد أختى وبتعملها كل دا، عشان عارف مرضها، مش عشان حاجة تانية!
_ بالظبط، ولكن كل اللى حصل أنى كنت جنبها، ولا عمرى قولتلها بحبك، ولا طلبت منها تفضل حنبى ولا الكلام دا أبدا.

ظلت شروق ملتزمة الصمت قليلا ولا ترد على حتى قلت لها:

_ توهتى ليه، مش عارفة تصدقى مين صح؟
= مش عارفة، أول مرة أكون فى الحيرة دى، محطوطة قدام اتنين ولازم أصدق حد فيهم أختى وحبيبى، إختيار مقرف ومتعب.
_ مش هقولك غير حاجة واحدة، أنتى عرفانى كويس ولو قعدتى قدامى هتعرفى أنا صادق ولا كداب، بس أنا كمان أعرف ابينلك الصادق من الكداب.
= أزاى؟
_ تواجهينا ببعض وساعتها تبقى أنتى شايفة وسامعة كل حاجة قدامك من الطرفين، ويبقى قرارك وانتى حرة فيه.
= هكلمها وننزل نتقابل، عمر؟
_ نعم؟
= أنا آسفة والله مقصدك اجرحك بكلامى أو اضايقك سامحنى.
_ ولا يهمك ياشروق أنا عارف ياحبيبتى الوضع اللى أنتى فيه وفاهمه، عايزك تنامى بس دلوقتى والصبح نبقى نتكلم ونتفق ونتقابل.
= ماشى حاضر، تبصح على خير.
_ وأنتى من أهل الخير.

أغلقت المكالمة معها وجلست أفكر ماذا الذى جعل نور تفعل ذلك، هل كانت تريدنى أن أكون لها، وأنها حينما وجدتنى احببت أختها غارت وأصبحت تريد أن تقلب الطاولة بسبب الغيرة، ما هو السبب المخفى وراء تلفيق تلك الأحداث التى لم تحدث لا أعرف، كل ما أعرفه فقط الآن هو أننى أخشى أن تفارقنى شروق أخشى أن أنام، واستيقظ لأجد نفسى فى ظلاما دامس ليس له شروق، كان التكفير يأخذ حيز كبير منى ولكنى فى النهاية ومع إرهاق اليوم غفلت عيناى وذهبت فى النوم.

فى اليوم التالى أستيقظت مبكرا وهذا يعود إلى تلك التفكير الذى تمكن منى، وجدت أميرة أختى بالمنزل، قامت بإعداد فنجان القهوة الخاص بى وقدمته لى، فسألتها:

_ معندكيش كلية انهاردة ولا إيه؟
= ياعم كلية إيه معلش مهو أنت مركز مع الست بتاعتك اليومين دول ومش فايقلى خالص، الإمتحانات قربت ياباشا خلاص وانت مش واخد بالك.

تزكرت آننا فى منتصف ديسمبر وأنا قد سهوت عن ذلك فقمت بالرد عليها:

_ معلش مخدتش بالى.

شعرت اختى بأن هناك شييا ما برأسى وهذا من طريقة ردى فأنا لم اناغشها كالعادة فقالت:

= مالك ياعمر حساك فيك حاجة مش عارفة إيه هى؟

لا أعرف هل يليق أن أقول لها ذلك أم انى اخبأ عنها هذا الأمر، ولكننى فى النهاية اريد أن اخذ برأي أحد اريد أن استمع لصوتا ثانى غير الذى يدور برأسى لربما يكون هناك شييا وأنا لا أراه بسبب اننى موضوع فى الموقف نفسه، فى النهاية قررت أن لا أتحدث معها، ففى الأغلب لن تفهم ما اشعره تجاه شروق ومن المؤكد أنه سيكون ردها أننى يجب ان أبتعد وهذا لا اريده، فقلت لها:

_ مفيش شوية كعبلة بس كدا فالشغل بسبب المرض الجديد دا.
= اها قصدك فيرس كورونا!
_ بالظبط كدا.

كنت اتحدث معها بكل صراحة فكان فى ذلك الوقت فيروس كورونا بدأ ينتشر بالعالم وبدأت بعض الدول فى اغلاق المحال والاماكن التجارية والعامة، وأنا كنت أخشى أن يحدث ذلك بمصر، فإذا حدث لن يكون لى مجالا للعمل أو لأكل العيش.
_ فى ناس بتقول أنهم هيعملوا زى امريكا والصين ويقفلوا الكافيهات والمطاعم، وطبعا دا لو حصل هشحت أنا لسة يادوب بمسك أول قرشين من المكان الشهر دا، بعد ما خلصت كل حاجة عليا وأنتى عارفة أن الفترة اللى فاتت كان لازم أخلص فلوس مروان بسرعة عشان جوازه، والمخزون اللى معايا قليل يعنى لو حصل وقفلت يادوب هدفع مرتبات، وهيتفضلنا قرشين ومعرفش أصلا هيقعدونا لغاية امتى.
= طب وأنت هتعمل ايه؟
_ معرفش بقى هما طبقوا اليومين دول أن كل الأماكن تشتغل تيك اواى ومحدش يشتغل فى ازاز خالص، مش عارف الخطوة اللى حاية هتبقى إيه.
= متقلقش ياحبيبى بإذن الله ربنا هيسترها علينا إنشاء الله.
كنت قد انتهيت من قهوتى ونظرت فى الساعة كانت قاربت على الثانية عشر، فقلت لأميرة:

_ أنا هدخل أخد دش وأروح أشوف الدنيا فى الكافيه إيه؛ عشان عندى بروفة الساعة ٦ ومش هقدر أبقى موجود.
= طيب لو كدا أنا هبقى هناك أصلا انهاردة أنا وصحابى.

نظرت لها وضحكت وانا أقول:
_ يدفعوا الحساب قبل ما يمشوا بدل ما اخليكى تسيقى الكافيه كله.

ضحكت اختى كثيرا مما أقول ثم اردفت:

= ويهون عليك واحدة قمر زيى تسيق كافيه؟
_ ايوا ايوا اضحكى عليا بكلامك دا، انا ادخل استحمى أحسن.

تركتها وذهبت للاستحمام، وبعدها تحركت على المكان كانت هناك بعض الحسابات يجب أن اصفيها وبعض المبالغ التى علينا دفعها للشركات التى تمولنا بالعصائر وباقى الخامات، وفى ظل ذلك وجدت اتصالا من شروق فأجبت عليها:

_ ايه ياحبيبتى صباح الخير.
= صباح النور، استغربت لما لقيتك سايبلى مسدچ بدرى أوى مع أنك نايم متأخر يعنى!
_ مش عارف والله دماغى مش ثابتة من امبارح فمعرفتش أنام كويس لغاية بقى ما قمت خالص بعتلك أنى صحيت وفضلت قاعد.
= انت فينك دلوقتى؟
_ فى الكافيه بظبط شوية شغل كدا.
= طيب انا كلمت نور.
_ وقالتلك ايه؟
= بصراحة مش فاهمة اللى هى قالته، ومش عارفة ينفع اقولك ولا لأ!
_ قولى ياحبيبتى متخافيش، مش هتضايق.
= هى بتقول أنها مش هتقعد وأنها مش قابلة تقعد مع واحد زيك.

ضحكت كثيرا بعد سماع تلك الجملة، وكانت شروق لا تفهم سبب ضحكى فكانت تتوقع أننى سأثور حينما أسمع تلك الكلمات وأننى سأعتبرها إهانة من اختها لي، ولكن جاء رد فعلى على النقيض تماماً.

قامت شروق بسؤالى:

= ايه اللى ضحكك؟ انا توقعت أنك هتضايق!
_ لا بالعكس، أصل فكرى معايا كدا، واحدة كانت صحبتى، وقعدت فترة مش بكلمها، وبعدين لما قابلتنى قالتلى أنها كانت بتدور عليا وبتسأل كل اللى يعرفونى، ولما رجعنا نتكلم بقت كل يوم تقريبا بتقابلنى، دا غير أنها بتحكيلى أسرار انتى نفسك متوقعتيش أنها تقولها، وجاية دلوقتى تقولك أنها مش قابلة تقعد مع واحد زيى! يبقى الموضوع مضحك ولا مش مضحك!
= قصدك إيه يا عمر؟ وضح كلامك.
_ كلامى واضح يا شروق، أختك بتهرب عشان عارفة أنها لو قعدت قدامى هتبان قدامنا أحنا الأتنين كدابة، وساعتها هتبقى مكالبة بأنها تبرر سبب الكدبة دى إيه، فعشان كدا قررت تهرب من الموضوع لما لقت نفسها هتتزنق.
= أنا تعبت جدآ، ليه اتحك فى مقارنة زى دى، ليه اتحط مابينك وبين أختى، ليه اختى أصلا تعمل فيا كدا، مهى شيفانى بحبك وعيزاك، حتى ولو فيك إيه ياسيدى كانت سابتنى لمجرد أنى أجرب بنفسى.
_ بصى ياشروق مش عايز أكون سبب ضغط عليكى بس أنتى لازم تستهدى بالله وتفكرى بالعقل، ونصيحة منى حاولى تدخلى مامتك فالكلام وهى هتحللك كل حاجة.
= حاضر، أنا هقوم أصلى دلوقتى، وهبقى أكلمك تانى.
_ ماشى ياحبيبتى مع السلامة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي