الفصل الأربعون

وقف أمام باب المنزل يعدل قبعته البيضاء جيدًا على رأسه التي تتناسق مع لون قميصه وحذاءه الرياضي بينما نظارته الشمسية مع كمامة الوجه بذات لون السروال الأسود تجعله متخفيٍ لدرجةٍ لا احد يعرفه،

وقف الحرس ينكسون رؤوسهم باحترامٍ بعدما تقدم منهم عندما فتحوا له البوابة الكبيرة ثم سار للداخل يقف أمام الباب الأبنوسي وهو يأخذ أكبر قدرٍ من الهواء داخل رئتيه، مد يده نحو الجرس ضاغطًا عليه ثم اخفضها ينتظر فتح الباب،

صدح صوتٌ من الداخل رقيق وهادئ جعله يبتسم متنهدًا بقوة، نظرت سارة اليه بعدما فتحت الباب مما جعله يبعد قبعته عن رأسه يليها الكمامة عن فمه عنه ومازال يحتفظ بابتسامته، ارتفعت أنفاسها وقد بدأ قلبها ينبض بقوة كنبض قلبه عندما رأته أمامها بكل هيبته وملامحه التي اشتاقت إليها،

ابعد نظارته يكشف عن خضراء عينيه متحدثًا بحبٍ بعدما رأى الصدمة تتجلى على ملامحها:
-ألم تشتاقي لي سارونتي؟!.

بدأت شفتيها ترتجف معلنةٌ عن البكاء مما دفعه لفتح ذراعيه إليها، ركضت نحوه تدلف داخل حضنه وشهقاتها بدأت ترتفع بشوق:
-اشتقت لك فهد.

لفت يديه حولها يعصرها بين ذراعيه ثم قبل رأسها متحدثًا بهدوء:
-ها قد أتيت لأني مشتاقٌ لكِ ايضًا.

ابعدها عنه قليلًا برفقٍ عندما استمع الى صوت ابنه فراس، فانحنى قليلًا يحمله على ذراعه يقبل وجنته بشوق:
-كيف حالك يا بطل.

احتضن فراس رقبة فهد وهو يغمغم بكلامٍ طفولي انه اشتاق اليه ايضًا وألا يذهب، فسار بهم نحو الداخل ببعض الراحة لرؤيتهم، جلس على الاريكة وما زال يحتضن سارة بذراعٍ ويحمل فراس على ذراعه الآخر.

طرق منتصر الباب الموارب يخاطبه باحترام:
-سيد فهد ها هي حقيبتك، لقد وصلت.

اومأ له بهدوء وهو يخاطبه:
-ضعها عندك وأغلق الباب خلفك منتصر.

وضع منتصر حقيبة فهد التي تحتوي على أوراقه المهمة وبعض الثياب التي وضعها بإهمال ثم أغلق الباب خلفه.

نظرت سارة إليه بعدما أغلق منتصر الباب خلفه تتأمل ملامحه وهي تسأله بشكٍ وتوجس:
-هل انتهت مطاردتك؟.

اخرج تنهيدةً مثقلة تعبر عن ثقل كاهنه وما يعتريه من ضغطٍ كبير:
-ليس بعد سارة، إنني هاربٌ الآن فقد أصبت أحدهم أثناء اقتحام هجومي لهم إلى مخبأي.

شهقت بصدمةٍ وعدم تصديقٍ مما تسمع فأمسك كفها بين يده:
-لقد وعدتكِ أن أفعل أي شيء لكي أعود إليكِ، سيحتاج الأمر بعض الصبر، في بادئ الأمر إنهم هنا مختبئين وها قد وصلت إليهم، لكن انتِ تعرفين عنود تلك الفتاة التي كانت تعمل لدي!.

اومأت برأسها بتأكيد تجيبه:
-أجل، تلك الفتاة التي ذهبنا إلى حفل خطوبة شقيقتها، أليس كذلك؟.

هز برأسه قليلًا انه نعم ثم أكمل بغضبٍ حاول تخفيفه أمامها:
-إنها السبب الرئيسي في القبض عليّ، لقد كانت متعاونة معهم للغاية منذ البداية لقد أمنّتها على مكتبي وعملي واسراري وهي خانت هذه الأمانة، هي من حولت حياتنا إلى جحيم،


أكمل بشرْ واضح ولم يعد فهد الذي تعرفه:
-لكن؛ صدقيني أنا من سأحول حياتها إلى كابوس جهنمي سأجعلها تتمنى الموت ولا تلقاه، ثم ذاك الشرطي مشاري ابن اللواء الذي اصبته بالأمس سأجعلهم يدفعون الثمن غاليًا.

نظرت إليه سارة وهي لا تعلم ما الذي عليها فعله، أجل إنها تحبه لا بل تعشقه، لكنها لا تريد هذه الحياة المشردة التي يتنقلون فيها من بلدٍ إلى آخر تهربًا من العدالة، تريد ان تحيا حياةً هادئةً وطبيعية.


صحيحٌ انها لم تكن تعلم بأعمال فهد الغير قانونية حتى انها تتذكر ذلك اليوم عندما تم القبض عليه والهجوم المسلح الذي حدث داخل منزلهم، لقد عاشت اسوء يومٍ في حياتها الذي انتهى بخبر أعماله فقد اغشي عليها لأن عقلها لم يستوعب الأمر،

ثارت وهاجت بعد ذلك حتى عندما تم تهريبها بسرعةٍ الى اسوان قاموا بتخديرها لأنها رفضت، كان عقلها هو من يسيطر عليها وهي تتوعد بكشف مكانه الى الشرطة، لكن الآن هناك صراعٌ بين عقلها الباطني وقلبها المحب، هل تبقى معه وتحاول حمايته التي يرفضها فعائلتها ذات نفوذٍ أكبر منه، ام تقوم بالإبلاغ عليه من أجل العدالة!.


أخرجها من شرودها وتفكيرها صوته المتسائل وهو يخاطبها:
-أين ذهبتِ بفكركِ سارة؟!.

انتبهت إليه وهي تتنهد بقوة، ثم ابتعدت من داخل حضنه :
-سوف أذهب واجهز لك المرحاض كي تغتسل وتأخذ حمامًا يزيل كل أتعابك.

ابتسم لها بحبٍ كبير وهو يهز رأسه بموافقة وقد تابعها بأنظاره حتى اختفت عن ناظريه، نظر الى فراس الذي يلعب بوجهه فانحنى بوجه يقبله قبل فراشات في جميع أنحاء وجهه وجسده بشوقٍ كبير.


انتهت ريڤال من ارتداء ثيابها الرياضية المكونة من سروالًا طويلًا مع قميصًا رياضي يغطي فقط منطقة الصدر بدون حمالات، بينما جمعت خصلات شعرها السوداء المختلطة بالبنفسجي على هيئة ذيل فرس للأعلى، ابتسمت لنفسها بخبثٍ خلال المرآه التي أمامها وهي تتذكر رؤيتها إلى الملين الذي كان متواجدًا على رخامة المطبخ محشورًا في زاوية لا يمكن لأي شخصٍ رؤيتها،

لقد صعدت للأعلى بعدما انتهوا من الاجتماع الذي عقده مشاري تريد صنع كوبًا من العصير لنفسها لكنها لم تجد العسل فهي لا تتناول السكر، بحثت عنه ليلفت انتباهها علبةً صغيرةً، ارادت اخراجها كي يراها الجميع ظنًا منها انه وقعت من احدهم لكن؛ الاسم لفت انتباهها،

هنا علمت أنّ ما حدث لهم في اول يوم بسببه فأرادت ان تنتقم من عنود لأنها تأكدت من ذلك خاصةً عندما تذكرت انها سمعت همساتهم أثناء وجودها في المرحاض.

استدارت بجسدها بعدما تقدمت منها سندس التي نظرت لها بشك:
-هل أنتِ متأكدة ريڤال؟.

اومأت لها وهي تسير نحو سريرها تخرج شيئًا ما:
-مئة بالمئة، صدقيني لقد كانت نظراتهم وهمساتهم تؤكد على وجود شيءٌ ما، وأنّ ما حدث لنا كانوا على درايةٌ به، حتى لو انكِ انتبهتِ إلى طعم المشروب لوجدتِ به شيئًا مر،


أمسكت بقفازات اليد الرياضية خاصتها بلونها الأحمر ثم تابعت:
-كنت أظن أنها قامت بزيادة كمية القهوة قليلًا لذلك لم افكر بأنها تتلاعب بنا، يبدو انني فهمت حديث مشاري الذي كان يقصده ويلمح له، فهنّ ليست بسهلات كما نظن.

زمت سندس فمها بتفكيرٍ وهي تتبعها للخارج متحدثةً بتعجب:
-لكن هذا ايضًا لا يفسر تصرفهنّ هذا؟، إن كانوا حقًا فعلوا ذلك ما السبب من وراء هذا؟!.

ابتسمت ريڤال بسخريةٍ وحقدٍ دفين:
-سببين لا ثالث لهما، إما أنهنّ ينتقمن بسبب مجيئنا واسلوب مشاري فيبدو انهن فعلن شيئًا ما قبل قدومنا معهم لذلك اضطر لاستدعائنا، أو أنهنّ يشعرن بالغيرة من وجودنا معه الضباط.

زفرت سندس بقوةٍ وهي تجيبها بضيق:
-سيكون الثاني بالتأكيد، فلا أنثى تفعل ذلك إلا بسبب الغيرة، صدقيني إنني ألتمس ذلك دائمًا بينهم.

ضغطت ريڤال على أسنانها بقوةٍ قبل أن تنظر إليها متسائلة:
-أخبريني سندس هل ما زلتي تحبين معاذ؟.

اومأت لها بقلة حيلة تجيبها:
-رغم خطبتي من رونالد الذي كان يحبني بجنون إلا أنني لم أشعر معه بما أشعر به نحو معاذ لذلك فسخت خطبتي، رغم إعترافي له الغير مباشر إلا أنه لم يكترث بي.

هزت ريڤال رأسها بتفهمٍ لتجيبها بشرود:
-وهذا سبب عدم زواجي حتى الآن هو مشاعري اتجاه مشاري، فأنا أحببته منذ تدريبه لي ومنذ علاقته مع نور وحبه لهذه الفتاة التي ماتت في ظروفٍ غامضة.

انتبهت لنفسها متذكرة ان الفتيات ينتظرنهم بالأسفل:
-والآن حان وقت رد الانتقام.

تبعتها للخارج وهي تأخذ قفازات اليد خاصتها ثم توجهن للخارج بعدها هبطنّ للأسفل قاصدات الصالة الرياضية.

بعد ان وصلتا، نظرت إليهم عنود والتي كانت قد ارتدت ثياب الرياضة وقد أطلقت شعرها للعنان فتقدمت منها ريڤال بابتسامةٍ صفراء:
-هل انتِ مستعدة؟.

اومأت لها بهدوءٍ وهي تحمل نظراتٍ مبطنة لم تفسرها الاخرى لكنها تجاهلتها تخاطب تارا التي تجلس بجاب وجد وكل واحدةٍ منهم قد ارتدين ثياب الرياضة المحتشمة.


تنهدت بهدوءٍ تخاطب الجميع:
- اول شيء عليكنّ ان تجمعن شعركنّ كي تتحركن بأريحيةٍ كبير، ثانيًا سنتمرن على اسهل وأفضل طريقةٍ يعرفها الإنسان للدفاع عن النفس والقتال الأعزل التايكواندو.

نظرت إليها وجد ثم نظرت الى عنود التي اغمضت عينيها بمعنى ألا تتحدث ولا تعترض فالتزمت الصمت.

أكملت سندس حديثها وهي تتوجه نحو مكانٍ شبه خالٍ من الأجهزة الرياضية:
-انها رياضةٌ فكريةٌ وجسميةٌ، وهي فن الدفاع عن النفس باستعمال اليدين والقدمين.

نظرت الى تارا التي لا تهتم لحديثهم فخاطبتها بهدوء:
-تارا يمكنك التقدم نحوي، وانتِ عنود يمكنكِ البدء مع ريڤال، وانتِ وجد انتظري دوركِ.

تحدثت ريڤال التي تقدمت عنود منها بهدوء:
-بدايةً كان من المفترض أن نرتدي الدوبك وهي البدلة المناسبة لها مع درعٍ واقي فوقه ودرع اليدين والقدمين والرأس والأسنان لكن؛ كما ترون لا يتوفر لدينا وهذا تدريب بسيط ليس حقيقي،

أخذت نفسًا عميقًا ثم أكملت:
-سأبدأ اولًا بفن البومسي وسأعتبر أن كيس الملاكمة هو الخصم الخيالي الذي يجب عليّا أنّ اتحداه وأواجهه، عليكنّ ان ترين كيف سأقف وآخذ الوضعية.


وقفت امام كيس الملاكمة الأسود ثم تحدثت بينما تشرح ما تقوم به:
-علينا اولًا وضع قدمنا اليمنى للخلف اما اليسرى للأمام بينما اليد اليسرى نرجعها للخلف، انظرن الى يدي اليمنى علينا ان نقوم بقبضها ونرفع ذراعها نصف رفعةً للأعلى.


أكملت وهي تنظر الى انتباههن فقامت برفع قدمها اليمنى للأعلى بثنيةٍ حيث كادت ان تلامس كوع يدها اليمنى، ثم اشارت للقدم:
- علينا ان نحنى أصابع القدم اليمنى بشكلٍ موازيًا للأرض، بعد ذلك علينا ان نركلها للأعلى بسرعةٍ ونعيدها بنفس الوضعية، ثم نعود حيث ما كنا نقف في البداية.

استدارت بجسدها قليلًا للجهة الاخرى وهي تكمل:
-كما فعلنا بالقدم اليمنى سنفعل بالقدم اليسرى وبذلك يمكننا ان نستخدم الركل بكلتا القدمين.


انتهت من تمثيل وتطبيق الحركات امامهن فخاطبت عنود:
-اقتربي وأرني ما الذي فهمته.


اقتربت عنود وهي تحاول الخطوات لكنها لم تنجح اكثر من مرة، مما جعل ريڤال ان تخاطبها:
-لن ينفع هذا، سننتقل الى فن المباراة والتي يكون خصمين اثنين بمواجهة بعضهن البعض.

اتخذت وضعيتها وهي تركل عنود دون ان تمسها فابتسمت الاخرى نفسها، وبحركةٍ مفاجئة ركلت ريڤال في ذراعها بقوة.

نظرت إليها ريڤال بصدمةٍ من حركتها المفاجئة فملست على ذراعها بألم:
-لقد نجحتِ.

ابتسمت لها عنود ببراءة وهي تنظر اليها:
-يبدو ذلك.

استعادت ريڤال نفسها وهي تتخذ الوضعية:
-اذًا يمكننا البدء في التدريب!.

اومأت لها عنود ناظرةً إليها بسخريةٍ وهي تتخذ ايضًا الوضعية، تظنها أنها لا تعرف عن التايكواندو، مسكينةٌ حقًا انها تملك الحزام الأصفر فقد كانت تذهب مع شقيقها آسر الذي أصر على ممارستها والذهاب الى النادي اثناء فترة مراهقته.


بدأت بإظهار براعتها وهي تتفادى حركات ريڤال بكل سهولة والتي كانت تندهش فحركاتها هذه ليست حركات شخصٍ تعلم لتوه بل هي حركاتٌ متقنة وبارعة.

وسط اندهاشها وتفكيرها تلقت ضربةً مستقيمةً بيد عنود المقبوضة في منتصف معدتها، جزت ريڤال على أسنانها بألم بعدما انحنت على نفسها ثم اعتدلت لتبدأ جولةً حقيقيةً بينهم وسط دهشة الجميع.

بدأت عنود تفادي ضرباتها وهي تتذكر ما سمعته، أجل لقد توقعت أن في التدريب شيءٌ ما، فهي اكتشف امرين عندما سمعتهم يتحدثون فقد عادت الى الشقة لإحضار هاتفها، الأول أن ريڤال علمت بأمر الملين والثاني أنها تكن الحب الى مشاري، عندما طرأ هذا الشيء على فكرها سددت لكمةً اليها بكل قوتها، لكن الاخرى استطاعت في آخر لحظةٍ على تفاديها.

رفعت يدها توقف الجولة متحدثة بذهول:
-انت تجيدينها لا تنكري.

حركت عنود رأسها بالإيجاب وهي تنظر لها:
-أجل وحاصلة على الحزام الأصفر.

ضغطت ريڤال يدها بقوة، فها هي قد أكدت ظنونها:
-ولماذا لم تقولي منذ البداية عنود؟ كان سيكون أسهل وذهبنا الى شيءٍ آخر.

رفعت عنود كتفيها بلا مبالاةٍ وهي تبعد خصلات شعرها عن وجهها:
-لم أشأ احراجكِ ايتها الرائد.

نظرت الى تارا التي تقف أمام سندس:
-وانتِ هل تتقنينها؟!.

نفت برأسها متحدثة:
-لا، لكني اعرف اساسياتها فقط ليس إلا.

اغمضت ريڤال عينيها بضيق من هاتين حقًا فارتفع رنين هاتف وجد التي استأذنت منهن بهدوء، وقبل ان تخرج اوقفتها ريڤال بتساؤلٍ وشك:
-إلى أين؟ ومن الذي يهاتفكِ؟ أعلم انه تم استبدال شرائح خطوط هواتفكم!.

اجابتها وجد بوجهٍ أحمر قاني من الارتباك والتوتر:
-انه خاطبي، والضباط يعلمن بذلك.

اجابتها بعدم مبالاة بكينونة الأمر وهي تنظر اليها بجدية:
-لا يجب عليكِ ان تجيبي ونحن في مرحلة التدريب، ثم ألا تعلمين أن تكون الخطوط مراقبة! في أي وقت يمكن لفهد الذي سيصل قريبًا الى هنا تتبع موقع الهاتف نفسه والوصول الينا في أقرب وقت، فهو علم بمكانكم.

فتحت الثلاث فتيات أعينهنّ بصدمةٍ كبيرة:
-ماذا؟!.



عاد مشاري الى المنزل ثم دلف الشقة بعدما اطمأن أنه تمت تركيب الكاميرات، لقد ظل طوال الوقت ينتظر في المطار حتى اغلق لذلك اضطر الى العودة، نظر الى معاذ وياسر الذي يبدو أنه كان بالمطبخ:
-لم أتوصل إلى شيء وانتم كيف تسير الأمور يا رفاق؟.

نظر اليه معاذ الذي كان يتابع شيئًا ما على الحاسوب:
-تم زرع الكاميرات وتوصيلها بالحاسوب، وجميع ياسر بعض المعلومات عن الجيران، لكن هناك مشكلة!

نظر اليه مشاري وهو يجلس وقد أبعد قبعته عن رأسه:
-ما هي؟.

اجابه معاذ بهدوء بعد ان تنهد:
-لقد علمت الفتيات بقرب وصول فهد الى هنا.

هب مشاري صارخًا بصدمة فهذا اخر ما كان يخشاه:
-ماذا؟، ومن اخبرهم بذلك وكيف علمت انت؟!.

اجابه معاذ بذات الهدوء:
-الرائد ريڤال هي من اخبرتهم، أما كيف علمت فهذا عن طريق جهاز التنصت الذي أملكه.

جز مشاري على أسنانه وقد احتقن وجهه وهو يفكر لماذا اخبرتهم بذلك، انتبه الى ياسر الذي جلس واضعًا كؤوس الشاي على المنضدة:
-لا بأس بذلك مشاري، طالما لم يأتين إلينا ويسألونا هذا يعني انهم متجهزون للأمر وسيأخذن الموضوع بشكلٍ جدي.

اطلق سبّةً بصوتٍ مسموع فخاطبهم بضيق:
-سأذهب لاغتسل واعود كي نرى موضوع جهاز التنصت هذا، بعدها سأتحدث مع ريڤال.

تركهم ثم توجه نحو غرفته يخرج له بعض الثياب ثم خرج متوجهًا للمرحاض، ارجع معاذ رأسه على الاريكة من خلفه، منذ أن غادرت تارا من امامه كالريح التي عصفت بقلبه وهو مشوش العقل ويشعر ببعض الضيق،

لم يكن عليه التفوه بما قاله لكن؛ حدث ما حدث لا يعلم لماذا طرأ على عقله جهاز التصنت فأراد ان يستمع الى صوتها ربما يعرف ما الذي عليه فعله،

وقد حدث ما اراد حيث جلست مع عنود التي كانت تضحك بسبب رد فعله وتصرفه وهي تخبرها انه يشعر نحوها ببعض المشاعر وعليها ان تعذره وانه لم يقصد، توقف قليلًا وهو يسمعها تبكي وقد آلمه ذلك عندما خاطبتها حتى لو كان كما تقول ما كان عليه تكذيبها! لقد جرحها.

ابعد السماعة عنه ولم يشأ سماع المزيد وقد عزم على اصلاح ما افسده، عندما عاد الى الشقة كي يكمل عمله وضع السماعة وقد عزم على اغلاق المستشعر الخاص بالمكان الذي هو به وقبل ان يفعل ذلك سمع ريڤال تخبر احداهن بقرب وصول فهد.

انتبه الى صوت اشعارٍ يعلن عن وصول رسالةٍ له، فأخذ هاتفه يفتحها، اعتدل بفزعٍ كبير وقد نظر الى ياسر الذي يشرب الشاي والذي كان يركز في المعلومات التي قام بتسجيلها اليوم بمسجل الصوت الخاص بهاتفه وقد كان يقوم بكتابتها على ورقةٍ واحدة.

ابتلع ريقه بتوتر وقد نظر اليه ياسر بتعجب:
-ما الأمر؟!.

نظر الى باب المرحاض الذي فتح وقد خرج منه مشاري يجفف شعره فأخرج صوته مما جعل الجميع يفزع:
-لقد وصل فهد.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي