الفصل الخامس والأربعون

صدمةٌ حلت على الجميع وهم لا يعلمون ما الذي يعنيه فؤاد بالتحديد من إلقاء قنبلته تلك، هل هو يعمل لدى فهد وأمسكوا به أم أنه كان يعمل لدى فهد وجاء ليدلي ببعض المعلومات التي من الممكن ان تفيدهم؟.

خاطبه مشاري بتوجسٍ وهو ينظر له بترقب:
-ما الذي تقصده فؤاد؟.

امسك فؤاد بسلاحه المعلق على كتفه جيدًا قبل أن يجيبه بصوته الرخيم:
-عندما تأتي ستفهم سيدي.

زفر مشاري بقوةٍ ناظرًا اليه بقلة صبر:
-حسنًا وأين هو؟.

خاطبه فؤاد باحترامٍ ناظرًا له من أسفل نظاراته السوداء:
-إنه في غرفتي سيدي.

ثم سار للأمام يتبعه الضباط وهم في حيرةٍ من أمرهم، فإن كان يعمل لصالح فهد وينقل له المعلومات سيكون قد قرأ الفاتحة على روحه، أما إن كان قد جاء من أجل شيءٍ آخر كأن يعطيهم بعض المعلومات التي تنفعهم وتسهل عليهم فهذا شيءٌ آخر، لكن على اي حال سوف يرون الآن.

فتح فؤاد باب غرفته حيث كانت في غرفةٍ منفصلة عن المنزل فقد منحها اياه كي يرتب اموره الخاصة ثم تقدم للداخل مما جعل الضباط يفتحون أعينهم على مصرعها، حيث كان وجه الحارس منتفخٌ وبه كدمةٌ زرقاء في عينه اليسرى بينما هناك آثار لأصابع يدٍ على رقبته، وقد تم تقيده جيدًا،
اقترب منه مشاري بسرعة فهدٍ غاضب ولم يحتاج إلى شرح فؤاد فيبدو أنه هو من فعل به هذا، أمسكه من تلابيب قميصه الممزق:
-أيها الخائن! أخبرني ما الذي أفشيت به.

ظل الحارس صامتًا لكن عينيه ظلت تنظر إلى عيني مشاري الغاضبة دون رمشة عين أو خوف أو حتى تزعزع وهذا ما جعل مشاري يثور وهو يسدد له لكمةً في منتصف وجهه جعل الدماء تسيل من أنفه.

بصق الحارس أرضًا فيبدو أن فمه أمتلأ بالدماء وما زال يحتفظ بالصمت، أقترب معاذ يمسك بمشاري الذي هم على ضربه مرةً أخرى وهو يخاطبه بهدوء هامسًا:
-لن ينفع معه هذا الاسلوب مشاري، وأنت تعلم هذا الشيء جيدًا.

جز مشاري على أسنانه بقوةٍ وما زالت أنفاسه هائجة بسبب انفعاله، فنظر إليه يجيبه:
-نحن لا نعلم ما الذي قاله له وما الذي يخطط له الآخر وكيف يستخدم معلوماتنا ضدنا.

نظر ياسر إلى فؤاد يسأله وقد درس انفعالات الحارس جيدًا فهو جامد التعبير وكأنه مستعدٌ للموت من أجل حماية فهد وعدم إخبارهم بأي معلومة:
-وكيف أمسكت به فؤاد؟ ومنذ متى اكتشفته؟.

اجابه فؤاد زافرًا بقوةٍ كبيرة قبل أن يجيبه وما زال يقف بجمود:
-إنني أشك به منذ فترةٍ سيدي، إنه من جاء مع الرائدتان، وكما طلبت مني عدم جعل إي هاتفٍ مع أي حارس فقد أخذت هواتفهم جميعًا وقد خبأتهم معي، ففعلت ذلك معه عندما وصل وتأكدت من عدم وجود معه أي جهاز تنصتٍ او مراقبه.

أخرج من جيب سترته العلوية شيئًا وهو يعطيه له قبل أن يكمل:
-لكن هذا الشخص لديه هاذا الشيء، إنه هاتفٌ صغير كحجم عقلة الاصبع يستخدمه في التواصل مع حارس فهد ويبدو أن اسمه أنس، لقد أمسكت به وهو يبحث عن شيء على الأرض بعد أن وقع منه.

اعطى فؤاد الهاتف الى معاذ الذي أخذه منه وقد جلس يستكشفه، فتوجه مشاري إلى الحارس موجهًا فوهة سلاحه بجانب رأسه وقد خاطبه بجديةٍ كبيرة واصرارٍ على قتله إن لم يخبره:
-أخبرني هل قلت له عن مكاننا، سوف أحسب لك خمس ثواني، أن لم تجب لن اتردد في الاطلاق.

لم يتزحزح الحارس عن صمته ولم يتزعزع من الداخل، فهو متأكدٌ كل التأكد من أن مشاري لا يفعلها ويقتله مهما كان التصميم البادي على وجهه.

علم مشاري ما الذي يفكر به فقام بإبعاد السلاح عنه ثم خاطب فؤاد:
-سأعطيك متعة القضاء عليه فؤاد.

بدأت علامات التوتر تظهر على ملامح الحارس فرفع فؤاد سلاحه الناري يصوبه في منتصف رأسه، بدأ بوضع اصبعه على الزناد وقبل أن يطلق تحدث الحارس بفزع:
-انتظر، سأخبركم.

ابتسم مشاري بإستهزاءٍ كبير ففؤاد معروف بصلابته ويقوم بتنفيذ أي أمر يوكل إليه، حتى لو قتل بريء فهو من قام بتسديد لكمة في عينه جعلت الرؤية حتى الآن غير واضحة وكاد أن يخنقه لولا الحراس الآخرين تدخلوا وانقذوه منهم لكان في خبر كان، ابتلع الحارس ريقه قبل أن يخاطبهم:
-هل تعطيني وعدًا بالأمان؟.

خاطبه مشاري بقلة صبرٍ و قد جلس على مقعده ببرود:
-قل ما لديك سالم فليس للخائن أمان.

لم يجد الحارس سالم بد من الحديث فخاطبهم وهو يعلم مصيره الحتمي:
-أنه يعرف مكانكم فقط لا غير.

هب مشاري بفزعٍ رغم أنه وضع هذا الاحتمال امامه لكن الآن عليهم أن يخلوا المنزل في أسرع وقت، نظر إلى ياسر نظرةً فهمها الآخر وهو يخرج من داخل الغرفة، ثم خاطب معاذ:
-معاذ عليك أن تعرف ما الذي بهذا الهاتف بأسرع وقت.

ثم نظر الى سالم جازًا على أسنانه بقوة:
-صدقني لولا والديك العاجزين الذين ترعاهم لما رحمتك أيها المخنث.

رفع أبصاره إلى فؤاد يخاطبه بأمر:
-عليك تلقينه درسًا لا ينساه، فقط حافظ على بقاءه حيًا.

قال جملته ثم خرج تحت فزع سالم فهو لا يريد ان يُترك تحت رحمة فؤاد المنعدمة، كلن أهون عليه أن يقوم أي شخصٍ بتعذيبه ألا فؤاد.

أخرج مشاري سبّةً بصوتٍ مسموع وهو يسير في ممر الحديقة متوجهًا نحو المنزل بينما هاتفه على أذنه يهاتف اللواء محمد يخبره بتغير الخطة وأنهم مضطرون للانتقال الى منزلٍ آخر بسب ما قام به سالم.

في المساء وداخل منزلٍ متوسط الحجم مكونٌ من طابقين فقط كان الجميع تجميع به على وجه السرعة، فقد أخبرهم ياسر أنه عليهم الخروج من هنا في أسرع وقت فيجب على كل شخص أخذ من يلزم من مستلزماتٍ تخصه،

جلس مؤيد والوجوم يكتسي ملامحه بسبب انسحاب اسماعيل من الشركة التي بينهم بسحب اسهمه الخاصة، هو لم يفلس ولن يفلس فما معه من مالٍ يكفي لشراء نصف مصر بأكملها، لكن ما يجعله هكذا هو لماذا سحبه فجأة هكذا وقام بإلغاء كل شيءٍ بينهم فهما صديقان مقربان بعيدًا عن طمعه اللامحدود، أيعقل أن هذا فعل فهد حقًا كما التمس من حديثه؟.

خرج من شروده على صوت مشاري الذي كان يقف بجديةٍ وكأن نيزكًا ملتهب سيهبط بعد قليل، فقد تم اخبارهم بضرورة إخلاء المنزل وأنه تم كشف المكان،

لذلك هاتف صديقه المتواجد هنا واخبره أن كان بإمكانه الجلوس في منزله أم لا، حيث أخبره الآخر أن المنزل فارغًا لأنه خارج البلاد لكن يمكنه أن يكسر القفل إن كان يحتاجه بشكل ضروري، وهذا ما حدث بالفعل.

أخرج مشاري صوته وهو ينظر للجميع وعلامات الخوف الباطنية تظهر على ملامحهم:
-أعلم أن ما حدث خارج سيطرتنا وأعتذر لذلك لكن؛ كما تم اخباركم أنه تم كشف موقعنا لفهد الذي وصل بالفعل إلى هنا.

شهقت جمان بصدمةٍ وقد ارجفت أوصالها وقد شعرت بالخوف الحقيقي المحدق بهم فربت مؤيد عل كفها وهو يحتضن يدها بهدوء يطمئنها، فأخذ مشاري نفسًا عميقًا يكمل حديثه:
-إنّ هذا الوضع ما هو إلا وضعٌ مؤقت ومن الغد تبدأ عملية التخلص من فهد وسنكون بأمان، وبعدها يمكننا العودة إلى حياتنا الطبيعية، ما أريده منكم حقًا أن تحافظوا على ثباتكم وعدم تزعزع اطمئنانكم، فهذا هو أكبر عاملٍ لنجاحنا واستمرارنا.

توقف عن الحديث يرتقب تقلب ملامحهم الى الهدوء، فأكمل بعدما أجابوه بالموافقة:
-رغم أنني متأكد من عدم حاجتنا نحن الضباط للنوم، لكن سنكون نحن والرجال في الأسفل بينما جميعكم بالأعلى، وأؤكد على عدم الخوف أنتم في رقابنا وسنفديكم بأرواحنا.

لا تعلم عنود لمَ ابتسمت له وهي ترسم على شفتيها ابتسامةً هادئةً رغم انها شعرت ببعض القلق، لكن جديته الكبيرة وحرصه على سلامتهم جعلها تشعر بالأمان وعدم الخوف.

سار مشاري للخارج ليتبعه معاذ وياسر فنظرت ريڤال للجميع:
-أظن أن الخبر وصل اليكم يا رفاق، من فضلكم نريد التعاون مع بعضنا البعض فهذه هي الساعات الأخيرة وكلًا منا سيعود إلى عمله وموطنه.

قالت جملتها الأخيرة ضاغطةً على حروفها ناظرةً الى عنود تخبرها أنه يجب عليها أن تودّع حبها لمشاري اليوم، صحيح أن عنود تعلم ذلك لكنها لن تسمح لها بالانتصار عليها، اعتدلت متوجهةٌ للأعلى لتتبعها تارا ووجد بينما البقية ظلوا في صالة الجلوس في الطابق الأول.

نظر مشاري إلى معاذ مستفسرًا بينما يرى الحرس الذين اكتظوا في الحديقة فالمكان صغيرٌ عليهم حقًا:
-ما الذي وجدته بالهاتف معاذ؟.

اجابه معاذ وهو يخرج هاتفه يفتح بعض الملفات:
-لقد كان هاتفًا حقيقيًا كأي هاتفٍ طبيعي، لكنه صغير الحجم يعمل بإبرةٍ مخصصة تفتح لك شاشةً بحجم الهاتف المعتاد، لقد قمت برميه بعد أن حطمته اثناء طريقنا إلى هنا، فالهاتف به جهاز تتبعٍ تم تشغيله لتحديد الأماكن.

تنهد مشاري براحةٍ كبيرة، ثم نظر إلى هاتف معاذ الذي أعطاه له:
-لديك هذه الصور التي تم أخذها منه، صورٌ لكلٍ شخصٍ في هذا المكان، حتى أنه تم تصوير لقطاتٍ تتم فهمها بشكلٍ خاطئ.

عقد مشاري بين حاجبيه بعدم فهمٍ وهو ينظر إلى الصور ولكنه بمجرد رؤيته صورةٌ لمعاذ وهو يحمل تارا التي تعلقت برقبته فهم مقصده، ضغط على الصورة التي تليها ففتح عينيه على مصرعيهم عندما وجد صورةٌ له مع عندما سقطت على صدره وينظران إلى بعضهم البعض، حتى أن هناك صورةٌ لياسر يتحدث مع وجد التي تجلس على الارجوحة وهما يبتسمان مما جعل ياسر يشهق بصدمةٍ من رؤيتها.

نظر إليه مشاري رافعًا حاجبه الأيسر مما جعل ياسر يرتبك قليلًا قبل أن يتحدث:
-دعني أشرح لكم، هذه الصورة كنت أعتذر لها بسبب تدخلي بينها وبين خاطبها فقط ليس أكثر.

أعاد مشاري أنظاره نحو الصور التي أخذت على حين غفلةٍ منهم! كيف كان يصور بدقةٍ عالية في الليل دون ان ينتبه إليه أحد، نظر إلى معاذ متسائلًا:
-كيف لم يلحظ أي شخصٍ وهو يلتقط هذه الصور؟.

اجابه معاذ متنهدًا بقوةٍ كبيرة يشرح له:
-إن كاميرة هذا الجهاز عالية الدقة حتى بدون فلاش تظهر لك الصورة بشكل واضح، عزيزي لقد تقدمت التكنولوجيا كثيرًا، مثلًا هذه النظارة.

اخرج من جيب سترته نظارةٌ طبية عريضة كنظارة الشافعي بلونها الشفاف ثم وضعها على عيني مشاري، تعجب مشاري من فعل معاذ لكنه صدم أكثر عندما ظهرت تطبيقات الجوال امام ناظريه وكأنه يرى شاشةً للهاتف المعتاد!

رفع معاذ النظارة عن عيني مشاري ثم بدأ بالتحدث شارحًا:
-هذه النظارة تعمل بتقنيةٍ وقوة حواسيب ماك ومن دون الاتصال بالهاتف فقط بمجرد وضعها على عينيك والضغط على احدى الازرار، بيها زرين من الامام مخفيين.

ضغط على الزر الاول من الجانب الايمن من الأمام:
-هذا يظهر لك هاتفًا عاديًا، بنسبة الشحن والتطبيقات بأكملها، بينما هذا الآخر يجعلك ترى الاشياء فوق الأشعة السينية التي تمكنك من رؤية الأشخاص عبر الثياب والأبنية بل وحتى عبر الملاجئ المحصنة داخل الأرض.

لم يستطع مشاري التحدث هو وياسر وقد شعرا انهما داخل عالمٍ افتراضي فقط ما يرون مثل هذه الاشياء داخل التلفاز والافلام، فتحدث معاذ مازحًا:
-هل يمكنني التجربة بكما؟.

نظر إليه مشاري بغيظ وهو يجيبه:
-لمَ لا نجرب نحن بك فأنت تعرف استخدامها.

ابتسم معاذ بهدوء وهو يعيد النظارة داخل سترته:
-والآن ما الذي علينا فعله بالتحديد؟.

اجابه مشاري زافرًا بقوةٍ كبيرة وقد شعر بأنه مقيدٌ بالأغلال حقًا:
-من المفترض أن نقوم بالهجوم الآن ولا ندع له فرصةً للتفكير، لكننا نحتاج إلى قوات هجومٍ مسلحة تعمل معنا، فما رأيناه من حراسةٍ مشددةٌ له جعلتني أفكر بالأمر مرةٍ أخرى.

خاطبهم ياسر بتفكير كبير وذلك بعد أن خطرت بباله فكرة:
-ما رأيكم أن نجعل سالم يتابع مع حارسه وكأن شيئًا لم يحدث! هذا سيجعلنا في موضع أمانٍ أكثر وسيجعلنا نفكر فيما سيأتي بهدوءٍ وتروي.

فرك معاذ لحيته بتفكير في حديث ياسر فهذا أكثر شيءٍ منطقي، لكن جهاز التتبع الذي قام تحطيمه سيجعل فهد يفهم أن هناك لبسٌ في الموضوع:
-رغم أنه من المفترض أن نفعل هكذا، لكن علينا الهجوم في الغد بعد ارسال المركز لنا بما طلبناه وصول النخبة من الضباط.

قاطع حديثهم صوت فؤاد وهو يقف أمامهم بطوله الضخم:
-سيدي هل لنا ببعض التعليمات، فالحراس مستاؤون من ضيق المكان!.

تنهد مشاري ثم اومأ له قبل أن يسير معه يخاطب الحرس:
-أعلم أن المكان ضيق بالنسبة لكم لكن؛ علينا أن نتحمل جميعًا بعضنا البعض والظروف التي نحن بها، عيلكم ان تتحملوا فقط لهذين اليومين.

بدأت الهمهمات تسري فأراد انهاء الأمر:
-من يريد المغادرة عليه ذلك وسيأخذ أجره مضاعفًا، ومن يريد البقاء نحن شاكرون له، واقسم بالذي خلقكم جميعًا ان اراد شخصٌ منكم اللعب بذيله سأذيقه أشد العذاب.

اخذ نفسًا عميقًا ناظرًا لهم بترقب:
-والآن من يريد المغادرة؟.

لم يتفوه اي أحدٍ منهم فتنهد بهدوء ثم عاد إلى معاذ وياسر اللذان يتحدثان وهم ينظرون الى المنزل.


في الأعلى جلست عنود على إحدى الاسرّة المتواجدة في الغرفة مما دفع تارا ان تجلس بجانبها بينما جلست وجد على السرير الآخر، تحدثت وعنود وهي تخاطبهم بجدية:
-أشعر أن ساعة الحسم قد بدأت يا فتيات، لا أعلم لماذا أشعر بشعورٍ سيئ.

خاطبها وجد ببعض الخوف وهي تنظر لها:
-عنود أرجوكِ لا تشعري فشعوركِ دائمًا يكون في محله.

تنهدت وهي تشعر بوخزٍ في قلبها تتحدث بقلة حيلة:
-أرجو ألا يكون ما أشعر به حقيقي.

رغم ما تشعر به تارا من خوفٍ بداخلها، إلا أنها ربتت على كفها بهدوء:
-سيكون كل شيءٍ على ما يرام، واتمنى أن يسلّمنا الله من كل سوء،

ثم أكملت بمزاحٍ وهي تحاول ان تبتسم كي تخفف من جو التوتر والقلق الذي أصابهن:
-دعونا نقوم بأداء صلاة العشاء حتى وإن ذهبنا للقاء الله نكون قد أدينا صلاتنا.

ضربتها عنود بخفةٍ وهي تجيبها بضيقٍ حقيقي:
-لا تقولي هكذا تارا، سوف نكون بخير، فلدينا ضباطٌ من أكفئ الضباط في مصر، رغم سنهم الصغير إلا أنهم برتبة مقدم وهذا عظيم.

تنهدت تارا وهي تعتدل قبل أن تجيبهم:
-حسنًا دعونا نبدأ بمرحلة الاستكشاف والبحث عن المرحاض.

تبعتها عنود بينما ظلت وجد جالسةً فهي هذه الفترة معذورة، فتحت الباب وقد همتا بالخروج لتجدا سندس وريڤال امامهم، ألقت عنود عليهم نظرةً ثم سارت وقبل أن تبتعد اوقفتها ريڤال باستفزاز:
-إلى أين؟، هل شعرتي بالخوف وتنوين الهروب.

التفت إليها عنود بابتسامةٍ باردة واستفزازٍ أكبر:
-بل ذاهبة كي أصلي، هل تريدين المجيء؟.

توترت ريڤال فهي لا تصلي البتة وقد علمت أن عنود تريد إحراجها، ابتلعت ريقها قبل أن تجيبها:
-تقبل الله منكم.

تركتها ثم دلفت للداخل وهي تجز على أسنانها ففي كل مرةٍ تفشل في الانتقام منها، لا تعلم متى ستأخذ بثأرها، هزت عنود رأسها باسمة ثم توجهت تبحث عن المرحاض وقد وجدت تارا تقف امامه، فوقفت تنتظرها ريثما تخرج بعدما اغلقت بابه الاخرى.


في الصباح اليوم التالي وبعد أن اشرقت الشمس معلنةٌ عن بدء يومٍ جديد، يوم مصيري يترقب الجميع ما الذي سيحدث به والى أين سينتهي، وقف معاذ يلقى تعليماته على الجنود الذي وصلوا فجرًا وقد تم تجهيزهم من اسوان نفسها بعنايةٍ كبيرة، بينما كان مشاري يقوم بإرتداء الدرع الواقي الذي اعطاه له فؤاد وقد أصر على ارتداءه.

تنهد ياسر بقوةٍ كبيرة وهو يقف يتابع ما يحدث امامه فانتبه إلى صوت رسالةٍ وصلت على هاتفه، اخرج هاتفه يفتح الرسالة يقرأها فبهتت ملامحه وقد سحب اللون من وجهه وهو يعاود قراءة الكلمات التي وصلت، بدأ قلبه ينبض بسرعةٍ كبيرة وقد ارتجف جسده لا يريد أن يصدق،

ارتفع رنين هاتفه فتردد في الاجابة عليه، لكن عليه أن يفعل ذلك، ابتلع ريقه بقوةٍ كبيرة قبل أن يجيب فوصله صوت والده المعتصر والمنخنق لا يريد البكاء مما جعله يسقط على ركبتيه وقد تجمعت الدموع غي عينيه:
-لقد توفيت والدتك ياسر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي