الفصل الثامن

- ماذا حدث لما يهاجمنا هذا الكتاب؟

رددت تلك الكلمات «بيلانا»، و ما أن لاحظت «دارين» أن الكتاب يتجه ناحية الباب حتى قالت مسرعة

- بسرعة «بيلانا» هيا أغلقي الباب، قبل أن يهرب منا.

إقتربت «بيلانا» من الباب وأغلقته بسرعة، وهي تتنهد وكأن هكذا انتهت المشكلة ولكن وَّجه الكتاب فُمه على «دارين»!
كتاب وله فم كيف يحدث هذا!
أقترب منها وأخذ بالهجوم عليها وأمسك بأسنانه الورقية الحادة شعرها فأخذت  تهرب منه كانت صراخاتها عاليه ولكن هو لا يتركها، قامت بالعديد من المحاولات لإبعاده عن رأسها وهي تشده بقوة لكنه مستمر في شد شعرها وكأنه يريد الانتقام منها بشت الطرق، فصرخت وهي تركض في كل مكان بدون وجهه محددة قائلة بقلق وخوفًا شديد:
- ساعدوني، سيقتلني ساعدوني، النجدة يا رفاق

أقتربت «سُدم» منه لم تجد شيئًا تستطيع أبعاده به عن صديقتها فنظرت لمنتصف خصرها وأتى لها فكرة ثم ركضت نحوه تضرب عليه بحذام ثوبها الحريري وهي تصرخ ويبدو عليها تصنع الشجاعة قائلة:
- أبتعد عنها هيا ستقتلها أبتعد أيها الكتاب الشرير

ترك «دارين» وأخذ يركض خلف «سُدم» بغلٍ وفعل معها مثلما فعل لـ«دارين» وأكثر لكن «بيلانا» لم تستلم وأقتربت منه ثم أخذت تضربه بيدها لكنه أيضًا لم يتركها ومزق لها ثيابها، هل هذا كتاب بالفعل أم شئ متوحش يحاول القضاء على هؤلاء الرفقة؟!

- كُل هذا يحدث من كتاب له بعض الأوراق؟ لن أرحمك سوف ترى ماذا سأفعل بك
قالتها «دارين» بأشد الغضب.
ثم أمسكت به أخيرًا وهي تحاول أن تُفرر رفيقتها منه أما «سُدم» فكانت تقع على الأرض وتنظر له بغضب فقالت:
- لن نرحمك أبدًا، نتحمل كل هذا ونتخطى كل العصائب ليأتي كتابً ويمزق ثوبنا ويفعل بنا هذا؟
تحكمت «دارين» بالكتاب حتى توقف عن حركته ثم لاحظت جانبًا شيئا طويل أسود اللون أشارت لـ«سُدم» لتري ما هذا فوجدت انه حبل شديد القوة ابتسمت وقالت ظهرت في الوقت المناسب بالفعل وأخذت الكتاب ثم قامت بربطه عدة ربطات قوية حتى هدأ نهائيًا وأخذته في الحقيبة التي جاءت بها وساعدت «بيلانا» و «سُدم» في التحرك.
- لن نُخبر أحد عن هذا، سنعرف قصة هذا الكتاب أولًا.

قالتها «دارين» وهي تنفُض التراب من على ملابسها.
حركوا رأسهم بالقبول وكيفما جاءوا ذهبوا ولم يُلاحظ أحد شيء، ذهب كلًا منهم إلى بيوتهم مُرهقين.
دخلوا بيوتهم بعد ان تسللوا للداخل وارتمت كل واحدة من صديقاتنا على سريرها.
                       ***
لم تفتح «دارين» الكتاب منذ أن أخذته إلى أن جاء الليل والجميع نيام، كانت تتجول في غرفتها ذهابًا وأيابًا وكان شيئًا ما قي عقلها يسحبها تجاه الحقيبة التي يوجد بها الكتاب، كانت تقترب من الحقيبة وتعود ادراجها سريعا، يدها تحاول فتح الحقيبة لكن تمنع نفسها عن فعل ذلك الشئ حتى تنهد تنهيدة كبيرة وهي تقترب منها و قررت فتح الحقيبة ثم اخرجت الكتاب وأمسكت بِه بشدة خوفًا من أن يهرب، لكن تلك النرة الكتاب كان هادئًا وكأنه عاد إلى طبيعته، كتاب!! لم يكن هناك عنوان له ولا شيء يدُل عن أصله ولا حتى تاريخًا!!

فتحت الصفحة الأولى كانت فارغه، وكذلك الثانية وعندما فتحت الثالثه رأت بعض الكتابة فيه وقرأت بصوتٍ مسموع
- (فحرامًا العيش على كل من يعرفه من قرأ، لا تُراجِع، لا تُبادل، ولا تُقارن!)

أغلقت الكِتاب بعد قراءة هذه الكلمات التي جعلت قلبها ينبض بسرعة شديدة، كانت قلقة وبدأ التوتر بالظهور على وجهها، كأنها تخاف شيء؟
وضعته داخل حقيبتها وأغلقتها بإحكام، ثم ذهبت إلى سريرها محاولة منها في النوم حتي غفت في نومٍ عميق.
لكن في بَعض الاحيان يكون الفضول عدونا الوحيد..

وفي صباح يومٍ جديد

- إني رأيتُ نفس النجم في الحُلم السابق بعدما صُنع من ذاك النهر تحول لحجرًا أسود يبرق بشدة يشعرك بالرهبة ثم أنفجر وكل قطعة منه تحولت لقطرة ماء أرتفعت هذه القطرات للأعلى.
ثم رأيتُ الكِتاب نفسه الذي لقيناه في الكهف، غطت القطرات أطرافه فتحول لجمرٍ أحمر وأخذ يُدمر كل شيء حتى النهر اصبح عبارة عن بخار مياه حارق وجفَ.
أتعلمون لم يعد به قطرة ماء واحدة!!

قالتها «بيلانا» بعدما أستمعت الفتيات إليه بصدمه
- هذا نفس ما رأيته.
قالتها «سُدم»
وعندها وضعت «دارين» يدها تحت ذقنها قائلة
-وأنا أيضًا.

إنتهى اليوم لكن لم تنتهي الحوادِث!
بدات الحوادث بأفراد العائلة لدى كل فتاة من الثلاث.
قُتلت عائلتهم بأكملها، وليس ذلك فقط.
قُتل كل معارفهم بطريقة غريبة! طريقة لم يجدوا لها تفسير أبدًا.
كان هُناك لغزًا لم يعرفه أحدًا غير «دارين»، التي لم تخبرهم بشيء وانها المتسببه في كل شيء بسبب ذلك الذي قرأته، كانت قلقة ومتوترة هل هي بالفعل السبب في موت كل شخص يعرفونه، هل إلقائها لتلك الكلمات قد أفسد كل شئ؟!

قُتل الجميع بدون معرفة سبب للوفاة؟!
وبعد هذه الحادثه الغريبة بعشرين ليلة  قررت «دارين» قول الحقيقه كاملة لهم وأنها امسكت الكتاب ذاك اليوم وقرأت أحد الكتابات في محتواه ويبدو أنهم قتلوا بسبب تلك اللعنة التي قرأتها من الكتاب
إختارت «دارين» وقتًا حقيقيًا، وقتا يسهل فيه الإستعياب وبالفعل بدأت تُسرد..
وكانت هذه أول مره يتشاجر رفاق الدرب بهذا الشكل، كانوا لا ينظرون لبعضهم البعض وكل واحدة فيهم تدير وجهها عن الآخرى فكل ما حدث ليس بقليل، علت اصواتهم ولامت سُدم دارين على ما فعلته ولم تعرف بيلانا ماذا سوف يحدث لاحقًا ولكن الأهم من كل ذلك ان هناك شئ قد أفسده الكتاب وهي علاقة الصداقة بينهم.

وهنا بدأ الندم عليهم بسبب ما فعلوه في أنفسهم فإذا لم يصبحوا روحًا واحده لقُتل ما تعرفهم «دارين» فقط، وهذا ما تُفكر به «دارين»!
تظن أن صديقتيها نادمتين وكانوا يتمنوا لو أن تموت هي ومن تعرف، كلا منهم تُفكر بشكل أكثر ظُلمًا على الثانيه
لذلك قررت «دارين» أن تتخلص من هذا الكتاب، الذي حدث كل هذا بسببه.
قالت في نفسها إن كان سبب كل المشاكل لازال موجودًا سوف ترافقهم المشاكل إلى الأبد

وفي الليل ذهبت إلى نِصف الغابة، وقامت بحفر ثُقبا في الغابة، وزرعت فيه الكتاب.
وبعد يومين إكتشف الجميع مكان الكنز، هذا ما جعل الأمر أكثر تعقيدًا!
وعندما إكتُشف سِر هذا الكنز تَم تَفعيل تَعويذة تلقائية أُخرى مِن قِبل ذاك الكتاب نعم إنهُ دُفن ولكن لم ينتهِ.
والآن أخطأت «دارين» خطأ جسيمًا حينما دفنت الكتاب وتم تفعيل التعويذة!
كان سر الكنز بينهم، وتعاهدوا على أن يظل هكذا بينهم للأبد.
فمنذ متى يُخلف الوعد بينهم؟
نُفذت التعويذة على من مس الكتاب فقط وليس الكِنز.
وأصبح هُناك طابع مثل نجم أسود على كِفوف الفتيات الثلاثة حتى أصبح تسيل من أيديهم الدماء ويتألمن بشدة.
فكرت كل واحدة منهم أن الثانيه هي من باحت بهذا السر فكرهوا بعضهم أكثر، هذا الحُب وهذا الود هذه الصداقه كل شيء إنتهى، لم يتوقف عند هُنا، فهاجرت كل واحدة منهم إلى مكان أخر لا تعرف عنه الثانيه شيء.
لكن هناك شيء، مازالت روحهم واحدة، إذا تألمت إحداهم تعرف الثانيه، إذا كُسرت إحداهما تتألم الثانيه، إذا فرحت أحدهما تشعر الثانيه، والأهم من كل ذلك أن اللعنة اعطتهم قوى غريبة وشعورًا أكبر بالغرابة، وكانهم يمتلكون من روح السنعان والعنان في آن واحد مع جسدهم البشري!
أستطاعوا الشعور بكل تلك الأمور وأستطاعوا معرفة الألم التي تتعرض كل واحده منهم به ولكن!
لم يشعرهم ذلك بالحنين لبعضهم البعض وكانت الفجوة تتسع من بينهم حتى صارت فجوة كبيره.
إذا هل الزمن قادر على مداواة تلك الفجوة؟ أم ستظل الأمور كما هي بل شوف تسوء أكثر
                    ***
وتلك بداية قصة أخرى نرويها بين السطور ثلاث فتيات جمعتهم المودة وفرقهم الشك.
ولكن يجب ان تعلم إذا كان حُبهم صادقًا سيجتمعا مجددًا وسيتحكم بهم الحنين
وهذا ابسط شيء لتعرف هل مُحبك صادقًا أم مجرد وهمًا، ولكن في بعض الأحيان الوهم الذي تراه يُصبح حقيقه، وهنا تنقلب الأمور تمامًا، تواجهة عديد من الصدمات القاتلة، التى قادرة على تحويلك من شخص هاديء ومسالم، إلى كتلة من الحجر التى لا تلين، ومن جهة أخرى عندما تظن أمر ما في أحدى المقربين إليكِ، وتكون الحياة عون لكم على الفراق، تأكد بأن القدر يطوف حولك بلعبه جديدة، تأخذك معاها لمجرى جديد و أحداث جديد، أنت فقط دع قلبك ينبض جيدًا، واتبع نباضته لأنها على الدوام تَكُن صادقه تجاة كل شيء.
                         ***
في الوقت الحالي.

كانت بيلانا تمسك إبن تلك المرأة العجوز والتي ترجتها لتركه وشأنه، تقُب عليه من عنقه ثم ألقته عاليا فسقط جسده مرتطمًا بالأرض فأبتسمت هي وقالت:
- هذا جزاء أمثالك أيها الحقير.

عندها نظرت لها السيدة العجوز قائلة بنبرة حزينة
- لما يا أبنتي كان عاقبه الزمن، لما تجعلينني أنكسر عليه بتلك الطريقة! الا تشعرين بألام الآخرين!!
أردفت بيلانا قائلة:
- الزمن لا يُعاقب سوى الأبرياء.
رحلت وعلي وجهها شبه إبتسامة ساخرة.
امسكت أطراف شعرها وهي تلفها علي اصابعها وتقفز قفزة عالية حتى تختفي في الهواء.
                      ***
في مكان آخر لا يسمع فيه سوي أنفاس متقطعة قال بنبرة حادة

- إن لم تُخبريني أين أغراضي سأقتُلكِ بلا شفقه.
إزدادت ضحكاتها أكثر قائلة:
- وما الذي يجعلني أخاف منك، هيا أقتلني! إن كنت تستطيع ولنرى أذا أين سوف تجد أشيائك تلك؟
أخذ يضغط على أسنانه بغضب لا يفهم ثرثراتها الغبية تلك في نظره!
- أنظري أنتِ، هذه الأشياء أريدها، ليست مُلكي وحدي إنها لنصف قريتي ماذا أخبرهم؟ ثم ماذا لن أقتلك ولن أسيل دمائك حتى تخبريني بمكان أغراضي حينها سأطلقك سراحك لا أريد منكِ شيئا آخر
لم تتأثر «سُدم» وكأنه يُحدث نفسه
- فُك قيدي ودعنا نتفاهم، أم أنكَ خائف؟
كانت تتألم وبشدة وتعلم جيدًا أنهم يتألمون لكنها تحاول جاهده أخفاء الأمر فقاطع أفكارها
- أبقي هُنا مقيده كالكلاب وأنا سأجد أغراضي بنفسي، أيتها السارقه.
قال جملته الأخيرة وهو يركض باحثًا عن أغراضه تلك.
وتركها في هذا المكان مقيده.
ظلت هكذا الكثير من الوقت وبدأت تظهر علامات التعب عليها وتقول بمعاناة:
- آهٍ يا ظهري يؤلم بشدة سيقتُلني، أقسم أنني لو رأيتكِ لن أرحمكِ، هذه «بيلانا» ، دائما تقفز كالحشرات
عندها فتح باب الكوخ الذي تقبع فيه
أقتربت منها إمرأة عجوزٍ قائلة:
- من أنتِ؟
إبتسمت «سُدم» وعلى وجهها ملامح الأمل:
- وأخيرًا ! ساعديني أرجوكِ.

في الوقت نفسه في مكان آخر
- يا إلهي تبًا لهذا الألم
نَطقت بِها «بيلانا» وهي تتألم بشدة
بالتأكيد أن هناك شيء حدث لأحدهم، لكن طفح الكيل
- سأجرح نفسي عمدًا لإيلامكم بعدما يخف جُرحكم أيها الحمقان، لن أرحمكم أبدًا.
أما عن «دارين» فكانت تجلس في تلك المكتبه القديمة تبحث عن معلومات كثيرة
محاولة بجهد أن تتجاهل ذلك الألم الذي سببته لنفسها البارحه وهي تركض، كانت قد انقلبت على ظهرها مما جعلها لا تستطيع التنفس من الألم.
تلتهي في الحياة بعد الفِراق، لكن القلب يتألم والأعين تشتاق، ورُغم الفُراق لازالت القلوب متصله وليست متفرقه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي