انا و هو الفصل الخامس عشر من الجزء الثاني

يجلس صلاح فى عيادة الدكتور سناء جميل، يتحدث معه عما حدث بينه وبين سالي اثناء قيادتها لسيارته.

صلاح:
-  لالا، دي مجنونة خالص ياعيني، ايه ده؟ دي مختلة، دى بقى ايه تروح تعيش فى جنينة حيوانات مع القرود، مهيبرة زيها..انما انا! انا مالي انا؟ رد عليا انا ذنبي ايه؟؟
دكتور سناء:
-  ماهو انا مش فاهم..أنت عايز ايه دلوقتي مني يعني؟
صلاح:
-  عايز ايه ازاى؟
-  انت فاهم انا كنت هموت كام مرة النهاردة؟
الدكتور سناء:
-  الحمد لله يا سيدى، انت مموتش وقاعد معايا سليم اهو وزى الفل.
صلاح بأستياء:
-  وانا ايه! لازم اجيلك ميت يعنى علشان تصدق ان فيه مشكلة ولا ايه؟
الدكتور سناء:
-  صلاح، انت عايز ايه؟
صلاح عابسا:
-  أنا عايز اقولك حاجة، لو نظامك علاجك ده ماشى بالطريقة دى، فأنا خلاص يا سيدى مش عايز اتعالج، انا مش عايز اتعالج، بس كده.
الدكتور سناء:
-  خلاص يا سيدي، انت حر.
قالها سناء وبداء يتثائب وهو يضع يده على فمه بكل هدوء ولا مبالاة، وينظر له صلاح ينتظر ان يكمل حديثه وبالفعل اكمل الطبيب حديثه:
-  بس اتفضل انت بقى روح قولها الكلام ده بنفسك.
صلاح:
-  أقولها بنفسي!؟ انا مالي انا؟ انت اللى تقولها.
الدكتور سناء:
-  أه طبعا انت اللى تقولها، مش زميلتك فى برنامج العلاج؟ يبقى تروح بنفسك تقابلها وتواجهها وتكلمها، يلا.
صلاح بتوتر:
-  لاء، مش هقولها انا، قولها انت.
دكتور سناء:
-  هي دى مشكلتك يا صلاح، أنت بتخاف تواجه، بالعكس دى عندك فرصة كويسة اوى، ممكن تكتشف فى نفسك ان انت تقدر تواجه الناس..وتواجهها، قابلها، كلمها، قولها..بجد لما تواجه هتتبسط.
أستمع اليه صلاح بتركيز واخذ يفكر مليا فيما استمع له، وكان الطبيب يصُب تركيزه على انفعالات وريأكشنات صلاح التى تدل على انه يحاول ان يفعل ما نصحه به طبيبه.

فى منزل سالي كانت تجلس على اريكتها، المنزل من حولها منتهى الفوضى، الاشياء مبعثرة فى كل مكان، ولكنها تستمتع بتلك الفوضى، تمسك بهاتفها وتلتقط بعض الصور السيلفى فهى معجبة بنفسها الى حد السماء، ولكنها استمعت الى صوت طرقات على باب منزلها، مما جعلها تنهض لترى من الطارق.
سالي رأت صلاح أمامها:
-  ايه؟
صلاح بتوتر:
-  مساء الخير.
سالي بعفوية:
-  مساء النور.
صلاح يستجمع شجاعته:
-  أنا عايز اقول بقى كلمتين بصراحة.
سالي:
-  طيب مالك؟ بالراحة طيب تعالى ادخل اتفضل.
واشارت اليه ان يدلف الى المنزل..وبالفعل فعل ما طلبت منه على استحياء وهو يشاهد تلك الفوضى التى حوله بأشمئزاز وعبس.
سالي بتبرير:
-  معلش هى الدنيا بس مكركبة شوية، بس اشطة اتعامل يعني، تعالى.
صلاح منزعج من تلك الفوضى:
-  يا نهار اسود، ايه ده؟
سالي:
-  عادي شوية كده يعني.
صلاح:
-  شوية!؟ دى زريبة.
سالي:
-  بقولك ايه، تاكل بيتزا؟
صلاح:
-  لالا، انا اكلت.
سالي تلتقط كوبا من المنطدة التى أمامها:
-  طيب خد اشرب ريد بُل.
صلاح بأشمئزاز:
-  لالا، مش بشرب ريد بُل، ومش بشرب مكان حد، حضرتك شيلي الكوباية.
نظرت له سالي وكأنها تشعر تجاهه بالتفاهة والرعونة:
-  أنت ايه نظامك بقى؟ لا بتشرب ريد بُل ومكتف نفسك بحزام الامان، انت ناقص تقولي انك بتغسل رجليك قبل ما تنام يعني.
قالتها وهى تطرف بأحدى عيناها، ليندهش اكثر من اسلوبها وفوضويتها:
-  هو أنتى مش بتعملى كده؟
سالي:
-  لاءن انا عادي يعنى على حسب، اوقات يعني بعمل كده اكيد.
صلاح:
-  طيب تقريبا كده يا استاذة سالي، انتى دخلتي فى الموضوع اللى انا جاي علشان اتكلم فيه.
سالي:
-  اه، اتكلم.
صلاح:
-  زى ما انتى عارفة ان الدكتور سناء عاملنا منهج للعلاج علشان نمشى عليه ومنهجه غريب جدا...أن احنا ايه نتدخل فى...
سالي مقاطعة:
-  أها فى شئون بعض.
صلاح بتوتر:
-  بالظبط، ونعرف بعض اكتر فأنتى تتطبعي بطباعي، يعني تاخدي مني حاجات وانا اخد منك حاجات، وحضرتك اكيد شايفة ايه هى الحاجات اللى انا ممكن اخدها منك مزعجة ازاى وصعبة.
سالي بأستهتار:
-  فأنت شايف ايه بقى؟
صلاح:
-  فأنا شايف....
وقبل ان يكمل حديثه انتفض ناهضا من جوارها ليقفز خلف الاريكة مرتعبا تنظر له بذهول، وهو يشعر بالرعب المبالغ به.
سالي بأبتسامة تحاول ان تطمئنه وهى تحمل الكلب الصغير:
-  متخافش متخافش، ده مايلو
صلاح بصراخ:
-  ايييه ده؟
سالي:
-  متخافش مبيعملش حاجة، ده كلب صغير، كلبي مايلو.
صلاح بهيستريا:
-  لاء، انا عندى فوبيا من الكلاب.
سالي بأنفعال:
-  بس بقولك مبيعملش حاجة، انت كل حاجة بتخاف منها؟، انت مجنون ولا ايه؟ طب بص بص اهو" واخذت تقبل كلبها من فمه".
صلاح بهيستريا ركض ليخرج من ذلك المنزل وهو يردد بذهول:
-  بتبوس الكلب من بوئه، بتبوسه من بوئه المقرفة، بتبوسه من بووووئه.
ليصل الى باب المنزل ويفتحه ليخرج راكضا متوجها الى منزله وهو يشعر بالذعر والاشمئزاز.
سالي بأستغراب وسخرية:
-  ايه العبيط ده؟
فاتت تلك الليلة وكل منهم عنده ما يشغل تفكيره حتى وضح النهار، ليدق رنين المنبه فى منزل صلاح ليستيقظ بكسل وخمول يبحث عن هاتفه ليغلق ذلك الرنين المزعج، استيقظ بالفعل وذهب الى ثلاجته يبحث عن شئ ما يتناوله، كم كانت ثلاجته مليئة بالطعام الصحي المفيد، ولكنه كان قبل ان يتناول ايا منها، يدقق بتركيز فى تاريخ انتهاء صلاحيتها، وبالفعل قام بتجهيز وجبة فطوره ووضعها على الطاولة امامه وجلس يشاهد السفرة والطعام الذى امامه وهو يتذكّر ما مر قديما، عندما كان طفلا يجلس على تلك الطاولة امام والدته، يحاول كأى طفل ان يحدث ضوضاء اثناء تناول طعامه، فأخذ يطرق بملعقته على طرف طبق طعامه فيصدر صوتا لترمقه والدته بنظرة غاضبة هاتفة:
-  ولد، خلص اكلك، فيضطر ان يتناول طعامه فى صمت واستسلام.
أفاقه من شروده صوت طرقات متتالية على باب منزله فيذهب ليرى من ذلك المزعج، وبمجرد ما ان فتح الباب:
-  صباح الخير.
ينظر صلاح بذهول.
سالي:
-  طالبة منك خدمة صغيرة علشان بس الحكومة جايين ياخدوني...
صلاح بتوتر:
-  حكومة ايه؟ جايين ياخدوكي ليه؟
سالي:
-  لاء ما هو اكيد مش هقف اشرحلك جايين ياخدوني ليه، أكيد مش علشان يفسحوني فى دريم بارك يعني، ركز فى الكلام.
صلاح بتعجب:
-  أنتى عملتي ايه؟
سالي:
-  أسكت، مش فيه واحد حاططني فى دماغه وقال ايه بوظتله عربيته.
قالتها وهى تشير له بعيناها كى لا يلاحظ احدا ممن أتو ليصطحبوها الى قسم الشرطة انها تكذب.
صلاح وقد استوعب:
-  لالا، يا خبر ابيض شوفتي.
وقبل ان يقع بالكلام امامهم قررت ان تقاطعه سالي:
-  بقولك ايه انا هسيب عندك مايلو.
صلاح برفض قاطع:
-  لالا، لا والله ما هينفع.
سالي:
-  ده جميل جميل، مفيهوش حاجة.
صلاح:
-  لالا، انسى، مش هينفع.
سالي:
-  لالا متخافش صدقني، يلا يا مايلو ادخل يا حبيبى خد راحتك.
تركت كلبها الصغير فى ارض المنزل ورحلت من امامه وهى تغلق الباب خلفها تاركة اياه والكلب الصغير بمفردهم فى المنزل ليظل يقفز هو رعبا أعلى المقاعد والارائك.

فى مبنى القسم تجلس سالي ارضا وكأنها معتادة على ذلك الوضع..ولكنها تنهض مسرعة عندما تجد صاحب عملها يخرج من غرفة ضابط الشرطة.
سالي:
-  بقى كده يا فوزى؟ انا تجرجرني على الاقسام؟
تركها وتحرك من امامها لتهتف اليه مرة اخرى:
-  تعالى بس اقولك والنبي.
فوزي:
-  بصي يا سالي، انا لو أدبتك بطريقتي مش هستفيد حاجة، وكمان حق التلفيات بتاعت العربية مش هترجعلي.
سالي:
-  وأنت فاكر يعنى لو سجنتنى حقك هيرجعلك؟ ماهو مش هيرجع برضو.
فوزى بتفكير:
-  أوك، بس لو اتفقنا...
سالي مقاطعة:
-  على ايه بقى؟
فوزي:
-  انا ممكن اتنازل عن المحضر، مقابل ان انتي تمضيلي على شيكات بقيمة 100 الف جنيه.
سالي بأنفعال:
-  أيييه؟، شوية بوهيا ب 100 الف جنيه! لييييه؟
فوزى يبتسم:
-  أنا عارف، عارف انها متساويش المبلغ ده، لكن انا هجبرك عليه علشان اضمن حقي.
سالي بتوسل:
-  طيب انا اجيبلك منين مبلغ زى ده؟ انت عارف ان انا معييش الفلوس دى كلها.
فوزي:
-  بصي يا سالي، هتشتغلي عندى من غير راتب، لحد ما تسددى المبلغ، تمام؟
سالي برفض:
-  لاء يا عم اسجني احسن، يلا بينا يا شاويش.
فوزي:
-  تمام، اللى يعجبك.
وتحرك من امامها ينوي الرحيل..لتتراجع عما قالته:
-  استنى بس ياباشا، يا باشا ده الكلام أخد وعطا، تعالى.
فوزي:
-  ايه تاني؟
سالي بأبتسامة:
-  خلاص طيب، شوف انت اللى يرضيك ايه وانا تمام، وبعدين 100 الف جنيه دول كتير اوي اوووي.
فوزي:
-  ده اخر كلام عندي، تمام؟
سالي بأستسلام:
-  تمام.
عاد فوزي مرة اخرى ليدلف الى الضابط ليبلغه بتنازله عن الشكوى، فما فعلته سيضعها تحت ضغط كبير، كم المدة التى ستعمل بها عنده دون اجر لتسدد قيمة تلك الشيكات، انتهى الموضوع وقررت ان تتوجه الى طبيبها النفسي.
الدكتور سناء:
-  حلو، يعنى انتى داينتى نفسك وروحتي مضيتي على نفسك شيكات، وهتشتغلى عند الراجل ده ببلاش طول عمرك.
سالي بعصبية:
-  الواطي لعبها صح، بس وديني ما انا سايباه.
الدكتور سناء:
-  يعنى عايزة تروحي تورطي نفسك تاني، ما تبطلي بقى، وبعدين ازاى الافندي اللى معاكي يعني فضل ساكت على كده؟
سالي بأستياء:
-  أفندي مين!؟
الدكتور سناء:
-  صلاح.
سالي بأستياء:
-  وانت كنت عايزه يمنعني مثلا؟
-  ده ما عاش ولا كان اللى يمشينى على مزاجه.
صلاح:
-  بطلي الغرور الكداب ده بقى.
سالي:
-  يعني انت كنت عايزني اعمله ايه بعد ما اكل مرتبي عليا؟
الدكتور سناء:
-  اتكلمي مع شريكك فى برنامج العلاج واوصلوا مع بعض لحل.
سالي:
-  ده على اساس بقى انه خطيبي ولا جوزى ان شاء الله؟
الدكتور سناء:
-  ياستي، ولا خطيبك ولا جوزك، بس الراجل عنده عقل على الاقل هيفيدك بدل التهور ده.
سالي بأستياء:
-   طب ممكن نتكلم مع بعض بأسلوب احسن من كده ولا ايه؟
دكتور سناء:
-  ايه هتعملي ايه؟
-  هتبوظيلي عربيتي انا كمان ولا ايه؟
-  اووووعي تقربي من عربيتي، انا بحذرك اهو.
سالي:
-  ياااعم روح هى عربيتك دى عربية؟ دى عربية كحيانة ومعفنة.
دكتور سناء بثقة:
-  المهم، اى مشكلة بعد كده خدي رأي صلاح واستفيدي من افكاره.
سالي:
-  رأي ايه؟ هو عنده رأى؟ ده مرعوووش.
دكتور سناء:
-  ياريتك تبقى مرعوشة زيه، على الاقل مش هتتهببى وتوقعي نفسك فى المصايب اللى بتقعي فيها دي، هو فين؟
سالي:
-  هو مين؟
دكتور سناء:
-  صلاح!
سالي:
-  مش عارفة، انا سيبتله مايلو ومشيت.
دكتور سناء:
-  ايييييه!؟
سالي:
-  أيه، سيبت مايلو الكلب بتاعى ومشيت.
دكتور سناء بقلق:
-  كلب ايه؟ ده عنده فوبيا من الكلاب.
سالي بلا مبالاة:
-  مايلو ده صغير مبيعملش حاجة اصلا.
صلاح وقد نهض من مقعده خارجا من المنزل:
-  صغير ايه ومبيعملش ايه؟ بقولك فوبيا من الكلاب، هتفرق بقى صغير ولا كبير؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي