الفصل الأخير في الجزء الأول

لم يكن أختياري
الفصل الأخير في الجزء الأول
للكاتبة ندى محسن|White Rose

مر اليوم في التفكير كانت أسماء تشعر بالكثير من الألم، تتذكر كم مر عليها من الوقت تحملت أفعاله، لقد قلل من كرامتها، شعرت بالكثير من الإهانة، لم يكن الأمر سهل عليها، لم يكن سهل عليها أن تغفر له، ترى في أعين الجميع مواساة لها، لكنهم أيضًا يخبروها أن عليها أن تتنازل دون أن يتحدثوا.

لمست بطنها بحنان وهي تشعر أن رائحة أسلام تحيط بالأجواء من حولها، تساقطت دموعها بحزن:

-لم أكن أعلم أني سأمر بكل هذا، لم أكن أعلم أن حياتي ستنقلب رأس على عقل بتلك الطريقة، جحيم في قلبي يزداد شيء فشيء، فثدت السيطرة عليه ولا يمكنني أن أفعل شيء حيال الأمر، يبدو كل شيء باهت ممل في عيناي ولا يمكنني أن أتحدث الى أحد، لن يفهمني أحد، لن يشعر بي سواك يا الله، أنا أنتظر منك أن تبرد قلبي وأن تربط عليه، أرجوك سامحني يا الله، أتوسل اليك اغفر لي كل خطأ قومت به.

تساقطت دموعها بألم وهي تحاول كبت دموعها بصعوبة بالغة:

-لم أكن أتخيل حدوث كل هذا، لم أكن أتخيل أني سوف أمر بكل ما حدث مع وليد، ذلك الرجل الذي كان سببًا أساسي في معاناتي، ولم أتخيل أني سوف أقبل بالزواج من أسلام مهما حدث.

وقفت مبتعدة عن السرير وهي تحاول أن تتنفس بهدوء وتهدأ من روعها، فليس جيد لها ولا لطفلها هذا، تحدثت بحزن:

-حدث ما كنت أراه مستحيل، حدث ما كنت أرفضه، أصبحت زوجة لك، أنجذبت لك شيء فشيء، شعرت أني أحبك حقًا دون مبالغة وقعت بحبك، شعرت أنك شخص مميز، لم يكن الأعتراف بهذا الأمر سهل ابدًا، لكني فعلت هذا، شعرت أنك تستحق وكنت أول من يقوم بطعني، أتذكر كيف كنت أحترمك.

صمتت وذاكرتها تعود الى تلك الأيام التي من الصعب عليها نسيانها، تراها بين يديه، تراه بالقرب منه تضمه وهو مستسلم لها، لم تتخيل أن يسمح أسلام بإقترابها منه وهو راضي تمامًا عن كل ما يحدث معها، أين ذهبت أخلاقه! أين ذهبت قيمه ومبادئه، شعرت بالكثير من الضيق والغضب:

-لم أكن أتخيل أن تتقبل هذا، جعلتني أبغضك وأبغض نفسي دون مبالغة، شعرت أني أريد أن أتقيئ كلما تذكرت كل شيء، حتى أحمر الشفاة الذي كان مطبوع على عنقك يا أسلام، لا يمكنني أن أنسى هذا، أسألك الله أن يمحوك من ذاكرتي وأن لا تجمعني بك أي صدفة، لن أغفر لك ولن أسمح لنفسي برؤيتك مجددًا، لن أسمح لك.

اما عن أسلام، كانت حالته تزداد سوءً يتطوق لرؤيتها، يريد أن يراها أمامه دائمًا، يتمنى أن تخرج ليراها عبر النافذة، وغزة أصابت قلبه، وغزة جعلته يرتجف بشكل ملحوظ، لا تعلم ما الذي يمكن أن يفعله ليجعلها تغفر له، يتذكر ما كان يحدث في وجودها، يتذكر عندما كانت اسماء تراه يجلس مع الأخرى، شعر كم كان شخص قذر، لم يكن مبالي بشعورها:

-علمت أني مخطأ، علمت أني لم أقدر ما كان بيدي، لم أكن أرى أي عيب، لم أكن أتخيل أن تبتعدي عني صدقيني، لقد أخذتني الدنيا، بدى الأمر بالتعاطف معها بعد أن كنت أبغض وجودها وأخبرتكي بهذا، لكن شيئًا فشيئًا بدأت أتعاطف معها، كان وجودها خطأ كبير، وجودي معها بمفردنا كان خطأ فادح وأنا لم أكن أشعر بأي شيء.

حرك رأسه بإستنكار شديد، هو لم يكن يريد هذا، لم يكن يريد لكل هذا أن يحدث، تسطح على السرير وهو يفكر بكل ما حدث، حاول أن يهدأ ويفكر بكل ما سيفعله عندما يلتقي بها؛ لعله يجد حلآ.

استفاق على صوت ضحكات وصوت الملاعق تصدع في المكان، جلس بتعجب وجد نفسه بشقته، تعجب كثيرًا، يتسائل متى أتى الى هنا! كيف وصل الى هنا لينام على الأريكة في الصالون!

خرج من الصالون ووجد أسماء تجلس أمام شخص غريب، يتناولون الطعام معًا، يستمر بالضحك معها وإضحاكها، كاد أسلام أن يجن، اقترب منها بغضب شديد، قام بسحب يدها بعنف صارخًا:

-ما الذي يحدث  هنا؟ من يكون هذا الحقير؟ أخبرني ما الأمر؟!

أفلتت يده بإنفعال، نظرت له في غضب وهي تصرخ به:

-ما شأنك أنت بي؟ ليس لك أي شأن بي، لن أسمح لك بالتدخل في حياتي، لا تتدخل في حياتي وأنا لا أريد منك شيء غير هذا.

رفع أسلام إحدى حاجبيه وقد بدى غاضب أكثر:

-كيف تقولين هذا! هل تظنين أني سوف أستمع الى هذا الهراء لأدعكي وشأنكي! أنتي زوجتي وأنا لن أترككي أسماء أنا أحبكي.

دفعته أسماء بقوة وغضب، صرخت به قائلة:

-لا يا اسلام لن تكون أبدًا زوجي، سوف أتزوج بشخص آخر وأنت لن تستطيع أن تفعل شيء فأنا لم اعد أحبك ولن أحارب لأجلك مرة أخرى.

أنتفض جسد اسلام في هذا الوقت، أدرك أن كل ما مر به لم يكن سوا كابوس مزعج:

-يا لك من شيطان ملعون، حتى النوم لم أعد أجد به الراحة، كيف يكون هذا الأمر عدل وقد حركت عينيّ النوم، أشعر أن كل شيء ينهار حتى بأحلامي، كل شيء ينهار حقًا.

أغمض عيناها في ضيق وحزن كثير، ارادها في هذا الوقت، تساقطت دموعه بألم، يعترف أن الأشتياق ملعون، لقد كان الفقد أسوء ما يمر به المرء، تحدث بألم:

-كنت شخص غبي، مغفل، لم اكن أعير لكل من حولي إهتمام، جعلتيني أحبكي عن طريق الصدفة، دون قصد منكي أوقعتيني في حبكي يا أسماء فلماذا الأن قد أنهار كل شيء؟

حرك رأسه وهو يسخر من حاله، تحدث متهكمًا:

-أتسائل وكأني شخص بريئ جدًا لا يمكنه أن يخطئ، أنا السبب وأدرك هذا، أنا من جعلت كل شيء ينهار وينقلب رأس على عقل.

أخذ نفس عميق وذهب يقف في الشرفة رافعًا رأسه في السماء:

-ليس بعد الأن، لن أستسلم وأكون هذا الضعيف، أرجوك يا الله ساعدني في جعلها تعود لي، هذه المرة أرجوك يا الله، أنا لن أعيدها لن أقترب من الكبائر يا أرى.

أغمض عيناه وقد أستند بذقنه على السور:

-كم أن هذا مرهق، أشعر أن عينيّ تستغيث، وكلما غفلت عادت الكوابيس لتجعل نومها مستحيل، قررت أني سوف أحاول ولن أستسلم أبدًا، سوف أجعلكي تعودين لي من جديد مهما كان الثمن يا أسماء.

لم يستطيع النوع، ظل جالس على الأريكة يفكر بكل ما سيحدث، هل من الممكن أن تنسى كل ما حدث!

حرك رأسه بنفي هو نفسه يرى أن هذا الأمر مستحيل، كيف لها أن تنسى خذلانه وكما ترى أنه خانفها، كيف لشخص أن يغفر الخيانة، تحدث بخيبة أمل:

-ليتني أستطيع الرجوع الى الخلف؛ لأقوم بغلق كل باب سيؤدي الى أفتراقنا، ليتني استطيع أن أمسح جميع ذكرياتكي السيئة لنلتقي دون مشكلة، أريد أن تسامحيني يا أسماء لا أريد لكل هذا أن يحدث، لا أريد أن تفرقنا الكثير من المشاكل كما يحدث الأن، لا أريد لطفلي أن ينشأ بعيدًا عني، أرجوكي لا تجعلي الأمور تزداد سوءً، أرجوك يا الله أجعل كل شيء يسير بشكل جيد.

نهاية الجزء الأول
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي