الفصل التاسع والعشرين منالجزء الثانى

أما بالنسبة لوالدة سمر، فكانت تبكى بحرقة وتندب بشدة على فراق إبنتها الوحيدو، أخرج ماجد وأيمن على الصوت، فقالت لهم والدتهم:
- إلحقوا أختكوا ياولاد.
فرد عليها ماجد بقلق:
- مالها سمر ياماما؟!
فردت عليهم والدتهم:
- أختكوا هربت ياولاد، ولمت هدومها ومشيت وفصل ملح وداب.
فرد عليها أيمن باإستغراب:
- يعنى إيه هربت، هى تعرف حاجة برة ولا تعرف حتى تركب تاكس وهتقوله إيه، وهى مش معاها فلوس، أكيد هى مستخبية هنا ولا هنا.
فردت عليهم أزهار:
- أنا قلبت البيت كله عليها فص ملح وداب، حتى عبدو قافل البوابات بتاعة الفيلا كلها بالقفل، ومستحيل تعرف تخرج من هنا.
فرد ماجد فى تلك اللحظة:
- هى مستحيل تعرف تفكر فى الهروب،
أكيد فى حد وراها هو ال حرضها ع الهروب، مستحيل تعمل كدة من دماغها.
فرد عليه أيمن:
- هيكون مين يعنى، قصدك أزهار ولا عبدو وهما هيستفيدوا إيه لو عملوا كدة يعنى.
فرد عليه ماجد:
- لا مش هما، مافيش غيره الزفت ال إسمه على ده، من يوم ماسمر عرفته وإحنا مش عارفين نعيش.
فردت عليه والدته:
- ياعينى عليكى يابنتى، هو الدكتور على حزرنا وقال ممكن تعمل حاجة فى نفسها، وأهى هربت ومش هنلاقيها تانى، ياريتنى كنت وديتها ليه وريحتها من العذاب إل كانت عايشة فيه ده، أعمل إيه ياربى دلوقتى، أروح أدور عليها فين دلوقتى، أنا تعبت يعنى يوم ماترجع من تانى لحضنى، تهرب وهى ماتعرفش حاجة برة، ياترى يابنتى عاملة إيه دلوقتى، جعانة ولا خايفة ولا عاملة إيه دلوقتى يابنتى.
فرد عليها ماجد:
- ماتقلقيش ياماما، أنا دلوقتى هاخد عربيتى وهروح أشوفها يمكن تكون قريبة مننا ولا حاجة.
فرد عليه أيمن:
- خلاص أنا جاى معاك أدور فى إتجاه تانى عشان الوقت، ويمكن نلحقها لو كانت قريبة من هنا، ثم وجه كلامه لزوجته نهى:
- خليكى إنتى هنا يانهى مع ماما والولاد، وأنا وماجد هنروح ندور عليها فى كل مكان.
فردت عليه نهى:
- حاضر بس إبقوا طمنونا لو وصلتوا لحاجة، ماتقلقيش ياطنط إن شاء سمر هترجع لحضنك، ومانشوفش فيها حاجة وحشة أبدا.
أما بالنسبة لسمر، فأخذت تتجول ولا تدرى إلى أين تذهب، وتسأل على الدكتور على فقط، ولا تدرى إلى أين تتجه ولا تعلم إسم المستشفى التى كانت تقيم بها، وأخذت تسأل المارة ف الشارع، ولكن الجميع كان ينفر منها لأنها لا تستطيع أن توضح لهم العنوان الحقيقى للذهاب إلى الدكتور على.
فقد عاد ماجد وأيمن بعد البحث فى المنطقة والأماكن المجاورة، ولكنهم لم يجدوا سمر وفقدوا الأمل فى إيجادها، فقال ماجد لوالدته:
- مافيش فايدة، دورنا عليها فى كل مكان فص ملح وداب، وكأنها إختفت.
فردت عليه والدته بزعل وقلق:
- ياحببتى يابنتى يعنى إيه سمر تاهت مش هنلاقيها تانى، أنا عاوزة بنتى هاتولى بنتى.
فرد عليها ماجد:
- أهدى بس ياماما، أنا متأكد إن الدكتور ال إسمه على ده، هو ال يعرف مكانها، وأكيد هو ال ساعدها إنها تهرب من هنا.
فرد عليه أيمن:
- إزاى بس ياماجد، وهى بتشوفه فين يعنى، ده إحنا مانعينه يجى هنا من آخر مرة كان هنا فيها، وهى ماتعرفش حد ولا تعرف تروح لوحدها ولا حتى معاها فلوس.
فرد عليه ماجد:
- أنا هتصل بالمستشفى حالا، وأبلغ الدكتور عبد المعطى لو سمر وصلت ولا حد يعرف عنها حاجة يبلغنى فورا.
وبالفعل إتصل ماجد بالدكتور عبد المعطى، وأخبره باأن سمر قد هربت من الفيلا:
- ياريت يادكتور لو سمر جات ع المستشفى تتصل بينا فورا، هو الدكتور على موجود فى المستشفى؟!
فرد عليه الدكتور عبد المعطى:
- لا لسة ماجاش ع المستشفى.
ثم أغلق مع الدكتور عبد المعطى، وإتصل بالدكتور على فى تلك اللحظة، فرد عليه الدكتور على:
- أيوة ياأستاذ ماجد تحت أمرك؟!
فا أخبره ماجد بما حدث، وأن سمر قد هربت من المنزل ولم يجدوها، فاإنصدم على لما سمع، وقال له:
- إيه بتقول إيه؟!!! سمر هربت إزاى؟؟!!
ثم أغلق معه، وسألته والدته فى قلق:
- خير ياعلى صوتك عالى ليه كدة، فى إيه ال حصل؟!
فرد عليها على بحزن شديد وكان يبدو عليه الغضب:
- أهو ده ال كنت بقوله، وأهو حصل سمر هربت من الفيلا.
فردت عليه والدته بااندهاش!:
- إزاى يعنى واحدة فى حالتها دى تعرف تهرب، إزاى يعنى ده يحصل؟!
فرد عليها على بغضب:
- أنا ياما حذرتهم وماحدش سمع كلامى، هربت عشان الكلام ال كنت بقوله وأهو حصل وهربت وزمانها دلوقتى بتدور على وهى ماتعرفش حاجة عن العالم الخارجى، ماتعرفش يعنى إيه خطر!!
أنا مش مصدق ال حصل ده.
ثم ردت عليه والدته:
- طيب أهدى يا إبنى عشان تعرف تفكر كويس، ياترى أمها عاملة إيه دلوقتى!
فرد عليها على:
- أنا بحملهم المسؤلية ده إسمه إهمال، أنا هنزل أدور عليها بنفسى، دى سمر ال تعبت شهور فيها عشان ترجع تعيش معانا فى عالمنا القاسى ده.
أما بالنسبة لسمر، فقد ذهبت إلى مناطق شعبية، وهى تشعر بالجوع الشديد والعطش، حتى أخذتها رجليها إلى محل سوبر ماركت، وطلبت من البائع أن يجلب لها مياه، وقالت له:
لو سمحت ياعمو ممكن تجيبلى أشرب ماية، عشان أنا عطشانة أوى وعاوزة أشرب.
وبالفعل أعطاها زجاجة مياه معدنية، وبعد ذلك طلب منها الفلوس، وقال لها:
- الفلوس فين ياأنسة، فلوس الميا ال حضرتك شربتيها؟
فردت عليه سمر بكل تلقائية:
- أنا مش معايا فلوس، أنا بدور على على ومش لقياه، ورجلى وجعتنى من اللف عليه، ومش عارفة أروح فين دلوقتى.
فرد عليها العامل بغضب:
- أنا عارف الأشكال دى كويس، أمشى من هنا يالا إحنا ناقصين بلاوى ع الصبح.
وفى تلك اللحظة كان  شعبان إبن الست عنايات يمشى فى الشارع، ووجد العامل يعلو صوته على سمر، فتدخل فى الحال وإتجه إليه وقال له:
- فى إيه بتزعق للأنسة ليه كدة؟
فرد عليه العامل:
- طلبت منى مائة ومادفعتش فلوسها.
- خد ياأخويا الفلوس أهى، تعالى معايا ياانسة.
ثم ذهبت معه سمر، وقال لها:
- إيه ال جابك هنا، بتدورى على حد هنا؟؟
فردت عليه سمر بكل براءة:
- ايوة بدور على على حبيبى، بس مش عارفة أوصله وعمالة ألف عليه من الصبح ومش عارفة أوصله، وبدأت سمر تحكى له عن قصة حياتها، فطمع فيها شعبان وأخذها إلى منزله، بحجة أنه سوف يوصلها إلى المستشفى التى يعمل بها الدكتور على، وقال لها:
- أنا هوديكى المستشفى بس تعالى إطلعى معايا فوق عشان ترتاحى شوية وبعد كدة هوديكى المستشفى للدكتور على.
فردت عليه سمر بسعادة وقالت له:
- بجد يعنى أنت عارف العنوان وهتوصلنى للمستشفى بتاعة الدكتور على.
- أيوة بس إطلعى دلوقتى وأنا هوديكى المستشفى للدكتور على.
ثم صعد بها إلى أهله، وفتح الباب ومعه سمر ودخل بها المنزل الذى يبدو عليه من هيئته أنه أقل مما يقال عليه سئ وبه أقل أقل الإمكانيات، فقالت له والدته عنايات والتى يبدو عليها من هيئتها أنها سيدة عنيفة وغليظة:
مين ياواد ياشعبان ال معاك دى ؟!
فرد عليها شعبان:
هااا مافيش ياما، دى سمر هتقعد ترتاح شوية على إما أوصلها للمستشفى ال عاوزة تروح ليها.
فردت عليه والدته عنايات:
- مستشفى مين ياواد، سيبهالى أنا دى، عاملة إيه ياشاطرة؟
فشعرت سمر وقتها بالخوف وقالت لها:
- مين دى يا شبعان أنت.
فردت عليه عنايات:
- ماتخافيش يا شاطرة، أنا هساعدك عشان أوديكى للمكان ال إنتى عاوزاه، روح أنت ياواد ياشعبان ع الشغل، وهى معايا ماتقلقش عليها.
ثم جلست مع سمر، وفهمت الموضوع من أوله لآخره، وانتهزت الفرصة وضحكت عليها أنها سوف تساعدها، وقالت لها:
- أنا هكلملك سيد إبن أختى وهو عارف المكان ال إنتى عاوزه تروحيه، إقعدى هنا على أما أكلمهولك.
فردت عليها سمر بكل براءة وقالت لها:
- بجد طيب كلميه بسرعة عشان يودينى المستشفى.
فحاولت أن تخدعها، وعملت نفسها أنها تتكلم فى التليفون، وتعالى صوتها وهى تقول:
- أيوة ياأختى، هو فين سيد إبنك عاوزاه ضرورى.
وأخذت تدعى أنها تتحدث، وقالت أيضا:
- ياخسارة يعنى هو مسافر، وهيرجع كمان يومين، طيب ياأختى مش مشكلة مع السلامة.
فقالت لها سمر:
- إيه يا طنط كلمتى سيد يجى يودينى المستشفى.
فردت عليها وهى يبدو عليها الخبث:
- أيوة إنتى مش سمعتينى وأنا بقول مسافر، للأسف مسافر وهيرجع كمان يومين.
فردت عليها سمر بحزن:
- إيه، لسة يومين يعنى أنا هنام فى الشارع يومين بحالهم.
فردت عليها عنايات:
- لا ياحببتى ودى تيجى بردوا، بيتى مفتوحلك ياحببتى فى أى وقت، وإن ماشالتكيش الأرض أشيلك جوة عنيا، ولو إنتى مش عاوزة براحتك أنا كنت عاوزة أريحك بس.
فردت عليها سمر:
- ماشى أستنى يومين وخلاص، لما سيد يرجع من السفر هيودينى المستشفى.
- طبعا ياحببتى هيوديكى على طول، تعالى تعالى أما أوريكى أوضتك ال هتنامى فيها.
ثم دخلتها غرفة مهلكة الأثاث والمفروشات ويبدو عليها أنها تحت المستوى، ولا يناسب سمر بالنسبة للمكان الذى كانت تعيش فيه.
ثم نظرت سمر حولها باإستغراب، فقالت لها عنايات:
- ها إيه رأيك فى الأوضة ال هتنامى فيها ياحببتى.
فردت عليها سمر بقريفة:
- وحشة!
فقالت لها عنايات:
- ليه يا شاطرة إيه ال وحشها، مش أحسن من الشارع ال كنتى فيه، يالا يالا بلاش دلع وغيرى هدومك دى على أجهزلك لقمة تاكليها.
ثم خرجت عنايات لزوجها عبد العال، وقال لها:
- ممكن تفهمينى بقى مين البنت دى، أصل أنا مش فاهم حاجة خالص!!
فردت عليه عنايات:
- بص ياسيدى أنا كنت بقول يعنى، أنها مالهاش حد لا أهل ولا حد يسأل عنها، وأهى تساعدنى فى شغل البيت، أنت عارف أنا صحتى بقت على قدها ومحتاجة حد يساعدنى، وإنتوا محتاجين صحة إنت وابنك وأنا صحتى بقت على قدى، مش هقدر أعمل كل حاجة لواحدى، والبت دى لا ليها أهل ولا حد يسأل عليها، وأنت شايف بنفسك الحال على قده، والخدامين بياخدوا قد كدة، وأنا ماصدقت لقيتها قدامى، وأهو نكسب فيها ثواب ونلمها من الشارع.
فرد عليها زوجها عبد العال:
- أيوة بس لو إتقبض عليكى دى مسؤولية إحنا مش قدها خالص، إفرضى أهلها دوروا عليها وأحنا ال هننضر ف الآخر.
فردت عليه زوجته عنايات:
- ماتخافش ياراجل أنت، هو أنت قلبك ضعيف ليه كدة، أنا بتكلم لمصلحتنا، وبعدين ماحدش هيعرف أنها عندنا، دى باين عليها بت مجنونة ولسة خارجة من المستشفى، عشان بتسأل على المستشفى ال كانت بتتعالج فيها، يعنى باين كدة مالهاش أهل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي