الفصل التاسع عشر الجزء الثاني

صاحبة البنفسج الجزء الثاني
الفصل التاسع عشر
للكاتبة ندى محسن|White Rose

كانوا يشاهدون ما حدث قبل وصولهم، رأو الرجل يسحب روز من حجابها بطريقة غير أخلاقية، كان وجهها مغرق بالدماء التي تسقط في كل مكان، وقف مهران ولم يستطيع أن يبقى جالس وهو يراها بهذا المنظر، أما عن ورد كانت فاقدة للوعي وشخص ما يحملها، رأوا ليال تشير لهم في الكاميرا، كأنها كانت تعلم ما يحدث، هي كانت معهم، لم يتكن تلك الصدمة بالشيء الهين على قلب مهران، هو من أتى بها ولم يكن يعلم انها ستدمر كل شيء، لم يكن يعلم أنها سوف تؤذي أبنته وزوجته، لماذا تفعل هذا!

كان الشرطي يسجل ما يحدث، يحاول جمع المعلومات ليصل إليهم في أسرع وقت ممكن، أما عن سيف فكان يقف في حالة من الصدمة لم تختلف عنهم، لا يصدق أن والدته واخته في خطر الأم، لا يعلم لماذا تفعل فتاة مثل ليال هذا وما الغرض من كل ما تفعله!

في مكان ما في أحد الأماكن المهجورة في منتصف أرض كانت للزراعة، لكن قد ذبلت أوراقها، فتحت ورد عينيها فتسقط على روز الواقعة أمامها، مقيدة القدمين واليدين، هناك قماشة على فمها حتى لا تستطيع التحدث، لم يكن حالها يختلف عن حالة روز كثيرًا، لكن لم يكن فمها يكممه شيء، تحدثت ورد بصوت عالِ تحاول جعل روز تستفيق:

-أمي أستيقظي أرجوكي، أمي أستفيقي.

تساقطت دموع ورد وهي تشعر بالألم وترى وجه والدتها مغطى بالدماء، لا تعلم ما الذي حدث لها، لا تعلم هل تسمعها أم حدث لها مكروه، قلبها كان يرتجف وهي تتخيل الكثير من المشاهد السيئة التي من الممكن أن تحدث لهم هنا، قاطع شرودها فتح أحدهم الباب ودخول ليال، نظرت لها وهي تبتسم:

-استيقظتي إذًا! يبدو مظهركي مضحك كثيرًا، توقفي عن محاولة التحرر من قيودكي والا ستزداد الأمور سوءً.

نظرت ورد لها بغضب وكره شديد:

-ما الذي يحدث، ما الذي فعلتيه أنتي يا حقيرة! كيف تجراتي وتماديتي لتفعلي مل هذا! أخبريني كيف أتت لكي الجراة لتقومين بكل هذا؟!

ابتسمت ليال بتهكم وهي تتابع ورد:

-أنتي تجرأني وأسأتي لي كثيرًا يا ورد، هل تظنين انني سوف أغفر لكي؟! لا أظن هذا أنتي تحلمين، مؤكد تحلمين.

حاولت ورد ان تتحرر من قيودها، حركت رأسها بنفي:

-لن أسمح لكي، دعيني وشأني، لن أسمح لكي بالتمادي وفعل كل ما تفكرين به، أتركيني وأزيلي قيودي الأن.

كانت ليال تبتسم بتسلية وهي تتابعها، تعلم لا يوجد بيدها شيء لتفعله، فقط تظل تتحرك يمينًا ويسارًا، نادت في هذا الوقت الى أحد رجالها ليقترب منهم قائلًا:

-ما الأمر يا ليال! لماذا ترفعين صوتكي.

ابتسمت ليال وهي تنظر الى ورد بتهديد، كأنها تريد أن تختبرها وتختبر ماذا ستفعل، تحدثت الى حارسها الشخصي قائلة:

-أنظر يا سامي كم هي جميلة! ألا تروق لك؟!

نظر سامي الى ورد ومن ثم أعاد النظر الى ليال، أبتسمت ليال في خبث وتابعت حديثها:

-ماذا يا سامي! يمكنك أن تتخذها زوجة لك، دون قيود ودون قلق أيضًا، هيا حررها لتذهب معك.

أبتسم سامي وقد أخفى تردده، أقترب من ورد، وضع يده خلف ظهرها ليقوم بتحريرها من قيودها لتقم بعض كتفه بقوة، تألم وحاول الأبتعاد بينما هي كانت تغرز أسنانها أكثر وأكثر به، ضربت ليال رأسها فتتركه من شدة الألم، نظر سامي لها بينما هي كانت منهارة في البكاء:

-إباك والأقتراب مني، لن أسمح لك، سوف أقتلك ويحدث ما يحدث، لا يهمني شيء، حياتك ليست مهمة بالنسبة لي.

نظر سامي لها، ظهر عليه بعض الغضب، لاحظت ليال أنه لن يغفر لها، أبتسمت في خبث:

-سوف أخرج الأن، أنت يمكنك أخذها لأي مكان تريده؛ فهي كالقمامة، لن يهتم أحد لأمرها.

خرجت ليال بإنتصار، قام سامي بسحب ورد ولقد أزال قيودها، قام بسحبها لغرفة داخل هذا المنزل الغريب، كان المكان مليئ بالأتربة، أبتسم سامي بتهكم وسخرية منها:

-أنا سوف اريكي كيف تقومين بعضي، أنتظري وسوف تري.

ابتعدت ورد بغضب وأستحقار، حركت رأسها بغضب وهي تنظر له:

-كيف ستقف أمام الله في الأخرة وأنت شخص حقير، كيف ستكون راضي عن نفسك وأنت تريد الأعتداء على أمرأة، كيف أستطاع الشيطان أن بتحكم بك الى هذا الحد، أبتعد عني، أنا متزوجة وحامل، زوجي لن يرحمك، أبي سوف يجعلك تتمنى لو لم تلد، سوف يجعلك تتمنى الذهاب الى الجحيم لتتخلص من كل ما سيفعله بك.

نظر لها وقد أصابه الأرتباك، هو رأى المنزل الذي أختطفها منه، كيف كان ذو هيبة ورقي، يعلم أن عائلتها لا يستهان بها، أقترب وقد لاحظت أرتجاف يده، أبتعدت هي عنه وهو أخذ نفس عميق، قام بتمزيق ثيابها تحت صرخاتها ومن ثم دفعها تاركًا اياها تشبه وتبكي.

خرج من الغرفة في ضيق، فعل هذا من أجل أن ترضى ليال ولا تتحدث معه بشأنها مرة أخرى، لن يؤذيها، لم يقترب منها وهو يفكر بكل ما يمكنه أن يفعله، فمهما طال امرهم سينتهي الأمر به بالسجن، لم يكن راضي عن هذا العمل ما الفائدة أن يكون قاطع طريق، سارق، قاتل مأجور!

كانت ورد تبكي وتتوسل الى الله أن يخرجها هي ووالدتها من هذا المأزق، تمنت لو يعثر عليها والدها أو مازن، تمنت لو تنتهي تلك المعاناة وتذهب ليال الى الجحيم، تتمنى أن ينتقم الله منها أشد أنتقام، هي لا تستحق أي شيء جيد، هي تستحق كل ما هو سيئ.

ظلت تبكي أكثر وأكثر، حاولت أن تهدأ من روعها عندما تذكرت جنينها، أبتلعت ما بحلقها في ألم قائلة:

-أسفة يا صغيري، أنا فتاة غبية، لم أهتم كما يجب، أرجوك كن بخير فلن أتحمل حدوث مكروه لك، كن قوي يا صغيري، سوف يساعدنا الله وسوف ننجوا أعدك سننجوا فأنا واثقة في خالقنا يا حبيبي.

كانت روز تعاني ألم رأسها في هذا الوقت، لا تقوى على فتح عينيها، العالم يدور بها، أبتلعت ما بحلقها بصعوبة شديدة، شعرت أنها على وشك الموت، تساقط دموعها وهي تذكر الله كثيرًا، كانت تناجي ربها سرًا وقد أدركت أنها ستكون نهايتها.

في مكان آخر كان مهران يجلس مع الشرطي في المكتب في قسم الشرطة، لا يعلم الى أين سيذهب، ينتظر الجميع أن يتصل أحد بمهران كما حدث من قبل، ندم مهران أنه لم بتخذ إجراءات صارمة وقتها، لكن لم يكن هناك وقت؛ فكلما خرجوا من مأزق ذهبوا لأخر، كان عاجز عن التفكير وقتها، يتمنى أن يكونوا على مايرام، كلما مر الوقت عليه أخترق قلبه أكثر وأكثر دون هوادة، كان يشعر أنه تحول الى رماد وقد غادرته روحه، نظرات ليال وإشارتها له في الكاميرا جعله على وشك أن يفقد حياته ليس عقله فقط، الأن يتحكم بها حقدها الشديد وغيرتها، يعلم أنها تغار من روز كما تغار منها، كلما تذكر أنه السبب في وجودها معهم يكاد أن يجن حقًا دون مبالغة.

كان مازن في هذا الوقت مع والده في قسم الشرطة، كان يحاول الهدوء دون فائدة، فقد أعصابه وأقترب من مهران صارخًا:

-هذا كله بسببك أنت، أنت الوحيد المُلام في كل هذا، لن أسامحك ولن أغفر لك إن حدث لزوجتي وأبني أي شيء سيء، لن أسامحك بعد أن أتيت بتلك الفتاة وجعلتها تجلس بين عائلتك دون تفكير.

ربما كان سيختلف رد فعل مهران عندما يتحدث مازن اليه بتلك الطريقة في ظروف أخرى، لكنه لم يكن منتبه له حتى، عقله مشتت ولم يسلط تركيزه الا على نقطة واحدة وهي روز وأبنته، يخيل له الشيطان ألف مشهد سيء من الممكن أن يكونوا يمرون به، وجه روز المغطى بالدماء لم يذهب عن ذهنه أبدًا، كان صامت وهو غارق في صراخ عقله.

أقتربت روما من سيف الذي يجلس في المنزل الخاص بوالده ينتظر أي خبر، فلم يكن سهل عليه الجلوس بتلك الطريقة، لكن مهران معه حق، على أحدهم أن يبقى هنا، كانوا على أمل مجيئ أي خبر أو حتى الأتصال على هذا المنزل، تحدثت روما قائلة:

-حبيبي، سيكونوا على مايرام، أنا لا أعلم كيف حدث هذا! من له المصلحة في فعل هذا؟! من الذي سيتجرأ ليدخل الى المنزل لخطف أفراده؟!

نظر سيف لها، كانت عينيه حمراء حزينة، كان لا يقوى على التحدث، حرك رأسه بغضب قائلًا بصوت يرتجف:

-إنها هي، أعلم أن ليال هي السبب خلف كل هذا، حتى أن وقاحتها قد وصلت بها لتلوح لنا أمام كاميرات المنزل، لا يهمها شيء، حتى لا يهمها أننا سوف نراها، هي لم تفكر في شيء أخر سوى كسرنا، لكن كيف؟ ولماذا سيحدث هذا ونحن لم نفعل شيء سيء لها، أبي قد أتى بها الى هنا عندما فقدت كل شيء ولم يكن لديها مكان آخر لتذهب اليه فلماذا تفعل كل هذا؟!

نظرت روما له بحزن وشفقة قائلة:

-هناك الكثير من الأسخاص لا يفرق معهم ماذا فعلت من أجلها، هي ارادت والدك من قبل ولم يعطيها أي أنتباه، ربما حدث هذا بسبب غيرتها، أنت تعلم أن الغيرة قاتلة يا سيف، تجعل القلب والعقل في حالة من الفوضى، لم يستطيع أحد أن يفكر بعقل أو حتى بتفكير منطقي.

وقف سيف في غضب صارخًا:

-أنا لن أرحملها، لا يفرق معي كل هذا الهراء، لا يفرق معي ماذا كان شعورها، سوف أقتلها بيدي ما أن أجدها ولن أهتم وقتها، صدقيني لن أهتم.

نظرت روما له وهي تشعر بالحزن؛ فكلما أنتهوا من مشكلة دلفوا الى مشكلة أخرى ولم يرتاحوا.

كان سيف يأخذ المكان ذهابًا وإيابًا وهو يفكر ما الذي من الممكن أن يفعله!

وصل سفيان الى المنزل، ركض تجاه سيف وهو لا يصدق ما أخبره به، كان يظن أن سيف يريده أن يعود ويختلق الحجج، لكن الأمر لم يكن كذلك، أتى ورأى المنزل في حالة من الفوضى، تعجب وهرول الى سيف:

-ما الذي حدث؟! أخبرني ماذا حدث يا سيف؟! أين هي ورد وأين والدتي؟!

تساقطت دموع سيف وأقترب ليقوم بضم أخاه بقوة:

-لقد تم أخططافهم، لم يكن الأمر هين، لقد ساعدت ليال أفراد العصابة لينجحوا في الأمر، لا يمكنك أن تتخيل الأمر، يبدو أن ليال كانت تخطط لذلك منذ أن عادت الى هذا البيت من جديد، يبدو أنها لم تستسلم حتى سمحت لها الفرصة لتفعل هذا، كانت الدماء تخفي ملامح وجه والدتي يا سفيان، لم يكن هذا هين، لقد رأينا كل شيء من خلال الكاميرات الخاصة بالصالون ومدخل الباب.

كان سفيان قد تجمد في مكان، لم يجد ما يقوله أو يفعله، فقط يقف في مكانه صامت، شارد.

قاطع شروده دخول أدهم ومعه زوجته عنبر و معهم دينا التي وقعت عينيها عليه كأول شخص.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي