الثاني عشرر

سعلت مروى وقد شعرت بالغرابه حقا
فيجيب فريد بتفكه
(قليل الأصل ذاك بات ممل فقط لو تراه كيف أصبح ساذج بدرجه لاتوصل)
ابتلعت مروى رييقها وشعرت بالغباء قبل ان تنظر للأستاذ فريد باستفهام فيجيبها فريد بفطنه
(انه العميل الذي حدثتك عنه خيبر ... صديقي)
هزت رأسها مروى وطالعت بعينيها المزهوله كيف سار العجوزان الى جانب بعضهما كل واحد يشتم الأخر ويضحك
وقبل ان يغلق الباب قال خيبر بصوت خشن
(ابني هزيم سيأتي بعد لحظات ... أدخليه فوراً لايحب الانتظار عزيزتي)
رفعت حاجبها لتسمعه يضيف ببحه لطيفه
(انت تشبهين والدك جداً.....)
وأغلق الباب خلفه بهدوء ومازالت الضحكات الصاخبه تصلها من خلف الباب لمناغشتهما سوياً
نظرت الى الأرض طويلا بصمت قبل ان ترتمي على مقعدها وتلك الضحكات تصلها فتداعب روحها قليلاً
ولم يلبث قليل من الوقت قبل أن يصل شاب طويل القامه نحيل بشكل جذاب ... بعينين خضراء مشعه وسمار جذاب بفتنه وشعر يميل الى الشقرة
وصل الى مكتب مروى بعد ان انجز عدة امور مستعصيه وهاهو قد عاد يريد اللحاق بوالده خيبر
قبل ان يقلب عمله مع الاستاذ فريد رأساً على عقب
والده خيبر رجل مسن مخضرم شرب من كأس الحياة حتى اكتفى وبات بخبرته علامه حقا
يعمل في التجارة منذ نعومة اظافره
وعلمه هو كل مايخص التجاره وأبوابها وهاقد فرض عليه العودة الى الوطن من اجل هذا الاستثمار بعد ان عاش في الخارج نصف عمره
لكنه سعيد حقا بعودته ..لقد اشتاق لتراب وطنه والألفه التي تنعشه
كلما زار مواطن الدفئ في وطنه
تحجرت افكاره بلحظة عندما طالع ذلك الوجه الطفولي الحانق الذي ..الذي ..اصطدم به قبل قليل
الوجه المستدير الفاتن
اقترب بهدوء والابتسامه اللعوبه ارتسمت على شفتيه بينما عينيه الخضراء تلمع ...
وكأنه حصل على لعبه
عض على شفتيه بمكر وهو يرى شرودها فقال بصوت حاد عميق
(ياللمصادفه)
رفعت عينيها اليه فاهتزت حدقتاها ولحظة واثنتان كانت قد تذكرت الموقف كله ..
قليل الادب قليل الحياء ... ذات الرجل
لكنها لم تفعل شئ سوى انها اشارت اليه ببرود قائله
(أي خدمه)
رفع حاجبه باستفزاز وقال وقد فك ازار سترته
(منك انت تحديدا لا اريد أي خدمه)
قبل ان يكمل كلامه كانت تقول ببرود مستفز
(اذا الباب خلفك ... لاتضيع وقتي)
احتدت نظراته ..من تظن نفسها هذه الفتاة انها حتى لاترتقي لتخاطب رجل اعمال بمكانته .. سيريها
(انت من يضيع وقتي يا أنسه... لا أريد ان أكون سبباً لخسارتك عملك لذا تحدثي بمرونه ومهنيه... الاستاذ فريد بانتظاري)
تجهم وجهها لهذه الاهانه المبطنه وشعرت بالسخونه تغزيها كانت تريد طرده شتمه مهما كانت صفته لايهم ... انه مستفز ..لديه هالة من الاستفزاز غريبه .... لاتعرفه ولكنها شعرت انها تريد تشويه معالمه لالشئ فقط لتخفي تلك النظرة العميقه من عينيه لكن صوت الهاتف الذي رن شتت انتباهها عن نظرته الساحقه فردت بأليه
(نعم استاذ فريد ....نعم ..نعم لم يصل بعد ماكان اسمه ... اه فهمت هزيم اسمه هزيم عندما يصل سأدخله فورا.. حاضر)
اغلقت السماعه فهمس لها بتفكه
( أرأيتي انه ينتظرني)
فتحت عيناها قبل ان تتسع نظراتها تقول بلعثمه
(هزيم .. هل انت )
قاطعها وقد اختفت تسليته من عينيه
(الاستاذ هزيم ...لاتنسي الأستاذ .... ساحاول ان لا اتهور واخبر مديرك انك سليطة اللسان بلا أي مسؤوليه .فأنا لا أحب قطع الأرزاق )
بلعت ريقها وأثرت كتم اي كلمه حانقه تريد التحرر من فمها لتصب فوق رأسه ونهضت تقول بهدوء عجيب
(تفضل الاستاذ فريد ينتظرك )
ودون أي التفاته كان قد ابتعد بعد أن اعاد غلق ازرار سترته ليدخل الى المكتب المغلق بكل هيبه
قامته الطويله ملفته بحق
بللت شفتيها تقول بحنق بعد أن اغلق الباب
(هذا ماكان ينقصني لهذا اليوم السعيد )
عادت للجلوس على كرسيها وهي حانقه ... حانقه
رفعت سماعتها كالعادة تريد ان تصب ذلك الغيظ اللذي في صدرها بأذان صديقتها ومن غيرها
قالت بحدة
(ماذا حصل معك يامجنونه من اجل الشقه هل وافقت والدتك ام أنها مازالت تدرس المقومات والعوامل الخارجيه)
كانت سارة توقع على بعض الأوراق حينما وصلها صوت مروى المهتاج فقالت بخشونه ووقاحه
(صوت مسنن مزعج ..... )
هزت مروى رأسها وهي تتلاعب بالقلم الذي بيدها قائله
(أعلم ..لكنني انتظر ردك .. )
صمتت سارة لثواني قبل ان تجيب بغبطه
(نعم وافقت يامروى .. لكن بصعوبه ... )
رغم عن مزاجها السوداوي ابتسمت مروى وقالت بتفائل
(المهم انها وافقت ... وأخيرا ياسارة.. كم احتاجك هذه الفترة الى جانبي ... وتمنيت من كل قلببي ان تسكني معي في ذات العمارة)
قاطعتها سارة تهمس بشك

(ماذا هناك ياعزيزتي ..هل انت في العادة الشهريه..ماهذه الرقه .. ماهذه اللطافه ..كدت اغلق السماعه في وجهك في البدايه )
سمعت صوت اغلاق الهاتف من الطرف الاخر فابتسمت سارة وهي تقضم القلم بين اسنانها متمته
(سنسعد ونسر .. ونعم الجيرة )
...............
دخلت مروة بصينية المشروبات وتوجهت بخفه وهدوء من العجوز الأول وضعت امامه كوب العصير
بينما وضعت كوب الشاي امام العجوز الأخر فريد
لتسير بعدها باتجاه ذاك الهزيم
و بكل هدوء وأناقه وضعت فنجان القهوة الغربيه أمامه وحاولت الاستدارة مغادرة
لكن صوت مديرها سمرها وهو يقول لها بأمر
(تعالي يامروة اجلسي مكاني ودققي اخر بندين في العقود أشعر انني مجهد اليوم وضغطي مرتفع)
رفعت اليه عينين تحمل اعتراض واضح
بينما هزيم اخذ يتمعن بتلك الحدقتين بتركيز
لايعرفها عن قرب ابدا .. ولم يلتقي بها من باب الصدفة حتى ولم يذكر له احد ان مروى التي سمع عنها من والده الكثير تعمل هنا كسكرتيرة لصديق والده ...
يعلم قصة هذه الفتاة من والده وامه
لقد سمع قصتها منذ زمن بكل تفاصيلها وشعر بالإزدراء منها دون سبب
حاول رسم صورة لها بمخيلته كلما ذكر امامه اسمها او تكررت قصتها ... جدها صديق والده منذ زمن طويل
وتلك المعانات التي مر بها بسببها ..وصلت الى والده وكم تأثر والده لمعاناة صديقه .. ....
كم شعر وقتها انها فتاة بلا تربيه ناكرة للجميل ناكثه للعهد ولوكان مكان زوجها ...لأقام الحد وذبحها بل وارتوى من دمها ..لكن للأسف زوجها كان رحيم كفاية ليطلق صراحها دون ايراقة دماءها
تمعن النظر بها وشئ من النفور طغا بنظراته
عاد الى الملف الذي بيده بعد ان لام نفسه لهذه الأفكار
بينما مروى قالت بفتور
(لكن وقت دوامي انتهى استاذ فريد وو)
هدر فريد بمعاتبه واضحه
(لكنك في الأمس توعدتي بتعويضي عن ايام عطلتك)
جزت على اسنانها حنقاً وقالت
(نعم توعدت ..لكن في ساعاتي عملي وليس خارجها)
فيشير فريد اليها بخشونه
(ساتصل بجدك فهو الشاهد على الوعد بيننا)
كان خيبر ينظر اليها بإعجاب واضح ..فرغم كل شئ حصل لها هي تقف اليوم بكل شجاعه وتواجهه الجميع بل وتعيش حياتها وكأن شئ لم يحصل
برقت عيناه بخبث وهو يقاطع هذه المناورة بينهما
( مروى عزيزتي سأغادر معك اليوم لزيارة خائب الرجا جدك .. )
رغم انها بكامل تركيزها مع مديرها ..الا ان ماقاله هذا العجوز جعلها تتشتت فنظرت الى خبير وقالت بقليل من الصدمه
(ياعم تقصد انك ستعود معي اليوم الى منزلي )
فيرد خيبر بضحكه ساخرة
(نعم اقصد اليوم ..والى منزل جدك ان لم يكن هناك حرج ....)
تحمر رغما عنها عندما تقابلت عيناها بعيني هزيم عميقة النظرات
فتقول بلعثمه
(نعم اهلا وسهلا في اي وقت .. ولكن)
رفع خيبر حاجبه فتمتمت بسرعه وحرج
(ابدا لا لم اقصد بلكن شئ ..اهلا وسهلا مجددا سأخبر جدي حالا)
تلمس خيبر لحيته وابتسم بعمق وهو يقول
(اياكي ..اود ان تكون مفاجأه ...علها تكون مفاجأة سارة ..لكن ان اردتي اخبري زوجته ان تحضر لنا محشي الورق لقد اشتقت لمحشي الورق من تحت يدي جدتك)
كان عقلها يعمل بسرعه وهي تسمع مايقول فتنحنحت بعد ان انتهى لتهمس بحرج وقد نوت الخروج
(حاضر)
وعندما استدارت منهية الحوار عاد فريد ليلح عليها بقسوة
(تعالي مروة اجلسي مكاني ريثما استريح قليلا)
تنفست عدة مرات ونظرات الشر تتطاير من عينيها قبل ان تعود الى كرسي مديرها وتحتله بجسدها الصغير و امسكت الاوراق بنرفزة واضحه دفعت هزيم الذي يراقبها بعيني غاضبة رغما عنه ليقول بسخريه لاذعه
(عينان بلا هدى .. ومزاج سوداوي ممل)
لم تلتفت الى هذه الاهانه رغم انها تأججت وشعرت انها تريد خنقه لكنها اثرت الصمت
فقربت الملفات اليها واخذت تطالع البنود بصمت

بينما خيبر يرتشف من كوبه بتسليه وقليل من الاستمتاع ... انه عجوز ماكر الطبع غريب الصفات
يحب ان يتلاعب بالاعصاب والقلوب من حوله فيخرج اسوء الصفات فيمن يتعاملون معه

بلع رشفة الشراب وقال بسطوة
(هزيم ستوصلنا انا ومروى الى عمارة عمك ابو علي )
تجهم وجه هزيم قليلا قبل ان يقول بتحذير
(ابي انا مشغول جداا .. وعلي مقابلة اصدقائي بعد ان انتهي من العمل)
يطل التسلط في عينيه وهو يأمره مبتسما
(بل ستوصلني وستجد حلا لأصدقائك اليس كذلك ياهزيم)
هذه المرة كان دور هزيم ليرتشف كوب قهوته دفعه واحدة وبالكاد ابتلعه ونظرات والده تهدده تهدياً بأن لايرفض
بلع هزيم ريقه وقال بهمس مستسلم
(كما تشاء)
فيهز خيبر رأسه برضا تام وهو يقول
(امم ايضا نزور عمك ابو علي ... الم تشتق الى علي وعروة)
هذه المرة لم تصدم مروى ان هذا العجوز يعرف والدها ابو علي ..
لذا لم تلقي بالاً
وأكملت تفحص اوراق العقود والاستاذ فريد مقابلا لها تكاد عينيه تغمض ويكاد تنفسه يتحول الى شخير
بعد ان انتهت قالت بتركيز وعيناها لم تحد عن الاوراق
(كل البنود ممتازة .. ...الشروط ممتازة حتى الشروط الجزائية مقبوله.. اظن اننا يمكننا توقيع العقود الأن لاحاجه الى موعد أخر..مارايك استاذ فريد)
بمعحزة إلهيه استطاع فريد فهم ماقالته فأومئ برأسه
بينما خيبر اتسعت ابتسامته وقد شعر بالرضا عن هذه الاتفاقيه أما هزيم شرد للحظة بشفتيها العنابيتتين ودون شعور بلع ريقه وشئ حار نبض في عروقه
عاد بتركيزه بسرعه وعصبية الى مايجري وأيضا اعطى الموافقه لتنتهي الجلسه بتوقيع العقود وتثبيتها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي