الفصل العاشر
"
ضبطت ساندرا أعصابها بشكل مبهر وقالت بكل هدوء استطاعت أن تستدعيه في نفسها:
" يبدو انك تعرف الكثير ."
لمعت عيناه بخبث واضح ورد قائلاً :
" جعلت ذلك شغلي الشاغل لأعرف بإنتظام كل شيء عنك ."
اجابته بضحكة ساخرة ولكن يظهر ان من أرسلتهم خلفي لم يخبرك جيدًا بما حدث، لم تعرف الظروف التي قادتني الى ذلك الزواج."
تقدم باريس فيليب نحوها، ولكنها لم تنسحب فقد فر الخوف من قلبها في تلك اللحظة
وإمتلأ بالكراهية التي طغت على كل عاطفة سواها.
بعد لحظة صمت قال :
" في ذلك الحين صدقت انك لن تتزوجي كما اخبرتني أنك لن ترتبطي ابدا ، وكان عندي امل في أن اغير رأيك ولكن
مع الأسف سرعان ما تزوجت قبل ان أصل الى بلدك وألاحق أخبارك واقنعك بوجهه نظري، توقف عن الكلام لحظة، واخذ نفسا عميقا ثم تابع:
" أنت على حق ، فانا لا أعرف الظروف التي قادت الى زواجك، ولا اريد ان اعرف
، وكل ما يهمني أنك فضلت ذلك المخلوق علي، وأنك تستحقين كل ما يحدث لك
نظرت ساندرا نحوه تريد ان يعطيها فرصة تبرر زواجها، ولكنه أصر على أنه لا يريد أن يسمع أو يفهم شيئًا فقررت أن تتركه لأوهامه وخيالاته المريضة
هزت كتفيها ثم تحركت و حاولت أن تتركه وتمضي، ولكنه أمسك بها فجأة بعنف يمنعها من
الذهاب، ويقول:
" لا تنظري اليّ بهذه الطريقة وإلا سأجعلك تندمين على ذلك."
وهذه المرة لم تنظر له اكتفت بالسكوت وانتظرت لثوان حتى تركها وذهبت إلى غرفتها!
دخلت إلى الغرفة التي قرر وجودها بها، كانت تغلي بكثير من المشاعر، غضب..اشمئزاز وقرف.. استياء وآخرهم بالطبع كان الرعب
الرعب مما ينتظرها مع ذلك الرجل المخيف، الذي يذكرها بأخد الآلهه اليونانين الذي قرر معاقبة بشري وجعله يتيه في الأرض
والغضب والاستياء من الموقف الذي وضعها فيه هاري وهرب
حتى لم يترك لها فرصة للدفاع عنه أمام باريس
أحست منه بالندالة والخسة على عكس كل تلك السنوات التي عملتها معه
وكأنه تخلص منها كجوال من القمامة بكل سهولة هكذا!
ستتواصل معه وتنهال عليه بالسب لكن بعد أن تتخلص من ذلك الفخ الذي اوقعت نفسها فيه
نعم هي من اوقعت نفسها فيه من أول موافقتها على المجيء لليونان مرة أخرى
لم تتوقع ولو في خيالها ان هذا ما سيحدث ولكنها كان عليها تجنب حدوث أي شيء مفاجئ ولا توافق على المجيء من الأصل
رمت بنفسها في الفراش الواسع، كان تلك طراز غرفتها، سرير في منتصف الغرفة من النحاس أو الحديد لا تعرف المهم أنه معدني بعكس سريرها الخشب في لندن!
كل شيء هنا عكس هناك
هنا الفخامة بشكل مبالغ فيه، ولا تعرف هل هذا لأنها في اليونان عموما أم لأنها في منزل باريس فيليب!
باريس ماذا تفعل معه ؟ ذلك الرجل البعيد كل البعد عن اسمه، فباريس عاصمة الفن والثقافة والأناقة أما هو فيمثل لها كل شيء همجي في الحياه
نظرته وفكه المميز وضحكته الساخرة وحروفه المرعبة بسمار بشرته كل ذلك يمثل لها في النهاية كائن مخيف فارع الطول تقف أمامه لا حول لها ولا قوة
ستتزوجه !
كيف ؟ لا تعلم
وهل سيكون زواج حقيقيًا ؟ كيف ؟ هل تستطيع أن تكون له زوجه في الأساس ؟
زواج من أجل انتقام ؟ هذا أول مرة تراه في حياتها
نعم تزوجت مساومه وخسة قبل ذلك ورأت ذلك في العديد من الروايات لكن هذا الذي من اجل الانتقام لم يمر عليها من قبل
إذا كنت تكره أحد وتريد الانتقام منه اتقتله أم تتزوجه ؟!
تقتله
أو تتزوجه قتلا!
نعم سيقتلها ولكن بالبطيء
ماذا لو كان كلام هاري حقيقة وكان باريس فيليب هو السبب في موت زوجته أو قتلها كما قال ؟
هل سيفعل هذا معها ؟
لماذا ؟ إذا كانت تلك نيته فالطريق الأسهل أن يقتلها مباشر
يقتلها حتى قبل أن تأتي لليونان
كان متابعا جيدا لاخبارها وهذا الأمر سهل عليه
إذا لماذا كل هذا!
انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !
انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !
ليل اليونان طويل
ولا تعرف لماذا اليونان مختلفة في كل شيء حتى الوقت ومروره!
هذا ما أحسته في تلك الليلة الطويلة، والتي لم يزرها فيها النوم ولو بشق تمرة
بعد قرارها بالهروب، راحت دماغها في التفكير بسرعة، ماذا ستفعل وكيف تهرب
وأخيراً اهتدت لشيء ستفعله
فقط تنتظر أول ساعة من الشروق لتنفذه، على الأقل ولو خيط نهار واحد تستطيع به أن تتحسس طريقها
غادرت الفراش لقد ملت الجلوس فيه على لا شيء!
وقررت الدخول إلى الشرفة لعلها تهدأ بنسمة هواء في تلك الساعة المبكرة،
وقفت في الشرفة الواسعة، كانت غرفتها لها شرفة رائعة التصميم، مربعة بمساحة كبيرة مساوية لمساحة الغرفة تقريبا، وعلى سور الشرفة وقف تمثالين على اليمين والشمال ينتمون للحضارة اليونانية، وكأنهم يرفعون سقف الشرفة على روؤسهم، وكانت الشرفة تطل على جزء كبير من الحديقة والذي يضم الورود المفضلة لساندرا، وكأنها وضعت هنا من أجلها!
من خلف تلك الحديقة كان يقع سور المنزل وخلفه البحر الذي يطل عليه المنزل والذي تشم رائحة مياهه وتسمع صوت ارتطام أمواجه بصخور الجزيرة من مكانها في الشرفة
وهذا البحر هو سبيلها للهروب!
وقفت تتأمل ذلك المنظر الرائع، لكم تمنت أن تعيش في منزل مثله، مليء بالزهور والورود، تبدأ فيه حياه جديدة بمفردها بعيدًا عن أي وجع قابلته من قبل، كانت تخطط لذلك بعد أن تكون مبلغًا كبيرًا من عملها مع هاري دارك تستطيع به أن تبعد عن ضغوط الشغل وتفتح المشروع الذي تحلم به، لكم تمنت أن يصبح عندها مخبز وتصنع بيدها له كل يوم الخبز والشطائر اللذيذة، كانت مميزة جدا في الطبخ وارادت أن تستغل موهبتها في شيء مفيد لها، وتعمل في شيء تهواه، كان كل ذلك ليس الآن بالطبع لكنه كان في المستقبل القريب، نعم كانت تحب العمل مع هاري لكنه كان غير مستقر ومهدده بالفصل خاصة بعد حديثه معها عن احتماليه زواجة من كريسيتن أكد لها أن كل خططها كانت صحيحة وأنها في الاتجاه الصالح لها
ولم تعرف أن سفينتها سيأتي عليها رياح بما لا تشتهي، وسينقلب الزمن عليها ويقلب حياتها وخططها رأسًا على عقب ويرمي بها إلى هنا في شباك باريس فيليب القاسي المتعجرف
لكنها لن تتركه يفعل بها كل ما هددها به، لن تسمح له بهذا حتى لو كانت ستهرب إلى آخر الأرض بعيدًا عنه
وعند هذه النقطة أفاقت وإلتفتت حولها لتجد خيوط النهار بدأت في الظهور، على الفور دخلت إلى الغرفة، سحبت حقيبتها الصغيرة التي آتت بها إلى هنا، وقفت خلف الباب ووضعت أذنها عليه تحاول الاستماع لو أن أحدهم في المكان، اطمئنت أن كل شيء هادئ، فتحت الباب وتمشت في الممر الطويل على السجاد الأحمر العجمي الفخم جدا والذي ساعدها على امتصاص صوت خطواتها التي أصبحت سريعة عندما أحست أن الجميع نيام الآن
خرجت نحو باب المنزل كان كبيرا جدا وثقيل جدا حاولت فتحه لكنها لم تقدر حاولت ثم تأكدت أنه مغلق بالمفتاح من الداخل!
خاب أملها ولكن عقلها عمل بسرعة واقترح عليها فكرة استحسنتها، اتجهت نحو المطبخ، على حسب ما توقعت الغرف، هذا هو المكان الذي كان يخرج منه الخادم وقت الطعام، المنزل كبير ومخيف وكأنه متاهه، وبعد عدة غرف خاطئه أخيراً دخلت إلى المطبخ، والذي كان واسعًا ورائعًا جدا لدرجة خطفت نفسها، كانت تريد الوقوف والتأمل والتعرف على كل أدوات الطبخ الجديدة عليها والتي تستهويها كثيراً
لكن الوقت لن يسعفها فإضطرت أسفا لفتح الباب الخلفي والذي توقع عقلها وجوده ومن حسن حظها أنها وجدته مفتوحًا
فتحته برفق وقررت عدم غلقه مرة أخرى حتى لا يخرج منها صوتًا مميزاً أو أي شيء من هذا القبيل
في تلك الدقائق التي استغرقتها للخروج كان النهار قد سيطر على المكان بسرعة وكان هذا من حسن حظها، تمشت بين الورود بسرعة واتجهت نحو باب المنزل الخارجي بهدوء تراقب إذا كان هناك أحد واقفًا كفرد أمن أو أحد آخر، لتجد أنه لا أحد والباب أيضًا سهل الفتح!
غريب يتركون الباب الخارجي ويغلقون الداخلي ؟
وقبل أن تتعجب سمعت بخطوات قدوم أحدهم فخرجت بسرعة، يبدو أنه فرد الأمن فتح الباب ثم عاد ليفعل شيء ما
عند خروجها من الباب أطلقت ساقيها للريح، جرت وجرت بطول سور المنزل والذي كان كبيراً ثم توغلت بشكل عكسي نحو البحر، توقفت قليلاً لتلتقط أنفاسها، أحست أن دقات قلبها كانت عالية كدقات طبول افريقية في فرح زعيم القبيلة!
حتى أنه من شدتها أحست أنها تسمعها في أذنها، كانت تريد الابتعاد بسرعة قبل أن يكتشف أحدهم غيابها بأي شكل
هدأت لثوان ثم أكملت الجري نحو البحر، كان بعيداً بعكس ما رأته من المنزل وشرفته الشيء الذي أعطاها احساسًا بأنها تمشي في الاتجاه الخطأ
ولكن رائحة البحر التي تزداد وصوته الذي يعلو أكد لها أنه في الطريق الصحيح، جرت وجرت حتى ظهر البحر أمامها أخيرًا، تنهدت ووقفت لتهدأ حتى لا يظهر عليها شيئًا غريبًا، كانت خطتها أن تذهب إلى البحر وتجد مركبًا يوصلها إلى الجزيرة الرئيسية التي بها المطار والذي سيعيدها إلى موطنها
هكذا كان اخبرها هاري في يوم عندما كان يتحدث لها عن مزايا الأرض التي يريد أن يشتريها وأنها سهلة المواصلات
توقفت حتى هدأت وبدأت تمشي ناحية الشاطئ ليظهر لها فعلاً مراكب متناثرة على الشاطئ، كانت مراكب صغيرة وهي تخاف منها لكن لا وقت للخوف الآن عليها النفاد بجلدها من هذا الجحيم
توقفت ثم اختارت إحدى المراكب التي يظهر عليها الحداثة وتوجهت نحوها، لتجد صاحبها واقفًا يبدو أنه يستعد للصيد، جيد إذا سيدخل إلى عرض البحر وهذا سيسهل عليها مهمة اقناعه بما تريد
وقفت أمامه وأشارت له وعلت بصوتها حتى استطاع رؤيتها والنظر لها، هز رأسه ثم أشار لها بأنه سينزل لها
وبالفعل نزل من المركب وجاء لها مبلل المنتصف من المياه الذي قفز فيها لتوه، ابتسمت له ودعت أن يكون متحدثا بالانجليزية فهي تعلم جيدًا أن اليونانين يعتزون بلغتهم وليس جميعهم يعرفون لغة أخرى
- أهلا بك سيدي
وجدته يرد عليها التحية فتهللت أساريرها يبدو أن يتحدث مثلها
تشجعت وبدأت في مفاوضته : أنا هنا كنت ضيفة وأريد العودة إلى الجزيرة لاستقل طائرتي هل يمكنك مساعدتي ؟
هز رأسه نفيا ثم قال : لا استطيع الخروج إلى عرض البحر اليوم، الارصاد تقول أنه الطقس سيكون سيئًا
التفتت حولها ورفعت رأسها للسماء، طقس سيء!
أين ؟ وفي بداية النهار فقط بدأت الشمس في فرض سيطرتها ودفئها على الأنحاء، حاولت اقناعه وقبل أن تقول شيء فهمت أنه يحسبها تطلب الخدمة مجانية!
ياللغبي
- سأدفع لك ما تريد لا تقلق فقط أوصلني إلى هناك ؟ هل يمكنك ؟
تهللت أساريره وهز رأسه ايجابًا، يبدو أنه يوم رائع يبدء بتلك الصفقة الجميلة
- نعم أستطيع
- جيد، هيا بنا بسرعة
- إلى أين ؟!
لم تخرج هذه الجملة منه، هذا ليس صوته ولم تتحرك شفتاه حتى، هذا الصوت تعرفه جيدًا، ارتعد جسدها، لا تريد أن تلفتت، قررت التعامل مع الصياد وكأنه هو الذي نطق بها، لكن بترت كلماتها عندما تعلق عين الصياد بشيء ما خلفها، رأسه مرفوعة بالطبع عرفت من هو صاحب ذلك الطول الفارع!
التفتت أخيراً له كان باريس فيليب يقف معقد الذراعين على صدره يراقبها بنظرة قاتلة أثارت الرعب في نفسها!
قررت أن تحتمي بالصياد واخبرته بسرعة أنها تريد الذهاب معه وقبل أن تقول أنها محتجزه أو أي شيء يستطيع فهمه وانقاذها، كان باريس قد تحرك بالفعل وأمسك بها بقوة جعلتها تبتلع حروفها، تحدث إلى الصياد باليونانية التي لا تعرفها، لكن الصياد يعرفها جيدًا فقد سمعته يحيه بلقبه، لفها باريس نحوه ثم سحبها خلفه بقوة كادت أن تتمزق لها، كانت تريد الصراخ والبكاء والعويل وكل شيء يعبر عن خوفها واعتراضها عن ما يحدث لكنها لم تستطيع فعل شيء!
- تريدين الهرب مني ساندرا ؟ بهذه السهولة ؟ كنت أحسبك أذكى من ذلك
ساندرا ولو أنك ذهبت إلى آخر الأرض سآتي إليك وأخذك إلى نفس المنزل ونفس المصير
لن تهربي مني مادمت على قيد تلك الحياة!
ضبطت ساندرا أعصابها بشكل مبهر وقالت بكل هدوء استطاعت أن تستدعيه في نفسها:
" يبدو انك تعرف الكثير ."
لمعت عيناه بخبث واضح ورد قائلاً :
" جعلت ذلك شغلي الشاغل لأعرف بإنتظام كل شيء عنك ."
اجابته بضحكة ساخرة ولكن يظهر ان من أرسلتهم خلفي لم يخبرك جيدًا بما حدث، لم تعرف الظروف التي قادتني الى ذلك الزواج."
تقدم باريس فيليب نحوها، ولكنها لم تنسحب فقد فر الخوف من قلبها في تلك اللحظة
وإمتلأ بالكراهية التي طغت على كل عاطفة سواها.
بعد لحظة صمت قال :
" في ذلك الحين صدقت انك لن تتزوجي كما اخبرتني أنك لن ترتبطي ابدا ، وكان عندي امل في أن اغير رأيك ولكن
مع الأسف سرعان ما تزوجت قبل ان أصل الى بلدك وألاحق أخبارك واقنعك بوجهه نظري، توقف عن الكلام لحظة، واخذ نفسا عميقا ثم تابع:
" أنت على حق ، فانا لا أعرف الظروف التي قادت الى زواجك، ولا اريد ان اعرف
، وكل ما يهمني أنك فضلت ذلك المخلوق علي، وأنك تستحقين كل ما يحدث لك
نظرت ساندرا نحوه تريد ان يعطيها فرصة تبرر زواجها، ولكنه أصر على أنه لا يريد أن يسمع أو يفهم شيئًا فقررت أن تتركه لأوهامه وخيالاته المريضة
هزت كتفيها ثم تحركت و حاولت أن تتركه وتمضي، ولكنه أمسك بها فجأة بعنف يمنعها من
الذهاب، ويقول:
" لا تنظري اليّ بهذه الطريقة وإلا سأجعلك تندمين على ذلك."
وهذه المرة لم تنظر له اكتفت بالسكوت وانتظرت لثوان حتى تركها وذهبت إلى غرفتها!
دخلت إلى الغرفة التي قرر وجودها بها، كانت تغلي بكثير من المشاعر، غضب..اشمئزاز وقرف.. استياء وآخرهم بالطبع كان الرعب
الرعب مما ينتظرها مع ذلك الرجل المخيف، الذي يذكرها بأخد الآلهه اليونانين الذي قرر معاقبة بشري وجعله يتيه في الأرض
والغضب والاستياء من الموقف الذي وضعها فيه هاري وهرب
حتى لم يترك لها فرصة للدفاع عنه أمام باريس
أحست منه بالندالة والخسة على عكس كل تلك السنوات التي عملتها معه
وكأنه تخلص منها كجوال من القمامة بكل سهولة هكذا!
ستتواصل معه وتنهال عليه بالسب لكن بعد أن تتخلص من ذلك الفخ الذي اوقعت نفسها فيه
نعم هي من اوقعت نفسها فيه من أول موافقتها على المجيء لليونان مرة أخرى
لم تتوقع ولو في خيالها ان هذا ما سيحدث ولكنها كان عليها تجنب حدوث أي شيء مفاجئ ولا توافق على المجيء من الأصل
رمت بنفسها في الفراش الواسع، كان تلك طراز غرفتها، سرير في منتصف الغرفة من النحاس أو الحديد لا تعرف المهم أنه معدني بعكس سريرها الخشب في لندن!
كل شيء هنا عكس هناك
هنا الفخامة بشكل مبالغ فيه، ولا تعرف هل هذا لأنها في اليونان عموما أم لأنها في منزل باريس فيليب!
باريس ماذا تفعل معه ؟ ذلك الرجل البعيد كل البعد عن اسمه، فباريس عاصمة الفن والثقافة والأناقة أما هو فيمثل لها كل شيء همجي في الحياه
نظرته وفكه المميز وضحكته الساخرة وحروفه المرعبة بسمار بشرته كل ذلك يمثل لها في النهاية كائن مخيف فارع الطول تقف أمامه لا حول لها ولا قوة
ستتزوجه !
كيف ؟ لا تعلم
وهل سيكون زواج حقيقيًا ؟ كيف ؟ هل تستطيع أن تكون له زوجه في الأساس ؟
زواج من أجل انتقام ؟ هذا أول مرة تراه في حياتها
نعم تزوجت مساومه وخسة قبل ذلك ورأت ذلك في العديد من الروايات لكن هذا الذي من اجل الانتقام لم يمر عليها من قبل
إذا كنت تكره أحد وتريد الانتقام منه اتقتله أم تتزوجه ؟!
تقتله
أو تتزوجه قتلا!
نعم سيقتلها ولكن بالبطيء
ماذا لو كان كلام هاري حقيقة وكان باريس فيليب هو السبب في موت زوجته أو قتلها كما قال ؟
هل سيفعل هذا معها ؟
لماذا ؟ إذا كانت تلك نيته فالطريق الأسهل أن يقتلها مباشر
يقتلها حتى قبل أن تأتي لليونان
كان متابعا جيدا لاخبارها وهذا الأمر سهل عليه
إذا لماذا كل هذا!
انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !
انهمرت الدموع من عينيها، لا تعرف لماذا القدر يصر على أن يختار لها أزواج خسيسة مثلهم
لماذا وهي قررت البعد واختارت أن تكون عازبه وتكون لها حياة مستقله في العمل فقط؟!
تذكرت كل ما حدث معها من قبل وانهارت في البكاء
لفترة طويلة حتى احمرت عينيها ووجنتاها الرقيقة وتمرر حلقها من الشهقات المتتالية
أصاب رأسها الصداع ولكنها قررت اخيرا ألا تستسلم لكل هذا
لن تترك باريس يسيطر عليها
ستجهز حقيبتها وتهرب من هنا بسرعة قبل أن يفعل شيئا أكثر من ذلك
وهناك في لندن ستختفي ولن يجدها مرة أخرى
أو ستختار بلد أخر وتبدأ فيه حياة جديدة بعيدًا عن كل هذا !
لكن كيف ستفعل ذلك هذا ما يجب عليها التفكير والتخطيط له جيدًا قبل أن يأتي الغد عليها !
ليل اليونان طويل
ولا تعرف لماذا اليونان مختلفة في كل شيء حتى الوقت ومروره!
هذا ما أحسته في تلك الليلة الطويلة، والتي لم يزرها فيها النوم ولو بشق تمرة
بعد قرارها بالهروب، راحت دماغها في التفكير بسرعة، ماذا ستفعل وكيف تهرب
وأخيراً اهتدت لشيء ستفعله
فقط تنتظر أول ساعة من الشروق لتنفذه، على الأقل ولو خيط نهار واحد تستطيع به أن تتحسس طريقها
غادرت الفراش لقد ملت الجلوس فيه على لا شيء!
وقررت الدخول إلى الشرفة لعلها تهدأ بنسمة هواء في تلك الساعة المبكرة،
وقفت في الشرفة الواسعة، كانت غرفتها لها شرفة رائعة التصميم، مربعة بمساحة كبيرة مساوية لمساحة الغرفة تقريبا، وعلى سور الشرفة وقف تمثالين على اليمين والشمال ينتمون للحضارة اليونانية، وكأنهم يرفعون سقف الشرفة على روؤسهم، وكانت الشرفة تطل على جزء كبير من الحديقة والذي يضم الورود المفضلة لساندرا، وكأنها وضعت هنا من أجلها!
من خلف تلك الحديقة كان يقع سور المنزل وخلفه البحر الذي يطل عليه المنزل والذي تشم رائحة مياهه وتسمع صوت ارتطام أمواجه بصخور الجزيرة من مكانها في الشرفة
وهذا البحر هو سبيلها للهروب!
وقفت تتأمل ذلك المنظر الرائع، لكم تمنت أن تعيش في منزل مثله، مليء بالزهور والورود، تبدأ فيه حياه جديدة بمفردها بعيدًا عن أي وجع قابلته من قبل، كانت تخطط لذلك بعد أن تكون مبلغًا كبيرًا من عملها مع هاري دارك تستطيع به أن تبعد عن ضغوط الشغل وتفتح المشروع الذي تحلم به، لكم تمنت أن يصبح عندها مخبز وتصنع بيدها له كل يوم الخبز والشطائر اللذيذة، كانت مميزة جدا في الطبخ وارادت أن تستغل موهبتها في شيء مفيد لها، وتعمل في شيء تهواه، كان كل ذلك ليس الآن بالطبع لكنه كان في المستقبل القريب، نعم كانت تحب العمل مع هاري لكنه كان غير مستقر ومهدده بالفصل خاصة بعد حديثه معها عن احتماليه زواجة من كريسيتن أكد لها أن كل خططها كانت صحيحة وأنها في الاتجاه الصالح لها
ولم تعرف أن سفينتها سيأتي عليها رياح بما لا تشتهي، وسينقلب الزمن عليها ويقلب حياتها وخططها رأسًا على عقب ويرمي بها إلى هنا في شباك باريس فيليب القاسي المتعجرف
لكنها لن تتركه يفعل بها كل ما هددها به، لن تسمح له بهذا حتى لو كانت ستهرب إلى آخر الأرض بعيدًا عنه
وعند هذه النقطة أفاقت وإلتفتت حولها لتجد خيوط النهار بدأت في الظهور، على الفور دخلت إلى الغرفة، سحبت حقيبتها الصغيرة التي آتت بها إلى هنا، وقفت خلف الباب ووضعت أذنها عليه تحاول الاستماع لو أن أحدهم في المكان، اطمئنت أن كل شيء هادئ، فتحت الباب وتمشت في الممر الطويل على السجاد الأحمر العجمي الفخم جدا والذي ساعدها على امتصاص صوت خطواتها التي أصبحت سريعة عندما أحست أن الجميع نيام الآن
خرجت نحو باب المنزل كان كبيرا جدا وثقيل جدا حاولت فتحه لكنها لم تقدر حاولت ثم تأكدت أنه مغلق بالمفتاح من الداخل!
خاب أملها ولكن عقلها عمل بسرعة واقترح عليها فكرة استحسنتها، اتجهت نحو المطبخ، على حسب ما توقعت الغرف، هذا هو المكان الذي كان يخرج منه الخادم وقت الطعام، المنزل كبير ومخيف وكأنه متاهه، وبعد عدة غرف خاطئه أخيراً دخلت إلى المطبخ، والذي كان واسعًا ورائعًا جدا لدرجة خطفت نفسها، كانت تريد الوقوف والتأمل والتعرف على كل أدوات الطبخ الجديدة عليها والتي تستهويها كثيراً
لكن الوقت لن يسعفها فإضطرت أسفا لفتح الباب الخلفي والذي توقع عقلها وجوده ومن حسن حظها أنها وجدته مفتوحًا
فتحته برفق وقررت عدم غلقه مرة أخرى حتى لا يخرج منها صوتًا مميزاً أو أي شيء من هذا القبيل
في تلك الدقائق التي استغرقتها للخروج كان النهار قد سيطر على المكان بسرعة وكان هذا من حسن حظها، تمشت بين الورود بسرعة واتجهت نحو باب المنزل الخارجي بهدوء تراقب إذا كان هناك أحد واقفًا كفرد أمن أو أحد آخر، لتجد أنه لا أحد والباب أيضًا سهل الفتح!
غريب يتركون الباب الخارجي ويغلقون الداخلي ؟
وقبل أن تتعجب سمعت بخطوات قدوم أحدهم فخرجت بسرعة، يبدو أنه فرد الأمن فتح الباب ثم عاد ليفعل شيء ما
عند خروجها من الباب أطلقت ساقيها للريح، جرت وجرت بطول سور المنزل والذي كان كبيراً ثم توغلت بشكل عكسي نحو البحر، توقفت قليلاً لتلتقط أنفاسها، أحست أن دقات قلبها كانت عالية كدقات طبول افريقية في فرح زعيم القبيلة!
حتى أنه من شدتها أحست أنها تسمعها في أذنها، كانت تريد الابتعاد بسرعة قبل أن يكتشف أحدهم غيابها بأي شكل
هدأت لثوان ثم أكملت الجري نحو البحر، كان بعيداً بعكس ما رأته من المنزل وشرفته الشيء الذي أعطاها احساسًا بأنها تمشي في الاتجاه الخطأ
ولكن رائحة البحر التي تزداد وصوته الذي يعلو أكد لها أنه في الطريق الصحيح، جرت وجرت حتى ظهر البحر أمامها أخيرًا، تنهدت ووقفت لتهدأ حتى لا يظهر عليها شيئًا غريبًا، كانت خطتها أن تذهب إلى البحر وتجد مركبًا يوصلها إلى الجزيرة الرئيسية التي بها المطار والذي سيعيدها إلى موطنها
هكذا كان اخبرها هاري في يوم عندما كان يتحدث لها عن مزايا الأرض التي يريد أن يشتريها وأنها سهلة المواصلات
توقفت حتى هدأت وبدأت تمشي ناحية الشاطئ ليظهر لها فعلاً مراكب متناثرة على الشاطئ، كانت مراكب صغيرة وهي تخاف منها لكن لا وقت للخوف الآن عليها النفاد بجلدها من هذا الجحيم
توقفت ثم اختارت إحدى المراكب التي يظهر عليها الحداثة وتوجهت نحوها، لتجد صاحبها واقفًا يبدو أنه يستعد للصيد، جيد إذا سيدخل إلى عرض البحر وهذا سيسهل عليها مهمة اقناعه بما تريد
وقفت أمامه وأشارت له وعلت بصوتها حتى استطاع رؤيتها والنظر لها، هز رأسه ثم أشار لها بأنه سينزل لها
وبالفعل نزل من المركب وجاء لها مبلل المنتصف من المياه الذي قفز فيها لتوه، ابتسمت له ودعت أن يكون متحدثا بالانجليزية فهي تعلم جيدًا أن اليونانين يعتزون بلغتهم وليس جميعهم يعرفون لغة أخرى
- أهلا بك سيدي
وجدته يرد عليها التحية فتهللت أساريرها يبدو أن يتحدث مثلها
تشجعت وبدأت في مفاوضته : أنا هنا كنت ضيفة وأريد العودة إلى الجزيرة لاستقل طائرتي هل يمكنك مساعدتي ؟
هز رأسه نفيا ثم قال : لا استطيع الخروج إلى عرض البحر اليوم، الارصاد تقول أنه الطقس سيكون سيئًا
التفتت حولها ورفعت رأسها للسماء، طقس سيء!
أين ؟ وفي بداية النهار فقط بدأت الشمس في فرض سيطرتها ودفئها على الأنحاء، حاولت اقناعه وقبل أن تقول شيء فهمت أنه يحسبها تطلب الخدمة مجانية!
ياللغبي
- سأدفع لك ما تريد لا تقلق فقط أوصلني إلى هناك ؟ هل يمكنك ؟
تهللت أساريره وهز رأسه ايجابًا، يبدو أنه يوم رائع يبدء بتلك الصفقة الجميلة
- نعم أستطيع
- جيد، هيا بنا بسرعة
- إلى أين ؟!
لم تخرج هذه الجملة منه، هذا ليس صوته ولم تتحرك شفتاه حتى، هذا الصوت تعرفه جيدًا، ارتعد جسدها، لا تريد أن تلفتت، قررت التعامل مع الصياد وكأنه هو الذي نطق بها، لكن بترت كلماتها عندما تعلق عين الصياد بشيء ما خلفها، رأسه مرفوعة بالطبع عرفت من هو صاحب ذلك الطول الفارع!
التفتت أخيراً له كان باريس فيليب يقف معقد الذراعين على صدره يراقبها بنظرة قاتلة أثارت الرعب في نفسها!
قررت أن تحتمي بالصياد واخبرته بسرعة أنها تريد الذهاب معه وقبل أن تقول أنها محتجزه أو أي شيء يستطيع فهمه وانقاذها، كان باريس قد تحرك بالفعل وأمسك بها بقوة جعلتها تبتلع حروفها، تحدث إلى الصياد باليونانية التي لا تعرفها، لكن الصياد يعرفها جيدًا فقد سمعته يحيه بلقبه، لفها باريس نحوه ثم سحبها خلفه بقوة كادت أن تتمزق لها، كانت تريد الصراخ والبكاء والعويل وكل شيء يعبر عن خوفها واعتراضها عن ما يحدث لكنها لم تستطيع فعل شيء!
- تريدين الهرب مني ساندرا ؟ بهذه السهولة ؟ كنت أحسبك أذكى من ذلك
ساندرا ولو أنك ذهبت إلى آخر الأرض سآتي إليك وأخذك إلى نفس المنزل ونفس المصير
لن تهربي مني مادمت على قيد تلك الحياة!