الفصل الثامن والعشرون

دخلت عليهم وكانت ضحكات صديقتها صوتها عاليا، نظرت إليهم فوجدت الخجل يملئ وجه عاليا ولا تقوى على النظر إلى، ابدلت ندرتى إلى صديقتها وطلبت منها أن تتركنا بمفردنا، وما أن تحركت لكى تخرج فكانت عاليا تريد الخروج خلفها، فأمسكت بها من زراعها وأنا أقول:

_ يعنى أنا بقولها تخرج عشان أنتى تخرجى معاها!

ردت علي كلماتى وهى خجولة جدا، لم اتعود أن اراها بتلك المنظر، ولكن يبدو ذلك مما فعلته منذ قليل فمن المؤكد أنها شعرت بأحساسين متضادين، أجابت علي قائلة:

= أنا واقفة أهو مش خارجة.
_ طيب تعالى بقى نقعد عشان نتكلم جد شوية.

تحركت أنا وهى وجلسنا على أحدى الكراسى المتواجدة بالغرفة، جلست أنا أمامها وبدأت فى الحديث:

_ إيه رأيك فى الحركة الحلوة دى؟
= بصراحة مكنتش طيقاك.
_ أنا قولت ختطلعى من الأوضة وتعمليلى بلوك ومش هتتعاملى معايا تانى.
= مهو دا اللى حصل فعلا أول ما طلعت قعدت شوية وروحت ماسحة رقمك وبعدها كنت هاخد حاجتى وامشى بس استنيت هنا تطلع عشان تقعد مكانى.
_ قولت العب معاكى شوية بس.
= ماشى ياعم.
_ بصى ياستى أنتى المفروض عارفة ظروفى كلها وعارفة حياتى، بصى أنا مش زى الشباب اللى بتقعد تلف وتخرج ونقعد نحب فبعض ولعد سنة ولا حاجة نبدأ نفكر فى الخطوبة وكدا، لا انا بحب من الأول كدا أن الأهل يكونوا عارفين كل حاجة وعارفين أنا وأنتى بنعمل إيه، فأنا بطلب منك تكلمى مامتك بس وبعدين أبقى أنا اكلمها، وشوية كدا ونبدأ بقى نفكر فى الخطوبة وكدا وأجى اتقدملك، تكونى عرفتينى عن قرب كمان، ولا أنتى ليكى رأيى تانى.
= أكيد هو دا اللى بتمناه، مفيش واحدة بتحب تبقى مع راجل من غير حاجة رسمية،
_ وأنا بالنسبالى هو دا الصح، أحنا شهر مثلا كدا ولا شهرين أكون ظبت نفسى فيهم وأنتى تكونى عرفتينى أكتر وبعدها أكلم أهلك واحدد ميعاد.
= اللى تشوفه صح أنا موافقة بيه.
_ وانتى لو فى حاجة عايزة تعرفيها عنى قوليلى.
= أنا مفيش حاجة عايزة أعرفها لأنك بتحكيلى كل حاجة طول الوقت، بس أنت كنت عارف أنى معجبة بيك؟
_ عارف من شهر كدا.
= وساكت كل دا وسايبنى بهاتى!
_ مش دى الفكرة لو دورتى هتلاقى أنى فالشهر دا كنت بقولك حاجات كتير عنى بعملها وحاجات كتير غلط فحياتى، يعنى بمعنى أصح كنت بعرفك عليا بطريقة غير مباشرة عشان تتأكدى من قرارك، لأنى شخص معندوش مساحة لأهدار المشاعر خالص.
= المهم أنك تكون واثق من اختيارك.
_ لو مش واثق مكنتش زمانى قاعد معاكى دلوقتى.

جلسنا نتحدث بعض الوقت اذكرها بالمواقف والأفعال التى كانت تقوم بها من أجل أن تخبرنى بذلك الأمر حتى انتهى اليوم علينا وأغلقت المكان وتحركت لبيتها، وبينما أنا ذهبت لكى أجلس قليلا على إحدى الشواطئ، أفكر مع نفسى لماذا فعلت ذلك، كيف لى أن التسرع فى أخذ قرار مهم مثل ذلك، كانت رأسى فى تلك اللحظة نغيبة ولكنى وجدت تفسى أقول لها أننى أيضا أحبها وطلبت خطبتها، هل لى أن اصارحعا بأننى كنت أفعل ذلك دون وعي منى، أم أننى أصمت واكتم كل ذلك بداخلى، تذكرت تلك الفرحة التى كانت فى عينيها حينما علمت بأن ما حدث فقط كانت لعبة منى لكى أخبرها بأننى أيضا أحبها ولكى اتأكد من صدق مشاعرها تجاهى، وجدت نفسى اسرح فى ذلك الأمر وتلك المشاعر التى تحتفظ بها عاليا نحوى، لا يمكننى أن أكسر تلك الفتاة التى حمل كل ذلك لي، فكيف لرجلا وجد امرأة تحبه، وتحترمه وهى تعرف عنه كل ما يسئ إليه وبالرغم من ذلك وافقت على أن تكمل حياتها معه، من المركد أننى سأخسر شيئاً آخر إذ فكرت فى الإبتعاد عنها.

مر عدة أيام، كنت التقى بها يوميا بتلك الشركة أذهب لعملى وبعدما انهيه، وأجلس معها بعملها لكى نتجدث اثناء العمل، وفى حالة إذا كان لديها بعض الفرص فى أن تخرج من المكان فنخرج سويا أنا وهى.
مرت الأيام حتى جاء ذلك اليوم الذى ستقيم فيه عيد ميلاد أختها، واختفلنا بتلك العيد ميلاد صباحاً، من ثم بعدها قررنا أن نذهب إلى السينما ونشاهد فيلماً بها، لم أريد أن يكون لى رأى فى ذلك الأمر وتركتها هى من تختار، وبعدها توجهنا إلى السينما ودخلنا لنشاهد الفيلم، كانت تجلس بجوارى، ونشاهد الفيلم سويا، كنت أضع يدى اليسرى فوقى ركبتى والأخر متكأ عليها، واشاهد الفيلم، كانت عاليا كلما أتت جملة بتلك الفيلم بها مشاعر أو لحظة رومانسية أجدها تنظر إلى نظرة سريعة، لا أريد أن اتسبب لها فى حرج فكنت اتحاشى النظر إليها، حتى بدأت إحدى الأغنيات وكان بطل الفيلم يتحرك باتجاه البطلة ويمسك بيدها لكى ترقص معه، كنت احرك يدى اليسرى حتى وجدتها ارتطمت بيد عاليا من الخلف، فبدأت أنا فى قلب كفى وهى أيضا حتى أصبح بطن اليد أمام بعضهما، ومن ثم بدأت الأصابع بالتشابك، ووضعت يدى بيدها، وفى تلك الوقت وجدتها تضغط كثيرا على يدى وأشعر برجفة بسيطة تسرى فى جسدها، شعرت أنها يملؤها السعادة فكانت هذه هى المرة الأولى التى أمسك بها يدها، وكان يبدو عليها التوتر، فأردت أن أكسر ذلك التوتر.

بدات فى الرفق على يديها، ومن ثم قمت برفعها وقبلتها وأنا أنظر إليها، فأخذت يدى بعدما قبلتها لتضعها بين يديها الاثنين وتضغط عليها كثيراً، وكأنها كانت تريد أن تقول لى " يجب ان تشعر بما يسرى بداخلى" ظللت ممسكت بيديها طوال الفيلم ولم أتركها حتى بعد إنتهاء الفيلم وتحركنا للخروج، فقط تركتها حينما قالت إنها ستذهب للحمام لرؤية وجهها وتظبيط بعض الأشياء، كنت أعلم أن أغلب الفتيات يريدون فى ذلك الوقت أن يبدوان اكثر جمالا، حينما يكونو بصحبة من يحبون، بعدها خرجت واكملنا يومنا، وقمت بايصالهم قرب بيتهم، وسلمت عليهم، وبينما أسلم على عاليا، ملت بجسدى نحوها، شعرت بالخوف، ولكننى فى النهاية اقتربت من أذنها وقلت:

_ الخروجة دى مش محسوبة عشان دى مش بتاعتنا، مستنى خروجتنا لوحدنا.

لم تجيب على واكتفت بالأبتسام فقط فقلت لها:

_ إيه كلامى مش صح ولا ايه؟
= صح، ماشى هظبط واقولك.

وبعدها تحركت وتركتهم لكى يذهبون إلى بيتهم.

فى المرة التالية التى التقيت بها، قررت أن أتحدث إلى والدتها، وبالفعل قامت هى بالأتصال بها واخبرتها عن حياتى وكل ما يحدث لى:

_ ازى حضرتك؟
= أنا بخير يابنى، يارب تكونوا طيبين.

كانت سيدة يملاؤها الطيبة والخير فى صوتها كان من يتحدث إليها يشعر بالراحة والامتنان لها، وهذا بالفعل ماحدث معى حينما تكلمت، أكملت حديثى قائلا:

_ بصى يا ست الكل، انا غايش أنا وأختى بس، والدتى اتوفقت من تلت سنين، ووالدى بعدها، أنا عندى شقة اللى هتجوز فيها، وعندى كافيه بتاعى، بس هى فى حاجة واحدة حضرتك لازم تعرفيها.
= خاجة إيه يابنى؟
_ أنا لما هتجوز أختى هتفضل عايشة معايا، أختى مبهاش غيرى ومينفعش اسيبها لوحدها، ولحد ما ربنا يكرمها بأبن الحلال اللي يستاهلها، هتفضل عايشة فى حضن أخوها.
= وأنا مقدرش أقولك حاجة، دى أختك وزى ما هتخلى بالك منها، هتخلى بالك من مراتك، فأنا بالنسبالى معاملتك لمراتك هتبقى من معاملتك لأختك.
_ وأنا الحمدلله بقدر كويس أعرف أوفى باللى عليا، فبأذن الله مش الشخص اللى بيقصر فى حق حد فحياته.
= ربنا يعينك يابنى يارب.

ظللنا نتحدث وكانت المحادثة يوجد بها بعض المجاملات، وفى النهاية أغلقت المكالمة على أن يمر شهر واتحدث مع عمها لكى أتقدم لها بشكل رسمى، جلست بعض الوقت ومن ثم تحدثت مع عاليا وتركتها وعدت إلى بيتى.

حينما وصلت البيت، كانت اميرة تعد العشاء، جلست مع أميرة نتناول الطعام، وما أن انتهينا حتى اخبرتها بأمر خطبتى، أن هناك إحدى الفتيات أريد الزواج منها واننى تحدثت مع والدتها، كانت أميرة سعيدة بى جدآ فهى ترى أننى لن يخرجنى من حالة الحزن التى كنت بها الفترة الأخيرة سوى ذلك الأمر، واخبرتها أيضا بأمر حديثى مع والدة عاليا واننى لن اتركها وستظل معى بالبيت، وكانت أميرة سعيدة جداً حينما سمعت تلك الكلمات، فمن المؤكد أنها كانت تخشى أن اتركها حبنما أتزوج وتعيش هى وحدها.

مر ما يقرب من الشهر حتى جاء الموعد المتفق عليه، كنت جالساً مع عاليا، وارادت أن أتحدث إلى عمها وهى بجوارى، وبالفعل قمت بالأتصال به، واتفقت معه على أن نلتقى أنا وهو بعدما يتحدث مع عاليا واهلها وسيلتقى بى ليتعرف على.

اغلقت المكالمة معه على إتفاق أنه سيتحدث معهم ويعاود محادثتى مرة أخرى، وما أن اغلقت المكالمة حتى وجدت سعادة عارمة على وجه عاليا، فقمت بسؤالها حينما وجدتها ظلت ضامتة بعض الوقت:

_ إيه ساكتة ليه؟
= بصراحة مش مصدقة ياعمر، معرفش ليه مش مصدقة أنك بتكلم عمى دلوقتى وهتخطبنى وهنلقى مع بعض، مبسوطة جدا بدا بس فى نفس الوقت بقول أن الكلام دا كله كان من شهرين بس كله تخيلات فى رأسى، فاهمني؟
_ فاهمك ياحبيبتى، بس عايزك تصدقى ادينى كلمت عمك أهو ومستنيين بقى أنه يكلمك وحضرتك توافقى!
= وأنت إيه رأيك أوافق ولا لأ؟

كانت تقول هذه الجملة وهى تضحك، فردت عليها ضاحكا:

_ والله براحتك بس لو رفضتى وقولتى حاجة غير كدا، ساعتها متزعليش من رد فعلى!
= هتعمل ايه يعنى؟
_ ولا حاجة، هخطفك بس وساعتها محدش منهم هيشوفك تانى.
= الله حلو أوى الموضوع دا، لا أنا هكلمه دلوقتى وارفض.
_ هههههه، اتبسطتى أنتى يعنى حتى لما هعمل حاجة وبقولك عافية تطلع عجباكى.
= ياعم أنا ما هصدق أبقى معاك، دا اللى أنا عيزاه بس وبطلبه من ربنا.

قبلت يدها وأنا أقول:

_ ربنا يخليكى ليا ياحبيبتى.


بعدها تحدث عمها معها واخبرتها أنها تعرفنى وأننى تحدثت معها وأخذت رقمه منها، واخبرته أيضا بأنها موافقة على زواجها منى، ومن بعدها تحدث معى عمها وجلست معه واتفقت على كل شئ.

بدأت أنا وعاليا فى فترة التجهيز للخطوبة وكان هذا بعدما ذهبت إلى بيتها أنا وأميرة أختى وطلبنا يدها وقرانا الفاتحة، وحددنا ميعاد الخطوبة بعد ثلاث أشهر وهذا بناءاً على طلب عاليا التى كانت تريد بعض الوقت لكى تجهز للأمر.

كنا ننزل يومياً تقريبا نشاهد بعض القاعات وبعض الفساتين، وهذا الأمر الذى جعلنى أرى تلك الهوس الذى بداخل الفتيات تجاه ذلك الأمور كانت عاليا تشعرنى دائما بالتوتر حيال تلك الأمور وهذا لأنها، تريد أن تحظى بافضل شئ وكلما كان يعجبها شييا تقول لى أنه يكون هناك أفضل منه.

كانت عاليا فتاة قادرة على التفاهم مع شخصيتى والتعامل معها، كانت تمتلك من النضج ما يكفى لكى تعرف مطلباتى كرجل، حتى أنها فى بعض الأوقات كانت ترفض أننى أذهب معها لشراء الاشياء التى تخصها وهذا لأنها لا تريد أن تدوشنى معها فى أمور الفتيات، كنت فى بعض الاوقات اوافقها وفى البعض أذهب معها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي