الفصل 51

تناولا العشاء في أحد المطاعم، بينما دعاه فيكتوريو لتناول كأس لكن ويليام أعرض عن ذلك وقال:
_ آسف لكن أنا أحاول التوقف عن الشرب.

ابتسم فيكتوريو ورد:
_ أحسنت إنه قرار صائب، إذا أنا أيضا لن أشرب الليلة لكن هل يمكن أن أعرف السر وراء اقتناعك أخيرا بضرورة الإقلاع عن تناول الكحول؟

تجنب النظر إليه وهو يجيب:
_ لا شيء محددا، لكن أنت محق لقد اقتنعت وأنا لم أعد في حاجة للكحول لأتناسى همومي.

أطلق فيكتوريو ضحكة ورد:
_ لو لم أكن أعلم طبيعة مادلين اللامبالية، لقلت أن سر تغيرك هو فتاة تحبها لكن.

تردد ويليام وهو يجيب:
_ في الواقع هناك فتاة بالفعل، لكنها ليست مادلين بل ابنة أحد معارف والدي، إنها بريئة وطيبة وهي من ساعدتني للتقليل من الشرب، لقد صرت أفضل حالا منذ قابلتها أعتقد أنني معجب بها.

أطلق ضحكة ساخرة ثم قال بحدة:
_ بريئة وطيبة؟ أنت ساذج لتصدق أن هناك فتاة كهذه، كل النساء مخادعات وماكرات إياك أن تقع ضحية أكاذيبهن.


حاول ويليام ألا يجرحه وهو يجيب:
_ أنا حقا أتفهم معاناتك وخيباتك مع النساء، الفتاة التي أحببتها تزوجت صديقك، بينما خطيبتك اعترفت بحبها لنيكولاس أيضا، لكن لدي إحساس قوي أن أنجيلينا مختلفة عن بقية النساء، إنها رائعة ومتواضعة وتهتم بي، عندما أكون معها أجد الراحة النفسية.


رمقه فيكتوريو بسخرية وقال:
_ لا بأس سنتراهن وسأثبت لك أنها مجرد كاذبة تحاول استمالتك بإدعائها اللطف، ستدرك أنها مجرد ساقطة أخرى كغيرها تماما، لا ألومك على جهلك أنت ما تزال في الثانية والعشرين من عمرك تجاربي أكثر من تجاربك بكثير.

لم يرد ويليام مناقشته فهو يدرك كم أن صديقه عنيد، كما أن الصدمة العاطفية التي تعرض لها جعلته قاسيا جدا وباردا.

التزم كلاهما الصمت للحظات ثم قال ويليام:
_ ماذا لو ثبت العكس واتضح أنها حقا لطيفة كما أظن، كيف أتبين حقيقة مشاعري اتجاهها، أقصد هل سبب انجذابي إليها هو أنها تذكرني بإيلينا أم أنني معجب بها؟

أطلق فيكتوريو ضحكة وقال:
_ ويليام أنت حقا ميئوس منك لنتبين نواياها الحقيقية، أولا ثم سنتحدث عن أمور أخرى.


في ذلك الوقت كانت أنجيل تتناول العشاء رفقة كريستينا وجورج، بعد أن حظيت بوقت ممتع أثناء التسوق لقد شعرت أنها رفقة والدتها الحقيقية، كريستينا امرأة عظيمة حقا، إنها حقا تتمنى لو كانت ابنتهم.

انتبه جورج إلى الوقت وسأل زوجته:
_ ويليام لم يتصل إلى الآن، هل يعقل أنه يشرب مجددا؟

حزنت كريستينا وهي تجيب:
_ أتمنى ألا يكون الأمر كذلك، لقد تحسن وضعه مؤخرا ولا أريد أن نعود إلى الدوامة نفسها مجددا.

لم تعلم أنجيل ما الذي دفعها للحديث، لتقول:
_ ربما هو رفقة مادلين إنهما يتواعدان أليس كذلك؟

تنهدت الأم بعمق وجورج نفسه بدا مستاء للتفكير في الأمر، ما كان عليهما السماح لمادلين بدخول حياة ابنهما.


أنجيل نفسها كانت متضايقة لغيابه مع أنها لا تعلم السبب لكنها حقا أرادت رؤيته اليوم أيضا، خلال الأيام الماضية كان يتصل بها كل يوم حتى لو لم يلتقيا.

ترددت للحظات قبل أن تستأذن منهما لتجري اتصالا، ستجرب الاتصال به بنفسها.

رن لوقت طويل وعندما فقدت الأمل أجاب أخيرا:

_ أنجيل، كيف حالك؟

ترددت وهي تجيب:
_ أنا بخير لكننا قلقون عليك، أنا في منزل عائلتك أنت لم تتصل لذا.

لقد نسي الاتصال بالفعل ويبدو أن والديه لم يتصلا به كي لا يزعجاه، صمت للحظات قبل أن يجيب:
_ أنا حقا آسف لم أقصد التسبب لكم في القلق، أنا رفقة أحد أصدقائي وقد أخذنا الحديث سأعود إلى المنزل قريبا رجاء أخبريهما بذلك.

شعرت بالارتياح لسماع ذلك وودعته ثم أنهت المكالمة.

عادت إلى والديه والابتسامة على وجهها وهي تقول:
_ ويليام أخبرني أنه رفقة أحد أصدقائه وسيعود قريبا لا تقلقا.

ارتاح كلاهما لتقول كريستينا :
_ إنها معجزة أنه رد على مكالمتك، ويليام يملك عادة سيئة بعدم الرد على هاتفه، خاصة إذا كان من المنزل.

راقبه فيكتوريو وهو يتحدث إليها على الهاتف ولم يستطع منع نفسه من الابتسام، إذا كانت أنجيل فتاة طيبة حقا فمن الواضح أن ويليام معجب بها إلى حد بعيد، عيناه تعكسان ذلك سيبذل جهده لدعمه.

استأذن ويليام للمغادرة وهو يقول:
_ أنجيل في منزلي علي الذهاب، يتوجب أن أقلها إلى منزلها قبل أن يتأخر الوقت.

أشار له فيكتوريو في حين أسرع بالذهاب.

كانت أنجيل تلعب الشطرنج مع جورج عندما وصل ويليام.

ابتسم ثلاثتهم لرؤيته ولم تستطع كريستينا إخفاء مشاعرها واحتضنته بقوة قائلة:
_ كنت قلقة عليك، اتصل بنا على الأقل.

ربت على ظهرها بحنان واعتذر منها، ثم وقعت عيناه على أنجيل التي كانت تحدق فيه مبتسمة.

لم يعلم لماذا شعر برغبة بضمها إليه هي الأخرى لكنه تحكم في نفسه.

تناولوا تحلية خفيفة، قبل أن تعلن أنجيل أن وقت مغادرتها قد حان وأصر ويليام أن يوصلها بنفسه.

قاد سيارته ببطء ليبقى معها قدر الإمكان بينما فاجأته قائلة:
_ عندما تأخرت في الرد اعتقدت أنك رفقة مادلين أو أنك تشرب مجددا.

تنحنح وأجاب:
_ لا أنا كنت رفقة صديق قديم سأعرفك عليه في أقرب فرصة إنه بمثابة أخي الأكبر، لقد التقيت مادلين هذا الصباح في نادي الملاكمة، كان لقاء عاديا وبالنسبة للشرب أخبرتك أنا أحاول التخلص منه.

سرها سماع ذلك وأجابت:
_ إذا نجحت في التخلص من الشرب، ستكون من أفضل الاشخاص في نظري.

تطلع إليها بدهشة لتضيف:
_ أنا أشمئز من رائحة الكحول والتدخين، إنها تصيبني بالغثيان وأكره الأشخاص الذين يتناولون تلك الأشياء.

فكر للحظات ثم قال بقلة حيلة:
_ أفترض أنك كنت ستشعرين بالقرف لو قابلتني قبل شهر من الآن، إذ أن وضعي كان سيئا فعلا.

عبثت بيديها في حجرها وردت:
_ لا أظن، لقد ارتحت لك في أول لقاء لنا، لذا أنا واثقة أنني ما كنت لأشمئز منك.

سره سماع ذلك وحاول التركيز على القيادة
ثم تذكر شيئا وقال:

_ والداي يخططان للذهاب إلى منزلنا الريفي في قرية مانارولا سنغيب هناك لعدة أسابيع.

حزنت كثيرا لسماع ذلك هذا يعني أنها لن تراهم لفترة طويلة.

تردد للحظات ثم قال:
_ لقد ولدت في تلك القرية وأمضيت طفولتي هناك وتعرفت على فرانس هناك أيضا، مانارولا جميلة جدا وهادئة أتمنى لو تتمكنين من رؤيتها أيضا.

انتابها فضول كبير فهي أمضت معظم حياتها في ذلك الحي الشعبي القذر، وحتى بعد أن قابلت والدها حبسها تقريبا في المنزل وتنقلاتها كانت محدودة جدا.

أصغت لكلامه بشوق ثم قالت:
_ ويليام هل يمكنك أن تخبرني اكثر عن مسقط رأسك؟

ابتهج وهو يرى لهفتها وأجابها قائلا:
_ إنها من أشهر القرى السياحية في إيطاليا وتقع على منحدرات صخرية مطلة على البحر المتوسط، تتميز بطابع يمزج بين عمارة العصور الوسطى والعصر الحديث، كما أن طبيعتها خلابة جدا منازلها تمتاز بكونها ملونة وتقع على ارتفاع كبير كما أن كل وسائل النقل ممنوعة هناك، السير على الأقدام هو الطريقة الوحيدة للتنقل.

لكنك لن تندمي على ذلك طرقاتها جميلة جدا، خاصة الممرات المرصوفة بالحصى على الطراز القديم ويسعك التمتع بإطلالاتها إضافة إلى وجود العديد من الوجهات السياحية هناك، مثل كنيسة سانت لورينزو، برج المراقبة القديم، و قلعة البلدة إضافة إلى التلال وكروم العنب حيث تتواجد المنازل والقصور الأثرية، إضافة إلى وجود معبر يربط القرية مع القرية المجاورة ريوماجيوري إنه ممر مميز.

انتبه لنفسه وتوقف عن الكلام، بينما استغربت ذلك، ماذا عن ذلك الممر؟ ولماذا يبدو ويليام محرجا؟

شعرت بالضيق لأنه توقف في جزء مهم والتزم الصمت لبقية الطريق، توقفت السيارة وفتح لها ويليام الباب لتقول:
_ شكرا لك وأعتذر على إزعاجك.

ابتسم وأجاب:
_ إنه واجبي، أتمنى لك ليلة سعيدة.

ترددت للحظات ثم قالت:
_ ويليام عندما تذهب إلى مانارولا، إن لم تمانع هل يمكنك إحضار صور تذكارية لي؟ لقد شوقتني لرؤيتها حقا.

اكتفى بإيماءة بسيطة وغادر بعد أن تمنت له ليلة سعيدة.

دخلت منزلها وهي تشعر بحزن عميق، لقد اعتادت على زيارة عائلة ماسترسون لكنهم الآن سيغيبون، كيف ستتحمل ذلك؟

راقبتها لوسي ثم قالت متسائلة:
_ ألم تحظي بوقت ممتع مع السيدة كريستينا؟

أحنت رأسها بحزن وهي تجيب:
_ بلى لكنهم سيذهبون إلى مانارولا مسقط رأس ويليام، سيبقون هناك لعدة أسابيع.

ربتت على كتفها بحنان قائلة:
_ من الواضح أنك متعلقة بهم.

نزلت دموعها وهي تجيب:
_ أجل أنا حقا أفرح في كل مرة أقابلهم، كريستينا أم حنونة وكذلك السيد جورج أب رائع، أنا حقا أتمنى لو كنت أملك والدين مثلهما.

ترددت لوسي للحظات قبل أن تقول بمغزى:
_ ربما يمكنك أن تصيري ابنة لهما، إنهما يحبانك لذا إن اقترحنا عليهما أن يتبنياكِ سيرحبان بذلك كثيرا، ووالدك لن يمانع بما أنك لن تحملي اسمه، بعد ذلك سيكون كل شيء رائعا وستعيشين بسعادة مع والديك الجديدين.

تفاجأت أنجيل بسماع ذلك، هي لم تتخيل أن تقترح لوسي شيئا مماثلا لتضيف لوسي موضحة:
_ سبب إصرار والدك على تزويجك بسرعة هو رغبته في أن تأخذي اسم زوجك كي يتحرر هو من مسؤولياته اتجاهك ويتخلص من العار الذي يلاحقه، إن وضحنا الأمر للسيد جورج سيوافق على جعلك ابنة له بدلا من الزواج من ويليام ويمكنك لاحقا الزواج من أي رجل تريدينه.

استغرقها الأمر لحظات لتستوعب حقيقة الوضع
وتقول:
_ إذا السبب الذي جعل والدي يقترح علي مقابلة عائلة ماسترسون لم يكن الزواج بل هو أرادني أن أجد عائلة جديدة مستغلا حزن تلك العائلة على خسارة ابنتهم، هذا فظيع كيف أمكنه فعل ذلك بي؟ لذلك هو لم يخبر ويليام شيئا عن كونه زواجا محتملا وأوهم كريستينا وزوجها أنه يريد شراكة معهما ورتب لكي أقابلهما.

بكت بحرقة بينما احتضنتها لوسي قائلة:
_ أنجيل انظري إلى الجانب المشرق من الأمر إن تبناك السيد جورج ستكونين حرة، ولن تعيشي حياتك مختبئة وخائفة من اكتشاف الصحافة لحقيقتك، سيصير لديك والدان محبان وأخ رائع.

انتفضت أنجيل بحدة قائلة:
_ لا أنا لا أريد أن يكون ويليام أخا لي، قد أعتبره صديقا مقربا لكنني لا أنظر إليه كأخ.


تنهدت لوسي بعمق وهي تقول:
_ لم لا تتزوجينه إذا؟

وجدت أن من الصعب القيام بذلك وردت:
_ أنا لا أعلم نحن بالكاد نعرف بعضنا لقد قابلته منذ أسبوعين فقط، لا أريد أن أتسرع كما أنه أيضا يعتبرني صديقة مقربة فقط أو ربما أنا أذكره بشقيقته.

شعرت لوسي بالأسى عليها وردت:
_ أنجيل أنا حقا آسفة، لم أقصد الضغط عليك أنا فقط أردتك أن تكوني مع عائلة محبة، وأن تتمكني من اختيار شريك حياتك بتأني، أنا أكره الطريقة التي يجبرك فيها والدك على اختيار أحد في وقت قياسي.

استلقت على سريرها وهي تلوم والدها على قسوته، إذا كان يكرهها إلى هذه الدرجة لماذا منحها اسمه إذا وأخذها للعيش معه؟ هي لم تكن تعرفه، أساسا لماذا ظهر في حياتها إذا؟

بكت بحرقة وهي تفكر، هي نفسها لا تفهم سبب رفضها أن تصير أختا لويليام سيكون كل شيء جميلا جدا لو عاشت مع والديه، لكن أن تكون أخته قانونيا هذا يثير رعبها.

فتحت الدرج إلى جانبها وسحبت آخر رسالة تلقتها من ليون، إذا كان يحبها إلى هذه الدرجة لم هو ليس لطيفا مثل ويليام؟ لم لا يدعوها للخروج؟ لم لا يتصل بها؟ حتى فرانس يهتم بها أكثر منه بكثير و يتصل بها كثيرا.

في اليوم التالي غضب فرانس كثيرا عندما أخبرته ريبيكا أن علاقة ويليام وأنجيل قد تحسنت كثيرا وأنهما يتقابلان باستمرار.

زفر بعصبية وقال:
_ لقد أخبرتني أنها تبادلني مشاعري، لكنها فقط خجولة من إظهارها.

شعرت ريبيكا بالتسلية وهي تقول:
_ ربما أنجيل كشفت عن وجهها الحقيقي أخيرا أو ربما هي اقتنعت برأي والدها، بما أن عائلة ويليام أكثر ثراء منكم.

كان ويليام يتدرب في النادي وهو يفكر في كلام فيكتوريو، هو ليس مغفلا إلى تلك الدرجة يمكنه تمييز الأشخاص السيئين عن الجيدين ويمكنه أن يدرك الفرق الشاسع بين مادلين وأنجيل.


لاحظ فرانس الذي كان يقف إلى جانب مادلين
أخذ استراحة وانضم إليهما ليقول فرانس بمرح:
_ يبدو أنك في حال أفضل الآ،ن وجهك لم يعد شاحبا وصرت أكثر نشاطا.

أومأ برأسه وأجاب:
_ أجل فعلا مزاجي صار جيدا أيضا وكذلك شهيتي للطعام.

احتضنت مادلين ذراعه وهي تقول:
_ ألا تعتقد أن ذلك بفضلي؟

لكن فرانس قال بمغزى:
_ لا، أعتقد أن ويليام صار أفضل حالا منذ أن قابل أنجيل.

تغيرت ملامحها ليضيف فرانس:
_ اعتقد أنها سدت الفراغ الذي خلفته إيلينا، بالنظر إليكما أنت وأنجيل تبدوان مثل أخوين حقيقيين، انسجامكما في فترة قصيرة، أكبر دليل على ذلك أنجيل نفسها أخبرتني أنها تثق بك وتعتبرك أخا لها.

اهتزت ثقة ويليام بنفسه، هل حقا هي تعتبره أخا؟ ألم يخبرها بوضوح أنه يريد أن تكون علاقتهما عبارة عن صداقة ريثما يدرك مشاعره اتجاهها جيدا؟

لاحظ فرانس تردده لتقول مادلين بمكر:
_ صحيح هذا واضح من خلال تعاملكما معا، كما أنها تشبه أختك إيلينا في كل شيء، لن أستغرب إن كنت تراها إيلينا ثانية، خاصة علاقتها بوالديك، أنتم تبدون كعائلة حقيقية.


انزعج ويليام للتفكير في ذلك بينما انسحبت مادلين متحججة بأن لديها موعدا ،في حين اقترب منه فرانس هامسا:

_ كما أن انجيل أخبرتني أنها واقعة في حب شخص آخر وهو يحبها أيضا، إن لم توضح طبيعة علاقتكما الأخوية، قد تسبب المشاكل لها مع الرجل الذي تحبه وقد تكرهك أنجيل حينها.

اكتفى ويليام من سماع ذلك وعاد للتدريب وصب جام غضبه على كيس الملاكمة، في حين شعر فرانس بالارتياح لأنه أصاب هدفه.

في ذلك الوقت كانت كريستينا رفقة زوجها يتحدثان بخصوص ويليام وأنجيل ليقول جورج:

_ أنا إلى الآن لا أفهم طبيعة العلاقة بينهما، إذا كانا ينظران إلى بعضهما كأخوين فسيكون علينا أن نتبنى أنجيل كما اتفقنا مع السيد كريستوف، لكن إن كان هناك إعجاب بينهما سيكون من الأفضل لو يتزوجان.

تنهدت كريستينا وقالت:
_ ما أنا قلقة بشأنه أن يكون أحدهما فقط معجبا بالآخر بينما الآخر يعتبره أخا، سيكون عذابا لكليهما سواء تزوجا أو تبنيناها لذلك أنا لا أريد أن نتسرع، يمكنني سؤال ويليام عن مشاعره فهو ابني لكن من المحرج أن أسأل أنجيل، خاصة أنني طلبت منها مساعدتي لإبعاد مادلين عن ابننا.

أتساءل إن كانت ستقبل أن نتبناها خاصة أنها تعتقد أن ويليام مرشح للزواج منها لقد اختلطت الأمور بالفعل.

زفر جورج بعصبية وقال:
_ لم لا نمنحهما فرصة لقضاء وقت معا على انفراد، بعدها سنسألهما مباشرة فحسب اتفقنا؟

فكرت للحظات ثم قالت:
_ أعتقد أن لدي فكرة جيدة.

بعد بضعة أيام قفزت أنجيل فرحا عندما اتصل بها والدها وأخبرها أن عائلة ماسترسون تريد أن ترافقها في رحلتها إلى مانارولا وستقيم معهم لعدة أسابيع هناك.

سرت لوسي من أجلها كثيرا وحضرت لها أغراضها وهي تقول:
_ لم تتوقفي عن الحديث عن تلك القرية والآن ستذهبين إليها وسيسعك السير في ذلك الممر الذي أثار فضولك.

تظاهرت أنجيل بالانزعاج وهي تقول:
_ أنت قاسية حقا، أنت رفضت إخباري عنه رغم معرفتك الوثيقة به.

ضحكت لوسي وهي تقول:
_ ستكون مفاجأة لك تأكدي من الذهاب إلى هناك مع ويليام ولا أحد غيره، اتفقنا؟

لم تفهم أنجيل قصدها وبعد ساعة وصل ويليام لاصطحابها، استقلا سيارة أجرة وتفاجأت عندما علمت أن الطريقة الوحيدة للوصول إلى تلك القرية هي باستخدام القطار خاصة أن مختلف وسائل النقل ممنوعة هناك.

سرت كثيرا خلال الرحلة بالقطار واستمتعت بالمناظر، وويليام كان يشرح لها عن كل مكان يمران به، وجورج وكريستينا كانا سعيدين بتواجدها معهم.

بعد عدة ساعات أطلت قرية مانارولا أمامهم أخيرا وابتهجت أنجيل وهي ترى المنازل الملونة المنتشرة على طول المنحدرات الصخرية تماما كما أخبرها ويليام

كان الظلام قد حل عندما وصلوا، لكن ذلك لم يخفي رونق القرية التي زينتها الاضواء وزادتها جمالا.

استقبلهم خادم في منتصف العمر هناك، إضافة إلى الطباخة ويلما التي رافقت أنجيل إلى غرفتها.

سرقت نظرة من نافذتها وابتهجت وهي ترى الأمواج في الأسفل، الارتفاع كبير جدا ويشعرها بالدوار لكنها تحب ذلك.

تناولت العشاء رفقتهم في جو مرح بينما قالت كريستينا:
_ عزيزتي سيتعين عليك النوم باكرا لأن أمامك غدا يوم حافل، سوف يرافقك ويليام في جولتك ستحبين المكان.

استأذن منهم ويليام ليجيب على هاتفه إنه صديقه فيكتوريو الذي أخبره أنه سيأتي إلى مانارولا صباح غد ليقابل أنجيل.

لم يعلم لماذا انزعج إنه يعتبر أن الوقت ما زال مبكرا، خاصة بعد حديث فرانس ربما ليست هناك علاقة محتملة أساسا، إذا كانت هي تحب شخصا ما بالفعل.


سرق نظرة إليها إنها مبتهجة ووالداه كذلك، لكن لمَ هو متضايق؟ إنه يتمنى لو يسألها عن حقيقة كونها معجبة برجل آخر، لكن ذلك يرعبه ماذا لو كان الأمر صحيحا.؟

تنهد بعمق ثم صعد مباشرة إلى غرفته وكذلك فعل الآخرون، وحظي الجميع بليلة نوم هادئة باستثنائه، أفضل طريقة هي سؤالها مباشرة لكنها الطريقة الأصعب أيضا والأكثر إيلاما بالنسبة له.

في الصباح التالي استيقظت أنجيل وهي متلهفة للخروج في جولة لاستكشاف معالم القرية.

نزلت لتناول الفطور وهناك تفاجأت بوجود سيدة لا تعرفها، ابتسمت لها كريستينا قائلة:
_ عزيزتي أنجيل هذه السيدة هي إليزابيث والدة فرانس، إنها تقيم بالقرب من هنا.

قدمت أنجيل نفسها بابتسامة لتقول إليزابيث:
_ ابني فرانس حدثني عنكِ كثيرا، أنت تبدين تماما مثلما وصفكِ.

انضمت إليهما أنجيل على الطاولة، وبعد لحظات انضم إليهم جورج.

وتناولوا الفطور في حين افتقدت أنجيل تواجد ويليام معهم وسألتهم مترددة:
_ ألن يأتي ويليام؟ لقد وعدني أن نخرج معا.

ليجيبها الخادم قائلا:
_ يبدو أنه واجه صعوبة في النوم ليلة أمس هو ما يزال نائما إلى الآن ولم أرد إيقاظه.

شعرت أنجيل بحزن عميق بينما ربتت كريستينا على يدها قائلة:
_ صغيرتي لا بأس سنبقى هنا لعدة أسابيع، ما يزال أمامكما متسع من الوقت.

أومأت برأسها وتابعت تناول فطورها مع أنها فقدت حماسها.

بينما راقبتها إليزابيث لقد أخبرها فرانس أن أنجيل معجبة به وهو معجب بها أيضا، لكن ما تراه مختلف تماما من الواضح أن أنجيل متعلقة بويليام ما الذي يعنيه هذا؟

بقيت كريستينا رفقة ضيفتها في حين ذهب جورج للعب الشطرنج رفقة خادمه، وفضلت أنجيل البقاء في حديقة المنزل الصغيرة.

تأففت وخطر لها إيقاظ ويليام، لكن ستكون أنانية منها خاصة أنه متعب كما أن الذهاب بمفردها ليست فكرة جيدة أيضا.

لم تعلم كم مضى من الوقت وهي جالسة هناك بمفردها، عندما سمعت صوتا رجوليا يحدثها قائلا:
_ هل يمكن أنك الآنسة أنجيلينا هوسفيلد؟

رفعت نظرها وأجابت قائلة:
_ أجل لكن من أنت؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي