الفصل الرابع والخمسون

انصت معاذ جيدًا ناظرًا لها يشجعها على الحديث، فابتلعت ريقها بتوترٍ شديد بينما تضغط على يديها،

ابتسم لها مرجعًا خصلاتها للخلف كي يشجعها وما زال ينظر لها بهدوءٍ وانصات.

أخذت تارا نفسًا عميقًا تشحن طاقتها على مواجهة الأمر وتحمل عواقب حديثها الذي ستطرحه عليه، فنظرت له قائلة:
-أريد أن اقص شعري.

عقد بين حاجبيه باستغرابٍ مندهشًا ما تريده ثم ابتسم هازًا رأسه بيأس:
-ألم ننتهي من هذا الموضوع تارا؟.

ضغطت على شفتها بقوةٍ كبيرة لدرجة أنها جعلته يتنهد من تصرفاتها التي لا يعلم كيف يواجهها، أكمل حديثه بهدوءٍ ممسكًا كفها يملس عليها:
-إنني أحب شعرك الطويل تارا، واحب تموج خصلاتكِ الذهبية مع الكستنائية به، ففي شعركِ الطويل جمالًا يأخذني بسحره من الحقيقة الى الخيال.

رمشت بعينيها تمنع دموعها التي على وشك النزول، لماذا لا يردها ان تقوم بقصه او حتى تقصيره، دائمًا ما يأخذ عقلها بالكلمات الغزلية ويجعلها تنسى فكرة قصه.

ابتعدت عن قدميه بضيقٍ منه مما جعل شعرها الطويل يتطاير أثر حركتها تلك، تنهد بضيقٍ مبطن فطفلته هذه تقوده إلى الجنون حقًا.

حاول أن يسايرها في حديثها الذي لا يريد أن يتقبله، كيف لها أن تمنعه من جمال شعرها، اقترب منها يحاول ظهرها يقربها منه:
-لو تعلمين أن شعركِ الطويل يأسرني ويضيع علوم قلبي لما فكرتِ في قصه،

نظر الى عينها العسلية يخترق دواخلها كي تشعر بصدقه:
-هل ترين حرمني من هذه النعمة تارا، أترينها كثيرةً عليّ؟.

لم تجبيه بل أشاحت بوجهها لا تريد أن تضعف أمام كلماته فزوجها مغازل من الدرجة الأولى وجديرٌ في تغير قرارات الطرف المقابل،

لكنها لن تسمح له بذلك، لن تدعه يفوز عليها في هذه الجولة، أكمل بعدما وضع يده أسفل ذقنها مجبرًا اياها للنظر اليه:
-انظري الى عيني تارا وأخبريني، هل تريدين حرمي من الجمال، أم تريدين أن اندر لغيرك؟.

رفعت حاجبيها بصدمةٍ من حديثه فحاولت الابتعاد عنه بغضبٍ واضح، ويبدو أنه أراد ذلك، ضغطت على معصميه بقوةٍ كي يتركها لكنها ظل محكمًا يديه حولها.

نظرت اليه متحدثة بغضبٍ كبير:
-ابتعد عني معاذ، لا اريد أن اتحدث معك وسأريك كي تفكر بالنظر الى غيري.

ابتسم في داخله فهو يعشقها عندما تغضب وتغار تصبح كالطفلة المحببة للقلب، لكن يبدو أنه نجح وقد تحول الحديث من الشعر الى النظر الى النساء.

خاطبها بهدوءٍ وهو يحكم تحركاتها الكثيرة والغاضبة:
-حسنًا سأترككِ، لكن توقفي عن الحركة.

نظر اليه بغضبٍ وأنفاسها قد ارتفعت جراء تحركاتها وانفعالها، ثم توقفت عن ذلك تنتظر منه أن يبتعد ويفك قيدها.

ابعد معاذ يديه عنها وبحركةٍ مفاجئة حملها بين ذراعيه وسط شهقتها وتمسكها برقبته، لم تلبث ثوانٍ حتى خاطبته بغضبٍ أكبر:
-معاذ أنزلني، لست دميةً لديك.

اقترب من وجهها لتلفحها انفاسه الساخنة، مما جعلها تصمت مبتلعة ريقها:
-أنتِ لستِ دمية، بل أنتِ زوجتي، ويحق لي حملك كيفما أشاء.

وضعت رأسها على كتفه ببعض التعب تكتم دموعها التي تهدد بالنزول، كاد أن يتحدث لكنه انتبه الى فراس الذي ينظر لهم بتعجبٍ من شجارهم هذا،

ابتسم في داخله فهذا الصغير يشهد على كل حركاته وشجاراتهم، أرسل له قبلةً في الهواء ثم خاطب تارا التي بدأت تبكي بالفعل،
- سوف انزلك الآن لان فراس ينظر الينا، بعدها سأذهب واضعه في غرفته ثم أعود.

لم تجيبه فتنهد وهز ينظر الى فراس يخاطبه:
-انتظرني هنا فراس، سأضع تارا في غرفتها ثم أعود إليك.

خرج من المطبخ وهو يحملها بين ذراعيه ثم صعد الدرج ليجد فراس قد لحق به، ابتسم وهو يخاطبه:
-حسنًا أيها المشاكس، اصعد الدرج قبلي وارشدني للطريق.

اومأ له فراس بسعادةٍ وهو يسبق معاذ في الصعود حتى وصلوا الطابق الثاني، قام معاذ يقفل باب السياج بعدها توجه نحو غرفتهم.

كانت الغرفة باللون الأبيض الممزوجة بلون الفانيلا لاتيه، كان تصميمها رائعًا، وضعها على السرير الوثير فانكمشت على نفسها بهدوءٍ بينما انفرد شعرها على عرض السرير،
امسك بيد فراس ثم سار به متوجهًا نحو الغرفة المجاورة وقبل أن يخرج خاطبها بهدوء ناظرًا لاهتزاز جسدها وقد علم أنها تبكي:
-لا تنامي، سأعله يخلد للنوم واعود.

توجه نحو غرفة فراس والتي من الداخل على هيئة بحرٍ وأمواج، بينما السرير على شكل سفينة، فهذا الصغير يعشق البحر كثيرًا.

سرد له بعض القصص حتى غفى الآخر فأسرع بالعودة الى غرفته، اقترب منها فوجدها نائمة فتنهد


في صباح اليوم التالي تستيقظ ياسر ثم نظر الى وجد التي تنام بجانبه بسلام، تنهد بهدوءٍ وهو يتذكر ما حدث بالأمس فعندما أنهى عمله غادر مسرعًا وتوجه الى منزل والد زوجته ولم ينسى أن يحضر معه بعض الحلوى في طريقه،

تناولوا الطعام في هدوءٍ وجوٍ عائلي هادئ وجميل، أراد أن يغادر لمنزله برفقة زوجته لكن السيد أحمد أصر على مبيتهم، وهو انصاع لذلك.

اغمض عينيه يسترجع حديث أحمد قبل ذهابه للنوم أنه سيتحدث معه في موضوعٍ ما في الصباح؟

يا ترى لماذا يريده وفي أي موضوعٍ سيتحدث معه؟، فتح عينيه يتنهد بثقلٍ ثم انحنى يقبل وجنة زوجته، اعتدل متوجهًا للمرحاض كي يصلي الفجر فلم يتبقى وقت للآذان.

بعد مدة كان ياسر يجلس أمام السيد أحمد ويبدو عليه التوتر، فبعد أن أديا صلاة الفجر حاضرًا في المسجد عادوا جميعًا للمنزل، فقد ذهب آسر للنوم بينما بقي أحمد وياسر في صالة المنزل.

حمحم ياسر يقطع جو التوتر الذي هو به، ناظرًا الى والد وجد قبل أن يخاطبه:
-أظنك عمي كنت تريدني بالأمس للتحدث معي في موضوعٍ ما.

ابتسم له أحمد بهدوءٍ ناظرًا له قبل أن يتحدث معه:
-أريد أن أعلم سبب خوفك من بقاء وجد هنا.

بهت ياسر من حديثه وقد ابتلع ريقه، اذًا هو يشك بالأمر او أن وجد أخبرته، بلل شفتيه قبل أن يجيبه:
-من أين جئت بهذا الحديث عمي أحمد؟.

لم يخفض أحمد عينيه بل ظل ينظر اليه وكأنه يريد أن يقول له أنني متأكد فلا تغير الحديث، اغمض ياسر عينيه يأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول:
-الأمر معقد بعض الشيء عندي، يمكنك أن تقول عقدٌ من زواجي الأول، واقسم لك أن الأمر غير متعلقٌ بك عمي.

ابتلع ريقه يكمل حديثه وقد وحدها فرصةً للإفصاح عنا بداخله:
-في بداية زواجي الأول كانت اموري مع طليقتي تسير بشكل طبيعي، حتى بدأت الذهاب الى عائلتها والمبيت لأكثر من يوم قد يصل الى شهرٍ كاملٍ متواصل،

فرك جبينه بقوةٍ ثم أكمل تحت أنظار أحمد المتابعة وانصاته الهادئ:
-كانت بعدها تتغير وتتبدل بأفكار والدتها ووالدها اللذان يضعون افكارًا لا صحة لها في عقلها، اريد أن أخبرك أن السبب الرئيسي في انفصالنا هو عائلتها وتحكماتهم ومتطلباتهم التعجيزية.

وضع أحمد يده أسفل ذقنه يستمع إليه بإنصات بينما الآخر ما زال يتحدث:
-ليس اتهامهم ان عدم الانجاب انني كان السبب، بل لانهم كانوا يتدخلون في كل شيء، أرجو أن تتفهمي ما اعانيه.

أومأ له أحمد هازًا برأسه بتفهم وهو ينظر له، فمن الطبيعي أن يشعر هذا الخوف والتردد، ربت على قدمه بخفةٍ يطمئنه:
-إنني أتفهم ما تعنيه وتعانيه بني، لكن أنت أحق المعرفة انني لا أفعل ذلك، بل اقف في صفك عندما تخبرني وجد ببعض ما يحدث بينكم، الحياة الزوجية ليست للنشر بل لتبقى بين الزوجين، لذلك كثيرًا ما أخبر وجد أن تحل ما يحدث بينكم دون اللجوء لي.

تنهد ياسر بتقطع وهو يشعر ببعض الراحة التي خفت عن كاهنه، فكرة أن تقوم بمشاركة خوفك مع شخصٍ ما تريحك كثيرًا،

ابتسم له بمحبةٍ كبيرة حيث أكمل أحمد كلامه المنطقي:
-كلٌ منا لديه عقدته الخاصة من شيء ياسر، صدقني ان شاركت هذا مع وجد ستتفهم سبب ضيقك وخوفك، انها تدن أنك لا تحب ان تخرج من المنزل او تأتي الى هنا، هي لم تخبرني بذلك لكنها ابنتي وأعلم ما تشعر به.

اومأ له ياسر بشكرٍ كبير ولا يعلم كم ارتاح داخله، خاطبه أحمد بحنانٍ كبير:
-هيّا بني اذهب لزوجتك، سأعود للنوم انا.

أومأ له ياسر بسعادةٍ كبيرة ثم اعتدل منحنيًا يقبل يد أحمد بعدها توجه الى غرفته والسعادة تملأ روحه.

في منزل مشاري حيث كان يجلس أمام عنود التي أخذت دوائها وهو يتفحصها بقوة، فمنذ أن أدى صلاة الفجر وعاد هو ووالده عصام وهي ليست بخير،

نظرت اليه بتوتر ففي الأمس لم تخبرها أنها ذهب عند الطبيبة بعد ان تعبت لأنها إن أخبرته سيثور ويمنعها من الخروج.

طقطق اصابع يده مما جعلها تشعر ببعض الخوف خاصةً وهي ترى ورقة الطبيبة بجانبه، كيف نسيت اخفاؤها، يا لحمقها حقًا.

نظرت إليه محاولة ان تبدو طبيعية، ثم اقتربت منه متسائلة بتعجبٍ مصطنع:
-ما بك مشاري؟ هل أنت بخير!.

صدمه حديثها ومحاولتها في عدم اخباره، نظر لها لا يردي أن يخرج صوته غاضبًا حتى لا يسمعه والده رغم أن غرفتهم عازلة للصوت قليلًا:
-لماذا لم تخبريني أنكِ ذهبتِ للطبيبة بالأمس، ولماذا ذهبتِ إليها من الأساس.

قلبت عينيها محاولة تصنع القوة والهدوء:
-كانت مراجعة طبيعية، ولم أذهب بنفسي بل ذهبت مع تارا.

رفع حاجبه من برودها فقد هاتف الطبيبة عندما قرأ الورقة والتاريخ الحديث للزيارة والادوية المكتوبة لأول مرةٍ حيث الاخرى لم تتوانى عن شرح حالة عنود، بسبب الزيف التي تعرضت له.

اعتدل واقفًا يشرف عليها بطوله جازًا على أسنانه:
-عنود لا تنكري، لقد تحدث مع الطبيبة وأخبرتني بالأمر، لأنني أعلم أنكِ لن تخبريني.

زفرت بقوةٍ كبيرة قبل أن تجلس على السرير وكأنها ليست مذنبة:
-شيءٌ طبيعي مساري، فأنا على علمٍ بعقلية زوجي وغضبه الغير مبرر وعلى أقل الاسباب.

رفع حاجبه باستنكارٍ من حديثها لكنها أكملت دون الاهتمام به:
-ثم ما الذي حدث؟ ها أنا بخير أمامك وطفلنا بخير واخذ الدواء ماذا تريد بعد؟ فما يحدث معي ليس بسببي انه امرٌ مكتوبٌ من الله.

أغمض عينيه بقوةٍ من كلامها الذي يحرق الأعصاب حقًا، هل تريده أن يكون هادئًا عندما يعلم أنه كانت على وشك خسارة ابنهم، ثم ان الخطر الأكبر على حياتها لا سمح الله من الممكن أن يفقدها.

فتح عينيه ينظر لها متذكرًا حديث الطبيبة بألا يجعلها تغضب او تحزن، تقدم منها يجلس بجانبها يخاطبها بهدوء:
-عنود لأقسم لكِ حبيبتي أنني اخاف عليكِ قبل خوفي على طفلنا، أنت الحياة الكاملة لي فلا تختبريني بك.

تنهدت بثقلٍ وقد لانت ملامحها قليلًا وهي تنظر له:
-وما أمر به ليس بيدي مشاري، وأنت تعلم أنني أهتم بنفسي وبسامر واهتم بطعامي وشعوري، لذلك لا داعي لأن تقلق.

احتضنها بهدوءٍ ثم أسند ذقنه الخفيفة على رأسها:
-انت تقولين لي أن اقلق أكثر من قبل بحديثكِ هذا عنود، ولمرةٍ واحدة اسمعي كلامي ولا تعانديني، اريد منكِ وعدًا بإخباري بكل صغيرةٍ وكبيرة اتفقنا؟.

اومأت تهز رأسها بالموافقة مما دفعه لتقبيل رأسها ثم ابعدها ينظر لها:
-سوف أذهب لإحضار الحليب والفاكهة والمكسرات لكِ وآتي، اياكِ أن تنامي.

ضحكت بخفةٍ وهي تنظر له فأكثر من مرةٍ يذهب لإحضار لها بعض الأشياء ويعود تكون قد غفت، لكنه لا يكون بيدها فهذا من عوارض الحمل.

خرج من الغرفة ثم هبط للأسفل يحضر لها ما يرديه بعدها عاد ليجدها قد جلست خارج الشرفة وقد وضعت حجابها على رأسها،

توقف في مكانه يزفر بقوةٍ ثم تقدم منها بهدوء، فكم من مرةٍ أخبرها بألا تجلس في الشرفة هكذا، وضع الصينية على قدميه بعدما جلس بجانبها مما جعلها تنتبه له.

ابتسمت بهدوءٍ له ثم أخذت الصينية تضعها على الطاولة تحت ضيقها الذي علمت سببه، لكن الآن وقت الشروق ولا أحد من الحرس يستطيع رفع رأسه للأعلى.

بدأت بتناول الفاكهة تحت حنقه فقامت بمد يدها اليه بالعنب الذي يحبه:
-هل تريد.

نفى برأسه فأكملت تناول الفاكهة تحت نظراته المتابعة، نظرت اليه متذكرة:
-بالمناسبة مشاري، هل ما زلت عند وعدك لي بالعمل عندما ألد؟.

لم يجبها بينما ينظر اليها جعلها تتوجس من صمته فتنهد بقوةٍ كبيرة:
-أخبرتكِ أنني أحب المرأة القوية والمثابرة، وبالتأكيد ما زلت عند وعدي لك، لكن ان كان عملك يعرقل رعايتك لسامر ستجلسين بالبيت من تلقاء نفسكِ.


ابتسمت بسعادةٍ فهذا ما تريده حقًا، لا يهم أن كانت ستعمل أم لا، ما يهمها حقًا هو عدم معارضتها في العمل، كادت أن تتحدث لكن رنين هاتفه جعلها تصمت.

نظر مشاري الى هاتفه ليجد المتصل والده، أجابه بهدوءٍ لخبره الآخر أن عليه النزول اليه لأمرٍ ما، اعتدل من مجلسه يقبل رأسها بحب:
-سوف أذهب لأرى أبي وأعود.

أومأت له بهدوءٍ فابتسم لها قبل ان يخرج قاصدًا غرفة مكتب والده بينما هي تركت ما تأكله ثم عادت للداخل تتوسط السرير كي تنام.


التأخر في الانتقام يجعل الضربة أشد قساوة، هذا ما خرج من فم السيد جاك وهو ينظر الى عباس الجن الذي يقف أمامه منحنيًا بظهره واضعًا يده على جانب معدته يمسك بعمليته التي ما زالت تؤلمه.

لم يفهم عباس الجن ما الذي حدث ففي الصباح الباكر استيقظ على صوت الطبيب وهو يوقظه بهمس، في البداية ظن أنه يحلم عندما أخبره بالأمس أنه سيحصل على حريته، وأن هناك سيارةً تنتظره بالخارج.

لكن بمجرد أن استيقظ وقد تغير كل شيء، ففي البداية كان سيخرج تهريبًا، لكن أحدهم وبطريقةٍ ما قام بكفالته وها هو حرٌ طليق اشتم رائحة الحرية.

حمحم بصوته يخاطب جاك بتوجس:
-لم أفهم بعد سيدي لماذا قمت بدفع كفالةٍ عني واخرجتني قبل انتهاء مدة الحبس خاصتي، وما الذي وقصده بالانتقام.

نظر اليه جاك وقد أشعل سيجارته الكوبي الفاخرة، اجابه بعد ان نفث دخانها مشكلًا غيمةً رمادية:
-ما أقصده بالانتقام هو انتقامك ممن كانوا سببًا في حبسك ودخولك السجن.

نظر اليه عباس وما زال مستغربًا الهدف من ذلك:
-لكن لماذا؟، ومن أنت بالتحديد سيدي.

اجابه جاك وقد أبعد سيجارته عن فمه:
-كنت شريكًا لفهد الشناوي الذي كنت تتعامل معه، اريد من التعاون معي، فما زلت اريد بعض الملفات التي انا بحاجةٍ إليها.

تجعد بيم حاجبي عباس بتعجبٍ كبير، وكيف له أن يحصل على مستنداتٍ وصفقات ووصولات، هو لا يعرف بها ولم يرها من قبل.

اجابه بهدوءٍ محافظًا على نبرة صوته المتألمة جراء الجرح:
-لكن سيدي طلبك ليس عندي، فأنا لا أعرف أي شيءٍ عما تتحدث عنه، كل ما أعرفه هو طريقة وصول الشحنات التي كانت تأتي الى هنا، غير ذلك لا علم لي به.

ثم أكمل متابعًا حديثه بهدوءٍ وبعض الضيق:
-أشكرك لإخراجي سيدي، لكن كان بإمكانك أن تسألني عن هذا في زيارة لي عندما كنت داخل السجن، لا أن تجعل أحدهم يقوم بطعني ثم يخبرني أحدهم عن الهرب، وبالنسبة الى الكفالة سأعتبرها ثمن اصابني.

قهقه جاك بقوةٍ كبيرة حتى ظهر نابه الذهبي من حديث عباس ليخاطبه باستهزاءٍ كبير ولهجةٍ ركيكة بسبب أصوله الأجنبية بعد أن توقف عن الضحك:
-وهل تظن أنني سأتركك عباس؟، كان بإمكاني أن أجعلك تهرب دون كفالة، لكن أردت أن اعطيك أجرك قبل عملنا معًا.

تنهد عباس بقوةٍ كبيرة علّه ينهي هذا الحديث الذي يبدو أنه سيوقعه في ورطةٍ أخرة، صحيحٌ أنه أراد الانتقام لكن ليس بشخصٍ أن يعرفه:
-سيدي لا أظن أنه يقي هناك اي مستنداتٍ أو وصولات التي تتحدث عنها، ما أعرفه أنه تم أخذ كل الكشوفات التي بحوزته في النيابة والتي كانت في أعماق البحر مخبأة.


نظر اليه جاك بتمعنٍ كبير قبل أن يخاطبه بقوة:
-سأعطيك مهلة اسبوعٍ عباس وبعدها أريدك أن تعطيني جوابًا انا اريده، فكر جيدًا واعدك أن أعطيك المال الذي تريده.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي